اعلامنا و جرائدنا لا يلقيان بالا لمثقفينا و مشهدنا الثقافي.
15-04-2020, 09:22 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم.
اعلامنا و جرائدنا لا يلقيان بالا لمثقفينا و مشهدنا الثقافي. فاين الخلل؟ ( الموضوع الثاني- المادة الاعلامية - )

المادة الاعلامية
نقصد بالمادة الاعلامية هي .. السرد و التحرير بالاضافة للموضوع المختار و معالجته التقنية و الفنية. هذا على مستوى الصحيفة او السمعي البصري او البث الاثيري، ذلك الكل المتشابك هو – مادة اعلامية – التي لا نجاح لها بالتجزيئة لتلك العناصر لان فلسفتها عند المتلقي هي ( النجاح يجر النجاح ) ما يقتضي نجاحها مجتمعة حتى يحكم عليها ذات المتلقي بالناجحة. و هذا ما لا يستشعره كثير من رواد الاعلام في زماننا لان النجاح في نظرهم، هو ان يقول لك على سبيل المثال .. بلغت مشاهدة قناتنا هذا الاسبوع ( 5 ملايين مشاهدة ) او بيع من صحيفتنا هذا اليوم ( مليون نسخة ) .. مع كل احترامي لاعلامنا، ارى ان مثل تلك السذاجة في عد درجات النجاح هي في الاصل عد لدركات الاخفاق. كيف؟
هل يعلم هؤلاء، كم كان يبلغ عدد النسخ المطبوعة من بعض مجلاتنا و جرائدنا نهاية السبعينيات و مطلع الثمانينيات ( لا اريد ان اسمي تلك الصحف و هي معروفة ) لكن، اريد ان اشير لضخامة نسخها في ظل ظروف و امكانات اسؤ مما عليه الطباعة و النشر في ايامنا هذه .. ناهيك لو اخذنا في الاعتبار نسبة مقرؤيتها الفعلية مقابل نسبة النمو الديموغرافي وقتها، لوجدنا ان نسبة نجاح تلك الصحف كانت في اعلى معدلاتها في مقابل ما نتبجح به اليوم في ظل نمو ديموغرافي مضاعف و نسبة مقرؤية جد متردية مع ترك السؤال.. لماذا نجحت تلك الصحف و تلك المجلات؟
صحيح ان نسبة نجاحها في المقام الاول، هو عدم وجود نوافذ اخرى على العالم كالانثرنث و وسائل التواصل الاجتماعي. مما لا يتيح للمتلقي سبل المقارنة بنظائرها في باقي قارات العالم و هكذا كنا نعتقد ان ما بين ايدينا هو ءاخر ما وصلت له الموضة في صرخاتها العالمية في مقابل متاحات اليوم التي تتيح لنا الولوج و الابحار في مواقع غير مواقعنا و تشهدنا جودة اكثر مما بين ايدينا، لندرك في النهاية ان هناك الجيد و الاجود و السيء و الاسوء. هذا كله قد يكون لكنه لم يمنع من نجاح فعلي لصحفنا و مستوى صحافة جد عالي و مقرؤية جادة، حتى عندما ناخذ اليوم واحدة من تلك الصحف القديمة و نقيسها على صحفنا اليوم.. لا ليست نوسطالجيا بل حقيقة قائمة . لكن ما السر في ذلك؟
اولا .. صحافتنا و صحفنا وقتها، كانت تمارس يومياتها في ظل مشهد ثقافي يقبل النقد و التوجيه و يعود الي جادة الصواب عندما تقول له مثلا ( لك لا تكتب بالياء و انما تكتفي بوضع علامة الكسر تحت الكاف. ( لكي ) صحافة تعود لجادة الصواب عندما توجهها الي تحسين لغة اشهارها حين تقول ( صباعتيكم ) ( ظفارتيكم ) في اشهار ضد وباء عام.و صحافة تعود لجادة الصواب حين تنبهها الي اخطاء نحوية و صرفية، تجتاح شريطها الاخباري المكتوب اسفل شاشتها .. لا صحافة ترفع المفعولا به و تنصب الفاعل و ترفع التمييز . نجحت صحافة ذلك الوقت في زمن النقد و التوجيه و القبول بهما. زمن كان فيه مولود قاسم نايت بلقاسم و ابو القاسم سعد الله و عبد الرحمان الجيلال رحمهم الله اجمعين و غيرهم كثير هو اكيد زمن لا يقبل ان تحمل لغتنا الجميلة ما لا تطيق و الباقي على القاريء استنتاجه .
ثانيا.. ما الفائدة ان تقيس نجاحاتك بين قنواة اعلامية تمتلك نفس المواد الاعلامية باسماء مختلفة؟ حتى و هي تدعي الموضوعاتية. سبل المقارنة تكون بين قنواة متباينة في موضوعاتها و قوة تقنيتها و مستوى صحافييها حتى تلبي زخم كبير من الاذواق. اما قنواتنا فهي لا تختلف الا من حيث الوجوه الاعلامية و اسماء القنواة و اوقات البث و الباقي هو تشابه كبير يوحده اشهار الطماطم و القهوة و احوال الطقس و مواضيع الاخبار التي تكاد تتشابه حتى في اسلوب تحريرها. و لذلك حين تتدعي قناة ما ان عدد مشاهديها بلغ في فترة ما مليار مشاهدة، عليها ان تعلم بان نفس المليار سيشاهد قناة اخرى خلال الاسبوع القادم لو انها بثت ما يهم الشعب خلال ذلك الاسبوع مثل ( احدى مباراة تصفيات كاس العالم و لذلك فليس العبرة في عدد المشاهدات انما العبرة في كم سيدوم ذلك العدد ( النحاخ يجر النجاح ) اليوم و غدا و كل اسبوع. للتوضيح اكثر، لو افترضنا تاسيس قناة ثقافية موضوعاتية بنكهة جزائرية لجرت كثيرا من المشاهدات اليها و عليه فان المشاهد المهتم بالشان الثقافي هو يشاهد رغباته الاعلامية في قنواة اخرى على طريقة ( مرغم اخاك لا بطل ) و قس على ذلك المنوال في اعداد اخرى شاهدت قناتك في غياب البديل. ( اليوم لا مقام لقاعدة كور و اعطي لعور ) لان المشاهد لم يعد اعمى و لا اعور و هو يشاهد ما وصل له الاعلام اليوم بازيد من 1000 قناة تدخل بيته يوميا بلا تاشيرة ... نعم. بالفعل جل تلك القنواة ليست بريئة و جلها لا يتماشى مع سياستنا كجزائريين لنا خصوصياتنا و مبادئنا التي لا نرضى بالقفز عليها و لنا اخلاقنا و تاريخنا و ماضبنا و حاضرنا. امور نعتز بها و لن ندعو الي الانسلاخ منها، فهي تمثل هويتنا الاسلامية و العربية و الامازيغية لكن هناك قنواة نطمح ان نكون في مستواها على الاقل من حيث جوانب النجاح فيها.. و للقاريء ان يقيس ما سردناه عن الصحف الي الباقية من اثير و غيره.
تقبلو تحايا اخوكم العراب النبيل .... يتبع/..... ( المنافسة ).
التعديل الأخير تم بواسطة العراب النبيل ; 18-04-2020 الساعة 02:28 PM