بصائر لكل من يحب التاريخ....(ارجو التثبيت لاهمية الموضوع)
22-07-2008, 09:55 PM
بصائر لكل من يحب التاريخ
هذه كلمات صاغها قلم المفكر الإسلامي الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار حفظه الله تعالى، و قد وضعها في كتابه المسمى 149 بصيرة في التراث والماضي والتاريخ والمستقبل و طبائع الأشياء .. وهو عبارة عن كتيب ضمن سلسلة من الكتيبات عددها ثلاثةعشر كتيباً تناول فيها شتى المواضيع من دعوة و تربية و تعليم....
و قد تولى أمر طباعتها و نشرها دار الأعلام في الأردن ، فقمت بنقل ما كتبه عن التاريخ ، و أحلت كل مقولة إلى الصفحة الموجودة فيها.. أرجو منكم قراءتها بتمعن لتجدوا أنها فعلاً بصائر تشكل زاداً مهماً لكل من يرغب بدراسة التاريخ و التبحر فيه و تشكل منطلقاً هاماً بمشيئة الله تعالى للعودة إلى دينه العظيم .
1- التاريخ : في جوهره ليس أكثر من جملة من المبادرات الفذة استتبعت عدداً كبيراً من الاقتداءات و بذلك تشكلت تيارات من الفعل الإنساني المتميز . (الصفحة 21).
2- شفافية : الذين يقرؤون التاريخ كثيرون و الذين يقرؤونه بطريقة جيدة أقل من القليل و أكثرهم سوءاً هم الذين يفهمون التاريخ عبر آلية تشبه المعادلات الرياضية في صلابتها و ما هكذا يُفهم الإنسان و لا هكذا يقرأ مسجل نشاطاته و إنما يفهم من خلال الشفافية و الخيال و قراءة ما بين السطور و و فق ما نعرفه من سنن الله تعالى في الأنفس و المجتمعات . ( الصفحة 29 ).
3- غلوّ : يملك التاريخ بوصفه سجلاً للكثير من الأنشطة المتقاطعة و المتباينة قابلية للتجزئة و التوظيف السيئ و المبالغ فيه و قد صار بعض الناس إلى أسوأ ما في تاريخنا من أحداث و وقائع ـ يدينها الإسلام نفسه ـ فأبرزوها على أنها من نتاج الإسلام و معطياته . و كان من جملة ردود الفعل على ذلك أن عمد بعض أهل الغيرة على هذا الدين إلى خير ما في تراثنا فأخرجوه للناس على أنه يمثل التراث كله و ما زال كثيرون ينتظرون القراءة الموضوعية و المتزنة و ربما سيطول انتظارهم . ( الصفحة 29 ـ 30 ).
4- استخراج صعب : لا تأتي قراءة التاريخ من أجل استخراج النواميس و السنن الكونية منه إلا بالظنون و ذلك لأن معرفتنا بالأسباب الحقيقية التي أدّت إلى ولادة الأحداث الكبرى تظل معرفة ناقصة و جزئية و حين نوفق إلى معرفة ذلك فإن المشكلة التي تواجهنا تكمن في تحديد وزن كل سبب و حجم تأثيره في وقوع تلك الحوادث . ( الصفحة 30 ).
5- في المنهج : من غير المنهجي أن نتعرف على عظمة أمة من خلال نتائج معركة أو من خلال وقف أوقفه بعض الناس أو من خلال جامعة أو مدرسة محترمة إن هذه الأمور و الأشياء و أشباهها ليست أكثر من مؤشرات محدودة و إن كثيراً من الذين يدرسون تاريخ الأمة على أنه كتل ممزقة يعمدون إلى توظيفه توظيفاً خاطئاً عن قصد و عن غير قصد و نحن نريد دائماً أن نصل إلى الحقيقة كما هي عليه و أن نوظفها التوظيف الذي ينسجم مع باقي الحقائق و المعطيات المتوفرة . ( الصفحة 31 ).
