هذه قصة شبيبة القبائل مع بومدين والشاذلي ومعطوب والامازيغية
28-02-2015, 06:04 AM

يعود بنا اللاعب السابق لفريق شبيبة القبائل ميلود عيبود إلى بداياته وذكرياته مع الفريق الوحيد الذي لعب له وكان وفيا لألوانه، رفض الكثير من العروض التي قدمت له من فرق رياضية أخرى، بعد ما غادر الشبيبة التي قال بأنه يكن لها حبا واحتراما كبيرين ولم يعرف طعم الفرح والتحدي إلا فيها، بعد أن قارع معها أقوى الأندية وحقق الانتصارات وانتزع الألقاب الوطنية والقارية، وتزعمت الشبيبة بجدارة الأندية الجزائرية وحتى الإفريقية.

ميلود عيبود هذا اللاعب الذي تقلد منصب قائد الفريق لمدة 8 سنوات يعتبر من اللاعبين القلائل الذين لعبوا لفريق واحد طيلة مشوارهم الرياضي ليقترن اسمه باسم "الكناري" بعدما قضى فيه 14 سنة، قدم للشبيبة الكثير كلاعب وكمسير وكرئيس، إلا أنه غادرها تاركا وراءه حلما وألما، يجعله ينتفض في كل مرة ويعود إلى الساحة للدفاع عنها لأنها يعتبر "الشبيبة ملك الجميع وليست لشخص واحد".

-كيف كانت بدايات ميلود عيبود في فريق شبيبة القبائل؟

بدأت مشواري مع الكناري في الستينيات في سن الـ13، استدعيت للعب من فريق الأشبال للأكابر ورخص الطبيب لي بذلك، كان عمر مشواري في الشبيبة 14 سنة، كنت فيها قائدا للفريق لمدة 8 سنوات، تحصلت خلالها على 11 لقبا كلاعب (7 بطولات، تتويجان بكأس الجمهورية، كأس إفريقيا للأندية البطلة)، أما كمسير ومدرب فقد تحصلت على 16 لقبا. كانت 14 سنة من العطاء شاركت فيها في مختلف المنافسات الوطنية والقارية والمتمثلة في ثلاث دورات للألعاب المغاربية الجامعية، الأولى كانت في سنة 1970 في تونس، 1972 في المغرب والثالثة كانت في الجزائر سنة 1974، كما تشرفت بحمل كأس الجمهورية 1977 والتي تسلمتها من الرئيس الراحل هواري بومدين، كما حاز الفريق على العديد من الكؤوس على غرار كأس 1986 والتي تسلمها زميلي فرڤاني من الرئيس الشاذلي بن جديد، وكأس 1992 التي سلمها الرئيس الراحل محمد بوضياف وكأس 1993 في عهد اليمين زروال. كما أن رصيد الشبيبة كان حافلا بألقاب البطولة الوطنية خلال سنوات 1977، 1980، 1982، وسنة 1983 إلى جانب الفوز بكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة .1981

مؤهلاتك ومشوارك الحافل مع الشبيبة، رشحك للانضمام إلى المنتخب الوطني ،إلا أن ذلك لم يدم طويلا.. لماذا؟

اللعب في المنتخب الوطني تجربة مختلفة، كان عمري حينها لا يتجاوز 20 سنة التحقت بالفريق سنة 1972 ولكن مشواري لم يعمر طويلا بسبب المدرب رشيد مخلوفي، الذي كان على العارضة أنذاك، حيث قام بالاستنجاد بالمنتخب العسكري الذي تحصل على الميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1975، ولأنني كنت صغير السن فقد استدعاني للانضمام للفريق وخوض غمار المنافسات معه، ولكنه اشترط علي أداء الخدمة الوطنية، الأمر الذي رفضته حينها، كوني ابن شهيد والقانون يعفيني من أدائها، ولكنه لم يتقبل قراري، ومنعني من الانضمام للفريق ليضع بذلك حدا لمشواري مع المنتخب الوطني، وبالتالي فوت علي فرصة المشاركة في كأس العالم 1982 أين قدم الفريق وجها مشرفا ومردودا رائعا مايزال التاريخ يتذكره.

