القصيدة الشمقمقية لأحمد ابن الونان الحميري الفاسي
01-02-2016, 08:45 PM
القصيدة الشمقمقية للشاعر والاديب الكبير أحمد الوَنَّانْ الفاسي.

واسمه الكامل أحمد بن محمد بن محمد ابن الونان الحميري الفاسي الدار -أبو العباس-
وهو مغربي الاصل من مدينة فاس مدينة العلم الكبيرة صاحبة دار القرويين من الجوامع الثلاث المعروفة في العالم الاسلامي وينحدر اصله من الصحراء المغربية .
ويأتي اسمها على اسم كنى بيهاابوه -أبوالشمقمق- فسميت قصيدته بهذا الاسم وتحوي اكثر من مائتين وسبعين بيتا مدح بها احد الملوك بالمغرب آنذاك وهو امير المؤمنين عبد الله بن اسماعيل العلوي .
توفي سنة 1187هجريسة 1773 ميلادية
واشتهر بهذه الارجوزة الشمقمقية التي تحتوي وتشمتل على كثير من الحكم والآداب واللطائف الخاصة بالعرب لعاداتهم ومشاهيرهم ووقائعهم .
ولقد شبهها بعضهم بالمعلقات السبع لما فيها من البلاغة والكلمات الغريبة والفصاحة اللغوية
وقد تم شرحها من كثير من علماء المغرب عبد الله كنون والناصري السلاوي والمكي بن محمد البطاوري .

والان مع بعض الأبيات إلى حين الاتمام ما تبقى إن شاء الله تعالى


مَهْلاً علَى رِسْلِكَِ حَادِي الايْنُقِ***ولا تكلِّفْها بما لم تُطِقِ
فطَالمَا كَلَّفْتَها وسُقتَهَا***سوْقَ فَتَى مِن حَالِها لم يُشْفِقِ
ولم تَزلْ ترمِي بها يدُ النَّوى*** بكل فجِّ وفلاَةٍ سَمْلقِ
وما انتلتْ تَدْرَعُ كلَّ فدْفدٍ***أدْرُعُها وكلَّ قاعٍ فرَقِ
وكلَّ أبْطَحَ وأجْرعَ وجِزْ***عٍ وصريمةٍ وكلَّ أبْرَقِ
مجاهلٌ تحاَرُ فيهنَّ القَطا*** لادِمْنةٌ لا رسْمُ دارِ قد بقِيَ
ليسَ بها غيرُ السَّواِفي والحَوا***صِبِ الحرَاجيجِ وكلَّ زِحلقِ
والمرْخِ والعَفَارِوالعِضاَهِ وال***بَشَامِ والأثلِ ونبتِ الخَرْبقِ
والرِّمْثِ والخُلَّةِ والسَّعدانِ***والثَّغِرِ وشرْيِ وسناِ وسمَسْقِ
وعُشَرٍ ونَشَمٍ وإسْحضلٍ***معَ تمامٍ وبهارٍمُونِقِ
والسَّمعِ واليعقوبِ والقِشَّةِوال*** سيِّد السَّبتي والقَطا وجورَقِ
واللَّيْل والنَّهار والرِّنالِ وال***هيثَمِ معْ عِكْرِمةٍ وخِرْنِقِ
ولم تزلْ تَقْطعُجِلْبابَ الدُّ جَى***بِجَلْمِ الأيدي وسَيْفِ العُنقِ
فما استَراحتْ منْ عُبورِ جعْفَرٍ***ومِنْ صُعُودِ بِصَعيدٍ زَلقٍ
إلاَّ وفِي خَضْخاَِضِ دمْعٍ عيْنِها***خَاضَتْ وغَابتْ بسرابِ مُطْبقِ
كأنَّما رقْراقُهُ بحْرٌ طَماَ***والنُّوقُ امواجٌ عليْهِ ترْتَقِي
وكلُّ هوْدجٍ على أَقْتابها***مِثْلُ سفينِ مَاخِرٍِِأو زَوْرقِ
مرُّت بِها هُوْجُ الرِّياحِ فَهْيَ في*** تفَرُّق حيناً وحيناً تلْتًقيِ
وكمْ بِسوْطِ البغْيِ سُقْتَ سوقَهاَ***سَوْقَ الُعَنّفِ الذي لمْ يتَّقِ
حتى غّدتْ خوُصاً عِجافاًضُمَّرا ***اعْناقُها تَشْكو لغَيْرِمُشْفِقِ
قدْذَهبتْ منْهاَ المَحاَسِنُ بِإدْ***مانِ كُلِّ السُّرى وقِلَّةِالتَرَقُّقش
كأنَّها لَمْ تَكُ قَبْلُ انْتُخِبَتْ***من كُلِّ قَرْواءَ رَقُوبٍ فنُقِ
دَوْسرَةٍ هَوْجاءَ وجْنى ما بِها***مِنْنَقَبٍ ومنْ وجًى وسَلَقِ
مِنْ بعْدِ ما كانَتْ هُنَيْدَةً غَدَتْ***أكْثَر مِنْ ذَوْدٍِ ودُونَ شَنَقِ
وإنْ تمادَيْتَ على إتْعابِها *** ولمْ تَكُنْ مُنْتَهِياً عنْ رَهَقِ
فسوْفَ تَعْروكَ على إتْلافِهاَ ***نَدامَةٌ الكُسَعَيِّ والفَرَزْدقِ
