من القراءة العقلية ، إلى القراءة النقلية
01-02-2018, 05:45 AM
من القراءة العقلية ، إلى القراءة النقلية





لا تحتل الاحكام في القران الا نحوا من ثلاثة بالمئة من مجموع ايات القران ،
وهي لم تتنزل جملة واحدة بل حاءت بالتدريج ملبية للحاجة ووفق الضرورة.
وقد تمكن التشريع الاسلامي الناشىء من اخراج العرب من الفوضى الى النظام
ومن التشتت الى الوحدة ومن الثار الفردي الى التخاصم امام سلطة قضائية ناشئة

في فترة الخلافة الراشدة ظهرت مشاكل جديدة وكان على الخليفة ان يجد حلولا

لها فاصدر عمر رضي الله عنه بعد استشارة الصحابة احكاما طورت بعض الاحكام الموروثة


ففي السابق كانت عقوبة السكر اربعين جلدة ، فتمت مضاعفتها الى ثمانين ..

وكان الطلاق بالثلاث في المجلس الواحد طلاقا رجعيا ،فجعله عمر طلاقا بائنا ..

وقرر أن كل امة تضع مولودا تصبح بذلك امراة حرة ،ومنع زواج المتعة منعا

باتا ..

وعطل سهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة ،ورفض توزيع الأرض على المقاتلين ..
وحكم بأن لا حد على المملوك والخادم وعلى من يسرق بيت المال للحاجة..
وفرض الزكاة على الخيل لما راى المسلمين يتنافسون في شرائها ..

وكانت اغلب هذه الاحكام الجديدة تصدر بعد استشارة الصحابة اما استشارة

ضيقة او موسعة
حيث يجمع الخليفة الناس في المسجد ويعرض عليهم المسالة المطروحة.

وبعد تحول النظام للشكل الملكي الوراثي منذ أيام معاوية، سقطت الشورى وانفصل الاجتهاد في التشريع عن السلطة ، فظهر الفقهاء في مختلف الامصار وبرز من بينهم ابوحنيفة ومالك اللذين ادمجا في فقههما التحويرات التي ادخلها عمر على الاحكام الموروثة واتجها الى وضع اساليب جديدة لمواجهة المشاكل المستحدثة مثل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع.

ولما جاء الشافعي أنكر التحويرات التي قام بها عمر بمعية الصحابة .. ورفض الاعتماد على روح النصوص فلم يقبل بالمصالح المرسلة ولا بالاستحسان وحصر الاجتهاد فيالقياس فحسب، وعلى العكس من ذلك وسع دائرة النصوص فرفع الحديث الى مرتبة الوحي وجعله مرادفا للسنة ودافع دفاعا شديدا عن خبر الواحد، مع إقراره بكونه ظني الثبوت ولا يفيد اليقين.


ومضى تلميذه احمد بن حنبل شوطا أبعد اذ جعل القران والسنة في نفس المرتبة
ورفع فتاوى واقوال الصحابة الى درجة مصادر التشريع وفضل الحديث الضعيف على إعمال الراي،
، فوسع من دائرة النصوص لتشمل القران والحديث واثار الصحابة.

وهكذا تحول الفقه من القراءة العقلية الى القراءة النقلية، وسادت مفاهيم وتصورات اهل النقل لدى عامة المسلمين فترادف الدين مع الشريعة .. والحديث مع السنة .. والقياس مع الاجتهاد .. ولم يعد هناك ذكر للشورى والاعتماد على روح النصوص، فلم يكن عصر الخلفاء الراشدين الا قوسا اغلق بسرعة وتناسته الاجيال اللا حقة.


منقول بتصرف من كتاب نحو أفق إسلامي جديد للكاتب / رضا خالد
التعديل الأخير تم بواسطة الأمازيغي52 ; 01-02-2018 الساعة 05:51 AM