الجمعة الحادية والعشرون… معا لتحقيق التغيير
12-07-2019, 04:06 AM






أجمع الكثير من المراقبين والمتتبعين على دور الحراك الشعبي في ضخ دماء جديدة في الوسط السياسي الجزائري، وتجلى ذلك يوم الأربعاء، حين تم انتخاب سليمان شنين رئيسا جديدا للبرلمان، رغم أنه ليس من أحزاب الأغلبية، وهو الأمر الذي يؤكد في نظر البعض أن الحراك الشعبي قلب الموازين وفرض نفسه بعيدا عن منطق الموالاة الذي كثيرا ما يتسم بالتبعية والقرارات الفوقية.
صنع سليمان شنين، المنتمي إلى تحالف النهضة والعدالة والبناء، الحدث، وهذا بعد انتخابه رئيسا جديدا للمجلس الشعبي الوطني، خلفا لمعاذ بوشارب الذي تمت تنحيته وفق منطق “الكادنة”، وهو الذي سبق له أن أزاح بوحجة بذات النهج الذي صنع الكثير من الجدل وردود الأفعال، ومن الجوانب التي جعلت انتخاب شنين رئيسا للبرلمان يعد حدثا في حد ذاته، هو انتماؤه إلى أحزاب الأقلية، في الوقت الذي رضخت أحزاب الأغلبية أو الموالاة للأمر الواقع، وهذا على الرغم من المساعي الخفية والمكشوفة التي تمت أياما قليلة قبل موعد الانتخاب، من خلال اقتراح عدة أسماء محسوبة على أحزاب السلطة، على غرار الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني محمد جميعي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس عبد المجيد سي عفيف، وكذا مصطفى بوعلاق، إضافة إلى لخضر سيدي عثمان عن حزب الأرندي، إلا أن المعطيات تغيرت أثناء عملية الانتخاب، خاصة أن الكثير من المعطيات لم تكن في مصلحة أحزاب السلطة التي تجر أذيال الخيبة، بدليل المتاعب التي تلاحقها بتهم الفساد، بدليل أن رئيس حركة أمل الجزائر (تاج) عمار غول مطلوب للعدالة، فيما عمارة بن يونس، رئيس الحركة الشعبية في السجن، ما يجعل اختيار سليمان شنين من خارج قطب الأغلبية أمرا حتميا فرضته إفرازات الحراك الشعبي على الخصوص.
وإذا كانت بعض الأطراف لم تشجع مثل هذه الخطوات، على غرار حركة مجتمع السلم التي قاطعت لجنة التصويت، انطلاقا من خلفيات سياسية سابقة، بحكم أن شنين انشق عنها وقرر تأسيس حزب حركة التغيير ثم تحوله إلى حركة البناء الوطني التي يترأسها حاليا عبد القادر قرينة، فإن الكثير، لم يتوان في الإشادة بهذه الخطوة التي وصفها الكثير بالإيجابية، خصوصا أنها جاءت حسب قولهم من رحم الحراك الشعبي الذي قصف أحزاب الموالاة في أكثر من مناسبة، داعيا إلى تغيير جذري لواجهة البرلمان، وهي خطوة تعد الأولى من نوعها منذ حراك 22 فبراير، وهذا انطلاقا من تولي شخصية سياسية هذا المنصب، وهي التي لا تنتمي إلى أحزاب السلطة أو ما يصطلح عليه بمجموعة الأغلبية.
وبصرف النظر عن وجهات النظر المختلفة تجاه الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، وبعيدا عن الرؤية الإيديولوجية التي يبني البعض عليها تحاليلهم وأحكامهم، فإن اختيار سليمان شنين رجلا ثالثا في الدولة يعد إنجازا في حد ذاته، وهذا انطلاقا من الحركية التي أضفاها الحراك الشعبي خلال الأسابيع الأخيرة، ما جعل أحزاب السلطة هي الأخرى غير قادرة على فرض مرشح باسمها، وهذا بصرف النظر عن المقترحات المقدمة في الكواليس، وهذا انطلاقا من سمعتها التي ضربت في الصميم منذ 22 فيفري المنصرم، وهي التي كثيرا ما كانت لصيقة بصفة “الكاشير” و”الكادر”، ما جعل اختيار سليمان شنين أمرا حتميا، وهذا بعيدا عن كل ردود الأفعال التي أشارت إلى إمكانية حدوث أمور في الكواليس من تنازلات أو شيء من هذا القبيل، إلا أن سليمان شنين عرف حسب المتتبعين بتصريحاته الإعلامية المعارضة لنظام بوتفليقة، وكذا تثمينه لمطالب الحراك الشعبي منذ بدايته، فضلا عن عزمه على مواصلة دعم الحراك والاعتزاز بموقف الجيش الوطني الشعبي وقيادته الرامية إلى مكافحة الفساد وبناء دولة ديمقراطية، إضافة إلى حرص سليمان شنين حسب تصريحاته على إعطاء الشعب الثقة الكاملة في مؤسسات الدولة.