وكُنْتَ قدْ عُوِّضْت عَنْ أخْفافِهاَ***خُفَي حُنيْنٍ ظافِراً بالأَنَقِ
لأنْتَ اظْلَمُ منْ ظَالِمٍ *** إنْ كُنْتَ منْ بَعْدُ بهاَ لمْ تَرْفُقِ
رِفْقاً بها قدْ بَلغَ السَّيْلُ الزُّبَا***واتَّسَعَ الخَرْقُ علىَ المُرَتَّقِ
وَهَبْ لأيدِيهِنَّ أّيْداً ولَهاَ****متْناً مَتِناً ما خَلاَ عنْ مَصْدَقِ
فَماَ لِظُعْنِ حَمَلَتْ مِنْ مِرَّةٍ ***بِظَعَنٍ أوْدَى بهاَفِي الغَسَقِ
أَسَأْتَ للغِيدِ وللنُّوقِ ولِي***إسَاءَةً بِتَوْبَةٍ لَمْ تُمْحَقِ
لَوْ لأَمْ يَكُنْ بِحُبِّ حِلْمِ أخْنَفٍِ*** والمِنْقَري قَلْبيَ ذَا تَعلُّقِ
حَملْتُ رأْ سَكَ علىَ شَبا القَناَ***مُرَوِّعاً بهِ حُدَاةَ الأَيْنُقِ
فَسُقْ فَلاَ نَعِمَ عَوْفُكَ ولا ***أمِنَ خَوْفُكَ ولا تَدْرَنْفِقِ
وَدَعْ يَسُوقُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَقَدْ ***دَنَا وُلُوجُهَا بِوَعْرٍ ضَيِّقِ
وَلْتَتَّخِذْنِي رَائِداً فَإِنَّنِي ***ذُو خِبْرَةٍ بِمُبْهَمَاتِ الطُّرُقِ
إِنْ غَرَثَتْ عَلَّفْتُهَا وَلَوْ بِمَا ***جَمَعْتُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقِ
أَوْ صَدِيَتْ أوْرَدْتُهَا مِنْ أَدْمُعِي ***نَهْْرَ الأُبُلَّةِ ونَهْرَ جِلَّقِ
رِفْقاً بِهَا شَفِيعُهَا هَوَادِجٌ ***غَدَتْ سَمَاءَ كُلِّ بَدْرٍ مُشْرِقِ
مِنْ كُلِّ غَيْدَاءَ عَرُوبٍ بَضَّةٍ ***رَعْبُوبَةٍ عَيْطَاءَ ذاتِ رَوْنَقِ
خَرِيدَةٍ مَمْسُودَةٍ رَقْرَاقَةٍ ***وَهْنَانَةٍ بَهْنَانَةِ المُعْتَنَقِ
وَقُلْ لِرَبَّاتِ الهَوادِجِ انْجَلِي***ـنَ آمِناتِ فَزَعٍ وفَرَقِ
فإِنَّنِي أَشْجَعُ مِنْ رَبِيعَةٍ ***حَامِي الظَّعِينَةِ لَدَى وَقْتِ اللُّقِ
فَرُبَّمَا يَبْدُو إذا بَرَزْنَ لِي ***رِئْمٌ إِلَيْهَا طَارَ بِي تَشَوُّقِي
لُبْنَى ومَا أَدْراكَ ما لُبْنَى بِهَا ***عُرِفْتُ صَبًّا مُغْرَماً ذا قَلَقِ
تَسْبِي بِثَغْرٍ أَشْنَبٍِ ومَرْشِفٍ ***قَدْ ارْتَوَى مِنْ قَرْقَفٍ مُعَتَّقِ
ونَاعِمٍ مُهَيْكَلٍ وفاحِمٍ ***مُرَجَّلٍ وحَاجِبٍ مُرَقَّقِ
وعَقِبٍ مُحَجَّلٍ ومِعْصَمٍ ***مُسَوَّرٍ وعُنُقٍ مُطَوَّقِ
ومُقْلَةٍ تَرْمِي بِقَوْسِ حَاجِبٍ ***ثَلاثَةٌ مِثْلَ الأثَافِي في الرُّقِ
حُقَّانِ مِنْ عَاجٍ وقَعْبُ فِضَّةٍ ***مِنْ ظَاهِرٍ وبَاطِنٍ كالشَّفَقِ
وزَادَ مِسْكُ الخَالِ وَرْدَ خَدِّهَا ***حُسْناً وقَدْ عَمَّ بِطِيبٍ عَبِقِ
وقَبَّلَتْ أقْدَامَهَا ذَوائِبٌ ***سُودٌ كَقَلْبِ العَاشِقِ المُحْتَرِقِ
كَمْ أَوْدَعَتْ في مُقْلَتِي مِنْ سَهَرٍ ***وأَضْرَمَتْ في مُهْجَتِي مِنْ حَرَقِ
ولا يَزَالُ في رِياضِ حُسْنِهَا ***يَسْرَحُ فِكْرِي ويَجُولُ رَمَقِي
ولا تَسَلْ عَمَّا أَبُثُّ مِنْ جَوًى ***ومَا تُرِيقُ مِنْ دُمُوعٍ حَدَقِي
يَوْمَ اشْتَكَى كُلٌّ بِمَا في قَلْبِهِ ***لِحِبِّهِ بِطَرْفِهِ بِمَا لَقِي
ما عُذْرُ مَنْ يَشْكُو الجَوَى لِمَنْ جَفَا ***وَهْوَ لِدَمْعِ جَفْنِهِ لَمْ يُرِقِ
آهٍ عَلَى ذِكْرِ لَيالٍ سَلَفَتْ ***لِي مَعَهَا كالبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
في مَعْهَدٍ كُنَّا بِهِ كَنَخْلَتَيْ ***حُلْوانَ فِي وَصْلٍ بِلا تَفَرُّقِ
نِلْنَا بِهِ مَا نَشْتَهِي مِنْ لَذَّةٍ ***وَدَعَةٍ في ظِلِّ عَيْشٍ دَغْفَقِ
