هل نفض الآفلان يديه من بن غبريط؟
18-09-2016, 04:22 AM





محمد مسلم

مسؤول الملف السياسي بجريدة الشروق


انبرت أحزاب السلطة للدفاع عن وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، وذلك في أعقاب الفضيحة التي فجرها كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، في واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ قطاع التربية.
أول المدافعين عن الوزيرة كان الأمين العام للتجمع الوطن الديمقراطي، أحمد أويحيى، الذي هوّن من الخطأ التي تضمنه كتاب الجغرافيا رغم فداحته، وقال: "إنه خطأ مطبعي بسيط، كما جاء في اعتراف المسؤول الأول على مؤسسة الفنون المطبعية".
أويحيى استهجن الحملة التي تعرضت لها وزيرة التربية بسبب هذا الخطأ، الذي لا يرقى لأن يصبح قضية، يضيف المتحدث، مثلما لا يمكن الانطلاق من هذه الحادثة لاتهام الوزيرة وإطارات الوزارة بالانحراف عن الموقف الجزائري الثابت، بخصوص القضية الفلسطينية.
هذا الموقف تبناه أيضا، رئيس تجمع أمل الجزائر "تاج" عمار غول، الذي قال إن هذه المسألة يجب أن تبقى في "دائرة الخطأ"، ودعا إلى عدم تسييس القضية وجعلها مطية لحملة انتخابية مسبقة للانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك في لقاءات مع إطارات ومناضلي حزبه السبت.
وجاءت تصريحات أويحيى ومعه غول المدافعة عن بن غبريط، بعد الانتقادات الشديدة التي أعقبت فضيحة "كتاب الجغرافيا" ونالت من وزيرة التربية، التي وإن تبرأت من التسبب فيها، إلا أن قرارها بفتح التحقيق، يجب ألا يتوقف عند "مسح الموس" في كبش فداء قد لا يكون المتسبب الوحيد في ما جرى.
وفي مقابل ذلك، ما زال موقف الحزب الأكثر تمثيلا في الحكومة، جبهة التحرير الوطني، من هذه القضية، غير واضح في ظل عدم صدور أي تصريح من مسؤوليه ينتقد أو يدافع، وهو ما يدفع للتساؤل إن كان الأفلان قد نفض يديه من نورية بن غبريط.
ومعلوم أن الأفلان لم يساير إصلاحات وزير التربية وخاصة في شقها المتعلق باللغة العربية، بحيث دافع قياديون في الحزب عن هذه المادة باعتبارها "مادة هوية"، ولعل ذلك كان من بين الأسباب التي كانت وراء اتهام الرجل الأول في الأرندي في وقت سابق، ما وصفه الأوساط المحافظة، بالوقوف وراء الحملة التي تعرضت لها وزيرة التربية مطلع الصائفة المنقضية.
و"المحافظون" في التوصيف الجزائري للنخب، موجودون في الأحزاب التي تدافع عن الثوابت الوطنية ومقومات الهوية، وهؤلاء يشكلون القوة الضاربة في حزب جبهة التحرير الوطني، كما في بقية الأحزاب الإسلامية والوطنية، وهو ما يفسر العلاقة المتوترة بين بن غبريط ومختلف الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في صورة كل من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحركة الإصلاح الوطني.
غير أن سكوت الأفلان عن الوزيرة وإصلاحاتها في وقت سابق، قد لا يعني بالضرورة أنه منسجم معها، وقد تكون الاعتبارات المتعلقة بالتضامن الحكومي هي التي بررت هذا السكوت، الذي قد لا يدوم طويلا، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بقضية مثل القضية الفلسطينية، التي تعتبر من الثوابت في السياسة الخارجية للجزائر وفي عقيدتها الدبلوماسية.
ومن هذا المنطلق، لا يستبعد أن يوقع الأفلان وأمينه العام، عمار سعداني، العائد من البقاع المقدسة قبل يومين، موقفا قد يفاجئ به الرأي العام، بخصوص الفضيحة الأخيرة التي تضمنها كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، التي تجاوزت كل الخطوط المسموح بها.