المخـاوف الـتي تمنـع الإبحـار !!
18-10-2018, 06:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم






المخـاوف الـتي تمنـع الإبحـار !!
التأني في الخطوات ثم النظرات العميقة قبل الخوض تعني السلامة .. ولا يخاطر العاقل بالغور في الأعماق وهو يجهل أسرار القعر .. وإذا كانت النفوس تجهل مكائد السرائر فالأمر يستلزم التمسك بسياج الحيطة والحذر .. ولا بد من حسابات تكشف غيب المعاني في نفوس البشر .. ولا يلام الحريص حين يتقي بالحكمة مجاهل المخاطر والحفر .. فتلك الذئاب قد تختبئ خلف ثياب البراءة والحملان وتخفي شرورها عن النظر .. ولا تتجلى أنيابها إلا بعد وقوع الصيد في شباك الخطر .. فيا لائمي لا تلمني فإن العصر يفقد الإخلاص بالسليقة ولا يخلو من نوازع الغدر .. وملامس الأشياء تخدع بالنعومة رغم الخشونة التي تنام تحت الوبر .. وتلك الأشواك دائماَ تترصد الأيدي البريئة التي تعبث بالورود والزهر .. وقلوب الناس قد ترائي بالرقة والألفة واللطف وهي في أعماقها قاسية كقسوة الحجر .. وتلك العيون قد تزرف دموعاَ من الزيف والرياء كنوازل المطر .. وحين تتملك زمام المقاليد في كفها وتنال الطاعة فإنها تبادر بالكفر .. والمحاسن والزينة قد تغري النفوس بالعناق ولكن ليس كل عناق ينتشي النفوس بالسحر .. فذاك عناق الأفاعي يؤلم ويحطم الأضلاع حين يقتل بالشد والعصر .. فكيف نطلق العنان لأنفس طائشة تريد الأهواء دون ذلك الحذر .. وتلك النوازل من الآلام والشرور والمصائب تجلبها دائماَ مكائد البشر .. والنفوس تواقة شغوفة تريد الانطلاقة والركض فوق بساط الأحلام والبطر .. ولكن تلك البساط مشوبة بالمخاطر ومحفوفة بالكمائن والألغام التي تترصد لمدى البصر .. والإبحار في بحار النوايا الحسنة غفلة قد توصل الإنسان لسواحل المهالك والقبر .. فكم يلزم المرء التوخي والحيطة وأن يلازم شروط الحذر .. وحين يعقد العزم فلا ينام النومة الكبرى بل ينام بعين هانئةَ وأخرى تراقب بالنظر .. وقد يعيبنا البعض حين نرتاد الهواجس ونقيم السياج حول نوافذ الشرر .. جاهل يجهل المخاطر ولا يملك إلا نصيحة التجلد والصبر .. ثم ذلك الندم والحسرة إذا وقعت واقعة الكدر .. فيا ليتهم يعقلون ويتوكلون ولا يتركونها طليقة حرة دون قيود الأسر .. فالندم في أعقاب الإحاطة والحذر أخف وطأة من ندم يلازم طوال العمـر .. وغشيم من يحسن الظنون في براءة تماثل براءة الأطفال لدى نفوس ترضع المعاني من أثداء الدهاء والمكر .. وتلك السرائر قد تتلوث بألوان الرياء والنفاق والكذب والغدر .. وهي المخاطر تترصد دائماً في غياهب المجاهل كالنار تحت الجمر .. ولا تغر الإنسان ملامس الأفعى فإنها تخدع بالنعومة ثم فجأة تنفث السموم من أنياب الإبـر .. وتلك البسمات والضحكات قد تكون عدة خادعة لا تجلب في حصادها إلا ثمار العلل والضجر .
ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد