تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
01-10-2012, 08:46 PM
ذكر خبر داود
بن إيشى بن عويد بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عمي نادب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
وكان داود عليه السلام فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب نقيه
حدثني يونس بن عبدالأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني ابن زيد في قول الله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت إلى قوله والله عليم بالظالمين ( 1 ) قال أوحى الله إلى نبيهم أن في ولد فلان رجلا يقتل الله به جالوت ومن علامته هذا القرن يضعه على رأسه فيفيض ماء فأتاه فقال إن الله عز و جل أوحى إلي أن في ولدك رجلا يقتل الله به جالوت فقال نعم يا نبي الله قال فأخرج له اثني عشر رجلا أمثال السواري وفيهم رجل بارع عليهم فجعل يعرضهم على القرن فلا يرى شيئا فيقول لذلك الجسيم ارجع فيردده عليه فأوحى الله إليه إنا لا نأخذ الرجال على صورهم ولكنا نأخذهم على صلاح قلوبهم قال يا رب قد زعم أنه ليس له ولد غيره فقال كذب فقال إن ربي قد كذبك وقال إن لك ولدا غيرهم قال قد صدق يا نبي الله إن لي ولدا قصيرا استحييت أن يراه الناس فجعلته في الغنم قال فأين هو قال في شعب كذا وكذا من جبل كذا وكذا فخرج إليه فوجد الوادي قد سال بينه وبين البقعة التي كان يريح إليها قال ووجده يحمل شاتين شاتين يجيز بهما السيل ولا يخوض بهما السيل فلما رآه قال هذا هو لا شك فيه هذا يرحم البهائم فهو بالناس أرحم قال فوضع القرن على رأسه ففاض
حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت أوحى الله إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت فليغز أهل مدين فلا يترك فيها حيا إلا قتله فإني سأظهره عليهم فخرج بالناس حتى أتى مدين فقتل من كان فيها إلا ملكهم فإنه أسره وساق مواشيهم فأوحى الله إلى أشمويل ألا تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فاختل فيه فجاء بملكهم أسيرا وساق مواشيهم فالقه فقل له لأنزعن الملك من بيته ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة فإني إنما أكرم من أطاعني وأهين من هان عليه أمري فلقيه فقال له ما صنعت لم جئت بملكهم أسيرا ولم سقت مواشيهم قال إنما سقت المواشي لأقربها قال له أشمويل إن الله قد نزع من بيتك الملك ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة فأوحى الله إلى أشمويل انطلق
(1/281)
________________________________________
إلى إيشى فيعرض عليك بنيه فادهن الذي آمرك بدهن القدس يكن ملكا على بني إسرائيل فانطلق حتى أتى إيشى فقال اعرض علي بنيك فدعا إيشى أكبر ولده فأقبل رجل جسيم حسن المنظر فلما نظر إليه أشمويل أعجبه فقال الحمد لله إن الله بصير بالعباد فأوحى الله إليه إن عينيك تبصران ما ظهر وإني أطلع على ما في القلوب ليس بهذا فقال ليس بهذا اعرض علي غيره فعرض عليه ستة في كل ذلك يقول ليس بهذا اعرض علي غيره فقال هل لك من ولد غيرهم فقال بلى لي غلام أمغر وهو راع في الغنم قال أرسل إليه فلما أن جاء داود جاء غلام أمغر فدهنه بدهن القدس وقال لأبيه أكتم هذا فإن طالوت لو يطلع عليه قتله فسار جالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر وسار طالوت ببني إسرائيل وعسكر وتهيأوا للقتال فأرسل جالوت إلى طالوت لم يقتل قومي وقومك ابرز لي أو أبرز لي من شئت فإن قتلتك كان الملك لي وإن قتلتني كان الملك لك فأرسل طالوت في عسكره صائحا من يبرز لجالوت ثم ذكر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه وما كان من طالوت إلى داود
قال أبو جعفر وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان الله حول الملك له قبل قتله جالوت وقيل أن بكون من طالوت إليه ما كان من محاولته قتله وأما سائر من روينا عنه قولا في ذلك فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما قتل طالوت وولده
وقد حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق فيما ذكر لي بعض أهل العلم عن وهب بن منبه قال لما قتل داود جالوت وانهزم جنده قال الناس قتل داود جالوت وخلع طالوت وأقبل الناس على داود مكانه حتى لم يسمع لطالوت بذكر
قال ولما اجتمعت بنو إسرائيل على داود أنزل الله عليه الزبور وعلمه صنعة الحديد وألانه له وأمر الجبال والطير أن يسبحن معه إذا سبح ولم يعط الله فيما يذكرون أحدا من خلقه مثل صوته كان إذا قرأ الزبور فيما يذكرون ترنو له الوحوش حتى يؤخذ بأعناقها وإنها لمصيخة تسمع لصوته وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط والصنوج إلا على أصناف صوته وكان شديد الاجتهاد دائب العبادة كثير البكاء وكان كما وصفه الله عز و جل لنبيه محمد عليه السلام فقال واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ( 1 ) يعني بذلك ذا القوة
وقد حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب قال أعطي قوة في العبادة وفقها في الإسلام وقد ذكر لنا أن داود عليه السلام كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر وكان يحرسه فيما ذكر في كل يوم وليلة أربعة آلاف
حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي في قوله وشددنا ملكه قال كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف
وذكر أنه تمنى يوما من الأيام على ربه منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب وسأله أن يمتحنه بنحو الذي كان امتحنهم ويعطيه من الفضل نحو الذي كان أعطاهم
(1/282)
________________________________________
فحدثني محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط قال قال السدي كان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه لنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب أنه كان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فلما وجد ذلك فيما يقرأ من الكتب قال يا رب أرى الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم قال فأوحى الله إليه أن آباءك ابتلوا ببلايا لم تبتل بها ابتلي إبراهيم بذبح ابنه وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على ابنه يوسف وإنك لم تبتل من ذلك بشيء قال يا رب ابتلني بمثل ما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم قال فأوحى إليه إنك مبتلى فاحترس قال فمكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة من ذهب حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي قال فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فيبعث في أثره قال فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل النساء خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فألقت شعرها فاستترت به قال فزاده ذلك فيها رغبة قال فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا وأن زوجها غائب بمسلحة كذا وكذا قال فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره أن يبعث أهريا إلى عدو كذا وكذا قال فبعثه ففتح له قال وكتب إليه بذلك فكتب إليه أيضا أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا أشد منهم بأسا قال فبعثه ففتح له أيضا قال فكتب إلى داود بذلك قال فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا قال فبعثه قال فقتل المرة الثالثة قال وتزوج داود امرأته فلما دخلت عليه لم تلبث عنده إلا يسيرا حتى بعث الله ملكين في صورة إنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فوجداه في يوم عبادته فمنعهما الحرس أن يدخلا عليه فتسورا عليه المحراب قال فما شعر وهو يصلي إذا هو بهما بين يديه جالسين قال ففزع منهما فقالا لا تخف إنما نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يقول لا تحف واهدنا إلى سواء الصراط إلى عدل القضاء قال قصا علي قصتكما قال فقال أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ( 1 ) فهو يريد أن يأخذ نعجتي فيكمل بها نعاجه مائة قال فقال للآخر ما تقول فقال إن لي تسعا وتسعين نعجة ولأخي هذا نعجة واحدة فأنا أريد أن آخذها منه فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال ما أنت على ذلك بقادر قال فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد ذلك ضربنا منك هذا وهذا وفسر أسباط طرف الأنف والجبهة فقال يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأهريا إلا امرأة واحدة فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتل وتزوجت امرأته قال فنظر فلم ير شيئا قال فعرق ما قد وقع فيه وما ابتلي به قال فخر ساجدا فبكى قال فمكث يبكي ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه قال فأوحى الله عز و جل إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء أهريا يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في قبل
(1/283)
________________________________________
عرشك يقول يا رب سل هذا فيم قتلني قال فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أهريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال رب الآن علمت أنك قد غفرت لي قال فما استطاع أن يملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض
حدثني علي بن سهل قال حدثنا الوليد بن مسلم عن عبدالرحمن بن زيد بن جابر قال حدثني عطاء الخراساني قال نقش داود خطيئته في كفه لكيلا ينساها فكان إذا رآها خفقت يده واضطربت
وقد قيل إن سبب المحنة بما امتحن به أن نفسه حدثته أنه يطيق قطع يوم من الأيام بغير مقارفة سوء فكان اليوم الذي عرض له فيه ما عرض اليوم الذي ظن أنه يقطعه بغير اقتراف سوء
ذكر من قال ذلك
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن مطر عن الحسن أن داود جزأ الدهر أربعة أجزاء يوما لنسائه ويوما لعبادته ويوما لقضاء بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه ويبكيهم ويبكونه فلما كان يوم بني إسرائيل ذكروا فقالوا هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان يوم عبادته غلق أبوابه وأمر ألا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة فبينما هو يقرأها إذا حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها قال فطارت فوقعت غير بعيد من غير أن توئسه من نفسها قال فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه خلقها وحسنها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاده ذلك أيضا إعجابا بها وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا ( مكان إذا سار إليه لم يرجع ) قال ففعل فأصيب فخطبها فتزوجها قال وقال قتادة بلغنا أنها أم سليمان قال فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إذا أتوه يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض حتى بلغ ولا تشطط أي ولا تمل واهدنا إلى سواء الصراط أي أعدله وخيره إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة وكان لداود تسع وتسعون امرأة ولي نعجة واحدة قال وإنما كان للرجل امرأة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب أي ظلمني وقهرني قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه إلى وظن داود فعلم أنما أضمر له أي عني بذلك فخر راكعا وأناب ( 1 )
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن إدريس قال سمعت ليثا يذكر عن مجاهد قال لما أصاب داود الخطيئة خر لله ساجدا أربعين يوما حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطىرأسه ثم نادى يا رب قرح الجبين وجمدت العين وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء فنودي أجائع فتطعم أم مريض فتشفى أم مظلوم فينتصر لك قال فنحب نحبة هاج كل شيء كان نبت فعند ذلك غفر له وكانت خطيئته مكتوبة بكفه يقرأها وكان يؤتى بالإناء ليشرب فلا يشرب إلا ثلثه أو نصفه وكان يذكر خطيئته فينتحب النحبة تكاد مفاصله يزول بعضها عن بعض ثم ما يتم شربه حتى يملأ الإناء من دموعه وكان يقال إن دمعة داود تعدل دمعة الخلائق ودمعة آدم تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق قال وهو يجيء يوم
(1/284)
________________________________________
القيامة خطيئته مكتوبة بكفه فيقول رب ذنبي ذنبي قدمني قال فيقدم فلا يأمن فيقول رب أخرني قال فيؤخر فلا يأمن
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فأهم قطع على بني إسرائيل بعثا فأوصى صاحب البعث فقال إذا حضر العدو فقرب فلانا بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش فقتل زوج المرأة ونزل الملكان على داود يقصان عليه قصته ففطن داود فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه وأكلت الأرض من جبينه وهو يقول في سجوده فلم أحص من الرقاشي إلا هؤلاء الكلمات رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب رب إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثا في الخلوف من بعده فجاءه جبرئيل من بعد أربعين ليلة فقال يا داود إن الله قد غفر لك الهم الذي هممت به فقال داود قد علمت أن الله قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال يا رب دمي الذي عند داود فقال جبرئيل ما سألت ربك عن ذلك ولئن شئت لأفعلن قال نعم قال فعرج جبرئيل وسجد داود فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه فقال قل له يا داود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول هب لي دمك الذي عند داود فيقول هو لك يا رب فيقول فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا
ويزعم أهل الكتاب أن داود لم يزل قائما بالملك بعد طالوت إلى أن كان من أمره وأمر امرأة أوريا ما كان فلما واقع ما واقع من الخطيئة اشتغل بالتوبة منها فيما زعموا واستخف به بنو إسرائيل ووثب عليه ابن يقال له إيشى فدعا إلى نفسه فاجتمع إليه أهل الزيغ من بني إسرائيل قالوا فلما تاب الله على داود ثابت إليه ثائبة من الناس فحارب ابنه حتى هزمه ووجه في طلبه قائدا من قواده وتقدم إليه أن يتوقى حتفه ويتلطف لأسره فطلبه القائد وهو منهزم فاضطره إلى شجرة فركض فيها وكان ذا جمة فتعلق بعض أغصان الشجرة بشعره فحبسه ولحقه القائد فقتله مخالفا لأمر داود فحزن داود عليه حزنا شديدا وتنكر للقائد وأصاب بني إسرائيل في زمانه طاعون جارف فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس يدعون الله ويسألونه كشف ذلك البلاء عنهم فاستجيب لهم فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا وكان ذلك فيما قيل لإحدى عشرة سنة مضت من ملكه وتوفي قبل ان يستتم بناءه فأوصى إلى سليمان باستتمامه وقتل القائد الذي قتل أخاه فلما دفنه سليمان نفذ لأمره في القائد وقتله واستتم بناء المسجد
وقيل في بناء ذلك المسجد ما حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال حدثني إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم فعتب الله عليه ذلك وقال قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى عددهم فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع
(1/285)
________________________________________
ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ولا بالعدو ثلاثة أشهر فليس لهم بقية فإن كان لا بد فالموت بيده لا بيد غيره فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما عددهم فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون أنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء فقال داود هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يديك في الدماء فلست ببانيه ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء
فلما ملك سليمان بناءه وشرفه وكان عمر داود فيما وردت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مائة سنة وأما بعض أهل الكتب فإنه زعم أن عمره كان سبعا وسبعين سنة وأن مدة ملكه كانت أربعين سنة
(1/286)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
01-10-2012, 09:00 PM
ذكر خبر سليمان بن داود عليهما السلام
ثم ملك سليمان بن داود بعد أبيه داود أمر بني إسرائيل وسخر الله له الجن والإنس والطير والريح وآتاه مع ذلك النبوة وسأل ربه أن يؤتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فاستجاب الله له فأعطاه ذلك
كان فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه إذا خرج من بيته إلى مجلسه عكفت عليه الطير وقام له الإنس والجن حتى يجلس على سريره وكان فيما يزعمون أبيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس من الثياب البياض وكان أبوه في أيام ملكه بعد أن بلغ سليمان مبلغ الرجال يشاوره فيما ذكر في أموره وكان من شأنه وشأن أبيه داود الحكم في الغنم التي نفشت في حرث القوم الذين قص الله في كتابه خبرهم وخبرهما فقال وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ( 1 )
فحدثنا أبو كريب وهارون بن إدريس الأصم قالا حدثنا المحاربي عن أشعث عن أبي إسحاق عن مرة عن ابن مسعود في قوله وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم قال كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته قال فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان غير هذا يا نبي الله قال وما ذاك قال تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها فذلك قوله ففهمناها سليمان وكان رجلا غزاء لا يكاد يقعد عن الغزو وكان لا يسمع بملك في ناحية من الأرض إلا أتاه حتى يذله وكان فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق فيما يزعمون إذا أراد الغزو أمر بعسكره فضرب له بخشب ثم نصب له على الخشب ثم حمل عليه الناس والدواب وآلة الحرب كلها حتى إذا حمل معه ما يريد أمر العاصف من الريح فدخلت تحت ذلك الخشب فاحتملته حتى إذا استقلت به أمر الرخاء فمر به شهرا في روحته وشهرا في غدوته إلى حيث أراد يقول الله عز و جل فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ( 2 ) أي حيث أراد وقال الله ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر ( 3 )
(1/287)
________________________________________
قال وذكر لي أن منزلا بناحية دجلة مكتوب فيه كتاب كتبه بعض أصحاب سليمان إما من الجن وإما من الإنس نحن نزلناه وما بنيناه ومبينا وجدناه غدونا من إصطخر فقلناه ونحن رائحون منه إن شاء الله فبائتون بالشام
قال وكان فيما بلغني لتمر بعسكره الريح والرخاء تهوي به إلى ما أراد وإنها لتمر بالمزرعة فما تحركها
وقد حدثنا القاسم بن الحسن قال حدثني الحسين قال حدثني حجاج عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي قال بلغنا أن سليمان كان عسكره مائة فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة صريحة وسبعمائة سرية فأمر الريح العاصف فرفعته وأمر الرخاء فسيرته فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض أني قد زدت في ملكك أنه لا يتكلم أحد من الخلائق إلا جاءت به الريح وأخبرتك
حدثني أبو السائب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان سليمان بن داود يوضع له ستمائة كرسي ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون مما يليه ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي الإنس قال ثم يدعو الطير فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم قال فتسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر
(1/288)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
01-10-2012, 09:47 PM
ذكر ما انتهى إلينا من مغازي سليمان عليه السلام
فمن ذلك غزوته التي راسل فيها بلقيس وهي فيما يقول أهل الأنساب يلمقة ابنة اليشرح ويقول بعضهم ابنة أيلي شرح ويقول بعضهم ابنة ذي شرح بن ذي جدن بن أيلي شرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ثم صارت إليه سلما بغير حرب ولا قتال وكان سبب مراسلته إياها فيما ذكر أنه فقد الهدهد يوما في مسير كان يسيره واحتاج إلى الماء فلم يعلم من حضره بعده وقيل له علم ذلك عند الهدهد فسأل عن الهدهد فلم يجده وقال بعضهم بل إنما سأل سليمان عن الهدهد لإخلاله بالنوبة
فكان من حديثه وحديث مسيره ذلك وحديث بلقيس ما حدثني العباس بن الوليد الآملي قال حدثنا علي بن عاصم قال حدثنا عطاء بن السائب قال حدثني مجاهد عن ابن عباس قال كان سليمان بن داود إذا سافر أو أراد سفرا قعد على سريره ووضعت الكراسي يمينا وشمالا فيأذن للإنس ثم يأذن للجن عليه بعد الإنس فيكونون خلف الإنس ثم يأذن للشياطين بعد الجن فيكونون خلف الجن ثم يرسل إلى الطير فتظلهم من فوقهم ثم يرسل إلى الريح فتحملهم وهو على سريره والناس على الكراسي فتسير بهم غدوها شهر ورواحها شهر رخاء حيث اصاب ليس بالعاصف ولا اللين وسطا بين ذلك فبينما سليمان يسير وكان سليمان اختار من كل طير طيرا فجعله رأس تلك الطير فإذا أراد أن يسائل شيئا من تلك الطير عن شيء سأل رأسها فبينما سليمان يسير إذ نزل مفازة فسأل عن بعد الماء ها هنا فقال الإنس لا ندري فسأل الجن فقالوا لا ندري فسأل الشياطين فقالوا لا ندري فغضب سليمان فقال لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء هاهنا قال فقالت له الشياطين يا رسول الله لا تغضب فإن يك شيئا يعلم فالهدهد يعلمه فقال سليمان علي بالهدهد فلم يوجد فغضب سليمان فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ( 1 ) يقول بعذر مبين لم غاب عن مسيري هذا وكان عقابه للطير أن ينتف ريشه ويشمسه فلا يستطيع أن يطير ويكون من هوام الأرض إن أراد ذلك أو يذبحه فكان ذلك عذابه
قال ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى بستانا لها خلف قصرها فمال إلى الخضرة فوقع عليها فإذا هو بهدهد لها في البستان فقال هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع ها هنا قال له هدهد
(1/289)
________________________________________
بلقيس ومن سليمان فقال بعث الله رجلا يقال له سليمان رسولا وسخر له الريح والجن والإنس والطير قال فقال له هدهد بلقيس أي شيء تقول قال أقول لك ما تسمع قال إن هذا لعجب وأعجب من ذاك أن كثرة هؤلاء القوم تملكهم امرأة أوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم جعلوا الشكر لله أن يسجدوا للشمس من دون الله قال وذكر الهدهد سليمان فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير وقالوا توعدك رسول الله فأخبروه بما قال قال وكان عذاب سليمان للطير أن ينتف ريشه ويشمسه فلا يطير أبدا فيصير من هوام الأرض أو يذبحه فلا يكون له نسل أبدا قال فقال الهدهد أو ما استثنى رسول الله قالوا بل قال أو ليأتيني بعذر مبين قال فلما أتى سليمان قال ما غيبك عن مسيري قال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين حتى بلغ فانظر ماذا يرجعون ( 1 ) قال فاعتل له بشيء وأخبره عن بلقيس وقومها ما أخبره الهدهد فقال له سليمان قد اعتللت سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ( 2 ) قال فوافقها وهي في قصرها فألقى إليها الكتاب فسقط في حجرها أنه كتاب كريم وأشفقت منه فأخذته وألقت عليه ثيابها وأمرت بسريرها فأخرج فخرجت فقعدت عليه ونادت في قومها فقالت لهم يأيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ( 3 ) ولم أكن لأقطع أمرا حتى تشهدون قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين إلى وإني مرسلة إليهم بهدية ( 4 ) فإن قبلها فهذا ملك من ملوك الدنيا وأنا أعز منه وأقوى وإن لم يقبلها فهذا شيء من الله
فلما جاء سليمان الهدية قال لهم سليمان أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم إلى قوله وهم صاغرون ( 5 ) يقول وهم غير محمودين قال بعثت إليه بخرزة غير مثقوبة فقالت اثقب هذه قال فسأل سليمان الإنس فلم يكن عندهم علم ذاك ثم سأل الجن فلم يكن عندهم علم ذاك قال فسأل الشياطين فقالوا ترسل إلى الأرضة فجاءت الأرضة فأخذت شعرة في فيها فدخلت فيها فنقبتها بعد حين فلما رجع إليها رسولها خرجت فزعة في أول النهار من قومها وتبعها قومها قال ابن عباس وكان معها ألف قيل
قال ابن عباس أهل اليمن يسمون القائد قيلا مع كل قيل عشرة آلاف قال العباس قال علي عشرة آلاف ألف
قال العباس قال علي فأخبرنا حصين بن عبدالرحمن قال حدثني عبدالله بن شداد بن الهاد قال فأقبلت بلقيس إلى سليمان ومعها ثلثمائة قيل واثنا عشر قيلا مع كل قيل عشرة آلاف
قال عطاء عن مجاهد عن ابن عباس وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه فقال ما هذا قالوا بلقيس يا رسول الله قال وقد نزلت منا بهذا المكان قال مجاهد فوصف لنا ذلك ابن عباس فحزرته ما بين الكوفة والحيرة قدر
(1/290)
________________________________________
فرسخ قال فأقبل على جنوده فقال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك الذي أنت فيه إلى الحين الذي تقوم إلى غدائك قال قال سليمان من يأتيني به قبل ذلك قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره على العرش فرأى سريرها قد خرج ونبع من تحت كرسيه فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر إذ أتاني به قبل أن يرتد إلي طرفي أم أكفر إذ جعل من تحت يدي أقدر على المجيء به مني قال فوضعوا لها عرشها قال فلما جاءت قعدت إلى سليمان قيل لها أهكذا عرشك فنظرت إليه فقالت كأنه هو ( 1 ) ثم قالت لقد تركته في حصوني وتركت الجنود محيطة به فكيف جيء بهذا يا سليمان إني أريد أن أسألك عن شيء فأخبرنيه قال سلي قالت أخبرني عن ماء رواء لا من سماء ولا من أرض قال وكان إذا جاء سليمان شيء لا يعلمه بدأ فسأل الإنس عنه فإن كان عند الإنس فيه علم وإلا سأل الجن فإن لم يكن عند الجن علم به سأل الشياطين قال فقالت له الشياطين ما أهون هذا يا رسول الله مر الخيل فلتجر ثم تملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان عرق الخيل قالت صدقت قالت أخبرني عن لون الرب قال قال ابن عباس فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا قال العباس قال علي فأخبرني عمرو بن عبيد عن الحسن قال صعق فغشي عليه فخر عن سريره
ثم رجع إلى حديثه قال فقامت عنه وتفرقت عنه جنوده وجاءه الرسول فقال يا سليمان يقول لك ربك ما شأنك قال سألتني عن أمر يكابرني أو يكابدني أن أعيده قال فإن الله يأمرك أن تعود إلى سريرك فتقعد عليه وترسل إليها وإلى من حضرها من جنودها وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروا فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال ففعل فلما حضروا عليه جميعا قال لها عم سألتني قالت سألتك عن ماء رواء لا من سماء ولا من أرض قال قلت لك عرق الخيل قالت صدقت قال وعن أي شيء سألتني قالت ما سألتك عن شيء غير هذا قال قال لها سليمان فلأي شيء خررت عن سريري قالت قد كان ذاك لشيء لا أدري ما هو قال العباس قال علي نسيته قال فسأل جنودها فقالوا مثل ما قالت قال فسأل جنوده من الإنس والجن والطير وكل شيء كان حضره من جنوده فقالوا ما سألتك يا رسول الله إلا عن ماء رواء قال وقد كان قال له الرسول يقول الله لك عد إلى مكانك فإني قد كفيتكم قال وقال سليمان للشياطين ابنوا لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس قال فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا سليمان رسول الله قد سخر الله له ما سخر وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غلاما فلا ننفك من العبودية أبدا
قال وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت الشياطين ابنوا له بنيانا ليرى ذلك منها فلا يتزوجها فبنوا له صرحا من قوارير أخضر وجعلوا له طوابيق من قوارير كأنه الماء وجعلوا في باطن الطوابيق كل شيء يكون من الدواب في البحر من السمك وغيره ثم أطبقوه ثم قالوا لسليمان ادخل الصرح قال فألقي لسليمان كرسي في أقصى الصرح فلما دخله ورأى ما رأى أتى الكرسي فقعد عليه ثم قال أدخلوا علي بلقيس فقيل
(1/291)
________________________________________
لها ادخلي الصرح فلما ذهبت تدخله رأت صورة السمك وما يكون في الماء من الدواب فحسبته لجة ( حسبته ماء ) وكشفت عن ساقيها لتدخل وكان شعر ساقيها ملتويا على ساقيها فلما رآها سليمان ناداها وصرف بصره عنها إنه صرح ممرد من قوارير فألقت ثوبها فقالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ( 1 ) قال فدعا سليمان الإنس فقال ما أقبح هذا ما يذهب هذا قالوا يا رسول الله الموسى قال المواسي تقطع ساقي المرأة قال ثم دعا الجن فسألهم فقالوا لا ندري ثم دعا الشياطين فقال ما يذهب هذا قالوا مثل ذلك الموسى فقال المواسي تقطع ساقي المرأة قال فتلكئوا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس فإنه لأول يوم رئيت فيه النورة فاستنكحها سليمان
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه قال لما رجعت الرسل إلى بلقيس بما قال سليمان قالت قد والله عرفت ما هذا بملك وما لنا به من طاقة وما نصنع بمكاثرته شيئا وبعثت إليه أني قادمة عليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك وما تدعو إليه من دينك ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض ثم أقفلت على الأبواب وكانت إنما تخدمها النساء معها ستمائة امرأة تخدمها ثم قالت لمن خلفت على سلطانها احتفظ بما قبلك وسرير ملكي فلا يخلص إليه أحد ولا يرينه حتى آتيك ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل معها من ملوك اليمن تحت يد كل قيل منهم ألوف كثيرة فجعل سليمان يبعث الجن فيأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ممن تحت يديه فقال يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ( 2 ) قال وأسلمت فحسن إسلامها قال فزعم أن سليمان قال لها حين أسلمت وفرغ من أمرها اختاري رجلا من قومك أزوجكه قالت ومثلي يا نبي الله ينكح الرجال وقد كان لي في قومي من الملك والسلطان ما كان لي قال نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك ولا ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله لك فقالت زوجني إن كان لا بد ذا تبع ملك همدان فزوجه إياها ثم ردها إلى اليمن وسلط زوجها ذا تبع على اليمن ودعا زوبعة أمير جن اليمن فقال اعمل لذي تبع ما استعملك لقومه قال فصنع لذي تبع الصنائع باليمن ثم لم يزل بها ملكا يعمل له فيها ما أراد حتى مات سليمان بن داود عليه السلام
فلما حال الحول وتبينت الجن موت سليمان أقبل رجل منهم فسلك تهامة حتى إذا كان في جوف اليمن صرخ بأعلى صوته يا معشر الجن إن الملك سليمان قد مات فارفعوا أيديكم قال فعمدت الشياطين إلى حجرين عظيمين فكتبوا فيهما كتابا بالمسند نحن بنينا سلحين سبعة وسبعين خريفا دائبين وبنينا صرواح ومراح وبينون برحاضة أيدين وهندة وهنيدة وسبعة أمجلة بقاعة وتلثوم بريدة ولولا صارخ بتهامة لتركنا بالبون إمارة
قال وسلحين وصرواح ومراح وبينون وهندة وهنيدة وتلثوم حصون كانت باليمن عملتها الشياطين لذي تبع ثم رفعوا أيديهم ثم انطلقوا وانقضى ملك ذي تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان بن داود عليهما السلام
(1/292)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
01-10-2012, 10:16 PM
ذكر غزوته أبا زوجته جرادة وخبر الشيطان الذي أخذ خاتمه
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن بعض العلماء قال قال وهب بن منبه سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون بها ملك عظيم السلطان لم يكن للناس إليه سبيل لمكانه في البحر وكان الله قد آتى سليمان في ملكه سلطانا لا يمتنع منه شيء في بر ولا بحر إنما يركب إليه إذا ركب على الريح فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء حتى نزل بها بجنوده من الجن والإنس فقتل ملكها واستفاء ما فيها وأصاب فيما أصاب ابنة لذلك الملك لم ير مثلها حسنا وجمالا فاصطفاها لنفسه ودعاها إلى الإسلام فأسلمت على جفاء منها وقلة ثقة وأحبها حبا لم يحبه شيئا من نسائه ووقعت نفسه عليها فكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها ولا يرقأ دمعها فقال لها لما رآى ما بها وهو يشق عليه من ذلك ما يرى ويحك ما هذا الحزن الذي لا يذهب والدمع الذي لا يرقأ قالت إن أبي أذكره وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه فيحزنني ذلك قال فقد أبدلك الله به ملكا هو أعظم من ملكه وسلطانا هو أعظم من سلطانه وهداك للإسلام وهو خير من ذلك كله قالت إن ذلك لكذلك ولكني إذا ذكرته أصابني ما قد ترى من الحزن فلو أنك أمرت الشياطين فصوروا صورة أبي في داري التي أنا فيها أراها بكرة وعشيا لرجوت أن يذهب ذلك حزني وأن يسلي عني بعض ما أجد في نفسي فأمر سليمان الشياطين فقال مثلوا لها صورة أبيها في دارها حتى ما تنكر منه شيئا فمثلوه لها حتى نظرت إلى أبيها في نفسه إلا أنه لا روح فيه فعمدت إليه حين صنعوه لها فأزرته وقمصته وعممته وردته بمثل ثيابه التي كان يلبس مثل ما كان يكون فيه من هيئة ثم كانت إذا خرج سليمان من دارها تغدو عليه في ولائدها حتى تسجد له ويسجدن له كما كانت تصنع به في ملكه وتروح كل عشية بمثل ذلك لا يعلم سليمان بشيء من ذلك أربعين صباحا وبلغ ذلك آصف بن برخيا وكان صديقا وكان لا يرد عن أبواب سليمان أي ساعة أراد دخول شيء من بيوته دخل حاضرا كان سليمان أو غائبا فأتاه فقال يا نبي الله كبرت سني ودق عظمي ونفد عمري وقد حان مني ذهاب وقد أحببت أن أقوم مقاما قبل الموت أذكر فيه من مضى من أنبياء الله وأثني عليهم بعلمي فيهم وأعلم الناس بعض ما كانوا يجهلون من كثير من أمورهم فقال افعل فجمع له سليمان الناس فقام فيهم خطيبا فذكر من مضى من أنبياء الله فاثنى على كل نبي بما فيه وذكر ما فضله الله به حتى انتهى إلى سليمان وذكره فقال ما كان أحلمك في صغرك وأورعك في صغرك وأفضلك في صغرك وأحكم أمرك في صغرك وأبعدك من كل ما يكره في صغرك ثم انصرف فوجد سليمان في نفسه حتى ملأه غضبا فلما دخل سليمان داره أرسل إليه
(1/293)
