تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم
06-09-2018, 05:05 PM
الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم
رحيل بهيج



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:



الإنسان إذا اتّصل بالله - عزَّ وجلّ - حقَّق ذاته، وحقَّق فطرته، أمَّا إذا انقطع عنه، فإنه يُصاب بما يسميه علماء النفس بالاضطرابات النفسية، سنُفرد في هذه الحلقة الحديث عن اليأس والإحباط:

1- اليأس:
هو:
انقطاعالأمل في الخير، ونقيضللرجاء، واليأسخطيئة أخلاقية؛ لأنه اعتداء على النفس، والقانط إنسان مسلوب الإرادة، ضعيف النشاط والحيوية، دائم الخوف، تكتنفه الهواجس، ويسحقه القلق، ويعتريه شعور بالحقد على الآخرين، واليأس ينشأ من أحد أمرين:


الأول:زوال النعمة أو الرحمة عنه:﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور ﴾ [هود: 9].


الثاني: إصابته بالشر: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ﴾ [الإسراء: 83].


ولو سألنا علماء النفس عن أفضل
علاج لهذه المشكلة، نجدهم يُجمعون على شيء واحد، وهو:" الأمل".

إنَّ ما يتحدث عنه العلماء اليوم من ضرورة التمسك بالأمل وعدم اليأس، هو: ما حدثنا القرآن عنه، لا بل وأمرنا به، والعجيب: أن القرآن جعل من اليأس: كفرًا، وذلك ليبعدنا عن أي يأس أو فِقدانللأمل؛ ولذلك يقول الله تعالى:﴿ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

كيف عالج القرآناليأس؟:
ماذا يمكن لإنسان
فقَدَالأمل من كل شيء أن يفعل؟.

كيف يمكن له أن ينجح في الدنيا والآخرة؟.

ينادي الله تعالى اليائسين الذين أسرفوا على أنفسهم، وارتكبوا المعاصي، يناديهم نداءًمفعمًا بالرحمة؛ يقول تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53، 54].
في هذا النداء يأمر اللهاليائسين بألاّ يفقدوا الأمل من رحمته تعالى، ويخبرهم بأنّ الذنوب والمعاصي وكل أنواع الإسراف التي ارتكبوها، يَمحوها الله بلمح البصر، بشرط أن يرجع الإنسان ويُنيب إلى الله تعالى بقلبٍ سليم.
ثم تأتي الآيات التالية، وتأمرنا بتغيير الأعمال السلبية فورًا؛ يقول تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُون ﴾ [الزمر: 55].
ثم تأتي مرحلة التصور لنتائج الفعل السلبي من خلال آيات مرعبة، تُصوِّر لنا احتمالات متعدِّدة لنتائج سلبية مؤكدة الحدوث فيما لو لم نستجب للتغييرالإيجابي الذي يأمرنا الله به؛ يقول تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56، 58].
ولكن ماذا يحدث لو استجبنا للبرمجة القرآنية، وطبَّقنا ما أمرنا الله تعالى به؟.
انظُر إلى الآية التالية التي تُصوِّر لنا النتائج الإيجابية العظيمة في ذلك اليوم: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]، وتتضمَّن هذه الآية ثلاثة نجاحات متتالية:
أ- النجاة من عذابالله يوم القيامة: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ [الزمر: 61].
ب- النجاة من التعرُّض للسوء مستَقبَلاً: ﴿ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ ﴾ [الزمر: 61].
ج- عدم الحزن على ما مضى: ﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].



2- الإحباط:
ما أكثر الأحداث والمشاكل التي تعصف بإنسان اليوم، فتجد أنواعًا من
الإحباط تتسرَّب إليه نتيجة عدم تحقُّق ما يطمح إليه، فالإحباط هو حالة يمر فيها الإنسان عندما يفشل في تحقيق عمل ما، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65].

إن فقدان الإنسان للأشياء التي تعلَّق قلبه بها تعلُّقًامَرَضيًّا، أو شعوره بصعوبة المحافظة عليها مما يعرِّضه لخسارتها في أيَّة لحظة - هما من أهمِّ مُسبباتالإحباطالنفسي، وفي طليعة الأشياء التي يتعلَّق بها الإنسان:( الحياة والولد، والجنس والمال، وبقية زينة الحياة الزائلة).

