مع نزار قباني رائعة بلقيس - بلقيس (5) -
31-10-2012, 06:59 PM
وتحولت بلقيس إلى حزب كبير للمعارضة لم تجرا السلطة على منعه .
إن قصيدة بلقيس كانت رد الشعر على كل الشائعات الكاذبة التي تزعم أن الشعر قد مات وشبع موتا وأن القصيدة صارت امرأة عجوزا لا يقترب منها احد ولا مكان لها في الحياة العربية .
فقد أكدت قصيدة بلقيس أن دور الشعر في المجتمع العربي لا يزال دورا خطيرا وفاعلا و أن الإنسان العربي رغم قلة الغذاء وقلة الهواء وقلة الحظ وقلة الحرية لا يزال يجد في الشعر منارته وخلاصته ولا يزال يعتبر الشاعر بطلا من أبطال الأساطير لا يقهر ولا يهزم .
نزار قباني


بلقيس
يا معشوقتي حتى الثمالة
الأنبياء الكاذبون
يقرفصون
ويركبون على الشعوب
ولا رسالة
لو أنهم حملوا إلينا
من فلسطين الحزينة
نجمة
أو برتقالة
لو أنهم حملوا إلينا
من شواطئ غزة
حجرا صغيرا
أو محاره
لو أنهم من ربع قرن حرروا
زيتونة
أو أرجعوا ليمونة
ومحوا عن التاريخ عاره
لشكرت من قتلوك يا بلقيس
يا معبودتي حتى الثمالة
لكنهم تركوا فلسطين
ليغتالوا غزاله!!
ماذا يقول الشعر يا بلقيس
في هذا الزمان؟
ماذا يقول الشعر؟
في العصر الشعوبي
المجوسي
الجبان
والعالم العربي
مسحوق ومقموع
ومقطوع اللسان
نحن الجريمة في تفوقها
فما (العقد الفريد) وما ( الأغاني)؟؟
أخذوك أيتها الحبيبة من يدي
أخذوا القصيدة من فمي
أخذوا الكتابة والقراءة
والطفولة والأماني
بلقيس .. يا بلقيس
يا دمعا ينقط فوق أهداب الكمان
علمت من قتلوك أسرار الهوى
لكنهم قبل انتهاء الشوط
قد قتلوا حصاني
بلقيس:
أسألك السماح فربما
كانت حياتك فدية لحياتي
إني لا اعرف جيدا
إن الذين تورطوا في القتل كان مرادهم
أن يقتلوا كلماتي!
نامي بحفظ الله أيتها الجميلة
فالشعر بعدك مستحيل
والأنوثة مستحيلة
ستظل أجيال من الأطفال
تسأل عن ضفائرك الطويلة
وتظل أجيال من العشاق
تقرأ عنك أيتها المعلمة الأصيلة
وسيعرف الأعراب يوما
أنهم قتلوا الرسولة
قتلوا الرسولة.
**********************

وكتب نزار قصيدة "بلقيس" بحبر القلب .. ودموع الحزن الكبير فبكى كل بيت عربي بلقيس مع أبياته المشحونة بالحب والحزن والثورة والغضب.
وقال نزار تعليقًا على ذلك:
هل كان العرب يا ترى يبكون "بلقيس" أم يبكون على أنفسهم ؟ فأحيانا لا يستطيع شعب من الشعوب أن يقول فكره أو يعبر عن حزنه فتأتي قصيدة شعر لتتولى هذه المهمة وأحيانًا لا يستطيع شعب من الشعوب أن يبكي بصورة علنية فتأتي قصيدة شعر لتتولى البكاء عنه!
تحولت "بلقيس" بعد نشر قصيدتها من مجرد زوجة وأم لطفلين إلى حزب كبير للمعارضة لم تجرؤ السلطة على منعه أو الوقوف في وجهه.
كان عندي نبوءة بأن القراء سيتعاطفون مع قصيدتي إنسانيًا ووجدانيًا وعاطفيًا، لكنني لم أتوقع أن تتحول القصيدة إلى (ما نيفسنو) سياسي .. ومنشور سري ينتقل من يد إلى يد ككرة النار.
هل تعرف بلقيس وهي تتبختر كالغزالة في بساتين الجنة أن دمها أخذ لون التاريخ وأن جسدها أخذ شكل تضاريس الأرض وأن عينيها صارتا وطنًا لكل الخائفين؟
إن قصيدة "بلقيس" كانت رد الشعر على كل الشائعات الكاذبة التي تزعم أن الشعر قد مات وشبع موتًا وأن القصيدة صارت امرأة عجوزًا لا يقترب منها أحد ولا مكان لها في الحياة العربية.
فقد أكدت قصيدة "بلقيس" أن دور الشعر في المجتمع العربي لا يزال دورًا خطيرًا وفاعلا وأن الإنسان العربي رغم قلة الغذاء وقلة الهواء وقلة الحظ وقلة الحرية لا يزال يجد في الشعر منارته وخلاصته ولا يزال يعتبر الشاعر بطلا من أبطال الأساطير لا يقهر ولا يهزم.
قالت سيدة بعد أن استمعت لقصيدة "بلقيس" في إحدى الأمسيات الشعرية بباريس وكان يلقيها الروائي الكبير الطيب الصالح
إذا كان رجل أن يقدر يرثيني بعد موتي بمثل هذا الكلام الجميل فإنني مستعدة أن أموت على الفور.
وكتب نزار يقول:
يا سيدتي: لا أريدك أن تموتي لأكتب فيك كلامًا جميلا ولا تمنيت أن تموت بلقيس لأكتب فيها كلاما جميلا فحياة امرأة نحبها هي أجمل وأغلى من مليون ديوان شعر.