وفاة اللاعب إيبوسي كانت منعرجا أزم مشوار الشبيبة، ما تعليقك على الحادثة؟

في الحقيقة لا يمكنني التعليق أو إبداء رأيي في الحادثة، لأنني كنت بعيدا عن ميدان الكرة، ولم أحضر تلك المباراة التي أودت بحياة لاعب له وزن كبير في الشبيبة ومكانة خاصة لدى الأنصار، حيث نتيجة المردود الذي قدمه في فترة تواجده في الشبيبة، وقد كتب اسمه من أحرف من ذهب، مؤسف ما حدث للشبيبة وللاعب، لقد تأسفت أكثر أنه رحل عنا بهذه الطريقة وهو يرتدي قميص الشبيبة، قضية مقتله شخصية ولكن الشبيبة دفعت الثمن غاليا، وأقول للجميع احترموا الشبيبة وعالجوا مشاكلكم بعيدا عنها.

ما تعليقك على العقوبات التي سلطت على الفريق محليا وقاريا؟

الشبيبة معروفة بكثرة جمهورها ومناصريها من مختلف الولايات الذين يدعمونها ويرافقونها في كل خرجاتها، والعقوبات التي سلطت على الشبيبة إهانة لهم، حيث يعاملون بطريقة سيئة في كل مرة ينتقلون فيها مع الفريق لمناصرته، وهذا ما خلق مشاكل أخرى لهم، أما فيما يخص العقوبات التي فرضت فهي قاسية جدا في حق الشبيبة، ما حدث ليس بالأمر الهين وتنجر عنه عقوبات ولكن ليست بهذه الحدة، فالعقوبات مجحفة كثيرا في حق الشبيبة التي تلعب مبارياتها في ملاعب محايدة ولعبت لمدة 6 أشهر بدون جمهورها، كما أنها إهانة لفريق أعطى الكثير للكرة الجزائرية وشرف الوطن في مختلف المنافسات الكروية.

هل لك أن تقدم لنا تفسيرا عما يحدث لفريق للشبيبة هذا الموسم؟

ما يحدث اليوم في فريق الشبيبة تحدثت عنه منذ سنوات، الطريقة التي يسير بها فريق بهذا الحجم ليست مثالية، فيها من الاختلالات ما ينعكس سلبا على الفريق، وما تعانيه الشبيبة اليوم خير دليل، قضية "إيبوسي" وقضية مواطنه نكاما الذي تلقى انتقادات لاذعة من رئيس الفريق الذي لم يرض بمردوده في مقابلة واحدة، صورة الشبيبة في الفيفا والكاف كلها عوامل من شأنها أن تؤثر على سمعة الشبيبة ومشوار سنوات حافلة بالعطاء والانتصارات. أنا من أشد المنتقدين لسياسة التسيير في الفريق، وما أزال كذلك، وذلك في مصلحة الشبيبة ،فنحن كلنا نملك الحق فيها وهي لاتزول بزوال الرجال، وكل شخص يمر عليها سيغادرها، لكنه يترك اسمه وبصمته.

هل لك أن تشرح لنا سياسة التسيير الحالية في الفريق؟

السياسة الحالية بمثابة "بريكولاج"، خاصة فيما يخص اختيار واستقدام اللاعبين وحتى المدربين، وهذا ما عقد الوضع، المسيرون الحاليون أقصوا وغيبوا أبناء تيزي وزو من اللعب في الفريق، هذه المنطقة التي دعمت الشبيبة لسنوات طويلة بأبطال صنعوا الأمجاد، وخير دليل على ذلك هو جيلنا الذهبي الذي لعب للشبيبة سنوات طويلة أحرز خلالها العديد من الألقاب المحلية والقارية، وهم كلهم من أبناء منطقة القبائل، وحتى عندما يتم اختيار لاعبين من خارج المنطقة فإنهم يكونون من أفضل اللاعبين الذين يأتون بنتائج ايجابية للفريق، وقد استمرينا في اللعب مع بعض لسنوات طويلة سادها الاستقرار والتفاهم لدرجة أننا كنا نلعب مغمضي الأعين لتعارفنا الجيد فيما بيننا.

اليوم تغيرت الظروف، والثقة فقدت في أبناء المنطقة المستعدين للعب من أجل الشبيبة وفقط، أصبح المسيرون يغيرون الفريق وليس اللاعبين، بدليل تداول ثلاثة مدربين على التشكيلة في موسم واحد، ناهيك عن استقدام لاعبين من مناطق وحتى بلدان أخرى لم يضيفوا أي جديد يذكر، وكل هذه العوامل خلفت نوعا من عدم الاستقرار في بيت الشبيبة.

أسال خلافك مع حناشي الكثير من الحبر وأثار تساؤلات الشارع الرياضي بتيزي وزو. ما تعليقك على ذلك؟

أنا لا أشوه سمعة أحد ولكني أقول الحقيقة، وطريقة تسيير الشبيبة خاطئة، والمشكلة ليست في الشخص نفسه، ولكن في العمل الذي يقوم به، المحيطين بالرئيس لا يقدمون له النصائح ولا الدعم اللازم لتسيير الفريق، خاصة مع إبعاد الأوفياء للشبيبة وحتى اللاعبين القدامى الذين يمكنهم تقديم الأفضل لفريق "جامبو جات".

ليس من العدل أن تحاسب لاعبا أو مدربا لم يستكمل فترة تعاقده بعد، وبالتالي من المستحيل انهاء المشروع الذي أتى به، والاحتراف يقتضي محاسبة المدرب وحتى اللاعب عند نهاية مشروعه وليس بعد اجراء مقابلة أو اثنتين، فريق "جامبو جات" لم يأت هكذا وإنما نتاج مسيرة 15 سنة من العطاء والعمل. كما أن الشبيبة رمز منطقة بأسرها وليس من حقنا أن نقارن بين فريق ولاية وفرق أحياء. التاريخ ينصف الكناري، فمن سنة 1965 عند صعود النادي إلى القسم الوطني الأول لم تنزل أبدا الى القسم الثاني بعكس الفرق الأخرى. لهذا فإن الخطأ ممنوع على المسؤولين الحاليين، التسيير الحالي تتخذ فيه قرارات غير محسوبة العواقب، وأنا أرفض أن يتحدث شخص باسمي أو اسم 5 ملايين محب للشبيبة. المشكل الحقيقي ليس في المغادرة أو البقاء، ولكن يجب تضافر المجهودات لإنقاذ الفريق، فصورة الشبيبة تغيرت كثيرا وفقدنا تلك المكانة التي كافحنا كثيرا للوصول إليها، ولكننا مع ذلك لم نفقد كل شيء وبإمكاننا العودة لنلمع صورة الشبيبة ليسطع نجمها مجددا في سماء مجد البطولات والانتصارات.

هل نفهم من كلامك أنك تفكر في العودة إلى أحضان الشبيبة؟

أنا لا أغلق الأبواب، ولكني لا أريد العمل في هذا الجو الذي تسوده الحساسيات، لدي مشروع مهم، ولكنني أريد العمل مع أشخاص يقدرون الشبيبة، كنت رئيسا لها ولقد غادرتها في سنة 1993 بعد ما سلمت المهام للرئيس حناشي، وهذا لعدة مشاكل أهمها المالية، حيث لم أتحصل على الإعانات وقتها والمقدرة بـ3 ملايين دينار، ولقد تسلمها الرئيس الحالي فور مغادرتي الفريق، لهذا أنا أرفض العمل في هذه البيئة، وأريد جوا مريحا بعيدا عن الصراعات لتقديم الأفضل، أنا لا أتمنى أن أكون مكان حناشي فهو يعاني كثيرا وسط هذه المشاكل، فمن الصعب تسيير فريق بحجم الشبيبة، وأنا لا أنتقده كشخص ولكن خلافي معه راجع لغيرتي على فريق قدمت له الكثير وناضلنا جاهدين للحفاظ عليه، خاصة وأنه يمثل هوية منطقة القبائل.

أشرت إلى أن الشبيبة هي ركيزة من ركائز الهوية الأمازيغية، وضح لنا دورها في ترسيخها؟

