لم يكن ابن باديس وهابيا بقلم الإمام: عبد العالي بوعكاز
23-02-2013, 06:33 PM
وفجأة وبعد سبات عميق استفاق وهابية الجزائر وأدركوا أن الجزائر بلد العلم والعلماء، وأصبحوا يحاجوننا بابن باديس والإبراهيمي والتبسي والميلي والزواوي...وقد ظلوا لأكثر من عشرين سنة مستلبي العقول والأفكار لكل ماهو أجنبي مرددين دائما "إن الجزائر لا يوجد فيها علماء، وإنما العلماء يوجدون في السعودية فقط لا في سواها"، مبدِّعين ومضللين جمعية العلماء ورجالتها وعلمائها ومؤسسيها رامين إياهم بالضلال والبدع والجهل والانحراف...
ولما ضاق عليهم الخناق ولم يجدوا مخرجا من ترهاتهم وبدعهم وأهوائهم لجأوا لإلباس ابن باديس وعلماء الجمعية عباءة السلفية (الوهابية) ليقولوا لنا نحن أتباع ابن باديس والإبراهيمي وجمعية العلماء وهم يوافقوننا على صحة ما نقول، فهل في هذا عيب ؟!.
ولكن ما إن يتسع لهم المجال ويخلو لهم الجو حتى يسارعوا لتكفير علماء الجمعية ورميهم بالشرك والضلال والبدعة وأنهم أشاعرة متمذهبة لا يجوز اتباعهم ولا العمل معهم.
لقد كان ابن باديس – رحمه الله – سلفيا حقيقيا ولم يكن متمسلفا ولا وهابيا ولاتيميا، بل كان سنيا مالكيا أشعريا منزِّها لله سبحانه وتعالى عن مشابهة مخلوقاته، يؤوِّل بعض الصفات ويفوِّض البعض الآخر- كما هو منهج الأشاعرة- ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ويحتفل بمولده ويعتقد نجاة والديه عليه الصلاة والسلام من النار وأنهما من أهل الفترة، وكان يجوِّز الدعاء أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد ويقنت في صلاة الفجر ويرفع يديه عند الدعاء، ويفتي الناس على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه...
وكان يدرس لطلابه شرح "الموطأ" وكتاب"الشفا" للقاضي عياض و"الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني و"مختصر العلامة خليل" ويحفظهم ويشرح لهم متن العلامة ابن عاشر الذي يقول في البيت الرابع منه:
فالإمام ابن باديس حفظ القرآن في مسقط رأسه بقسنطينة ثم تتلمذ على يد الشيخ حمدان لونيسي بقسنطينة كذلك وفي سنة 1908 ارتحل إلى جامع الزيتونة بتونس حيث مكث به أربع سنوات يتعلم الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية وغيرها من العلوم، وتتلمذ هناك على أيدي علماء أجلاء كمحمد الطاهر بن عاشور وغيره، وحصَّل خلالها علوما غزيرة وتخرج من جامع الزيتونة حائزا على المرتبة الأولى، وفي سنة 1912 عاد إلى قسنطينة وانتصب للتدريس بالجامع الأعظم، وفي سنة 1913 شدّ الرحال إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج ومكث بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر فقط قضاها مع رفيق دربه البشير الإبراهيمي يخططان لإنقاذ الجزائر من براثن الاستعمار، وأثناء عودته من البقاع المقدسة زار عدة بلدان عربية كسوريا ولبنان ومصر، ثم عاد في نفس السنة إلى قسنطينة، ودرَّس بالجامع الأخضر لمدة عشر سنوات، وكان يتجول في ربوع الجزائر مدرسّا ومعلما في مدارسها ومساجدها وكتاتيبها وزواياها الى أن لحق بالرفيق الأعلى.
فإن كنتم ايها الوهابيون تتبعون ابن باديس حقا فعليكم أن تسيروا على نهجه وعليكم بحفظ متن العلامة ابن عاشر وشروحه وعليكم بشروح الرسالة ومختصر خليل، وعليكم بالاحتفال بالمولد النبوي والتوسل به صلى الله عليه وسلم...
ومن أراد معرفة عقيدة ابن باديس حق المعرفة فليراجع كتابه "العقائد" ص71 حيث يقول : (نثبت له ما أثبته لنفسه، على لسان رسوله من ذاته ووصفاته وأسمائه وأفعاله، وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه، وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته. ونثبت الاستواء والنزول ونحوهما، ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد) اهـ.وعلق العلامة محمد الصالح رمضان على قول الإمام "بلا كيف":فقال:أي بلا هيئة محددة لأنه تعالى ليس كمثله شيء.
ولكن قول الإمام ابن باديس: ( بلا كيف، وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد) لم يعجب المتمسلفة وقسم ظهورهم وجعلهم يتخبطون خبط عشواء، لأن هذا هو عين مذهب السلف رضي الله عنهم تفويض الكيف والمعنى كما قال الإمام مالك والإمام أحمد رضي الله عنهما في أحاديث الصفات: ( نؤمن بها ولا كيف ولا معنى) انظر"جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر 02/96 و " ذم التأويل" لابن قدامة ص20. فابن باديس مالكي عقيدة وفقها ومنهجا.
لكن هذا التفويض سماه ابن تيمية والوهابيون إلحادا وأنه شر أقوال أهل البدع كما في "الموافقة" لابن تيمية 01/118. رغم أنه مذهب السلف الحق، فالإمام ابن باديس كان موافقا للسلف مخالفا لابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن لفَّ لفهم، والقاعدة عند القوم أن السلفي هو من يوافق ابن تيمية وزمرته، وليس المطلوب أن توافق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة وغيرهم، وإذا سمعتهم يتحدثون عن السلف فالسلف عندهم ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن باز والألباني...
ولذلك ألَّف المتمسلف عبد الحق آل أحمد الجلفاوي رسالته" التنبيه على المخالفات العقدية عند الشيخ ابن باديس ورجال الجمعية" فقال معلقا على قول الإمام ابن باديس: ( ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد).قال المتمسلف: ( وبهذا يُعلم أن الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى قد أخطأ في عبارته تلك خطأ يتعلق بتوحيد الله جل وعلا في أسمائه وصفاته فلا يجوز متابعته فيه، والواجب التنبيه والتحذير من الخطأ خاصة مع انتشار الكتاب ووجود من يروج له...).
بل إن إحدى بناتهم المسماة نورة حسن غاوي ألفت رسالة في التحذير من ابن باديس وسمتها:"الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي" وزكى الرسالة شيخهم فالح الحربي. بل الأكثر من ذلك أن أحدهم يدعى محمد الصميلي كتب رسالة تحت عنوان : " الشهب الأثرية لفضح ما عليه جمعية العلماء الجزائرية من انحرافات عقدية ومنهجية" ضلَّل فيها وكفر وبدع سائر علماء الجمعية، وهذا هو موقفهم الحقيقي من ابن باديس وجمعية العلماء.
فالقوم يدركون جيدا أن ابن باديس ليس سلفيا كسلفيتهم، وأنه لا يوافقهم في شيء، وإنما وجدوا ضالتهم فيه لما ذكر ابن عبد الوهاب بخير، فإذا حذرنا نحن من اتباعه صاحوا جميعا قائليين : إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب زكاه ابن باديس وهذا دليل صلاحه وعلمه وإمامته.
ونحن بدورنا نقول لهم: إن ابن باديس أثنى كذلك على مصطفى كمال أتاتورك الماسوني الفاسق، عميل الاستعمار الذي قضى على الخلافة الإسلامية، ولكن ابن باديس لم يكن أتاتوركيا ولا ماسونيا ولا عميلا للاستعمار، وإنما أثنى عليه على حسب ما وصلته عنه من أخبار خاطئة وبمقتضى ما توفر لديه من معلومات كاذبة، ولا يلام ابن باديس على ذلك.
وكذلك أثنى رحمه الله على الوهابية وابن عبد الوهاب على حسب ما وصلته من أخبار خاطئة، خصوصا وأن الإمام ابن باديس يصرِّح في إحدى مقالاته بأنه لم يقرأ مؤلفات ابن عبد الوهاب ولا اشترى له كتابا، وإنما قرأ عن الوهابية من خلال مؤلفات رشيد رضا الذي كان يعمل من أجل تلميع صورة الوهابية، كما أن ثناء ابن باديس أوغيره على ابن عبد الوهاب لا ينفعه بشيء عند الله ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾.
ونجزم أن الإمام ابن باديس لو اطلع على كتب ورسائل ابن عبد الوهاب التي يجسِّم فيها الله ويشبهه بخلقه ويكفِّر فيها المسلمين الموحدين ويحكم عليهم بالشرك الأكبر ويفضل عليهم كفار قريش، ككتاب "كشف الشبهات" و "مسائل أهل الجاهلية" وغيرها، ورأى ما فيها، لعلم أنه تكفيري دموي مستبيح لدماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، لتراجع عن مدحه وتزكيته كما تراجع الإمام الصنعاني - رحمه الله- الذي مدحه في بادئ الأمر بقصيدة مطلعها:
أما من أراد معرفة موقف الإمام ابن باديس الحقيقي من التصوف ومدحه لأهله فليراجع كتاب "ابن باديس حياته وآثاره" للدكتور عمار طالبي 03/156، وأما قوله بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فليراجع نفس الكتاب 02/187، وأما احتفاله بالمولد النبوي الشريف وحثه الأمة على الإحتفال به فانظره في "مجالس التذكير من حديث البشير النذير" ص 287، فلا يسعنا المقام لذكر كل ذلك في هذه العجالة.
فالإمام ابن باديس لم يكن وهابيا كما يصوِّره الحشوية اليوم، ولم يكن نارا متأججة على الأشاعرة والصوفية وأتباع المذاهب والمتوسلين بالنبي صلى الله عليه وسلم والمحتفلين بمولده.
أما أنه كان يحارب الشرك بالله والتمسح بالقبور والسحر والشعوذة والكهانة، فهذا لا يختلف فيه اثنان ولا يتناطح فيه عنزان.
وإذا قال الإمام ابن باديس أو الإبراهيمي "أنا سلفي" فليس المقصود أنه سلفي كسلفية ابن عبد الوهاب وابن باز والألباني والمدخلي والوادعي والجامي والحربي ومن دار في فلكهم، بل معناه أنه مسلم سني سلفي حقا على منهج النبوة والصحابة والأئمة الكرام.
ولما ضاق عليهم الخناق ولم يجدوا مخرجا من ترهاتهم وبدعهم وأهوائهم لجأوا لإلباس ابن باديس وعلماء الجمعية عباءة السلفية (الوهابية) ليقولوا لنا نحن أتباع ابن باديس والإبراهيمي وجمعية العلماء وهم يوافقوننا على صحة ما نقول، فهل في هذا عيب ؟!.
ولكن ما إن يتسع لهم المجال ويخلو لهم الجو حتى يسارعوا لتكفير علماء الجمعية ورميهم بالشرك والضلال والبدعة وأنهم أشاعرة متمذهبة لا يجوز اتباعهم ولا العمل معهم.
لقد كان ابن باديس – رحمه الله – سلفيا حقيقيا ولم يكن متمسلفا ولا وهابيا ولاتيميا، بل كان سنيا مالكيا أشعريا منزِّها لله سبحانه وتعالى عن مشابهة مخلوقاته، يؤوِّل بعض الصفات ويفوِّض البعض الآخر- كما هو منهج الأشاعرة- ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ويحتفل بمولده ويعتقد نجاة والديه عليه الصلاة والسلام من النار وأنهما من أهل الفترة، وكان يجوِّز الدعاء أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد ويقنت في صلاة الفجر ويرفع يديه عند الدعاء، ويفتي الناس على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه...
وكان يدرس لطلابه شرح "الموطأ" وكتاب"الشفا" للقاضي عياض و"الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني و"مختصر العلامة خليل" ويحفظهم ويشرح لهم متن العلامة ابن عاشر الذي يقول في البيت الرابع منه:
في عقد الأشعري وفقه مالك *** وفي طريقة الجنيد السالك
ولكن الحشوية يريدون أن يخترعوا لنا ابن باديس آخر غير الذي نعرف، يسوِّقونه للناس على أنه وهابي تربى وترعرع في السعودية وأخذ عن علمائها الوهابيين ثم عاد لينشر ذلك في الجزائر، وهذا كله محض اختلاق وافتراء على الامام رحمة الله عليه.فالإمام ابن باديس حفظ القرآن في مسقط رأسه بقسنطينة ثم تتلمذ على يد الشيخ حمدان لونيسي بقسنطينة كذلك وفي سنة 1908 ارتحل إلى جامع الزيتونة بتونس حيث مكث به أربع سنوات يتعلم الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية وغيرها من العلوم، وتتلمذ هناك على أيدي علماء أجلاء كمحمد الطاهر بن عاشور وغيره، وحصَّل خلالها علوما غزيرة وتخرج من جامع الزيتونة حائزا على المرتبة الأولى، وفي سنة 1912 عاد إلى قسنطينة وانتصب للتدريس بالجامع الأعظم، وفي سنة 1913 شدّ الرحال إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج ومكث بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر فقط قضاها مع رفيق دربه البشير الإبراهيمي يخططان لإنقاذ الجزائر من براثن الاستعمار، وأثناء عودته من البقاع المقدسة زار عدة بلدان عربية كسوريا ولبنان ومصر، ثم عاد في نفس السنة إلى قسنطينة، ودرَّس بالجامع الأخضر لمدة عشر سنوات، وكان يتجول في ربوع الجزائر مدرسّا ومعلما في مدارسها ومساجدها وكتاتيبها وزواياها الى أن لحق بالرفيق الأعلى.
فإن كنتم ايها الوهابيون تتبعون ابن باديس حقا فعليكم أن تسيروا على نهجه وعليكم بحفظ متن العلامة ابن عاشر وشروحه وعليكم بشروح الرسالة ومختصر خليل، وعليكم بالاحتفال بالمولد النبوي والتوسل به صلى الله عليه وسلم...
ومن أراد معرفة عقيدة ابن باديس حق المعرفة فليراجع كتابه "العقائد" ص71 حيث يقول : (نثبت له ما أثبته لنفسه، على لسان رسوله من ذاته ووصفاته وأسمائه وأفعاله، وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه، وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته. ونثبت الاستواء والنزول ونحوهما، ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد) اهـ.وعلق العلامة محمد الصالح رمضان على قول الإمام "بلا كيف":فقال:أي بلا هيئة محددة لأنه تعالى ليس كمثله شيء.
ولكن قول الإمام ابن باديس: ( بلا كيف، وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد) لم يعجب المتمسلفة وقسم ظهورهم وجعلهم يتخبطون خبط عشواء، لأن هذا هو عين مذهب السلف رضي الله عنهم تفويض الكيف والمعنى كما قال الإمام مالك والإمام أحمد رضي الله عنهما في أحاديث الصفات: ( نؤمن بها ولا كيف ولا معنى) انظر"جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر 02/96 و " ذم التأويل" لابن قدامة ص20. فابن باديس مالكي عقيدة وفقها ومنهجا.
لكن هذا التفويض سماه ابن تيمية والوهابيون إلحادا وأنه شر أقوال أهل البدع كما في "الموافقة" لابن تيمية 01/118. رغم أنه مذهب السلف الحق، فالإمام ابن باديس كان موافقا للسلف مخالفا لابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن لفَّ لفهم، والقاعدة عند القوم أن السلفي هو من يوافق ابن تيمية وزمرته، وليس المطلوب أن توافق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة وغيرهم، وإذا سمعتهم يتحدثون عن السلف فالسلف عندهم ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن باز والألباني...
ولذلك ألَّف المتمسلف عبد الحق آل أحمد الجلفاوي رسالته" التنبيه على المخالفات العقدية عند الشيخ ابن باديس ورجال الجمعية" فقال معلقا على قول الإمام ابن باديس: ( ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف وبأن ظاهرهما المتعارف في حقنا غير مراد).قال المتمسلف: ( وبهذا يُعلم أن الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى قد أخطأ في عبارته تلك خطأ يتعلق بتوحيد الله جل وعلا في أسمائه وصفاته فلا يجوز متابعته فيه، والواجب التنبيه والتحذير من الخطأ خاصة مع انتشار الكتاب ووجود من يروج له...).
بل إن إحدى بناتهم المسماة نورة حسن غاوي ألفت رسالة في التحذير من ابن باديس وسمتها:"الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي" وزكى الرسالة شيخهم فالح الحربي. بل الأكثر من ذلك أن أحدهم يدعى محمد الصميلي كتب رسالة تحت عنوان : " الشهب الأثرية لفضح ما عليه جمعية العلماء الجزائرية من انحرافات عقدية ومنهجية" ضلَّل فيها وكفر وبدع سائر علماء الجمعية، وهذا هو موقفهم الحقيقي من ابن باديس وجمعية العلماء.
فالقوم يدركون جيدا أن ابن باديس ليس سلفيا كسلفيتهم، وأنه لا يوافقهم في شيء، وإنما وجدوا ضالتهم فيه لما ذكر ابن عبد الوهاب بخير، فإذا حذرنا نحن من اتباعه صاحوا جميعا قائليين : إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب زكاه ابن باديس وهذا دليل صلاحه وعلمه وإمامته.
