أثر المصطلحات في العلم والفكر والثقافة
27-10-2007, 03:38 PM
المصطلحات
وأثرها على العلم والثقافة والرأي العام
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإنه ليسرني هذه الليلة المباركة إن شاء الله أن أقدم لكم هذه المحاضرة التي سيتشرف فضيلة معالي وزير الشؤون الإسلامية والإرشاد والدعوة والأوقاف بإلقائها هذه الليلة.
هذه المحاضرة التي أود أن أقول أن عنونها المصطلح وأن مضمونها سيبقى للشيخ أن هذا العنوان المصطلح والحديث عن المصطلح هو حديث الساعة وقد شغل كثيرا من الأوساط العلمية والأكاديمية والجامعات بل وأنشأت بعض الجامعات مراكز لتتعامل مع المصطلح كما عملت جامعة الملك محمد الخامس في المغرب.
المصطلح في الحقيقة هو أمر مهم جدا، بحيث أن الناس إذا تواضعوا على أمر إذا تقرر من المصطلح وله من الدلالات ما له، ونحن نعرف اليوم ونحن في عالم توجيه المصطلحات، ونحن في عالم الأبلجة وما لهذا المصطلح من خطر وما لتوجيهه من خطر.
لكن قبل أن نلتمس من الشيخ أن يتحدث هذه نود أن نقدم الشكر لهذا المركز على دعوته للعلماء والمفكرين أن يحضروا مثل هذه المحاضرات التي يلقيها المثقفون والدعاة أمثال الشيخ.
الشيخ الحقيقة هو علم ونحن لا نعرّف العلم لكن نريد أن نشير أن الشيخ ولد في مدينة الرياض وأكمل دراساته ونال شهاداته من الرياض، له مؤلفات تربو على العشرين تأليفا وتحقيقا، وشارك في ندوات محلية ودولية تتعلق بالدعوة والأوقاف والفكر وما إلى ذلك، طبعا صدر الأمر الملكي بتعيينه وزيرا عام 1420 هـ والشيخ بجانبي بالإضافة إلى الوزارة أيضا يقوم بمهام كثيرة جدا أو أنيط بمسؤوليات كثيرة منها أنه:
المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
ورئيس مجلس الأوقاف الأعلى.
ورئيس مجلس الدعوة والإرشاد.
ورئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
والمشرف العام على مؤسسة الحرمين الخيرية.
والمشرف العام على إدارة المساجد والمشاريع [الخيرية].
رئيس مجلس أمناء الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
رئيس المجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية.
عضو المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بالقاهرة.
لاشك أنكم بعد هذا التقديم الذي أطلت فيه متشوقون لسماع فضيلة معالي الوزير.
فليتفضل مشكورا.
شكرا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا يكافئ نعمه ويوافي مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإني أحمد الله جل وعلا على أن هيأ لنا مثل هذه اللقاءات العلمية التي يجتمع فيها العلماء والدعاة والباحثون والمهتمون بشؤون هذه الأمة في طرح المسائل العلمية والعصبية والثقافية وما يكون فيه صلاح لأمة الإسلام.
ولهذا فإن هذا المركز في هذه المؤسسة الفيصل الخيرية تقوم جهد كبير تجاه هذه المسائل فلهم مني الشكر أولا على هذه الدعوة وأخص بها صاحب السمو الملكي الأمير التركي الفيصل بن عبد العزيز على دعوته لي لإلقاء هذه المحاضرة والمشاركة في برنامج المركز لهذا العام، كما أني أشكر لكم جميعا هذا الحضور، وأرجو إن شاء الله تعالى أن يكون نافعا لي ولكم وأن يجعلنا ممن يتعاون على الخير ويدعو إليه على بصيرة.
موضوع هذه المحاضرة يتعلق بـ:
المصطلحات وأثر هذه المصطلحات في العلم والفكر والثقافة في تاريخ الأمة الماضي ولمحة أيضا عن أثرها في الواقع المعاصر
وكما ذكر أخي الأستاذ الدكتور ناصر بن سعد الرشيد جزاه الله خيرا فإنّ هذا الموضوع للمتتبع لحال العالم اليوم العالم الإسلامي ولغيره يجد أن هذا الموضوع هو موضوع الساعة؛ لأن الأثر النفسي الذي يعطيه المصطلح على الأمم أثر لا نهاية له، فكم تأثّرت عقول وبنت أجيال مفاهيمها على مصطلحات وُلدت وجدتها أمامها، فغذيت فغذيت بها العقول والقلوب فصارت المفاهيم منطلقة من تلك المصطلحات ربما كانت صحيحة وربما كانت خاطئة.
ولهذا توجهت للنظر في هذا الموضوع ولم يتح لي من لَمِّ أطراف الموضوع وتتبع ما يتعلق به ما ؟؟؟ حول ما سأطرحه لكن هو فتح باب لبحث هذا الموضوع لتأصيله مستقبلا إن شاء الله تعالى.
المصطلحات نشأت قديما، ونشأت لحاجة الناس إليها، ومضى ذلك يتدولّد المصطلح شيئا فشيئا ويزيد المصطلحات إلى أن صارت في عقلنا الحاضر لعبة من اللعب وأثر أو عامل مهم في التأثير في اتجاهات الناس وفي تفسيراتهم.
ولهذا يمكنني أن أجمل أن سبب اختياري لهذا الموضوع أن موضوع المصطلحات والبحث في ذلك مهم:
لأن المصطلحات تمثل مفاتيح متعددة من أنواع المعرفة، المعرفة في أي نوع من أنواع العلوم مفاتيح تلك المعارف والعلوم إنما هي المصطلحات.
والأمر الثاني أن المصطلحات لها تأثير سلبا وإيجابا في العلوم من حيث هيه، وفي المعرفة من حيث هيه، وفي سلوك الناس من حيث هو، وفي سياسات الدول وتأثير تلك السياسات على الناس وفي السلوك وفي التعبد وفي تنمية المجتمعات والمدنية وإقامة الحضارة.
ثالثا المصطلح وسيلة لنقل الأفكار بألفاظ محدودة وترتيب المعاني الظاهرة والباطنة في ألفاظ، ربما خُدمت بعد ذلك وولدت من اللفظ الذي لا يحتمل مع النص ولدت منها معاني متجددة في المستقبل لأجل احتمال اللفظ أو من أجل احتماله بتعلم أو بوضع أهله على عدة اتجاهات ومعارف.
أيضا المصطلح من حيث هو يوجه العقل إلى معنى يرسخ فيه، فهو في الحقيقة [...] للذات، فإنه يتصور الشيء إذا أطلق المصطلح، فإذا أطلق المصطلح الجديد وجعل هذا المصطلح على شيء ما فهو كاسم فلان لأنه يتبادر إلى الذهن المراد به كذا، وهل هذا المصطلح يدل على ما جعل لإزائه أو لا يدل وهل هو صحيح أم ليس بصحيح؟ هذا خارج عن البحث في من أنشأ هذا المصطلح؛ لأنه نصطلح يجعل العقل لا يفكر في الكلمة إذا وردت إلا بالتفسير وقد صدق القائل في نحو هذا المعنى
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا
فإذا القلب خاليا من المعرفة، فإنه إذا أتى لفظ وجُعل بإزائه بإزائه معنى أو معاني فإنه سيرسخ فيه.
أيضا من أسباب اختياري لهذا الموضوع أنني ألحظ أن ثمة أزمة في تفكير المسلمين، وبعض الناس يعبر بالفكر الإسلامي؛ لكن أقول أزمة في تفكير المسلمين تجاه علوم الإسلام بأنواعها، تجاه قضايا الأمة، وتجاه أنواع المعرفة وعلوم المدنية بعامة، نشأ عن هذه الأزمة في تفكير المسلمين اضطراب كبير في فهم الحقائق.
وهذه الأزمة في التفكير لها أسباب متعددة يمكن أن يتوجه إليها الباحث بالبحث، ومن هذه الأسباب المهمة أزمة المصطلح في الناس.
لهذا أحسن بعض الباحثين أو بعض الحكماء أو بعض الفلاسفة إذ قال يشعر بأهمية الألفاظ والمصطلحات وتأثير تلك الألفاظ والمصطلحات في الناس يقول: من الألفاظ ما يشعر بوجود أفكار عدة لا تتناولها تلك الألفاظ. ويقول أيضا: إذا شاع اللفظ تشعّبت معانيه بحسب معقول مستعمليه. يعني أنه ربما فسّر هذا اللفظ والمصطلح فلان من الناس غير التفسير الآخر؛ لأنه محتمل، ولماذا يفسّر لأنه أُثّر عليه بأن يفسر هذا اللفظ بهذا التفسير لتأثيرات أخرى.
ولهذا وجود المصطلحات في بعض الأنحاء له ارتباط بالعلوم الإنسانية، وله الارتباط بعلوم الاجتماع، وله ارتباط بالإعلام، وله ارتباط بالتأثير الثقافي بإحداث التقليد وإحداث التبعية وبنزع الاستقلالية في الفكر في تصور الأمور على حقيقتها لكن كما ذكرنا فيها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي.
وأيضا يقول القائل في أثر المصطلح في سياسات الأمم يقول: من ضرورات فن سياسة الأمم معرفة طائفة من الألفاظ المؤثّرة؛ لأن فعلها أشدّ من فعل الأدلة العقلية غالبا، فالناس أكثرهم عاطفي، ونخبة من الناس برهانيون يعتمدون على التحليل والبرهان والدليل؛ ولكن أكثر الناس لا يفكرون بالدليل لا يفكرون بالبرهان لا يبنون المسائل على المقدمات، وإنما هم يؤثر عليهم.
لهذا كان من ضروريات فن سياسة الأمم وقد انتبه إليها الغربيون مبكرا وانتبه إليها كثير من قادة الأمم في الماضي والحاضر أن تُطلق ألفاظ تؤثر في الناس، فهي أشد فعلا في الناس وأشد تعليقا للناس بتلك السياسات من الأدلة العقلية ومن الواقع والبراهين المختلفة.
وهذا تنظر إليه من جهة تأثير الشيوعية فيما أثّرت فيه، ومن جهة الرأسمالية فيما أثرت فيه، ومن تأثير الوجودية، وكثير من المذاهب التي تبنتها دول وصار عليها حضارات أو قامت عليها مدنيات، فإنها أثرت وساقت في الناس ألفاظ ما يفهمون تمام الحقيقة، حتى إذا تكشّفت تخلوا عنها.
وقال أيضا في علاقتها -علاقة الألفاظ بسياسة الناس- قال: أهمية المسميات في السياسة دون أهمية الأسماء. يعني أهمية الأسماء أكبر من أهمية المسمى، فكم نفذت نظريات هي من الخرق بما كان غفي ظل ألفاظ حسنة الانتقاء.
وهذا أيضا موجود في بعض التيارات الإسلامية وبعض الأفكار التي خالفت نهج سلف الأمة بأنه ثم أفكار وألفاظ حسنة الانتقاء أثّرت ونفذت نظريات كما قال هي من الخرق بما كان.
إذا تبين ذلك من كلام بعض العقلاء المتأملين في المصطلح وأثر ذلك في الناس، فإن المصطلح من حيث هو كان موجودا استعمالا ولكل لأهل علم كما سيأتي اصطلاح.
وعني المفكرون يعني في هذه الأزمنة عنوا بتجسيد هذا العلم فجعلوا علما خاصا سموه علم المصطلح، وهو يبحث أو يبحث كثيرا في اللسانيات وفي اللغويات لكن هذا العلم ارتباط في فلفهم معنى الاصطلاح ومعنى المصطلح فعرف علم المصطلح الذي يبحث في الاصطلاح وفي المصطلح والألفاظ عُرّف بأنه علم يبحث في العلاقة بين المفاهيم العلمية والمصطلحات اللغوية التي تعبر عنها.
ومن أهم الموضوعات التي تبحث في هذا العلم النظرية العامة لعلم المصطلح بحسب وضع أهلها لها، وهي قريبة ليس فيها غلط فيما بحثوه؛ بل هي صحيح من حيث عقلية البحث ومن حيث تجسيد العلم، من أهم الموضوعات النظرية العامة لعلم المصطلح:
أولا البحث في طبيعة مسائلها قبل أن يبحث في اللفظ والمصطلح يبحث في المفهوم، حتى يكون المصطلح مطابقا للمفهوم، طبعا هذا من جهة أهل العلم الخاص به هم يرعون النزاهة؛ لأنهم لا يطلقون مصطلحا إلا بعد أن يُحدّد المفهوم ويكون المصطلح مطابقا للمفاهيم التي سيدل عليها هذا المصطلح.
أيضا يبحثون في تكوين المفاهيم وخصائص تلك المفاهيم، والعلاقة بين المفهوم وبين اللفظ الحاضرة والمستقبلية من حيث أصول العلم ومن حيث أثر تلك الألفاظ.
أيضا يتعاطون أو يبحثون في تعريفات في المفهوم والمسمى واللفظ من حيث هو.
وأيضا يبحثون كيفية تخصص المصطلح للمفهوم؛ لأن المصطلح لفظ وله معاني كثيرة؛ لكن كيف يخصص هذا المصطلح لهذا المفهوم المعين، هذا يحتاج إلى دراسة علمية متخصصة حتى يكون المصطلح دالا على المفهوم أو على المسمى دلالة ليس فيها تجاوز.
وأيضا مما يبحثون طبيعة المصطلحات ووضع المصطلحات.
في القديم كان علم المصطلح يُبحث في المنطق أو يبحث في أصول الفقه فيما يسمونه بالحدود والتعريفات، ويجعلون ثمة فرقا بين التعريف والحد، والحد هو المصطلح فيقولون مثلا لفظ كذا تعريفه كذا، يعني من جهة صناعة الحدود تقول مثلا في لفظ الفقه، يقولون الفقه هو كذا، المنطق فيحدونه حدا يجعلونه هو المفهوم، يجعلون هذا الحد هو المفهوم فيما إذا أطلق على اللفظ؛ لكن لم يسلم هذا لهم من جهة أن الحدود ثمة اعتراضات عليها بحسب ما وضعوه، مع أن المناطقة من لدن اليونان إلى المناطقة المسلمين الذين بحثوا في الكلام والمنطق والفلسفة، مع أنهم تحروا الدقة؛ لكنهم لم ينتج عن تعريفاتهم ما يخدم العلوم خدمة صحيحة كما سيأتي في البحث إن شاء الله تعالى.
لهذا الناظر والمتأمل اليوم في العلم والكتب والبحوث يجد أنّ لكل فن من الفنون مصطلحا خاصا به، ومصطلحات متنوعة تتعلق بهذا الفن.
فإذا نظرنا إلى العلوم الشرعية العقيدة مثلا تشمل التوحيد والعقيدة العامة والعقيدة الخاصة ثَم مصطلحات كثيرة تتناولها تلك العلوم، إذا نظرنا في الفقه ثَم مصطلحات، أُلف في مصطلحات العقيدة وإذا عطفنا الفلسفة والكلام وما يتعلق بها على مباحث الاصطلاح في علوم العقيدة يعني سواء كانت بحق أو بباطل، إذا عطفنا عليها وجدنا أن كثيرا من الكتب الاصطلاحية أُلفت في هذا الميدان؛ اصطلاحات الفلاسفة، اصطلاحات المناطقة، اصطلاحات أهل الكلام، اصطلاحات أهل السلوك، اصطلاحات الصوفية اصطلاحات العلوم بعامة.
علوم الحديث، الحديث فيه علم خاص اسمه علم المصطلح، مصطلح الحديث هذا ينظرون فيه إلى معاني الألفاظ التي استعملها علماء وأئمة الحديث في توضيح تلك المعاني، وُجدت تلك الاستعمالات ثم بحث العلماء بحسب مصطلح أهل ذلك العلم نفصل في كل مسألة لأن الوقت يضيق عن بحث كل مسألة بالتفصيل.
في العلوم الإنسانية في الاجتماع وعلوم النفس وحركة المجتمعات وحركة المدنية وتأثير المتقدم على المتأخر، وتأثير السياسة والجو السياسي على انفعال الناس، وعلى علومهم إقدامهم ترحّلهم إلى آخره، هذا أيضا ثم مصطلحات كثيرة نشأت منها، اعتنى بها عدد منهم ابن خلدون في المقدمة كما هو معلوم.
التاريخ ثمة من اعتنى بوضع مصطلح للتاريخ يبحث في وضع ضوابط للمؤرخين، وأيضا في تحديد معاني المؤرخين فيما اصطلحوا عليه، أو تكلموا حوله.
إذا نظرنا إلى تاريخ العرب كما سيأتي وتاريخ المسلمين اصطلاحات متنوعة.
في كل فن فنون الاقتصاد مثلا إذا نظرنا إليه من حيث هو في المال والمدنية والسياسة والقانون وعلوم النفس والاجتماع، وكل فن ممن الفنون ثمة كتب كثيرة.
والآن أحتاج أكثر من ثلاثمائة كتاب معاصرة في الفنون الاصطلاحية، تعريف المصطلحات المختلفة، وهذا يدل على أن حركة فهم المصطلحات، حركة حادة وقوية وذلك لأهمية المصطلح ودور المصطلح في حياة الناس، وأن الناس يهتمون بفهم العلوم المصطلح بل قال بعض العلماء قال إنك إذا أخذت كتاب مصطلح لفن من الفنون لم تحتج إلى معلم في ذلك الفن؛ لأن دقة الفن وفهم فن من الفنون الفقه أو الكلام أو المنطق إنما مبني على فهم اصطلاحات أهله، فإذا فهمت اصطلاحات أهل ذلك الفن فإنه يمكن لك أن تدرك الباقي؛ لأن العقدة إنما هي في الاصطلاح، فإذا علمت الدلالات فإنه ييسر بعد ذلك فهم ذلك العلم؛ لكن هل الاصطلاحات، هل المصطلح الواحد لا يوجد له إلا معنى واحدك ؟ الجواب: لا؛ لأن العلوم متداخلة.
فنجد مثلا أن لفظا واحدا مصطلح في علم من العلوم تجد أن هذا اللفظ موجود في علم آخر وفي علم ثالث وفي علم رابع.
مثلا إذا نظرت المسند والمسند إليه هذا يستعمل في الحديث وله معنى، يستعمل في البلاغة له معنى.
إذا نظرنا في الخبر الخبر في الحديث له دلالة، في النحو له دلالة، في المنطق له دلالة، وهكذا.
لفظ الرجعة، الرجعة إذا سألت ما معنى الرجعة؟ لابد أن يقال في أي فن تريد تعريف الرجع، فالرجعة عند الفقهاء لها معنى، والرجعة عند بعض الفرق لها معنى، رجعة الإمام أو نحو ذلك، ورجعة المسيح عند النصارى لها معنى إلى آخره.
فإذن كثير من الألفاظ المصطلح يؤثر في تلك العلوم وفي فهم تلك العلوم.
إذا قلّبنا الصفحات والتاريخ إلى ما قبل الإسلام، وجدنا أن حقيقة المصطلح والإصلاح ناشئ عن حركة الحركة المدنية للأمة، الحركة المدنية من حيث هي يعني بمعنى بوسائل المدنية ووسائل العيش سعى الناس في بحث المصطلحات التي تُعينهم على أمور المدنية، ثم بعد ذلك دخلت المصطلحات الفكرية أو دخلت المصطلحات التي تبحث في علوم العقائد أو فيما وراء الغيب أو في أشياء كثيرة كما هي عند اليونان وغيرهم.
إذا نظرنا في العرب الذين جاءت الرسالة إليهم، وجدنا أن العرب استعلوا كثيرا من المصطلحات، فالمصطلح طبعا اللسانيون يبحثون في المصطلح من حيث كيف وسائل مثلا نشأة المصطلحات، كيف نبحث هذا المصطلح، النحت الاشتقاق إلى آخره، التعريب، التعريب هل هو للمعنى أو للفظ؟ هذه اللسانيات هذا يبحثون بحوث مختلفة في ذلك.
لكن العرب على أيٍّ استعملت المصطلحات وأنشأت مصطلحات في علوم كثيرة.
بين يدي مثلا في تنظيم الإدارة ثم مصطلحات مثلا [...] والرفادة ونحوها.
في الزراعة العرب تستعمل للمهندس لفظ القُنَاقِنْ([1])مثل ما قاله ابن سينا في الخطط نقلا عن الخليل الفراهيدي في العين وهو المقدر للمجاري المياه، القناقن، لاحظ لها ارتباط بالقناة إلى آخره من جهة الاشتقاق؛ لكن هذا مصطلح القناقن حتى قال وهو المهندس المقدّر لمجاري المياه.
استعملت أيضا في الطب الأَسر وهو احتياس البول والحمى والجدري إلى آخره من المصطلحات الطبية أو مرضية معينة.
في النقود استعملوا مصطلح الدينار مصطلح ما له اشتقاق معين الدينار والدرهم والدانق والفلس وأشباه ذلك.
وفي الموازين أيضا استعملوا الرَّطل والمثقال في الدرهم وفي المكاييل المد والصاع.
وفي تقدير المسافات استعلموا مصطلحات الفرسخ والميل.
وفي الفلك أيضا استعملوا مصطلح لمجموعة من نجوم بأنها الثور ومجموعة أخرى بأنها الأسد ومجموعة أخرى بأنها الجدي.
في النجوم سموا هذا نجم الثريا وهذا نجم الشعرى وهذا نجم السهيل، السهيل اسم فلماذا أطلقوا على النجم سهيل؟ هذا اصطلاح لكن هل فيه ارتباط بين الإسلام والمسمى؟ لا، إنما هو مجرد اصطلاح.
إذن فحركة الاصطلاح حركة مدنية حركة مدنية مهمة، لا يمكن أن نغير جانب أهمية المصطلح، إلا إذا غيرنا أهمية جانب التمدن في حياة الناس وفي حركة الناس.
ولهذا كان في النظرة للتمدن والمدنية والحضارة لابد أن يكون معها في تقيمها النظرة للمصطلحات التي نشأت، فبقوة أمة من الأمم في مدنيتها وفي حضارتها يكون قوة المصطلحات ودقة تلك المصطلحات.
ومعلوم أنه عندنا نوعان من العلوم:
· ثم علوم لا يخلها الهوى.
· وثم علوم يدخلها الهوى.
أما العلوم التي لا يدخلها الهوى التي يشترك الناس في عقولهم في إدراك الرياضيات واحد زائد واحد يساوي اثنين، اثنين في اثنين سموا هذه العملية ضرب، اصطلاح يساوي مثلا أربعة إلى آخره، لو قال واحد اثنين في اثنين يساوي اثنين، فهذا سيرد عليه.
فلهذا الشريعة لم تأتِ في تحديد المصطلحات التي لا يدخلها الهوى، ولا اعتنت بها، وإنما وافقت في الناس على ما كانوا فيه، إذا كانوا متجردين في العلم؛ يعني متحرين في الحقيقة في العلم إذ أنشؤوا أو وضعوا تلك المصطلحات.
لكن ما يدخله الهوى فإننا يجب أن الشريعة جاءت بأسماء خاصة سماها بعض العلماء الأسماء الإسلامية، سماها ابن فارس الأسباب الإسلامية، ويسميها علماء الأصول الحقائق الشرعية، ونحو ذلك.
والشريعة اهتمت اهتماما كبيرا كما في الكتاب والسنة بالمصطلح؛ بل الشريعة إنما هي مصطلحات يعني جديدة جاءت على خلاف ما تعهده العرب؛ يعني مثلا إذا نظرنا إلى:
الوضوء هل الوضوء إذا أطلق لفظ الوضوء، تبادر إلى ذهنك المعنى المعين؛ لكن المعنى هل كانت تعرفه العرب؟ لا؛ يعني على هذا التفصيل وإنما هو عرف بعد بالشريعة.
الصلاة في لغة العرب الثناء أو الدعاء؛ لكن جاءت وهذه الصفة.
الزكاة الحج والصوم مما استعملته الشريعة.
جاء في القرآن والسنة نقل ألفاظ كثيرة بنوع من النقل من استعملاتها العربية إلى استعمال جديد.
فيصح أن يقال إن هذه أسباب إسلامية أو حقائق شرعية؛ لكن هل يقال هي مصطلحات أو لا؟ هذه اختلف فيها الباحثون في هذا الميدان، والأصح أنه لا يقال عنها مصطلحات؛ لأنه كما قد يتبادر إلى الذهن أن المصطلح هو اصطلاح جماعة على شيء، كما قاله بعض العلماء في تعريف المصطلح: هو تواضع جماعة على جعل لفظ يؤدي إلى معنى أو على جعل لفظ بإيداء معنى، تواضع جماعة يعني اتفاق، قد يكون الاتفاق باجتماع نضع هذا، وقد يكون اتفاق إنفاق مجموعة من علماء فن من الفنون بالتوارد على استعمال هذا المصطلح على هذا النحو؛ لكن أيضا هل العلوم تتفق في المصطلحات؟ لا تتفق، في النحو مثلا هل اصطلاحات النحو متفقة؟ سيأتينا أنها إذا اتسع الوقت أن النحويين نحاة الكوفة لهم اصطلاح ونحاة البصرة لهم اصطلاح، وربما تجد أن عندنا الآن نستعمل لفظا، الرجل يعرب على طريقة البصريين ويستعمل في إعرابه على طريقة الكوفيين، مثل النعت يقول هذا نعت مثلا في أي مثال يقول هذا نعت وهو استعمال الكوفيين أو يقول هذا صفة وهو استعمال البصريين، ثَم تداخل في المصطلحات.
المقصود من ذلك أن الشريعة جاءت بالاهتمام بالمصطلح، حتى إن بعضهم كتب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتربية الاصطلاحية، وذكر عدة أشياء أن محمدا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ اهتم بالمصطلح وأصله وجعل العقل يفكر في الأشياء بحسب المصطلحات التي جاءت في الشريعة هذا يسلّم في ميادين كبيرة.
من هذا نهتم بالاصطلاح لأن الشريعة؟ كما ذكرت لك فربنا جل وعلا يقول في كتابه في سورة البقرة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا[البقرة:104] ﴿رَاعِنَا﴾ كلمة طيبة كلمة حسنة يعني من المراعاة والانتظار والرأفة والأخذ في الانتظار في الحديث وتجاذب ذلك، ولكن هذا اللفظ اصطلاحا عند اليهود بمعناه السب، كما قال ابن عباس في ذلك: كان المسلمون يقولون للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى راعنا على جهة الطلب والرغبة من المراعاة أي التفت إلينا وكان هذا بلسان اليهود سبًّا، فقال الله جل وعلا ﴿لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا﴾ مع أنها كلمة حسنة ﴿وَقُولُواْ انظُرْنَا﴾ قال القرطبي بعد ما ساق تفاسير في الآية في هذه الآية دليلان أحدهما على تجنب الألفاظ المحتملة والثاني دليل على سد الذرائع.
أيضا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقر موافقة الأعراب على بعض الاصطلاحات؛ بل أبقاها على الاصطلاح الشرعي، ونهى أن يُترك اللفظ الشرعي أو الحقيقة الشرعية لأجل المراعاة أو انسياقا مع الفعل الأعراب، مثال ذلك ما رواه مسلم في الصحيح عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا هي العشاء وهم يعتمون الإبل» كانوا يسمون العشاء العتمة والعتمة لفظ متعلق بأشياء دنيوية بحلب الإبل أو بما يبقى من الحليب على الاختلاف في تفسيرها، واسم العشاء جاء في القرآن ﴿وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء[النور:58] قال «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم»، فدل على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل على اهتمام الناس بما جاء من الحقائق الشرعية في كتاب الله وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وألا نترك هذه الحقائق لاستعمال من نقص في دينه ولم يكمّل به.
ولهذا ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم أورد مخالفة الأعراب في التسمية في أن الشريعة جاءت بالنهي في التشبه بالكفار والشياطين، والتشبه بمن لم يكمّل دينه أو يكمل دينه أو لم يحسن إسلامه على الحقيقة وهم الأعراب، فقال في كلام له: وقريب من هذا يعني مخالفة الشياطين مخالفة من لم يكمل دينه من الأعراب ونحوهم.
وأيضا روى البخاري عن عبد الله بن مغفل وهو المزني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب قال والأعراب تقول هي العشاء» كانوا يسمون المغرب العشاء والعشاء العتمة قال ابن تيمية رحمه الله: فقد كره موافقة الأعراب في اسم المغرب والعشاء بالعشاء والعتمة، وهذه الكراهة عند بعض علمائنا تقتضي كراهة هذا الاسم مطلقا، وعند بعض كراهة الإكثار منه حتى يغلب على الاسم الآخر وهو المشهور عندنا. يعني إذا استعمل نادرا فلا بأس لكن أن يغلب يصير الغالي فهذا هو المنهي عنه، وهذا الذي ذكره ابن تيمية في ما نسبه قال وهو المشهور عندنا سعني عن الحنابلة وهو مذهب الإمام ملك والشافعي ابن المنذر وجماعة، وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا سمعهم يقولون العتمة صاح وغضب، كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف.
أيضا من الدلائل على اهتمام الشريعة بالاصطلاح ما رواه أبو داوود من طريق مالك ابن أبي مريم على أبي مالك الأشعري عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «ليشربن ناس الخمر يسمونها بغير اسمها» تلحظ العلاقة أنه من الأمة يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها، كأنك تغير الاسم سهّل لهم شرب الخمر، فكان تغير الاسم سبيلا لتسهيل شربها؛ لأنه اختلف الوازع بتغير الاسم، ولهذا روى الدارمي في مسنده بسند ليّن من طريق القاسم عن عائشة قالت سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول «إن أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء كفأ الخمر» قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال «يسمونها بغير اسمعها فيستحلونها» الحظ هذا الربط أنّ تغير المسميات تغير الاسم تغير معنى الحكم، حتى في نفسية الناس وهذا الحديث أخرجه ابن أبي حاتم عن عائشة.
أيضا مما جاء في الشريعة في مثل هذا الباب نهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تسمية العنب كَرْما، وكانت العرب تسمى العنب كرما كما قال الشاعر
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة تروي عظامي عند موتي عروقُها
إلى آخر كلامه، والكرم من أنه شيء كريم، شيء متميز فاق غيره.
فروى البخاري أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «لا تسموا العنب الكرْم» وفي رواية «فإنما الكرم قلب المؤمن» وفي صحيح مسلم «لا يقل أحدكم للعنب الكرم، إنما الكرم الرجل المسلم».
انتبه الخطابي لهذه العلاقة في الاصطلاح والمعنى وما يؤديه من التأثير على النفوس فقال رحمه الله: المراد بالنهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها ولأن في تأكيد هذا الاسم لها -يعني الاسم الذي كان عند العرب الكرم الشريعة سمتها خمر وأكدت على ذلك واستعملته ونهت عن غيره- لأن في ترقية هذا الاسم وهو الكرم لها تقرير لما كان يتوهمونه من تكرم شاربها فنهى عن تسميتها كرما وقال «إنما الكرم قلب المؤمن» لما فيه من نور الإيمان وهدى الإسلام وقال المازني رحمه الله أيضا: كره أن يسمى هذا المحرم باسم تهيب طباعهم عند ذكره فيكون ذلك كالمحرم لهم.
وهذا في الحقيقة صحيح؛ لأن الشريعة حينما رعت الأسماء رعت جانب العبودية في الناس، وكما ذكرت لك الأسماء التي لا تدخل في جانب الهوى في جانب السلوك وفي جانب التعبد هذه تركتها الشريعة لحال الناس، فلم تغير في ما أسموه وما اصطلحوا عليه.
لكن ما يتعلق بالسلوك وما يتعلق بالعبد وما يتعلق بالحلال والحرام وما يتعلق بالعقيدة وفي الديانة فإن الشريعة جاءت بأسماء سماها العلماء الحقائق الشرعية، وأمرت بالالتزام بها ونهت عن استعمال غيرها، لما في ذلك من إبقاء شعار الديانة وعدم الالتفات إلى غيره.
هذا الأمر نما في أمة الإسلام على هذا الفهم، على أنه في العلوم المدنية التي لا تأثير للسلوك فيها، هذا افعل وأنشأ من الاصطلاحات ما شئت.
فأول ما نما اصطلاحات العلوم الخاصة ففي النحو بدا المبتدأ المخبر والحال والنعت والصفة وإلى آخره والتمييز إلى آخر فنون النحو.
وفي الشعر جاء لما جاءت الأوزان جاءت كثير من الاصطلاحات مثل البحور والعلل والمجموع والمفرّق وليس عندي خبرة بهذه المسائل.
أيضا في الاصطلاحات الأخرى في الحديث سموا الخبر والحديث الضعيف والصحيح والحسن والمعلل والمضطرب إلى آخره.
فنشأت علوم كثيرة ووُضعت لها اصطلاحات في حركة هي أقوى حركة علمية مؤصلة شهدتها المدنيات، أكثر اصطلاحات مرت على التاريخ هي اصطلاحات التي وضعت في تاريخ الإسلام، وذلك في مجال من مجال كبير من مجال العلوم التي لا أثر لها لهذه الاصطلاحات في السلوك أو التعبد أو العقائد إلى آخره.
لكن أيضا نشأت اصطلاحات يدخلها الهوى وهي اصطلاحات كثيرة؛ لكن متى نشأت؟ هل كانت وليدة هذه الأمة لا إنما جاءت من تعريب مصطلحات اليونان، لما ظهرت الترجمة في العهد الأموي بداية تراجم الكتب، ولم تحفظ لنا المكاتب شيئا من بدايات التراجم في العهد الأموي، وإنما ما وجدناه هو تراجم في العهد العباسي.
المقصود أنها ترجمت كتب كثيرة وتعلمون القصة في أصل الترجمة حينما -الوقت يضيق على الاستطراد- لكن حينما بعث هارون الرشيد أحد العلماء عنده ليأخذ الكتب الموجودة في عند اليونان لتترجم ينقلها مدة سنة إلى حسب ما ورد، فأبى القيصر أبى ذلك، ثم قال له من عنده أعطهم كانت أكثرها فإنها لن تدخل على أصحاب ملة إلا أفسدت ملتهم وحمل معه ما حمل ثم بدأ في الترجمة ابن المقفع ومن نحا نحوه، فترجموا كتبا وابن إسحاق وترجموا كتبا كثيرة.
هذه التراجم للكتب كانت تترجم لوضع مصطلحات فترجموا في العقائد، وترجموا في الكلام، ترجموا في السلوك أشياء كثيرة متنوعة، منها تراجم في أشياء مدنية، ومنها تراجم في أشياء تتعلق في الديانة، وجاء هذا الكم الهائل إلى الأمة وحصل هناك ضخ كبير من المصطلحات قوّاه المأمون بمثل هذه الكتب المأمون الخليفة العباسي، فانتشرت المصطلحات الجديدة.
فنشأ ما يسمى بعلم الكلام، حقيقة علم الكلام هو خليط من النظر في البراهين الإسلامية والنظر في الأصول اليونانية، فمنها جعلوا خليطا سموه الكلام.
كذلك التصوف هو خليط ما بين الإشراق والفيض عند اليونان عند أفلوطين -وأفلوطين غير أفلاطون أفلوطين بعد أرسطو، أفلاطون ثم أرسطو ثم أفلوطين-، جاء بنظرية الإشراق واصطلاحات عن الفيض واتصال النفس بالملأ الأعلى ودخلت، فنشأ عن هذا الخليط من رؤية بعض الزهاد للتنسك بالإسلام والتأثر بهذه الكتب الإشراقية في المدرسة الإسكندرية فخرج عندنا شيء جديد اسمه التصوف الغالي.
فنشأ هذان الانحرافان الكبيران، انحراف في العقيدة بإنشاء علم الكلام والفلسفة سموها الفلسفة الإسلامية، والتصوف وما آل إليه القول بوحدة الوجود.
نضرب أمثلة على الاصطلاحات التي نشأت في العلوم وأثر هذه المصطلحات في الأمة:
مثلا في مباحث العقيدة أحدث لفظ الجسم إثباتا لله أو نفيا، لفظ العَرَض، السلوب في الصفات، التأويل في الغيبيات بعامة، هذه ألفاظ اصطلاحية لم تكن في الكتاب ولا في السنة، أَحدثت هذه الألفاظ انحرافا كبيرا جدا في الأمة.
فجاء لفظ الأعراض حينما نظروا في القصة المعروف في القول بالأعراض وعلاقة الجسم بالعرض وإثبات وجود الله عند جهم والجهمية، المقصود أنهم فسروا العَرَض بشيء وفسروا الجسم بشيء، الجسم والعرض والجوهر والهيولى إلى آخره ألفاظ مستعملة عند اليونان، فنقلوها يتفسيراتها، وحينئذ نظروا في الشريعة فوجدوا أن ما لم يوافق هذا المصطلح وما يدل عليه يجب نفيه، ولهذا نفوا على الله جل وعلا الصفات، وأعدوا إثبات الصفات إثبات الجسمية لله تعالى، والشريعة أصلا ليس فيها لفظ الجسم لله جل وعلا، لا نفيا ولا إثباتا، ولا لفظ العرض ولا ألفاظ السلوب إلى آخره، فحدثت هذه الكمية من المصطلحات أحدثت هذه الكمية من المصطلحات ظهور فرق جديدة تتبنى هذه المصطلحات وتعارض بها الأصول الشرعية، فحصل افتراقات كثيرة في الأمة وآثار في علوم مختلفة.
إذا نظرت في جانب توحيد العبادة لفظ التوسل لفظ التوسل والوسيلة جاء في القرآن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ[المائدة:35] ﴿وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾ يعني الحاجة، إذا كانت لكم حاجة فابتغوها عند الله جل وعلا دون غيره، هذه الوسيلة استعملت أيضا في الدعاء يعني حاجة حي من حي آخر في الدعاء، كما قال عمر رَضِيَ اللهُ عنْهُ مرة: كنا إذا أجدبنا توسلنا بنبينا والآن نتوسل بعم نبينا يا عباس قم فادع الله لنا فقام فدعا في الاستسقاء.
فلفظ التوسل له معنى شرعي، ثم بعد ذلك جُعل هذا اللفظ التوسل يشمل عبادة الأموات والاستغاثة بهم، سؤال الميت سواء أكان نبيا أو غيره، أو سؤال الجني أو سؤال الملك جعل ذلك ورغبة في الوسيلة ولم يجعلوه شركا لم يجعلوه بدعة، قالوا هذا توسل والتوسل أصله في الشريعة موجود؛ لكن الاصطلاح مختلف أو اللفظ في دلالته مختلفة كما هو معلوم.
لفظ التأويل هو موجود في الكتاب في القرآن في قوله جل وعلا ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ[يوسف:36]، ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ[يوسف:44] هذا التأويل بمعنى التفسير، أو معنى ما تؤول إليه حقائق الأشياء إما في الدنيا أو في الآخرة.
لكن جاء لفظ جديد سموه التأويل وجعل له معنى يعني مصطلح جعل له معنى سُلّط على النصوص وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره بقرينة، هذا سلط على النصوص فحصل إنفراد كبير في فهم الأدلة الشرعية سواء أكان في أبواب الاعتقاد أم في أبواب الفقه.
لا أطيل في الآثار؛ لأن الوقت يزاحمني كثيرا.
إذا نظرنا أيضا في التفسير، التفسير المعاصر أو التفسيرات القديمة التفسير هو تفسير لآي القرآن، فإذا أريد نقل التفسير إلى لغة أخرى، فهل ينقل المصطلح أو تنقل الحقيقة الشرعية؛ يعني مثل الوضوء حقيقة شرعية، الصلاة حقيقة شرعية، الكفر حقيقة شرعية، النفاق حقيقة شرعية، الإيمان حقيقة شرعية، هل تنقل هذه الحقائق الشرعية في الترجمة كما هي، أو ينظر فيما يقبلها باللغة الأخرى؟
الحقيقة إذا نظرنا في حركة الترجمة سواء القديمة أو الحديثة وجدنا أن من نقل هذه الألفاظ الشرعية والحقائق الشرعية بما يقابلها من معنى في لغات الناس الآخرين في أي لسان نجد أنه قصّر في أداء المعنى الذي دل عليه اللفظ.
فالصلاة مثلا في الشريعة ليست هي الصلاةthe prayer في الأنجليزية prayer محبوب معنى خاص يتبادر إلى ذهن المتلقي له أنه هو المعنى الذي يعرفه من الصلاة في الكنيسة أو دعاء الكنسيين إلى آخره.
ولهذا كان من الانحرافات الكبيرة في حركة الترجمة عدم البقاء على الحقائق الشرعية، أو نقول تجوزا للتقريب على المصطلحات ولا نعني المصطلح ما اصطلح عليه الناس أو تواضعوا؛ لأننا عرفنا المصطلح في أول المحاضرة تعريف لا يدخل فيه التواضع والاجتماع عليه، إنما هو لفظ جديد له معنى يدل عليه، هذه الألفاظ الحقائق الشرعية يجب أن تبقى في حركة الترجمة كما هي، وأن يتصور من نقلت إليه أتصور المعنى كما يتصور المعنى أي كلمة يريد أن يفهم المعنى، فالصلاة هي هذه، هذا الذي تراه هو الصلاة، الزكاة هو أداء المال بنصابه المخصوص بوقته المخصوص، والصوم هو الصوم الشرعي المعروف.
نقل الربط بين اللفظ والمعنى بين الاسم والمسمى هذه هي حركة الاصطلاح، فإذا نقلت اللفظ في ترجمة معنى إلى لغة أخرى حرفه تماما الوضوء يحرفه تماما لو نقلته لأي لغة لأنه لا وجود له بهذا النحو، إذا نقلتم النفاق كيف ستنقله.
أيضا لفظ الرب والإله مثلا فيجب أن يرعى معنى هذه الكلمات وأن لا يجعل الرب مثلا في كل مورد وردت فيه في الشريعة يعني في النصوص أنه كما وجدت في كثير من الترجمات سواء كان في الترجمات في الدعوة أو موجود في بعض الكتب أنهم يفسرون الرب the lord ليس كذلك، هذه لها معنى؛ لكن الرب يكون بمعنى الإله الذي هو الإله الذي هو المعبود هذا، مثلا في سؤال القبر من ربك هل هو من ربك؟ هل هو من هو سيدك من هو خالقك.
حضرت مرة خطبة من الخطب في واشنطن كان يفسر من ربك يشرح مسائل القبر خطبة جيدة في موضعها لكنه فسر الرب هنا بـthe lord هل وقع الاختبار في القبر عن من خالقك ومن رازقك؟ ليس الاختبار في القبر بل عن المعبود. فإذن تفسيره ليس بهذا إنما تفسيره آخر.
إذن في الترجمة حركة الاصطلاح المصطلح أو ما يكون الحقائق الشرعية يجب أن تبقى كما هي، ويتصور الناس معاني تلك المصطلحات أو الحقائق بالمثال يتضح لهم المعنى.
إذا نظرنا العلوم الفقهية، العلوم الفقهية جنى عليها الاصطلاح، ننظر مثلا إلى أنهم يأتون في يقولون مثلا البيع لغة كذا واصطلاحا كذا، هذا تعريف بارد؛ لكن نأتي الآن وقد احتجنا إلى اجتهاد كبير في المسائل الفقهية، فيأتي المجتهد أو في مسألة معاصرة ويقول هذه ليست هذه لا تجوز؛ لأن تعريف الحوالة مثلا في مسائل بطاقات هذه بطاقات الصّرف، ولا تقل بطاقات الائتمان ليست كلها بطاقات ائتمان، هي عدة أنواع، في البطاقات هذه هي حالة وعّرفوا الحوالة بكذا، هذا التعريف اصطلاحي أليس كذلك؟ لهذا نجد أن تعريف الحوالة عند الحنابلة يختلف عن تعريف الحوالة عند الحنفية، يختلف عن تعريف الحوالة عند الشافعية.
التعاريف هذه الاصطلاحية متى نشأت في الفقه؟ نشأت بعد الفروع، لم تنشأ قبل الفروع، لذلك لا يصح أن نطلق عليها اسم مصطلح ونقول لا مشاحة في الاصطلاح، ليست مصطلحا إنما هي تعريف اجتهادي نشأ بعد الفروع الفقهية.
الإمام مثلا الإمام الشافعي تكلم في مسائل كذا وكذا جمعت تفاريع المسائل التي تكلم عنها وأنشأ علماء المذهب تعريفا سموه تعريفا اصطلاحي؛ لكن هل يوافَقون على أن كل مسألة يعاد فيها إلى النصوص وسعة النصوص واستيعاب النصوص بكل مكان وزمان أن نقيّد النصوص الواسعة التي جاءت من عند الحكيم الخبير الذي يعلم من خلق سبحانه وتعالى أن نجعل هذه النصوص مقيدة بتعريف نشأ في زمان ومكان وتبع لإمام معين أو مصطلحات فقهية إذا تقيدنا بها فإننا نجني على حركة الاجتهاد في الشريعة.
وهذا هو الذي يحصل في زماننا الحاضر في من توقف عن الاجتهاد والنظر الحر الواسع فإنه أكثر ما يجعله لا يُقدم هو التعريفات والاصطلاحات، ولو تحرر من الاصطلاحات هذه الاصطلاحات في الفهم في التقريب ليست وحيا منزلا، لو تحرر منها لانطلقنا إلى فهم أكبر للنصوص.
طبعا ثَم من التعاريف ما يصح أن نقول عنه تعريفه شرعا، وثم ما يصح أن نقول تعريفه اصطلاحي، ليس كل تعاريف الفقهاء اصطلاحية بعضها شرعي وبعضها اصطلاحي بحسب ما ورد في الشريعة.
إذن الاصطلاحات في الفقه لها أثرها الإيجابي والسلبي على الفتوى.
من الأمثلة والحج قريب مثلا لفظ المخيط، لفظ المخيط أن الحاج أو المعتمر يتجرد من المخيط، لا يلبس مخيطا، هذا اللفظ لم يأتِ لا في الكتاب ولا في السنة يفهمه العامة ةالناس وجرى وأثر في الناس أنه حتى الشيء فيه خيط فإنه يستخدمه لهذا تجد أنهم يحرمون في نعلين ليس فيها خيوط بلاستك أو غيرها مثلا لو صار عنده برد يريد شيئا فيه خيوط عليه ثوب يعني أو مثلا [...] يلقيه لبس دون إدخال اليدين قال هذا مخاط إلى آخره.
هذا ليس هو دلالة اللفظ هذا لفظ المخيط وضعه بعض العلماء اصطلاح ليقربوا الحديث «لا يلبس المحرم السراويل ولا العمامة» إلى آخره يعني في الحقيقة لا يلبس اللباس المعتاد لكن قد يكون في لبسه فيه خيط لكن لا يكون لبس بإدخال ما يخاط على قدر البدن إلى آخره.
فهذا اللفظ سبب كثير من المفاهيم.
لهذا نقول الركن والواجب تكلمنا عنه هذا ركن وهذا واجب، ما في النصوص ما يدل على أن هذا ركن وهذا واجب، هو اصطلاح تجد أن الفقهاء يختلفون الحنابلة يقولون هذا ركن وعند الشافعية هذا واجب وهؤلاء يقولون واجب وعند الآخرين ركن، فيختلفون في بعض المسائل، نعم الركن من حيث هو ما تقوم عليه حقيقة الشيء يعني ما لا يتصور وجود الشيء إلا به وأما الواجب فهو شيء إضافي.
نطوي الكلام عن بعض المسائل المتعلقة بهذا.
إذا نظرنا للأدب كعلم تاريخ الماضي والحاضر، الأدب جني عليه كان واسعا فدخله المنطق -وما أحب أستطرد فيه- دخله المنطق وخاصة في البلاغة، فبدل أن يكون الأدب ذوقا وإحساسا بالجمال في التعبير والجمال في التصوير أصبح قوانين،ولما أصبح قوانين فسد الذوق وأصبح عندنا مأساة في تاريخ الأدب العربي في القرون ما بين القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر في ترحّل في الألفاظ واتباع للمحسنات اللفظية والبديع يعني أنواع البديع إلى آخره.
أيضا مما جُني به على الأدب وهذه قد يستغربها كثير من الإخوة إظهار لفظ المجاز، وهو لفظ لم يجر في اللغة لا في أشعارها ولم يجر في الشرع فأخرجوا أو وضعوا لفظ المجاز، والمجاز كان مستعملا بلفظ ما يجوز في اللغة.
أما المجاز بالمعنى الاصطلاحي وهو نقل لفظ من وضعه الأول إلى وضعٍ ثانٍ لعلاقة بينهما هذا مبني على فهم أنهم تواضعوا أولا على شيء ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ قالوا مجاز لماذا؟ لأن الجناح هو جناح الطائر، من الذي قال أن العرب اجتمعت وتواضعت، أنظروا إلى ما حولكم هذا الجناح هذا الطائر هذا نسميه حمامة، هذا جزء منه هو كذا، وجزء منه كذا هذا ما يتصوره أحد يبحث بحثا حرا في تاريخ نشأة اللغات والتعمق في ذلك فالموجود معاني كلية وبعض الأسماء، وحركة اللغة حركة مائجة في المجتمع الأصوات توليد الأشياء التأثر بالأمم حركة مختلفة الاتجاهات، فجعل تصوير اللغة بأن هناك علم اسمه علم الوضع، وجاءت العرب ووضعت لهذا اللفظ وهذا المعنى ووضعت لهذا اللفظ هذا المعنى، أفسد كثير من حركة العلوم بمثل هذه الاصطلاحات.
الحقيقة لفظ المجاز وهو الذي يبنى عليه علم كامل من علوم البلاغة الذي هو علم البيان النوع الثاني من علوم البلاغة، هذا أثّر كثيرا في فهم اللغة وفي متابعة العرب في سَنن كلامهم.
إذا نظرنا في السلوك والتعبد أعظم ما أحدث من المصطلحات التي سببت ما لا نهاية له من الآثار لفظ التصوف، لفظ التصوف ما جاء ما في الكتاب وما في السنة ولم يستعملها القرن الأول، إنما هو مصطلح على حال أناس معينين لبسوا الصوف أو قست قلوبهم إلى آخر تعليلات نشأة هذا الاسم، ثم بعد ذلك صار هذا المصطلح له دلالات كثيرة متنوعة وعلم خاص به؛ بل تحته مصطلحات كثيرة.
خذ مثلا مصطلح المقام والحال والفيء والإشراك والفناء، ألفاظ لو عُرضت عليك وأنت لا تعرف دلالاتها قد يقول قائل لا بأس بها، لفظ الفيض يعني ما يفيض أنت لا تفسر اللفظ بمفهومك، وإنما يفسر اللفظ بمفهوم أهله بمفهوم من وضعه بمفهوم من وضعه بمفهوم من وضعه بمفهوم من يستعمله.
ولهذا إذا نظرت في تفاسيرها عند القوم وجدت فيها أكبر انحراف عن الزهد المشروع الذي جاء في هدي الصحابة؛ بل وهدي إمام المتقين محمد بن عبد الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
سبّب الفيض والإشراك القول بوحدة الوجود وسبب الفناء أيضا القول بالإتحاد وأشياء كثيرة لا ندخل فيها.
أيضا الاصطلاحات العلمية ذكرنا أنها نمت في جو الحضارة الإسلامية أكبر نمو.
فإذا نظرنا في العلوم الكونية أو ما يسمونه علم الهيئة ثَم اصطلاحات كثيرة أثرت واستفادت منها الأمم الأخرى خاصة أوربا.
في الطب قانون ابن سينا ومصطلحاته وابن البيطار ومفردات ابن البيطار وابن رسول لازالت هي المعتمدة في كثير من الأسماء.
في الهندسة والفيزياء وعلم حتى طبقات الأرض كان موجودا في نوع معين؛ بل حتى كلمة الانتخاب التي أخذها دارون وبنى عليها نظريته كانت موجودة عند إخوان الصفا، واستعملوا لفظ الانتخاب الطبيعي؛ ولكنهم قصروه على النبات وعلى بعض الحيوان، ولم يدخلوا في كطل الحيوانات والإنسان، وأخذت وعممت لهذا صار من الاعتراض عليها فيما عُممت في الغرب أكثر من الاعتراض فيما خُصصت به في بعض العلوم في تاريخ الأمة مع ذمّنا لإخوان الصفا وأنهم باطنيون وليسوا بمسلمين.
أيضا في النواحي السياسية والعلوم المختلفة إلى آخره.
نقلب الصفحات ونأتي إلى العصر الحاضر، لا شك أن تاريخ المصطلحات الأمة في جميع هذه الفنون، أتى هذا العصر الحاضر أعني القرن الرابع عشر الهجري، وفي الأمة هذا الركام الهائل من هذه المصطلحات، وبدأت الأمة في فعل كثير من المدققين تُراجع تلك المصطلحات؛ بل قبل ذلك نُقدت تلك المصطلحات بحركة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وما نقد به مصطلحات الفلاسفة ومصطلحات الصوفية في علم كثير جزاه الله
عن الجميع خير الجزاء.
الركام الهائل هذا من المصطلحات جاء لهذا العصر وجاء لأهله؛ لكنه مع الأسف جاء متأخرا، كيف؟ جاء بعد أن أخذته أوربا وأخذه فلاسفة أوربا والفلاسفة المخترعون.
بالمناسبة المخترعون في أوربا كلهم فلاسفة إلا ما نذر؛ يعني كلهم كان اشتغالهم الأول بالفلسفة، الفلسفة علم يبحث عن حقائق الأشياء ولها عدة أقسام: فيه فلسفة إلهية وفيه فلسفة طبيعية وتبحث في الفيزياء وفيه غيره وفيه فلسفة رياضية وفيه فلسفة موسيقية، يعني عدة أنواع؛ يعني وفنون وكتب لها مختلفة.
المقصود أن المخترعين كانوا يهتمون بذلك، وكانت جامعات في أوربا مهتمة أكبر الاهتمام بعلم المصطلح وبالاصطلاح، حتى إنهم وردوا لنا مع الأسف أو صدروا لبعض من ذهب إليهم من الارساليات المبكرة أن النظريات الأوربية إنما هي ميراث نظريات الغزالي وابن رشد وابن خلدون إلى آخره، وثَم عندهم من الدراسات الكثيرة عن ابن رشد وطبعوا كثيرا من كتبه، وعن الغزالي، وعن ابن خلدون ناهيك عن الملاحدة كالحلاج والشعراء الماجنين كأبي نواس، ثم دراسات كثيرة هناك، لماذا؟ لأن الربط بين ما يريدون أن يصلوا إليه في هذه الأمة وذلك الميراث يسهّل عملية القبول، فصدروا كثيرا من الأفكار والاصطلاحات على أنها فكر للغزالي وفكر لابن رشد، والمطالع لحركة العلمية في مصر بالذات والمؤتمرات التي قامت بمناسبة ألف سنة على موت ابن رشد، ألف سنة على موت الغزالي، وألف سنة على كذا تجد أنها تصب في هذا الاتجاه في أننا نحتاج إلى فكرهم للتحرير، نحتاج إلى فكرهم في واقعنا وواقع أوربا، هذه لها تفصيلات مختلفة.
المقصود جاءت العلوم هذه متأخرة لأمة الإسلامية بعد أن عراها ما عراها من التخلف الشرعي والتخلف العلمي والتخلف الفكري و العقلي بجميع أنواع التخلف، فسهّل بعد ذلك التخلف أن توضع فيهم مصطلحات جديدة، وأن تبث فيهم أشياء لتحديد العلوم وتجديد الفنون إلى آخره، فجاءنا كثير من المصطلحات التي أثّرت في العلوم تأثيرا كبيرا.
نعم كان فيه تحرّر من كثير من القيوم السابقة خاصة في مسألة البلاغة، وفي بعض علوم العربية وفي النظرة التاريخية صار فيه بحوث جيدة وعدم الانسياق وراء الاصطلاحات السابقة؛ لكن كان بما قدم من الفكر الأوربي تأثيرات متنوعة.
أطوي هذا لأجل الوقت. وأعرض بعض المصطلحات الواردة المختلفة في هذا العصر.
نلحظ مثلا أن كلمة التراث جُعل مصطلحا لكل ما وُرث سواء أكان موروثا صحيحا أو كان موروثا فيه نظر، فدخلوا في ذلك الكتاب والسنة ودخل في ذلك علوم اللغة ودخل في ذلك كتب التوحيد والفقه إلى آخره، كل ما ورثت ينظر إليه على أنه تراث، والتراث من حيث هو قابل للنقد، وسابقا كان ينظر إلى النقد اللفظي، والآن انتهى دور النقد اللفظي، والآن يبحث في النقد الموضوعي بمعنى أن المجتمعات المثقفين لا تبحث الآن في نقد الحركة أو في نقد علم من العلوم من حيث الألفاظ من حيث البنيوية اللفظية ومن حيث التركيب، وإنما تبحث فيها من حيث نقد البنيوية المعنوية؛ يعني محتويات هذا الشيء من المعاني والأفكار، ولذلك التراث من حيث هو يدخل إذا نقدناه يدخل فيه كل ما وُرّث.
لهذا يجب أن يوضع لهذا المصطلح حد وأن يقيّد أو يرفض حتى لا ندخل في التراث ما لا يقبل الجدل أو ما يجب التسليم له وهو كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الاهتمام بالتراث مثل ما يصورونه ارتباط بالطين، ارتباطا بمعاني مدنية معينة، ارتباط بحياة ريفية بسيطة، بحياة قروية هادئة، بحياة ليس فيها عقلانية متنورة، ارتباط [...] الثانية لا برؤية الفيصلية، ارتباط إلى آخره.
هذه الحركة لاشك تعطي في النفس حركة نقد لما سبق دون حركة تفريق بين ما يقبل وما لا يقبل.
في مجال الألفاظ والاصطلاحات التي أثرت في الدعوة الألفاظ الثلاثة المشهورة الأصولية والتطرف والإرهاب ثَم مصطلح جديد لكنه يجب أن يرفض وهو اصطلاح الإسلاموية، إسلاموية تأثيره النفسي أن يقرن بين الإسلام والدموية.
الأصولية والتطرف والإرهاب ثلاثة ألفاظ استعملت في الغرب متى استعملت في الغرب؟ استعملت بعد حركة [مارتن لوثر]، واللوثرية المعروفة، استعملت في الذين طلبوا بقاء الكنيسة على سلطانها الفاسد فكانت يسمون في فرنسا الأصولية يعني الذين يريدون إبقاء سلطان الكنيسة الفاسد وعدم الانقياد للحركة التحررية.
جاء لفظ ما ذهب إلى اليمين أو اليسار على أي شكل كان في ذلك الوقت على أنه متطرف، ثم من مارس شيئا من الأفعال فعلا ذم أو ضرب أو نحو ذلك بأن هذا نوع من الإرهاب، استعمل ذلك الصحافة الغربية وصار مصطلحا عندهم شائعا.
نقلته مراكز العلوم مع الأسف الإسلامية والعربية ونقله الإعلام العربي والإسلامي، ونقله الناس حتى إنهم لم يعودوا يفهموا المعنى الحقيقي والصحيح للأصولية والتطرف والإرهاب.
الإرهاب في الشريعة لا يُنفى، الإرهاب من الرهبة والرهبة تارة تكون محمودة وتارة تكون مذمومة، الإرهاب بحق إرهاب العدو الذي يعادي الإسلامي وأهله الذي يعتدي على الناس في أموالهم وفي أعراضهم وفي بلدانهم وفي أراضيهم هي موجودة كما قال جل وعلا ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ[الأنفال:60] وقوله ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[الأنبياء:90]، أيضا الترهيب والإرهاب من الوقوع في الجريمة هذا أمر مطلوب شرعا لهذا جعلت الحدود وجعلت كثير من التعازير للإرهاب في إيقاع الرهبة في صدر الناس من أن يقدموا على الجرائم المالية والخلقية في المجتمع؛ يعني هذه السلسلة بأجمعها.
إذن استعمل اللفظ حتى صار من يقاتل الأعداء -أعداء الإسلام- صار إرهابيا في معنى من المعاني، نعم هناك بعض الممارسات التي لا تقر ولا يجوز ولا يصح أن تجعل هي التسمية أو المراد بالتسمية الشرعية، فكل يفسر حسب فهمه؛ لكن استعمل هذا الاسم وأظنه لو ظلّ في الناس بعد ذلك فيكون أي حركة للجهاد، الجهاد الذي لإعلاء كلمة الله فيقع في قلوب الناس أنه نوع إرهاب؛ لأجل الخضوع وغلبة الرحمة غير الشرعة وغير العقلية بالناس.
إذا نظرنا للتطرف مصطلح لا حدود له، تطرف في ماذا وحول ماذا؟ تطرف هو أن يكون الذي أمامك ليس على وفق السلوك الذي تريده، فإذا كان في لباسه على هيئة ما قلت متطرفا يعني قالوا متطرف، فإذا كان فيه محافظته على العبادات على هيئة ما قالوا متطرف، وهكذا فهذا المصطلح لما جاء لعالمنا العربي والإسلامي لما جاء أثّر حتى أصبح عند الناس أن الذي يتمسك ببعض السنن متطرف.
وفي الحقيقة هذا اللفظ ما جاء لا في القرآن ولا في السنة وإنما الذي جاء لفظ منضبط وهو الغلو ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ[النساء:171] والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى الأمة قال «إياكم والغلو» والغلو مجازة الحد في المأذون به، إذا جاوز السنة فهو مردود عليه، الصحابة الثلاثة الذي سألوا عن عبادة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنهم تقالوها، بعد ذلك قال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر والآخر قال: أما أنا أقوم ولا أنام. والثالث: أما أنا فلا أتجوز النساء. بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن هذا غلو ولم يسمه تطرفا، جاوز المأذون به في هذه الأشياء، الصيام مطلوب لكن بحد شرعي، تزوج النساء مطلوب لكن أيضا بحد وهو أربع زوجات لمن استطاع في العدل في ذلك، إلى آخره.
فإذن ثَم ألفاظ شرعية تحل محل مثل هذه الألفاظ التي أثرت في الناس.
أيضا جاءت ألفاظ أخر مثل لفظ الإنسانية أو لفظ الديانات السماوية، لفظ الديانات السماوية لا أصل له في الشريعة، ولا أصل له في كلام أحد من كلام أهل العلم، وإنما الدين السماوي واحد ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ[آل عمران:19] وحتى بعض الخاصة بعض طلبة العلم راج عليه ما يوجد في الجرائد والمجلات وفي الإعلام الديانات السماوية الثلاثة.
الدين السماوي واحد ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾، ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ[آل عمران:75] وإنما هذه شرائع سماوية مختلفة هذه ملل مختلفة أما الدين لفظ الدين إنما هو واحد، ولا يمكن أن ينسب إلى السماء إلا دين واحد وهو دين الإسلام، أديان الله الثلاثة وليس كذلك، دين الله واحد وهو الإسلام لهذا قال جل وعلا﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا[المائدة:48]، وقال ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا﴾ يعني اليهودية المحرفة ﴿وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا[آل عمران:67] وقال ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا[الحج:78].
لفظ ومصطلح الإنسانية، الإنسانية هذه، ظاهره جميل؛ لكن ما مدلول هذا المصطلح؟ مدلول هذا المصطلح ذوبان كل معنى؛ معنًى صحيح ومعنًى تقره الشرائع أو معنى يحدث التميز وعدم التبعية لهذه الأمة.
الآن لفظ العولمة الآن وما تدل عليه الاصطلاحات تحتاج الحقيقة إلى محاضرة خاصة بها في يعني بعض المباحث حولها، أيضا لفظ العولمة تتعلق بالعالم؛ لكن ما وراء هذا اللفظ من المعاني ووراءه من الاتجاهات إلى آخره هذا ما يبحث الناس يؤثر فيهم المصطلح وليس في مقام التقييم لكن يؤثر فيهم المصطلح في قبول الشيء، حتى إن اليهود والنصارى لما أرادوا أن يحتلوا بلاد من بلاد المسلمين سموا هذا الاحتلال استعمارا يعني جئنا مستعمرين يعني نعمر لكم الأرض، حتى الآن في عدد من الدول بعض المفكرين والناس في أفريقيا يقولون نريد يعود لنا الاستعمار يعمروا لنا أفريقيا وينظموها إلى آخره لأننا ما استطعنا تنظيم الخيرات والثروات.
إذن اللفظ الحقيقة الغرب أو الواعي من الناس إذا أراد أن يؤثر فقبل أن تطرح فكرة ابحث عن اللفظ، اللفظ هو الذي سيبقى وهو الذي سيؤثر وهو الذي يعده تتجدد المعاني وهو الذي يعده تتجدد المعاني وهو الذي تستطيع أن تحشد الإعلام بعده ويوجه لك هذا اللفظ بحسب ما تريد.
أما في الاتجاهات الدعوية فثم عدة اتجاهات جاءت بألفاظ جديدة التنوير حركة التنوير أو جماعة التنوير، التطوير، الدين، العقلانية، ما عندي وقت أفصل الكلام حولها هذه ألفاظ التنوير، التنوير طيب لكن ما معنى التنوير؟ ما الذي تحته؟ العقلانية ما الذي تحته التجديد؟ ما الذي تحته تجديد في المسلمين أو تجديد في الدين؟ تجديد كلمة تحتاج إلى ضبط إلى آخره.
إذا نظرنا إلى نوع آخر في الأمور في الاتجاهات السياسية نجد أن استعمالات الديمقراطية حتى إن بعضهم استعمل الشوراقراطية إلى هذه الدرجة، يريد أن يجعل ثم مزيج لهذا وهذا.
الشورى في الشرع معروفة في معالم معروفة في الحدود مؤصلة أما الديمقراطية والبرلمانات والتجارب النيابية هذه، ليست من الشورى في شيء، الشورى الشرعية استعملت هذه الألفاظ ومشت والحديث عنها يطول فيعني نمضي أيضا.
ختاما أيضا من الألفاظ يعني التي كان تحتاج إلى بعض البحث كلمة [...] الصحوة، الانتفاضة، تصور الإسلام، الفكر الإسلامي، الأسلمة، أسلمة المعارف، أسلمة الكيمياء، أسلمة الفيزياء، أسلمة العلوم، الأبلجة، العولمة، يعني ألفاظ كثيرة جاءت هذه الأمة زخا؛ لكن هل سنستطيع أن نميز هل نوقف هذا المد المصطلحي؛ الآن لا تتأثر به؛ لكن سينشأ الناشئ وهو يعرف أن دلالته هي هذه، وبالتالي كيف تنزعه منه، وتتوالد الأجيال بعد ذلك وتتوالى، وأن هذا المصطلح هو معناه، وما أشبه الليلة بالبارحة حينما استحدثت ألفاظ واستقدمت من الحركة اليونانية العلمية.
ختاما نطوي بعض الأشياء.
أنا ألخص ما أريد وأعرضه على ذوي العلم والفهم والإدراك بأني أرغب في دراسة ما يلي:
أولا البحث في تقليل استحداث المصطلحات، وعدم قبولها في العلوم الشرعية والإنسانية والسلوكية التي يدخلها الهوى والتأثير العبادي والسلوكي والعقلي.
أما في العلوم المدنية فهذه اهتم بها كثيرا المجامع وطحنوا وما أخرجوا لنا طِحنا إلا القليل.
الثاني أنه لابد من إيجاد قوة تُحدث المصطلحات التي تؤثر في الناس إيجابا من جهة الشرع، فإن مصطلح سيأتي شئنا أم أبينا والمصطلحات فإذا كان ثمة مصطلح سيقدم أو سيستعمل فإن استعمال المصطلح الذي ليس عليه سلبيات هذا هو المتعين، طبعا في العلوم التي ستدخل في العباديات والشرعيات والأثر في السلوك وأن يخرج المصطلح المؤثر إذا وضع أين يوضع؟ يوضع في الجامعات وضعه العلماء وضعه المتخصصون كل في مجاله أو يجتمعون في مؤتمرات خاصة، وأن لا نبحث مثل ما تبحث المجامع، فقد في ترجمة المصطلحات، المصطلحات التي لا يدخلها الهوى هذه سهلة، حتى لو استعملت نظرتي أنا، حتى لو استعملت الكلمة الإنجليزية فيها أو الكلمة اللاتينية ليس ثَم إشكال في ذلك؛ لأن الاستعمال القليل لا بأس به.
لكن المصطلحات المؤثرة في العلوم العقدية في العلوم الشرعية في السلوك في العلوم الإنسانية هذه هي التي تفتك بالأمة وهي التي تغير المفاهيم في الأدب وفي اتجاهات التفكير المختلفة.
فإذن لابد من إيجاد مصطلح يؤثر، ويكون عوضا عن المصطلح الآخر وأن يخدم هذا المصطلح بأقوى خدمة عبر الإعلام بوسائله المختلفة تحقيقا لعزة هذه الأمة لبقائها وقوتها، وأن يُخدم من قبل العلماء والمشايخ والدعاة، وأن يُخدم من قبل الجامعات في مناهجها وفي استعمال أساتذة فيها أعضاء التدريس فيها، وأن تخدم وزارة المعارف والتعليم في جميع مراحله من الطفولة حتى يكون المصطلح واضحا فيما يدل عليه.
أيضا لابد من أن نكون متميزين فالله جل وعلا قال ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[آل عمران:139] فإذا تحققنا بالإيمان فنحن الأعلى، أنتم الأعلون يا أمة الإسلام يا أمة الإيمان أنتم الأعلون دائما ما دام أنكم على الإيمان وعلى الإسلام، ومن العلو عدم التبعية، ومن العلو عدم التقليد، من العلو الاستقلال، وقد علمنا الشرع الاصطلاح، علمنا الشرع المصطلح، علمنا كيف نستقل بمصطلحاتنا وألفاظنا، لهذا أدعو أن تكون خدمة المصطلحات المؤثرة عبر الاستقلالية وعدم التقليل في ذلك فيما يدخله الهوى كما أسلفت.
ختاما هذه كلمات قليلة من ضمن هذا الفهرس الذي بين يدي للأفكار، وأرجو أن أكون عرضت في هذا الموضوع عرضا يفتح الباب ولو قليلا للباحثين وللمهتمين بالعلوم وبالدعوة، ولما يؤثر في الناس وبالإعلام في جميع المجالات التي تؤثر في حياة الناس حاضرا وماضيا.
وأعتذر عن الإطالة قد اتخذت من الوقت الكثير، وأرجو إن شاء الله تعالى أن أكون قد أتيت بشيء غير ممل لكم.
وأسأل الله جل وعلا للجميع السداد والتوفيق ولولاة الأمور الهدى والرشاد ولجميع المهتمين بالدعوة إلى الله جل وعلا والباذلين فيها التوفيق والهدى إنه سبحانه جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
المقدم: شكرا لمعالي الشيخ، الحقيقة هذه المحاضرة التي يمكن أن نصفها بكلمتين بأنها ممتعة ممتعة والحقيقة أن من عرف يعني مرامي الكلام وتأثيره، لا يملك أن يعجب الليلة من قدرة الشيخ الحقيقة على تقديم هذا الموضوع العلمي الشديد الصعوبة بما قدمه وأحسبه والله أعلم تأثر بشيخه ابن القيم رحمه الله تعالى، وقد يعني ما تدرون أن الشيخ يراجلها، رؤوس أقلام وهذا في الحقيقة محل إعجاب، وشهادة على ما أقول ... هذه الليلة بمحاضرة عليمة راقية ... قدرة الشيخ ولذلك أن الليلة .....
˜˜¹

([1]) أظن المصطلح كما أثبتّ.