نوع فريد من الشعاب المرجانية قد ينقذها من الانقراض
12-08-2015, 09:10 PM
زو غوف
كاتبة صحفية




هناك جمالٌ خفيّ في الشعاب المرجانية، وقد جرى الكشف عن نوع فريد منها جذب الانتباه إلى أنه قد يكون المنقذ المحتمل للشعاب المرجانية على مستوى العالم.
يعيش هذا النوع من المرجان على الجدران البحرية تحت مدينة ميامي الأمريكية. ومن المرتقب أن يحمل هذا المرجان في طياته مفتاح نجاة أنواعه المختلفة في أرجاء العالم، فهو هجين من نوعين وثيقي الصلة ببعضهما، واسمه العلمي هو "أكروبورا بروليفيرا".
لقد أظهر هذا النوع قدرة على النمو في بيئته الحضرية أفضل بكثير من الأنواع التي سبقته. وجرى توليد هذا النوع عن طريق التكاثر الجنسي بين نوعين من المرجان مهددين بالانقراض بدرجة خطرة للغاية؛ يعرف أحدهما بقرن الظبي (إسمه العلمي "أكروبورا سيرفيكورنيس") والآخر بقرن الأيل (إسمه العلمي "أكروبورا بالماتا").
وقد شوهد النوع الجديد حياً وينمو في القناة الملاحية المزدحمة للمدينة. في نفس الوقت، وفي عرض البحر، يصارع النوعان الأصليّان من أجل البقاء على قيد الحياة بين الشعاب المرجانية.
يُعتقد أن نوع "بروليفيرا" هو نوع عقيم، أي أنه قد لا يكون قادراً على التكاثر. لكن المرجان قادر على التكاثر بطريقة لا جنسية أيضاً، وذلك عندما تنفصل أجزاء من ذلك النوع من المرجان وتواصل النمو. وعلى هذا النحو، يمكن لهذا النوع الهجين، ذو القدرة الشديدة على التحمل، أن يُثبت نفعه التام في مشاريع إعادة ترميم الشعاب المرجانية.
عالِم الأحياء البحرية "كولن فوورد" هو من اكتشف المرجان من نوع "أ. بروليفيرا" في ميامي، وقد أُعجب "فوورد" بمقاومة هذا النوع للصعاب إلى درجة أنه يحاول الحصول على رخصة وتمويل لبناء حاضنة مرجانية قبالة ساحل ميامي. وسيتيح ذلك، في حال البدء فيه، إجراء أبحاث مدروسة على المرجان الهجين، إضافة إلى الإعلان عنه على الملأ.



واجه "فوورد" تحدياً تمثّل في خلق تعاطف مع هذه الكائنات التي تبدو بلا حراك، مع أنها على أفضل حال عندما تكون تحت سطح الماء. إبتكر "فوورد" طريقة لتصوير فيلم عنها يعرض جمالها غير المنظور في سلسلة برنامج جديد تم إعداده بانتاج مشترك بين "بي بي سي"، و "الجمعية الجغرافية الوطنية".
وقد تبيّن أن المرجان يتوهج وهو يقي نفسه من أشعة الشمس الحارقة. بهذه العملية، يعرض المرجان ألواناً متوهجة جميلة. إلا أن هذه المشاهد غير مرئية تقريباً للعين المجردة، ولا يمكن تصويرها في وضح النهار.
قام "فوورد" و الموسيقار "جاريد ماكاي" بإعداد ما أسمياه "كورال مورفولوجيك" لإظهار الروعة الكاملة للمرجان في أعمال فنية وعلى منشآت عامة كوسيلة لإشراك الناس في الاهتمام بالنُظم البيئية المهمة.
وقد سُمح لهما أن يغيرا مكان بعض من المرجان الطبيعي الممتد على مسار الحفارات، وأخذا عينات إلى الأستوديو لتصويرها ودراستها. وقد استخدما ضياءً أزرقاً وعدسات ومرشحات خاصة كي يتمكنا من رؤية الألوان المشعة للمرجان. كما قاما أيضا بتسريع حركتها الطبيعية باستعمال عملية تعجيل الفاصل الزمني للصور الملتقطة.
يقول فوورد: "لم تُبنى مدينة ميامي على شعاب مرجانية فقط، بل إن مواد البناء المستعملة ـ الأسمنت والجص وجزء من العمارة المستخدمةـ كانت مرجاناً وحيوانات بحرية متحجرة عاشت بشكل ذاتي".
ويضيف: "إنه المكان الأنسب لكي يرى الناس المرجان باعتباره كائناً مستقبلياً وزاهياً بألوانه الجميلة، ومثيراً أيضا من الناحية الجنسية. هناك شيء غير مستقر ورائع فيما يخص المرجان، ولن تجده حقاً في بيئة جافة. لذا، أعتقد أن جميع هذه العوامل ستجعلنا قادرين على سرد حكاية خلاقة بشكل كبير."



إن ما يدفع "فوورد" بشكل خاص هو أعمال التجريف المتواصلة في المنطقة. إن هذه الأعمال، في رأيه، تضيف إلى الضغط الذي يواجهه المرجان الذي يعيش في الشِعاب الطبيعية. وفي الوقت الذي أعيد فيه نقل بعض المرجان، إلا أنه قلق بشأن الكميات الكبيرة من الرواسب أو الطمى التي يتم جرفها جراء تلك الأعمال.
يقول فوورد: "من بعض النواحي، يشكل المرجان الذي يعيش داخل ميامي الجانب المشرق للاضطراب البيئي الموجود في ولاية فلوريدا. فقبل 100 عام، لم يكن باستطاعة المرجان أن يعيش هناك لأن المنطقة كانت مصباً لمياه آسنة؛ لم يكن هناك ماء مالح. إن هذه القناة جلبت المياه المالحة." ويضيف: "أما هذا المرجان فهو داخل المدينة. إنه يعيش على الجدران البحرية، وعلى المنحدرات والصخور. لذا ليست هناك مشكلة في وجود الطمى."
ويتابع: "تكمن المشكلة في أن الشعاب المرجانية الطبيعية قبالة شواطيء ميامي هي، في جزئها الأكبر، مسطحة تماماً. وشهد العام الفائت، بشكل أساسي، عاصفة من الطمى الجليدي. كنت هناك قبل أسبوعين للقيام بعملية مسح للمنطقة. رأيت مرجاناً مطموراً بطبقة سمكها سنتيمتر أو إثنين من الطمى. كان منظر القاع أشبه بالرمادي."
إن أحوال الماء العكر مبعث خطر للمرجان. إنه يحتاج الى أشعة الشمس لكي يحافظ على حياة الطحالب التكافلية التي تعيش داخل خلاياه، فالمرجان يعتمد عليها لكي يبقى هو على قيد الحياة.



يمكن للمرجان أن يتكاثر بطرق شتى. بطريقة التكاثر اللاجنسي، حيث ينفصل جزء منه ليعيد التصاقه بالشعاب المرجانية ليعاود النمو من جديد. يُستخدم هذا الأسلوب في مختبرات حاضنة المرجان، والمحاولات اللاحقة لإعادة إحيائه.
كما يمكن للمرجان أن يتكاثر جنسياً، عن طريق عمليات التفريخ المتزامنة التي تحافظ على تنوع المادة الوراثية. وحسب "فوورد"، فإن القدرة هذه أتاحت للمرجان أن يتطور باستمرار. وهي نفسها سبب تحمسه لطلب السماح له بأخذ عيّنات منه خارج مياه البحر، وهو أمر ليس مرخصاً في الوقت الحاضر حسب القوانين واللوائح المتبعة في ولاية فلوريدا.
يقول فوورد: "ظل المرجان حيا منذ ما يقرب من نصف مليار سنة. ذلك أكثر مما عاشه الجنس البشري. لذا، ربما يجدر بنا أن نُعيره اهتمامنا."
ويتابع: "يبدو جلياً أن أنواعه مرّت في الماضي بأحداث جبارة تُسبب انقراضه، ومع ذلك فقد نجحت أنواع قليلة منه في البقاء. وبالتالي، إذا تعلّمنا كيف نسيطرعلى مقدرة المرجان على التكاثر في المختبر، فقد نستطيع خلق أنواع هجينة تكون أكثر مرونة وقدرة على التحمل والبقاء."