المحضرات القضائيات يصرخن: افهمونا وارحمونا
26-05-2015, 03:24 PM


هن نساء يمارسن أبغض المهن في عين المواطن.. يجردن الناس من ممتلكاتهم يدخلن البيوت فيحجزن الأثاث ويطردن الساكنين فيها.. يستقبلن بالسب والشتم والاعتداء فيتفهمن حالة الغضب العارمة ويحاولن إخمادها باللين والكلمة الطيبة والابتسامة إنهن المحضرات القضائيات.. مهنة تتعب الرجال فما بالك بالنساء.. مهنة تسببت في أمراض مزمنة لأكثر من 60 بالمائة من ممارسيها بشهادات العاملين فيها.. مهنة محن تتعرض لكثير من التشويه واللبس.
المحضرون القضائيون، حسب تعريف أهل الاختصاص، هم ضباط عموميون حاملون لختم الدولة خاضعون للوصاية بما يعني أنهم يمارسون مهنة حرة تحت رقابة الإدارة.
هم ملزمون بالتحفظ والسرية، لا يقومون إلا بتنفيذ أحكام رافع من أجلها محامون وناقشها قضاة وحكموا بها.. هي أصعب مراحل التقاضي، لذا في بعض الحالات يرفق المحضر القضائي بالقوة العمومية للصعوبات التي تواجهه نظرا لاختلاف آراء الشعب فهناك من يراه مطبقا للقانون وهناك من يراه عدوا وإنسانا بدون رحمة.
هذه المهنة مؤسسة لتبليغ الأوراق القضائية وغير القضائية وتنفيذ الأحكام بسرعة، فبتنفيذ قرارات المحاكم التي يمكن أن تعكر حياة العائلات يعاني المحضرون القضائيون في مهنتهم من تشويه دائم لصورتهم.
المحضرات يشكلن 21 بالمائة فقط!
تشكل النساء المنتسبات إلى وظيفة المحضر القضائي نسبة ضعيفة جدا إذ لا تتعدى 21 بالمائة فقط، فمن أصل 1700 محضر قضائي نجد 361 امرأة محضرة قضائية من على المستوى الوطني.
وتتوزع المحضرات القضائيات بين ولايات الوسط والشرق والغرب حيث تحتل ولايات الوسط أعلى نسبة بـ 157 محضرة قضائية تليها ولايات الشرق بـ 144 فيما تترتب ولايات الغرب في ذيل القائمة بـ 60 محضرة قضائية.
ولعل حداثة المهنة التي ظهرت للوجود في منتصف التسعينات تقريبا وطبيعتها الشاقة على الأنثى هي التي جعلت النساء لا يقبلن بكثرة عليها.
واهم من يعتقد أن المرأة أقل صرامة في التنفيذ
كثيرا ما يستبشر المنفذ عليهم خيرا عندما يرون أن المحضر القضائي امرأة فيعتقدون أنها ستكون أكثر رأفة ورحمة بهم، غير أن هذا الاعتقاد سرعان مايتلاشى ويصطدم هؤلاء بأن جنس المنفذ لا علاقة له بالأمر بتاتا.
هذا ما أكدته سعاد دنيدني محضرة قضائية والأمينة العامة للغرفة الجهوية للوسط للمحضرين القضائيين التي قالت أن المحضرة القضائية تتعامل مع الأحكام بنفس طريقة الرجل ولا يحق لهن بتاتا التهاون أو التماطل في التنفيذ، فجنس المنفذ كما أضافت لاعلاقة له أبدا بالتنفيذ، فكلاهما يحتكم إلى قوانين منظمة، حتى وإن كان هناك ألم أو تعاطف داخلي لا يجب أبدا أن يظهره المحضر بل عليه كتمانه والاحتفاظ به لنفسه وإلا فإنه يكون قد أخل بالأمانة الموكلة إليه.
وتضيف دنيدني أن عمل المرأة المحضرة القضائية لا يختلف عن عمل الرجل فكلاهما عليه نفس الواجبات والالتزامات ولا يجب ابدا التقصير او التعاطف بأي حال من الأحوال فجنس المنفذ للأحكام لا علاقة له أبدا بالتنفيذ.
استقبال على وقع الشتم والسبّ والاعتداءات الجسدية
ليس من السهل أبدا استقبال شخص يريد تجريدك من ممتلكاتك ببرودة أعصاب وهذا ما تؤكده محدثتنا التي تروي تجربتها الخاصة وتجارب العديد من زميلاتها، "نحن لا نستقبل بالورود بل بالسب والشتائم والصراخ ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى الاعتداءات الجسدية لولا الحماية العمومية المتمثلة في الأمن والدرك اللذان يرافقاننا في عملياتنا".
وتضيف"نتفهم كثيرا غضبهم ونحن محضرات لهذا الاستقبال لذا نفكر مليا ودوما في كيفية التعامل مع تلك الحالات والطريقة المثلى لعدم جرح مشاعرهم وتجنيبهم أي انزلاق قد يحدث".
"نتفهم جيدا أننا سنكشف سترهم وأننا سنصل إلى حميمياتهم، لكن القانون يجب أن يطبق.. نحرص كثيرا أن يكون المنفذ عليه مرتاحا لأن المحضر لا يجب أبدا أن يكون طرفا في الخصومة..وحده اللين واللباقة -تقول سعاد- قادران على تجاوز كتلة الغضب التي يفجرها في وجوهنا المنفذ عليهم.
ثلاث مراحل حاسمة في التنفيذ
وتقسم محدثتنا عملها إلى 3 مراحل فالمرحلة الأولى تكون بمجرد وصولهم وعادة تدوم 30 دقيقة إلى 40 دقيقة على الأكثر، حيث يترك فيها المجال للمنفذ عليه لتفجير كامل طاقته السلبية.وهنا نسمع الكلام القبيح والسب والشتيمة والنعوت الخبيثة والاتهامات الزائفة والألفاظ النابية التي تستحي المرأة من ترديدها مع المرأة لكننا نضطر لسماعها على الملا أمام الجيران والشرطة والدرك وغيرهم من الحاضرين في العملية، والمخجل أن القوة العمومية التي ترافقنا متكونة من 99 بالمائة رجال نادرا جدا ما تحضر معنا شرطيات.
ولا يتوقف الأمر عند العنف اللفظي، بل يمتد إلى العنف الجسدي، وكثيرا ما تعرضنا إلى اعتداءات جسدية كادت تسبب لنا تشوهات جسمية.
ويمتد العنف في أحيان كثيرة عند بعض الأشخاص إلى تطبيقه على أنفسهم والتهديد بالانتحار، في السابق كانوا يهددون برمي أنفسهم من طوابق علوية وتفجير الغاز في البيت، لكن بعد موضة البوعزيزي بات سكب البنزين على أنفسهم موضة نصادفها أينما حللنا وحدث في بعض الحالات أن أشعل بعضهم النار على أنفسهم وللأسف هناك حالات لم تستطع النجاة وكان الموت حتفها.
وتلي ذلك المرحلة الأصعب وهي دخول البيت وبداية التنفيذ وهنا نحاول شرح موقفنا وإفهامهم أنه لا دخل لنا في الأمر فنحن ننفذ القانون وان كان لديهم أي اعتراض على الأمر ماعليهم سوى المطالبة بذلك بطرق قانونية وسلمية وأحيانا كثيرة ندلهم على الإجراءات الواجب انتهاجها.
علما أن التنفيذ لا يكون إلا بعد تبليغ مسبق بحوالي 30 يوما تمنح فيها الفرصة للمنفذ عليه أن يباشر إجراءات الطعن، ويقسم المختصون التنفيذ إلى نوعين التنفيذ الودي وفي حال استحالته يتم اللجوء إلى التنفيذ الجبري.
من أكثر أنواع المضايقات التي نتعرض لها مثلا تضامن الجيران مع المنفذ عليهم وقذفنا بالطماطم والبيض وغيرها من الأشياء لإزعاجنا وحملنا على عدم التنفيذ..أحيانا تطلق الكلاب علينا وكل ما قد يتصوره العقل.
الحالة الوحيدة التي ننسحب فيها مثلا هي إثارة النظام العام في المنطقة عندما نلمس فقدان السيطرة على الوضع وهدا نادرا ما يتم حدوثه.
الغريب أن معظم المنفذ عليهم ينقلبون 360 درجة في المرحلة الثالثة والأخيرة عندما يلمسون النية الطيبة فينا وأننا لا ننوي إيذاءهم، بل نحن نطبق ما كلفنا به وحسب فيعتذرون ويطلبون السماح ومنهم من بات زبونا عندنا في قضايا أخرى صادفته لأنه لمس المهنية والموضوعية والصدق فينا.
محضرات نفدن أحكاما بحق إرهابيين في سنوات الجمر!
وتروي محدثتنا ممارستهن للمهنة في سنوات الجمر فتقول لقد كنا نبحث عن الارهابيين لنبلغهم أحكام الطلاق في مناطق معزولة جدا دون أن نعرف أن من ننفذ عليهم هم إرهابيون وكم من مرة نجونا من الموت بأعجوبة بفضل تعاون وإخلاص مواطنين كانوا يساعدوننا ويحموننا.
وتستذكر سعاد تلك اللحظات العصيبة التي كانت تمر بها المحضرات لكن رغم دلك واصلن مهمتهن بتفاني وإخلاص وساعدن في استرداد الكثير من الحقوق باسم القانون.
ارحمونا وافهمونا..
ودعت الأمينة العامة للغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين إلى تغيير الدهنيات التي يشوبها الكثير من اللبس وسوء الفهم حيث قالت "المحضر القضائي مواطن جزائري وهو ضابط عمومي جواري يعيش مع المواطن ويشاركه همومه ومشاكله.. نحن أبناء مدرسة جزائرية واحدة ومجتمع واحد نحن ننفذ أحكاما لفائدة جزائري ضد جزائري ولا يعني أبدا أن نصبح أعداء لمن ننفذ ضدهم.
فالتنفيذ صيانة للحقوق وهو لا يتعلق بأحكام الطرد وحسب بل يمتد إلى الجمعيات العامة للأحزاب والمجتمع المدني وكدا إلى الانتخابات المختلفة وحتى بعض المسابقات والخصومات باختصار نحن حاضرون في مختلف الأماكن لنصرة ال حق فالدولة تنازلت للمحضر القضائي عن جزء من السلطة ولا يحق أبدا لهدا الأخير التلاعب بها أو التساهل فيها.انب الايجابية لمهنة المحضر القضائي
كما وجهت المتحدثة كلامها للإعلاميين الجزائريين بأن يسلطوا الضوء على الجانب الايجابي لمهنة المحضر القضائي الذي يحاسب أمام الله وأمام القاضي وختمت قولها أأكد لكم أن المحضر يراعي ضميره كثيرا فـ"أعين المواطن تنام والمحضر لا ينام".
ودعت المتحدثة الدولة أيضا إلى وضع ثقتها فيهم وإيجاد القواعد القانونية للمحضر كي يتمكن بفضلها من إعمار الخزينة العمومية على اعتباره أداة تحصيل فعالة.



http://jawahir.echoroukonline.com/articles/2288.html