تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى التاريخ > منتدى السير والتراجم

> سيرة وعبرة من حياة الشيخ الناصر المرموري رحمه الله

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية مَحمد باي
مَحمد باي
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 11-10-2008
  • الدولة : أقبلي أدرار
  • المشاركات : 4
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • مَحمد باي is on a distinguished road
الصورة الرمزية مَحمد باي
مَحمد باي
عضو جديد
سيرة وعبرة من حياة الشيخ الناصر المرموري رحمه الله
18-05-2011, 11:17 PM
الحمد لله وحده


نبذة عن حياة الشيخ الناصر المرموري – رحمه الله –(1)
قاسم باحماني الراعي

الشيخ مرموري الناصر بن محمد بن الحاج عمر، ولد يوم 01 رجب 1345 هـ الموافق لـ 07 جانفي 1927م بالقرارة ولاية غرداية، أمه بسيس عائشة بنت أحمد.
تربى بين أحضان عائلة متواضعة وتلقى تعليمه الأول بمسقط رأسه على يد الشيخ أبو الحسن علي بن صالح والشيخ بسيس قاسم بن الحاج سعيد.
استظهر القرآن كاملا على يد أستاذه بسيس عمر بن الحاج سعيد يوم 15 جوان 1942 وهو شاب يافع ذو الخمسة عشر ربيعا، بعد هذا انضم مباشرة إلى معهد الحياة لمواصلة مشواره الدراسي الثانوي.
تلقى الشيخ الناصر تعليمه في معهد الحياة على يد رائد الإصلاح في وادي ميزاب الشيخ ابراهيم بيوض ومساعده الشيخ عدون رحمهما الله، إلى جانب مشائخ وعلماء ذلك العصر منهم الشيخ علي يحي معمر والشيخ بكير بيوض والشيخ عمر بن صالح آداود حيث أخذ عنهم علوم اللغة العربية والفقه والحساب والميراث.

بعد الاستزادة من مختلف العلوم بدأ الشيخ الناصر مسيرته التعليمية بمعهد الحياة يوم 1 أكتوبر 1947 وهو لا يزال حاملا مشعل التعليم والإصلاح إلى يومنا هذا.
سنة 1962 طلب الإمام غالب العماني من مشائخ وادي ميزاب إيفاد أحد أساتذة المعهد إلى مصر للإشراف على مكتب عمان في القاهرة ورعاية شؤون البعثة العلمية العمانية هناك، وفاوض في هذا الأمر كلا من الشيخ عدون والشيخ عبد الرحمن بكلي رحمهم الله، فوقع الاختيار على الشيخ الناصر المرموري ليضطلع بهذه المهمة العلمية في القاهرة، فانتقل الشيخ إلى القاهرة بتاريخ 01 سبتمبر 1962 ليمكث فيها مدة ثلاث سنوات إلى أن أنهى مهمته يوم 01 جوان 1962 (2).

سنوات الشيخ الناصر في القاهرة تعتبر نقطة تحول مهمة في حياته حيث كانت فرصة للاغتراف من بحر العلوم الشرعية فكان يلازم مشائخ الأزهر ويواظب على حضور محاضراتهم بمركز المؤتمر الإسلامي في الزمالك، وعلى رأسهم الشيخ محمد الغزالي ومحمد أبو زهرة والسيد سابق ومحمود حسن ربيع وفتح الله بدران والشيخ أحمد الشرباصي وغيرهم، كما كان يستقدم بعضهم للتدريس في الداخلية التي كان يشرف عليها، كما كان هو أيضا مدرسا لمادة الفقه فيها.

كان الشيخ خلال تواجده بالقاهرة يلتقي بالشيخ البشير الابراهيمي في مقر إقامته بمصر الجديدة في جلسات أدبية رفيعة، كما كان ملازما للشيخ أبو إسحاق ابراهيم اطفيش في أمسيات يتبادلان فيها أطراف الحديث عن السياسة والتاريخ و أحوال الأمة العربية و الإسلامية.
واصل الشيخ الناصر مشواره التعليمي بمعهد الحياة بعد رجوعه من مصر سنة 1965 مدرسا للعلوم الشرعية من أصول الفقه والحديث والتفسير، وقد كان يلازم الشيخ صديق دربه الشيخ أبو اليقظان مساء كل جمعة ولمدة طويلة حيث كانا يجولان معا في عالم الشعر والأدب ويستطلعان أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

مما يشتهر به الشيخ الناصر أسلوبه المتميز في التدريس والوعظ والإرشاد وذلك لغزارة علمه وتفقهه في الدين، فأول بداياته في هذا المنهاج كانت بدار العلم (الشيخ بالحاج) بالقرارة أين كان يلقي دروسا على التلاميذ والطلبة وعامة الناس وذلك من سنة 1947 إلى غاية 1971 سنة انضمامه إلى حلقة العزابة بمدينة القرارة، وفي السنة نفسها عُين عضوا في مجلس عمي سعيد الهيئة العرفية التي تتولى الشؤون الدينية في وادي ميزاب.

بداية من سنة 1975 اعتلى الشيخ الناصر منبر المسجد الكبير واعظا وخطيبا وإماما بتكليف من الشيخ بيوض؛ وبعد وفاة الشيخ شريفي سعيد الشيخ عدون رحمه الله أصبح الشيخ الناصر رئيسا لحلقة العزابة بالقرارة سنة 2004 إلى أن وافته المنية، فكان مرشدا دينيا ومصلحا اجتماعيا في قرى وادي ميزاب والجزائر متبعا المنهج الإصلاحي للشيخ بيوض رحمه الله.

تولى الشيخ الناصر المرموري لعشرات السنين مهمة مرافقة الحجاج الميامين إلى البقاع المقدسة كمرجعية فقهية وتاريخية للحجاج باعتباره عضوا دائما في البعثة الميزابية إلى البقاع المقدسة، كما اشتهر بالرحلات العديدة التي قام بها في ربوع الوطن الإسلامي بهدف نشر العلم والمعرفة حيث زار تونس، ليبيا، عُمان، السعودية وجزيرة زنجبار بتنزانيا، واستقدم العديد من البعثات العلمية العُمانية والزنجبارية للدراسة في معهد الحياة بالقرارة، كما أرسل عدة بعثات علمية جزائرية للدراسة في معهد القضاء الشرعي بمسقط والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

يعرف الشيخ الناصر بالأدب الراقي الذي أبدع فيه منذ كان طالبا بمعهد الحياة في أربعينات القرن الماضي، حيث كتب عشرات القصائد ومئات المقالات في مختلف المجالات و المناسبات، و أول قصيدة كتبها كانت سنة 1946 و عمره تسعة عشر سنة كانت بمناسبة استقبال الشيخ بيوض رحمه الله من الجولة الاستطلاعية التي قادته إلى مختلف المدن الجزائرية وذلك بعد رجوعه من المنفى، و مطلع القصيدة:
أهـلا بـمـن ورث الـنـبيء مـحـمـدا فـي الـعـلـم والـعـرفـان والإحـسـان

ومن أشهر ما كتب كذلك قصيدة بمناسبة استقبال مصالي الحاج في العاصمة سنة 1947؛ أما مقالات الشيخ فقد كان ينشرها بمجلة الشباب الصادرة عن معهد الحياة والتي كانت تعتبر عصارة النتاج الأدبي لطلبة وأساتذة المعهد، كما نشر الشيخ بعض مقالاته في جريدة الإصلاح للشيخ الطيب العقبي، والبصائر لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وللشيخ الناصر المرموري مؤلف تحت عنوان مختصر تفسير الشيخ بيوض رحمه الله في ثماني مجلدات، جمع فيه ملخصات للدروس التي كان يلقيها الشيخ بيوض بالمسجد الكبير بالقرارة في تفسير القرآن الكريم.

استقبل الشيخ الناصر المرموري صبيحة يوم الأحد 12 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ 15 ماي 2011م بمعهد الحياة بالقرارة سماحة الشيخ أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي مفتي سلطنة عمان الذي كان في زيارة علمية إلى الجزائر، ثم تشاء الأقدار أن يصاب الشيخ الناصر بنوبة قلبية مفاجئة مساء اليوم نفسه بعد عودته من القرارة إلى مكان إقامته بقصر تافيلالت بأعالي مدينة بن يزقن بغرداية، نقل على إثرها إلى عيادة الواحات أين لفظ أنفاسه الأخيرة، عن عمر يناهز أربعة وثمانين عاما. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه - إنا لله وإنا إليه راجعون.