6- اكتشاف مزدوج : علينا أن نعترف أننا لم نكمل قراءة تاريخنا الإسلامي على النحو المنشود و قد يكون ذلك غير ممكن كما أن اكتشافنا للعوامل الفعالة في بناء حركته لم ينضج بعد . فإذا أضفنا على ذلك أن الوعي البشري لا يكتمل أبداً أدركنا طبيعة العلاقة بين معطيات التاريخ و بين ما يطرحه وعينا من مقولات و فرضيات مما يجعلنا نسعى دائماً إلى اكتشاف مزدوج للتاريخ و بغيتنا الفكرية في آن واحد . (الصفحة 31).
7- تحديات : كثيراً ما يقع الخلط و التحريف و الوهم و المبالغة في التفاصيل الدقيقة و في الجزئيات و الحيثيات التي يسوقها المؤرخ و ليس في الخطوط العريضة للوقائع و المشكل أن كثيراً من الوعاظ و التربويين و أولئك الذين يعتمدون أسلوب الحرفية في فهم التاريخ يهتمون اهتماماً مبالغاً فيه بتلك التفاصيل و الجزئيات مما يجعل الوهم و الإيهام من أوثق حلفائهم . (الصفحة 32 ).
8- أسير : كثير من الناس لا يملك بنية عقلية جيدة و من ثم فإنه يقع أسيرا للأخبار و الروايات التاريخية و يحاول فهمها على نحو حرفي و كأن الذي صاغها يملك فيها الكلمة النهائية كما يملك التعبير عنها على أعلى مستوى من الوضوح و القطعية مع أن القرآن الكريم يوجهنا إلى أن نجعل من المعطيات التاريخية أدوات نفتح بها حقولاً جديدة للفهم و بذلك نتجاوزها بدل أن نقع أسرى لها.(الصفحة32 ).
9- فراغ : قد لا يستطيع المؤرخ الحصول على كل المواد و المعلومات و المعطيات التي تمكنه من بناء صورة كاملة لواقعة من الوقائع فيجد نفسه مضطراً إلى تكميلها من خلال روايات لا يرضى عنها تمام الرضا أو من خلال معرفته بطبائع الأشياء و مجريات الأحداث . (الصفحة 33 ).
10- عمل الإنسان : الأخبار التاريخية تنقل صوراً مقتبسة لما حدث أو قد كتبتها يد إنسان و يدرسها أيضا إنسان له عواطفه و معاييره و مسلماته و مصالحه و هذا كله يجعل من غير الحكمة إسلاس القيادة للمؤرخ دون أي تحفظ أو نظر أو مراجعة . (الصفحة 33 ).
11- زيادة وعي : نحن بحاجة ماسّة إلى أن نزيد درجة وعينا بتاريخنا كما أننا في حاجة إلى أن نُدخل في ثقافتنا العامة بعض المستخلصات المركّزة عن المنعطفات الكبرى في ذلك التاريخ و ذلك لأننا إذا لم نستطع أن نقارب بين رؤانا للماضي لم نستطع أن نقارب في فهم الحاضر و إذا لم تتقارب رؤانا للحاضر لم نستطع التخطيط لشأننا العام في المستقبل . (الصفحة 33 ).
12- طرفان : أفرط قوم في تقدير التاريخ حتى صار عندهم علم العلوم و ليس أي علم آخر في نظرهم سوى ظاهرة تاريخية و قال قوم آخرون : إنه لا يصلح أن يكون علماً كما لا يصلح للعمل و التطبيق و لذا فإنه لا شيء. (الصفحة 34 ).
13- مجتهد : المؤرخ إذ يرسم صورة لحادثة تاريخية مجتهد يستخدم كل مركّبه العقلي العام و مزاجه و خياله و منهجيته و كل ما يريد من وسائط و أدوات معرفية ، و لهذا فإن عمله بالتالي يحتمل الصواب و الخطأ. ( الصفحة 34 ).
14- بناء انتقائي : من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي هو الانتقائية فالروايات المتعددة و المتضاربة أحياناً حول حادثة من الحوادث تملي على المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة و حين تتوفر معلومات كثيرة حول واقعة ما فإن المشكلة لا تزول و لكن تتبدى في ثوب آخر و سيظل على المؤرخ أن يقوم بالترجيح و إلا خنقه سيل الأخبار المجدبة التي لا يربط بينها أي رابط . (الصفحة 34 ).
15- تعليل و تعميم : من المعلوم جيداً أن اليونان اخترعوا ( التعاليل ) من أجل تلافي الثغرات التي يتركها الاستقراء الناقص و ما يستخدمه المؤرخ من تفسير و تعليل و تأويل في تشخيص الحدث التاريخي قد يعتمد على بعض الحقائق التاريخية لكن المؤرخ يحتاج إلى تعميم المفاهيم المتعلقة بطبيعة الناس و ميولهم و سلوكهم من أجل تمليك القارئ رؤية متماسكة و منطقية للحادثة التاريخية و هذا يجعل المؤرخ في دائرة المجازفة و سوء التقدير .
16- تساؤل : يحتاج فهم ما يكتبه المؤرخ أن نحاول قراءة ما بين السطور و طرح عدد من الأسئلة المتعلقة بعمله و سيكون في إمكاننا أن نتساءل عن مدى قدرة المؤرخ على ترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي و بين الأحداث التي يؤرخ لها أي محاولة تجنب الدمج بين رؤيته الشخصية للحدث و بين المعطيات و الحيثيات المكونة له . ( الصفحة 36 ).
17- التباس : مهما بذل المؤرخ من جهد من أجل تعريفنا بالماضي فإنه لن يستطيع إلا أن ينقل لنا صورة غامضة و ملتبسة و ذلك لأن الأحداث المحكية هي في الغالب على صلة بالإنسان و ما كان كذلك فإنه سيظل بينه و بين الوضوح مسافات طويلة و لا أذكر أنني في يوم من الأيام قرأت معناً تاريخياً يقدم إجابات شافية على كل التساؤلات التي تثور في ذهن القارئ و الحقيقة أن المؤرخ ليس مطالباً بذلك و لا يستطيع تقديمه . ( الصفحة 36 ).
18- صناعة دقيقة : صناعة التأريخ صناعة دقيقة للغاية والعمل فيها يتطلب شفافية عالية و خبرات متنوعة في عدد من العلوم الاجتماعية كالسياسة و الاجتماع و الاقتصاد و الحقيقة أن الماضي الذي نسرد أخباره و وقائعه يملك على نحو استثنائي أن يكون مصدراً لتجديد وعينا كما يمكن له أن يكون مصدراً لبلبلته و إرباكه . ( الصفحة 36 ).
19- صياغة جديدة : مهما أتقن المؤرخ عمله فسيظل يحتوي على بعض الثغرات و سيظل هناك ما يمكن استدراكه عليه أو مناقشته فيه و أتصور أنه لا بد للقارئ إذا ما أراد أن يتجاوز عقابيل عمل المؤرخ من أن يكون له دورٌ ما في إعادة صياغة الواقعة التاريخية . ( الصفحة 37 ).
20- من غير إطار : مهما حاول المؤرخ أن يشرح لنا ملابسات الوقائع و مناسباتها و أسبابها فإنه لن يستطيع توفية ذلك حقه لأسباب تتعلق بالصياغة الفنية و بطبيعة العمل التأريخي و لهذا فإننا سنظل نشعر بنوع من استغلاق الوقائع على أفهامنا كما يستغلق فهم رقم لا نعرف موقعه من المنظومة العددية. ( الصفحة 37 ).
21- منسيون : يعيش معظم الناس على هذه الأرض و يغادرونها دون أن يتركوا وراءهم أي شيء يثير اهتمام المؤرخ و ذلك لأن التاريخ يصنع من وراء التصدي للمهمات الجليلة و من وراء التغيرات الأساسية التي يدخلها المرء على حياته الشخصية و السواد الأعظم من الناس غير مستعدين لا لهذا و لا لذاك. ( الصفحة 38 ).
22- صنع التاريخ : لا يكتب التاريخ و لا تعمر الحياة بالخير و النبل و لا يعيش الناس أعزة كراماً من خلال المزيد من الأخذ و الاستحواذ و الكنز و إنما من خلال المزيد من البذل و العطاء و التضحية و إنكار الذات و من أولى من المؤمن الملتزم بهذه المعاني ؟ ( الصفحة 38 ).
23- بعيون الحاضر : رؤيتنا للماضي بعيون الحاضر تساعدنا على رؤية الأحداث التاريخية من أفق ما كان ينبغي أن تجري عليه و إذا فعلنا ذلك نكون قد طورنا الماضي و زودناه ثراء و جعلناه أكثر قابلية للشرح و الفهم . و لكن علينا أن نتذكر أن رؤية الماضي من أفق ثقافة الحاضر لا تكون منصفة و لا عميقة بالقدر الكافي نظراً لاختلاف المفاهيم و الظروف المنتجة لرؤيتنا الحاضرة عن المفاهيم و الظروف التي اكتنفت الأحداث الماضية . ( الصفحة 38 ).
24- نفور : إن الذين يتخذون من نظرية المؤامرة أداة في فهم التاريخ ينفرون من الرؤية الكلية و التقييم الجامع حيث يمكّنهم الانتقاء للحوادث و الوقائع من إبراز ما يريدون إبرازه و طمس ما يريدون طمسه. ( الصفحة 39 ).
25- منظار خاص : لعقيدة المؤرخ و تجاربه و انتماءاته و عواطفه و انطباعاته تأثير لا يستهان به في تكوين المنظار الذي يرى من خلاله الأحداث و لهذا فإن من غير الممكن أن ينظر المسلم إلى العصور الوسطى الأوروبية من عين المنظار الذي ينظر منه المؤرخ الأمريكي أو الأوروبي.( الصفحة 39 ).
26- برمجة : البيئات الجغرافية و الاجتماعية و الثقافية بكل ما تحمله من ثوابت و ملامح و معطيات و تقاليد و مفاهيم و أفكار ... تبرمج آلية التفكير و التحليل و التفسير لدى المؤرخ و هو لا يستطيع أن يتخلص من تلك البرمجة لأنها تشكل النافذة التي يعقل من خلالها الأشياء. ( الصفحة 39 ).
27- موضوعية خاصة : الذي ينتهي إليه من يمعن النظر في أعمال المؤرخين هو أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة و نحن بين خيارين مؤداهما واحد و هو : إما أن نعتقد أن للتاريخ موضوعيته الخاصة به و التي تختلف عن الموضوعية العلمية و إما أن نقول بموضوعية منقوصة .( الصفحة 40 ).
28- انقطاع : من المؤسف أن جهود ابن خلدون في نقد الأخبار التاريخية لم تتابع من قبل الذين جاؤوا بعده و لم يجر تطوير قيّم بها بل إن ابن خلدون نفسه لم يستفد كما كان مأمولاً ـ مما سطره في مقدمته ـ من أصول نقدية رائعة حين كتب تاريخه ! ( الصفحة 40 ).
29- مطواع : التاريخ بنية قابلة للاستخدام و التوظيف المتعدد فكما أنه صالح لأن يكون أداة تحفيز و توجيه نحو الخير و الصلاح و النجاح فإنه كذلك يصلح لأن يستخدم أداة إفساد و تخريب و من المؤسف القول إن معظم استخدامات الناس له استخدامات خاطئة و الذين يقعون في الخطأ يفعلون ذلك غالباً عن حسن نية أي أنهم غير قابلين للتصحيح لأنهم لا يشعرون أنهم يفعلون ما يستلزم التراجع ! (الصفحة 40 ).
2- شفافية : الذين يقرؤون التاريخ كثيرون و الذين يقرؤونه بطريقة جيدة أقل من القليل و أكثرهم سوءاً هم الذين يفهمون التاريخ عبر آلية تشبه المعادلات الرياضية في صلابتها و ما هكذا يُفهم الإنسان و لا هكذا يقرأ مسجل نشاطاته و إنما يفهم من خلال الشفافية و الخيال و قراءة ما بين السطور و و فق ما نعرفه من سنن الله تعالى في الأنفس و المجتمعات . ( الصفحة 29 ).
3- غلوّ : يملك التاريخ بوصفه سجلاً للكثير من الأنشطة المتقاطعة و المتباينة قابلية للتجزئة و التوظيف السيئ و المبالغ فيه و قد صار بعض الناس إلى أسوأ ما في تاريخنا من أحداث و وقائع ـ يدينها الإسلام نفسه ـ فأبرزوها على أنها من نتاج الإسلام و معطياته . و كان من جملة ردود الفعل على ذلك أن عمد بعض أهل الغيرة على هذا الدين إلى خير ما في تراثنا فأخرجوه للناس على أنه يمثل التراث كله و ما زال كثيرون ينتظرون القراءة الموضوعية و المتزنة و ربما سيطول انتظارهم . ( الصفحة 29 ـ 30 ).
4- استخراج صعب : لا تأتي قراءة التاريخ من أجل استخراج النواميس و السنن الكونية منه إلا بالظنون و ذلك لأن معرفتنا بالأسباب الحقيقية التي أدّت إلى ولادة الأحداث الكبرى تظل معرفة ناقصة و جزئية و حين نوفق إلى معرفة ذلك فإن المشكلة التي تواجهنا تكمن في تحديد وزن كل سبب و حجم تأثيره في وقوع تلك الحوادث . ( الصفحة 30 ).
5- في المنهج : من غير المنهجي أن نتعرف على عظمة أمة من خلال نتائج معركة أو من خلال وقف أوقفه بعض الناس أو من خلال جامعة أو مدرسة محترمة إن هذه الأمور و الأشياء و أشباهها ليست أكثر من مؤشرات محدودة و إن كثيراً من الذين يدرسون تاريخ الأمة على أنه كتل ممزقة يعمدون إلى توظيفه توظيفاً خاطئاً عن قصد و عن غير قصد و نحن نريد دائماً أن نصل إلى الحقيقة كما هي عليه و أن نوظفها التوظيف الذي ينسجم مع باقي الحقائق و المعطيات المتوفرة . ( الصفحة 31 ).
6- اكتشاف مزدوج : علينا أن نعترف أننا لم نكمل قراءة تاريخنا الإسلامي على النحو المنشود و قد يكون ذلك غير ممكن كما أن اكتشافنا للعوامل الفعالة في بناء حركته لم ينضج بعد . فإذا أضفنا على ذلك أن الوعي البشري لا يكتمل أبداً أدركنا طبيعة العلاقة بين معطيات التاريخ و بين ما يطرحه وعينا من مقولات و فرضيات مما يجعلنا نسعى دائماً إلى اكتشاف مزدوج للتاريخ و بغيتنا الفكرية في آن واحد . (الصفحة 31).
7- تحديات : كثيراً ما يقع الخلط و التحريف و الوهم و المبالغة في التفاصيل الدقيقة و في الجزئيات و الحيثيات التي يسوقها المؤرخ و ليس في الخطوط العريضة للوقائع و المشكل أن كثيراً من الوعاظ و التربويين و أولئك الذين يعتمدون أسلوب الحرفية في فهم التاريخ يهتمون اهتماماً مبالغاً فيه بتلك التفاصيل و الجزئيات مما يجعل الوهم و الإيهام من أوثق حلفائهم . (الصفحة 32 ).
8- أسير : كثير من الناس لا يملك بنية عقلية جيدة و من ثم فإنه يقع أسيرا للأخبار و الروايات التاريخية و يحاول فهمها على نحو حرفي و كأن الذي صاغها يملك فيها الكلمة النهائية كما يملك التعبير عنها على أعلى مستوى من الوضوح و القطعية مع أن القرآن الكريم يوجهنا إلى أن نجعل من المعطيات التاريخية أدوات نفتح بها حقولاً جديدة للفهم و بذلك نتجاوزها بدل أن نقع أسرى لها.(الصفحة32 ).
9- فراغ : قد لا يستطيع المؤرخ الحصول على كل المواد و المعلومات و المعطيات التي تمكنه من بناء صورة كاملة لواقعة من الوقائع فيجد نفسه مضطراً إلى تكميلها من خلال روايات لا يرضى عنها تمام الرضا أو من خلال معرفته بطبائع الأشياء و مجريات الأحداث . (الصفحة 33 ).
10- عمل الإنسان : الأخبار التاريخية تنقل صوراً مقتبسة لما حدث أو قد كتبتها يد إنسان و يدرسها أيضا إنسان له عواطفه و معاييره و مسلماته و مصالحه و هذا كله يجعل من غير الحكمة إسلاس القيادة للمؤرخ دون أي تحفظ أو نظر أو مراجعة . (الصفحة 33 ).
11- زيادة وعي : نحن بحاجة ماسّة إلى أن نزيد درجة وعينا بتاريخنا كما أننا في حاجة إلى أن نُدخل في ثقافتنا العامة بعض المستخلصات المركّزة عن المنعطفات الكبرى في ذلك التاريخ و ذلك لأننا إذا لم نستطع أن نقارب بين رؤانا للماضي لم نستطع أن نقارب في فهم الحاضر و إذا لم تتقارب رؤانا للحاضر لم نستطع التخطيط لشأننا العام في المستقبل . (الصفحة 33 ).
12- طرفان : أفرط قوم في تقدير التاريخ حتى صار عندهم علم العلوم و ليس أي علم آخر في نظرهم سوى ظاهرة تاريخية و قال قوم آخرون : إنه لا يصلح أن يكون علماً كما لا يصلح للعمل و التطبيق و لذا فإنه لا شيء. (الصفحة 34 ).
13- مجتهد : المؤرخ إذ يرسم صورة لحادثة تاريخية مجتهد يستخدم كل مركّبه العقلي العام و مزاجه و خياله و منهجيته و كل ما يريد من وسائط و أدوات معرفية ، و لهذا فإن عمله بالتالي يحتمل الصواب و الخطأ. ( الصفحة 34 ).
14- بناء انتقائي : من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي هو الانتقائية فالروايات المتعددة و المتضاربة أحياناً حول حادثة من الحوادث تملي على المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة و حين تتوفر معلومات كثيرة حول واقعة ما فإن المشكلة لا تزول و لكن تتبدى في ثوب آخر و سيظل على المؤرخ أن يقوم بالترجيح و إلا خنقه سيل الأخبار المجدبة التي لا يربط بينها أي رابط . (الصفحة 34 ).
15- تعليل و تعميم : من المعلوم جيداً أن اليونان اخترعوا ( التعاليل ) من أجل تلافي الثغرات التي يتركها الاستقراء الناقص و ما يستخدمه المؤرخ من تفسير و تعليل و تأويل في تشخيص الحدث التاريخي قد يعتمد على بعض الحقائق التاريخية لكن المؤرخ يحتاج إلى تعميم المفاهيم المتعلقة بطبيعة الناس و ميولهم و سلوكهم من أجل تمليك القارئ رؤية متماسكة و منطقية للحادثة التاريخية و هذا يجعل المؤرخ في دائرة المجازفة و سوء التقدير .
16- تساؤل : يحتاج فهم ما يكتبه المؤرخ أن نحاول قراءة ما بين السطور و طرح عدد من الأسئلة المتعلقة بعمله و سيكون في إمكاننا أن نتساءل عن مدى قدرة المؤرخ على ترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي و بين الأحداث التي يؤرخ لها أي محاولة تجنب الدمج بين رؤيته الشخصية للحدث و بين المعطيات و الحيثيات المكونة له . ( الصفحة 36 ).
17- التباس : مهما بذل المؤرخ من جهد من أجل تعريفنا بالماضي فإنه لن يستطيع إلا أن ينقل لنا صورة غامضة و ملتبسة و ذلك لأن الأحداث المحكية هي في الغالب على صلة بالإنسان و ما كان كذلك فإنه سيظل بينه و بين الوضوح مسافات طويلة و لا أذكر أنني في يوم من الأيام قرأت معناً تاريخياً يقدم إجابات شافية على كل التساؤلات التي تثور في ذهن القارئ و الحقيقة أن المؤرخ ليس مطالباً بذلك و لا يستطيع تقديمه . ( الصفحة 36 ).
18- صناعة دقيقة : صناعة التأريخ صناعة دقيقة للغاية والعمل فيها يتطلب شفافية عالية و خبرات متنوعة في عدد من العلوم الاجتماعية كالسياسة و الاجتماع و الاقتصاد و الحقيقة أن الماضي الذي نسرد أخباره و وقائعه يملك على نحو استثنائي أن يكون مصدراً لتجديد وعينا كما يمكن له أن يكون مصدراً لبلبلته و إرباكه . ( الصفحة 36 ).
19- صياغة جديدة : مهما أتقن المؤرخ عمله فسيظل يحتوي على بعض الثغرات و سيظل هناك ما يمكن استدراكه عليه أو مناقشته فيه و أتصور أنه لا بد للقارئ إذا ما أراد أن يتجاوز عقابيل عمل المؤرخ من أن يكون له دورٌ ما في إعادة صياغة الواقعة التاريخية . ( الصفحة 37 ).
20- من غير إطار : مهما حاول المؤرخ أن يشرح لنا ملابسات الوقائع و مناسباتها و أسبابها فإنه لن يستطيع توفية ذلك حقه لأسباب تتعلق بالصياغة الفنية و بطبيعة العمل التأريخي و لهذا فإننا سنظل نشعر بنوع من استغلاق الوقائع على أفهامنا كما يستغلق فهم رقم لا نعرف موقعه من المنظومة العددية. ( الصفحة 37 ).
21- منسيون : يعيش معظم الناس على هذه الأرض و يغادرونها دون أن يتركوا وراءهم أي شيء يثير اهتمام المؤرخ و ذلك لأن التاريخ يصنع من وراء التصدي للمهمات الجليلة و من وراء التغيرات الأساسية التي يدخلها المرء على حياته الشخصية و السواد الأعظم من الناس غير مستعدين لا لهذا و لا لذاك. ( الصفحة 38 ).
22- صنع التاريخ : لا يكتب التاريخ و لا تعمر الحياة بالخير و النبل و لا يعيش الناس أعزة كراماً من خلال المزيد من الأخذ و الاستحواذ و الكنز و إنما من خلال المزيد من البذل و العطاء و التضحية و إنكار الذات و من أولى من المؤمن الملتزم بهذه المعاني ؟ ( الصفحة 38 ).
23- بعيون الحاضر : رؤيتنا للماضي بعيون الحاضر تساعدنا على رؤية الأحداث التاريخية من أفق ما كان ينبغي أن تجري عليه و إذا فعلنا ذلك نكون قد طورنا الماضي و زودناه ثراء و جعلناه أكثر قابلية للشرح و الفهم . و لكن علينا أن نتذكر أن رؤية الماضي من أفق ثقافة الحاضر لا تكون منصفة و لا عميقة بالقدر الكافي نظراً لاختلاف المفاهيم و الظروف المنتجة لرؤيتنا الحاضرة عن المفاهيم و الظروف التي اكتنفت الأحداث الماضية . ( الصفحة 38 ).
24- نفور : إن الذين يتخذون من نظرية المؤامرة أداة في فهم التاريخ ينفرون من الرؤية الكلية و التقييم الجامع حيث يمكّنهم الانتقاء للحوادث و الوقائع من إبراز ما يريدون إبرازه و طمس ما يريدون طمسه. ( الصفحة 39 ).
25- منظار خاص : لعقيدة المؤرخ و تجاربه و انتماءاته و عواطفه و انطباعاته تأثير لا يستهان به في تكوين المنظار الذي يرى من خلاله الأحداث و لهذا فإن من غير الممكن أن ينظر المسلم إلى العصور الوسطى الأوروبية من عين المنظار الذي ينظر منه المؤرخ الأمريكي أو الأوروبي.( الصفحة 39 ).
26- برمجة : البيئات الجغرافية و الاجتماعية و الثقافية بكل ما تحمله من ثوابت و ملامح و معطيات و تقاليد و مفاهيم و أفكار ... تبرمج آلية التفكير و التحليل و التفسير لدى المؤرخ و هو لا يستطيع أن يتخلص من تلك البرمجة لأنها تشكل النافذة التي يعقل من خلالها الأشياء. ( الصفحة 39 ).
27- موضوعية خاصة : الذي ينتهي إليه من يمعن النظر في أعمال المؤرخين هو أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة و نحن بين خيارين مؤداهما واحد و هو : إما أن نعتقد أن للتاريخ موضوعيته الخاصة به و التي تختلف عن الموضوعية العلمية و إما أن نقول بموضوعية منقوصة .( الصفحة 40 ).
28- انقطاع : من المؤسف أن جهود ابن خلدون في نقد الأخبار التاريخية لم تتابع من قبل الذين جاؤوا بعده و لم يجر تطوير قيّم بها بل إن ابن خلدون نفسه لم يستفد كما كان مأمولاً ـ مما سطره في مقدمته ـ من أصول نقدية رائعة حين كتب تاريخه ! ( الصفحة 40 ).
29- مطواع : التاريخ بنية قابلة للاستخدام و التوظيف المتعدد فكما أنه صالح لأن يكون أداة تحفيز و توجيه نحو الخير و الصلاح و النجاح فإنه كذلك يصلح لأن يستخدم أداة إفساد و تخريب و من المؤسف القول إن معظم استخدامات الناس له استخدامات خاطئة و الذين يقعون في الخطأ يفعلون ذلك غالباً عن حسن نية أي أنهم غير قابلين للتصحيح لأنهم لا يشعرون أنهم يفعلون ما يستلزم التراجع ! (الصفحة 40 ).
من مواضيعي
0 هل تعلم....???
0 صدمة الحقيقة اخف من استمرار جهلنا بها
0 الصمت هل هو ابلغ لغات الكلام
0 هل تعرف كيف ابتكر شعار الالعاب الاولمبية في بكين...تفضل
0 اختيرت احسن صورة لسنة2008
0 رجل ينام معلقا على الشجرة كالخفاش
0 صدمة الحقيقة اخف من استمرار جهلنا بها
0 الصمت هل هو ابلغ لغات الكلام
0 هل تعرف كيف ابتكر شعار الالعاب الاولمبية في بكين...تفضل
0 اختيرت احسن صورة لسنة2008
0 رجل ينام معلقا على الشجرة كالخفاش
التعديل الأخير تم بواسطة محمد التوتي ; 22-07-2008 الساعة 10:01 PM