سخط شعبي على تصريحات رؤساء الأحزاب بعد ما تحولوا إلى مهزلة
06-10-2018, 05:44 AM




شهدت الساحة السياسية مؤخرا تصريحات طريفة وشاذة وصادمة، أثارت الرأي العام وصنعت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تغنى رؤساء الأحزاب في خطاباتهم الموسمية بعبارات “خادشة” طالما صنفها الجزائريون في دائرة الخزي والعار ووصفوا أصحابها بـ”عديمي المروءة”، وألف فيها المطرب رابح درياسة أغنية عنوانها “يا لطيف من صحاب الشيتة”، والغريب أن هذه العبارات المنبوذة اجتماعيا تحولت إلى مفخرة على غرار “الغنيمة” و”التخلاط” و”الشيتة”..
بعد ما كان العمل السياسي والحزبي مبنيا على النضال والقناعات والبرامج والأفكار البناءة.. تحول إلى مهازل وفضائح وكوارث لغوية تنبع من خطابات رؤساء أحزاب مجهرية وأخرى تصنف في خانة الكبار، حيث تحول العمل الحزبي إلى “شيتة” و”غنيمة” و”تخلاط”، وحيث تحولت عملية الاستحواذ على أموال الشعب إلى مطلب مشروع للعديد من رؤساء الأحزاب على غرار رئيس حزب الكرامة محمد بن حمو الذي قالها جهارا نهارا وأمام الصحافة والأحزاب “نحن نطالب بحقنا من الغنائم على غرار باقي الأحزاب.. أود أن أعين كسيناتور أو مسؤول..”.
والغريب في الأمر أن بن حمو استشهد بالسنة النبوية لتبرير مطلبه أين أكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم الغنائم على أصحابه.. هذا الخطاب أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي أين تساءل آلاف الفايسبوكيين”هل العمل الحزبي تحول إلى بحث عن الغنائم والمسؤوليات..؟”.
شهرة عالمية لصاحبة “دكتوراه في الشيتة”

نالت فاطمة بوصبع، الأمينة العامة للجمعية الوطنية لترقية ثقافة السلم شهرة عالمية بسبب حصولها كما ادعت على درجة دكتوراه في “الشيتة”، حيث تناقلت تصريحاتها الشاذة كبرى وسائل الإعلام العالمية باعتبارها أول سياسية تفتخر بتفوقها على الجميع في “الشيتة” التي تحولت إلى صفة ملاصقة للعديد من رؤساء الأحزاب والسياسيين الذين باتوا يتباهون بها ويفتخرون بممارسة “الشيتة الإيجابية” كما يسوقون لها وهذا ما جعلهم يتورطون في تصريحات ساذجة مخالفة للدين والأعراف..
“حنا خلقنا التخلاط.. لي نحبو نرفعوه ولي نحبو نهبطوه”

لأول مرة في تاريخ الجزائر يتغنى رئيس حزب سياسي بـ”التخلاط”، وذهب لأبعد من ذلك، أين أكد جهارا نهارا أن الكولسة تعتبر من أساسيات عمل حزبه، وهو ما أعلنه رئيس حزب الطبيعة والنمو عبد الرحمان عكيف الذي أكد أنه أول من أدخل “التخلاط” إلى العمل الحزبي، واصفا حزبه بـ”الخلاطين”، حيث قال في كلمته التي ألقاها أمام 17 حزبا وعلى مرآى الصحافة “حنا خلقنا التخلاط.. لي نحبو نرفعوه ولي نحبو نهبطوه”، هذه العبارة الدخيلة على العمل الحزبي وأعراف العمل السياسي باتت حديث العام والخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، أين تأسف الكثير من المواطنين على ما آل له العمل الحزبي في الجزائر، أين تحول إلى منبر لصناعة التفاهة والتميع والشذوذ السياسي، أين تحولت الكثير من الأحزاب إلى أبواق سلبية لا تسمن ولا تغني من جوع، أين تحول الخطاب بالبرامج والأهداف إلى التسبيح بـ”الغنيمة” و”التخلاط” و”الشيتة”.
علي ربيح أستاذ العلوم السياسية في المدرسة الوطنية للعلوم السياسية
هذه الخطابات “الشاذة” شوهت العمل الحزبي



أكد علي ربيح، أستاذ العلوم السياسية في المدرسة الوطنية للعلوم السياسية أنه تابع مؤخرا التصريحات الشاذة للعديد من رؤساء الأحزاب المجهرية، والتي شكلت صدمة لدى الرأي العام وساهمت في تشويه العمل الحزبي والسياسي، وأضاف أن أخطر ما في هذه التصريحات هي ربط العمل السياسي بالمنفعة الشخصية والمصلحة الضيقة، وهذا ما يفرغ العمل السياسي من محتواه ويحوله من نضال من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطن إلى عملية المصلحة و”الشيتة”..
وكشف الأستاذ علي ربيح أن هذه الممارسات السياسية الهزلية والساذجة ستزيد من اتساع ظاهرة الاغتراب السياسي، أين تتسع الهوة بين المواطنين والعمل السياسي، وهذا ما يجعل نسبة المشاركة في الانتخابات تتراجع من سنة لأخرى، لأننا أمام مواطنين لا يؤمنون بالعمل الحزبي الذي بات مقترنا بالمصلحة والبحث عن المنافع الشخصية الضيقة، وأكد محدثنا أنه بالرغم من أن هذه الخطابات الصادمة نابعة من رؤساء الأحزاب الصغيرة، غير أنها تؤثر على العمل البرلماني باعتبار أن البرلمان هو امتداد للنشاط الحزبي، وهذا ما يساهم في ضرب مصداقية هذه المؤسسة..
مصطفى سعدون رئيس جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية:
لغة المصالح زادت من هجر الشباب للعمل الحزبي



انتقد القائد العام لقدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية مصطفى سعدون الخطابات الأخيرة لبعض رؤساء الأحزاب، واصفا إياها بغير المسؤولة، مؤكدا أن هذه الخطابات التي اختصرت العمل السياسي في “التخلاط والغنيمة والشيتة..” زادت من نفور الشباب من العمل المنظم بصفة عامة والعمل السياسي بصفة خاصة، وهذا ما يجعل الانخراط الشبابي في الأحزاب ضعيف جدا في بلد 75 بالمائة من سكانه شباب.
وأضاف مصطفى سعدون أن الكثير من خطابات المسؤولين ساهمت في زرع اليأس في نفوس الشباب الذين فقدوا الثقة في العمل الحزبي والمشاركة السياسية، وهذا ما يجعل نسبة مشاركاتهم في الاستحقاقات الانتخابية تتراجع من عام لآخر.
ودعا القائد العام لقدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية إلى ضرورة الاقتراب أكثر من الشباب من خلال الأعمال الجوارية والمشاريع الملموسة على مدار السنة وعدم الاكتفاء بالخطابات الفارغة التي تقوم على لغة الخشب والعبارات الاستفزازية التي عمقت الهوة بين المسؤولين والشباب الذين يؤمنون بلغة الواقع وينفرون من الشعارات الجوفاء.