أَزْمَانَ كانَ السَّعْدُ لِي مُسَاعِداً ***وَمُقْلَةُ الرَّقِيبِ ذَاتُ بَخَقِ
والْيَوْمَ قَدْ صَارَ سَلامُ عَزَّةٍ ***يُقْنِعُ مِنْ لُبْنَى إذا لَمْ نَلْتَقِ
والله لَوْ حَلَّتْ دِيارَ قَوْمِهَا ***واحْتَجَبَتْ عَنِّي بِبابٍ مُغْلَقِ
لَزُرْتُهَا والليْلُ جَوْنٌ حَالِكٌ ***وَجَفْنُهَا لَمْ يَكْتَحِلْ بِأَرَقِ
مَعِي ثَلاثَةٌ تَقِي صَاحِبَهَا ***مَا لَمْ تَكُنْ نُونُ الوِقَايَةِ تَقِي
سَيْفٌ كَصَمْصَامَةِ عَمْرٍو بَاتِرٌ ***لا يُتَّقَى بِيَلَبٍ وَدَرَقِ
وبَيْنَ جَنْبَيَّ فُؤادُ ابْنُ أَبِي ***صُفْرَةَ قَاطِعُ قَرَا ابْنِ الأَزْرَقِ
وفَرَسٌ كَلاَحِقٍ ودَاحِسٍ ***يَوْمَ الرِّهَانِ شَأْوُهُ لَمْ يُلْحَقِ
تَقْدَحُ نِيرَانَ الحُبَاحِبِ حَوا ***فِرُهُ عِنْدَ خَبَبٍ وطَلَقِ
كالرِّيحِ في هُبُوبِهِ والسِّمْعِ فِي ***وُثُوبِهِ وكَالْمَهَى فِي فَشَقِ
بِهِ أَجُوسُ فِي خِلالِ دُورِهَا ***وأَنْثَنِي كالْبَارِقِ الْمُؤْتَلِقِ
فَإِنْ تَكُ الزَّبَّا دَخَلْتُ قَصْرَهَا ***وكَقَصِيرٍ سُقْتُهَا لِلنَّفَقِ
وَمَنْ حَمَاهَا كَكُلَيْبٍ فَلَهُ ***جَسَّاسُ رُمْحٍ رَاصِدٍ بِالطُّرُقِ
لا بُدَّ لِي مِنْهَا وَإِنْ تَحَصَّنَتْ ***بِالأبْلَقِ الفَرْدِ وبِالخَوَرْنَقِ
لا بُدَّ لِي مِنْهَا وإِنْ عَثَرْتُ فِي ***ذَيْلِ الحُسَامِ والسِّنَانِ الأزْرَقِ
فَإِنْ ظَفِرْتُ بالْمُنَى مِنْ قُرْبِهَا ***بَالَغْتُ في صِيانَةِ العِرْضِ النَّقِي
وإِنْ بَقِيتُ مِثْلَ ما كُنْتُ فَلاَ ***زِلْتُ بَغِيضَ مَضْجَعِي ونُمْرُقِي
أَشُنُّ كُلَّ غَارَةٍ شَعْوا عَلَى ***مَنْ يَحْمِها فِي مِقْنَبٍ وفَيْلَقِ
وفِي خَمِيسٍ مِنْ خِيارِ يَعْرُبٍ ***ذَوِي رِماحٍ وَخُيُولٍ سُبُقِ
مِنْ أُسْرَتِي بَنِي مُلُوكٍ فَهُمُ ***أَطْوَعُ لِي مِنْ سَاعِدي ومِرْفَقِ
سَلْ ابْنَ خَلْدُونَ عَلَيْنَا فَلَنَا ***بِيَمَنٍ مَآثِرٌ لَمْ تُمْحَقِ
وَسَلْ سُلَيْمَانَ الكَلاعِي كَمْ لَنَا ***مِنْ خَبَرٍ بِخَيْبَرٍ والْخَنْدَقِ
ويَوْمَ بَدْرٍ وحُنَيْنٍ وتَبُو ***كَ والسَّوِيقِ وَبَنِي المُصْطَلِقِ
بِهِمْ فَخَرْتُ ثُمَّ زِدْتُ مَفْخَراً ***بِأدَبِي الغَضِّ وحُسْنِ مَنْطِقِي
وزَانَ عِلْمِي أَدَبِي فَلَنْ تَرَى ***مَنْ شِعْرُهُ كَشِعْرِيَ المُنَمَّقِ
فَإِنْ مَدَحْتُ فَمَدِيحِي يُشْتَفَى ***بِهِ كَمِثْلِ الْعَسَلِ المُرَوَّقِ
وإِنْ هَجَوْتُ فَهِجَائِي كالشَّجَا ***يَقِفُ في الحَلْقِ كَمِثْلِ الشَّرَقِ
فَإِنْ يَكُ الشِّعْرُ عَصَى غَيْرِي فَقَدْ ***أطَاعَنِي فِي عَيْهَقٍ وحَنَقِ
وإنْ يَكُنْ سَيْفاً مُحلّى فَقَدْ ***أبْلَى نِجَادَهُ عِنَاقُ عُنُقِي
وإِنْ يَكُنْ بُرْداً فَقَدْ صِرْتُ بِهِ ***مُعْتَجِراً دُونَ جَميعِ السُّوَقِ
وإنْ يَكُنْ تاجاً فَقَدْ زادَ سَنًا ***جُوْهَرُهُ مُذْ حَلَّ فَوقَ مَفْرِقِ
وإِنْ يَكُنْ حدِيقةً فَطَالَمَا ***نَزَّهْتُ فيها خَاطِري وحَدَقِي
وإِنْ يَكُنْ بَحْراً فَقَدْ غُصْتُ على ***جَوْهَرِهِ وكُنْتُ نِعْمَ المَنْتَقِ
وهَلْ أنا إِلاّ ابْنُ ونَّانَ الذِي ***قَرَّبَهُ كَمْ مِنْ أَميرٍ مُرْتَقِ
أحَقُّ مَنْ حُلِّيَ بالأسْتاذِ والشَّـ ***ـيْخِ الفقيهِ العالِمِ المُحَقِّقِ
وبالمُحَدِّثِ الشَّهيرِ والأدِيـ ***ـبِ والمُجِيدِ والبليغِ المُفْلِقِ