علاجالإحباط:
يؤكِّد علماء النفس: أن معظم
الأمراض النفسية - وخصوصًا الإحباط - إنما تعود أسبابها لشيء واحد، وهو:" عدم الرضا عن الواقع والظروف المحيطة، وعدم الرضا عن النفس"، والعلاج سهل يا أحبَّتي، فقد علَّمنا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - دعاءً عظيمًا، ألا وهو:

" رضيت بالله تعالى ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا"؛ رواه أحمد.

وفي حال زاد
الإحباط عن حدود معينة، فإنه ينقلب إلى مرض صعب العلاج، ولو بحثنا بين أساليب العلاج الحديثة، نجد علاجًا يقترحه الباحث الدكتور: "أنتوني روبينز"؛ الذي يؤكّد أنّ الحالة النفسية تؤثّر على وضعيّة الجسم وحركاته ومظهره؛ ولذلك فإنّ الإنسان المُصاب بدرجة ما من الإحباط، تجد الحزن يظهر عليه، وتجده يتنفَّس بصعوبة، ويتحدَّث ببطء، ويظهر عليه أيضًا الهمُّ والضيق.

ولذلك يقترح روبينز: أن تتظاهر بالفرح والسرور، وستجد الفرح يغمرك شيئًا فشيئًا، بل إن أفضل حالة هي تلك التي تُسلم نفسك لقدرها، وتنسى همومك، وتعيش في حالة من التأمل والروحانية، وهذا ما أمرنا القرآن به بقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22].

يتبع إن شاء الله.



  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الاضطرابات النفسية وعلاجها في القرآن الكريم
10-09-2018, 04:01 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:



نواصل مشوارنا مع الحديث عن انفعال الغضب الذي يشكّل العارض المشترك في العديد من الاضطرابات النفسية.
فما هوالغضب؟، وكيف يمكننا التحكّم به؟، وكيف تمّت معالجته فيالقرآنالكريم؟.

عرّف ابن مسكويه الغضب، فقال:" الغضب هو: حركة النفس، يُحدث لها غليانُ دم القلب شهوةَ الانتقام"، وعندما تشتدّ نار الغضب، فإنّها تصمّ صاحبها عن كلّ موعظة ونصيحة.
والغضب من الصفات التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلنا يعرف قصة ذلك الأعرابي الذي جاء ليأخذ النصيحة من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأمره ألاّ يغضب، فقال: زدني، قال: "لا تغضب". فقال: زدني. قال: "لا تغضب".

تؤكّد الأبحاث أنّ الغضب هو: السّبب الرئيس في الكثير من أمراض القلب وضغط الدم والتوتر النفسي والوزن الزائد وضعف المناعة، ولكن كيف يعالج العلماء هذه المشكلة التي يعاني منها كل إنسان تقريباً؟.
إنّهم يؤكّدون على أهميّة التأمل والاسترخاء، وعلى أهمية الابتعاد عن مصدر الغضب والانفعالات، وبعض الباحثين يرى أنّ علاج الغضب يكون بالتدرّب على: عدم الغضب!.
ولكنّني وجدتُ كتابَ الله تعالى قد سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن علاج هذه المشكلة، فكلّ إنسان يغضب تتسارع دقّاتُ قلبه ويزداد ضغطُ الدم لديه، ولذلك يؤكّد القرآن على أهمية أن تجعل قلبك مرتاحاً ومطمئناً، ولذلك يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

الغضبالإيجابي!:
تقول "دونا دوسون" المتخصصة في علم النفس:" إن الغضبَ شيءٌ معقدٌ جداً، وسببه في أكثر الأحيان هو: الخوف من الخسارة، أو الخوف من الإصابة، أو حتى الخوف من خيبة الأمل، إنّهم يعلّموننا أنّ الغضبَ عاطفةٌ سلبيةٌ، بينما هو في الواقع عاطفةٌ إيجابيةٌ ومفيدةٌ، ولكنّ الأمرَ يعتمد على الطريقة التي نعبّر بها عنه، فمن الأفضل أن نعبّرَ عن العواطف وألاّ نكبتها في أجسامنا وعقولنا".

كيف عالج النّبي - صلى الله عليه وسلم - غضب الأعرابي؟:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب إلاّ حين تُنتَهك حرمةٌ من حرمات الله، وهذا يضمن سلامةَ المجتمع وأمنه، ونذكر قصة ذلك الأعرابي الذي جاء غاضباً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: يا محمّد أعطني ممّا أعطاك الله، فغضب أصحاب النبي غضباً شديداً وهمّوا بقتله، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "خلّوا بيني وبينه"، ثم أمر ذلك الأعرابي أن يأخذ ما يشاء من بيت المال، وعندها أدرك الأعرابي كرم محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وأنه ليس رجلاً عادياً، بل هو نبيّ مُرسَل، فاعتذر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه.
وهنا: تأمّلوا معي كيف استغلّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الموقف ليُعلّم أصحابه، انظروا إلى البرمجة الإيجابية في أسلوب خير البشر -صلى الله عليه وسلم-، يقول لهم: "لو تركتكم تقتلوه: لمات كافراً"، وما لبث هذا الأعرابي أن ذهب فجاء بقبيلته كلّها، فأعلنت إسلامها.

الغضب والمغفرة:
يقول تعالى:﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37]، فالمغفرة هي: أفضل علاج للغضب، وأقول - عزيزي القارئ:
هل فكَّرت يوماً أن تعالج انفعالاتك السلبية بأن تغفر لمن أساء إليك، وتعتبر أنّ الله سيرضى عنك، ويعوّضك خيراً من الانتقام بالجنّة؟، وانظروا معي إلى هذا العلاج الرائع: ﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ[الرعد: 22] [القصص: 54]: أليس ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً هو: ما ينادي به علماء النفس اليوم، وذلك عندما يقولون: إنّ أفضل طريقة لعلاج الانفعالات والغضب: أن تُفكّر بالجانب الإيجابي وتتسامح؟.
آياتٌ كثيرةٌ تؤكّد هذه القاعدة، يقول تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].
انظروا كيف يريد الله منّا: أن نحوّل المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابيّة، وكيف تتحوّل العداوة إلى صداقة!، هذه هي قواعد علم النفس الحديث، ولكنّهم يُسَمّونها بأسماء حديثة مثل:( كيف تكسب الأصدقاء، أو كيف تكسب ثقة الآخرين، أو كيف تتحكّم بالذات... وغير ذلك)، وجميع ذلك جاء في كتاب الله تعالى.

العلاج بالصّبر:
لقد أعطانا القرآن الحل، وهو: الصبر، ولكن: الصبر من أجل ماذا؟، ولمن نصبر؟، وما هي المكافأة التي سنحصل عليها؟، وهل تستحق منّا أن نكبت الغضب والانفعالات؟.
يقول تعالى:﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]، فهل هناك أجمل من هذه العبارة:﴿ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾!!؟.
ماذا ستستفيد من غضبك؟، بالطبع: لا شيء، ولكن البديل موجود، وهو: الأجر من الله تعالى، هو سيعوضك عن كل شيء.

ولكن: هل يكفيالصبر كعلاجناجع؟:
نقول:إذا ترافق الصّبر مع المغفرة سيكون العلاج فعّالاً جداً، ولذلك قال تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].
والرائع في هذه الآيات: أنّ الله تعالى يُصوّر لنا النتيجة التي سنحصل عليها مُسبَقاً، مثلاً يقول تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ﴾ [الإنسان: 12].
وأجمل شيء: أنّ الله سيكون معك عندما تصبر على من أساء إليك، يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].
هذه الآيات تصوّر لنا النتائج الإيجابيّة للصبر، وهو ما يؤكّده علماء النفس عندما يقولون: إنّ أسرع طريقة لعلاج الغضب أن تتصوّر النتائج السلبية للغضب، وتتصوّر النتائج الإيجابية فيما لو تسامحتَ ولم تغضب، ولذلك قال تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25].
أحِبّتي الكِرام، هذا ما جاء به القرآن الكريم قبل 14 قرناً.

في أيّامنا هذه تتضمّن برامج إضعافالغضبالأهداف الآتية:
1- تعلَّم كيفية إسعاد نفسك.
2- تعلّم الاسترخاء.
3- تعلّم تجاهل وتهميش مثيرات الغضب التّافه، وذلك بتبديل الأفكار المثيرة للتوتر، وإعادة تأطير الموقف المتوتّر.
4- تعلّم التّعبير عن الغضب بأسلوب حضاري ومُؤدَّب، وبالتأكيد ليس بأسلوب عدواني.



انفعال الخوف:
الخوف الذي ما يزال الوسط الطبي يفتقر إلى تحديد واضح لأسبابه.
فما هو الخوف؟، وما هي أنواعه؟، وكيف يمكننا التخلّص منه؟:

الخوف: شعور فطريّ طبيعيّ، يتصاعد أحياناً ويخفت أحياناً أخرى، متأثّراً بتجربة الحياة اليومية والثقافة المكتسبة التي قد ترفع مستوى الخوف عند الكائن الحيّ إلى الحالة المَرَضيّة، مما يتطلّب تدخّلاً علاجياً طبّياً أو نفسيّاً، تماماً كانفعال الحب أو الغضب، وغالباً ما يترافق الخوف مع مشاعر أخرى، كالقلق والتوتر والحزن والإحباط وغيرها.

