صدقة من "فقير"
27-02-2015, 05:53 AM

عبد الناصر

كان لاعب الكرة، الذي ما زال لم يعرف من يكون، ومن أين جاء وأين يذهب، المدعو نبيل فقير، صريحا جدا مع الجزائريين، ومع الفرنسيين أيضا، عندما طلب منهم جميعا أن ينتظروه، إلى غاية شهر مارس، ليقول لهم، كيف يريد أن يكون؟ فجاء الحوار الذي تفضل به على يومية ليكيب الفرنسية، واضحا جدا، من دون أن يدسّ ما بين أسطره أي رسالة، تحتاج إلى التشفير أو التأويل، وشرّح "السيئة الكبرى" لحكاية مزدوجي الجنسية، الذين يُصبحون جزائريين، كلما كانت لهم حقوق هنا، ثم يتحوّلون إلى فرنسيين كلما كانت لهم حقوق هناك، ولو بقي المشكل في لعبة الكرة فقط لهان الأمر، ولكن كثيرين من الذين يسيّرون أمورنا في مختلف المجالات وفي القمّة، قدّموا للمدعو نبيل فقير الوصفة فتعاطاها كاملة، بالرغم من الخطأ الذي ارتكبه في حق نفسه، عندما كشف عن خطته في التفكير، عبر ليّ ذراع فرنسا، بالقول، بأنه لن ينتظر طويلا، وباستصغار الجزائر، باعترافه بأنها ستكون في المقام الأخير، وسيختارها إن رفضته فرنسا. ولا نفهم لحد الآن لماذا لم تردّ الجزائر، بسرعة، وتقول لهذا التائه، بأن طريقه إلى الجزائر مسدود، وبأنه يطارد خيوطا من سراب، وعليه أن يختار بين فرنسا وبين اللاشيء، لأن الذي يفكّر، لأي وطن ينتمي، قادر على أن يبيع هذا الوطن، مع أول دحرجة للكرة، فما بالك في أمور الجدّ.

وما حدث للجزائر مع بعض السياسيبن وبعض المستثمرين وحتى الوزراء، ومنهم شكيب خليل، الذين كانت أجسامهم في الجزائر، وعقولهم وحساباتهم المالية في الخارج، ومنهم من يقود أحزابا ويسيّر مديريات فاعلة، كفيل بأن يدفع الجزائر لأن تطالب بحذف قانون ازدواجية الجنسية، ولا تنتظر من جون ماري لوبان وابنته لأن يكونا أكثر وطنية، برفض جمع جنسية بلدهم الجلاد، بجنسية ضحيته، من الجزائريين.

وقد يكون نبيل فقير ضحية لأسلوب حياة، يعيشه بعض المهاجرين، ويباركه بعض المسؤولين وحتى المواطنين هنا، فعندما يشاهد استقبال الملوك الذي خصّت به الجزائر، الفرنسي الجنسية والهوى وعرق البذل، زين الدين زيدان، رسميا وشعبيا، يجعله يعلم بأن سحابات الخير ستهطل في أرضه، وسيناله الحب، حتى ولو اختار فرنسا، ووقف لنشيدها الوطني، وحمل ألوانها على قميصه وفي صدره، بل حتى لو لعب ضد بلده مع الطرف الآخر، كما حدث مع زين الدين زيدان، وقد تكون المغنية فلة عبابسة أيضا غير خاطئة، عندما أعلنت بأنها ستطلب الحصول على الجنسية الفرنسية، لأنها تعلم بأن الذي يحصل على جنسية بلد ما وراء البحر، سينال ما في بحرنا من زمرّد ومرجان.

تُعرّف الجنسية في الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها رابطة تقوم على علاقة نفعية بين الدولة والفرد الذي يعيش على إقليمها، وتُعرّف في فرنسا على أنها رابطة سياسية وروحية بن الفرد والدولة، وتعرّف في ألمانيا، بأنها عطاء لبلد واحد دون بقية البلدان، فتمنع ألمانيا ازدواجية الجنسية، ويبدو أن تعريف الجنسية في الجزائر قد تحوّل إلى سجل تجاري، مع اختلاف بسيط عن روح التجارة، وهو الربح فقط.