مواطنون أحياء قتلهم “الفايسبوك” و”تويتر” في حادثة بوفاريك
12-04-2018, 09:39 PM
نادية سليماني
صحافية في قسم المجتمع
اختلط الحابل بالنابل والحي بالميت على مواقع التوصل الاجتماعي اليومين الأخيرين.. فمن هول صدمة الجزائريين وتفاعلهم الكبير في حادثة سقوط طائرة بوفاريك، نشروا العديد من الصور لمن اعتبروهم شهداء الحادث، كما وضعوا فيديوهات كثيرة، وكلّ يدعي “الحصرية”… ليتبين لاحقا أن بعض الصور لا يزال أصحابها أحياء، كما أن جميع الفيديوهات المنشورة “كاذبة”.
أظهر الجزائريون عموما ورواد مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا، تضامنا كبيرا مع عائلات ضحايا السقوط المأساوي لطائرة بوفاريك، إلى درجة جعلتهم ينشرون كل صورة يرتدي صاحبها بدلة الجندي، ويقولون إنه توفي في الحادث… كما أن أي شخص وجد بمطار بوفاريك العسكري صبيحة الأربعاء سواء ركب الطائرة أم لا أو أي جندي كان ضحية كارثة إرهابية أو جوية أو برية سابقة، فهو من ضحايا طائرة بوفاريك الأربعاء حسب “الفايسبوك” و”تويتر”…!!
واستنكر الكثير ظاهرة النشر العشوائي لصور الضحايا على الإنترنت، بعدما تبين لاحقا أنهم أحياء. فحتى وإن كانت نية ناشر الصور التضامن مع عائلات الضحايا، لكنه تسبب لهم في مآس، بعدما تعرضت أسرهم لانهيارات عصبية قد تكون قاتلة خاصة لكبار السن والمرضى، وحتى لصاحب الصورة الذي ترحّم عليه الجميع وهو حيّ.
مَديح.. يؤكد أنه حي لكن “الفايسبوك” يُصر على موته
مديح خياري… جندي في العشرينيات من عمره، تفاجأ وعائلته بنشر صورته ضمن قائمة ضحايا سقوط الطائرة، ولأنه كان يبدو أصغر الضحايا حسب شكله في الصورة، بكاه الكثير عبر “الفايسبوك”. ورغم جميع محاولات الشاب نفي خبر وفاته والتأكيد أنه لم يركب الطائرة، لا تزال صوره متداولة في الإنترنت وبوسائل الإعلام وعلى نطاق واسع طيلة يومين كاملين.
الشاب خرج عن صمته وكتب على صفحته بالفايسبوك: “خاوْتي.. ربي يحفظكم لي سقسيتو علي، الحمد لله راني عايش والله يرحم الناس لخرين”، الخبر أفرح مُعزيه الذين بكوه حيا ثم تقاسموا فرحة حياته، حيث ولجوا صفحته الفايسبوكية للتعبير عن فرحتهم. والطريف أن البعض صار يُحقق معه للتأكد من أنه الشخص المعني، وآخرون يطلبون معلومات حول الطائرة، فمثلا سأله أحدهم: “أنت علاش ما ركبتش الطيارة ما كفاتكُمش!!”، فيما تساءل آخر: “كيفاش مازالو حي يعني ما طلعش الطيارة!!”.
وشاب آخر يدعى مولاي زكريا نشرت صورته على أساس أنه “شهيد الطائرة” فيما هو حيّ. وصورة أخرى لخمسة جنود يرتدون زيا عسكريا في صورة “سيلفي” أدرجوا ضمن المتوفين رغم تأكيد الكثير أنهم أحياء.
وفي تعليق لشاب “حيّ ميت” عندما تفاجأ بالجميع يترحمون على صورته، كتب بدوره تعليقا على صورته فقال: “الله يرحم شهداءنا.. مي هذا البنادم راه حيّ لأنه أنا!!”. وصورة أخرى لجندييْن متمددين في الغابة مع سلاحيْهما، أكد الجميع أنها صورة قديمة وعمرها 4 سنوات.
ليس كل من التقط صورة أمام طائرة “إيليوشين” ميت
شاب من غليزان تدوول اسمه ضمن الضحايا، ليُطل صديقه مُأكدا ومُعاتبا: “هذا صديقي ولم يكن في الطائرة تماما، هو يعمل في غليزان، اتقوا الله يا ناس لا تنشروا فقط، إذا كنتم غير متأكدين من المعلومة فلا تنشروا بارك الله فيكم”.
كما وجد وفد إعلامي جزائري مكون من 8 أشخاص، أنفسهم من المتوفين “فايسبوكيا” بعد نشر صورة لهم واقفين أمام طائرة “إيليوشين” بمطار تمنراست، مع تعليق: “لحظات قبل الكارثة”، وحقيقة الصورة أنها قديمة أخذت أثناء تغطية صحفية لدورة الجزائر للدراجات الهوائية بتمنراست، والصحفيون أحياء.
فيديوهات قديمة وأخرى “مركبة” لا علاقة لها بطائرة بوفاريك
ولم تطل الإشاعات صور الضحايا فقط، بل حتى عائلاتهم تم قتلهم “فايسبوكيا”، بعدما نشر الكثير أخبارا عن حصول وفيات داخل أسر بعد سماعها خبر استشهاد أبنائها، وهو ما كذّبته العائلات لاحقا.
ومن أغرب ما نشر في بعض الصفحات، حديث قائد الطائرة المتوفى داخل قمرة القيادة…؟؟ فقال في اتصال مع برج المراقبة بحسب ما نُشر في الفايسبوك: “إن الطائرة ستقع وسأتفادى المجمعات السكنية والطريق السيار”، وهي معلومات كاذبة لأن الصندوق الأسود للطائرة لم يتم تحليل معطياته بعدُ.
أما الفيديوهات المنشورة على أنها حصرية تُوثّق لحظة سقوط الطائرة، فجميع خبراء الصورة ورواد الإنترنت أكدوا في تعليقاتهم أنها “كاذبة”، فبعضها قديم ويعود إلى حوادث سابقة في الجزائر والخارج، أما الأخرى فأكد سكان بوفاريك وباعتبارهم الأدرى بتضاريس المنطقة، أنها صور “فوتوشوب” خضعت للتّعديل الرقمي.
