حكومة الإسلاميين بالمغرب تقر زراعة الحشيش بحجة " الإستعمال الطبي"
20-02-2016, 09:57 PM

عبد السلام سكية

صحافي ورئيس قسم الشؤون الدولية بجريدة الشروق اليومي


غالبا ما يتم الحديث عن عالم المخدرات أو ما يعرف بالحشيش في المغرب وممتهني هذا النشاط غير القانوني هناك، الذي يمتدد إلى شبكات تهريب دولية، وبين مطالبة أحزاب المعارضة في المغرب بتقنين زراعة القنب الهندي، اعتبارا من كون تربة مناطق الريف وجبال شمال البلاد لا تسمح إلا بزراعته ولا تنبت شيئا غيره واستغلالها في أغراض طبية وصناعية، ومعارضة أحزاب أخرى تخاف من استغلال مافيات وعصابات لهذه الفرصة، يعيش زارعو هذا النوع من المخدرات، الذين صدرت في حق أكثر من أربعين ألفا منهم مذكرات اعتقال، على أمل أن تصبح مهنتهم مقننة .
رغم أن المغرب يصنف ضمن أكبر المنتجين للنقب الهندي في العالم، وفق تقارير الأمم المتحدة، والخطر الذي صار يمثله، خاصة على الجزائر، جراء أطنان المخدرات التي تعبر الحدود، إلا أن الخطر قد يصير مضاعفا، بعد الدعوات التي أطلقها سياسيون مغاربة، بل وحتى تحت قبة البرلمان، حيث جاهر عددهم بضرورة تقنين عملية زراعة القنب الهندي، تحت مبرر الاستعمال الطبي، وحماية صغار المزارعين من المافيا .

ودعت الأحزاب التي تمثل فئة المعارضة داخل البرلمان، كحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وكذا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى إصدار قانون يقضي بالسماح للفلاحين بزراعة القنب الهندي تحت إشراف مؤسسة عمومية تشرف على عملية تسويقه وتحديد المساحات التي يسمح فيها بزراعته، وذلك من أجل استخدامه لأغراض طبية وصناعية .

وقال حكيم بنشماس، رئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، أثناء دفاعه عن مقترح حزبه، إن من الواجب كسر الطابوهات الاجتماعية والقانونية حول هذا الموضوع، موضحا أن هذا الأخير يخضع لأحكام مسبقة أغلب ضحاياها هم المزارعون البسطاء من السكان المحليين خصوصا في شمال المغرب .

وزعم أن هذا القانون سيسعى إلى خلق اقتصاد بديل يستفيد منه المزارعون وكذا خزينة المملكة، من خلال استعمالها واستغلالها في الصناعات الخاصة بالدواء وكذا الاستعمالات الأخرى المشروعة، والتي أثبتت نجاعتها في مجموعة من الدول من أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وهولاندا.

وهون المسؤول من تأثيرات تقنين زراعة المخدرات، وادعى أن النجاح في تقنين زراعة وتسويق هذه النبتة في المغرب "إنهاء لمعاناة مزارعي وأسر المناطق المعنية من المتابعات الأمنية وأيضا تصحيح الصورة السيئة المتداولة خارجيا حول المغرب في هذا المجال". حيث أفادت إحصائيات غير رسمية أن أكثر من أربعين ألف شخص من السكان المحليين في المناطق التي يزرع بها القنب الهندي، صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من قبل السلطات الأمنية المحلية بتهمة زراعة المخدرات والاتجار غير المشروع بها، على حد تعبيره.

وحتى الإسلاميون في الغرب، انجروا وراء هذا الطرح، وهو ما أعرب عنه عبر عبد العزيز أفتاتي، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي قال إن هذه المبادرة تبقى محمودة من جانب استغلالها في الجانب الطبي والصناعي، إلا أنها قد تتعرض للاستغلال من طرف مافيات وعصابات الاتجار في المخدرات التي تسيطر على هذه الزراعة، والتي ستستفيد كثيرا من هذا التقنين في توسيع عمليات التهريب وجني الأموال على حساب صغار المزارعين، الأمر الذي سيعطي نتائج سلبية عكس ما هو متوقع.

وأضاف أفتاتي، أن التجارب الدولية أظهرت نجاعة هذا الحل إلا أنّ للمغرب خصوصياته ومميزاته تجعله مختلفا عن البلدان الأخرى، لذا فمن الصعب الحسم في ما إذا كان التقنين سيسفر عن النتائج المرجوة أو سيكون سببا في تسهيل المأمورية على المهربين الكبار.

ويقدر عدد الفلاحين الذين يعيشون من زراعة القنب الهندي في المغرب بنحو 800 ألف مزارع يوجد أغلبهم في الشمال، كما يقدر حجم التجارة المرتبطة به بأكثر من 200 مليون يورو، حسب تقارير أعدها نشطاء مدنيون، وتقول السلطات المغربية إن المساحة المخصصة لزراعة القنب الهندي تراجعت إلى 47196 هكتار في 2013، مقابل 134000 هكتار في 2003.



الضابط المنشق عن المخابرات المغربية فريد بوكاس لـ"الشروق":

محمد الخامس قنن زراعة المخدرات والعملية تتم بين كبار المسؤولين والعسكريين

قال الضابط المنشق عن المخابرات المغربية فريد بوكاس، إن زراعة المخدرات في المغرب مقننة بقرار ملكي صادر من محمد الخامس سنة 1956، وأجاز القرار الملكي السابق النشاط في منقطة الحسيمة - شمال البلاد - أما الآن فالدعوة إلى تقنين زراعة القنب الهندي يعني تعميم النشاط على كامل تراب المملكة، مع استهداف الدول.

هاجم الضابط المغربي، بوكاس، الدعوات التي أطلقها بعض السياسيين والناشطين الجمعاويين، لتقنين زراعة النقب الهندي في المغرب، تحت ذريعة الاستعمال الطبي، ويذكر العسكري السابق في مديرية حماية الإقليم -المخابرات الداخلية- للشروق "زراعة القنب الهندي أو الحشيش كما تسمى في الشارع المحلي، مقننة منذ عام 1956، وهذا بقرار ملكي أصدره محمد الخامس، لتنظيم النشاط، ولكن بمدينة الحسيمة الواقعة في شمال البلاد، أما الدعوة إلى تقنين الزراعة فيراد من خلاله توسيع مناطق النشاط إلى كل التراب المغربي".

ويذكر بوكاس المقيم حاليا في اسبانيا، أن مسعى تقنين زراعة الحشيش هو سياسة دولة، ولكن يتم الدعوة لها عبر عدد من السياسيين، كما هو الحال مع متزعم حزب الاستقلال حميد شباط، الذي قال عنه "كل ما يحدث عملية تغطية فقط، فحميد شباط مستفيد من عملية زراعة القنب الهندي، وقد أوقف ابنه في قضية اتجار بالمخدرات، وأُفرج عنه بعد تدخل والده"،.

ويؤكد محدثنا، أن عملية زراعة وتسويق القنب الهندي، تم برعاية ومتابعة من مسؤولين كبار، خاصة من العسكريين "النظام المتحكم في زراعة النقب الهندي هم من الجنرالات، ومسؤولين كبار في الدولة، أما المُزارع البسيط فهو مغلوب على أمره... عملية الجني ونقل المنتوج تتم بعد وساطات، ويوفر المسؤولون الكبار في المؤسسة الأمنية الحماية"، وخلص يقول "المنتفعون الكبار جالسون على الأرائك".

وعن الحديث المتداول، ومفاده تطوير المغرب لمخدرات أكثر خطورة، لاستهداف دول معينة، سجل بوكاس "المستهدف قبل أن يكون الشباب الجزائري أو الليبي أو المصري أو الأروربي، المستهدف هو المواطن المغربي".



النائب الأول لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لـ"الشروق":

"نعم للتقنين إذا كان الغرض للاستعمال في المجال الطبي"

هون النائب الأول لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عبد السلام بن عبد الإله، من الجدل الحاصل في المغرب نتيجة لدعوة سياسيين تقنين زراعة المخدرات، وقال "الدعوة تحصر في تقنين العملية للاستعمال الطبي".

وذكر الناشط الحقوقي المغربي للشروق "أنا لا أعلم نوايا الناس، وأحكم فقط على ما يقوله علنا، لقد ثبت أن لنبتة الحشيش منافع، كأن تستعمل في الصناعة الصيدلانية، وإن كان التقنين لهذا الغرض فهو أمر عادي للغاية".

وإن كانت الدعوة ستساهم في استفحال استهلاك والمتاجرة بالمخدرات، أوضح المتحدث "هنالك جهد يبذل من طرف السلطات المغربية، للحد من المساحات المزروعة بالحشيش، وهو ما تؤكده الإحصائيات التي تقدمها السلطات المختصة، لكن الجهد يبقى ناقصا، ولهذا ندعو إلى تكثيف عمليات التحسيس بخطورة استهلاك المخدرات".



رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني لـ"الشروق":

المخدرات المغربية سلاح دمار شامل وعلينا مقاضاته دوليا

يجزم رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، أن المغرب في حرب مع الجزائر، ويستعمل في ذلك سلاح المخدرات، ويؤكد "يستعمل معنا أسلحة التدمير الشامل"، ويدعو إلى مقاضاة المملكة عن جريمة زراعة القنب الهندي.

وذكر الحقوقي قسنطيني، في حديث للشروق عن عزم المغرب تقنين عملية زراعة القنب الهندي، انه "خطر كبير، من شأنه إلحاق الضرر البالغ بالجزائر"، ويتابع "ادعوهم إلى التخلي عن هذه الفكرة تماما، وأن لا ينساقوا وراء هذا المخطط، كما فعلته دول أخرى"، ويقترح رئيس الهيئة التي تتبع رئاسة الجمهورية الحوار مع المملكة ويقول "يمكن ان نتحاور مع السلطات المغربية... عملية محاربة المخدرات لا يجب أن تتكفل بها السلطات العسكرية والأمنية فقط، ولهذا اقترح توقيع اتفاقية ثنائية مع المغرب للحد من وصول تلك السموم إلينا".

وفي حال تعنت السلطات المغربية، يطالب قسنطيني، بمقاضاتها أمام الهيئات الدولية، وسجل "لقد اتهمت في وقت سابق أنني أحارب المغرب، لا أنا احترم الشعب المغربي، لكن الحقيقة يجب قولها، المغرب هو الذي في حالة حرب ضدنا، بل يستعمل معنا أسلحة دمار شامل، والمتمثلة في المخدرات... المخدرات خطر كبير على الصحة العمومية، وهذا الأمر كفيل بأن نقاضيها أمام المنظمات الدولية"، و"أن لا نتساهل معهم كما تفعل دول أوروبية".



المخدرات في الجزائر...

حجز أزيد من 109 طن السنة الماضية و23 ألف شخص يسجن بسببها

بلغت حجوزات المخدرات في الجزائر، خلال 11 شهرا الأولى من السنة الماضية، أزيد من 109 طن من القنب الهندي، حسب إحصائيات قدمها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات.

وأوضح الديوان أنه "تم إجمالا حجز 109 طن من القنب الهندي خلال الـ11 شهرا الأولى لسنة 2015، 60% منها بغرب الوطن"، مستندا إلى حصيلة مصالح المكافحة الثلاث (الدرك الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني والجمارك).

وشهدت الكميات المحجوزة خلال الـ11 شهرا الأولى لسنة 2015 تراجعا بنسبة 36% مقارنة مع نفس الفترة لسنة 2014 بفضل تعزيز الجهاز الأمني على مستوى الحدود حسب مصدر مقرب من الديوان يرى بأن هذه الكميات تبقى رغم ذلك "مرتفعة"، وحسب ذات التقرير فإن 32% من الكميات المحجوزة سجلت بجنوب الوطن.

وبخصوص المخدرات الصلبة، سجل ارتفاع كبير في كمية الكوكايين المحجوزة بالجزائر التي انتقلت من1.2 كلغ غرام إلى 8.6 كغ (+6853%) خلال نفس الفترة المرجعية حسب الحصيلة، كما سجل ارتفاع معتبر في كمية الهيروين المحجوزة التي انتقلت من 339 غرام إلى 2.5 كغ خلال نفس الفترة المرجعية، أي زيادة بنسبة 658%.

ويشير التقرير من جهة أخرى إلى حجز 548 ألف قرص مهلوس من مختلف العلامات مقابل مليون قرص خلال نفس الفترة المرجعية، أي انخفاض بنسبة 45%.

وجاء في التقرير أن "التحريات التي أجرتها المصالح المعنية سمحت بتوقيف 23 ألف فرد من بينهم 120 أجنبي في قضايا مرتبطة بالمخدرات" خلال الـ11 شهرا الأولى لسنة 2015، موضحا أن 494 شخص من إجمالي الأشخاص المتورطين في قضايا مرتبطة بالمخدرات يوجدون في حالة فرار.

كما تمت معالجة 17729 قضية مقابل 10270 قضية خلال نفس الفترة لسنة 2014، أي زيادة بنسبة 72%، ومن إجمالي القضايا التي تم معالجتها 4159 قضية مرتبطة بالمتاجرة بالمخدرات و13562 قضية متعلقة بحيازة واستعمال المخدرات.