________________________________________
فقال يا آصف ذكرت من مضى من أنبياء الله فأثنيت عليهم خيرا في كل زمانهم وعلى كل حال من أمرهم فلما ذكرتني جعلت تثني علي بخير في صغري وسكت عما سوى ذلك من أمري في كبري فما الذي أحدثت في آخر أمري قال إن غير الله ليعبد في دارك منذ أربعين صباحا في هوى امرأة فقال في داري فقال في دارك قال إنا لله وإنا إليه راجعون لقد عرفت أنك ما قلت إلا عن شيء بلغك ثم رجع سليمان إلى داره فكسر ذلك الصنم وعاقب تلك المرأة وولائدها ثم أمر بثباب الطهرة فأتي بها وهي ثياب لا يغزلها إلا الأبكار ولا ينسجها إلا الأبكار ولا يغسلها إلا الأبكار ولا تمسها امرأة قد رأت الدم فلبسها ثم خرج إلى فلاة من الأرض وحده فأمر برماد ففرش له ثم أقبل تائبا إلى الله حتى جلس على ذلك الرماد فتمعك فيه بثيابه تذللا لله جل وعز وتضرعا إليه يبكي ويدعو ويستغفر مما كان في داره ويقول فيما يقول فيما ذكر لي والله أعلم رب ماذا ببلائك عند آل داود أن يعبدوا غيرك وأن يقروا في دورهم وأهاليهم عبادة غيرك فلم يزل كذلك يومه حتى أمسى يبكي إلى الله ويتضرع إليه ويستغفره ثم رجع إلى داره وكانت أم ولد له يقال لها الأمينة كان إذا دخل مذهبه أو أراد إصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه عندها حتى يتطهر وكان لا يمس خاتمه إلا وهو طاهر وكان ملكه في خاتمه فوضعه يوما من تلك الأيام عندها كما كان يضعه ثم دخل مذهبه وأتاها الشيطان صاحب البحر وكان اسمه صخرا في صورة سليمان لا تنكر منه شيئا فقال خاتمي يا أمينة فناولته إياه فجعله في يده ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان وعكفت عليه الطير والجن والإنس وخرج سليمان فأتى الأمينة وقد غيرت حالته وهيأته عند كل من رآه فقال يا أمينة خاتمي فقالت ومن أنت قال أنا سليمان بن داود فقالت كذبت لست بسليمان بن داود وقد جاء سليمان فأخذ خاتمه وهو ذاك جالس على سريره في ملكه فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته فخرج فجعل يقف على الدار من دور بني إسرائيل فيقول أنا سليمان بن داود فيحثون عليه التراب ويسبونه ويقولون أنظروا إلى هذا المجنون أي شيء يقول يزعم أنه سليمان بن داود فلما رأى سليمان ذلك عمد إلى البحر فكان ينقل الحيتان لأصحاب البحر إلى السوق فيعطونه كل يوم سمكتين فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة وشوى الأخرى فأكلها فمكث بذلك أربعين صباحا عدة ما عبد ذلك الوثن في داره فأنكر آصف بن برخيا وعظماء بني إسرائيل حكم عدو الله الشيطان في تلك الأربعين صباحا فقال آصف يا معشر بني إسرائيل هل رأيتم من اختلاف حكم ابن داود ما رأيت قالوا نعم قال أمهلوني حتى أدخل على نسائه فأسألهن هل أنكرن منه في خاصة أمره ما أنكرنا في عامة أمر الناس وعلانيته فدخل على نسائه قال ويحكن هل أنكرتن من أمر ابن داود ما أنكرنا فقلن أشده ما يدع امرأة منا في دمها ولا يغتسل من جنابة فقال إنا لله وإنا إليه راجعون إن هذا لهو البلاء المبين ثم خرج إلى بني إسرائيل فقال ما في الخاصة أعظم مما في العامة فلما مضى أربعون صباحا طار الشيطان عن مجلسه ثم مر بالبحر فقذف الخاتم فيه فبلعته سمكة وبصر بعض الصيادين فأخذها وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك حتى إذا كان العشي أعطاه سمكتيه فأعطى السمكة التي أخذت الخاتم ثم خرج سليمان بسمكتيه فبيع التي ليس في بطنها الخاتم بالأرغفة ثم عمد إلى السمكة الأخرى فبقرها ليشويها فاستقبله خاتمه في جوفها فأخذه فجعله في يده ووقع ساجدا لله وعكف عليه الطير والجن وأقبل عليه الناس وعرف أن الذي دخل عليه لما كان أحدث في داره فرجع إلى ملكه وأظهر التوبة من ذنبه وأمر الشياطين فقال ائتوني به فطلبته له الشياطين حتى أخذوه فأتى به فجاب له صخرة فأدخله
(1/294)
________________________________________
فيها ثم سد عليه بأخرى ثم أوثقها بالحديد والرصاص ثم أمر به فقذف في البحر
حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي في قوله ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ( 1 ) قال الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما قال كان لسليمان مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهي آثر نسائه عنده وآمنهن عنده وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولا يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام فقالت له إن أخي بينه وبين فلان خصومة وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك فقال نعم ولم يفعل فابتلي فأعطاها خاتمه ودخل المحرج فخرج الشيطان في صورته فقال هاتي الخاتم فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان بعد فسألها أن تعطيه خاتمه فقالت ألم تأخذه قبل قال لا وخرج من مكانه تائها قال ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما قال فأنكر الناس أحكامه فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم وجاؤوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا إنا قد أنكرنا هذا فإن كان سليمان فقد ذهب عقله وأنكرنا أحكامه قال فبكى النساء عند ذلك قال فأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا فقرأوا التوراة قال فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر قال وأقبل سليمان في حاله التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع وقد اشتد جوعه فاستطعمه من صيدهم وقال إني أنا سليمان فقام إليه بعضهم فضربه بعصا فشجه قال فجعل يغسل دمه وهو على شاطىء البحر فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه وقالوا بئس ما صنعت حيث ضربته قال إنه زعم أنه سليمان قال فأعطوه سمكين مما قد ضرب عندهم فلم يشغله ما كان به من الضرب حتى قام على شط البحر فشق بطونهما وجعل يغسلهما فوجد خاتمه في بطن إحداهما فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه وجاءت الطير حتى حامت عليه فعرف القوم أنه سليمان فقام القوم يعتذرون مما صنعوا فقال ما أحمدكم على عذركم ولا ألومكم على ما كان منكم كان هذا الأمر لا بد منه
قال فجاء حتى أتى ملكه فأرسل إلى الشيطان فجيء به وسخرت له الريح والشياطين يومئذ ولم تكن سخرت له قبل ذلك وهو قوله وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب ( 2 )
وبعث إلى الشيطان فأتى به فأمر به فجعل في صندوق حديد ثم أطبق عليه وأقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمر به فألقي في البحر فهو فيه حتى تقوم الساعة وكان اسمه حبقيق
قال أبو جعفر ثم لبث سليمان بن داود في ملكه بعد أن رده الله إليه تعمل له الجن ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات وغير ذلك من أعماله ويعذب من الشياطين من شاء ويطلق من أحب منهم إطلاقه حتى إذا دنا أجله وأراد الله قبضه إليه كان من أمره فيما بلغني ما حدثني به أحمد بن منصور قال حدثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال كان سليمان نبي الله إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه
(1/295)
________________________________________
فيقول لها ما اسمك فتقول كذا وكذا فيقول لأي شيء أنت فإن كانت لغرس غرست إن كانت لدواء كتبت فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها ما اسمك قالت الخروب قال لأي شيء أنت قالت لخراب هذا البيت فقال سليمان اللهم عم علي الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا ميتا والجن تعمل فأكلتها الأرضة فسقط فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين
قال وكان ابن عباس يقرأها حولا في العذاب المهين قال فشكرت الجن الأرضة فكانت تأتيها بالماء
حدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي في حديث ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال كان سليمان يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر يدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي مات فيها فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسألها ما اسمك فتقول الشجرة اسمي كذا وكذا فيقول لها لأي شيء نبت فتقول نبت لكذا وكذا فيأمر بها فتقطع فإن كانت نبتت لغرس غرسها وإن كانت نبتت دواء قالت نبت دواء لكذا وكذا فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة فسألها ما اسمك قالت أنا الخروبة قال ولأي شيء نبت قالت نبت لخراب هذا المسجد قال سليمان ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها وغرسها في حائط له ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات ولا تعلم به الشياطين وهم في ذلك يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب وكان المحراب له كوى بين يديه وخلفه فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول ألست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر فدخل شيطان من اولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق ولم يسمع صوت سليمان ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فوقف في البيت فلم يحترق ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته وهي العصا بلسان الحبشة قد أكلتها الأرضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة ثم حسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة وهي في قراءة ابن مسعود فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبونهم ولو أنهم علموا الغيب لعلموا موت سليمان ولم يلبثوا في العذاب سنة يعملون له وذاك قول الله عز و جل ما دلهم على موته إلا دابة الأرض إلى قوله في العذاب المهين يقول بين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم ثم إن الشياطين قالوا للأرضة لو كنت تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ولكنا سننقل إليك الماء والطين قال فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت قال ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين شكرا لها
وكان جميع عمر سليمان بن داود فيما ذكر نيفا وخمسين سنة وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر
(1/296
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
01-10-2012, 11:12 PM
ذكر من ملك إقليم بابل والمشرق من ملوك الفرس بعد كيقباذ
قال أبو جعفر ونرجع الآن إلى الخبر عمن ملك إقليم بابل والمشرق من ملوك الفرس بعد كيقباذ
وملك بعد كيقباذ بن زاغ بن يوجياه كيقاوس بن كيبيه بن كيقباذ الملك فذكر أنه قال يوم ملك إن الله تعالى إنما خولنا الأرض وما فيها لنسعى فيها بطاعته وأنه قتل جماعة من عظماء البلاد التي حوله وحمى بلاده ورعيته ممن حواليهم من الأعداء أن يتناولوا منها شيئا وأنه كان يسكن بلخ وأنه ولد له ابن لم ير مثله في عصره في جماله وكماله وتمام خلقه فسماه سياوخش وضمه إلى رستم الشديد بن دستان بن بريمان بن جودنك بن كرشاسب بن أثرط بن سهم بن نريمان
وكان إصبهذ سجستان وما يليه من قبله يربيه ويكفله وأوصاه به فأخذه منه رستم فمضى به معه إلى موضع عمله سجستان فرباه رستم ولم يزل في حجره يجمع له وهو طفل الحواضن والمرضعات ويتخيرهن له حتى إذا ترعرع جمع له المعلمين فتخير له منهم من اختاره لتعليمه حتى إذا قدر على الركوب علمه الفروسية حتى إذا تكاملت فيه فنون الآداب وفاق في الفروسية قدم به على والده رجلا كاملا فامتحنه والده كيقاوس فوجده نافذا في كل ما أراد بارعا فسر به وكان كيقاوس تزوج فيما ذكر ابنة فراسياب ملك الترك وقيل بل إنها بنت ملك اليمن وكان يقال له سوذابة وكانت ساحرة فهويت سياوخش ودعته إلى نفسها وأنه امتنع عليها وذكرت لها ولسياوخش قصة يطول بذكرها الكتاب غير أن آخر أمرهما صار في ذلك فيما ذكر لي أن سوذابه لم تزل لما رأت من امتناع سياوخش عليها فيما أرادت منه من الفاحشة بأبيه كيقاوس حتى أفسدته عليه وتغير لابنه سياوخش فسأل سياوخش رستم أن يسأل أباه كيقاوس توجيهه لحرب فراسياب لسبب منعه بعض ما كان ضمن له عند إنكاحه ابنته إياه وصلح جرى بينه وبينه مريدا بذلك سياوخش البعد عن والده كيقاوس والتنحي عما تكيد به عنده زوجته سوذابه ففعل ذلك رستم واستأذن له أباه فيما سأله وضم إليه جندا كثيفا فشخص إلى بلاد الترك للقاء فراسياب فلما صار إليه سياوخش جرى بينهما صلح وكتب بذلك سياوخش إلى أبيه يعلمه ما جرى بينه وبين فراسياب من الصلح فكتب إليه والده يأمره بمناهضة فراسياب ومناجزته الحرب إن هو لم يذعن له بالوفاء بما كان فارقه عليه فرأى سياوخش أن في فعله ما كتب به إليه أبوه من محاربة فراسياب بعد الذي جرى بينه وبينه من الصلح والهدنة من غير نقض فراسياب شيئا من أسباب ذلك عليه عارا ومنقصة ومأثما فامتنع من إنفاذ أمر أبيه في ذلك ورأى في نفسه أنه يؤتى في كل ذلك من زوجة أبيه التي دعته إلى نفسها فامتنع عليها ومال إلى الهرب من أبيه فراسل فراسياب في أخذ الأمان لنفسه منه
(1/297)
________________________________________
واللحاق به وترك والده فأجابه فراسياب إلى ذلك وكان السفير بينهما في ذلك فيما قيل رجلا من الترك من عظمائهم يقال له فيران بن ويسغان فلما فعل ذلك سياوخش انصرف عنه من كان معه من جند أبيه كيقاوس
فلما صار سياوخش إلى فراسياب بوأه وأكرمه وزوجه ابنة له يقال لها وسفافريد وهي أم كيخسرونة ثم لم يزل له مكرما حتى ظهر له أدب سياوخش وعقله وكماله وفروسيته ونجدته ما أشفق على ملكه منه فأفسده ذلك عنده وزاده فسادا عليه سعي ابنين له وأخ يقال له كندر بن فشنجان عليه بإفساد أمر سياوخش عنده حسدا منهم له وحذرا على ملكهم منه حتى مكنهم من قتله فذكر في سبب وصولهم إلى قتله أمر يطول بشرحه الخطب إلا أنهم قتلوه ومثلوا به وامرأته ابنة فراسياب حامل منه بابنه كيخسرونة فطلبوا الحيلة لإسقاطها ما في بطنها فلم يسقط وان فيران الذي سعى في عقد الصلح بين فراسياب وسياوخش لما صح عنده ما فعل فراسياب من قتله سياوخش أنكر ذلك من فعله وخوفه عاقبة الغدر وحذره الطلب بالثأر من والده كيقاوس ومن رستم وسأله دفع ابنته وسفافريد إليه لتكون عنده إلى أن تضع ما في بطنها ثم يقتله
ففعل ذلك فراسياب فلما وضعت رق فيران لها وللمولود فترك قتله وستر أمره حتى بلغ المولود فوجه فيما ذكر كيقاوس إلى بلاد الترك بي بن جوذرز وأمره بالبحث عن المولود الذي ولدته زوجة ابنه سياوخش والتأتي لإخراجه إليه إذا وقف على خبره مع أمه وأن بيا شخص لذلك فلم يزل يفحص عن أمر ذلك المولود متنكرا حينا من الزمان فلا يعرف له خبر ولا يدله عليه أحد
ثم وقف بعد ذلك على خبره فاحتال فيه وفي أمه حتى أخرجهما من أرض الترك إلى كيقاوس وقد كان كيقاوس فيما ذكر حين اتصل به قتل ابنه أشخص جماعة من رؤساء قواده منهم رستم بن دستان الشديد وطوس بن نوذران وكانا ذوي بأس ونجدة فأثخنا الترك قتلا وأسرا وحاربا فراسياب حربا شديدة وأن رست قتل بيده شهر وشهرة ابني فراسياب وأن طوسا قتل بيده كندر أخا فراسياب
وذكر أن الشياطين كانت مسخرة لكيقاوس فزعم بعض أهل العلم بأخبار المتقدمين أن ال شياطين الذين كانوا سخروا له إنما كانوا يطيعونه عن أمر سليمان بن داود إياهم بطاعته وأن كيقاوس أمر الشياطين فنوا له مدينة سماها كنكدر ويقال قيقذون وكان طولها فيما زعموا ثمانمائة فرسخ وأمرهم فضربوا عليها سورا من صفر وسورا من شبه وسورا من نحاس وسورا من فخار وسورا من فضة وسورا من ذهب وكانت الشياطين تنقلها ما بين السماء والأرض وما فيها من الدواب والخزائن والأموال والناس وذكروا أن كيقاوس كان لا يحدث وهو يأكل ويشرب
ثم إن الله تعالى بعث إلى المدينة التي بناها كذلك من يخربها فأمر كيقاوس شياطينه بمنع من قصد لتخريبها فلم يقدروا على ذلك فلما رأى كيقاوس الشياطين لا تطيق الدفع عنها عطف عليها فقتل رؤساءها وكان كيقاوس فيما أذكر مظفرا لا يناوئه أحد من الملوك إلا ظفر عليه وقهره ولم يزل ذلك أمره حتى حدثته نفسه لما كان أتى من العز والملك وأنه لا يتناول شيئا إلا وصل إليه بالصعود إلى السماء
فحدثت عن هشام بن محمد أنه شخص من خراسان حتى نزل بابل وقال ما بقي شيء من الأرض إلا وقد ملكته ولا بد من أن أعرف أمر السماء والكواكب وما فوقها وأن الله أعطاه قوه ارتفع بها ومن معه في الهواء
(1/298)
________________________________________
حتى انتهوا إلى السحاب ثم إن الله سلبهم تلك القوة فسقطوا فهلكوا وأفلت بنفسه وأحدث يومئذ وفسد عليه ملكه وتمزقت الأرض وكثرت الملوك في النواحي فصار يغزوهم ويغزونه فيظفر مرة وينكب أخرى
قال فغزا بلاد اليمن والملك بها يومئذ ذو الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الرائش فلما ورد بلاد اليمن خرج عليه ذو الأذعار بن أبرهة وكان قد أصابه الفالج فلم يكن يغزو قبل ذلك بنفسه قال فلما أظله كيقاوس ووطىء بلاده في جموعه خرج بنفسه في جموع حمير وولد قحطان فظفر بكيقاوس فأسره واستباح عسكره وحبسه في بئر وأطبق عليه طبقا قال وخرج من سجستان رجل يقال له رستم كان جبارا قويا فيمن أطاعه من الناس قال فزعمت الفرس أنه دخل بلاد اليمن واستخرج قبوس من محبسه وهو كيقاوس قال وزعم أهل اليمن أنه لما بلغ ذا الأذعار إقبال رستم خرج في جنوده وعدده وخندق كل واحد منهما على عسكره وأنهما أشفقا على جنديهما من البوار وتخوفا إن تزحفا ألا تكون لهما بقية فاصطلحا علىدفع كيقاوس إلى رستم ووضع الحرب فانصرف رستم بكيقوس إلى بابل وكتب كيقاوس لرستم عتقا من عبودة الملك وأقطعه سجستان وزابلستان وأعطاه قلنسوة منسوجة بالذهب وتوجه وأمره أن يجلس على سرير من فضة قوائمه من ذهب فلم تزل تلك البلاد بيد رستم حتى هلك كيقاوس وبعد دهرا طويلا
قال وكان ملكه مائة وخمسين سنة
وزعم علماء الفرس أن أول من سود لباسه على وجه الحداد شادوس بن جودرز على سياوخش وأنه فعل ذلك يوم ورد على كيقاوس نعي ابنه سياوخش وقتل فراسياب إياه وعدره به وأنه دخل على كيقاوس وقد لبس السواد فأعلمه أنه فعل ذلك لأن يومه يوم إظلام وسواد
وقد حقق ما ذكر ابن الكلبي من أسر صاحب اليمن قابوس الحسن بن هانىء في شعر له فقال ... وقاظ قابوس في سلاسلنا ... سنين سبعا وفت لحاسبها ...
ثم ملك من بعد كيقاوس ابن ابنه كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس بن كيبيه بن كيقباذ
وكان كيقاوس حين صار به وبأمه وسفافريد ابنة فراسياب وربما قيل وسففره بي بن جوذرز إليه من بلاد الترك ملكه فلما قام بالملك بعد جده كيقاوس وعقد التاج على رأسه خطب رعيته خطبة بلغة أعلمهم فيها أنه على الطلب بدم أبيه سياوخش قبل فراسياب التركي ثم كتب إلى جوذرز الأصبهبذ كان بأصبهان ونواحي خراسان يأمره بالمصير إليه فلما صار إليه أعلمه ما عزم عليه من الطلب بثأره من قتل والده وأمره بعرض جنده وانتخاب ثلاثين ألف رجل منهم وضمهم إلى طوس بن نوذران ليتوجه بهم إلى بلاد الترك ففعل ذلك جوذرز وضمهم إلى طوس وكان فيمن أشخص معه برزافره بن كيقاوس عم كيخسرو وبي بن جوذرز وجماعة كثيرة من إخوته وتقدم كيخسروا إلى طوس أن يكون قصده لفراسياب وطراخنته وألا يمر بناحية من بلاد الترك وكان فيها أخ له يقال له فروذ بن سياوخش من امرأة يقال لها برزا فريد كان سياوخش تزوجها في بعض مدائن الترك أيام سار إلى فراسياب ثم شخص عنها وهي حبلى فولدت فروذ فأقام بموضعه إلى أن شب فغلط طوس في أمر فروذ فيما قيل وذلك أنه لما صار بحذاء المدينة التي كان فيها فروذ هاج بينه وبينه حرب ببعض الأسباب فهلك فروذ فيها فلما اتصل خبره بكيخسرو كتب إلى برزافره عمه كتابا غليظا يعلمه فيه ما ورد عليه من خبر طوس بن نوذران ومحاربته فروذ أخاه وأمره بتوجيه طوس إليه مقيدا مغلولا