وأعْلَمُ الناسِ بدُونِ مِرْيَةٍ ***سِيَّانِ مَنْ بمَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
بالشِّعْرِ والتَّاريخِ والأمْثالِ والأنْـ ***ـسَابِ والآثارِ سَلْ تُصَدِّقِ
فَبَشِّرَنْ ذاكَ الحسودَ أنَّهُ ***يَظْفَرُ في بَحْرِ الهِجَا بالغَرَقِ
وقُلْ لَهُ إذا اشْتَكَى مِنْ دَنَسٍ ***أنْتَ الذي سَلَكْتَ نَهْجَ الزَّلَقِ
وفُقْتَ في الْجُرْأَةِ خاصِي أسَدٍ ***فَمُتْ بِغَيْظِكَ وبالرِّيقِ اشْرَقِ
ومَا الذي دعاكَ يا خَبُّ إلى ***ذِي الأُفْعُوانِ ذي اللّسانِ الفَرَقِ
نَطَقْتَ بالزُّورِ أمَا كُنْتَ تَعِي ***أنَّ البَلا مُوَّكَلٌ بالمَنْطِقِ
ولَمْ تَخَفْ مِنْ شاعرٍ مَهْما انْتَضَى ***سَيْفَ الهِجَا فَرَى حِبالَ العُنُقِ
يا صاحِ سَلِّمْ للوَرَى تَسْلَمْ ولا ***تَسُمْ فَصِيحَ النُّطْقِ بالتَّمَشْدُقِ
فذاكَ خَيْرٌ لَكَ واسْتَمِعْ إِلى ***نُصْحِ الحَكيمِ الماهِرِ المُحَقِّقِ
فَكُنْ مُهَذَّبَ الطِّباعِ حافِظاً ***لِحِكَمٍ وأدَبٍ مُفْتَرِقِ
وعاشِرِ النَّاسَ بِحُسْنِ خُلُقِ ***تُحْمَدْ عَلَيْهِ زَمَنْ التَّفَرُّقِ
ولا تُصاحِبْ مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ ***فَضْلاً بِلا فَضْلٍ وغَيْرَ المُتَّقِ
وكُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ ***فَضْلٍ فَلا تُطْمِعْهُ بالتَّمَلُّقِ
وفَوِّقَنْ سَهْمَ النُّمَيْرِيِّ لِمَنْ ***لِطُرُقِ العلْياءِ لَمْ يُوَفَّقِ
وافْعَلْ بِمَنْ تَرْتابُ مِنْهُ مِثْلَ فِعْـ ***ـلِ المُتَلَمِّسِ اللَّبيبِ الحَذِقِ
ألْقَى الصَّحيفةَ بِنَهْرِ حِيرَةٍ ***وَقَالَ يا ابْنَ هِنْدٍ أرْعِدْ وأبْرِقِ
ولا تَعِدْ بِوَعْدِ عُرْقوبٍ أخاً ***وفِهْ وَفَا سَمَوْأَلٍ بالأبْلَقِ
شَحَّ بأَدْرُعِ امرىءِ القَيْسِ وقَدْ ***تَرَكَ نَجْلَهُ غَسَيلِ العَلَقِ
ومِثْلَ جارٍ لأبي دُؤَادَ لا ***تَطْمَعْ بِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ بالأحْمَقِ
واحْمَدْ جَلِيساً لا تَخافُ شَرَّهُ ***وكابْنِ شَوْرٍ لَنْ تَرَى مِنْ مُطْرِقِ
وَلْتَكُ أبْصَرَ مِنَ الهُدْهُدِ والزَّرْ ***بِعَيْبِ نَفْسِكَ المُحَقَّقِ
وَكُنْ كَمِثْلِ وَاسِطِيٍّ غَفْلَةً ***عَنْ شَتْمِ ضَارِعٍ وعَتْبِ سُقُقِ
واعْدُ على رِجْلَيْ سُلَيْكٍ هارِباً ***مِنْ قُرْبِ كُلِّ خُنْبُقٍ وسَهْوَقِ
وَكُنْ نَدَيمَ الفَرْقَدَيْنِ تَنْجُ مِنْ ***مُنَغِّصٍ ومِنْ طُرُوِّ الرَّنَقِ
وَكُنْ كَعَقْرَبٍ وَضَبٍّ مَعَ مَنْ ***عَلَيْكَ قَلْبُهُ امْتَلا بالحَنَقِ
ثُمَّتَ لا تَعْجَلْ وكُنْ أبْطَأَ مِنْ ***غُرابِ نُوحٍ أوْ كَفِنْدِ المُوسِقِي
مَضَى لِنارٍ طالِباً وبَعْدَ عَا ***مٍ جَا بِهَا يَسُبُّ فَرْطَ القَلَقِ
وخُذْ بِثأرِكَ كَمَنْ أتَى ***بِالجَيْشِ خَلْفَ شَجَرٍ ذِي وَرَقِ
وانْتَهِزْ الفُرْصَةَ مِثْلَ بَيْهَسٍ ***وبِالمُدَى لَحْمَ العُداةِ شَرِّقِ
وكابْنِ قَيْسٍ بِهِمُ كُنْ مُولِماً ***وَلِيمةً شَهِيرَةً كالفَلَقِ
يَوْمَ مِلاكِهِ بأمِّ فَرْوَةٍ ***عَرْقَبَ كُلَّ ذاتِ أرْبَعٍ لَقِي
ولا تَدَعْ وإنْ قَدَرْتَ حِيلَةً ***فَهْيَ أَجَلُّ عَسْكَرٍ مُدَهْرِقِ
إنْ كانَ في سَفْكِ دَمِ العِدَا الشِّفَا ***سَفْكُ دَمِ البَريءِ غَيْرُ أَلْيَقِ