ونحن بدورنا نقول لهم: إن ابن باديس أثنى كذلك على مصطفى كمال أتاتورك الماسوني الفاسق، عميل الاستعمار الذي قضى على الخلافة الإسلامية، ولكن ابن باديس لم يكن أتاتوركيا ولا ماسونيا ولا عميلا للاستعمار، وإنما أثنى عليه على حسب ما وصلته عنه من أخبار خاطئة وبمقتضى ما توفر لديه من معلومات كاذبة، ولا يلام ابن باديس على ذلك.
وكذلك أثنى رحمه الله على الوهابية وابن عبد الوهاب على حسب ما وصلته من أخبار خاطئة، خصوصا وأن الإمام ابن باديس يصرِّح في إحدى مقالاته بأنه لم يقرأ مؤلفات ابن عبد الوهاب ولا اشترى له كتابا، وإنما قرأ عن الوهابية من خلال مؤلفات رشيد رضا الذي كان يعمل من أجل تلميع صورة الوهابية، كما أن ثناء ابن باديس أوغيره على ابن عبد الوهاب لا ينفعه بشيء عند الله ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾.
ونجزم أن الإمام ابن باديس لو اطلع على كتب ورسائل ابن عبد الوهاب التي يجسِّم فيها الله ويشبهه بخلقه ويكفِّر فيها المسلمين الموحدين ويحكم عليهم بالشرك الأكبر ويفضل عليهم كفار قريش، ككتاب "كشف الشبهات" و "مسائل أهل الجاهلية" وغيرها، ورأى ما فيها، لعلم أنه تكفيري دموي مستبيح لدماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، لتراجع عن مدحه وتزكيته كما تراجع الإمام الصنعاني - رحمه الله- الذي مدحه في بادئ الأمر بقصيدة مطلعها:
سلام على نجدٍ ومن حلَّ في نجد *** وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
ولكن بعد أن عرف حقيقته وأنه دموي تكفيري مستبيح لحرمات المسلمين تراجع عن مدحه وكتب قصيدة في ذلك يقول فيها:رجعت عن القول الذي قلت في النجدي *** فقد صحَّ لي عنه خلاف الذي عندي
ظننت به خيرا فقلت عسى عسى *** نجد ناصحا يهدي العباد ويستهدي
لقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا *** وما كل ظن للحقائق لي يهدي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مِربدُ *** فحقق من أقواله كل ما يبدي
وقد جاء من تأليفه برسائل *** يكفِّر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة *** تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
إلى آخر القصيدة ثم قام بشرحها شرحا يكشف عن أحوال ابن عبد الوهاب من الغلو والإسراف في القتل وسفك الدماء ونهب الأموال والتجرؤ على قتل النفوس المؤمنة وتكفير الأمة المحمدية، ويرد عليه، وسمى كتابه:"إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبد الوهاب".ظننت به خيرا فقلت عسى عسى *** نجد ناصحا يهدي العباد ويستهدي
لقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا *** وما كل ظن للحقائق لي يهدي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مِربدُ *** فحقق من أقواله كل ما يبدي
وقد جاء من تأليفه برسائل *** يكفِّر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة *** تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
أما من أراد معرفة موقف الإمام ابن باديس الحقيقي من التصوف ومدحه لأهله فليراجع كتاب "ابن باديس حياته وآثاره" للدكتور عمار طالبي 03/156، وأما قوله بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فليراجع نفس الكتاب 02/187، وأما احتفاله بالمولد النبوي الشريف وحثه الأمة على الإحتفال به فانظره في "مجالس التذكير من حديث البشير النذير" ص 287، فلا يسعنا المقام لذكر كل ذلك في هذه العجالة.
فالإمام ابن باديس لم يكن وهابيا كما يصوِّره الحشوية اليوم، ولم يكن نارا متأججة على الأشاعرة والصوفية وأتباع المذاهب والمتوسلين بالنبي صلى الله عليه وسلم والمحتفلين بمولده.
أما أنه كان يحارب الشرك بالله والتمسح بالقبور والسحر والشعوذة والكهانة، فهذا لا يختلف فيه اثنان ولا يتناطح فيه عنزان.
وإذا قال الإمام ابن باديس أو الإبراهيمي "أنا سلفي" فليس المقصود أنه سلفي كسلفية ابن عبد الوهاب وابن باز والألباني والمدخلي والوادعي والجامي والحربي ومن دار في فلكهم، بل معناه أنه مسلم سني سلفي حقا على منهج النبوة والصحابة والأئمة الكرام.
في عقد الاشعري وفقه مالك***وفي طريقة الجنيد السالك
ولنا عودة...
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالعال بوعكاز ; 23-02-2013 الساعة 06:38 PM