______________________________________


الشيخ الناصر المرموري كما عرفته
إباض أبي بكر بهون علي

يشاء الله تعالى في يوم الأحد 15 ماي 2011 أن تفقد الأمة الإسلامية والشعب الجزائري عالما من علمائها، الفقيه الورع التقي، فضيلة الشيخ ناصر بن محمد المرموري رحمة الله عليه، وإنّ لذلك وقع كبير في نفوس من عرفه وخبره وتربّى على يديه، ولا نملك إلاّ أن نقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، ومن واجب الأبوة الروحية والمرافقة الودّية للشيخ الناصر المرموري عليّ أجدني مجبراً أن أضع بين أيديكم هذه الكلمات، لتستفيدوا وتفيدوا وتدعوا للشيخ بالقبول والمغفرة والرحمة فإليكموها:

من هو الشيخ ناصر بن محمد المرموري؟

1) اسمه الكامل: ناصر بن محمّد بن باحمد بن إبراهيم المرموري، من عشيرة آل جهلان، أمّه بسيس عائشة بنت محمد .
- ميلاده: من مواليد 7 جانفي سنة 1927 بمدينة القرارة.
- إخوته: الحاج أحمد وهو أكبر منه والحاج عمر وهو أصغر منه، ويتوسّطهم الشيخ الناصر.
- زوجته: بسيس عائشة .
- أولاده: إبراهيم، لالة، أحمد، رحمية.

2) ظروفه المعيشية: لم تكن ظروف الشيخ ميسورة الحال، لكن حبّه للعلم وأهله جعله يصبر هذا الجانب، وقد تغرّب أبوه لمدة أربع سنوات إلى تونس الشقيقة للعمل بـها، وكان يرسل لهم ما يلزم لمعاشهم، كما كانت أمّه تعمل وتنسج لتسديد نفقات الضرورية للحياة، إلاّ أن الله تعالى لم ولن يخيّب ظنّ عبده به، فقد فتح الله تعالى على الشيخ وعوّضه خيرا من المال، فكرّمه بالعلم وشرّفه بالأخلاق الحميدة وكفاه بـما يـحفظ ماء وجهه ليعيش كريما، كما حبّبه إلى الخلائق، رجالا ونساء، شبابا وشيبا، عواماً وعلماء، فقد ألقى محبة الله في قلوب الخلائق

3) أهمّ مـحطاته العلمية:
- بدأ دراسته بالـمحضرة منذ 5 سنوات. ثم التحق بـمدرسة الحياة والمدرسة الرسمية الفرنسية.
- تـحصّل على شهادة التعليم الأساسي SERTAFICAT D'ETUDE
- حفظ القرآن الكريم واستظهره سنة 1939 وعمره 12 سنة.
- التحق بـمعهد الحياة طالبا، وتتلمذ على كثير من العلماء مـمن عاشرهم:كالشيخ بيوض، الشيخ عدوّن، الشيخ عبد الله أبو العلا، الشيخ أبو اليقظان، الشيخ أبي اسحاق إبراهيم اطفيش، الشيخ صالح أداود الشيخ علي يـحي امعمّر، والشيخ محمّد علي دبوز، الشيخ حمو فخار.
- كان يقرأ للشيخ بيوض في حلقة الوعظ والإرشاد بالمسجد الكبير، حينما كان يشرح صحيح البخاري.
- كان مرافقا للشيخ أبي اليقظان ويطالع له.
- تـحصّل على إجازة في الحديث بالمدينة المنوّرة.

4) مواهبه:
- الشعر والأدب: للشيخ قوة كبيرة على الوصف فهو أديب وبليغ، يحفظ من الشعر الشيء الكثير بمختلف العصور الجاهلية والإسلام والأموي والعباسي، القديم والحديث..
كما أنّ له قصائد عديدة، وقد أحرق جلّها عندما تعدّى الاستعمار الغاشم على مدينة القرارة باحثا عن الجنود والمناضلين، إلاّ أن منها ما هو منشور والآخر مخطوط ومسطور.

- الحفظ: وقد امتلك الشيخ ذاكرة قوية فهو حفّاظة، وقد سألته يوما كيف حفظت هذا الكم الـهائل من العلم والشعر والحكم والتاريخ والأسماء...، فقال "أذكر ما تعّلمته في كل مناسبة تسمح بذلك".

