تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
mohamed yakon
زائر
  • المشاركات : n/a
mohamed yakon
زائر
معنى التسامح وقبول الآخر ..
30-07-2016, 04:47 PM


معنى التسامح وقبول الآخر

السبت 4 شوال 1437هـ - 9 يوليو 2016م
شملان يوسف العيسى


كتب عمدة لندن الجديد صادق خان مقالاً بتاريخ 5-6-2016 في جريدة الجارديان البريطانية عن تجربة الشهر الفضيل في مدينة لندن، ومن أهم ما تطرق إليه في مقالته هو تفرغه واهتمامه بتوفير وجبات الفطور والسحور في دور العبادة في الكنيس اليهودي والكنائس المسيحية والمساجد الإسلامية لكل الفقراء في المدينة والهدف هو إبراز الجانب الإيجابي من الدين الإسلامي بمشاركة جميع الفقراء من الأديان الأخرى مهما اختلفت معتقداتهم الدينية.

هذه خطوة سليمة في نشر المفاهيم الحقيقية للإسلام، السؤال الذي علينا مناقشته.. هل يستطيع «خان» لو بقي في باكستان بلده الأصلي أو في أي دولة عربية أو إسلامية أن يتصرف مثلما تصرف به في مدينة لندن بإقناع المواطنين البريطانيين من أهل الخير ومحبي العطاء، ومنهم مسلمو بريطانيا التبرع بالمال لتوفير وجبات الفطور والسحور لفقراء المدينة من المسلمين وغيرهم في دور العبادة للأديان السماوية الثلاثة.. الجواب بالتأكيد سيكون بالنفي لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود دور عبادة لليهود والمسيحيين في بعض الدول العربية والإسلامية، والسبب الثاني هو أن الكثير منا لا يعترف ولا يحترم مشاعر الآخرين من غير المسلمين.

في صلاة الجمعة في بعض بلداننا يحرص خطباء المساجد قبل إنهاء الخطبة بالقول «اللهم العن اليهود والنصارى وأعداء المسلمين، ومن والاهم إلى يوم الدين، اللهم لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً، اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً».. كل هذا يحصل في بعض مساجدنا رغم حقيقة أن الإسلام دين محبة وتعايش وسلام.
علينا التأكيد هنا أن عظمة الغرب الديموقراطي العلماني لا تكمن في قوته الاقتصادية وتقدمه العلمي والحضاري بل في المفاهيم الإنسانية التي تسمح لكل مهاجر في بلدهم بممارسة حريته الدينية والعمل والانخراط في العمل السياسي السلمي مهما كانت طبيعة أفكاره لذلك استطاع عمدة لندن «خان» إبراز صورة الإسلام الحقيقية في بلد علماني.

لنقارن ما يقوم به عمدة لندن في بلده، من ممارسة حقيقة الإسلام بنشر روح الإسلام السمحة المحبة للآخرين، حتى وصل الأمر بفتح دور العبادة للأديان الأخرى السماوية بتقديم وجبات الفطور والسحور للفقراء في لندن كلها، لتعزيز روح المحبة والعطاء والكرم في هذا الشهر الفضيل، وذلك رداً على ما تقوم به الجماعات الإسلامية المتطرفة من قتل وتشريد لكل من لا ينتمي إلى الدين الإسلامي، حيث يتم إجبار المسيحيين العرب والإيزيديين المقيمين معاً حتى قبل نزول الرسالة المحمدية وغيرهم من غير المسلمين على اعتناق الإسلام أو سيتم قتلهم، وقد تم حرق الكنائس التاريخية ودور العبادة الأخرى.. بما فيها بعض مساجد المسلمين لماذا تلتزم الأغلبية الصامتة من المسلمين الصمت على ما يقوم به القلة من المتطرفين من سُنة وشيعة من اختطاف الدين وتشويه صورته.. كيف لنا أن نحسن صورتنا في العالم المعاصر، إذا لم نلتزم بروح الإسلام السمحة واحترام الآخر المختلف عنا.

السؤال: لماذا بقيت منطقتنا العربية والإسلامية المنطقة الوحيدة في العالم التي يمارس فيها جريمة التطهير العرقي والديني، حيث يقوم الإرهابيون بقتل الأبرياء من المسيحيين والإيزيديين والأقليات الأخرى باسم الخالق سبحانه؟ السؤال: ما هي جذور العنف والإرهاب في منطقتنا؟ نقولها بكل صراحة ووضوح هم الأحزاب والحركات الإسلامية المتطرفة وبعض مشايخ الدين الجهلة الذين يخلقون الفتنة في بلداننا برفع شعارات تطالب بهدم الكنائس في الجزيرة العربية؟.

السؤال:هل فَقَدَ عالمنا العربي والإسلامي ضوابط الإنسانية؟ وكيف يمكن صد الإرهابيين والمتطرفين ومحاصرة المتشددين وفتح مجال للسماحة واحترام الآخر ونشر ثقافة السلام واحترام حقوق الإنسان؟ الجواب بسيط ومعمول به في كل دول العالم المتحضر، وهو: عدم زج الدين بالسياسة بمعنى أن تحترم الدولة والمجتمع الاختلاف العرقي والديني في مجتمعاتنا المدنية.


*نقلا عن صحيفة .الاتحاد .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 30-07-2016 الساعة 05:13 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
mohamed yakon
زائر
  • المشاركات : n/a
mohamed yakon
زائر
رد: معنى التسامح وقبول الآخر ..
31-07-2016, 11:51 AM
احترام الرأي وقبول الاختلاف
♦ سلمان بارودو  
  



بات من المؤكد والضروري أن نشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر المختلف حاجة أساسية وملحة يجب زرعها في نفوس وعقول الجيل النشء، لأنها تساهم بشكل فعال في خلق جيل واع قادر على تحمل أعباء المسؤولية وقيادة المرحلة القادمة بشكل ايجابي وسليم، لأن مثل هذه الثقافة تشكل ترسيخاً قوياً لمعالم الوحدة الوطنية التي ينبغي بناؤها على أساس من الثقة وبعيداً عن الهواجس وحسابات الربح والخسارة.

لأن الثقافة بشكل عام هي ثقافة إنسانية، لذلك لا توجد ثقافة عديمة القيمة كلياً، أو ثقافة كاملة مكملة تحتكر الحقيقة الإنسانية وتختزل ثراء الوجود وتمتلك حق فرض معاييرها وإيديولوجيتها وأجندتها السياسية على الآخرين، بما في ذلك الليبرالية. لذلك نرى بأن السبب الكامن وراء الاستقرار النسبي والغنى الثقافي لمعظم المجتمعات الغربية يعود بالضبط إلى حقيقة أنها لا تعتمد على عقيدة سياسية وحيدة أو وجهة نظر واحدة للعالم.

لا يتحقق التسامح وقبول الآخر، إلا بالحوار والتواصل، والمشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار، لأن إقامة حوار بناء، وخلق فضاء للنقد والفكر المستقل يسود المجتمع حالة من الاستقرار والسلام والتعايش مهما اختلفت أعراق ومعتقدات أبنائه.
وإن الحوار والتواصل دائماً وأبداً هو الطريق الصحيح لحل كافة القضايا العالقة، وهو البديل الصحيح عن فرض الرأي بالقوة، وبالحوار نحافظ على التواصل والمحبة والسلام، ونعمق معاني الديمقراطية والتعاون، ولا يكفي لنجاح الحوار مجرد الدعوة إليه دون اتخاذ خطوات عملية تترجم ما اتفق عليه من قبل الأطراف المتحاورة على أرض الواقع، وتنمي الثقة بين المتحاورين، فإذا لم يطمئن المتحاورين إلى المصداقية في إجراء الحوار، وإذا لم تستبعد العوائق والموانع فيصبح الحوار بدون غاية أو هدف، أو مجرد حوار من أجل الحوار.

إن المجتمع المتجانس ثقافياً يتمتع بقوة مميزة خاصة به، ويخلق مناخاً تشترك فيه الثقافات المختلفة لحوار مثمر يعود بالنفع على الجميع، ويساعد على إقامة حس مجتمعي تكافلي، وبذلك يسهل عملية التواصل الداخلي بين أبناءه، ويغذي ثقافة كثيفة متماسكة ويمدها بأسباب الحياة.

إن قبول ثقافة الآخر المختلف لا يعني بالضرورة الاقتناع بها، إنما هو إقرار بوجود الاختلاف معها وبوجود هذه الثقافة وقبولها من قبل الآخر، شرط أن لا تكون تلك الثقافة مبنية على حساب حقوق الآخر أو وجوده، كما ويجب النظر إلى الآخر المختلف من دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو القومية أو الخلفية الاجتماعية أو الاتجاه السياسي أو أي سبب آخر، وطالما أن الاختلاف لا يكون على حساب وجود الآخر أو حياته، فالآخر هو فرد مواطن، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، فيجب احترام هذا الاختلاف والعمل على تعزيز قبول ثقافة الآخر المختلف مهما بلغت درجة الاختلاف، وتفعيلها بشكل طبيعي بما تنسجم مع واقعنا ومتطلباته.

إن التسامح والديمقراطية لهما اتجاهان أي اخذ وعطاء وتفاعل ايجابي مع قيم إنسانية جديدة بعيدة عن روح التعصب والكراهية وشطب الآخر المختلف.
حيث إن غياب الديمقراطية تنعدم إمكانية تكافؤ الفرص في التعبير عن الرأي, وإن غياب العدالة السياسية تنقطع فرص الحوار والتواصل بين مكونات المجتمع, وإن غياب سلطة القانون يقع الضرر على الجميع بدون استثناء.

في المجتمعات الغربية توجد مئات من المجلات والكتب والجمعيات والهيئات والمواقع التي تمارس النقد المعرفي للدين، ويتقبلها الوسط الثقافي والاجتماعي الغربي برحابة صدر، دون أن يضيق بها أحد أو يدعو إلى الحد من حريتها، أما في مجتمعاتنا فيواجه النقد المعرفي للدين بالرفض والاستهجان، بل وبالدعوة إلى محاكمة من يمارسه بحجة إهانة (للمشاعر الدينية وللمقدس).. لأننا لم نصل بعد إلى أمر هام وهو أنه في النقد المعرفي لا توجد مقدسات تعلو على النقد.

إن مثل هذه الثقافة مفهومة، لأنها رد الفعل الطبيعي لمن لم يتعلم بعد ثقافة الاختلاف والتعددية الفكرية، ولم يعتد على قبول الآخر المختلف، ولذلك من الطبيعي أن نسمع من يصف النقد المعرفي للإسلام وبنيته الفكرية بأنه إهانة للمقدسات.
ولكن غياب ثقافة التسامح وقبول الآخر المختلف هو من أكثر عوامل الواقع الذي يعاني منه مجتمعنا في الوقت الحاضر، وهذا يمثل مسؤولية يجب أن يضطلع بها الجميع من قوى سياسية ومنظمات مجتمعية ومؤسسات ثقافية وحتى علماء دين، ولكن بعض ما تم ذكرها هو فاقد لما عليه أن يعطيه للمجتمع، وحيث أن فاقد الشيء لا يعطيه بأي حال من الأحوال.

إن الاعتراف والإقرار بثقافة التسامح وقبول الآخر والاعتراف به هو أمر جيد ومقبول نظرياً ولكن يجب العمل والنضال من أجل ترسيخ قيمة هذه الثقافة وتطبيقها في الحياة اليومية بشكل يعود بالفائدة على الجميع دون استثناء.
من أجل العمل على نشر هذه الثقافة لا بد من اتخاذ بعض الخطوات العملية في هذا المجال ألا وهي:
– تبني برامج علمية وذلك لتنمية وعي مجتمعي…
– وضع مناهج تعليمية جديدة لإعداد جيل واع قادر على تحمل أعباء المرحلة…
– إيجاد أدوات إعلامية متطورة على جميع الأصعدة…
– نبذ كل أشكال التطرف والتخلف والتشدد في المجتمع عن طريق إقامة دورات تعليمية وندوات تثقيفية…

إن فكرة التسامح وقبول الآخر، واللجوء إلى الحوار وإلغاء فكرة شطب الآخر والثأر وإناطتها بالقانون، يعتمد على استعداد الأطراف التي تريد بناء مستقبلها على أساس تغليب المصلحة العامة على الخلافات الشخصية والمشاعر الدفينة البعيدة عن التعقل والتروي في نتائجها.
وهنا لا بد من الإشادة إلى بعض الشخصيات التاريخية المتسامحة:
– المهاتما غاندي: صاحب سياسة المقاومة السلمية (فلسفة اللاعنف) وتسامحه ومن أقواله:
“أين يتواجد الحب تتواجد الحياة.”
“إن اللاعنف هو القوة العظمى لدى الإنسان. وهو أعظم من ما أبدعه الإنسان من أكثر الأسلحة قدرة على التدمير.”
توفي مقتولاً برصاص شخص هندوسي متعصّب لم ترق له عظمة التسامح الغاندية.
– القائد الكردي مصطفى البرزاني المعروف بتسامحه وتعامله الإنساني مع الأسرى، فعبر ذات مرة بصريح العبارة عن إستراتيجيته العسكرية قائلاً: ( إن عقيدتي هي تحقيق مطالب شعبي وأن أفدي روحي في سبيل قضيتي …. وان حزبنا ليس ضد العرب ولا ضد أي قومية أخرى، ولا نشارك في ثورة من أجل اسم أو شهرة، إن العرب والأكراد أخوة، ولا يجوز التفرقة بين الأخوة، إننا لم نهاجم أحداً بل ندافع عن حقوق شعبنا الكردي).
– بابا الفاتيكان والكاثوليك المسيحيين في العالم يوحنا بولص الثاني: تعرض لحادثة اغتيال عام 1981 من قبل تركي متعصب يدعى (علي أقجا) فخرج على أثرها بجروح بالغة، وادخل المستشفى واخضع لعمليات جراحية كادت تودي بحياته، لكنه بالرغم من ذلك التقى بقاتله وعفا عنه وأخلى سبيله بكل رحابة صدر !!!

انه لمن الضروري نشر ثقافة الحوار و التعددية مهما كانت الضريبة، وبفضل العولمة والتقنية الحديثة، لا يمكن لأي مجتمع اليوم عزل نفسه عن المؤثرات الخارجية، خصوصاً مع انتقال رأس المال والتكنولوجيا والقوى العاملة والأفكار وما إلى ذلك بحرية عبر الحدود الإقليمية وبالتالي إنتاج صيغ جديدة للتفكير والحياة.

هذا هو مسار التغيير الذي يمكن أن يصالح الأنظمة العربية مع شعوبها و يمنحها القوة للتعبير عن مواقفها بثبات في المحافل الدولية. إن احترام الدول العربية لرأي شعوبها سيضفي قوة و شرعية على تمثيلية مؤسساتها السياسية. و سيجعل الدول الأخرى و على رأسها الدول الغربية تستمع لمواقفها و تحترم قضاياها.


© منبر الحرية،02 أبريل 2009
  • ملف العضو
  • معلومات
mohamed yakon
زائر
  • المشاركات : n/a
mohamed yakon
زائر
رد: معنى التسامح وقبول الآخر ..
31-07-2016, 12:03 PM
التسامح وقبول الاخر .
مهدي النجار


من التحديات الأساسية التي تواجه الثقافة العربية الإسلامية هي كيفية التعامل مع مفاهيم الحداثة الكونية وكيفية تضمينها وتبيئتها في حقول هذه الثقافة،ثم تصعيدها إلى مستوى الممارسة،أي إخراجها من القوة إلى الفعل،من المفهومية إلى العمل ،من النظر إلى الإجراء ، خاصة ونحن نعيش مطالبات ملحة تتعلق بنقل هذه الاجتماعيات من أوضاعها المتردية والمتقهقرة التي تهيمن عليها أنماط الاستبداد القروسطية الحاكمة بالقوة الجائرة والاعتباطية إلى أوضاع معاصرة تسمح بتأسيس دول الحق والقانون،أهم مكتسب توصلت إليه أوربا بعد الحداثة ، وتُلخص هذه المطالبات بما يسمى الإصلاحات الديمقراطية للشرق الأوسط الكبير التي تشمل بطبيعة الحال تغيير البنى الإنمائية والمعرفية ونقلها إلى حال يتناسب ويتساوق مع الإصلاح السياسي،بل إطلاقا لا يمكن تحقيق إصلاحات سياسية نوعية من دون العمل السريع والعميق والواسع في مجالات التنمية وحقول الثقافة، لأننا نلمس بوضوح تعايش وتنامي وازدهار ثقافة الإكراه والعنف والتوحش وانتشارها بشكل سافر في بيئات الفقر والتكاثر السكاني المريع وتفشي الأميات الأبجدية والتقنية، لم يعد الناس قادرين على فتح صدورهم لأنظمة سلالية شمولية،َصعدت من أزماتهم وفقرهم وهمومهم،فانكفأوا للانخراط في التيارات الأصولية املين الخلاص،راحوا يصغون بقنوط إلى نداءات الضغينة التي تظهر عبر فتاوى التكفير وخطب التحريض ،التي تلعب دورا خطرا في تأجيج مشاعر الاعتداء على الآخرين واباحة قتلهم وقتل أطفالهم وسلب ممتلكاتهم وتخريب تجمعاتهم واحتفالياتهم وأماكن ممارسة أفراحهم وطقوسهم،مع كل هذا الذي يرتكبونه من أعمال عنف وتعصب يزعمون إن ثقافتهم(أو معتقداتهم)قد أعلنت التسامح منذ زمن طويل بل ومارسته تاريخيا على طول الخط،ويرمون الكرة في ملعب الغير،دائما الآخر هو المتعصب ونحن المتسامحون،ولاندري عن أي تسامح يتحدثون،وأية مرجعيات أو تشريعات خولت الناس للانقضاض بعضهم على بعض،وفوضتهم حق استلاب حقوق مخالفيهم بالرأي والاعتقاد؟!!ونتساءل بمرارة مع الأستاذ عبد الجبار الرفاعي في افتتاحيته لمجلة قضايا إسلامية معاصرة،معتمداً عدة نصوص قرآنية كريمة تحدد نمط دعوة الرسول الآخرين إلى الدين فتصفه بأنه(مُبشر،ومُذكر،ومُنذر،وشاهد،وسراج منير،ورحمة للعالمين،وما عليه إلا البلاغ ،وليس بمسيطر،وليس بجبار،وما أنت عليهم بوكيل،الخ…)
يتساءل الرفاعي: (فإذا كان النبي(ص)وهو صاحب الرسالة،لم يُفوض في إجبار الناس وإكراههم،فكيف يفوض غيره بذلك؟!وان كان ذلك ليس من وظائف النبي فكيف يُسوغ لاتباعه سلب حرية الناس ومصادرة حقهم في اختيار المعتقد؟! ) مجلة قضايا 28،29 /2004 .

لاريب إن المروجين لثقافة الإكراه وطرد الآخر يزعمون بكل قوة ولهجة آمره إن (ثقافتهم)هي وحدها تمتلك(كل الحقيقة) ومن اجلها تستحق أن تسفك الدماء، وبسبب غلبة الوعي التبجيلي على الوعي التاريخي لديهم فانهم يختزلون الحاضر والمستقبل بتجربة الماضي وبها يواجهون تحديات الحداثة بوصفها غزوًا فكرياً أو حتى عدواناً على ثقافة الأصول،لذا فمثل هذه التيارات الإحيائية المتشددة لم تعش الحداثة ومفرداتها المفاهيمية بصفتها ظاهرة تاريخية وكونية في آن واحد.

إن جميع الثقافات بما فيها الدينية والدنيوية لديها مشتركات قوية يمكن تداولها والتعامل معها والحوار بشأنها من اجل فلاح البشر وتحجيم عوامل قهر الإنسان وتأسيس مجتمعات كريمة تُغرس فيها القيم الروحانية الخلاقة وتتوازن فيها العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتطرد من حقولها قيم الاقهار والعدوانية خاصة إذا نظرنا إلى تاريخ الثقافة العربية الإسلامية فسنجده بلا شك ينتمي إلى نفس الفضاء الواسع بالمعنى الجغرافي والمعرفي الذي تنتمي إليه تراثات الثقافة أو الحداثة ألا وروبية فهي،أي الثقافة العربية الإسلامية أيضا وريثة التراث الثقافي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط(الفلسفة الإغريقية/التراث الديني التوحيدي)من هنا تحصل إمكانية أدراج التسامح على راس هذه المشتركات الذي يقتضي بدوره قبول الآخر والتعايش معه.

إن مفهوم التسامح كما هو سائد في الفرنسية والإنكليزية(to lerance) بالمعنى الحديث للكلمة يعني بالضبط ما يأتي: (الاعتراف للفرد ـ المواطن بحقه في أن يُعبر داخل الفضاء المدني عن كل الأفكار الدينية أو السياسية أو الفلسفية التي يريدها ولا أحد يستطيع أن يعاقبه على التعبير عن آرائه إلا إذا حاول فرضها عن طريق القوة على الآخرين ) ومع ظهور التسامح( القرن السابع عشر)ظهرت مجمل الموضوعات الخاصة بحقوق الإنسان التي أعلنتها الثورة الفرنسية بمعنى(إن لكل إنسان الحقوق ذاتها بصفته أنسانا فقط ،أي بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو عرقه أو اصله أو فصله…).
إن كلمة التسامح مشتقة حديثة العهد في اللغة العربية،مشتقة من السماحة أي الجود والمسامحة:المساهلة،وسمح بمعنى جاد أعطى عن كرم وسخاء (ابن منظور/ لسان العرب ) هذا يختلف جوهريا عن المفهوم الحديث للتسامح حيث :
-لا يعني التسامح كما في الدلالة اللغوية بالجود والكرم،أو نوع من الشفقة والإحسان بمعنى شفقة من طرف أعلى على طرف أدنى،شفقة الغني على الفقير ،المالك على المملوك،الحاكم على المحكوم،القوي على الضعيف،الأغلبية على الأقلية،من اللافت إن هذا النوع من التسامح لا يمكن أن يسير باتجاه عكسي،فلا يمكن أن يشفق المملوك على المالك إنما يجب الانصياع له واحترامه وطاعته.
-لا يعني التسامح مرحلة تكتيكية أو مؤقتة بمعنى التغاضي عن وجود الآخر وثقافته لاسباب قاهرة وقبوله كأمر واقع،إذا ما زالت الأسباب يتم إلغاء الآخر أو احتواؤه.إن المفهوم الحديث للتسامح هو الاعتراف الكلي بالآخر كخيار وجودي في إطار مبدا ما نسميه بحق الاختيار وحقيقة التعددية البشرية.
-لا يعني التسامح تفضلا ومنة من طرف على طرف أو اختيارا ذاتيا بل هو كَسَب عبر تأسيسه الفلسفي والثقافي الحديث قوة بلغت المجال القانوني الملزم.
-لا يعني التسامح انتهازية تعايشيه،أعطيك فرصة حتى تتحول إلى مذهبي،تنصهر في قوميتي،تعتنق ديانتي….هذه المناورة مستبعدة كليا في المفهوم المعاصر للتسامح الذي يعني تقبل الآخرين كما هم وان من حقهم(كما من حقي) أن يعتنقوا ما يشاءون وينتموا إلى ما يريدون.

ليس ثمة عوائق في ثقافتنا العربية الإسلامية تؤول دون التعامل بروح التسامح بمفهومه الحديث الذي يعني أولا واخيرا الاعتراف بالآخر والتعايش معه على أساس حرية الرأي وحرية التعبير والاعتراف لكي يتمتع جميع البشر بحقوق إنسانية متساوية من حيث هم بشر ليس إلا.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:30 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى