التقشف في الجدّ والبذخ في اللعب؟
04-01-2015, 07:01 AM


عبد الناصر

لا يحتاج الجزائري إلى آلة حاسبة أو مختص في الرياضيات، ليحسب له مبلغ ربع مليون أورو بالعملة الجزائرية، الذي سيتحصل عليه كل لاعب جزائري، ضمن منتخب كرة القدم، في حالة التتويج بكأس أمم إفريقيا، بل إنه غير مجبر على الحساب أصلا، لأن سعر السوق السوداء، التي رفعت منذ بداية انخفاض سعر مئة أورو إلى ما فوق الستة عشر ألف دينار، لا تعني اللاعبين الجزائريين لأنهم يعيشون في أوربا، وهم بالمختصر غير المفيد، ينفقون ما يتقاضونه في الجزائر في الأسواق الأوروبية

وواضح جدا بأن عاصفة النفط التي هبّت بسواد لون هذا الذهب على الجزائريين، ستمس ما هو جِدّ ويتعلق بمصيرهم، ولن تمس أبدا أجواء اللهو، بدليل أن عالم الكرة مازال يرفع أرقامه، سواء في الدوري المحلي الباهت، أم مع المنتخب الجزائري الذي سيحصل لاعبوه على أكبر منحة في تاريخ الجزائر إذا حققوا التتويج بكأس إفريقيا، حتى ولو بلغ سعر البترول في بداية مارس القادم العشرة دولارات، بل إن أعضاء المكتب الفدرالي للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، عندما اجتمعوا لتحديد سلّم المنح لم يهمهم إطلاقا الالتفات إلى سوق النفط التي أصابت نصف الجزائريين بـ"الإمساك" والنصف الآخر بـ"الإسهال"، ويبقى التأكيد بأن الجزائريين في سبيل هاته اللعبة مستعدون للبصم للدولة بإنفاق كل ما في حقول النفط من أجل أن تنتصر فرقهم الكروية، ولتذهب مشاريع السكن والشغل إلى الجحيم.

المثير في حكاية التقشف والبذخ، وهما كلمتان شائعتان هذه الأيام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أن الوزير الأول عبد المالك سلال، عندما تحدث عن انهيار أسعار النفط، ذكر مشاريع من المفروض أن لا تتوقف، لو كنا نعيش في بلد آخر، حيث اعتبر وسيلة النقل ترامواي ثانوية، ووضعها ضمن مشاريع الرفّاه التي يمكن تأجيلها وحتى إلغاؤها، كما أبرق إلى كل المديريات بتوقيف التشغيل بالرغم من أن هذه المشاريع والشغل من المفروض أن تكون نفطا آخر، يُدخل المال للدولة وليس تبذيرا، وهو اعتراف مباشر من الحكومة، بأن مشاريع التراموي والتليفيريك وغيرها، كانت مجرد "بريستيج وعنترية"، من دون أدنى دراسة لجدواها لا طائل منها بدليل شطبها جميعا مع أول نسمة بترولية نحو الانخفاض، بدليل أن تليفيريك سكيكدة تم توقيفه بسبب انعدام الركاب، وترامواي قسنطينة يسير عادة بعربات شاغرة، وحتى سياسة التشغيل التي ظلّ الوزراء يقدمون أرقامها، ويفتخرون معها بمعجزة القضاء على البطالة، اتضح بأنها مجرد تبذير مال البترول، من خلال وضع الشباب غير المناسب في أماكن الشغل غير المناسبة، فكانت النتيجة أن تم إدخال مشاريع كبيرة والتشغيل ضمن تقشف فريد من نوعه لا مثيل له في كل مكان وزمان.



وحتى لا نحمّل الدولة سبب كسر الجرّة والفشل في إصلاحها، فإن المواطن أيضا مهتم بلعبه، بدليل كرنفال الفرقعات الذي عاشه في عيد المولد النبوي، وقد يكون ترك تقشفه لكتبه؟



http://politics.echoroukonline.com/articles/198810.html
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 04-01-2015 الساعة 07:03 AM