- علم الأنساب: لا يكاد يقف أحد أمام الشيخ معرّفا نفسه، إلاّ وواصل الشيخ ذكر حالته المدنية، أنت ابن فلان وفلانه خالتك فلانة وعمّك فلان، جدّك كان يعمل كذا... إلى غيرها من التفاصيل، ولم يقتصر هذا على القرارة بل تعدّاه إلى بعض قصور وادي مزاب فضلا عن التاريخ الإسلامي، والإباضي سواء المشرقي منه أو المغربي.

5) مسؤوليات ومهام أشرف عليها:
تمحورت حياة الشيخ الناصر على التربية والتعليم والوعظ والإرشاد بدرجة كبيرة، كما كانت له مهام ومسؤوليات أخرى نذكر أهمّها على سبيل المثال لا الحصر.
- تفرّغ لمهمة التدريس معهد الحياة سنة 1947 رفقة عدد من المشايخ والعلماء.
- كان شاعراً وأديباً وفقيهاً ومؤرّخاً.
- أشرف على إقامة الطلبة العمانيين بـجمهورية مصر الشقيقة من سنة 63 إلى 1965.
- تكفّل وأشرف على الطلبة الزنجباريين.
- مرشد وواعظ، وقد كان أول درس ألقاه أمام الملأ بتكليف من الشيخ بيوض في مدينة ورجلان
- مفتي.
- خطيب جمعة بالمسجد الكبير القرارة.
- مرشد الحجاج لبعثة الإباضية الميزابيين.
- عضو مجلس عمّي سعيد.
- رئيس هيئة العزابة بالقرارة.
- مرشد وواعظ

6) صفاته وأخلاقه:
- الحلم والأناة:كان الشيخ حليما حكيما وقورا، تبدوا على ملامحه التواضع وسعة الصدر، ولا يفضل الجدال ولا النقاش العقيم،
- الكلمة الطيبة: كان طيب الكلام حلو اللسان، صافي الجنان يصدق عليه قول شاعر:
لا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كبير القوم من يحمل الحقدا.
بعيد كلّ البعد عن الغيبة، ولا يسكت عمن يغتاب أحدا أمامه، فينهاه ويذكره بقوله تعالى" أيحب أحدكم أن ياكل لحم أخيه ميّتا فكرهتموه"
- الوقار والمهابة: مـمّا ترسّخ في ذهني، تلكم الصورة الخالدة للشيخ، وهو يستعد لينطلق في التدريس والتعليم فتكسوه مهابة ووقار، واجلال واحترام، يتجلّى عليه نور العلم، وروح الإخلاص، وصدق الحديث وفصاحة اللسان، فيلقي دررا من العلم مـمرزجة بروح الحب والخير، مختصرا مركزاً على الجيّد المفيد، ناطقا بالقول السديد، محترما للوقت بالتحديد، سكوته تأمّل وتفكّير وكلامه علم وتذكّير.
- الكرم والصدق:
كثيرا ما تـجد للشيخ أناس يقصدونه بين الفينة والأخرى يتودّدون إليه ليمنح لهم ما يحتاجونه ستحقونه من صدقة أو زكاة، كما أنّه يسعى جاهدا ألا تفوته الصدقة يوم الجمعة، فكم كان يتأسف عندما يذهب إلى صلاة الجمعة ولم يأخذ معه مبلغا ليتصدّق به وبخاصة في أسفاره.
كما كان رحمة الله عليه يخصص للطلبة لقاءات وولائم وبخاصة الغرباء منهم والبعيدين عن أهاليهم وذويهم.
- الإنصاف: في بعض المواقف أشعر أن الشيخ قد تجاوز دود الآخرين، فأسدي له النصيحة، مبديا وجهة نظري، كونه أستاذي ومرشدي وأبي الروحي، وكوني تلميذا ومرافقا بل خادما وفياً له، فأجده منصفا متواضعا معترفا، بل شاكرا إيّاي قائلا الحمد لله أن جعلك هكذا فمن الأشياء الثمينة أن تجد من ينصحك فبارك الله فيك، فرحمة الله على شيخي ما دامت السموات والأراضين.
- الورد اليومي: كان للشيخ الناصر وردا يوميا، لا يؤجله ولا يؤخره، فقد تعهّد على حزبين لليوم، مواضبا على ذلك ليختم القرآن مرة في كلّ شهر فرحمة الله عليه.
- قيامه لليل: اذكر في إحدى أيام الصائفة، بينما كنت غارقا في النوم في سطح دار الشيخ بالقرارة وفي قرابة الساعة 2:45 أسمع صوتا خافتا تتقطّعه أنات البكاء، يسري إلى أذنيّ ففتحت عينيّ فإذا بالشيخ قائما راكعا ساجدا لله تعالى متضرّعا.
وفي الصبيحة لم أملك نفسي وسألته يا شيخ كيف بلغت ما أنت من هذا الخير، فقال: الحمد لله...إنّ الظروف الصعبة التي مررنا عليها، حيث لا نستطيع أن نسخن الماء في بيوتنا لصلاة الفجر ، فكان لزاما أن نستيقظ باكرين " غيرو"، ونتوجه إلى المسجد فنجد الماء الساخن ونتهيأ للصلاة، وكان هذا منذ مرحلة شبابي والحمد لله على نعمه. فرب ضارّة نافعة.

7) رحلاتـه:
كان الشيخ الناصر كثير الترحال حتى في آخر أيام حياته، وقد سألته يوما عن ذلك فقال: "مادامت أتحرك فلن أتوانى عن السفر والترحال"، فقد كانت له رحلات سنوية داخل الوطن وخارجه سواء للتواصل أو الاستجمام، ومن بين الدول التي زارها:
المملكة العربية السعودية، فلسطين، ليبيا، تونس، تنزانيا، عُمان، الكويت، العراق، مصر...

8) من مقولات عن الشيخ:
معروف أنّ الشيخ لا يسهر أكثر من الساعة 23:00 إلاّ في الحالات النادرة جدًا، وعندما يطلب من أحد الحاضرين المكوث يقول باللهجة الجزائرية: "الضربة اتجي في صلاة الصبح" أي أن الضريبة تدفعها صلاة الفجر، فلا تصلّى في المسجد ولا في وقتها.

9) ومضات في رحاب الشيخ:
كانت خطواته الوئيدة، وابتسامته الرقيقة، وصوته الرخيم، ومنظره الظريف، وكتاب طلعة الشمس محمول بيمناه... إشعاعات يرسلها إلى قلبي وأنا أنظر إليه في ثنايا سحن معهد الحياة وطلبة قسم الشريعة يـحفّون حوله، كدرر العقد تُزاحِم القلادةَ علّها تـحظى بشرف جوارها، مدرّسا مرشدا إيّاهم ليفقهوا في الدين، ويشقّوا عباب بـحر الحياة بإيمان وعلم وعمل، ملتمس من المصطفى محمّد صلّى الله عليه وسلّم نور الحديث وضياء القرآن، إنّه فضيلة الشيخ ناصر بن محمّد المرموري.
فما نسبه وما مساره العلمي؟.

أول لقائي مع الشيخ ؟
اتصلت بأحد الخلان لنبرم موعداً نزور فيه فضيلة الشيخ الناصر في بيته الكريم، وكان لنا ذلك في شهر فيفري من سنة 1995 لأتعرّف عليه عن قرب، علّي أتعلّم ممّا علّم رشدا، وقد عرّفته بنفسي وبسبب قدومي إليه ففرح بذلك، وحكى لنا رحلته إلى البقاع المقدّسة والبيت المقدس سنة 1956 براً في حافلات "بوكامل" مع جدّي القاضي المرحوم بـهون علي الحاج محمّد المعروف بـ "عبد الرحيم".

ومـمّا زاد ترحيب الشيخ بـي كوني على مقربة إتـمامي حفظ القرآن الكريم، ففتح لي أبواب قلبه قبل داره، بتواضعه وخفّة روحه وأدبه الجمّ، وقد أعار لي لباسه العزابي"أحولي" لألبسه في حفلة حفظة القرآن الكريم.

وبعد فترة من الزمن وفي الصائفة استقر المقام بالشيخ بحي بوشمجان واحة غرادية كعادته، حيث يقضي ثلثي الصائفة مرشدا داعيا في المنابر والأعراس، زرته في بيته لأطلّع على أحواله، وأعرض عليه صورا تذكارية قد جمعتنا في حفلة تكريم حفظة القرآن، وكنت قبل فترة قصيرة قد اطلعت على كتاب للشيخ أحمد بن محمّد فرصوص، ألّفه بعد مسيرة مباركة مع رائد الصحافة الوطنية الشيخ أبي اليقظان، فانتفعت من هذا الكتاب بمقوله للمؤلف عندما زار الشيخ أبا اليقظان،"هل بإمكاني أن أقدّم لك خدمة " فاغتنمت فرصة وجودي مع الشيخ الناصر، فقلت له نفس العبارة" "هل بإمكاني أن أقدّم لك خدمة" فقال أهلا وسهلاً أنا بحاجة لمن يطالع لي، وبخاصة أن بصري بدأ يضعف فلا أستطيع قراءة الخط المكتوب باليد بسهولة، فسعدت أيّما سعادة، وقلت أنا مستعد يا شيخي الكريم وفي أي وقت ومكان تريد.
اتفقنا على موعد ليوم الغد صباحاً، ليعطي برنامجه اليومي واتفقنا على أن تكون البداية في الفترات المسائية بعد صلاة العصر مباشرة، ويكون اللقاء بدار العلم ّ أو ما تسمّى بـ"البعثة" بواحة غرداية، وبعد فترة قصيرة تـحوّل برنامج عملنا إلى الفترة الصباحية والمسائية معاً.

" انح هذا النحو
إنّها عبارة نصح بـها الشيخ بيوض طالبه الشيخ الناصر المرموري، حينما أعدّ عملاً مهماً بمناسبة اختتام الشيخ بيوض لتفسيير القرآن الكريم، وهو اختصار تفسير سورة النور بـهدف تبسيطه للقارئ، وبعد اطلاع الشيخ بيوض على هذا العمل، قال: "انح هذا النحو"
وبقيت هذه العبارة ترنّ في أذن الشيخ الناصر حتّى عقد العزم على المضي قدما لإتـمام هذا المشوار إلى سورة الناس.

وقد كان الشيخ الناصر رحمة الله عليه يتمنّى أن يختم هذا العمل، ويبدأ مرة أخرى من سورة الفاتحة إلى سورة النحل قائلاً لي: "لازلت أحمل تلكم المعاني البليغة التي كان يلقيها على مسامعنا العلامة الشيخ بيوض في دروس التفسير، فأدعو الله أن يوفقني لاختصاره لتكتمل سلسلة تفسير الشيخ بيوض، فقد عشتها لحظة بلحظة".
فما كان من الشيخ الناصر إلاّ أن يستجيب لنصيحة شيخه وواصل العمل مبتدأ من سورة الإسراء، وكانت أولى مطالعتي مع الشيخ ناصر رحمة الله عليه في كتاب التفسير للعلامة الإمام الشيخ بيوض رحمه الله، وبالضبط سورة الأنبياء،

منهجية العمل:
- فقد كنت أقرأ على الشيخ الناصر التفسير من المجلد الكبير المكتوب بـخط يد الأستاذ عيسى بن محمد الشيخ بالحاج، عن الشيخ بيوض، وقد نزيد المطالعة من تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور.
- بينما يـخصّص الشيخ وقتا لتدوين واختصار ما قد كنت قرأته عليه في الصباح، و غالبا ما يكون في مساء ذلك اليوم.
- في اليوم التالي أبدأ بقراءة ما قد كتبه الشيخ البارحة حتى يراجعه ويضبطه جيداً.
- نواصل المطالعة نصيب جديد من التفسير متنقلين من ثـمن فحزب ثمّ سورة فأخرى.

وبعد ان انقضت أيام إقامة الشيخ في واحة غرداية وانتقل إلى قصر مليكة ليأخذوا نصيبهم ممّا علّمه الله، واصلنا في الخطة العمل، مخصصين فترة زمنية لمطالعة واختصار تفسير الشيخ بيوض إلى أن انتهت العطلة الصيفية، واتفقنا على أن نواصل العمل خلال الموسم الدراسي.

في الموسم الدراسي1995ـ 1996 حيث كنت أدرس بـمعهد الحياة العامر، مخصصا الفترة المسائية بعد نهاية الدراسة لزيارة الشيخ في بيته للمطالعة، إلى آذان المغرب، فأصليها في المسجد، ثم أنزل إلى داخلية الحياة حيث إقامتي، واستمر بيّ الحال على مدار 3 سنوات متتالية .

ليتحوّل البرنامج إلى فترات متقطعة في العطلة الموسمية والصيفية، وذلك لمّا حالت بيني وخدمة الشيخ ظروف انتقالي إلى العاصمة والمكوث فيها خلال فترة للدراسة والعمل.

لم استفد من الشيخ جلسات المطالعة في تفسير والتحضير الدروس المسجدية فحسب، بل حتى من جلسات الصلح والوصايا والاستفتاء عن قضايا الدين والحياة، حيث يرد إليه التائهون عطشى حيارى، ويصدرون عنه راشدين مرتوين واعين، ولله الحمد والمنّة

من نصائح الشيخ:
- إن من بين الدوافع التي جعلتني أشتغل في مجال التربية والتعليم، صحبتي للشيخ الناصر رحمة الله عليه، وقد شجعني كثيرا على المضي قدما في هذا المجال، لما فيه من فضل على الأمة وأثر خيّر على الأجيال، ومكانة عند المولى عزّ وجلّ.
تتلمذي: لم أتعلّم من الشيخ العلم فحب بل تعداه إلى أمور الحياة وخبراتها، فقد كان مرشدي وموجهي حتّى في حياتي الخاصة والعائلية.
رحلاتي مع الشيخ:
بتوفيق من الله حظيت برحلات عدّة مع الشيخ الناصر داخل الوطن إلى تقرت، وباتنة وقسنطينة، وسكيكدة، ومرتين إلى تونس الشقيقة، فكان نِعمَ الصديق وكنت نِعمَ الرفيق، أخدمه وأرعاه، تعبّداً وتكريـما للعلم وأهله، وقد نفعني كثيرا بما فتح الله عليه، فجزاه الله عني الفردوس الأعلى آمين والحمد لله رب العالمين،

نموذج من رسائل الشيخ الناصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلّى الله على من لا نبي بعده
وبعد فمن العبد لله الناصر بن ممد المرموري
إلى أخيه وصديقه وولدي العزيز الأديب إباض بن الصديق
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأرجو أن تكون بخير وعافية.
هذا وقد بلغتني رسالتك الغالية ودلّت على معاني كثيرة، وإن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على الوفاء والصفاء وصدق الإخاء، ولا أملك لها وفاء إلا أن أدعو لك بالنجاح في مساعيك الرشيدة، وإنّي لأكنّ لها كلّ احترام وتقدير، وأكن لك المحبّة والوفاء، وأرجو لك مستقبلا حافلا، ولا غرو فإنّك فرع من شجرة المجد ونبع من نهر عذب، والشيء من معدنه لا يستغرب.
فإلى اللقاء إن شاء الله في أقرب وقت سعيد وسلامي إلى الإخوة معك في محل سكوتي، ودمتم محفوظين ودمت محروسا ناجحا راشدا لمحبك الداعي لك ناصر المرموري
القرارة: 20 رجب 1419هـ"

وفي الأخير: لا يسعني إلاّ أن أشكر الله تعالى على منحه هذه الفرصة في الحياة مع عالم عامل فقيه ورع تقي، وأن يغفر لي ما قصّرت في حقّه، وأن يتغمّده بواسع رحمته وكريم فضله، وأن ينوّر الأمة الإسلامية بأمثاله، وأن يلهم ذويه الصبر والسلون وأن يخلفهم على مصابهم هذا الأجر الوفير، وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا آمين آمين آمين.


الهوامش:
1- هذه السيرة الذاتية سجلتها عن الشيخ في منزله بالقرارة صبيحة يوم الجمعة 03 رمضان 1431 هـ الموافق لـ 13 أوت 2010م بمناسبة إعداد ربورتاج حول شخصيته لقناة القرآن الكريم بالتلفزيون الجزائري، و تحضيرا لتكريمه في حصة فرسان القرآن الكريم يوم 24 رمضان 1431هـ الموافق لـ 03 سبتمبر 2010م، ثم قمت بتعديلها يوم وفاة الشيخ الموافق ليوم الأحد 12 جمادى الثانية 1432 هـ/15 ماي 2011م
2- عنوان إقامة الشيخ في القاهرة هو: عمارة 145 شارع محمد مظهر، (متقاطع مع شارع أبو الفدا).


منقول

http://www.veecos.net/portal/index.p...******=Twitter


وقد كان صديقا مخلصا لشيخنا الفاضل سيدي الشيخ الحاج محمد باي بلعالم جمعهما الله في مستقر رحمته، وقد كان يزوره كل سنة ما تقارب الأربعين زيارة، كان آخرها قبل وفاته بأيام قلائل، وحضر الصلاة عليه وألقى كلمة تأبينية،ونصها:
بسم الله الرحمن الرحيم، (تبارك الذي بيده المُلك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) صدق الله العظيم، بهذا الآية الكريمة المباركة، و هذه السورة المانعة والمدافعة عن صاحبها عذاب القبر: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير)، اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن يكتب الموت والحياة لكلّ مخلوق، (كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، للابتلاء، لا للتنعُّم، لا للخلود، لا للمتاع: متاع الحياة الدنيا، إنما للابتلاء والإختبار، ليعلم - والله أعلم قبل ذلك يعلم- أمّن يكون أسرعَ للخير إلى طاعة الله وأبعدَ عن معصية الله، هذا هو سرُّ خلق الموت والحياة، وإن كنا في مثل هذا المقام، هذا المقام العظيم، القلب يحزن، والعين تدمع، واللّسان لا يقول إلاّ حقاّ، إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا عليك يا شيخنا محمد بن عبد القادر بلعالم محمد باي بن الحاج عبد القادر بلعالم، لمحزونون، لا بدّ من كلمة لأنه صديق، لي معه زيارات تسعة وعشرين زيارة وهو حيّ، وهذه الثّلاثين، المكمِّلة للثّلاثين، وتكون ليست كالزيارات السّابقة، في الزيارات كان يستقبلني ولكن في هذه لا أراه يستقبلني، أين أنت يا شيخنا؟، إن شاء الله تستقبلك ملائكة الرّحمن كما كنت تستقبلنا بكلمات عظيمة وبترحيب، وآخر دعوة دعانا يعني دعا الله لنا، قبل عشرة أيّام من وفاته كنّا هنا: ( يا شيخ ناصر، الله يجمعنا في ظلّ عرشه، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه) فهذه كلمةٌ حقٌّ عليّ أن أقولها، وهذا العالم لم يمت، إنما نحن محزونون لأنّ كلّ شيء يحزن لموت العالم، حتّى الحوت في البحر والطّيور في السّماء، إنّما نسأل اللهَ تبارك وتعالى أن يجعل في خلفه، في تلاميذه، وفي رفقائه، وفي أبنائه مدرسة خلفا، والبركة باقية في أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم،
ففز بعلم تعش حيّا به أبدا الناس موتى وأهل العلم أحياء
يقول الله تبارك وتعالى: ( يأ أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). يرفع الله الذين آمنوا درجة بإيمانهم، وباحترام العلماء أحياء وأموات، ويرفع اللهُ العلماء درجات، بينما يقول في المجاهدين درجة، لكن العلماء يرفعهم درجات، هذا الرّجل العالم الذي نودّعه اليوم ومن حسن الصُّدَف، الأمسية ليلة البارحة كان الرئيس رئيسنا عبد العزيز بوتفليقة بعدما قدّم اليمين الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفّقه لأدائها، أوّل من ظهر بعده الشيخ محمد باي في الإذاعة يدعو الله له بالتّوفيق وبالبطانة الحسنة، هذه مناسبة، سبحان الله، لا إله إلاّ الله، إذا، أستسمحكم الله، وأؤدّي هذه الكلمة عن مشايخ قورارة وغرداية عموما، وكلّ الإخوان، يعني بالنيابة عن السّادة والمشايخ وعن الطّلبة، وعن كذلك مشايخ ....


رحم الله الشيخين وأسكنهما فسيح جنانه وجمعهما في مستقر رحمته آمين
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية miroulove66
miroulove66
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 24-03-2009
  • الدولة : منتديات الشروق اونلاين
  • المشاركات : 7,706
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • miroulove66 is on a distinguished road
الصورة الرمزية miroulove66
miroulove66
شروقي
رد: سيرة وعبرة من حياة الشيخ الناصر المرموري رحمه الله
18-05-2011, 11:37 PM

رحم الله الشيخين وأسكنهما فسيح جنانه وجمعهما في مستقر رحمته آمين

شكرا لك اخي على السيرة العطرة لاحد مشايخ وادي ميزاب
في ميزان حسناتك

تحياتي

مرواااااااان



لا اله الا الله محمد رسول الله
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:13 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى