زيد يا بوزيد!
04-12-2017, 05:23 AM





جمال لعلامي

حكاية الخبازين، الذين رفعوا سعر "الخبزة"، وفق قرار انفرادي وبطريقة غير قانونية، على حدّ تعبير وزير التجارة، هي حكاية مؤلمة، تعبّر عن الواقع المعيش، الذي أصبح يطبع يوميات الجزائريين.. فهذا الخباز لا يختلف عن الجزار ولا التاجر ولا الموّال ولا الإداري ولا المير ولا المسؤول ولا الوالي، ولا غيرهم، ممّن يتخذون قرارات استعراضية وارتجالية وانفرادية!
غياب آليات الرقابة، وتلاشي قواعد العقاب والجزاء، وانتحار مبدإ المكافأة، هي الوقائع التي فتحت الأبواب والنوافذ للخبازين وغيرهم من أجل إقرار زيادات خارج القانون والأخلاق، في نظر المستهلكين والغاضبين ومصالح الرقابة وقمع الغشّ والتدليس، لكن لو استمعت إلى هؤلاء "المتهمين" لربّما ساندتهم في زياداتهم وتضامنت معهم في مهنتهم ومحنتهم ظالمين أو مظلومين!
مصيبة المصائب، أن الجميع يشتكي، والكلّ يُريد أن يرفع الأسعار، وليس هذا غريبا في ظل ظروف فرضتها الأزمة المالية، ولعل "شكوى" الحكومة، هي التي فتحت المجال لشكاوى التجار والعمال والفلاحين والمستهلكين والمستثمرين والمستوردين والموظفين، وغيرهم، وكلّ من هؤلاء يقول: "خاطيني"!
عندما يشعر الجميع بـ "الحقرة" أو يزعمها ويربطها لنفسه، انطلاقا من تشخيص واقعي أو خرافي، فهنا مكمن الخطر والإثارة، وهذا هو مربط الفرس في لجوء كلّ جهة إلى اتخاذ القرار بشكل انفرادي وتعسّفي يستهدف المواطن وقدرته الشرائية وتوازنه المالي بشكل مباشر وسريع!
الزيادة التي لجأ إليها بعض الخبازين في العديد من الولايات، هي في الحقيقة ليست سابقة ولا سبقا، فقد أقرّ تجار زيادات في أسعار العدس واللوبيا والحمص والخضر والفواكه ومختلف الخدمات، مثلما أقرّ مستوردون وصناعيون و"ماصّوات" وأطباء ومهندسون ومحامون، وغيرهم، زيادات في تسعيرة الخدمات، دون أن يُوقفهم أحد قبل أن تتحوّل هذه الزيادات "غير القانونية" إلى أمر واقع مفروض فرضا بقوّة الممارسة، التي لا تسقط بالتقادم!
أزمة البترول "الله يلعنها" أو "الله يهدينا" لنعثر على بديلها، هي التي فرضت اقتصادا متوحّشا على الجميع، انطلاقا من الحكومة التي "رخات الحبل" وتساهلت مع "أصحاب الشكارة" فأصبحوا يتحكّمون في قانون العرض والطلب، ويسيّرون الأسعار، حسب "مخروجهم" وأهوائهم، حتى شاع المرض واستشرى وانتقلت العدوى إلى صغار التجار والخبازين والناقلين، ممّن أصبحوا يعتمدون في نشاطهم على منطق السلسلة لمراجعة التعريفة!
نعم، من البديهي أن يرفع الناقل السعر، إذا تضاعف سعر الوقود. ومن البديهي أن يرفع الخباز السعر، إذا قلّ هامش الربح. ومن البديهي أن يرفع الفلاح سعر البطاطا، إذا شحّت السماء، ومن البديهي أن يرفع الحلاق سعر "التحفيفة"، إذا علا سعر "الموس".. لكن، أوليس من البديهي مراجعة أجرة الموظف والعامل، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين؟