(1/299)
________________________________________
وتقدم إليه في القيام بأمر العسكر والنفوذ به لوجهه فلما وصل الكتاب إلى برزافره جمع رؤساء الأجناد والمقاتلة فقرأه عليهم وأمر بغل طوس وتقييده ووجهه مع ثقات من رسله إلى كيخسرو وتولى أمر العسكر وعبر النهر المعروف بكاسبروذ وانتهى الخبر إلى فراسياب فوجه إلى برزافره جماعة من أخوته وطراخنته لمحاربته فالتقوا بموضع من بلاد الترك يقال له واشن وفيهم فيران بن ويسغان وإخوته طراسيف بن جوذرز صهر فراسياب وهما سف بن فشنجان وقاتلوا قتالا شديدا وظهر من برزافره في ذلك اليوم فشل لما رأى من شدة الأمر وكثرة القتلى حتى انحاز بالعلم إلى رؤوس الجبال واضطرب على ولد جوذرز أمرهم فقتل منهم في تلك الملحمة في وقعة واحدة سبعون رجلا وقتل من الفريقين بشر كثير وانصرف برزافره ومن كان معه إلى كيخسرو وبهم من الغم والمصيبة ما تمنوا معه الموت فكان خوفهم من سطوة كيخسروا أشد فلما دخلوا على كيخسروا أقبل على برزافره بلائمة شديدة وقال أتيتم في وجهكم لترككم وصيتي ومخالفة وصية الملوك تورد مورد السوء وتورث الندامة وبلغ ما أصيبوا به من كيخسروا حتى رئيت الكآبة في وجهه ولم يلتذ طعاما ولا نوما فلما مضت لموافاتهم أيام أرسل إلى جوذرز فلما دخل عليه أظهر التوجع له فشكا إليه جوذرز برزافره وأعلمه أنه كان ا لسبب للهزيمة بالعلم وخذلانه ولده فقال له كيخسرو إن حقك بخدمتك لآبائنا لازم لنا وهذه جنودنا وخزائننا مبذولة لك في مطالبة ترتك وأمره بالتهيؤ والاستعداد والتوجه إلى فراسياب والعمل في قتله وتخريب بلاده فلما سمع جوذرز مقالة كيخسرو نهض مبادرا فقبل يده وقال أيها الملك المظفر نحن رعيتك وعبيدك فإن كانت آفة أو نازلة فتكن بالعبيد دون ملوكها وأولادي المقتولون فداؤك ونحن من وراء الانتقام من فراسياب والاشتفاء من مملكة الترك فلا يغمن الملك ما كان ولا يدعن لهوه فإن الحرب دول وأعلمه أنه على النفوذ لأمره وخرج من عنده مسرورا
فلما كان من الغد أمر كيخسرو أن يدخل عليه رؤساء أجناده والوجوه من أهل مملكته فلما دخلوا عليه أعلمهم ما عزم عليه من محاربة الأتراك وكتب إلى عماله في الآفاق يعلمهم ذلك ويأمر بموافاتهم في صحراء تعرف بشاه أسطون من كورة بلخ في وقت وقته لهم فتوافت رؤساء الأجناد في ذلك الموضع وشخص إليه كيخسرو بإصبهبذته وأصحابهم وفيهم برزافره عمه وأهل بيته وجوذرز وبقية ولده فلما تكاملت الملحمة واجتمعت المرازبة تولى كيخسرو بنفسه عرض الجند حتى عرف مبلغهم وفيهم أحوالهم ثم دعا بجوذرز بن جشوادغان وميلاذ بن جرجين وأغص بن بهذان وأغص ابن وصيفة كانت لسياوخش يقال لها شوماهان فأعلمهم أنه قد أراد إدخال العساكر على الترك من أربعة أوجه حتى يحيطوا بهم برا وبحرا وأنه قد قود على تلك العساكر وجعل أعظمها إلى جوذرز وصير مدخله من ناحية خراسان وجعل فيمن ضم إليه برزافره عمه وبي بن جوذرز وجماعة من الأصبهبذين كثيرة ودفع إليه يومئذ العلم الأكبر الذي كانوا يسمونه درفش كابيان وزعموا أن ذلك العلم لم يكن دفعه أحد من الملوك إلى أحد من القواد قبل ذلك وإنما كانوا يسيرونه مع أولاد الملوك إذا وجهوهم في الأمور العظام وأمر ميلاذ بالدخول مما يلي الصين وضم إليه جماعة كثيرة دون من ضم إلى جوذرز وأمر أغص بالدخول من ناحية الخزر في مثل من ضم إلى ميلاذ وضم إلى شومها إخوتها وبني عمها وتمام ثلاثين ألف رجل من الجند وأمرها بالدخول من طريق بين طريق جوذرز وميلاذ ويقال إن كيخسرو إنما غزا شومهان لخاصتها بسياوخش وكانت نذرت أن تطالب بدمه فمضى جميع هؤلاء لوجههم ودخل جوذرز بلاد الترك من ناحية خراسان وبدأ بفيران بن ويسغان فالتحمت بينهما حرب
(1/300)
________________________________________
شديدة مذكورة وهي الحرب التي قتل فيها بيزن بن بي خمان بن ويسغان مبارزة وقتل جوذرز فيران أيضا ثم قصد جوذرز فراسياب وألحت عليه العساكر الثلاثة كل عسكر من الوجه الذي دخل منه واتبع القوم بعد ذلك كيخسرو بنفسه وجعل قصده للوجه الذي كان فيه جوذرز وصير مدخله منه فوافى عسكر جوذرز وقد أثخن في الترك وقتل فيران رئيس إصبهبذي فراسياب والمرشح للمك من بعده وجماعة كثيرة من أخوته مثل خمان وأوستهن وجلياد وسيامق وبهرام وفرشخاذ وفرخلاد ومن ولده مثل روين بن فيران وكان مقدما عند فراسياب وجماعة من إخوة فراسياب مثل رتداري وأندرمان وأسفخرم وأخست وأسر بروا بن فشنجان قاتل سياوخش ووجد جوذرز قد أحصى القتلى والأسرى وما غنم من الكراع والأموال فوجد مبلغ ما في يده من الأسرى ثلاثين ألفا ومن القتلى خمسمائة ألف ونيفا وستين ألف رجل ومن الكراع والورق والأموال ما لا يحصى كثرة وأمر كل واحد من الوجوه الذين كانوا معه أن يجعل أسيره أو قتيله من الأتراك عند علمه لينظر كيخسرو إلى ذلك عند موافاته
فلما وافى كيخسرو العسكر وموضع الملحمة اصطفت له الرجال وتلقاه جوذرز وسائر الإصبهبذين فلما دخل العسكر جعل يمر بعلم علم فكان أول قتيل رآه جثة فيران عند علم جوذرز فلما نظر إليها وقف ثم قال أيها الجبل الصعب الذرا المنيع الأركان ألم أنهك عن هذه المحارية وعن نصب نفسك لنا دون فراسياب في هذه المطالبة ألم أبذل لك نفسي وأعرض عليك ملكي فلم تحسن الاختيار ألست ال صدوق اللسان الحافظ للإخوان الكاتم للأسرار ألم أعلمك مكر فراسياب وقلة وفائه فلم تفعل ما أمرتك بل مضيت في نومك حتى احتوشتك الليوث من مقاتلتنا وأبناء مملكتنا ما أغنى عنك فراسياب وقد فارقت الدنيا وأفنيت أل ويسغان فويل لحلمك وفهمك وويل لسخائك وصدقك إنا بك اليوم لموجعون
ولم يزل كيخسرو يرثي فيران حتى صار إلى علم بي بن جوذرز فلما وقف عليه وجد بروا بن فشنجان حيا أسيرا في يدي بي فسأل عنه فأخبر أنه بروا قاتل سياوخش الماثل به عند قتله إياه فقرب منه كيخسرو ثم طأطأ رأسه بالسجود شكرا لربه ثم قال الحمد لله الذي أمكنني منك يا بروا أنت الذي قتلت سياوخش ومثلت به وأنت الذي سلبته زينته وتكلفت من بين الأتراك إبارته فغرست لنا بفعلك هذه الشجرة من العداوة وهجت بيننا هذه المحاربة وأشعلت في كلا الفريقين نارا موقدة أنت الذي جرى على يديك تبديل صورته وتوهين قوته أما تهيبت أيها التركي جماله ألا أبقيت عليه للنور الساطع على وجهه أين نجدتك وقوتك اليوم وأين أخوك الساحر عن نصرتك لست أقتلك لقتلك إياه بل لكلفتك وتوليك ما كان صلاحا لك ألا تتولاه وسأقتل من قتله ببغيه وجرمه
ثم أمر أن تقطع أعضاؤه حيا ثم يذبح ففعل ذلك به بي ولم يزل كيخسرو يمر بعلم علم وأصبهبذ أصبهبذ فإذا صار إلى الواحد منهم قال له نحو ما ذكرنا ثم صار إلى مضاربه فلما استقر فيها دعا ببرزافره عمه فلما دخل عليه أجلسه عن يمينه وأظهر له السرور بقتله جلباذ بن ويسغان مبارزة ثم أجزل جائزته وملكه على كرمان ومكران ونواحيها ثم دعا بجوذرز فلما دخل عليه قال له أيها الأصبهبذ الرشيد والكهل الشفيق إنه مهما كان من هذا الفتح العظيم فمن ربنا عز و جل وعن غير حيلة منا ولا قوة ثم برعايتك حقنا وبذلك نفسك وأولادك لنا وذلك مذخور لك عندنا وقد حبوناك بالمرتبة التي يقال لها بزر جفر مذار وهي الوزارة وجعلنا لك أصبهان وجرجان وجبالهما فأحسن رعاية أهلها
(1/301)
________________________________________
فشكر جوذرز ذلك وخرج من عنده بهجا مسرورا ثم أمر بالوجوه من أصبهبذته الذين كانوا مع جوذرز ممن حسن بلاؤه وتولى قتل طراخنة الأتراك ولد فشنجان وويسغان مثل جرجين بن ميلاذان وبي وشادوس ولخام وجدمير بن جوذرز وبيزن بن بي وبرازه بن بيفغان وفروذه بن فامدان وزنده بن شابريغان وبسطام بن كزدهمان وفرته بن تفارغان فدخلوا عليه رجلا رجلا فمنهم من ملكه على البدان ا لشريفة ومنهم من خصه بأعمال من أعمال حضرته ثم لم يلبث أن وردت عليه الكتب من ميلاذ وأغص وشومهان بإثخانهم في بلاد الترك وأنهم قد هزموا فراسياب عسكرا بعد عسكر فكتب إليهم أن يجدوا في محاربة القوم وأن يوافوه بموضع سماه لهم من بلاد الترك فزعموا أن العساكر الأربعة لما أحاطت بفراسياب وأتاه من قتل من قتل وأسر من أسر وخراب ما خرب ماأتاه ضاقت عليه المذاهب ولم يبق معه من ولده إلا شيده وكان ساحرا فوجهه نحو كيخسرو بالعدة والعتاد فلما وافى كيخسرو أعلم أن أباه إنما وجهه للاحتيال عليه فجمع أصبهبذته وتقدم إليهم في الاحتراس من غيلته
وقيل إن كيخسرو أشفق يومئذ من شيده وهابه وظن ألا طاقة له به وأن القتال اتصل بينهما أربعة أيام وإن رجلا من خاصة كيخسرو يقال له جرد بن جرهمان عبى يومئذ أصحاب كيخسرو فأحسن تعبيتهم فكثرت القتلى بينهم واستماتت رجال خنيارث وجدت وأيقن شيده إلا طاقة له بهم فانهزم واتبعه كيخسرو بمن معه ولحقه جرد فضربه على هامته بالعمود ضربة خر منها ميتا ووقف كيخسرو على جيفته فعاين منها سماجة شنعة وغنم كيخسرو ما كان من عسكرهم وبلغ الخبر فراسياب فأقبل بجميع طراخنته فلما التقى وكيخسرو ونشبت بيينهما حرب شديدة لا يقال إن مثلها كان على وجه الأرض قبلها فاختلط رجال خنيارث برجال الترك وامتد الأمر بينهم حتى لم تقع العين يومئذ إلا على الدماء والأسر من جوذرز ولده وجرجين وجرد وبسطام ونظر فراسياب وهم يحمون كيخسرو كأنهم أسود ضارية فانهزم موليا على وجهه هاربا فأحصيت القتلى فيما ذكر يومئذ فبلغت عدتهم مائة ألف وجد كيخسرو وأصحابه في طلب فراسياب وقد تجرد للهرب فلم يزل يهرب من بلد إلى بلد حتى أتى أذربيجان فاستتر في غدير هناك يعرف ببئر خاسف ثم طفر به فلما أتى كيخسرو استوثق منه بالحديد ثم أقام للاستراحة بموضعه ثلاثة أيام ثم دعاه فسأله عن عذره في أمر سياوخش فلم يكن له عذر ولا حجة فأمر بقتله فقام إليه بي بن جوذرز فذبحه كما ذبح سياوخش ثم أتى كيخسرو بدمه فغمس فيه يده وقال هذا بترة سياوخش وظلمكم إياه واعتداءكم عليه ثم انصرف من أذربيجان ظافرا غانما بهجا
وذكر أن عدة من أولاد كيبيه جد كيخسرو الأكبر وأولادهم كانوا مع كيخسرو في حرب الترك وأن ممن كان معه كي أرش بن كيبيه وكان مملكا على خوزستان وما يليها من بابل وكي به أرش وكان مملكا على كرمان ونواحيها وكي أوجي بن كيمنوش بن كيفاشين بن كيبيه وكان مملكا على فارس وكي أوجي هذا هو أبوكي لهراسف الملك ويقال إن أخا لفراسياب كان يقال له كي شراسف صار إلى بلاد الترك بعد قتل كيخسرو أخاه فاستولى على ملكها وكان له ابن يقال له خرزاسف فملك البلاد بعد أبيه وكان جبارا عاتيا وهو ابن أخي فراسياب ملك الترك الذي كان حارب منوشهر وجوذرز هو ابن جشواغان بن يسحره بن قرحين بن حبر بن رسود بن أورب بن تاج بن رشيك بن أرس بن وندح بن رعر بن نودراحاه بن مسواغ بن نوذر بن منوشهر
(1/302)
________________________________________
فلما فرغ كيخسرو من المطالبة بوتره واستقر في مملكته زهد في الملك وتنسك وأعلم الوجوه من اهله وأهل مملكته أنه على التخلي من الأمر فاشتد لذلك جزعهم وعظمت له وحشتهم واستغاثوا إليه وطلبوا وتضرعوا وراودوه على المقام بتدبير ملكهم فلم يجدوا عنده في ذلك شيئا فلما يئسوا قالوا بأجمعهم فإذا قمت على ما أنت عليه فسم للملك رجلا نقلده إياه وكان لهراسف حاضرا فأشار بيده إليه وأعلمهم أنه خاصته ووصيه فأقبل الناس إلى لهراسف وذلك بعد قبوله الوصية وفقد كيخسرو فبعض يقول إنه غاب للنسك فلا يدرى أين مات ولا كيف كانت ميتته وبعض يقول غير ذلك
وتقلد لهراسف الملك بعده على الرسم الذي رسم له وولد كيخسرو جاماس وأسبهر ورمى ورمين
وكان ملك كيخسرو ستين سنة
(1/303)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
02-10-2012, 03:33 PM
أمر إسرائيل بعد سليمان بن داود عليهما السلام
رجع الحديث إلى الخبر عن أمر بني إسرائيل بعد سليمان بن داود عليهما السلام
ثم ملك بعد سليمان بن داود على جميع بني إسرائيل ابنه رحبعم بن سليمان وكان ملكه فيما قيل سبع عشرة سنة ثم افترقت ممالك بني إسرائيل فيما ذكر بعد رحبعم فكان أبيا بن رحبعم ملك سبط يهوذا وبنيامين دون سائر الأسباط وذلك أن سائر الأسباط ملكوا عليهم يوربعم بن نابط عبد سليمان لسبب القربان الذي كانت زوجة سليمان قربته في داره وكانت قربت فيها جرادة لصنم فتوعده الله بإزالة بعض الملك عن ولده فكان ملك رحبعم إلىأن توفي فيما ذكر ثلاث سنين
ثم ملك أسا بن أبيا أمر السبطين اللذين كان أبوه يملك أمرهما وهما سبط يهوذا وسبط بنيامين إلى ان توفي إحدى وأربعين سنة
(1/304
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
02-10-2012, 04:24 PM
ذكر خبر أسا بن أبيا وزرح الهندي
حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول إن ملكا من ملوك إسرائيل يقال له أسا بن أبيا كان رجلا صالحا وكان أعرج وكان ملك من ملوك الهند يقال له زرح وكان ملكا جبارا فاسقا يدعو الناس إلى عبادته وكان أبيا عابد أصنام له صنمان يعبدهما من دون الله ويدعو الناس إلى عبادتهما حتى أضل عامة بني إسرائيل وكان يعبد الأصنام حتى توفي ثم ملك ابنه أسا من بعده فلما ملكهم بعث فيهم مناديا ينادي ألا إن الكفر قد مات وأهله وعاش الإيمان وأهله وانتكست الأصنام وعبادتها وظهرت طاعة الله وأعمالها فليس كافر من بني إسرائيل يطلع رأسه بعد اليوم بكفر في ولايتي ودهري إلا أني قاتله فإن الطوفان لم يغرق الدنيا وأهلها ولم يخسف بالقرى ولم تمطر الحجارة والنار من السماء إلا بترك طاعة الله وإظهار معصيته فمن أجل ذلك ينبغي لنا ألا نقر لله معصية يعمل بها ولا نترك طاعة لله إلا أظهرناها جهدنا حتى نطهر الأرض من نجسها وننقيها من دنسها ونجاهد من خالفنا في ذلك بالحرب والنفي من بلادنا
فلما سمع ذلك قومه ضجوا وكرهوا فأتوا أم أسا الملك فشكوا إليها فعل ابنها بهم وبآلهتهم ودعاءه إياهم إلى مفارقة دينهم والدخول في عبادة ربهم فتحملت لهم أمه أن تكلمه وتصرفه إلى عبادة اصنام والده فبينا الملك قاعد وعنده أشراف قومه ورؤوسهم وذوو طاعتهم إذ أقبلت الملك فقام لها الملك من مجلسه وأمرها أن تجلس فيه معرفة بحقها وتوقيرا لها فأبت عليه وقالت لست ابني إن لم تجبني إلى ما أدعوك إليه وتضع طاعتك في يدي حتى تفعل ما آمرك به وتجيبني إلى أمر إن أطعتني فيه رشدت وأخذت بحظك وإن عصيتني فحظك بخست ونفسك ظلمت إنه بلغني يا بني أنك بدأت قومك بالعظيم دعوتهم إلى مخالفة دينهم والكفر بآلهتهم والتحول عما كان عليه آباؤهم وأحدثت فيهم سنة وأظهرت فيهم بدعة أردت بذلك فيما زعمت تعظيما لوقارك ومعرفة بمكانك وتشديدا لسلطانك وفي التقصير يا بني دخلت وبالشين أخذت ودعوت جميع الناس إلى حربك وانتدبت لقتالهم وحدك أردت بذلك أن تعيد الأحرار لك عبيدا والضعيف لك شديدا سفهت بذلك رأي العلماء وخالفت الحكماء واتبعت رأي السفهاء ولعمري ما حملك على ذلك يا بني إلا كثرة طيشك وحداثة سنك وقلة علمك فإن أنت رددت علي كلامي ولم تعرف حقي فلست من نسل والدك ولا ينبغي الملك لمثلك يا بني بأي شيء تدل على قومك لعلك أوتيت من الحروف مثل ما أتى موسى إلى فرعون أن غرقه وأنجى قومه من الظلمة أو لعلك أوتيت من القوة ما أوتي
(1/305)
________________________________________
داود أن قتل الأسد لقومه ولحق الذئب فشق شدقه وقتل جالوت الجبار وحده أو لعلك أوتيت من الملك والحكمة أفضل مما أوتي سليمان بن داود رأس الحكماء إذ صارت حكمته مثلا للباقين بعده يا بني إنه ما يأتك من حسنة فأنا أحظى الناس بها وإن تكن الأخرى فأنا أشقاهم بشقوتك
فلما سمعها الملك اشتد غضبه وضاق صدره فقال لها يا أمه إنه لا ينبغي أن آكل على مائدة واحدة مع حبيبي وعدوي كذلك لا ينبغي أن أعبد غير ربي هلمي إلى أمر إن أطعتني فيه رشدت وإن تركته غويت أن تعبدي الله وتكفري بكل آلهة دونه فإنه ليس أحد يرد هذا علي إلا هو لله عدو وأنا ناصره لأني عبده
قالت له ما كنت لأفارق أصنامي ولا دين آبائي وقومي وقومي ولا أترك ذلك لقولك ولا أعبد الرب الذي تدعوني إليه
فقال لها الملك حينئذ يا أمه إن قولك هذا قد قطع فيما بيني وبينك رحمي
وأمر بها الملك عند ذلك فأخرجوها وغربوها ثم أوصى إلى صاحب شرطته وبابه أن يقتلها إن هي ألمت بمكانه
فلما سمع ذلك منه الأسباط الذين كانوا حوله وقعت في قلوبهم المهابة فأذعنوا له بالطاعة وانقطعت فيما بينهم وبينه كل حيلة وقالوا قد فعل هذا بأمه فأين نقع نحن منه إذا خالفنا في أمره ولم نجبه إلى دينه فاحتالوا له كل حيلة فحفظه الله وأباد مكرهم فلما لم يكن لهم عن ذلك صبر ولا على فراق دينهم قوام ائتمروا بأن يهربوا من بلاده ويسكنوا بلادا غيرها فخرجوا متوجهين إلى زرح ملك الهند يطلبون أن يستحملوه على أسا ومن اتبعه فلما دخلوا على زرح سجدوا له فقال لهم من أنتم قالوا نحن عبيدك قال وأي عبيدي أنتم قالوا نحن من أرضك أرض الشام وأنا كنا نعتز بملكك حتى ظهر فينا ملك صبي حديث السن سفيه فغير ديننا وسفه رأينا وكفر آباءنا وهان عليه سخطنا فأتيناك لنعلمك ذلك فتكون أنت أولى بملكنا ونحن رؤوسهم وهي أرض كثير مالها ضعيف أهلها طيبة معيشتها كثيرة أنضارها وفيهم الكنوز وملك ثلاثين ملكا وهم الذين كان يوشع بن نون خليفة موسى سار بهم في البحر هو وقومه فنحن وأرضنا لك وبلادنا بلادك وليس أحد فيها يناصبك هم دافعون أيديهم إليك بغير قتال بأموالهم وأنفسهم مسالمة
قال لهم زرح لعمري ما كنت لأجيبكم إلى ما دعوتموني إليه ولا أستجيب إلى مقاتلة قوم لعلهم أطوع لي منكم حتى أبعث إليهم من قومي أمناء فإن وقع الأمر على ما تكلمتم به قدامي نفعكم ذلك عندي وجعلتكم عليها ملوكا وإن كان كلامكم كذبا فإني منزل بكم العقوبة التي تنبغي لمن كذبني
قال القوم تكلمت بالعدل وحكمت بالقسط ونحن به راضون فأمر عند ذلك بالأرزاق فأجريت عليهم واختار من قومه أمناء ليبعثهم جواسيس فأوصاهم بوصيته وخوفهم وحذرهم بطشه إن هم كذبوه ووعدهم المعروف إن هم صدقوه وقال زرح إني مرسلكم لأمانتكم وشحكم على دينكم وحسن رأيكم في قومكم لتطالعوا لي أرضا من أرضي وتبحثوا لي عن شأنها وتعلموني علم أهلها وملكها وجنودها وعددها وعدد مياهها وفجاجها وطرقها ومداخلها ومخارجها وسهولتها وصعوبتها حتى كأني شاهد ذلك وعالمه
(1/306)
________________________________________
وحاضر ذلك وخابره وخذوا معكم من الخزائن من الياقوت والمرجان والكسوة ما يفرغون إليه إذا رأوه ويشترون منكم إذا نظروا إليه
فأمكنهم من خزائنه حتى أخذوا منها فجهزهم لبرهم وبحرهم ووصف لهم القوم الذين أتوهم الطرق ودلوهم على مقاصدها فساروا كالتجار حتى نزلوا ساحل البحر ثم ركبوا منه حتى أرسوا على ساحل إيلياء ثم ساروا حتى دخلوها فخلفوا أثقالهم فيها وأظهروا أمتعتهم وبضاعتهم ودعوا الناس إلى أن يشتروا منهم فلم يفرغوا لبضاعتهم وكسدت تجارتهم فجعلوا يعطون بالشيء القليل الشيء الكثير لكيلا يخرجوهم من قريتهم حتى يعلموا أخبارهم ويحقوا شأنهم ويستخرجوا ما أمرهم به ملكهم من أخبارهم
وكان أسا الملك قد تقدم إلى نساء بني إسرائيل ألا يقدر على امرأة لا زوج لها بهيئة امرأة لها زوج إلا قتلها أو نفاها من بلاده إلى جزائر البحار فإن إبليس لم يدخل على أهل الدين في دينهم بمكيدة هي أشد من النساء فكانت المرأة التي لا زوج لها لا تخرج إلا منتقبة في رثة الثياب لئلا تعرف فلما بذل هؤلاء الأمناء بضاعتهم ما ثمنه مائة درهم بدرهم جعل نساء بني إسرائيل يشرين خفية بالليل سرا لا يعلم بهن أحد من أهل دينهن حتى أنفقوا بضاعتهم واشتروا بها حاجتهم واستوعبوا خبر مدينتهم وحصونهم وعدد مياههم وكانوا قد كتموا رؤوس بضاعتهم ومحاسنها من اللؤلؤ والمرجان والياقوت هدية للملك وجعل الأمناء يسألون من رأوا من أهل القرية عن خبر الملك وشأنه إذ لم يشتر منهم شيئا وقالوا ما شأن الملك لا يشتري منا شيئا إن كان غنيا فإن عندنا من طرائف البضاعات فنعطيه ما شاء مما لم يدخل مثله في خزائنه وإن كان محتاجا فما يمنعه أن يشهدنا فنعطيه ما شاء بغير ثمن
قال لهم من حضرهم من أهل القرية إن له من الغنى والخزائن وفنون المتاع ما لم يقدر على مثله إنه استفرغ الخزائن التي كان موسى سار بها من مصر والحلي الذي كان بنو إسرائيل أخذوا وما جمع يوشع بن نون خليفة موسى وما جمع سليمان رأس الحكماء والملوك من الغنى الكثير والآنية التي لا يقدر على مثلها
قال الأمناء فما قتاله وبأي شيء عظمته وما جنوده أرأيتم لو أن ملكا انحرف عليه ففتق ملكه ما كان إذا قتاله إياه وما عدته وعدد جنوده أم بأي الخيل والفرسان غلبته أم من أجل كثرة جمعه وخزائنه وقعت في قلوب الرجال هيبته
فأجابهم القوم وقالوا إن أسا الملك قليلة عدته ضعيفة قوته غير أن له صديقا لو دعاه واستعان به على أن يزيل الجبال أزالها فإذا كان معه صديقه فليس شيء من الخلق يطيقه
قال لهم الأمناء ومن صديق أسا وكم عدد جنوده وكيف مواجهته وقتاله وكم عدد عساكره ومراكبه وأين قراره ومسكنه
فأجابهم القوم أما مسكنه ففوق السموات العلا مستو على عرشه لا يحصى عدد جنوده وكل شيء من الخلق له عبد لو أمر البحر لطم على البر ولو أمر الأنهار لغارت في عنصرها لا يرى ولا يعرف قراره وهو صديق أسا وناصره
(1/307)
________________________________________
فجعل الأمناء يكتبون كل شيء أخبروا به من أمر أسا وقضية أمره فدخل بعض هؤلاء الأمناء عليه فقالوا يأيها الملك إن معنا هدية نريد أن نهديها لك من طرائف بلادنا أو تشتري منا فنرخصه عليك
قال لهم ائتوني بذلك حتى أنظر إليه فلما أتوه به قال لهم هل يبقى هذا لأهله ويبقون له قالوا بل يفنى هذا ويفنى أهله قال لهم أسا لا حاجة لي فيه إنما طلبتي ما تبقى بهجته لأهله لا تزول ولا يزولون عنه
فخرجوا من عنده ورد عليهم هديتهم فساروا من بيت المقدس متوجهين إلى زرح الهندي ملكهم فلما أتوه نشروا له كتاب خبرهم وأنبئوه بما انتهى إليهم من أمر ملكهم وأخبروه بصديق أسا فلما سمع زرح كلامهم استحلفهم بعزته وبالشمس والقمر اللذين يعبدونهما ولهما يصلون ألا يكتموه من خبر ما رأوا في بني إسرائيل شيئا فصدقوه
فلم افرغوا من خبرهم وخبر أسا ملكهم وصديقه قال لهم زرح إن بني إسرائيل لما علموا أنكم جواسيس وأنكم قد اطلعتم على عوراتهم ذكروا لكم صديق أسا وهم كاذبون أرادوا بذلك ترهيبكم إن صديق أسا لا يطيق أن يأتي بأكثر من جندي ولا بأكمل من عدتي ولا بأقسى قلوبا ولا أجرأ على القتال من قومي إن لقيني بألف لقيته بأكثر من ذلك
ثم عمد زرح عند ذلك فكتب إلى كل من في طاعته أن يجهزوا من كل مخلاف جندا بعدتهم حتى استمد يأجوج ومأجوج والترك وفارس مع من سواهم من الأمم ممن جرت عليه لزرح طاعة كتب
من زرح الجبار الهندي ملك الأرضين إلى من بلغته كتبي أما بعد فإن لي أرضا قد دنا حصادها وأينع ثمرها وأردت أن تبعثوا إلي بعمال أغنمهم ما حصدوا منها وهم قوم قصوا عني وغلبوا على أطراف من أرضي وقهروا من تحت أيديهم من رقيقي وقد منحتهم من نهض إليهم معي فإن قصرت بكم قوة فعندي قوتكم فإنه لا تتعطل خزائني
فاجتمعوا إليه من كل ناحية وأمدوه بالخيل والفرسان والرجالة والعدة فلما اجتمعوا عنده أمكنهم من السلام والجهاز من خزائنه ثم أمر بإحصاء عددهم وتعبيتهم فبلغ عددهم ألف ألف ومائة ألف سوى أهل بلادهم وأمر بمائة مركب فقرن له البغال كل أربعة أبغل جميعا عليها سرير وقبة وفي كل قبة منها جارية ومع كل مركب عشرة من الخدم وخمسة أفيال من فيلته فبلغ في كل عسكر من عساكره مائة ألف وجعل خاصته الذين يركبون معه مائة من رؤوسهم وجعل في كل عسكر عرفاء وخطبهم وحرضهم على القتال فلما نظر إليهم سار فيهم تعزز وتعظم شأنه في قلوب من حضره ثم قال زرح أين صديق أسا هل يستطيع أن يعصمه مني أو من يطيق غلبتي فلو أن أسا وصديقه ينظران إلي وإلى جندي ما اجترآ على قتالي لأن عندي بكل واحد من جنده ألفا من جنودي ليدخلن أسا أرضي أسيرا ولأقدمن بقومه سبيا في جنودي
فجعل زرح ينتقص أسا ويقول فيه مالا ينبغي فبلغ أسا صنيع زرح وجمعه عليه فدعا ربه فقال اللهم أنت الذي بقوتك خلقت السموات والأرض ومن فيهن حتى صار جميع ذلك في قبضتك أنت ذو الأناة الرفيقة والغضب الشديد أسألك ألا تذكرنا بخطايانا فيما بيننا وبينك ولا تعمدنا ولا تجزينا على معصيتك ولكن تذكرنا برحمتك التي جعلتها للخلائق فانظر إلى ضعفنا وقوة عدونا وانظر إلى قلتنا وكثرة عدونا وانظر إلى ما
(1/308)
________________________________________
نحن فيه من الضيق والغم وانظر إلى ما فيه عدونا من الفرح والراحة فغرق زرحا وجنوده في اليم بالقدرة التي غرقت بها فرعون وجنوده وأنجيت موسى وقومه وأسألك أن تحل على زرح وقومه عذابك بغتة
فأري أسا في المنام والله أعلم أني قد سمعت كلامك ووصل إلي جؤارك وأني على عرشي وأني إن غرقت زرحا الهندي وقومه لم يعلم بنو إسرائيل ولا من كان بحضرتهم كيف صنعت بهم ولكن سأظهر في زرح وقومه لك ولمن اتبعك قدرة من قدرتي حتى أكفيك مؤنتهم وأهب لك غنيمتهم وأضع في أيديكم عساكرهم حتى يعلم أعداؤك أن صديق أسا لا يطاق وليه ولا يهزم جنده ولا يخيب مطيعه فأنا أتمهل له حتى يفرغ من حاجته ثم أسوقه إليك عبدا وعساكره لك ولقومك خولا
فسار زرح ومن معه حتى حلوا على ساحل ترشيش فلم يكن إلا محلة يوم حتى دفنوا أنهارها ومحوا مروجها حتى كان الطير ينقصف عليهم والوحش لا تستطيع الهرب منهم فساروا حتى كانوا على مرحلتين من إيلياء ففرق زرح عساكره منها إلى إيلياء وامتلأت منهم تلك الأرض جبالها وسهولها وامتلأت قلوب أهل الشام منهم رعبا وعاينوا هلكتهم
فسمع بهم أسا الملك فبعث إليهم طليعة من قومه وأمرهم أن يخبروه بعددهم وهيئتهم فسار القوم الذي بعثهم أسا حتى نظروا إليهم من رأس تل ثم رجعوا إلى أسا فأخبروه أنه لم تر عيون بني آدم ولا سمعت آذانهم مثلهم ومثل أفيالهم وخيولهم وفرسانهم وما ظننا أن في الناس مثلهم كثرة وعدة فلت من إحصائهم عقولنا وقلت من قتاله حيلتنا وانقطع فيما بيننا وبينهم رجاؤنا
فسمع بذلك أهل القرية فشقوا ثيابهم وذروا التراب على رؤوسهم وعجوا بالعويل في أزقتهم وأسواقهم وجعل بعضهم يودع بعضا ثم ساروا حتى أتوا الملك فقالوا نحن خارجون بأجمعنا إلى هؤلاء القوم فدافعون إليهم أيدينا لعلهم أن يرحمونا فيقرونا في بلادنا قال لهم أسا الملك معاذ الله أن نلقي بأيدينا في أيدي الكفرة وأن نخلي بيت الله وكتابه للفجرة قالوا فاحتل لنا حيلة واطلب إلى صديقك وربك الذي كنت تعدنا بنصره وتدعونا إلى الإيمان به فإن هو كشف عنا هذا البلاء وإلا وضعنا أيدينا في أيدي عدونا لعلنا نتخلص بذلك من القتل
قال لهم أسا إن ربي لا يطاق إلا بالتضرع والتبتل والاستكانة قالوا فأبرز له لعله أن يجيبك فيرحم ضعفنا فإن الصديق لا يسلم صديقه على مثل هذا فدخل أسا المصلى ووضع تاجه من رأسه وخلى ثيابه ولبس المسوح وافترش الرماد ثم مد يده يدعو ربه بقلب حزين وتضرع كثير ودموع سجال وهو يقول اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط أنت المستخفي من خلقك حيث شئت لا يدرك قرارك ولا يطاق كنه عظمتك أنت اليقظان الذي لا تنام والجديد الذي لا تبليك الليالي والأيام أسألك بالمسألة التي سألك بها إبراهيم خليلك فأطفأت بها عنه النار وألحقته بها بالأبرار وبالدعاء الذي دعاك به نجيك موسى فأنجيت بني إسرائيل من الظلمة وأعتقتهم به من العبودية وسيرتهم في البر والبحر وغرقت فرعون ومن اتبعه وبالتضرع الذي تضرع لك عبدك داود فرفعته ووهبت له من بعد الضعف القوة ونصرته على جالوت الجبار وهزمته وبالمسألة التي سألك بها سليمان نبيك فمنحته الحكمة ووهبت له الرفعة وملكته على كل دابة أنت محيي الموتى ومفني الدنيا وتبقى وحدك
(1/309)
________________________________________
خالدا لا تفنى وجديدا لا تبلى أسألك يا إلهي أن ترحمني بإجابة دعوتي فإني أعرج مسكين من أضعف عبادك وأقهلم حيلة وقد حل بنا كرب عظيم وحزب شديد لا يطيق كشفه غيرك ولا حول ولا قوة لنا إلا بك فارحم ضعفنا بما شئت فإنك ترحم من تشاء بما تشاء
وجعل علماء بني إسرائيل يدعون الله خارجا وهم يقولون اللهم أجب اليوم عبدك فإنه قد اعتصم بك وحدك ولا تخل بينه وبين عدوك واذكر حبه إياك وفراقه أمه وجميع الخلائق إلا من أطاعك
فألقى الله على أسا النوم وهو في مصلاه ساجدا ثم أتاه من الله آت والله أعلم فقال يا أسا إن الحبيب لا يسلم حبيبه وإن الله عز و جل يقول إني قد ألقيت عليك محبتي ووجب لك نصري فأنا الذي أكفيك عدوك فإنه لا يهون من توكل علي ولا يضعف من تقوى بي كنت تذكرني في الرخاء وأسلمك عند الشدائد وكنت تدعوني آمنا وأنا أسلمك خائفا إن الله القوي يقول أنا أقسم أن لو كايدتك السموات والأرض بمن فيهن لجعلت لك من جميع ذلك مخرجا فأنا الذي أبعث طرفا من زبانيتي يقتلون أعدائي فإني معك ولن يخلص إليك ولا إلى من معك أحد فخرج أسا من مصلاه وهو يحمد الله مسفرا وجهه فأخبرهم بما قيل له فأما المؤمنون فصدقوه وأما المنافقون فكذبوه وقال بعضهم لبعض إن أسا دخل أعرج وخرج أعرج ولو كان صادقا أن الله قد أجابه إذا لأصلح رجله ولكن يغرنا ويمنينا حتى تقع الحرب فينا فيهلكنا
فبينا الملك يخبرهم عن صنع الله بهم إذ قدم رسل من زرح فدخلوا إيلياء ومعهم كتب من زرح إلى أسا فيها شتم له ولقومه وتكذيب بالله وكتب فيها أن ادع صديقك الذي أضللت به قومك فليبارزني بجنوده وليظهر لي مع ما أني أعلم أنه لن يطيقني هو ولا غيره لأني أنا زرح الهندي الملك
فلما قرأ أسا الكتب التي قدم بها عليه هملت عيناه بالبكاء ثم دخل مصلاه ونشر تلك الكتب بين يدي الله ثم قال اللهم ليس لي شيء من الأشياء أحب غلي من لقائك غير أني أتخوف أن يطفأ هذا النور الذي أظهرته في أيامي هذه وقد حضرت هذه الصحائف وعلمت ما فيها ولو كنت المراد بها كان ذلك يسيرا غير أن عبدك زرحا يكايدك ويتناول فخر بغير فخر وتكلم بغير صدق وأنت حاضر ذلك وشاهده
فأوحى الله إلى أسا والله أعلم أنه لا تبديل لكلماتي ولا خلف لموعدي ولا تحويل لأمري فأخرج من مصلاك ثم مر خيلك أن تجتمع ثم اخرج بهم وبمن اتبعك حتى تقفوا على نشز من الأرض
فخرج أسا فأخبرهم بما قيل له فخرج اثنا عشر رجلا من رؤسائهم مع كل رجل منهم رهط من قومه فلما أن خرجوا ودعوا أهاليهم بألا يرجعوا إلى الدنيا فوقفوا لزرح على رابية من الأرض فأبصروا منها زرحا وقومه فلما أبصرهم زرح نفض رأسه ليسخر منهم وقال إنما نهضت من بلادي وأنفقت أموالي لمثل هؤلاء ودعا عند ذلك بالنفر الذين كانوا نعتوا عنده أسا وقومه فقال كذبتموني وزعمتم أن قومكم كثير عددهم فأمر بهم وبالأمناء الذين كان بعثهم ليخبروه خبرهم فقتلوا جميعا وأسا في ذلك كثير تضرعه معتصم بربه فقال زرح ما أدري ما أفعل بهؤلاء القوم وما أدري ما قدر قلتهم في كثرتنا إني لأستقلهم عن المحاربة وأرى ألا أقاتلهم
(1/310)
________________________________________
فأرسل زرح إلى أسا فقال له أين صديقك الذي كنت تعدنا به وتزعم أنه يخلصك مما يحل بكم من سطواتي أفتضعون أيديكم في يدي فأمضي فيكم حكمي أو تلتمسون قتالي
فأجابه أسا فقال يا شقي إنك لست تعلم ما تقول ولست تدري أتريد أن تغالب ربك بضعفك أم تريد أن تكاثره بقلتك هو أعز شيء وأعظمه وأغلب شيء وأقهره وعباده أذل وأضعف عنده من أن ينظروا إليه معاينة هو معي في موقفي هذا ولم يغلب أحد كان الله معه فاجتهد يا شقي بجهدك حتى تعلم ماذا يحل بك
فلما اصطف قوم زرح وأخذوا مراتبهم أمر زرح الرماة من قومه أن يرموهم بنشابهم فبعث الله ملائكة من كل سماء والله أعلم عونا لأسا وقومه ومادة له فوقفهم أسا في مواقفهم فلما رموا نشابهم حال المشركون بين ضوء الشمس وبين الأرض كأنها سحابة طلعت فنحتها الملائكة عن أسا وقومه ثم رمت بها الملائكة قوم زرح فأصابت كل رجل منهم نشابته التي رمى بها فقتل رماتهم بها كلها وأسا وقومه في كل ذلك يحمدون الله كثيرا ويعجون إليه بالتسبيح وتراءت الملائكة لهم والله أعلم فلما رآهم الشقي زرح وقع الرعب في قلبه وسقط في يده وقال إن أسا لعظيم كيده ماض سحره وكذلك بنو إسرائيل حيث كانوا لا يغلب سحرهم ساحر ولا يطيق مكرهم عالم وإنما تعلموه من مصر وبه ساروا في البحر ثم نادى الهندي في قومه أن سلوا سيوفكم ثم احملوا عليهم حملة واحدة فدقوهم
فسلوا سيوفهم ثم حملوا على الملائكة فقتلتهم الملائكة فلم يبق منهم غير زرح ونسائه ورقيقه
فلما رأى ذلك زرح ولى مدبرا فارا هو ومن معه وهو يقول إن اسا ظهر علانية وأهلكني صديقه سرا وإني كنت أنظر إلى أسا ومن معه واقفين لا يقاتلون والحرب واقعة في قومي
فلما رأى أسا أن زرحا قد ولى مدبرا قال اللهم إن زرحا قد ولى مدبرا وإنك إن لم تحل بيني وبينه استنفر علينا قومه ثانية فأوحى الله إلى أسا إنك لم تقتل من قتل منهم ولكني قتلتهم فقف مكانك فإني لو خليت بينك وبينهم أهلكوكم جميعا إنما يتقلب زرح في قبضتي ولن ينصره أحد مني وأنا لزرح بالمكان الذي لا يستطيع صدودا عنه ولا تحويلا وإني قد وهبت لك ولقومك عساكره وما فيها من فضة ومتاع ودابة فهذا أجرك إذا اعتصمت بي ولا ألتمس منك أجرا على نصرتك
فسار زرح حتى أتى البحر يريد بذلك الهرب ومعه مائة ألف فهيأوا سفنهم ثم ركبوا فيها فلما ساروا في البحر بعث الله الرياح من أطراف الأرضين والبحار إلى ذلك البحر واضطربت من كل ناحية أمواجه وضربت السفن بعضها بعضا حتى تكسرت فغرق زرح ومن كان معه واضطربت بهم الأمواج حتى فزع لذلك أهل القرى حولهم ورجفت الأرض فبعث أسا من يعلمه علم ذلك فأوحى الله إليه والله أعلم أن اهبط أنت وقومك أهل قراكم فخذوا ما غنمكم الله بقوة وكونوا فيه من الشاكرين فإني قد سوغت كل من أخذ من هذه العساكر شيئا ما أخذه فهبطوا يحمدون الله ويقدسونه فنقلوا تلك العساكر إلى قراهم ثلاثة أشهر والله أعلم
ثم ملك بعده يهوشافاظ بن أسا إلى أن هلك خمسا وعشرين سنة
(1/311)
________________________________________
ثم ملكت عتليا وتسمى غزليا ابنة عمرم أم أخزيا وكانت قتلت أولاد ملوك بني إسرائيل فلم يبق منهم إلا يواش بن أخزيا فإنه ستر عنها ثم قتلها يواش وأصحابه وكان ملكها سبع سنين
ثم ملك يواش بن أخزيا إلى أن قتله أصحابه وهو الذي قتل جدته فكان ملكه أربعين سنة
ثم ملك أموصيا بن يواش إلى أن قتله أصحابه تسعا وعشرين سنة
ثم ملك عزويا بن أموصيا وقد يقال لعوزيا غوزيا إلى أن توفي اثنتين وخمسين سنة
ثم ملك يوتام بن عوزيا إلى أن توفي ست عشرة سنة
ثم ملك أحاز بن يوتام إلى أن توفي ست عشرة سنة
ثم ملك حزقيا بن أحاز إلى أن توفي وقيل إنه صاحب شعيا الذي أعلمه شعيا انقضاء عمره فتضرع إلى ربه فزاده وأمهله وأمر شعيا بإعلامه ذلك
وأما محمد بن إسحاق فإنه قال صاحب شعيا الذي هذه القصة قصته اسمه صديقة
(1/312)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
02-10-2012, 04:52 PM
ذكر صاحب قصة شعيا من ملوك بني إسرائيل وسنحاريب
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثني ابن إسحاق قال كان فيما أنزل الله على موسى في خبره عن بني إسرائيل وإحداثهم وما هم فاعلون بعده قال وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا إلى وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( 1 ) فكانت بنو إسرائيل وفيهم الأحداث والذنوب وكان الله في ذلك متجاوزا عنهم متعطفا عليهم محسنا إليهم وكان مما أنزل الله بهم في ذنوبهم ما كان قدم إليهم في الخبر عنهم على لسان موسى فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع أن ملكا منهم كان يدعى صديقة وكان الله إذا ملك الملك عليهم بعث نبيا يسدده ويرشده فيكون فيما بينه وبين الله يحدث إليه في أمرهم لا ينزل عليهم الكتب إنما يؤمرون باتباع التوراة والأحكام التي فيها وينهونهم عن المعصية ويدعونهم إلى ما تركوا من الطاعة
