منهج الأنبياء ...
16-08-2013, 05:51 PM
بسم الله الرحمان الرحيم –
يبدوا أن قضية منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله قد أشكلت على كثير من المنتسبين إلى العلم الشرعي عامة وكذا الجماعات الإسلامية خاصة في هذا الزمن إذ أنهم أهملوا في ما يبدوا لنا رأس الأمر و عروته الوثقى و الذي كان السبب الرئيس في إرسال الرسل ألا وهو التوحيد ونبذ الشرك ... لأن الله عز وجل يقول في محكم تنزيله "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" إذاً فالدعوة إلى التوحيد هي الأساس الذي انطلق منه الأنبياء لإصلاح جميع أشكال الفساد في مجتمعاتهم، وذلك لما أوحى الله لهم من البدء بالعقيدة وتصحيحها، لأن كل أشكال الفساد سوف تكون ما هي إلا أعراض لفساد المعتقد... و من هنا فإن تقييم كل دعوة والحكم على نسبة موافقتها للحق يكون بمعيار اهتمامها بالتوحيد...إذ أن التوحيد ليس علماً نظرياً لا أثر له في الواقع، بل هو الذي يحرك الحياة قال الله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"...و منه وذا نظرنا إلى الجماعات الإسلامية من هذه الزاوية فسيتبين لنا يقينا أنها مقصرة ووجب عليها تدارك الأمر إذا أرادت نصرا من الله وتمكين ولكن ومن باب الإنصاف نقر لها أن تسعى إلى تحقيق التوحيد من زاوية أخرى إذ أن "تحكيم الشرع " و الحكم بما أنزل الله من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه ، قال الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فسمى الله تعالى المتبوعين أرباباً حيث جُعلوا مشرِّعين مع الله تعالى ، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى …كما أن صاحب كتاب التوحيد (الشيخ محمد إبن عبد الوهاب رحمه الله) أفرد لوجوب تحكيم الشرع بابا في كتابه كما أفرد لغيره من المسائل المتعلقة بالتوحيد... ومنه فمن ظن أن التوحيد يقتصر على التحذير من عبادة القبور ومظاهر الشرك ويسعى من خلال ذلك إلى تحقيق توحيد أعرج يتغاضى عن شرك القصور مخطئ أيضا بقدر ما أخطأت الجماعات الإسلامية في تركها الدعوة إلى التوحيد لأن التوحيد كل متكامل لا يقبل التجزيء...
مع العلم أن منهج الأنبياء لم يقتصر على التوحيد ونبذ الشرك فقط... بل كلما أنزل الله في أمة رسول إلا وراح يذكرها - بعد التوحيد ونبذ الشرك – بوجوب إصلاح المجتمع وتنقيته من الأخلاق الفاسدة و السلوكات الذميمة وآفات المعاصي و الخطايا، وبذلك كانت دعوة عملية تجمع بين ركيزتين أساسيتين يقوم عليهما الدين..." التوحيد و إصلاح المجتمع "...
بل كان الأنبياء عليهم السلام يدعون أقوامهم إلى إصلاح المجتمع قبل اكتمال تحقق "شرط التوحيد" كما قال الله تعالى في غير ما موضع من كتابه: ((كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين(..) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ(..)وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ(..)وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)).
وقال أيضا :(( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(..)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (..)فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(..) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ(..)وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ)).
وقال أيضا: (( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (..)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(..) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ(..)وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ۚ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)).
وقال أيضا: ((كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(..)إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (..)وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (..)وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )) .
ويمكن قياس هذا المنوال على جميع أنبياء الله تعالى الآخرين حيث أن كل نبي حث قومه على اجتناب كل أنواع الفواحش وخصهم بترك ما شاع بينهم من مساوئ وشدد عليهم في ذلك قبل أن يتحقق التوحيد فيهم... وكذا خاتم النبيين رسولنا محمد _صلى الله عليه وسلم_، الذي بدأ دعوته في مكة المكرمة معتمدا فيها على التوحيد وترك عبادة الأصنام، ورافقت دعوته هذه دعوة عظيمة إلى مكارم الأخلاق والبعد عن انحرافات المجتمع الجاهلي كالبغي وقطع الرحم والزنا.. وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها...
كما أنه صلى الله عليه وسلم عرض نفسه على القبائل (كالطائف مثلا )وشرح لهم الإسلام و أوذي في سبيل ذلك...(1)، و تحرك في المواسم التجارية, ومواسم الحج التي تجتمع فيها الناس, وفق خطة دعوية محددة الأهداف ليس من أجل التوحيد فقط بل لطلب "الإيواء و النصرة" أيضا إذ أنه كان يمهد لمرحلة إنشاء الدولة والجيش وقد تحقق له ذلك بعدما نصره سبعين رجل من الأوس والخزرج في بيعة العقبة الثانية...(2) و لم يكونوا يمثلون وقتها جميع سكان المدينة المنورة ـ لينتقل بعدها بهم وبمن معه من مسلمي مكة إلى مرحلة الجهاد و المواجهة ...ولم يستوفي شروط التمكين بعد!!!! كما أنه ثبت في السنة أنه دعا صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد في هذه المرحلة أيضا (مرحلة الجهاد ) ولم يثنه ذلك عن الدعوة ولا عن الغزو في سبيل الله ؟
وقياسا على هذا فإن الدعوة إلى التوحيد ليست مخصوصة بمرحلة الاستضعاف فقط بل هي دائمة بدوام الدين الإسلامي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتوقف عن نشر التوحيد في أية مرحلة من مراحل دعوته...
وهذا يخالف بعض المناهج المعاصرة التي حصرت دعوة الإسلام الشمولية في ركن من أركان المسجد وعزلتها عن باقي جوانب الحياة الحيوية و اختزلتها في شرح رسالة فلان بن فلان وكل من خالف هذا التوجه فهو من الفرق الضالة الهالكة المتوعدة بالنار (والله المستعان ) ومنه تصدع الانسجام الذي كان من المفترض أن يصنعه اختلاف الرؤى بين الجماعات الإسلامية و الدعوية وغيرها بل أصبح هذا الإختلاف الفطري الذي جعله الله في بني الإنسان ليكمل به النقص الموجود في كل شخص وكل جماعة (إذ أن الكمال لله والعصمة للأنبياء) - نقمة على الدعوة-...
و على هذا الأساس و بما أن الدعوة إلى التوحيد لا تتنافى مع إصلاح المجتمع بل تحث عليه كما تحث على الأخذ بكل الأسباب المشروعة للتمكين لهذه الدعوة حتى تتسع رقعتها وتقوى شوكتها...وتحقيقا لهذا المشروع الإسلامي العظيم... ما أحوجنا إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لنقر أن العمل لهذا المشروع لا يقتصر على جماعة دون أخرى بل يفرض على القائمين عليه تضافر الجهود كل من الزاوية التي يسر الله له بعض أسبابها و أن نسعى في تصويب بعضنا البعض و أن نتمسك بمنهج الأنبياء في الدعوة على أكمل وجه... (3)
تحياتي
.................................................. .................................................. ..................
الهوامش-
(1)...ومنه هناك من الجماعات الإسلامية من تعتبر أن الخروج في سبيل نشر الدعوة إلى الله من الواجبات – كجماعة التبليغ مثلا -...
(2)... ومنه هناك من الجماعات الإسلامية المعاصرة من تعتقد أنه لا طريق إلى عودة الدولة الإسلامية إلا عن طريق طلب النصرة، تأسياً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم- كحزب التحرير مثلا – المتواجد بعدة دولة عربية وإسلامية كتونس وسوريا وباكستان...
(3)...يقول الشيخ الألباني رحمه الله في شريط مضار الحزبية: ".....أنا أقول الإخوان المسلمين لا يستطيعون أن يقوموا بواجب الإسلام وحدهم، السلفيون كذلك، حزب التحرير كذلك، وأي جمعات إسلامية أخرى... ،هؤلاء جماعات أعتقد وجودهم ضروري، لأن جماعة واحدة منهم لا تستطيع أن تقوم بكل واجب يفرضه الإسلام على الجماعة الإسلامية ،وإنما هذه الجماعات يجب أن تقوم كل منها بواجبها فقط ولكن بشرط واحد أن يكونوا جميعا في دائرة واحدة متفقين على الأسس و القواعد التي ينبغي أن ينطلقوا منها ليتفاهموا ويتقاربوا.
وعلى ذلك نحن ماضيين لا نعادى طائفة أو جماعة من الجماعات الإسلامية إطلاقا،لأن كل جماعة كما صرحت آنفا ًتكمل النقص الذي يوجد عند الجماعة الأخرى، هكذا أعتقد ينبغي أن تكون علاقات الجماعة الإسلامية بعضهم مع بعض، و الذي نراه مع الأسف الشديد هو خلاف هذا الواجب الذي ينبغي أن تجتمع الجماعات الإسلامية عليه .إهـ
يبدوا أن قضية منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله قد أشكلت على كثير من المنتسبين إلى العلم الشرعي عامة وكذا الجماعات الإسلامية خاصة في هذا الزمن إذ أنهم أهملوا في ما يبدوا لنا رأس الأمر و عروته الوثقى و الذي كان السبب الرئيس في إرسال الرسل ألا وهو التوحيد ونبذ الشرك ... لأن الله عز وجل يقول في محكم تنزيله "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" إذاً فالدعوة إلى التوحيد هي الأساس الذي انطلق منه الأنبياء لإصلاح جميع أشكال الفساد في مجتمعاتهم، وذلك لما أوحى الله لهم من البدء بالعقيدة وتصحيحها، لأن كل أشكال الفساد سوف تكون ما هي إلا أعراض لفساد المعتقد... و من هنا فإن تقييم كل دعوة والحكم على نسبة موافقتها للحق يكون بمعيار اهتمامها بالتوحيد...إذ أن التوحيد ليس علماً نظرياً لا أثر له في الواقع، بل هو الذي يحرك الحياة قال الله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"...و منه وذا نظرنا إلى الجماعات الإسلامية من هذه الزاوية فسيتبين لنا يقينا أنها مقصرة ووجب عليها تدارك الأمر إذا أرادت نصرا من الله وتمكين ولكن ومن باب الإنصاف نقر لها أن تسعى إلى تحقيق التوحيد من زاوية أخرى إذ أن "تحكيم الشرع " و الحكم بما أنزل الله من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه ، قال الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فسمى الله تعالى المتبوعين أرباباً حيث جُعلوا مشرِّعين مع الله تعالى ، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى …كما أن صاحب كتاب التوحيد (الشيخ محمد إبن عبد الوهاب رحمه الله) أفرد لوجوب تحكيم الشرع بابا في كتابه كما أفرد لغيره من المسائل المتعلقة بالتوحيد... ومنه فمن ظن أن التوحيد يقتصر على التحذير من عبادة القبور ومظاهر الشرك ويسعى من خلال ذلك إلى تحقيق توحيد أعرج يتغاضى عن شرك القصور مخطئ أيضا بقدر ما أخطأت الجماعات الإسلامية في تركها الدعوة إلى التوحيد لأن التوحيد كل متكامل لا يقبل التجزيء...
مع العلم أن منهج الأنبياء لم يقتصر على التوحيد ونبذ الشرك فقط... بل كلما أنزل الله في أمة رسول إلا وراح يذكرها - بعد التوحيد ونبذ الشرك – بوجوب إصلاح المجتمع وتنقيته من الأخلاق الفاسدة و السلوكات الذميمة وآفات المعاصي و الخطايا، وبذلك كانت دعوة عملية تجمع بين ركيزتين أساسيتين يقوم عليهما الدين..." التوحيد و إصلاح المجتمع "...
بل كان الأنبياء عليهم السلام يدعون أقوامهم إلى إصلاح المجتمع قبل اكتمال تحقق "شرط التوحيد" كما قال الله تعالى في غير ما موضع من كتابه: ((كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِين(..) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ(..)وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ(..)وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)).
وقال أيضا :(( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(..)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (..)فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(..) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ(..)وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ)).
وقال أيضا: (( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (..)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(..) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ(..)وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ۚ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)).
وقال أيضا: ((كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(..)إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (..)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(..)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (..)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (..)أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (..)وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (..)وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )) .
ويمكن قياس هذا المنوال على جميع أنبياء الله تعالى الآخرين حيث أن كل نبي حث قومه على اجتناب كل أنواع الفواحش وخصهم بترك ما شاع بينهم من مساوئ وشدد عليهم في ذلك قبل أن يتحقق التوحيد فيهم... وكذا خاتم النبيين رسولنا محمد _صلى الله عليه وسلم_، الذي بدأ دعوته في مكة المكرمة معتمدا فيها على التوحيد وترك عبادة الأصنام، ورافقت دعوته هذه دعوة عظيمة إلى مكارم الأخلاق والبعد عن انحرافات المجتمع الجاهلي كالبغي وقطع الرحم والزنا.. وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها...
كما أنه صلى الله عليه وسلم عرض نفسه على القبائل (كالطائف مثلا )وشرح لهم الإسلام و أوذي في سبيل ذلك...(1)، و تحرك في المواسم التجارية, ومواسم الحج التي تجتمع فيها الناس, وفق خطة دعوية محددة الأهداف ليس من أجل التوحيد فقط بل لطلب "الإيواء و النصرة" أيضا إذ أنه كان يمهد لمرحلة إنشاء الدولة والجيش وقد تحقق له ذلك بعدما نصره سبعين رجل من الأوس والخزرج في بيعة العقبة الثانية...(2) و لم يكونوا يمثلون وقتها جميع سكان المدينة المنورة ـ لينتقل بعدها بهم وبمن معه من مسلمي مكة إلى مرحلة الجهاد و المواجهة ...ولم يستوفي شروط التمكين بعد!!!! كما أنه ثبت في السنة أنه دعا صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد في هذه المرحلة أيضا (مرحلة الجهاد ) ولم يثنه ذلك عن الدعوة ولا عن الغزو في سبيل الله ؟
وقياسا على هذا فإن الدعوة إلى التوحيد ليست مخصوصة بمرحلة الاستضعاف فقط بل هي دائمة بدوام الدين الإسلامي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتوقف عن نشر التوحيد في أية مرحلة من مراحل دعوته...
وهذا يخالف بعض المناهج المعاصرة التي حصرت دعوة الإسلام الشمولية في ركن من أركان المسجد وعزلتها عن باقي جوانب الحياة الحيوية و اختزلتها في شرح رسالة فلان بن فلان وكل من خالف هذا التوجه فهو من الفرق الضالة الهالكة المتوعدة بالنار (والله المستعان ) ومنه تصدع الانسجام الذي كان من المفترض أن يصنعه اختلاف الرؤى بين الجماعات الإسلامية و الدعوية وغيرها بل أصبح هذا الإختلاف الفطري الذي جعله الله في بني الإنسان ليكمل به النقص الموجود في كل شخص وكل جماعة (إذ أن الكمال لله والعصمة للأنبياء) - نقمة على الدعوة-...
و على هذا الأساس و بما أن الدعوة إلى التوحيد لا تتنافى مع إصلاح المجتمع بل تحث عليه كما تحث على الأخذ بكل الأسباب المشروعة للتمكين لهذه الدعوة حتى تتسع رقعتها وتقوى شوكتها...وتحقيقا لهذا المشروع الإسلامي العظيم... ما أحوجنا إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لنقر أن العمل لهذا المشروع لا يقتصر على جماعة دون أخرى بل يفرض على القائمين عليه تضافر الجهود كل من الزاوية التي يسر الله له بعض أسبابها و أن نسعى في تصويب بعضنا البعض و أن نتمسك بمنهج الأنبياء في الدعوة على أكمل وجه... (3)
تحياتي
.................................................. .................................................. ..................
الهوامش-
(1)...ومنه هناك من الجماعات الإسلامية من تعتبر أن الخروج في سبيل نشر الدعوة إلى الله من الواجبات – كجماعة التبليغ مثلا -...
(2)... ومنه هناك من الجماعات الإسلامية المعاصرة من تعتقد أنه لا طريق إلى عودة الدولة الإسلامية إلا عن طريق طلب النصرة، تأسياً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم- كحزب التحرير مثلا – المتواجد بعدة دولة عربية وإسلامية كتونس وسوريا وباكستان...
(3)...يقول الشيخ الألباني رحمه الله في شريط مضار الحزبية: ".....أنا أقول الإخوان المسلمين لا يستطيعون أن يقوموا بواجب الإسلام وحدهم، السلفيون كذلك، حزب التحرير كذلك، وأي جمعات إسلامية أخرى... ،هؤلاء جماعات أعتقد وجودهم ضروري، لأن جماعة واحدة منهم لا تستطيع أن تقوم بكل واجب يفرضه الإسلام على الجماعة الإسلامية ،وإنما هذه الجماعات يجب أن تقوم كل منها بواجبها فقط ولكن بشرط واحد أن يكونوا جميعا في دائرة واحدة متفقين على الأسس و القواعد التي ينبغي أن ينطلقوا منها ليتفاهموا ويتقاربوا.
وعلى ذلك نحن ماضيين لا نعادى طائفة أو جماعة من الجماعات الإسلامية إطلاقا،لأن كل جماعة كما صرحت آنفا ًتكمل النقص الذي يوجد عند الجماعة الأخرى، هكذا أعتقد ينبغي أن تكون علاقات الجماعة الإسلامية بعضهم مع بعض، و الذي نراه مع الأسف الشديد هو خلاف هذا الواجب الذي ينبغي أن تجتمع الجماعات الإسلامية عليه .إهـ

من مواضيعي
0 فكّ الطّلاسم...
0 الشاعر : عبد الفتاح السيسي...
0 فلتمسح دموعك...؟
0 منهج الأنبياء ...
0 منهج الأنبياء ...
0 تناقضات... !!!!!!
0 الشاعر : عبد الفتاح السيسي...
0 فلتمسح دموعك...؟
0 منهج الأنبياء ...
0 منهج الأنبياء ...
0 تناقضات... !!!!!!
التعديل الأخير تم بواسطة Lblad_dz ; 23-08-2013 الساعة 06:19 PM