ولا تُحارِبْ ساقِطَ القَدْرِ فَكَمْ ***مِنْ شِّهَةٍ قَدْ غُلِبَتْ بِبَيْذَقِ
وَكَمْ حُبَارَى أمَّهَا صَقْرٌ فَلَمْ ***يَظْفَرْ بِغَيْرِ حَتْفِهِ بِالذَّرَقِ
وكَمْ عُيُونٍ لأسُودٍ دَمِيَتْ ***بالعَضِّ مِنْ بَعُوضِها المُلْتَصِقِ
والْخُلْدُ قَدْ مَزَّقَ أقوامَ سَبَا ***وهَدَّ سَدّاً مُحْكَمَ التَّأَنُقِ
ولا تُنَقِّصْ أحَداً فَكُلُّنَا ***مِنْ رَجُلٍ وأصْلُنَا مِنْ عَلَقِ
لا تُلْزِمِ المَرْءَ عُيُوبَ أصْلِهِ ***فالمِسْكُ أصْلُهُ دَمٌ في العُنُقِ
والخَمْرُ مَهْمَا طَهُرَتْ فَبَيْنَهَا ***وبَيْنَ أصْلِهَا بِحُكْمٍ فَرِّقِ
ولا تُؤَيِّسْ طامِعاً في رُتْبَةٍ ***لِنَيْلِهَا نَظِيرُهُ لَمْ يَرْتَقِ
فالزَّرْدُ يَوْمَ الغَارِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ***فَضْلٌ وكَانَ الفَضْلُ للخَدَرْنَقِ
وَقَوْسُ حاجِبٍ بِرَهْنِهَا لَدَى ***كِسَرَى اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ بِمَا لَقِي
لا تَغْشَ دارَ الظُّلْمِ واعْلَمْ أنَّهَا ***أخْرَبُ مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ خَلَقِ
ولا تَبِعْ عَرْضَكَ بَيْعَ أبِي ***غَبْشَانَ بَيْعَ الغَبْنِ والتَّبَلْصُقِ
باعَ السِّدَانَةَ قُصَيَّا آخِذاً ***عِوَضَهَا نِحْياً مِنْ أمِّ زَنْبَقِ
ولا تَكُنْ كَأَشْعَبٍ فَرُبَّمَا ***تَلْحَقُ يَوْماً وافِدَ المُحَرِّقِ
ولا تَكُنْ كوَاوِ عَمْروٍ زائِداً ***فِي القَوْمِ أو كَمِثْلِ نُونِ مُلْحَقِ
واعْضُلْ كَهَمَّامٍ بَنَاتِ فِكْرةٍ ***ضِنًّا بِهَا عَنْ غَيْرِ فَحْلٍ مُعْرِقِ
كي لا تَقُولَ بِلسانِ حالِها ***مَقَالَ هِنْدٍ ألْقِ مَنْ لَمْ يَلِقِ
وسَلْ مُهُورَ كِنْدَةٍ إِنْ تُهْدِهَا ***لِذِي نَدًى كالبَحْرِ في تَدَفُّقِ
لا تَنْسَ مِنْ دُنْياكَ حَظاًّ وإلى ***كالطَّالَقَانِي والخَصِيبِ انْطَلِقِ
لا تَهْجُ مَنْ لَمْ يُعْطِ واهْجُ مَنْ أَتَى ***إلى السَّرابِ بالدِّلاءِ يَسْتَقِي
وَعُدْ لِمَا عُوِّدْتَ مِنْ بَذْلِ اللُّهَى ***فالعَوْدُ أَحْمَدُ لِكُلِّ مُمْلِقِ
ولا تَعُدْ لِحَرْبِ مَنْ مَنَّ ولَوْ ***مَنَّ فَمَا غلَّ يداً كَمُطْلِقِ
والعَوْدُ يُخْتَارُ على مَنْ كانَ كالـ ***ـمُخْتارِ أوْ مَنْ كانَ ذا تَزَنْدُقِ
والصَّمْتُ حَصْنٌ للفَتَى مِنَ الرَّدَى ***وقَلَّ مَنْ شَرِّ لِسَانِهِ وُقِي
وإنْ وَجَدْتَ للكَلامِ مَوْضِعاً ***فَكُنْ عِراراً فِيهِ أوْ كالأشْدَقِ
لا تَكْتُمِ الحَقَّ وقُلْهُ مُعْلِناً ***فَهْوَ جَمَالُ صَوْتِكَ الصَّهَصْلَقِ
وَصِحْ بِهِ مِثْلَ شَبيبٍ وأَبِي ***عُرْوَةَ والعبَّاسِ عِنْدَ الزَّعَقِ
لا تَنْسَ ما أوْصَى بِهِ البَكْرِي أخاً ***فَهْوَ سَدَادٌ فَبِهِ السُّوءَ اتَّقِ
لا تَأْمَنِ الدَّهْرَ الخَؤُونَ إنَّهُ ***أَرْشَقُ نَبْلاً مَنْ رُماةِ الحَدَقِ
لا تَرْجُوَنْ صَفْواً بِغَيْرِ كَدَرٍ ***فَذَا لِغَيْرِ اللهِ لَمْ يَتَّفِقِ
لا تَبْخَلَنْ بِرَدِّ ما اسْتَعَرْتَهُ ***كَضَابِىءٍ فالبُخْلُ شَرُّ مُوبِقِ
شَحَّ بِرَدِّ كَلْبِ صَيْدٍ وهَجَا ***أرْبَابَهُ ظُلْماً فَلَمْ يُصَدَّقِ
ومَاتَ في سِجْنِ ابْنِ عَفَّانَ كَمَا ***قَضَى الإلهُ مِيتَةَ المُحَزْرَقِ
ونَجْلُهُ مِنْ أجْلِهِ أجَلُهُ ***مِنْ سَطْوَةِ الحَجَّاجِ لَمْ يَكُنْ وُقِي
واسْتُرْ عَنِ الحُسَّادِ كُلَّ نِعْمَةٍ ***كَمْ فاضِلٍ بِكَأْسِ مَكْرِهِمْ سُقِي
فَصَاعِدٌ على مَدِيحِ وَرْدَةٍ ***أصْبَحَ مُنْحَطاًّ بِقَوْلِ سَهْوَقِ
وافْخَرْ كَفَخْرِ خَالِدٍ بالعِيرِ والـ ***ـنَّفِيرِلا بِحُلَّةٍ مِنْ سَرَقِ
واتَّخِذِ الصَّبْرَ دِلاصاً سَابِغاً ***وبِمِجَنٍّ عُمْرٍ لا تَتَّقِي
وإِنْ حَمَلْتَ رايَةَ الأمْرِ فَكُنْ ***كَجَعْفَرٍ أوْ دَعْ ولا تَسْتَبِقِ
قَدْ قُطِعَتْ يَداهُ يَوْمَ مُؤْتَةٍ ***ولَمْ يَدَعْهَا لِكَمِيٍّ سَوْحَقِ
لَكِنَّهُ احْتَضَنَهَا حُباًّ لَهَا ***فيَا لَهُ مِنْ سَيِّدٍ مُوَفَّقِ
وَكُنْ إذا اسْتَـنْجَدْتَ مِثْلَ مَنْ غَزَا ***أَرْضَ العِدَا بِكُلِّ طِرْفٍ أبْلَقِ
وَسُمْ عَدُوَّ الدِّينِ بالخَسْفِ وكُنْ ***مِثْلَ أبِي يُوسُفَ ذِي التَّخَبُّقِ
رَدَّ كتَابَ مَنْ دَعَاهُ للوَغَى ***مِنْهُمْ مُمَزَّقاً لفَرْطِ الحَنَقِ
وقَالَ إنِّي لا أُجِيبُ بِسِوَى ***جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ وخَيْلٍ دُلُقِ
وَضَرَبَ الفُسْطَاطَ في الحِينِ وقَدْ ***أحاطَ جَيْشُهُ بِهِمْ كالشَّوْذَقِ
وكانَ ما قَدْ أبْصَرُوا مِنْ بأْسِهِ ***أبْلَغَ مِنْ جَوَابِهِ المُشَبْرَقِ
يا صاحِ واشْغَلْ فُسْحَةَ العُمْرِ بِمَا ***يَعْنِي وَزُرْ غِباًّ رُسُومَ العَيْهَقِ
وابْكِ على ذَنْبٍ وقَلْبٍ قَدْ قَسَا ***كالصَّخْرِ مِنْ هَوَاهُ لَمْ يَسْتَفِقِ
بِمُقْلَةٍ كَمُقْلَةِ الخَنْساءِ إذْ ***بَكَتْ عَلَى صَخْرٍ بِلا تَرَفُّقِ
أوْ كَبُكَا فَارِعَةٍ عَلَى الوَلِيـ ***ـدِ وبُكَاءِ خِنْدِفٍ وخِرْنِقِ
وَكُنْ مُتَمِّماً بُكَا مُتَمِّمِ ***عَلَى الذُّنُوبِ وارْجُ عَفْوَ مُعْتِقِ
وَكُنْ خَمِيصَ البَطْنِ مِنْ زَادِ الرِّبَا ***وخَمْرَةَ التَّقْوَى اصْطَبِحْ واغْتَبِقِ
وحَصِّلِ العِلْمَ وَزِنْهُ بالتُّقَى ***وسائِرَ الأوْقَاتِ فِيهِ اسْتَغْرِقِ
ولْيَكُ قَلْبُكَ لَهُ أفْرَغُ مِنْ ***حَجَّامِ سَابَاطَ ومَنْ لَمْ يَعْشَقِ
ولا تَكُنْ مِنْ قَوْمِ مُوسَى واصْطَبِرْ ***لِكَدِّهِ ولِلْمِلالِ طَلِّقِ
وَخُصَّ عِلْمَ الفِقْهِ بالدَّرْسِ وكُنْ ***كاللَّيْثِ أوْ كأَشْهَبٍ والعُتَقِي
وفِي الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ إنْ لَمْ تَكُنْ ***مِثْلَ البُخَارِيِّ فَكُنْ كالبَيْهَقِي
فالعِلْمُ في الدُّنْيَا وفِي الأخْرَى لَهُ ***فَضْلٌ فَبَشِّرْ حِزْبَهُ شَراًّ وُقِي
واعْنَ بِقَوْلِ الشِّعْرِ فالشِّعْرُ كَمَـ ***ـالٌ للفَتَى إنْ بِهِ لَمْ يَرْتَزِقِ
والشِّعْرُ للمَجْدِ نِجَادُ سَيْفِهِ ***وللعُلَى كالعِقْدِ فَوْقَ العُنُقِ
فَقُلْهُ غَيْرَ مُكْثِرٍ مِنْهُ ولا ***تَعْبَأْ بِقَوْلِ جَاهِلٍ أوْ أحْمَقِ
وإنْ تَكُنْ مِنْهُ عَدِيمَ فِكْرَةٍ ***فاعْنَ بِجَمْعِ شَمْلِهِ المُفْتَرِقِ
ما عابَهُ إلاَّ عَيِيٌّ مُفْحَمٌ ***لِعْرْفِهِ الذَّكيِّ لَمْ يَسْتَنْشِقِ
كَمْ حَاجَةٍ يَسَّرَهَا وكَمْ قَضَى ***بِفَكِّ عانٍ وأسِيرٍ مُوثَقِ
وكَمْ أديبٍ عادَ كالنَّطْفِ غِنًى ***وكانَ افْقَرَ مِنَ المُذَلَّقِ
وَكَمْ حَدِيثٍ جَاءَنَا عَنْ فَضْلِهِ ***عَنْ سَيِّدٍ عَنِ الهَوَى لَمْ يَنْطِقِ
وقَدْ تَمَثَّلَ بِهِ وكَانَ مِنْ ***أصْحَابِهِ يَسْمَعُهُ فِي الحِلَقِ
وقَدْ بَنَى المِنْبَرَ لابْنِ ثابِتٍ*** فَكَانَ للإِنْشَادِ فِيهِ يَرْتَقِي
وقَالَ لابْنِ أهْتَمٍ فِي مَدْحِهِ ***وذَمِّهِ للزِّبْرِقانِ الأسْمَقِ
مَقَالَةً خَتَمَهَا بِقَوْلِهِ ***إنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةٍ تَقِي
وَعِنْدَمَا سَمِعَ مِنْ قُتَيْلَةٍ ***رَثْيَ قَتِيلِهَا الذي لَمْ يُعْتَقِ
رَدَّ لَهَا سَلَبَهُ وقَدْ بَكَى ***شَفَقَةً بِدَمْعِهِ المُنْطَلِقِ
وَقَدْ حَبَا كَعْباً غَدَاةَ مَدْحِهِ ***بِبُرْدَةٍ ومائَةٍ مِنْ أيْنُقِ
وَبَشَّرَ الجَعْدِيَ وابْنَ ثابِتٍ ***بِجَنَّةٍ جَزَاءَ شَعْرٍ عُسْنُقِ
كَمْ خَامِلٍ سَمَا بِهِ إلى العُلا ***بَيْتُ مَدِيحٍ مِنْ بَلِيغٍ ذَلِقِ
مِثْلُ بَنِي الأنْفِ ومِثْلُ هَرِمٍ ***وكالذَّي يُعْرَفُ بالمُحَلَّقِ
وَكَمْ وَكَمْ حَطَّ الهِجَا مِنْ ماجِدٍ ***ذِي رُتْبَةٍ قَعْسَا وقَدْرٍ سَمِقِ
مِثْلِ الرَّبِيعِ وبَنِي العَجْلانِ مَعْ ***بَنِي نُمَيْرٍ جَمَراتِ الحَدَقِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ للشِّعْرِ عِنْدَ مَنْ مَضَى ***فَضْلٌ عَلَى الكَعْبَةِ لَمْ يُعَلَّقِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَيَانُ آيَةٍ ***ما فُسِّرَتْ مَسَائِلُ ابْنِ الأزْرَقِ
ما هُوَ إلاَّ كالكِتابَةِ ومَا ***فَضْلُهُمَا إلا كشَمْسِ الأُفُقِ
وإنَّمَا نُزِّهَ عَنْهُمَا النَّبِي ***ليُدْرِكَ الإعْجازَ بالتَّحَقُّقِ
فَهِمْ بِهِ فإنَّهُ لا شَكَّ عُنْـ ***ـوانُ الحِجَا والفَضْلِ والتَّحَذْلُقِ
وَهْوَ إِكْسِيرٌ وتَدْبِيرٌ لِمَنْ ***رَامَ اصْطِيادَ وَرِقٍ بِوَرَقِ
مِنْ غَيْرِ تَقْطِيرٍ وتَصْعِيدٍ وتَكْـ ***ـلِيسٍ وتَرْطِيبٍ وقَتْلِ زِئْبَقِ
وَكُنْ لَهُ رَاوِيةً كالأصْمَعِي ***والجَهْلُ أوْلَى بالذي لَمْ يَصْدُقِ
ولَكَ فِيمَنْ كانَ مِثْلَ الأمَـ ***ـوِيِّ أُسْوَةٌ بِهَا اقْتَدَى كُلُّ تَقِي
هَذا هُوَ المَجْدُ الأصِيلُ فاتَّبِعْ ***سَبِيلَهُ عَلَى الجَمِيعِ تَرْتَقِي
وإنْ أَرَدْتَ أنْ تَكُونَ شَاعِراً ***فَحْلاً فَكُنْ مِثْلَ أَبِي الشَّمَقْمَقِ
مَا خِلْتُ فِي العَصْرِ لَهُ مِنْ مَثَلٍ ***سِوَى أبِي في مَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
لِذَاكَ كَنَّاهُ بِهِ سَيِّدُنَا السُّلْـ ***ـطانُ عِزُّ الدِّينِ تَاجُ المَفْرِقِ
مُحَمَّدٌ سِبْطُ الرَّسُولِ خَيْرُ مَنْ ***سَادَ بِحُسْنِ خَلْقِهِ والخُلُقِ
أعْنِي أمِيرَ المُؤْمِنينَ ابْنَ أمِيرِ المُـ ***ـؤْمِنِينَ ابْنَ الأمِيرِ المُتَّقِي
خَيْرُ مُلُوكِ الغَرْبِ مِنْ أُسْرَتِهِ ***وغَيْرِهِمْ عَلَى العُمُومِ المُطْلَقِ
وَدَوْحَةُ المَجْدِ التِي أغْصَانُهَا ***بِهَا الأرَامِلُ ذَوُو تَعَلُّقِ
لَهُ مُحَيَّا ضَاءَ فِي أَوْجِ الدُّجَى ***سَنَاهُ مِثْلَ القَمَرِ المُتَّسِقِ
ورَاحَةٌ تَغَارُ من سُيُولِهَا ***سُيُولُ وَدْقٍ ورُكامٍ مُطْبِقِ
فَاقَ الرَّشيدَ وابْنَهُ بِحِلْمِهِ ***وعِلْمِهِ ورَأْيِهِ المُوَفَّقِ
وسَادَ كَعْباً وابْنَ سُعْدَى وابْنَ جُدْ ***عَانَ وحَاتِماً بِبَذْلِ الوَرِقِ
ولَمْ يَدَعْ مَعْنًى لِمَعْنٍ في النَّدَى ***ولَمْ يَكُنْ كَمِثْلِهِ في الخُلُقِ
مُذْ كانَ طِفْلاً والسَّمَاحُ دَأْبُهُ ***وغَيْرَ مَأْخَذِ الثّنَا لَمْ يَعْشَقِ
نَشَأَ فِي حِجْرِ الخِلافَةِ ومُذْ ***شَبَّ فَتًى بِغَيْرِهَا لَمْ يَعْلَقِ
فَبَايَعَتْهُ الناسُ طُراً دَفْعَةً ***لَمْ يَكُ فِيهَا أَحَدٌ بالأسْبَقِ
وأُعْطِيَتْ قَوْسُ العُلا مَنْ قَدْ بَرَى ***أعْوَادَهَا رِعَايَةً لِلألْيَقِ
فَصَارَ فَيْءُ العَدْلِ فِي زَمَانِهِ ***مُنْتَشِراً مِثْلَ انْتِشَارِ الشَّرَقِ
وشَادَ رُكْنَ الدينِ بالسيْفِ وقَدْ ***حَازَ بِتَقْوَاهُ رِضَى المُوَفَّقِ
وَقَدْ رَقَى فِي مُلْكِهِ مَعَارِجاً ***لَمْ يَكُ غَيْرُهُ إِلَيْهَا يَرْتَقِي
ورَدَّ أرْواحَ المكارِمِ إِلى ***أجْسَادِهَا بَعْدَ ذَهَابِ الرَّمَقِ
والسَّعْدُ قَدْ ألْقَى عَصَى تَسْيَارِهِ ***بِقَصْرِهِ وخَصَّهُ بِمَعْشَقِ
يا مالِكاً أَلْوِيَةَ النَّصْرِ عَلَى ***نَظِيرِهِ فِي غَرْبِنَا لَمْ تَخْفَقِ
طابَ المَدِيحُ فِيكُمُ وازْدانَ لِي ***وجَاشَ صَدْرِي بالفَرِيدِ المُونِقِ
لَوْلاكَ كُنْتُ للقَرِيضِ تارِكاً ***لِعَدَمِ البَاعِثِ والمُشَوِّقِ
تَرْكَ الغَزَالِ ظِلَّهُ وَوَاصِلٍ ***للرَّاءِ وابْنِ تَوْلَبٍ للمَلَقِ
وَكُنْتُ فِي تَرْكِي لَهُ كابْنِ أبِي ***رَبِيعةَ النَّاذِرِ عِتْقَ الهُبْنُقِ
وَمُذْ بِكَ الرحمنُ مَنَّ لَمْ يَزَلْ ***فِكْرِي فِي بَحْرِ الثَّنَا ذا غَرَقِ
لا زِلْتَ بَدْراً في بُرُوجِ الشِّعْرِ تَنْـ ***ـسَخُ بِنُورِكَ ظَلاَمَ الغَسَقِ
ولا بَرِحْتَ بالأمَانِي ظافِراً ***ومُدْرِكاً لِمَا تَشَا مِنْ أَنَقِ
بسُورَةِ الفَتْحِ وطهَ والضُّحَى ***وآيَةِ الكُرْسِي وآيِ الفَلَقِ
إِلَيْكَهَا أُرْجُوزةً حُسَّانَةً ***لِمِثْلِهَا ذو أدَبٍ لَمْ يَسْبِقِ
كَأنَّهَا أسْلاكُ دُرٍّ ويَوَا ***قِيتَ تُضِي كالبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
أعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأُنُوقِ ومنَ الـ ***ـعَنْقَا ومِنْ فَحْلٍ عَقُوقٍ أبْلَقِ
مَا رَوْضَةٌ فَيْنَانَةٌ غَنَّاءُ قَدْ ***جَادَتْ لَهَا السُّحْبُ بِماءٍ غَدَقِ
فابْتَسَمَتْ أغْصانُهَا عَنْ أبْيَضٍ ***وأحْمَرٍ وأصْفَرٍ وأزْرَقِ
يَوْماً بأبْهَى للعُيونِ مَنْظَراً ***مِنْهَا ولا كَلَفْظِهَا المُرَوْنَقِ
ما لِجَريرٍ وجَميلٍ مِثْلُهَا ***فِي غَزَلٍ وفِي نَسِيبٍ مُونِقِ
فَلَوْ رآهَا الأصْمَعِيُّ خَطَّهَا ***كَيْ يَسْتَفيدَ بِسَوادِ الحَدَقِ
أو فَتَحَ الفَتْحُ عَلَيْهَا طَرْفَهُ ***سَامَ قلائِدَهُ بالتَّمَزُّقِ
أوْ وَصَلَتْ للمُوصِلِي فيما مَضَى ***عِنْدَ الغِنَا بِغَيْرِهَا لَمْ يَنْطِقِ
أَوْ ابْنُ بَسَّامَ رآهَا لَتَدَا ***رَكَ الذَّخِيرةَ بِهَا عَنْ مَلَقِ
ولا أدِيبٌ مِنْ قُرَى أنْدَلُسٍ ***جَرَتْ بِهَا أقْلامُهُ فِي مُهْرَقِ
حَصَنَّتُهَا بسورةِ الضُحَى إذا ***هَوَى من المنتحل المشترق
فالحَمْدُ للهِ الذي صَيَّرَها ***إثْمِدَ عَيْنٍ مُنْصِفِ مُوَفَّقِ
والحمدُ للهِ الذي جَعَلَهَا ***قَذًى بِعَيْنِ الحاسِدِ الحَفَلَّقِ
ثُمَّ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما تَغَـ ***ـنَّتْ أمُّ مَهْدِيٍّ بِرَوْضٍ مُورِقِ
عَلَى النَّبِي وآلِهِ وصَحْبِهِ ***وتابِعِيهِمْ مَنْ مَضَى ومَنْ بِقِي


منقول بتصرف يسير