فلما ملك ذلك الملك بعث الله معه شعيا بن أمصيا وذلك قبل مبعث عيسى وزكرياء ويحيى وشعيا الذي بشر بعيسى ومحمد فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زمانا فلما انقضى ملكه وعظمت فيهم الأحداث وشعيا معه بعث الله عليهم سنحاريب ملك بابل معه ستمائة ألف راية فأقبل سائرا حتى نزل حول بيت المقدس والملك مريض في ساقه قرحة فجاءه النبي شعيا فقال له يا ملك بني إسرائيل إن سنحاريب ملك بابل قد نزل بك هو وجنوده في ستمائة ألف راية وقد هابهم الناس وفرقوا منهم فكبر ذلك على الملك فقال يا نبي الله هل أتاك وحي من الله فيما حدث فتخبرنا به كيف يفعل الله بنا وبسنحاريب وجنوده فقال له النبي عليه السلام لم يأتني وحي حدث إلي في شأنك
فبينما هم على ذلك أوحى الله إلى شعيا النبي أن ائت ملك بني إسرائيل فأمره أن يوصي بوصيته ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته فأتى النبي شعيا ملك بني إسرائيل صديقة فقال له إن ربك قد أوحى إلي أن آمرك توصي وصيتك وتستخلف من شئت على الملك من أهل بيتك فإنك ميت
فلما قال ذلك شعيا لصديقة أقبل على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى وقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله بقلب مخلص وتوكل وصبر وظن صادق اللهم رب الأرباب وإله الآلهة القدوس المتقدس يا رحمن يا رحيم المترحم الرؤوف الذي لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من نفسي وسري وعلانيتي لك وإن الرحمن استجاب له وكان عبدا صالحا فأوحى الله إلى شعيا فأمره أن يخبر صديقة الملك أن ربه قد استجاب له وقبل منه
(1/313)
________________________________________
ورحمه وقد رأى بكاءه وقد أخر أجله خمس عشرة سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب ملك بابل وجنوده فلما قال له ذلك ذهب عنه الوجع وانقطع عنه الشر والحزن وخر ساجدا وقال يا إلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت وكرمت وعظمت أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين أنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي
فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن قل للملك صديقة فيأمر عبدا من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح وقد برئ ففعل ذلك فشفي وقال الملك لشعيا النبي سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدونا هذا فقال الله لشعيا النبي قل له إني قد كفيتك عدوك وأنجيتك منهم وإنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريب وخمسة من كتابه
فلما أصبحوا جاءه صارخ فصرخ على باب المدينة يا ملك بني إسرائيل إن الله قد كفاك عدوك فاخرج فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا فلما خرج الملك التمس سنحاريب فلم يوجد في الموتى فبعث الملك في طلبه فأدركه الطلب في مغارة وخمسة من كتابه أحدهم بختنصر فجعلوهم في الجوامع ثم أتوا بهم ملك بني إسرائيل فلما رآهم خر ساجدا من حين طلعت الشمس حتى كانت العصر ثم قال لسنحاريب كيف ترى فعل ربنا بكم ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون فقال سنحاريب له قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي فلم أطع مرشدا ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم ولكن الشقوة غلبت علي وعلى من معي فقال ملك بني إسرائيل الحمد لله رب العزة الذي كفاناكم بما شاء إن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه ولكنه إنما أبقاك ومن معك إلى ما هو شر لك ولمن معك لتزدادوا شقوة في الدنيا وعذابا في الآخرة ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا ولتنذروا من بعدكم ولولا ذلك ما أبقاكم ولدمك ودم من معك أهون على الله من دم قراد لوقتلته
ثم إن ملك بني إسرائيل أمر أمير حرسه فقذف في رقابهم الجوامع وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وكان يرزقهم كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم فقال سنحاريب لملك بني إسرائيل القتل خير مما تفعل بنا فافعل ما أمرت فأمر بهم الملك إلى سجن القتل فأوحى الله إلى شعيا النبي أن قل لملك بني إسرائيل يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم وليكرمهم وليحملهم حتى يبلغوا بلادهم فبلغ النبي شعيا الملك ذلك ففعل فخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل فلما قدموا جمع الناس فأخبرهم كيف فعل الله بجنوده فقال له كهانه وسحرته يا ملك بابل قد كنا نقص عليك خبر ربهم وخبر نبيهم ووحي الله إلى نبيهم فلم تطعنا وهي أمة لا يستطيعها أحد من ربهم فكان أمر سنحاريب مما خوفوا به ثم كفاهم الله إياه تذكرة وعبرة ثم لبث سنحاريب بعد ذلك سبع سنين ثم مات
وقد زعم بعض أهل الكتاب أن هذا الملك من بني إسرائيل الذي سار إليه سنحاريب كان أعرج وكان عرجه من عرق النسا وأن سنحاريب إنما طمع في مملكته لزمانته وضعفه وأنه قد كان سار إليه قبل سنحاريب ملك من ملوك بابل يقال له ليفر وكان بختنصر ابن عمه كاتبه وأن الله أرسل عليه ريحا أهلكت
(1/314)
________________________________________
جيشه وأفلت هو وكاتبه وأن هذا البابلي قتله ابن له وأن بختنصر غضب لصاحبه فقتل ابنه الذي قتل أباه وأن سنحاريب سار بعد ذلك إليه وكان مسكنه بنينوى مع ملك أذربيجان يومئذ وكان يدعى سلمان الأعسر وأن سنحاريب وسلمان اختلفا فتحاربا حتى تفانى جنداهما وصار ما كان معهما غنيمة لبني إسرائيل
وقال بعضهم بل الذي غزا حزقيا صاحب شعيا سنحاريب ملك الموصل وزعم أنه لما أحاط بيت المقدس بجنوده بعث الله ملكا فقتل من أصحابه في ليلة واحدة مائة ألف وخمسة وثمانين ألف رجل وكان ملكه إلى أن توفي تسعا وعشرين سنة
ثم ملك بعده فيما قيل أمرهم منشا بن حزقيا إلى أن توفي خمسا وخمسين سنة
ثم ملك بعده أمون بن منشا إلى أن قتله أصحابه اثنتي عشرة سنة
ثم ملك بعده يوشيا بن أمون إلى أن قتله فرعون الأجدع المقعد ملك مصر إحدى وثلاثين سنة
ثم ياهواحاز بن يوشيا وكان فرعون الأجدع قد غزاه وأسره وأشخصه إلى مصر وملك فرعون الأجدع يوياقيم بن ياهواحاز على ما كان عليه أبوه ووظف عليه خراجا يؤديه إليه فكان يوياقيم يجبي ذلك فيما زعموا من بني إسرائيل ويحمله فيما زعموا اثنتي عشرة سنة
ثم ملك أمرهم من بعده يوياحين بن يوياقيم فغزاه بختنصر فأسره واشخصه إلى بابل بعد ثلاثة أشهر من ملكه وملك مكانه متنيا عمه وسماه صديقيا فخالفه فغزاه فظفر به فأوثقه وحمله إلى بابل بعد أن ذبح ولده بين يديه وسمل عينيه وخرب المدينة والهيكل وسبى بني إسرائيل وحملهم إلى بابل فمكثوا بها إلى أن ردهم إلى بيت المقدس كيرش بن جاماسب بن أسب من أجل القرابة التي كان بينه وبينهم وذلك أن أمه أشتر ابنة جاويل وقيل حاويل الإسرائيلي فكان جميع ما ملك صديقيا مع الثلاثة الأشهر التي ملك فيها يوياحين فيما قيل إحدى عشرة سنة وثلاثة أشهر
ثم صار ملك بيت المقدس والشام لأشتاسب بن لهراسب وعامله على ذلك كله بختنصر
وذكر محمد بن إسحاق فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عنه أن صديقة ملك بني إسرائيل الذي قد ذكرنا خبره لما قبضه الله مرج أمر بني إسرائيل وتنافسوا الملك حتى قتل بعضهم بعضا عليه ونبيهم شعيا معهم لا يرجعون إليه ولا يقبلون منه فلما فعلوا ذلك قال الله فيما بلغنا لشعيا قم في قومك أوح على لسانك فلما قام أنطق الله لسانه بالوحي فوعظهم وذكرهم وخوفهم الغير بعد أن عدد عليهم نعم الله عليهم وتعرضهم للغير
قال فلما فرغ شعيا إليهم من مقالته عدوا عليه فيما بلغني ليقتلوه فهرب منهم فلقيته شجرة فانفلقت له فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها
وقد حدثني بقصة شعيا وقومه من بني إسرائيل وقتلهم إياه محمد بن سهل البخاري قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل عن وهب بن منبه
(1/315)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
02-10-2012, 06:13 PM
ذكر خبر لهراسب وابنه بشتاسب وغزو بختنصر بني إسرائيل وتخريبه بيت المقدس
ثم ملك بعد كيخسروا من الفرس لهراسب بن كيوجي بن كيمنوش بن كيفاشين باختيار كيخسروا إياه فلما عقد التاج على رأسه قال نحن مؤثرون البر على غيره واتخذ سريرا من ذهب مكللا بأنواع الجواهر للجلوس عليه وأمر فبنيت له بأرض خراسان مدينة بلخ وسماها الحسناء ودون الدواوين وقوى ملكه بانتخابه لنفسه الجنود وعمر الأرض واجتبى الخراج لأرزاق الجنود ووجه بختنصر وكان اسمه بالفارسية فيما قيل بخترشه
فحدثت عن هشام بن محمد قال ملك لهراسب وهو ابن أخي قبوس فبنى مدينة بلخ فاشتدت شوكة الترك في زمانه وكان منزله ببلخ يقاتل الترك قال وكان بختنصر في زمانه وكان أصبهبذ ما بين الأهواز إلى أرض الروم من غربي دجلة فشخص حتى أتى دمشق فصالحه أهلها ووجه قائدا له فأتى بيت المقدس فصالح ملك بني إسرائيل وهو رجل من ولد داود وأخذ منه رهائن وانصرف فلما بلغ طبرية وثبت بنو إسرائيل على ملكهم فقتلوه وقالوا راهنت أهل بابل وخذلتنا واستعدوا للقتال فكتب قائد بختنصر إليه بما كان فكتب إليه يأمره أن يقيم بموضعه حتى يوافيه وأن يضرب اعناق الرهائن الذين معه فسار بختنصر حتى أتى بيت المقدس فأخذ المدينة عنوة فقتل المقاتلة وسبى الذرية
قال وبلغنا أنه وجد في سجن بني إسرائيل إرميا النبي وكان الله تعالى بعثه نبيا فيما بلغنا إلى بني إسرائيل يحذرهم ما حل بهم من بختنصر ويعلمهم أن الله مسلط عليهم من يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم إن لم يتوبوا وينزعوا عن سيء أعمالهم فقال له بختنصر ما خطبك فأخبره أن الله بعثه إلى قومه ليحذرهم الذي حل بهم فكذبوه وحبسوه فقال بختنصر بئس القوم قوم عصوا رسول ربهم وخلى سبيله وأحسن إليه فاجتمع إليه من بقي من ضعفاء بني إسرائيل فقالوا إنا قد أسأنا وظلمنا ونحن نتوب إلى الله مما صنعنا فادع الله أن يقبل توبتنا فدعا ربه فأوحى إليه أنهم غير فاعلين فإن كانوا صادقين فليقيموا معك بهذه البلدة فأخبرهم بما أمرهم الله به فقالوا كيف نقيم ببلدة قد خربت وغضب الله على أهلها فأبوا أن يقيموا فكتب بختنصر إلى ملك مصر إن عبيدا لي هربوا مني إليك فسرحهم إلي وإلا غزوتك وأوطأت بلادك الخيل فكتب إليه ملك مصر ما هم بعبيدك ولكنهم الأحرار أبناء الأحرار فغزاه بختنصر فقتله وسبى أهل مصر ثم سار في أرض المغرب حتى بلغ أقصى تلك الناحية ثم انطلق بسبي كثير من أهل فلسطين والأردن فيهم دانيال وغيره من الأنبياء
(1/316)
________________________________________
قال وفي ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل ونزل بعضهم أرض الحجاز بيثرب ووادي القرى وغيرها
قال ثم أوحى الله إلى إرميا فيما بلغنا إني عامر بيت المقدس فاخرج إليها فانزلها فخرج إليها حتى قدمها وهي خراب فقال في نفسه سبحان الله أمرني الله أن أنزل هذه البلدة وأخبرني أنه عامرها فمتى يعمر هذه ومتى يحييها الله بعد موتها ثم وضع رأسه فنام ومعه حماره وسلة فيها طعام فمكث في نومه سبعين سنة حتى هلك بختنصر والملك الذي فوقه وهو لهراسب الملك الأعظم وكان ملك لهراسب مائة وعشرين سنة وملك بعده بشتاسب ابنه فبلغه عن بلاد الشام أنها خراب وأن السباع قد كثرت في أرض فلسطين فلم يبق بها من الإنس أحد فنادى في أرض بابل في بني إسرائيل إن من شاء أن يرجع إلى الشام فليرجع وملك عليهم رجلا من آل داود وأمره أن يعمر بيت المقدس ويبني مسجدها فرجعوا فعمروها وفتح الله لإرميا عينيه فنظر إلى المدينة كيف تعمر وتبنى ومكث في نومه ذلك حتى تمت له مائة سنة ثم بعثه الله وهو لا يظن أنه نام أكثر من ساعة وقد عهد المدينة خرابا يبابا فلما نظر إليها قال أعلم أن الله على كل شيء قدير
قال وأقام بنو إسرائيل ببيت المقدس ورد إليهم أمرهم وكثروا بها حتى غلبت عليهم الروم في زمان ملوك الطوائف فلم يكن لهم بعد ذلك جماعة
قال هشام وفي زمان بشتاسب ظهر زرادشت الذي تزعم المجوس أنه نبيهم وكان زرادست فيما زعم قوم من علماء أهل الكتاب من أهل فلسطين خادما لبعض تلامذة إرميا النبي خاصا به أثيرا عنده فخانه فكذب عليه فدعا الله عليه فبرص فلحق ببلاد أذربيجان فشرع بها دين المجوسية ثم خرج منها متوجها نحو بشتاسب وهو ببلخ فلما قدم عليه وشرح له دينه أعجبه فقسر الناس على الدخول فيه وقتل في ذلك من رعيته مقتلة عظيمة ودانوا به فكان ملك بشتاسب مائة سنة واثنتي عشرة سنة
وأما غيره من أهل الأخبار والعلم بأمور الأوائل فإنه ذكر أن كي لهراسب كان محمودا في أهل مملكته شديد القمع للملوك المحيطة بإيران شهر شديد التفقد لأصحابه بعيد الهمة كثير الفكر في تشييد البنيان وشق الأنهار وعمارة البلاد فكانت ملوك الروم والمغرب والهند وغيرهم يحملون إليه في كل سنة وظيفة معروفة وإتاوة معلومة ويكاتبونه بالتعظيم ويقرون له أنه ملك الملوك هيبة له وحذرا
قال ويقال إن بختنصر حمل إليه من أوريشلم خزائن وأموالا فلما أحس بالضعف من قوته ملك ابنه بشتاسب واعتزل الملك وفوضه إليه وكان ملك لهراسب فيما ذكر مائة سنة وعشرين سنة وزعم أن بختنصر هذا الذي غزا بني إسرائيل اسمه بخترشه وأنه رجل من العجم من ولد جوذرز وأنه عاش دهرا طويلا جاوزت مدته ثلاثمائة سنة وأنه كان في خدمة لهراسب الملك أبي بشتاسب وأن لهراسب وجهه إلى الشام وبيت المقدس ليجلي عنها اليهود فسار إليها ثم انصرف وأنه لم يزل من بعد لهراسب في خدمة ابنه بشتاسب ثم في خدمة بهمن من بعده وأن بهمن كان مقيما بمدينة بلخ وهي التي كانت تسمى الحسناء وأنه أمر بخترشه بالتوجه إلى بيت المقدس ليجلي اليهود عنها وأن السبب في ذلك وثوب صاحب بيت المقدس على رسل كان بهمن وجههم إليه وقلته بعضهم فلما ورد
(1/317)
________________________________________
الخبر على بهمن دعا بخترشه فملكه على بابل وأمره بالمسير إليها والنفوذ منها إلى الشام وبيت المقدس والقصد إلى اليهود حتى يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم وبسط يده فيمن يختار من الأشراف والقواد فاختار من أهل بيت المملكة داريوش بن مهرى من ولد ماذي بن يافث بن نوح وكان ابن أخت بخترشه واختار كيرش كيكوان من ولد غيلم بن سام وكان خازنا على بيت مال بهمن وأخشويرش بن كيرش بن جاماسب الملقب بالعالم وبهرام بن كيرش بن بشتاسب فضم بهمن إليه من أهله وخاصته هؤلاء الأربعة وضم إليه من وجوه الأساورة ورؤسائهم ثلثمائة رجل ومن الجند خمسين ألف رجل وأذن له في أن يفرض ما احتاج إليه وفي إثباتهم ثم أقبل بهم حتى صار إلى بابل فأقام بها للتجهز والاستعداد سنة والتفت إليه جماعة عظيمة وكان فيمن سار إليه رجل من ولد سنحاريب الملك الذي كان غزا حزقيا بن أحاز الملك الذي كان بالشام وببيت المقدس من ولد سليمان بن داود صاحب شعيا يقال له بختنصر بن نبوزرادان بن سنحاريب صاحب الموصل وناحيتها بن داريوش بن عبيرى بن تيرى بن روبا بن راببا بن سلامون بن داود بن طامى بن هامل بن هرمان بن فودى بن همول بن درمى بن قمائل بن صاما بن رغما بن نمروذ بن كوش بن حام بن نوح عليه السلام
وكان مسيره إليه بسبب ما كان آتى حزقيا وبنو إسرائيل إلى جده سنحاريب عند غزوه إياهم وتوسل إليه بذلك فقدمه في جماعة كثيرة ثم اتبعه فلما توافت العساكر بيت المقدس نصر بخترشه على بني إسرائيل لما أراد الله بهم من العقوبة فسباهم وهدم البيت وانصرف إلى بابل ومعه يوياحن بن يوياقيم ملك بني إسرائيل في ذلك الوقت من ولد سليمان بعد أن ملك متنيا عم يوحينا وسماه صدقيا
فلما صار بختنصر ببابل خالفه صدقيا فغزاه بختنصر ثانية فظفر به وأخرب المدينة والهيكل وأوثق صدقيا وحمله إلى بابل بعد أن ذبح ولده وسمل عينيه فمكث بنو إسرائيل ببابل إلى أن رجعوا إلى بيت المقدس فكان غلبة بختنصر المسمى بخترشه على بيت المقدس إلى أن مات في قول هذا الذي حكينا قوله أربعين سنة
ثم قام من بعده ابن يقال له أولمرودخ فملك الناحية ثلاثا وعشرين سنة ثم هلك وملك مكانه ابن يقال له بلتشصر بن أولمرودخ سنة فلما ملك بلتشصر خلط في أمره فعزله بهمن وملك مكانه على بابل وما يتصل بها من الشام وغيرها داريوش الماذوي المنسوب إلى ماذي بن يافث بن نوح عليه السلام حين صار إلى المشرق فقتل بلتشصر وملك بابل وناحية الشام ثلاث سنين ثم عزله بهمن وولى مكانه كيرش الغيلمي من ولد غيلم بن سام بن نوح الذي كان نزع إلى جامر مع ماذي عندما مضى جامر إلى المشرق فلما صار الأمر إلى كيرش كتب بهمن أن يرفق ببني إسرائيل ويطلق لهم النزول حيث أحبوا والرجوع إلى أرضهم وأن يولي عليهم من يختارونه فاختاروا دانيال النبي عليه السلام فولي أمرهم وكان ملك كيرش على بابل وما يتصل بها ثلاث سنين فصارت هذه السنون من وقت غلبة بختنصر إلى انقضاء أمره وأمر ولده وملك كيرش الغيلمي معدودة من خراب بيت المقدس منسوبة إلى بختنصر ومبلغها سبعون سنة
ثم ملك بابل وناحيتها من قبل بهمن رجل من قرابته يقال له أخشوارش بن كيرش بن جاماسب الملقب بالعالم من الأربعة الوجوه الذين اختارهم بخترشه عند توجهه إلى الشام من قبل بهمن وذلك أن
(1/318)
________________________________________
أخشوارش انصرف إلى بهمن من عند بختنصر محمودا فولاه ذلك الوقت بابل وناحيتها وكان السبب في ولايته فيما زعم أن رجلا كان يتولى لبهمن ناحية السند والهند يقال له كراردشير بن دشكال خالفه ومعه من الأتباع ستمائة ألف فولى بهمن أخشويرش الناحية وأمره بالمسير إلى كراردشير ففعل ذلك وحاربه فقتله وقتل أكثر أصحابه فتابع له بهمن الزيادة في العمل وجمع له طوائف من البلاد فلزم السوس وجمع الأشراف وأطعم الناس اللحم وسقاهم الخمر وملك بابل إلى ناحية الهند والحبشة وما يلي البحر وعقد لمائة وعشرين قائدا في يوم واحد الألوية وصير تحت يد كل قائد ألف رجل من أبطال الجند الذين يعدل الواحد منهم في الحرب بمائة رجل وأوطن بابل وأكثر المقام بالسوس وتزوج من سبي بني إسرائيل امرأة يقال لها أشتر ابنة أبي حاويل كان رباها ابن عم لها يقال له مردخى وكان أخاها من الرضاعة لأن أم مردخى أرضعت أشتر وكان السبب في تزوجه إياها قتله امرأة كانت له جليلة جميلة خطيرة يقال لها وشتا فأمرها بالبروز ليراها الناس ليعرفوا جلالتها وجمالها فامتنعت من ذلك فقتلها فلما قتلها جزع لقتلها جزعا شديدا فأشير عليه باعتراض نساء العالم ففعل ذلك وحببت إليه أشتر صنعا لبني إسرائيل فتزعم النصارى أنها ولدت له عند مسيره إلى بابل ابنا فسماه كيرش وأن ملك أخشويرش كان أربع عشرة سنة وقد علمه مردخى التوراة ودخل في دين بني إسرائيل وفهم عن دانيال النبي عليه السلام ومن كان معه حنيئذ مثل حننيا وميشايل وعازريا فسألوه بأن يأذن لهم في الخروج إلى بيت المقدس فأبى وقال لو كان معي منكم ألف نبي ما فارقني منكم واحد ما دمت حيا وولى دانيال القضاء وجعل إليه جميع أمره وأمره أن يخرج كل شيء في الخزائن مما كان بختنصر أخذه من بيت المقدس ويرده وتقدم في بناء بيت المقدس فبني وعمر في أيام كيرش بن أخشويرش وكان ملك كيرش مما دخل في ملك بهمن وخماني اثنتين وعشرين سنة
ومات بهمن لثلاث عشرة سنة مضت من ملك كيرش وكان موت كيرش لأربع سنين مضين من ملك خماني فكان جميع ملك كيرش بن أخشويرش اثنتين وعشرين سنة
فهذا ما ذكر أهل السير والأخبار في أمر بختنصر وما كان من أمره وأمر بني إسرائيل
وأما السلف من أهل العلم فإنهم قالوا في أمرهم أقوالا مختلفة فمن ذلك ما حدثني القاسم بن الحسن قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال حدثني يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير أنه سمعه يقول كان رجل من بني إسرائيل يقرأ حتى إذا بلغ بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ( 1 ) بكى وفاضت عيناه ثم أطبق المصحف فقال ذلك ما شاء الله من الزمان ثم قال أي رب أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه فأري في المنام مسكينا ببابل يقال له بختنصر فانطلق بمال وأعبد له وكان رجلا موسرا فقيل له أين تريد فقال أريد التجارة حتى نزل دارا ببابل فاستكراها ليس فيها أحد غيره فجعل يدعو المساكين ويلطف بهم حتى لا يأتيه أحد إلا أعطاه فقال هل بقي مسكين غيركم فقالوا نعم مسكين بفج آل فلان مريض يقال له بختنصر فقال لغلمته انطلقوا بنا فانطلق حتى أتاه فقال ما اسمك قال بختنصر فقال لغلمته احتملوه فنقله إليه فمرضه حتى برئ وكساه وأعطاه نفقة ثم أذن الإسرائيلي بالرحيل فبكى بختنصر فقال الإسرائيلي ما يبكيك قال أبكي
(1/319)
________________________________________
أنك فعلت بي ما فعلت ولا أجد شيئا أجزيك قال بلى شيئا يسيرا إن ملكت أطعتني فجعل الآخر يتبعه ويقول تستهزئ بي ولا يمنعه أن يعطيه ما سأله إلا أنه يرى أنه يستهزئ به فبكى الإسرائيلي وقال لقد علمت ما يمنعك أن تعطيني ما سألتك إلا أن الله عز و جل يريد أن ينفذ ما قضى وكتب في كتابه
وضرب الدهر من ضربه فقال صيحون وهو ملك فارس ببابل لو أنا بعثنا طليعة إلى الشأم قالوا وما ضرك لو فعلت قال فمن ترون قالوا فلان فبعث رجلا وأعطاه مائة ألف وخرج بختنصر في مطبخه لا يخرج إلا ليأكل في مطبخه فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة أكثر أرض الله فرسا ورجلا جلدا فكسره ذلك في ذرعه فلم يسأل فجعل بختنصر يجلس مجالس أهل الشام فيقول ما يمنعكم أن تغزوا بابل فلو غزوتموها فما دون بيت مالها شيء قالوا لا نحسن القتال ولا نقاتل حتى تنفذ مجالس أهل الشام ثم رجعوا فأخبر متقدم الطليعة ملكهم بما رأى وجعل بختنصر يقول لفوارس الملك لو دعاني الملك لأخبرته غير ما أخبره فلان فرفع ذلك إليه فدعاه فأخبره الخبر وقال إن فلانا لما رأى أكثر أرض الله كراعا ورجلا جلدا كسر ذلك في ذرعه ولم يسالهم عن شيء وإني لم أدع مجلسا بالشام إلا جالست أهله فقلت لهم كذا وكذا فقالوا لي كذا وكذا للذي ذكر سعيد بن جبير أنه قال لهم فقال متقدم الطليعة لبختنصر فضحتني لك مائة ألف وتنزع عما قلت قال لو أعطيتني بيت مال بابل ما نزعت وضرب الدهر من ضربه فقال الملك لو بعثنا جريدة خيل إلى الشأم فإن وجدوا مساغا ساغوا وإلا امتشوا ما قدروا عليه قالوا ما ضرك لو فعلت قال فمن ترون قالوا فلان قال بل الرجل الذي أخبرني بما أخبرني فدعا بختنصر فأرسله وانتخت معه أربعة آلاف من فرسانهم فانطلقوا فجاسوا خلال الديار فسبوا ما شاء الله ولم يخربوا ولم يقتلوا ورمي في جنازة صيحون قالوا استخلفوا رجلا قالوا على رسلكم حتى يأتي أصحابكم فإنهم فرسانكم أن ينغصوا عليكم شيئا فأمهلوا حتى جاء بختنصر بالسبي وما معه فقسمه في الناس فقالوا ما رأينا أحدا أحق بالملك من هذا فملكوه
وقال آخرون منهم إنما كان خروج بختنصر إلى بني إسرائيل لحربهم حين قتلت بنو إسرائيل يحيى بن زكرياء
ذكر بعض من قال ذلك منهم
حدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط عن السدي في الحديث الذي ذكرنا إسناده قبل أن بختنصر بعثه صيحائين لحرب بني إسرائيل حين قتل ملكهم يحيى بن زكرياء عليه السلام وبلغ صيحائين قتله
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال فيما بلغني استخلف الله عز و جل على بني إسرائيل بعد شعيا رجلا منهم يقال له ياشية بن أموص فبعث الله لهم الخضر نبيا واسم الخضر فيما كان وهب بن منبه يزعم عن بني إسرائيل إرميا بن حلقيا وكان من سبط هارون
وأما وهب بن منبه فإنه قال فيه ما حدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل قال سمعت وهب بن منبه يقول
وحدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عمن لا يتهم عن وهب بن منبه اليماني أنه كان
(1/320)
________________________________________
يقول قال الله عز و جل لإرميا حين بعثه نبيا إلى بني إسرائيل يا إرميا من قبل أن أخلقك اخترتك ومن قبل أن أصورك في بطن أمك قدستك ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهرتك ومن قبل أن تبلغ السعي نبيتك ومن قبل أن تبلغ الأشد اختبرتك ولأمر عظيم اجتبيتك فبعث الله عز و جل إرميا إلى ذلك الملك من بني إسرائيل يسدده ويرشده ويأتيه بالخبر من قبل الله فيما بينه وبين الله عز و جل
قال ثم عظمت الأحداث في بني إسرائيل وركبوا المعاصي واستحلوا المحارم ونسوا ما كان الله صنع بهم وما نجاهم من عدوهم سنحاريب وجنوده فأوحى الله عز و جل إلى إرميا أن ائت قومك من بني إسرائيل فاقصص عليهم ما آمرك به وذكرهم نعمي عليهم وعرفهم إحداثهم فقال إرميا إني ضعيف إن لم تقوني عاجز إن لم تبلغني مخطئ إن لم تسددني مخذول إن لم تنصرني ذليل إن لم تعزني قال الله عز و جل ألم تعلم أن الأمور كلها تصدر عن مشيئتي وأن القلوب كلها والألسن بيدي أقلبها كيف شئت فتطيعني وأني أنا الله الذي لا شيء مثلي قامت السموات والأرض وما فيهن بكلمتي وأنا كلمت البحار ففهمت قولي وأمرتها فعقلت أمري وحددت عليها بالبطحاء فلا تعدى حدي تأتي بأمواج كالجبال حتى إذا بلغت حدي ألبستها مذلة طاعتي خوفا واعترافا لأمري إني معك ولن يصل إليك شيء معي وإني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي لتبلغهم رسالاتي ونستحق بذلك مثل أجر من اتبعك منهم لا ينقص ذلك من أجوره مشيئا وإن تقصر به عنها تستحق بذلك مثل وزر من تركت في عماه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا انطلق إلى قومك فقل إن الله ذكر بكم صلاح آبائكم فحمله ذلك على أن يستتيبكم يا معشر الأبناء وسلهم كيف وجد آباءهم مغبة طاعتي وكيف وجدوا هم مغبة معصيتي وهل علموا أن أحدا قبلهم أطاعني فشقي بطاعتي أو عصاني فسعد بمعصيتي وأن الدواب مما تذكر أوطانها الصالحة تنتابها وأن هؤلاء القوم رتعوا في مروج الهلكة أما أحبارهم ورهبانهم فاتخذوا عبادي خولا يتعبدونهم دوني ويحكمون فيهم بغير كتابي حتى أجهلوهم أمري وأنسوهم ذكري وغروهم مني وأما أمراؤهم وقادتهم فبطروا نعمتي وأمنوا مكري ونبذوا كتابي ونسوا عهدي وغيروا سنتي وادان لهم عبادي بالطاعة التي لا تنبغي إلا لي فهم يطيعونهم في معصيتي ويتابعونهم على البدع التي يبتدعون في ديني جرأة علي وغرة وفرية علي وعلى رسلي فسبحان جلالي وعلو مكاني وعظمة شأني وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي وهل ينبغي أن أخلق عبادا أجعلهم أربابا من دوني وأما قراؤهم وفقهاؤهم فيتعبدون في المساجد ويتزينون بعمارتها لغيري لطلب الدنيا بالدين ويتفقهون فيها لغير العلم ويتعلمون فيها لغير العمل وأما أولاد الأنبياء فمكثورون مقهورون مغترون يخوضون مع الخائضين فيتمنون علي مثل نصرة آبائهم والكرامة التي أكرمتهم بها ويزعمون أن لا أحد أولى بذلك منهم مني بغير صدق ولا تفكر ولا تدبر ولا يذكرون كيف نصر آبائهم لي وكيف كان جدهم في أمري حين غير المغيرون وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم فصبروا وصدقوا حتى عز أمري وظهر ديني فتأنيت بهؤلاء القوم لعلهم يستجيبون فأطولت لهم وصفحت عنهم لعلهم يرجعون وأكثرت ومددت لهم في العمر يتفكرون فأعذرت وفي كل ذلك أمطر عليهم السماء وأنبت لهم الأرض وألبسهم العافية وأظهرهم على العدو فلا يزدادون إلا طغيانا وبعدا مني فحتى متى هذا أبي يتمرسون أم إياي يخادعون فإني أحلف بعزتي لأقيضن لهم فتنة يتحير فيها الحليم ويضل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم ثم لأسلطن عليهم جبارا قاسيا عاتيا ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرأفة
(1/321)
________________________________________
والرحمة والليان يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم له عساكر مثل قطع السحاب ومراكب أمثال العجاج كأن خفيق راياته طيران النسور وكأن حملة فرسانه كرير العقبان
ثم أوحى الله عز و جل إلى إرميا أني مهلك بني إسرائيل بيافث ويافث أهل بابل فهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام فلما سمع إرميا وحي ربه صاح وبكى وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه فقال ملعون يوم ولدت فيه ويوم لقنت فيه التوراة ومن شر ايامي يوم ولدت فيه فما أبقيت آخر الأنبياء إلا لما هو شر علي لو أراد بي خيرا ما جعلني آخر الأنبياء من بني إسرائيل فمن أجلي تصيبهم الشقوة والهلاك
فلما سمع الله عز و جل تضرع الخضر وبكاءه وكيف يقول ناداه يا إرميا أشق عليك ما أوحيت لك قال نعم يا رب أهلكني قبل أن أرى في بني إسرائيل ما لا أسر به فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا أهلك بيت المقدس وبني إسرائيل حتى يكون الأمر من قبلك في ذلك ففرح عند ذلك إرميا لما قال له ربه وطابت نفسه وقال لا والذي بعث موسى وأنبياءه بالحق لا آمر ربي بهلاك بني إسرائيل أبدا
ثم أتى ملك بني إسرائيل فأخبره بما أوحى الله إليه فاستبشر وفرح وقال إن يعذبنا ربنا فبذنوب كثيرة قدمناها لأنفسنا وإن عفا عنا فبقدرته
ثم إنهم لبثوا بعد هذا الوحي ثلاث سنين لم يزدادوا إلا معصية وتماديا في الشر وذلك حين اقترب هلاكهم فقل الوحي حين لم يكونوا يتذكرون الآخرة وأمسك عنهم حين ألهتهم الدنيا وشأنها فقال لهم ملكهم يا بني إسرائيل انتهوا عما أنتم عليه قبل أن يمسكم بأس الله وقبل أن يبعث الله عليكم قوما لا رحمة لهم بكم فإن ربكم قريب التوبة مبسوط اليدين بالخير رحيم بمن تاب إليه فأبوا عليه أن ينزعوا عن شيء مما هم عليه وإن الله ألقى في قلب بختنصر بن نبوزراذان بن سنحاريب بن دارياس بن نمروذ بن فالغ بن عابر ونمروذ صاحب إبراهيم عليه السلام الذي حاجه في ربه أن يسير إلى بيت المقدس ثم يفعل فيه ما كان جده سنحاريب أراد أن يفعل فخرج في ستمائة ألف راية يريد أهل بيت المقدس فلما فصل سائرا أتى ملك بني إسرائيل الخبر أن بختنصر قد أقبل هو وجنوده يريدكم فأرسل الملك إلى إرميا فجاءه فقال يا إرميا أين ما زعمت لنا أن ربك أوحى إليك ألا يهلك أهل بيت المقدس حتى يكون منك الأمر في ذلك فقال إرميا للملك إن ربي لا يخلف الميعاد وأنا به واثق
فلما اقترب الأجل ودنا انقطاع ملكهم وعزم الله تعالى على هلاكهم بعث الله عز و جل ملكا من عنده فقال له اذهب إلى إرميا واستفته وأمره بالذي يستفتيه فيه فأقبل الملك إلى إرميا وقد تمثل له رجلا من بني إسرائيل فقال له إرميا من أنت قال أنا رجل من بني إسرائيل أستفتيك في بعض أمري فأذن له فقال له الملك يا نبي الله أتيتك أستفتيك في أهل رحمي وصلت أرحامهم بما أمرني الله به لم آت إليهم إلا حسنا ولم آلهم كرامة فلا تزيدهم كرامتي إياهم إلا إسخاطا لي فأفتني فيهم يا نبي الله فقال له أحسن فيما بينك وبين الله وصل ما أمرك الله أن تصل وأبشر بخير قال فانصرف عنه الملك فمكث أياما ثم أقبل إليه في صورة ذلك الرجل الذي كان جاءه فقعد بين يديه فقال له إرميا من أنت قال أنا الرجل الذي أتيتك أستفتيك في شأن أهلي فقال له نبي الله أو ما طهرت لك أخلاقهم بعد ولم تر منهم الذي تحب قال يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما أعلم كرامة يأتيها أحد من الناس إلى أهل رحمه
(1/322)
________________________________________
إلا وقد أتيتها إليهم وأفضل من ذلك فقال النبي ارجع إلى أهلك فأحسن إليهم واسأل الله الذي يصلح عباده الصالحين أن يصلح ذات بينكم وأن يجمعكم على مرضاته ويجنبكم سخطه فقام الملك من عنده فلبث أياما وقد نزل بختنصر وجنوده حول بيت المقدس بأكثر من الجراد ففزع منهم بنو إسرائيل فزعا شديدا وشق ذلك على ملك بني إسرائيل فدعا إرميا فقال يا نبي الله أين ما وعدك الله فقال إني بربي واثق ثم إن الملك أقبل إلى إرميا وهو قاعد على جدار بيت المقدس يضحك ويستبشر بنصر ربه الذي وعده فقعد بين يديه فقال له إرميا من أنت قال أنا الذي كنت أتيتك في شأن أهلي مرتين فقال له النبي أو لم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم فيه فقال الملك يا نبي الله كل شيء كان يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه وأعلم أن مآلهم في ذلك سخطي فلما أتيتهم اليوم رأيتهم في عمل لا يرضاه الله ولا يحبه قال له النبي على أي عمل رأيتهم قال يا نبي الله رأيتهم على عمل عظيم من سخط الله فلو كانوا على مثل ما كانوا عليه قبل اليوم لم يشتد غضبي عليهم وصبرت لهم ورجوتهم ولكني غضبت اليوم لله ولك فأتيتك لأخبرك خبرهم وإني أسألك بالله الذي هو بعثك بالحق إلا ما دعوت عليهم أن يهلكهم الله قال إرميا يا ملك السموات والأرض إن كانوا على حق وصواب فأبقهم وإن كانوا على سخطك وعمل لا ترضاه فأهلكهم
فلما خرجت الكلمة من في إرميا أرسل الله عز و جل صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها فلما رأى ذلك إرميا صاح وشق ثيابه ونبذ التراب على رأسه وقال يا ملك السماء ويا أرحم الراحمين أين ميعادك الذي وعدتني فنودي يا إرميا إنه لم يصبهم الذي أصابهم إلا بفتياك التي أفتيت بها رسولنا فاستيقن النبي أنها فتياه التي أفتى بها ثلاث مرات وأنه رسول ربه
وطار إرميا حتى خالط الوحوش ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس فوطئ الشأم وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذفه في بيت المقدس فقذفوا فيه التراب حتى ملأوه ثم انصرف راجعا إلى أرض بابل واحتمل معه سبايا بني إسرائيل وأمرهم أن يجمعوا من كان في بيت المقدس كلهم فاجتمع عنده كل صغير وكبير من بني إسرائيل فاختار منهم مائة ألف صبي فما خرجت غنائم جنده وأراد أن يقسمها فيهم قالت له الملوك الذين كانوا معه أيها الملك لك غنائمنا كلها واقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل ففعل فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمة وكان من أولئك الغلمان دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل وسبعة آلاف من أهل بيت داود وأحد عشر ألفا من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه بنيامين وثمانية آلاف من سبط أشر بن يعقوب وأربعة عشر ألفا من سبط زبالون بن يعقوب ونفثالي بن يعقوب وأربعة ألاف من سبط روبيل ولاوى ابني يعقوب وأربعة آلاف من سبط يهوذا بن يعقوب ومن بقي من بني إسرائيل وجعلهم بختنصر ثلاث فرق فثلثا أقر بالشام وثلثا سبى وثلثا قتل وذهب بآنية بيت المقدس حتى أقدمها بابل وذهب بالصبيان السبعين الألف حتى أقدمهم بابل وكانت هذه الوقعة الأولى التي أنزلها الله ببني إسرائيل بإحداثهم وظلمهم
(1/323)
________________________________________
فلما ولى بختنصر عنهم راجعا إلى بابل بمن معه من سبايا بني إسرائيل أقبل إرميا على حمار له معه عصير من عنب في ركوة وسلة تين حتى غشي إيلياء فلما وقف عليها ورأى ما بها من الخراب دخله شك فقال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام وحماره وعصيره وسلة تينه عنده حيث أماته الله وأمات حماره معه وأعمى الله عنه العيون فلم يره أحد ثم بعثه الله فقال له كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه يقول لم يتغير وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ( 1 ) فنظر إلى حماره يتصل بعض إلى بعض وقد كان مات معه بالعروق والعصب ثم كيف كسى ذلك منه اللحم حتى استوى ثم جرى فيه الروح فقام ينهق ثم نظر إلى عصيره وتينه فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير فلما عاين من قدرة الله ما عاين قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ( 1 ) ثم عمر الله إرميا بعد ذلك فهو الذي يرى بفلوات الأرض والبلدان
ثم إن بختنصر أقام في سلطانه ما شاء الله أن يقيم ثم رأى رؤيا فبينما هو قد أعجبه ما رأى إذ رأى شيئا أصابه فأنساه الذي كان رأى فدعا دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل من ذراري الأنبياء فقال أخبروني عن رؤيا رأيتها ثم أصابني شيء فأنسانيها وقد كانت أعجبتني ما هي قالوا له أخبرنا بها نخبرك بتأويلها قال ما أذكرها وإن لم تخبروني بتأويلها لأنزعن أكتافكم فخرجوا من عنده فدعوا الله واستغاثوا وتضرعوا إليه وسألوه أن يعلمهم إياها فأعلمهم الذي سألهم عنه فجاؤوه فقالوا له رأيت تمثالا قال صدقتم قالوا قدماه وساقاه من فخار وركبتاه وفخذاه من نحاس وبطنه من فضة وصدره من ذهب ورأسه وعنقه من حديد قال صدقتم قالوا فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك فأرسل الله عليه صخرة من السماء فدقته فهي التي أنستكها قال صدقتم فما تأويلها قالوا تأويلها أنك أريت ملك الملوك فكان بعضهم ألين ملكا من بعض وبعضهم كأن أحسن ملكا من بعض وبعضهم كان أشد ملكا من بعض فكان أول الملك الفخار وهو أضعفه وألينه ثم كان فوقه النحاس وهو أفضل منه وأشد ثم كان فوق النحاس الفضة وهي أفضل من ذلك وأحسن ثم كان فوق الفضة الذهب فهو أحسن من الفضة وأفضل ثم كان الحديد ملكك فهو كان أشد الملوك وأعز مما كان قبله وكانت الصخرة التي رأيت أرسل الله عليه من السماء فدقته نبيا يبعثه الله من السماء فيدق ذلك أجمع ويصير الأمر إليه
ثم إن أهل بابل قالوا لبختنصر أرأيت هؤلاء الغلمان من بني إسرائيل الذين كنا سألناك أن تعطيناهم ففعلت فإنا والله لقد أنكرنا نساءنا منذ كانوا معنا لقد رأينا نساءنا علقن بهم وصرفن وجوههن إليهم فأخرجهم من بين أظهرنا أو اقتلهم قال شأنكم بهم فمن أحب منكم أن يقتل من كان في يده فليفعل فأخرجوهم فلما قربوهم للقتل تضرعوا إلى الله فقالوا يا ربنا أصابنا البلاء بذنوب غيرنا فتحنن الله عليهم برحمته فوعدهم أن يحييهم بعد قتلهم فقتلوا إلا من استبقى بختنصر منهم وكان ممن استبقى منهم دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل
ثم إن الله تبارك وتعالى حين أراد هلاك بختنصر انبعث فقال لمن كان في يديه من بني إسرائيل
(1/324)
________________________________________
أرأيتم هذا البيت الذي أخربت وهؤلاء الناس الذين قتلت من هم وما هذا البيت قالوا هذا بيت الله ومسجد من مساجده وهؤلاء أهله كانوا من ذراري الأنبياء فظلموا وتعدوا وعصوا فسلطت عليهم بذنوبهم وكان ربهم رب السموات والأرض ورب الخلق كلهم يكرمهم ويمنعهم ويعزهم فلما فعلوا ما فعلوا أهلكهم الله وسلط عليهم غيرهم قال فأخبروني ما الذي يطلع بي إلى السماء العليا لعلي أطلع إليها فاقتل من فيها وأتخذها ملكا فإني قد فرغت من الأرض ومن فيها قالوا له ما تقدر على ذلك وما يقدر على ذلك أحد من الخلائق قال لتفعلن أو لأقتلنكم عن آخركم فبكوا إلى الله وتضرعوا إليه فبعث الله بقدرته ليريه ضعفه وهوانه عليه بعوضة فدخلت في منخره ثم ساخت في دماغه حتى عضت بأم دماغه فما كان يقر ولا يسكن حتى يوجأ له رأسه على أم دماغه فلما عرف الموت قال لخاصته من أهله إذا مت فشقوا رأسي فانظروا ما هذا الذي قتلني فلما مات شقوا رأسه فوجدوا البعوضة عاضة بأم دماغه ليري الله العباد قدرته وسلطانه ونجى الله من كان بقي في يديه من بني إسرائيل وترحم عليهم وردهم إلى الشأم وإلى إيلياء المسجد المقدس فبنوا فيه وربلوا وكثروا حتى كانوا على أحسن ما كانوا عليه
فيزعمون والله أعلم أن الله أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا فلحقوا بهم
ثم إنهم لما دخلوا الشأم دخلوها وليس معهم عهد من الله كانت التوراة قد استبيت منهم فحرقت وهلكت وكان عزير من السبايا الذين كانوا ببابل فرجع إلى الشأم يبكي عليها ليله ونهاره قد خرج من الناس فتوحد منهم وإنما هو ببطون الأودية وبالفلوات يبكي فبينما هو كذلك في حزنه على التوراة وبكائه عليها إذ أقبل إليه رجل وهو جالس فقال يا عزير ما يبكيك قال أبكي على كتاب الله وعهده كان بين أظهرنا فبلغت بنا خطايانا وغضب ربنا علينا أن سلط عليا عدونا فقتل رجالنا وأخرب بلادنا وأحرق كتاب الله الذي بين أظهرنا الذي لا يصلح دنيانا وآخرتنا غيره أو كما قال فعلام أبكي إذا لم أبك على هذا قال أفتحب أن يرد ذلك عليك قال وهل إلى ذلك من سبيل قال نعم ارجع فصم وتطهر وطهر ثيابك ثم موعدك هذا المكان غدا فرجع عزير فصام وتطهر وطهر ثيابه ثم عمد إلى المكان الذي وعده فجلس فيه فأتاه ذلك الرجل بإناء فيه ماء وكان ملكا بعثه الله إليه فسقاه من ذلك الإناء فمثلت التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل فوضع لهم التوراة يعرفونها بحلالها وحرامها وسننها وفرائضها وحدودها فأحبوه حبا لم يحبوه شيئا قط وقامت التوراة بين أظهرهم وصلح بها أمرهم وأقام بين أظهرهم عزير مؤديا لحق الله ثم قبضه الله على ذلك ثم حدثت فيهم الأحداث حتى قالوا لعزير هو ابن الله وعاد الله عليهم فبعث فيهم نبيا كما كان يصنع بهم يسدد أمرهم ويعلمهم ويأمرهم بإقامة التوراة وما فيها
وقال جماعة أخر عن وهب بن منبه في أمر بختنصر وبني إسرائيل وغزوه إياهم أقوالا غير ذلك تركنا ذكرها كراهة إطالة الكتاب بذكرها
(1/325)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
02-10-2012, 08:46 PM
ذكر خبر غزو بختنصر للعرب
حدثت عن هشام بن محمد قال كان بدء نزول العرب ارض العراق وثبوتهم فيها واتخاذهم الحيرة والأنبار منزلا فيما ذكر لنا والله أعلم أن الله عز و جل أوحى إلى برخيا بن أحنيا بن زربابل بن شلتيل منولد يهوذا قال هشام قال الشرقي وشلتيل أول من اتخذ الطفشيل أن ائت بختنصر وأمره أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب ويطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتلتهم ويستبيح أموالهم وأعلمه كفرهم بي واتخاذهم الآلهة دوني وتكذيبهم أنبيائي ورسلي
قال فأقبل برخيا بن نجران حتى قدم على بختنصر ببابل وهو نبوخذ نصر فعربته العرب وأخبره بما أوحى الله إليه وقص عليه ما أمره به وذلك في زمان معد بن عدنان قال فوثب بختنصر على من كان في بلاده من تجار العرب وكانوا يقدمون عليهم بالتجارات والبياعات ويمتارون من عندهم الحب والتمر والثياب وغيرها
فجمع من ظفر به منهم فبنى لهم حيرا على النجف وحصنه ثم ضمهم فيه ووكل بهم حرسا وحفظة ثم نادى في الناس بالغزو فتأهبوا لذلك وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب فخرجت إليه طوائف منهم مسالمين مستأمنين فاستشار بختنصر فيهم برخيا فقال إن خروجهم إليك من بلادهم قبل نهوضك إليهم رجوع منهم عما كانوا عليه فاقبل منهم فأحسن إليهم
قال فأنزلهم بختنصر السواد على شاطئ الفرات فابتنوا موضع عسكرهم بعد فسموه الأنبار قال وخلى عن أهل الحير فاتخذوها منزلا حياة بختنصر فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار وبقي ذلك الحير خرابا
وأما غير هشام من أهل العلم بأخبار الماضين فإنه ذكر أن معد بن عدنان لما ولد ابتدأ بنو إسرائيل بأنبيائهم فقتلوهم فكان آخر من قتلوا يحيى بن زكرياء وعد أهل الرس على نبيهم فقتلوه وعدا أهل حضور على نبيهم فقتلوه فلما اجترؤوا على أنبياء الله أذن الله في فناء ذلك القرن الذين معد بن عدنان من أنبيائهم فبعث الله بختنصر على بني إسرائيل فلما فرغ من إخراب المسجد الأقصى والمدائن وانتسف بني إسرائيل نسفا فأوردهم أرض بابل أري فيما يرى النائم أو أمر بعض الأنبياء أن يأمره أن يدخل بلاد العرب فلا يستحيي فيها إنسيا ولا بهيمة وأن ينتسف ذلك نسفا حتى لا يبقي لهم أثرا فنظم بختنصر ما بين إيلة والأبلة خيلا ورجلا ثم دخلوا على العرب فاستعرضوا كل ذي روح أتوا عليه وقدروا عليه وأن الله
(1/326)
________________________________________
تعالى أوحى إلى إرميا وبرخيا أن الله قد أنذر قومكما فلم ينتهوا فعادوا بعد الملك عبيدا وبعد نعيم العيش عالة يسألون الناس وقد تقدمت إلى أهل عربة بمثل ذلك فأبوا إلا لحاجة وقد سلطت بختنصر عليهم لأنتقم منهم فعليكما بمعد بن عدنان الذي من ولده محمد الذي أخرجه في آخر الزمان أختم به النبوة وأرفع به من الضعة
فخرجا تطوى لهما الأرض حتى سبقا بختنصر فلقيا عدنان قد تلقاهما فطوياه إلى معد ولمعد يومئذ اثنتا عشرة سنة فحمله برخيا على البراق وردف خلفه فانتهيا إلى حران من ساعتهما وطويت الأرض لإرميا فأصبح بحران فالتقى عدنان وبختنصر بذات عرق فهزم بختنصر عدنان وسار في بلاد العرب حتى قدم إلى حضور واتبع عدنان فانتهى بختنصر إليها وقد اجتمع اكثر العرب من أقطار من عربة إلى حضور فخندق الفريقان وضرب بختنصر كمينا وذلك أول كمين كان فيما زعم ثم نادى مناد من جو السماء يا لثارات الأنبياء فأخذتهم السيوف من خلفهم ومن بين أيديهم فندموا على ذنوبهم فنادوا بالويل ونهي عدنان عن بختنصر ونهي بختنصر عن عدنان وافترق من لم يشهد حضور ومن أفلت قبل الهزيمة فرقتين فرقة أخذت إلى ريسوب وعليهم عك وفرقة قصدت لوبار وفرقة حضر العرب قال وإياهم عنى الله بقوله وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة كافرة الأهل فإن العذاب لما نزل بالقرى وأحاط بهم في آخر وقعة ذهبوا ليهربوا فلم يطيقوا الهرب فلما أحسوا بأسنا انتقامنا منهم إذا هم منها يركضون يهربون قد أخذتهم السيوف من بين أيديهم ومن خلفهم لا تركضوا لا تهربوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه إلى العيشة على النعم المكفورة ومساكنكم مصيركم لعلكم تسألون فلما عرفوا أنه واقع بهم أقروا بالذنوب فقالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ( 1 ) موتى وقتلى بالسيف
فرجع بختنصر إلى بابل بما جمع من سبايا عربة فألقاهم بالأنبار فقيل أنبار العرب وبذلك سميت الأنبار وخالطهم بعد ذلك النبط
فلما رجع بختنصر مات عدنان وبقيت بلاد العرب خرابا حياة بختنصر فلما مات بختنصر خرج معد بن عدنان معه الأنبياء أنبياء بني إسرائيل صلوات الله عليهم حتى أتى مكة فأقام أعلامها فحج وحج الأنبياء معه ثم خرج معد حتى أتى ريسوب فاستخرج أهلها وسأل عمن بقي من ولد الحارث بن مضاض الجرهمي وهو الذي قاتل دوس العتق فأفنى أكثرهم جرهم على يديه فقيل له بقي جوشم بن جلهمة فتزوج معد ابنته معانة فولدت له نزار بن معد
(1/327)
________________________________________
رجع الخبر إلى قصة بشتاسب وذكر ملكه والحوادث التي كانت في أيام ملكه التي جرت على يديه ويد غيره من عماله في البلاد خلا ما جرى من ذلك على يد بختنصر
ذكر العلماء بأخبار الأمم السالفة من العجم والعرب أن بشتاسب بن كي لهراسب لما عقد له التاج قال يوم ملك نحن صارفون فكرنا وعملنا وعلمنا إلى كل ما ينال به البر وقيل إنه ابتنى بفارس مدينة فسا وببلاد الهند وغيرها بيوتا للنيران ووكل بها الهرابذة وإنه رتب سبعة نفر من عظماء أهل مملكته مراتب وملك كل واحد منهم ناحية جعلها له وإن زرادشت بن أسفيمان ظهر بعد ثلاثين سنة من ملكه فادعى النبوة وأراده على قبول دينه فامتنع من ذلك ثم صدقه وقبل ما دعاه إليه وأتاه به من كتاب ادعاه وحيا فكتب في جلد اثني عشرة ألف بقرة حفرا في الجلود ونقشا بالذهب وصير بشتاسب ذلك في موضع من إصطخر يقال له دزنبشت ووكل به الهرابذة ومنع تعليمه العامة وكان بشتاسب في أيامه تلك مهادنا لخرزاسف بن كي سواسف أخي فراسياب ملك الترك على ضرب من الصلح وكان من شرط ذلك الصلح أن يكون لبشتاسب بباب خرزاسف دابة موقوفة بمنزلة الدواب التي تنوب على أبواب الملوك فأشار زرادشت على يشتاسب بمفاسدة ملك الترك فقبل ذلك منه وبعث إلى الدابة والموكل بها فصرفهما إليه وأظهر الخبر لخرزاسف فغضب من ذلك وكان ساحرا عاتيا فأجمع على محاربة بشتاسب وكتب إليه كتابا غليظا عنيفا أعلمه فيه أنه أحدث حدثا عظيما وأنكر قبوله ما قبل من زرادشت وأمره بتوجيهه إليه وأقسم إن امتنع أن يغزوه حتى يسفك دمه ودماء أهل بيته
فلما ورد الرسول بالكتاب على بشتاسب جمع إليه أهل بيته وعظماء أهل مملكته وفيهم جاماسف عالمهم وحاسبهم وزرين بن لهراسب فكتب بشتاسب إلى ملك الترك كتابا غليظا جواب كتابه آذنه فيه بالحرب وأعلمه أنه غير ممسك عنه إن أمسك فسار بعضهما إلى بعض مع كل واحد منهما من المقاتلة ما لا يحصى كثرة ومع بشتاسب يومئذ زرين أخوه ونسطور بن زرين وإسفنديار وبشوتن ابنا بشتاسب وآل لهراسب جميعا ومع خرزاسف وجوهرمز وأندرمان أخواه وأهل بيته وبيدرفش الساحر فقتل في تلك الحروب زرين واشتد ذلك على بشتاسب فأحسن الغناء عنه ابنه إسفنديار وقتل بيدرفش مبارزة فصارت الدبرة على الترك فقتلوا قتلا ذريعا ومضى خرزاسف هاربا ورجع بشتاسب إلى بلخ فلما مضت لتلك الحروب سنون سعى على إسفنديار رجل يقال له قرزم فأفسد قلب بشتاسب عليه فندبه لحرب بعد حرب ثم أمر بتقييده وصيره في الحصن الذي فيه حبس النساء وشخص بشتاسب إلى ناحية كرمان وسجستان وصار منها إلى جبل يقال له طميذر لدراسة دينه والنسك هناك وخلف لهراسب أباه مدينة بلخ شيخا قد أبطله الكبر وترك خزائنه وأمواله ونساءه
(1/328)
________________________________________
مع خطوس امرأته فحملت الجواسيس الخبر إلى خرزاسف فلم اعرف جمع جنودا لا يحصون كثرة وشخص من بلاده نحو بلخ وقد أمل أن يجد فرصة من بشتاسب ومملكته فلما انتهى إلى تخوم ملك فارس قدم أمامه جوهرمز أخاه وكان مرشحا للملك بعده في جماعة من المقاتلة كثيرة وأمره أن يغذ السير حتى يتوسط المملكة ويوقع بأهلها ويغير على القرى والمدن ففعل ذلك جوهرمز وسفك الدماء واستباح من الحرم مالا يحصى واتبعه خرزاسف فأحرق الدواوين وقتل لهراسف والهرابذة وهدم بيوت النيران واستولى على الأموال والكنوز وسبى ابنتين لبشتاسب يقال لإحداهما خماني وللأخرى باذافره وأخذ فيما أخذ العلم الأكبر الذي كانوا يسمونه درفش كابيان وشخص متبعا لبشتاسب وهرب منه بشتاسب حتى تحصن في تلك الناحية مما يلي فارس في الجبل الذي يعرف بطميذر ونزل ببشتاسب ما ضاق به ذرعا فيقال إنه لما اشتد به الأمر وجه إلى إسفنديار جاماسب حتى استخرجه من محبسه ثم صار به إليه فلما أدخل عليه اعتذر إليه ووعده عقد التاج على رأسه وأن يفعل به مثل الذي فعل لهراسب به وقلده القيام بأمر عسكره ومحارب خرزاسف
فلما سمع إسفنديار كلامه كفر له خاشعا ثم نهض من عنده فتولى عرض الجند وتمييزهم وتقدم فيما احتاج إلى التقدم فيه وبات ليلته مشغولا بتعبئته فلما أصبح أمر بنفخ القرون وجمع الجنود ثم سار بهم نحو عسكر الترك فلما رأت الترك عسكره خرجوا في وجوههم يتسابقون وفي القوم جوهرمز وأندرمان فالتحمت الحرب بينهم وانقض إسفنديار وفي يده الرمح كالبرق الخاطف حتى خالط القوم وأكب عليهم بالطعن فلم يكن إلا هنيهة حتى ثلم في العسكر ثلمة عظيمة وفشا في الترك أن إسفنديار قدأطلق من الحبس فانهزموا لا يلوون على شيء وانصرف إسفنديار وقد ارتجع العلم الأعظم وحمله معه منشورا فلما دخل على بشتاسب استبشر بظفره وأمره باتباع القوم وكان مما أوصاه به أن يقتل خرزاسف إن قدر عليه بلهراسف ويقتل جهرمز وأندرمان بمن قتل من ولده ويهدم حصون الترك ويحرق مدنها ويقتل أهلها بمن قتلوا من حملة الدين ويستنقذ السبايا ووجه معه ما احتاج إليه من القواد والعظماء
فذكروا أن إسفنديار دخل بلاد الترك من طريق لم يرمه أحد قبله وأنه قام من حراسة جنده وقتل ما قتل من السباع ورمي العنقاء المذكورة بما لم يقم به أحد قبله ودخل مدينة الترك التي يسمونها دزروئين وتفسيرها بالعربية الصفرية عنوة حتى قتل الملك وإخوته ومقاتلته واستباح أمواله وسبى نساءه واستنقذ أختيه وكتب بالفتح إلى أبيه وكان أعظم الغناء في تلك المحاربة بعد إسفنديار لفشوتن أخيه وأدرنوش ومهرين بن ابنته ويقال إنهم لم يصلوا إلى المدينة حتى قطعوا أنهارا عظيمة مثل كاسروذ ومهرروذ ونهرا آخر لهم عظيما وإن إسفنديار دخل ايضا مدينة كانت لفراسياب يقال لها وهشكند ودوخ البلاد وصار إلى آخر حدودها وإلى التبت وباب صول ثم قطع البلاد وصير كل ناحية منها إلى رجل من وجوه الترك بعد أن آمنهم ووظف على كل واحد منهم خراجا يحمله إلى بشتاسب في كل سنة ثم انصرف إلى بلخ
ثم إن بشتاسب حسد ابنه إسفنديار لما ظهر منه فوجهه إلى رستم بسجستان فحدثت عن هشام بن محمد الكلبي أنه قال قد كان بشتاسب جعل الملك من بعده لابنه إسفنديار وأغزاه الترك فظفر بهم وانصرف إلى أبيه فقال له هذا رستم متوسطا بلادنا وليس يعطينا الطاعة لادعائه ما جعل له قابوس من العتق من رق الملك فسر إليه فأتني به فسار إسفنديار إلى رستم فقاتله فقتله رستم ومات بشتاسب وكان
(1/329)
________________________________________
ملكه مائة سنة واثنتي عشرة سنة
وذكر بعضهم أن رجلا من بني إسرائيل يقال له سمي كان نبيا وأنه بعث إلى بشتاسب فصار إليه إلى بلخ ودخل مدينتها فاجتمع هو وزرادشت صاحب المجوس وجاماسب العالم بن فخد وكان سمي يتكلم بالعبرانية ويعرف زرادشت ذلك بتلقين ويكتب بالفارسية ما يقول سمي بالعبرانية ويدخل جاماسب معهما في ذلك وبهذا السبب سمي جاماسب العالم
وزعم بعض العجم أن جاماسب هو ابن فخد بن هو بن حكاو بن نذكاو بن فرس بن رج بن خوراسرو بن منوشهر الملك وأن زرادشت بن يوسيف بن فردواسف بن ارتحد بن منجدسف بن جخشنش بن فيافيل بن الحدي بن هردان بن سفمان بن ويدس بن أدرا بن رج بن خوراسرو بن منوشهر
وقيل إن بشتاسب وأباه لهراسب كانا على دين الصابئين حتى أتاه سمي وزرادشت بما أتياه به وأنهما أتياه بذلك لثلاثين سنة مضت من ملكه
وقال هذا القائل كان ملك بشتاسب مائة وخمسين سنة فكان ممن رتب بشتاسب من النفر السبعة المراتب الشريفة وسماهم عظماء بهكا بهند ومسكنه دهستان من أرض جرجان وقارن الفلهوي ومسكنه ماه نهاوند وسورين الفلهوي ومسكنه سجستان وإسفنديار الفلهوي ومسكنه الري
وقال آخرون كان ملك بشتاسب مائة وعشرين سنة
(1/330)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 10:23 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى