مفهوم التميّز المتعلّق بالمرأة في الشريعة الإسلاميّة
22-04-2009, 11:43 AM
مفهوم التميّز المتعلّق بالمرأة في الشريعة الإسلاميّة
إنّ مفهوم التمييز المتعلّق بالمرأة في الشريعة الإسلاميّة يمكن أن تعتبره تمييزاً إيجابيّاً لأنّ بين طيّاته الرحمة، والرأفة بالمرأة، ذلك المخلوق الذي أوصانا الله - تعالى - ورسوله الكريم - صلّى الله عليه و سلّم- بهنّ خيراً. ولا يمكن أن نفهم التمييز كما يروّج له أعداء الدين على أنّ الإسلام يظلم ويضطهد المرأة، ويحرمها من حقوقها الأساسيّة. نقول لهؤلاء، ومن في قلبه مرض:" إنّ الإسلام قد ميّز ما بين المرأة والرجل انتفاء للظلم الذي سيقع على الطرفين، لأنّ المساواة في غير مكانها ظلم شديد على الرجل والمرأة.
فالقرآن أمر المرأة أن تلبس لباساً مختلفاً تماماً عن لباس الرجل للفارق في فتنة كلّ من الجنسين بالآخر؛ إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشف الرجل لاختلاف الفتنة في بدنها وبدنه كما سنبيّنه تفصيلاً إن شاء الله تعالى.
لذلك لابدّ من الاعتراف بأنّ هناك أموراً تتميّز فيها المرأة عن الرجل في الشريعة الإسلاميّة مراعاة لمقتضى حال المرأة، واختلافها عن الرجل، ومن هذه الأمور:
أوّلاً- إسقاط بعض العبادات عن المرأة:
سوّى الشرع الحنيف بين المرأة والرجل في كثير من العبادات؛ فمن ذلك أنّها تتوضّأ كوضوء الرجل، وتغتسل كغسله، وتصلّي كصلاته، وتصوم كصيامه، إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس، عندها تتميّز المرأة عن الرجل بنعمة إسقاط بعض العبادات..
ولهذا الإسقاط صوراً كثيرة منها :
1- إسقاط الصلاة: قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: ( أجمع المسلمون على أنّ الحائض و النفساء لا تجب عليها الصلاة ولا الصوم في الحال )[1].
2-لزامها بقضاء الصوم دون صلاة بعد زوال الحيض أو النفاس:
قال ابن المنذر:( أجمع أهل العلم على أنّ عليها الصوم بعد الطهر، ونفى الجميع عنها الصلاة)[2].
3- إسقاط طواف الوداع عن الحائض :
و من إشكال تمييز المرأة في الشريعة الإسلاميّة أنّ الله – سبحانه- قد أسقط عنها طواف الوداع إذا حاضت، دون أن يفرض عليها أي فدية.
قال الإمام الخرقي -عليه رحمة الله- : ( والمرأة إذا حاضت قبل أن تودع خرجت و لا وداع عليها، ولا فدية ،.... وهذا قول عامّة فقهاء الأمصار)[3].
ثانيا - الأمر بالقرار في البيوت:
قال تعالى:} وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً{[4]
الإسلام ميّز المرأة المسلمة الحرّة عن غيرها من نساء العالمين بأن اعتبرها جوهرة ثمينة يجب الحفاظ عليها، لبناء خلايا المجتمع القادر على مواجهة مصاعب الدنيا، وفتنه.
قال الراحل سيد قطب - عليه رحمة الله-:" وليس معنى هذا ملازمة البيوت، فلا يبرحنها إطلاقا؛ إنّما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هوالأصل في حياتهنّ، وهو المقرّ، وما عداه استثناء طارئا لا يثقلن فيه، ولا يستقررن، إنّما هي الحاجة تقضى بقدرها.
والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى، غير مشوّهة، ولا منحرفة، ولا ملوّثة، ولا مكدورة في غير وظيفتها التي هيّأها الله لها بالفطرة"[5].
ثالثا- تحريم الخلوة بالأجانب، وتحريم سفرها بلا محرم:
عن أبي معبد قال:" سمعت ابن عبّاس يقول:" سمعت النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- يخطب, ويقول:" لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال:" يا رسول الله، إنّ امرأتي خرجت حاجّة، وإنّي اكتتبت في غزوة كذا، وكذا"، قال:" انطلق فحجّ مع امرأتك""[6].
قال محمد بن إسماعيل الصنعاني:" دلّ الحديث على تحريم الخلوة بالأجنبيّة، وهو إجماع، وقد ورد في حديث " فإنّ ثالثهما الشيطان "، وهل يقوم غير المحرم مقامه في هذا بأن يكون معهما من يزيل معنى الخلوة؟ الظاهر أنّه يقوم؛ لأنّ المعنى المناسب للنهي إنّما هو خشية أن يوقع بينهما الشيطان الفتنة. وقال القفال:" لابدّ من المحرم عملاً بلفظ الحديث، ودلّ أيضا على تحريم سفر المرأة من غير محرم …. [7].
و قال القاضي عياض:( والمرأة فتنة ممنوع الانفراد بها لما جبلت عليه نفوس البشر من الشهوة فيهن، وسلّط عليهم الشيطان بواسطتهنّ, ولأنهنّ لهم على ضم إلا ما ذبّ عنه، وعورة مضطرة إلى صيانة، وحفظ، وذي غيرة يحميها،
ويصونها, وطبع الله في ذوي المحارم من الغيرة على محارمهم، والذبّ عنهنّ ما يؤمن عليهنّ في السفر معهم ما يخشى[8] .
رابعاً- التحذير على الدخول على النساء لغير المحارم:
من شدّة حماية الشريعة الإسلاميّة للمرأة نرى أنّها قد حذّرت من الدخول على النساء لغير المحارم خوفا عليهنّ من الفتن، ومقدّماته، وعواقبه.
عن عقبة بن عامر أنّ رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم- قال:" إياكم و الدخول على النساء", فقال رجل من الأنصار:" يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟" قال:" الحمو الموت"[9] .
قال ابن حجر العسقلاني:(الخلوة بالحمو قد تؤدّي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو إلى الموت إن وقعت المعصية، ووجب الرجم، أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملت الغيرة على تطليقها)[10].
و قال المباركفوري في تحفة الأحوذي:(( إنّ دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت، والاستقباح والمفسدة، أي فهو محرم معلوم التحريم في الزجر، و شبّهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج، والزوجة لفهم بذلك حتى كأنّه ليس بأجنبي من المرأة .... و كذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها ثم غيرة الزوج، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة [11].
خامسا- الحثّ على تربية البنات وبيان فضلها:
ولعلّ من الميّزات الهامّة التي كفلها الشرع للمرأة أن حثّ على تربيتها، والإحسان إليها، بل ربط هذا الإحسان بالوقاية من النار.
عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:" دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي إلا تمرة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، فخرجت، فدخل النبيّ - صلّى الله عليه وسلم- علينا، فأخبرته, فقال:" من ابتلي من هذه البنات بشيء كنّ له سترا من النار"[12].
قال ابن حجر:(وفي الحديث تأكيد حقّ البنات لما فيهنّ من الضعف غالبا عن القيام بصالح أنفسهنّ, بخلاف الذكور، لما فيهم من قوّة البدن, وجزالة الرأي، وإمكان التصرّف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال )[13].
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:" مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَه"ُ.[14]
و في رواية أخرى رواها الحاكم في المستدرك على الصحيحين:( عن أنس - رضي الله عنه - قال:" قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: "من عال جارتين حتّى تدركا دخلت الجنة أنا وهو كهاتين، وأشار بإصبعيه السبّابة والوسطى"[15].
و في رواية ثالثة عن مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللَّه- ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ"[16].
قال الإمام النووي: ( معنى عالهما قام عليهما بالمؤنة، والتربية، و نحوهما)[17].
خامسا - ضمان النفقة للمرأة:
كذلك ضمن الإسلام نفقة المرأة على زوجها إن كانت متزوّجة، وإلا، فنفقتها على أصولها، وفق التفصيل الذي أورده الفقهاء في كتبهم[18].
قال تعالى : } وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{[19] .
و المولود له في الآية هو الزوج، والضمير في "رزقهنّ " عائد إلى الوالدات، وهنّ الزوجات .
وروى مسلم في صحيحه, باب: حجة النبيّ - صلّى الله عليه و سلّم:" عن جابر - رضي الله عنه- في حديث حجّة الوداع الطويل، قال رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم-:" فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِاللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ"[20].
قال الإمام النووي:" فيه وجوب نفقة الزوجة كسوتها, وذلك ثابت بالإجماع" [21].
وقال ابن قدامة المقدسي:" وفيه ضرب من العبرة, وهو أنّ المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرّف، والاكتساب, فلا بدّ أن ينفق عليها كالعبد مع سيده"[22].
ومن أجل أن يكون كلّ من الزوجين عنصر إسعاد للآخر؛ لبناء بيت الزوجيّة العامر بالرعاية، والحبّ، والوئام، وكي تظلّ المرأة عزيزة مطلوبة من الرجل, وحتّى لا تصبح مهانة تجري وراء الرجل وهو عنها معرض أومخادع.
و من أجل ذلك كلّه كان بيت الزوجيّة واجباً على الزوج دون الزوجة.
سادسا- الشهادة، فشهادة الرجل بشهادة امرأتين:

قال تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{[23]
البيان الإلهي إنّما دعا الرجال، لأنّهم هم الذين يزاولون معظم الأعمال في المجتمع المسلم السوي, الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمل لتعيش, فتجور بذلك على أمومتها وأنوثتها، وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانيّة، وهي الطفولة الناشئة الممثلة لجيل المستقبل, في مقابل لقيمات، أودريهمات تنالها من العمل, كما تضطر إلى ذلك المرأة في المجتمع النكد المنحرف الذي نعيش فيه اليوم! فأمّا حين لا يوجد رجلان، فليكن رجلا واحداً وامرأتان … و لكن لماذا امرأتان؟ إنّ النصّ لا يدعنا نحدس؛ ففي مجال التشريع يكون كلّ نصّ محدّداً واضحاً معلّلاً(أن تضلّ أحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)، والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة؛ فقد ينشأ من قلّة خبرة المرأة بموضوع التعاقد, ممّا يجعلها لا تستوعب كلّ دقائقه، وملابساته، ومن ثمّ لا يكون من الوضوح في عقلها؛ بحيث تؤدّي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتقوم الأخرى بالتعاون مع الأولى على تذكّر ملابسات الموضوع كلّه. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية. فإنّ وظيفة الأمومة العضويّة البيولوجيّة تستدعي مقابلاً نفسيّاً في المرأة حتما, تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانيّة الانفعاليّة لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيويّة لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء ... و ذلك من فضل الله على المرأة، وعلى الطفولة ... وهذه الطبيعة لا تتجزّأ؛ فالمرأة شخصيّة موحّدة هذا طبعها- حين تكون امرأة سويّة – بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرّد كبير من الانفعال, ووقوف عند الوقائع بلا تأثّر ولا إيحاء. ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكّر إحداهما الأخرى- إذا انحرفت مع أيّ انفعال فتتذكّر، وتفيء إلى الوقائع المجردة[24].
سابعا- اللباس :
ومن أرقى تميّز المرأة في الإسلام أن أوجب عليها ستر كلّ بدنها؛ حفاظاً عليها من الأذى.
قال تعالى:} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً{[25]

وبعد أن أوردت كلّ هذه المزايا بشأن تمييز المرأة في الإسلام، لا بدّ من البيان بأنّي قد أوردتها على سبيل المثال لا الحصر، فهناك من المميّزات الخاصّة بالمرأة في الشريعة الإسلاميّة بحيث يصعب حصرها، لذلك سأعدّد بعضاً منها تعداداً فقط من أمثال:
1-المرأة المسلمة لا تتزوّج إلا مسلماً، وهذه ميّزة رفيعة جداً لا يفقهها إلا مؤمن متين الإيمان.
2-الصلاة في المسجد أفضل للرجل من بيته، بينما صلاة المرأة في بيتها أفضل وأحبّ إلى الله من المسجد.
3- يباح للمرأة لباس الحرير، والذهب، وهما محرمان على الرجال.
الخاتمة :
و بعد أن انتهيت من هذا العمل المضني، لا بدّ لي من طرح تساؤل مهمّ وهو:
ما هي النتائج التي يمكن استخلاصها من هذا البحث؟
النتائج الممكن استخلاصها من هذا المبحث تظهر في النقاط التالية:
1-إنّ دعوة القضاء على كافّة أشكال التمييز ضدّ المرأة ما هي إلا جولة من جولات العالم الغربيّ، ومن سار بركبهم للقضاء على الإسلام وأهله.
2-إنّ مفهوم المساواة ما بين المرأة والرجل مفهوم له حدود، وضوابط في الشريعة الإسلاميّة، والحقّ أنّ مصطلح المساواة فيه كثير من عدم الدقّة، فلا يمكن أن نقول إنّ الإسلام دين المساواة، فالصحيح أنّ الإسلام دين العدل والإحسان.
3- إنّ التمييز المتعلّق بالمرأة في الشريعة الإسلاميّة هو في حقيقته تميّزا، لا تمييزا.
وأخيرا بيّنت أن لابدّ من العودة إلى كتاب الله، وسنّة رسوله - صلّى الله عليه وسلّم- للفلاح في الدارين، ومقارعة أهل الباطل والضلال.
ولئن كنت أبغي في هذا البحث أن يسير نحو الكمال، بيد أنّه لا يزال يتّسم بالنقصان، و أنّه كمن أظهر مظاهر الضعف، والقصور في الإنسان أن يشعر بالنقص في كلّ شؤونه، مع تصوّره الكمال بعقله، دون أن يستطيع أن يدركه بالواقع العمليّ.
فأسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يفقّهني في الدين، ويعلّمني التأويل، ويهبني الإخلاص في القول والعمل.
والحمد لله ربّ العالمين
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم محمد جودت اليوسف


1- (شرح صحيح مسلم للنووي ج1/637)

2- (الاوسط لابن المنذر ،ج2/203).

3- المغني لابن قدامة المقدسي ج5/341.

[4] (الأحزاب/33)

2-في ظلال القرآن ، سيد قطب، دار الشرق،ط21 عام 1414 ه مج 5/2859 .

3-(صحيح مسلم ,ج2-978,برقم 1340)(صحيح ابن خزيمة,ج4/137,برقم 2529)(صحيح ابن حيان ج9-72,برقم 3757)(مصنف ابن ابي شيبة, ج386 , برقم 15175)

4- سبل السلام , لمحمد بن اسماعيل الضعاني , دار احياء التراث العربي, بيروت, ص4 تحقيق محمد عبد العزيز الحولي ج2/ 183.

5-(0إكمال المسلم , ج 4/448)

6 –(صحيح مسلم , ج4/ 1711, برقم 2172) (صحيح البخاري , ج 5/ 2005 , برقم 4934)
(صحيح ابن حيان , ج12 /401 برقم 5588)( سنن الترمذي , ج3 / 474 برقم 1171)
(سنن الدارمي, ج2 / 361 برقم 2642 )( سنن البيهقي الكبرى , ج 7 / 90 برقم 13296)
(مسند الامام احمد ج4 / 149).

1- (فتح الباري , ج9/ 332)

2- (تحفة الأحوذي للميار كفوري , دار الكتب العلمية , بيروت , ج4 /281 .)

3-( صحيح البخاري ,ج2/ 514، برقم 1352 )(صحيح ابن حيان , ج7/ 201 برقم )2939.
(سنن الترمذي , ج4/ 319 برقم 1915 )(مسند الإمام أحمد ,ج6/ 166 برقم 25371).

4- (فتح الباري , ج10 / 443).

5- (صحيح مسلم , ج4 / 2027 , برقم 2631) .

6-( المستدرك على الصحيحين , ج4/196 برقم 7350 و هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه) .

7- (سنن الترمذي , ج4 /319 , برقم 1914 و قال حديث حسن غريب من هذا الوجه) .

8- (شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 / 180).

1- (انظر الفقه المنهجي , د. مصطفى الخن , علي الشربجي , د. مصطفى البقا , دار العلوم الانسانية ج4/178-المغني لابن قدامى , ج8/ 156).

[19] البقرة:233

3-( صحيح مسلم , ج2 / 889 , برقم )1217.

4-( شرح صحيح مسلم للنووي , ج8 / 184).

5- (المغني لابن قدامى المقدسي ج11 / 348).

[23]( البقرة/282)

1- في ظلال القرآن , سيد قطب , ج1/336.

[25] (الأحزاب/59)

تأليف:المحامي الدكتور مسلم اليوسف

مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
والباحث في الدراسات الفقهيّة والقانونيّة

قيل للحسن البصري
ما سر زهدك في الدنيا ؟
فقال علمت يأن رزقي لن يأخذه غيري فأطمأن قلبي له
و علمت بأن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به
وعلمت ان الله مطلع علي فأستحييت ان اقابله على معصية و علمت ان الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء الله