اربطوا السراويل!
19-08-2015, 07:36 PM

الكاتب
جمال لعلامي

القلق والخوف من انهيار قيمة الدينار والتهاب الأورو والدولار، في ظل إجراءات التقشف وربط الأحزمة والسراويل، أصبح مشروعا ومبرّرا، فكلّ الأخبار لا تبشـّر بالخير، والعياذ بالله، ومن المفروض أن تتم مواجهة هذه الضائقة أو الأزمة المالية المفاجئة والاضطرارية، بالنقاش المفتوح وبالحلول المتاحة وبالحقيقة بدل التقليل أو التهويل!
من الطبيعي أن "يخاف" المواطن والتاجر والمستثمر، فالتعليمات والأوامر المتتالية، والطوارئ المعلنة منذ عدّة أشهر، وحظر التجوال الساري اقتصاديا وتجاريا وماليا، خلقت وضعا مرعبا داخل الحكومة وفي مكاتب الوزراء والولاة ورجال المال والأعمال، ومن الطبيعي أن ينتقل هذا الهلع إلى عامة الناس من الزوالية والغلابى!

أنباء عن تجميد مشاريع، وتعليمات من الوزارة الأولة ووزارة المالية، للتخلي ولو مؤقتا عن بعض البرامج بما فيها الشعبية و"الشعبوية"، وخناق يشتد على المستوردين ووكلاء السيارات، وإغراءات وعفو جبائي لفائدة أصحاب "الشكارة"..كلها مؤشرات تؤكد أن "الحالة ما تعجبش"!

حتى انهيار الدينار الذي كان "بشلاغمو" في الزمن الجميل، حرّض البسطاء على تحويل مدخراتهم إلى "دوفيز"، حتى يضمنون "للزمان عقوبة"، وحتى تكون الخسائر بأقلّ الأضرار، وهذا التنافس المحموم على تحويل العملة والتخلص من حفنة الدينارات، مؤشر آخر على المحنة المالية!

مخضرمون ووزراء سابقون، يحذرون من تكرار سيناريو أزمة 86 وما تبعها من إرهاصات وآثار انتهت بأحداث أكتوبر 88 التي نادت بالخبز وتحسين القدرة المعيشية، فإذا بها تجني صدفة ديمقراطية أكدت الأيام بعد 27 سنة من التجربة والتعددية أنها لا تسمن ولا تغني من جوع!

الآن، الخزينة تختنق جرّاء سقوط أسعار البترول، وتراجع العائدات والمداخيل، ولذلك دعا الخبراء الاقتصاديون، خاصة المتشائمين منهم، إلى إعلان "حالة الطوارئ" لوقف النزيف المالي وتفادي أسوأ السيناريوهات، خاصة العنيفة منها وتلك المؤلبة على اليأس والغضب!

لم تتوقع الحكومات المتعاقبة انفجار هذه الأزمة المباغتة، مثلما لم تـُنتج مخارج النجدة، لاستخدامها وقت الحاجة، ولذلك يعمّ الخوف من الغد، وتتكاثر التعليمات، المفيدة والعشوائية، وتكثر الآراء و"التدبير" الاستعراضي، ويصبح "كلّ طير يلغى بلغاه"، وتتعاظم عقلية "تخطي راسي"، وهذا هو الخطير في مسلسل الرعب !