من هو إيرنست زندل؟
12-04-2009, 08:23 AM
ايرنست زندل مفكر ألماني من مواليد عام ،1939 لم يكن قد أكمل السادسة من العمر عندما دخل الحلفاء برلين وقضوا على النازية ورموزها، وفي التاسعة عشرة من عمره هاجر إلى كندا لتفادي تأدية الخدمة العسكرية في بلده، وعاش في كندا حتى عام ،2001 وخلال تلك الفترة كان عضواً في الجمعية التاريخية اليهودية الألمانية، وجمعية الآباء من أصل ألماني الذين يشعرون بالقلق، وخلال عمله في هاتين الجمعيتين، اطلع على الكثير من أسرار الحرب العالمية الثانية، فكتب كتاباً عن الهولوكوست. ولم يشكك الرجل في كتابه بأن اليهود تعرضوا للكثير من الاضطهاد في العهد النازي، ولم ينف الهولوكوست، وإنما قال إن ضحايا الحرب العالمية الثانية بالملايين من كل الجنسيات والأصول، والاتحاد السوفييتي وحده خسر 25 مليوناً، وألمانيا 15 مليوناً، وضحايا عمليات الهولوكوست النازية كانوا خليطاً من كل الجنسيات، ولذلك فإننا لا نستطيع القول إنها مذبحة موجهة ضد فئة معينة.

وبعد نشر كتابه تحرك اللوبي الصهيوني في العالم بأسره ضده، ومثل أمام المحاكم الكندية وحكم عليه بالسجن عدة مرات، وفي عام 2001 هرب من الاضطهاد في كندا إلى الولايات المتحدة، وعاش في ولاية تنيسي لغاية عام ،2003 ليفاجأ بعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية يداهمون منزله، ويسوقونه إلى الاعتقال، ويخضعونه لتحقيق دقيق حول آرائه السياسية، ثم يأمرون بترحيله من أمريكا واعادته إلى كندا.

وفي كندا عاد الرجل إلى السجن من جديد، لأن “آراءه تشكل خطراً على الأمن والسلام الدوليين”. وقبل مدة اكتشفت السلطات الكندية انه لم يحصل على جنسيتها بعد، فوافقت على طلب ألماني بتسليمه للسلطات في برلين، وفي أوائل مارس/آذار الجاري جرى نقله إلى ألمانيا، حيث أودع السجن تمهيداً لتقديمه إلى المحاكمة من جديد، وقد أضيف إلى التهم السابقة التي كانت تقوده إلى السجن تهمة جديدة هي: إنه ينشر آراءه على الانترنت، وأن هذه الآراء تصل إلى المواطنين الألمان.

ومنذ فترة تزيد على العقد والرجل ينتقل من زنزانة إلى زنزانة، في ثلاث دول تقول انها ديمقراطية، وتريد من العالم بأسره ان يستنسخ نموذجها الديمقراطي، وجريمته انه مارس حريته في قول ما يعتقده صواباً، ولا يهمنا إذا كانت آراء زندل صحيحة أو غير صحيحة، المهم ان حقه في التعبير عن رأيه مكفول، كأي شخص آخر يعيش في مجتمع ديمقراطي، فالحجر على حرية الرأي انتهى مع انتهاء القرون الوسطى، عندما جرى تقديم جاليليو إلى المحاكمة بتهمة التجديف والهرطقة، لأنه قال إن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس العكس.

وفي الوقت الحاضر، يندر ان تجد مفكرين يتفقان على حقيقة واحدة، ومثال على ذلك، فإن البعض يقول ان احتياطي النفط في العالم أوشك على النضوب، وهناك من يرى العكس، وجماعة بوابة السماء انتحروا بشكل جماعي لأنهم يعتقدون ان سفينة فضائية ستأتي من كوكب آخر وتنقلهم إلى كوكب سحري يعم السلام فيه حياة الجميع، وأنا شخصياً اعتقد ان ذلك هرطقة، فهل تقدمني هذه الجماعة للمحاكمة لأنني أرفض معتقداتها؟! بل إن هنالك من يقول إن الكائنات الفضائية وصلت الأرض وهي تعيش حالياً بيننا، وأغلبية الناس ترفض هذا الكلام وتعتبره هلوسة، وكلاماً فارغاً، فهل نقدم المشككين إلى المحاكمة؟!

والغريب أن ألمانيا التي خسرت خيرة أبنائها من أجل التخلص من الديكتاتورية النازية، تفعل في قضية زندل ما كان النازيون يفعلونه عندما كانوا يقدمون مواطنيهم الألمان إلى المحاكمة لمجرد أنهم يخالفونهم في الرأي.
صحيفة الخليج الاماراتية