الاختراق الصهيوني للدول العربية
22-10-2007, 11:56 AM
[FONT='Times New Roman','serif']



لقد أصبح جلياً وواضحاً أن الدعوة الصهيونية لإقامة الشرق أوسطية، والنظام الإقليمي الشرق أوسطي والتي تجد من يؤيدها على الصعيد العربي ، تنطلق من الأفكار الصهيونية ومن مصلحة الكيان الصهيوني وأطماعه الاقتصادية أولاً وأخيراً ، وبمشاركة دولية تكون غطاءاً مناسباً للهيمنة الصهيونية على المنطقة العربية كلها .‏

إن مفهوم السوق الشرق أوسطية يتعارض مع النظرية الاقتصادية والتي ترى بأن إقامة سوق شرق أوسطية سواء بصيغة الاتحاد الاقتصاد أو بصيغة السوق المشتركة ، يتطلب تحديد مرحلية معينة حيث يصعب الفقر المراحل ، والحال هذه ، فان مرحلتي الاتحاد الاقتصاد والسوق المشتركة لما يسمى بالسوق الشرق أوسطية يتطلبان وجود المقومات الضرورية لقيامها ، ومنها التماثل في النظم الاقتصادية و السياسية والاجتماعية. فالاقتصاد الصهيوني يعتمد على المعونات الأميركية بشقيها الاقتصاد والعسكري، باعتبار أن أمريكا هي أهم مصدر دعم اقتصادي وعسكري وسياسي للكيان الصهيوني في الحفاظ على بقائه ووجوده على أرض فلسطين العربية و الكيان الصهيوني يعاني من مشاكل اقتصادية وأزمات مالية، ولا يمكن التغلب عليها، لأن هذا يتطلب تغيير العقيدة الايديولوجية – السياسية الصهيونية التي قام عليها، أو احداث تغييرات أساسية فيها.‏

ثم ان مشاكل "إسرائيل " الرئيسية اليوم يمكن وصفها على أنها ناتجة من ، وجزء من ، ارتفاع مستويات المعيشة ، وتوفير الخدمات بالقدر الكافي ، والانفاق بسخاء على مشاريع الاسكان ومشاريع الخدمات الاجتماعية بكل أنواعها ، لاغراء يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين ، وانخفاض الانتاجية ، ومحدودية المصادر الطبيعية ، وارتفاع النفقات العسكرية ، وكبر حجم العجز في الميزانية ، وفي الميزان التجاري و الاعتماد المتناهي على المعونات الخارجية وبخاصة المعونات الأميركية الرسمية التي بلغت منذ قيام الدولة العبرية وحتى العام 1989 حوالي 46.0679 مليار دولار .‏

إن "إسرائيل" اليوم تستهلك ضعفي ما تنتجه وتستورد من الخارج أكثر مما تصدر بحوالي 50 بالمئة ، وتنفق حكومتها 3 أضعاف ما تقوم بتحصيله من ضرائب .‏

من هنا يحرص الكيان الصهيوني على إقامة علاقات إقتصادية مع كافة الدول العربية تحت يافطة إقامة السوق الشرق اوسطية .وفي نطاق المقارنة بين حجم الاقتصاد الصهيوني مع اقتصاديات دول الطوق العربية ، يورد عدد من أبرز علماء الاقتصاد العرب ستة مؤشرات عميقة الدلالة :‏

1ـ ان حجم الاقتصاد الصهيوني بالمقارنة مع دول الطوق العربية ،يبدو كبيرا جدا، وكذلك المؤشرات الاقتصادية الأخرى ذات الدلالة ( الدخل القومي ، والدخل الفردي ، والمديونية الخارجية ، والاحتياطات النقدية الأجنبية ، والودائع المصرفية والتركيب الاقتصاد القطاعي ، والحالة التكنولوجية ) .‏

2ـ يتمتع المجتمع المدني في الكيان الصهيوني بنسيج مؤسساتي وقانوني وإداري حكومي يفوق كثيراً ما تتمتع به كل المجتمعات العربية دون استثناء ، و العلاقة بالتالي بين الكيان الصهيوني والعرب ، مرشحة لأن تكون مشابهة لنسيج العلاقات بين دول الشمال ودول الجنوب .‏

3ـ تتمتع المؤسسات الاقتصادية الصهيونية بمساندة حكومية تفوق في اهميتها ونتائجها ما تتمتع به المؤسسات الاقتصادية العربية من حكوماتها .‏

4ـ تتمتع المؤسسات الاقتصادية الصهيونية بمساندة ودعم المؤسسات الاقتصادية العالمية .‏

5ـ تطور صناعة السلاح في الكيان الصهيوني بحث احتلت منذ عام 1977 المرتبة الثالثة بعد الصين والهند في حجم الانتاج الحربي بين الدول النامية ، ودخلت في عداد 24 دولة في العالم بوسعها أن تصنع وتطور معظم احتياجاتها العسكرية ، بل أنها أصبحت من أكبر مصدري السلاح بعد الدول الكبرى ، ولقد أدى تطور الصناعة الحربية وما زال إلى تطور حاسم في هيكل الصناعة الصهيونية كلها ، ومن خلال تطوير السلاح يمتلك الكيان الصهيوني قوة اقتصادية وسياسية اضافية في علاقاته الدولية .‏

6ـ ان التعاون الاستراتيجي بين أمريكا و الكيان الصهيوني ، وتوقيع اتفاقية التحالف الاستراتيجي بين الطرفين قد مكن الكيان الصهيوني من أن يعرف أسرار التكنولوجيا الأميركية المتقدمة، وأن يحصل على أحدث المعارف الفنية والتقنية الخاصة بصناعة الأسلحة المتقدمة كالطائرات والدبابات والصواريخ ، بسبب تزايد قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني ، خاصة في خلق مراكز النفوذ داخل مؤسسات الدولة الأميركية وأجهزة ووسائل الاعلام .‏

ان الاقتصاديات العربية خاضعة لمنطق التكيف لمقتضيات العولمة الرأسمالية الجديدة ، والتقسيم الامبريالي للعمل ، وهذا ما يفسر لنا أن بعض جذور استمرار التخلف ، والتبعية للمراكز الرأسمالية الغربية ، وبالتالي انتشار الشكل الكمبرادوري للبرجوازية المحلية وللدولة القطرية سواء بسواء ، باعتباره أصبح الشكل الرئيس لعملية الاندماج غير المتكافئ في مرحلة العولمة الرأسمالية الجديدة ، حيث أن سيطرة مفهوم الدولة الكمبرادورية التي وظيفتها الأساسية ضمان هيمنة رأس المال الاحتكاري العالمي ، والسمسرة مع الشركات المتعددة الجنسية ، وبناء اقتصاد تصديري ، يتناقض كلياً مع مفهوم الدولة الوطنية .‏

وفضلاً عن كل ذلك ، فالاقتصاديات العربية مجزأة إلى وحدات صغيرة وقاعدتها الانتاجية ضعيفة ، واسواقها ضيقة ، وتعتمد على استيراد السلع المصنعة، والمواد الغذائية من السوق الرأسمالية العالمية بقيمة 100 مليار دولار سنوياً ، وهي قيمة تزيد حوالي مرتين عن نظيرتها لتركيا و الكيان الصهيوني وايران معاً ، وعلى طاقة تصديرية بقيمة 112 مليار دولار أي بزيادة مرتين ونصف عن تركيا وايران و الكيان الصهيوني ، وعلى حجم استثمارات محلية يصل إلى حوالي 100 مليار دولار ، وهي قيمة منخفضة مقارنة مع حجم الاستثمارات العربية الخارجية التي تتجاوز 670 مليار دولار . كما تعاني الاقتصاديات العربية من مشكلة ترهل وتقهقر القطاع العام ، وانخفاض انتاجيته ، وعجز القطاع الخاص عن الاستثمار في مشاريع انتاجية تنافسية على الصعيدين المحلي والدولي ، وارتفاع عجوزات الخزينة العامة ، وتفاقم أعباء الدين الخارجي .‏

لهذه الأسباب كلها ، ولغيرها كالاختلاف في مستويات التطور الاقتصادي ، وفي مستوى الدخل القومي بين الدول العربية و الكيان الصهيوني ، وانتفاء أهمية وجود مصالح اقتصادية مشتركة يتم بناؤها خلال مرحلة زمنية من التعاون الاقتصادي بين الدول الأطراف ، بحيث تأتي إقامة السوق الشرق أوسطية كمطلب ضروري يستجيب لتطور الحاجات والمصالح الاقتصادية المشتركة.‏

و خلال عام 2003 أقام الكيان الصهيوني علاقات اقتصادية ، تختلف من حيث القوة مع 14 دولة عربية، بلغت قيمتها 193مليون و960 ألف دولار، و هذه الدول جاءت وفقا للترتيب التالي:‏

1ـ الأردن: احتل المركز الأول بقيمة إجمالية لحجم التبادل التجاري مع الكيان الصهيوني 131 مليونا و200 ألف دولار، بلغت قيمة الصادرات 44 مليونا و 500 ألف دولار، أما الواردات فبلغت 86 مليونا و700 ألف دولار.‏

2ـ مصر: بإجمالي 48 مليونا و610 ألف دولار، بقيمة صادرات بلغت 22 مليونا و 110 ألف \دولار، وواردات بقيمة 26 مليونا و500 ألف دولار.‏

3ـ المغرب: بلغ إجمالي قيمة التبادل التجاري 7 ملايين دولار و840 ألف دولار منها صادرات بقيمة مليون و140 الف دولار ، أما الواردات فبلغت 6 ملايين و700 ألف دولار.‏

4 دجيبوتي: بإجمالي مليون و270 ألف دولار أما الواردات فكانت بقيمة مليون و100 ألف دولار.‏

5ـ السعودية:بإجمالي مليون و270 ألف دولار أما الواردات فكانت بيقيمة 100 ألف دولار.‏

6ـ دولة الإمارات العربية المتحدة: بإجمالي 904 ألاف دولار، بلغت صادراتها 4000 دولار، أما الواردات فبلغت 900 ألف دولار.‏

7ـ لبنان: بإجمالي 802 ألف دولار، و بلغت صادراته2000 دولار، بينما بلغت وارداته 800 ألف دولار.‏

8ـ العراق :بإجمالي 502 ألف دولار، وبلغت صادراته2000 دور، و الواردات 500 ألف دولار.‏

9ـ الجزائر: بإجمالي 501 ألف دولار، وبلغت صادراتها 1000 دولار، أما الواردات فكانت 500 ألف دولار.‏

أما في الموقع العاشر و حتى الثالث عشر فقد جاءت كل من قطر و تونس و عمان وموريتانيا ، وبلغ إجمالي علاقاتها التجارية متع الكيان الصهيوني 542 ألف دولار، بلغت صادراتها 1000 دولار فقط بينما تراوحت الواردات بين 200 و 300 ألف دولار لكل منها.‏

من خلال قراءتنا لحجم التبادل التجاري هذا ،نصل إلى قناعة في المحصلة النهائية بفقدان مبدأ المقاطعة العربية للكيان الصهيوني و عدم فعاليته، إذ استطاع الكيان الصهيوني إثبات وجوده إقتصاديا، و ماعجز عن تحقيقه بالقوة العسكرية يحاول الآن أن يحققه من خلال التطبيع التجاري و الإقتصادي .‏

و في هذا السياق من الطرح الأمريكي لجعل منطقتي الخليج و الشرق الأوسط منطقة تجارة حرة مفتوحة أمام التغلغل الصهيوني في النسيج الاقتصادي و الإجتماعي العربي، وقعت مؤخرا دولة البحرين إتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، تفسح في المجال واسعا أمام الشراكات بين الشركات البحرينية و الشركات الأمريكية –الصهيونية، مثل شركات التأمين، و الشركات العاملة في قطاع المعلوماتية، و في قطاع المصارف.‏

ان السوق الشرق أوسطية هي النقيض المباشر للسوق العربية المشتركة وتستهدف ربط الاقتصاديات العربية باقتصاد الكيان الصهيوني لكي تتحول" إسرائيل " إلى سنغافورة كما شرح شمعون بيرس بعد اتفاق أوسلو مباشرة . فالسوق الشرق أوسطية هي البديل للمشروع العربي الديمقراطي النهضوي ، وتتطلب فيما تتطلب أولاً وأساساً القبول بالدور الصهيوني في الهيمنة والسيطرة في جميع المجالات ، والتسليم بالدور الصهيوني في القيادة والريادة على كافة الأصعدة في المنطقة العربية ، والقبول بالكيان الصهيوني كشريك للدول العربية ، في حين أنه كان ولا يزال كياناً عدوانياً توسعياً استيطانياً يطمع إلى احتلال الأراضي والتوسع على حساب الأراضي العربية ويخطط دائما لاستغلال الثروات والقدرات والامكانات الاقتصادية العربية .‏[/FONT][FONT='Verdana','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Verdana','sans-serif'][/FONT]
[FONT='Times New Roman','serif'][/FONT]