عشت الكثير من الأحداث مع الشبيبة، كنا نصارع على جميع الجبهات من أجل البقاء، وفي هذا السياق أتذكر جيدا حادثتين وقعتا لنا في نهائي كأس الجمهورية لعام 1977، وسنة 1981 سنة فوزنا بكأس افريقيا للأندية البطلة. فالرئيس الراحل هواري بومدين كان في قمة الغضب، ومسؤولون في الحكومة نصحونا بحمل الكأس والمغادرة، تلك الحادثة ماتزال عالقة في ذهني إلى يومنا هذا، وقتها تأهلنا لنهائي كأس الجمهورية سنة 1977 ضد فريق حسين داي، استعدت الولاية للحدث وبدأت الاحتفالات في وقت مبكر، يوم اللقاء حضرت شخصيات مرموقة دفعها فضولها إلى اكتشاف هذا الفريق، دخلنا المقابلة بنية افتكاك الكأس وقد حققنا هدفنا بعد ما فزنا بنتيجة 2 -1، وعندما هممنا باستلام الكأس اقترب مني أحد المسؤولين حاملا معه منشفة مبللة بالعطر، وطلب مني مسح وجهي من العرق، وأخبرني أن الرئيس في قمة الغضب، ونصحني باستلام الكأس دون مصافحته إذا لم يقم هو بذلك، صعدت أدراج ملعب 5 جويلية وأنا أحمل في يدي اليسرى هدية للرئيس تتمثل في مجسم مصنوع من فضة منتج في منطقة "أث يني" وعليه كتابات باللغة الأمازيغية، قدمتها للرئيس، لكنه وضعها جانبا دون النظر اليها، ثم مددت له يدي اليمنى لمصافحته فسحبني إليه وسلّم علي، ثم حملت الكأس وغادرت المكان دون أن يوجه لي أي كلمة، وبعد ثلاثة أشهر من تلك المقابلة جاء قرار بتغيير اسم شبيبة القبائل إلى "الجامبوجات"، وهو القرار الذي شمل عدة فرق أخرى.

وأما الموقف الثاني فيتعلق بالرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الذي نظم على شرفنا مأدبة عشاء، وحملنا رسالة لسكان منطقة القبائل، كان ذلك في سنة 1981 عندما فزنا بكأس إفريقيا للأندية البطلة، وهي السنة الموالية لأحداث أفريل 1980 (الربيع الأمازيغي) والتي شهدتها منطقة القبائل، كنا قد تأهلنا لتنشيط ذلك النهائي ضد فريق فيتا كلوب، حيث حققنا فوزا برباعية نظيفة بملعب أول نوفمبر في تيزي وزو، أما خارج القواعد فقد فزنا بـ1 / 0 لنتوج بذلك بأول لقب إفريقي، فنظم الرئيس على شرفنا مأدبة عشاء وحمّلنا رسالة قال فيها "لست ضد لغتكم الأم، أوصلوا الرسالة، سيأتي وقت تنتشر في الجزائر". تمنيت اليوم لو أن والدتي ماتزال حية لتراني وتسمعني أتحدث باللغة القبائلية في مختلف وسائل الإعلام.

شبيبة القبائل ناصرها وتغنى بها فنانو المنطقة ضمنهم الراحل معطوب الوناس، كيف كان وقع دعمهم عليكم؟

الراحل معطوب لوناس، أخي وصديقي، قدم الكثير للشبيبة سواء بفنه، أو حضوره بالملعب لمتابعة اللقاءات مع مختلف الفرق وفي مختلف المنافسات، ولو بقي حيا لكان حال الشبيبة مغايرا لما عليه اليوم، كان مناصرا وفيا للفريق وساندنا في كل خرجاتنا، وأتذكر أنه في سنة 1990 تأهلنا لنهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة في لوزاكا، ولقد خصصنا طائرة لمناصرينا من أجل مرافقتنا إلى هناك، ووقتها كان الراحل في فترة نقاهة بعد خروجه من عملية جراحية خطيرة ومايزال يمشي بالعكازات، اقترب مني وطلب مرافقتنا فرفضت طلبه، لكنه أصر، ويوم المقابلة جلس ورائي وبعد تسجيل اللاعب حكيم مدان لضربة الترجيح الأخيرة ضربني على كتفي بعكازه وقال لي "ربحنا". أتأسف لرحيله عنا فقد كان دعما قويا للشبيبة التي جمعت كل الفئات وكسرت كل الطابوهات، فالشبيبة جمعت ما فرقته السياسة بدليل أن المدرجات كانت تشهد حضور مختلف أعضاء الأحزاب السياسية الذين يتحدون فيما بينهم لمناصرة الشبيبة وفقط.

كلمة أخيرة؟

في الأخير أتوجه بكلمة لمناصري الشبيبة وأطلب منهم الالتفاف حول الفريق من أجل تجاوز هذه الأزمة التي تمر بها الشبيبة، كما أدعو جميع الغيورين على هذا الفريق ومن مختلف الفئات من أجل الالتقاء والاجتماع حول طاولة النقاش للحديث ومناقشة هذه المستجدات التي طرأت في الساحة الرياضية، وهذا لإيجاد الحلول وإخراج الشبيبة من هذا الوضع الحرج قبل فوات الأوان.