وسنكتفي في هذه العُجالة بتناول مصطلح الخوف في بعض آيات القرآن الكريم؛ فانفعال الخوف حالة من الاضطراب الحادّ الذي يشمل الفرد بكليّته، وقد وصفه القرآن الكريم بالزلزال الشديد، وذلك في أقصى درجاته يوم القيامة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1 ، 2].

وتصاحب انفعال الخوف تغيّرات في الوظائف الفسيولوجية والكيميائية في الجسم، كارتفاع ضغط الدم ومعدّل الأدرنالين والسكّر، وتزايد ضربات القلب وتغيّر ملامح الوجه ونبرات الصوت، ويستجيب الإنسان لانفعال الخوف: إمّا بالهرب من الموقف أو بمواجهته; يقول الله تعالى في وصف ذعر الكافرين: ﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾ [الأنبياء: 12]، وذكر القرآن وصف خوف موسى من فرعون بالقول: ﴿ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ﴾ [الشعراء: 21]، كما قال: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 21].

أنواعالخوف:
خوف المنافقين من أن يطّلع أحد على نفاقهم: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ﴾ [المنافقون: 4].

الخوف غير المُتَوَقَّع، مثل: خوف داود عليه السلام حينما فوجئ بالخصميْن أمامه وقد تَسَوّرا المحراب وهو في خلوته. وإذا كان الخوف شديداً ومفاجئا أُصيب الإنسان بحالة من الذهول، كما جاء في وصف يوم القيامة: ﴿ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [الأنبياء: 40].

خوف الإنسان من الإنسان، وهو خوف غير طبيعي: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44].

الخوف من الموت المرتبط بالخوف من الله: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 6، 7].

وخوْف الملحدين من الموت أكثر من خوف غيرهم؛ لاعتقادهم أنّه انحلال وفناء وعَدَم لهم، وجهلهم بالمصير الذي سينتهون إليه هو في الحقيقة مصدر رعب لهم يُخيفهم ويُفزعهم.

الخوف من الله تعالى: فقد فطر الله تعالى عباده على الخوف منه والإحساس بالعبوديّة له: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، وكان التّخويف من بطش الله وانتقامه وعذابه ينأى بالإنسان عن الضلال. ولهذا كان الخوف من الله عبادة، لأنه يحرّرنا من أنواع الخوف الأخرى، فكيف ذلك؟.

علاجالخوف:
إنّ الإسلام لا يعارض الخوف، ولكنّه يهذّبه ويوجّهه ويحدّد انطلاقه؛ فالإسلام يزرع الشجاعة في نفوس الأفراد لاقتلاع عقدة الخوف. إنّ الإيمان بالله يجعلنا لا نخاف الفَقر:﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الزخرف: 32].
ولا نخاف أحداً إلاّ الله، لأنّه هو الذي يملك العطاء والمنع، فقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: «إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله». رواه الترمذي.

والذي يُعين علىالخوفمنالله: الإيمان الحقيقي به سبحانه، والاستقامة على طاعته وطاعة رسوله - صلى الله علية وسلم -، وهذا يؤدّي إلى تحقيق الأمن النّفسي، ما يغمر المؤمن بشعور الرجاء والتّسليم لله والطمأنينة لنيل عفوه ورضوانه عزّ وجلّ، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

ولأنّ كثيراً من الناس فقَدوا الإيمان الحقيقيّ بالله والتسليم بقضائه وقدَره، باتوا عُرضة للخوف المَرَضيّ والقلق والاكتئاب الذي غدا مرض العصر، نراه متفشّياً بين الكبار والشّباب، ما يتطلّب علماً وتفقّهاً في الدّين الحنيف ووجود هُداة ودُعاة قدوة يدعون إلى الله على بصيرة، ما يُدخل الطمأنينة وحُسن الظنّ بالله في القلوب.

وبعد:
فليس مثل حديث رسول الله - صلى الله علية وسلم - في وصيته لابن عباس - رضي الله عنهما - للوقاية من أي خوف مرَضي قد يهدّد صحّتنا النفسية: "... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ: لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك, وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء: لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك, رُفعت الأقلام وجفّت الصحف». رواه الترمذي.

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 02:19 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى