تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > المنتدى العام الإسلامي

> الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
25-02-2018, 04:16 PM
الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونتوب إليه ونستغفره، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

هذه درر تربوية لفقيه الأدباء، وأديب الفقهاء: الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، وهي منتقاة من كتبه الماتعة:( في سبيل الإصلاح)، و:( فصول اجتماعية)، و:(رجال من التاريخ)، وقد انتقاها الأستاذ:" أحمد بن سواد"، جزاه الله خيرا، وقد بلغ مجموع الدرر المنتقاة:(307 درة)، فإلى الدرر:


قال - رحمهالله،ورفع درجته في أعلى عليين -:

1- كان الشعراء يصفون القمر، ويُشبِّهون به الغيد الحسان، فوصلنا إلى القمر ووطئناه بنعالنا، وإذا هو كالأرض: صخر ورمل وتراب!!؟.

2- من كان يفكر فيما يرى وما يسمع، فسيجد آيات وشواهد تقوي الإيمان في القلب المؤمن، أما من كان كالأنعام همُّه الطعام والشراب والزواج؛ فيمر عليها وهو غافل عنها، يقف عند الصنعة وينسى الصانع، يقول: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾.[القصص: 78]، وينسى قول الله: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾.[الإسراء: 85].

3- إن هذه الكشوف العلمية، وهذه المخترعات الحضارية تقوي الإيمان عند من في قلبه إيمان.

4- البشر يخطئون ويصيبون، فلنرجع إلى من لا يخطئ أبدًا، لندع ما اختلف فيه البشر إلى ما شرعه خالق البشر؛ فالمقياس هو: شرع الله (باختصار).

5- بعض الفِرَق التي تنتسب زورًا إلى الإسلام تدَّعي - كذبًا وجهلًا - ما لم يدَّعِه هؤلاء الأعداء؛ من أن المصاحف التي نقرأ فيها كلها قرآن، ولكن ليست كل القرآن!!؟، وهي: دعوى، لا أدري أيُّهما أظهر: سخافتها أم وقاحتها!!؟.

6- الشيطان حين عجز عن تحريف تنزيله[1]، دخل علينا من باب تأويله، حتى صار من الناس من يصرف الكلام عن معناه، ويوجهه إلى غير الوجه الذي أراده الله.
ودخل علينا من باب صرفنا عن تدبُّر آياته، وتفهُّم معانيه، والعمل بأوامره ونواهيه، إلى تصريف الصوت في تلاوته بالأنغام، وطرب الناس لسماع الصوت بدل الخشوع عند فهم المعاني.

7- العقيدة هي: الأصل، ومن قام الليل كله وصام الدهر كله، وفي إيمانه شرك، كان كالتلميذ الذي أخذ أسئلة الامتحان وقعد في داره، فأجاب عليها كلها، ولكنه سحب أوراقه من المدرسة، ومحا اسمه من سجلاتها (باختصار).

8- إن الدعاة منّا كُثُر، والمسلمون حاضرون ليستجيبوا لهؤلاء الدعاة، فإن لبثوا على خلافهم وتنازعهم، وتضارب مناهجهم، كان عليهم إثم أنفسهم، وإثم هذه الأمة التي تمشي وراءهم، وتقتدي بهم.

9- أين تلك الأقلام تُفهِم الشعبَ: أن المستعمرين ما زهَّدوه في قرآنه، وصرفوه عن دينه، وشغلوه عن تاريخه، إلا ليسلبوه أحدَّ أسلحته، ويجرِّدوه من أمتن أدراعه، حتى إذا قابلوه أعزلَ عاريًا، هان عليهم اصطيادُه، وسهل استعباده.

10- فهل رأيت غنيًّا موسرًا، أورثه أبوه صناديق الذهب، ثم يتكاسل عن القيام إليها، ومعالجة قفلها، ثم يذهب فـ (يشحد) ذليلًا: الملاليم والقروش من أكُفِّ أعدائه؛ ليتبلغ بها!!؟، هذا مثالنا حين نترك ديننا، ونأخذ قوانين المستعمرين.

11- يا خجلتاه غدًا من كتَّاب التاريخ إذا جاؤوا يترجمون لأديب، فيقولون: لقد رأى أعظم بطولة بدت من بشر، وشاهد أجلّ الأحداث التي رآها الناس، ثم لم يكتب فيها حرفًا، لقد شغلته عنها شواغل الأيام، ومباهج الأحلام، وملذات الغرام.

12- العلم إذا لم يكن معه أمانة، كان الجهل خيرًا منه، كالطبيب الفاجر، يغشّ المريض ويماطل في العلاج؛ ابتغاء دوام الحاجة إليه، وتدفّق المال عليه، بل ربما بالغ في الفجور، فلم يمنعه علمه أن يقتل المريض بالسمِّ، بدلًا من شفائه بالدواء.

13- إن هذا العلم دين؛ فعلينا أن ننظر عمَّن نأخذ ديننا، وألَّا نأخذ العلم إلا عن رجل نثق بدينه كما نثق بعلمه، ونطمئن إلى إيمانه كما نطمئن إلى منطقه.

هوامش:
[1] أي: القرآن العظيم.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
01-03-2018, 09:36 AM
14- ففكروا: كم ننفق من الأموال في أشياءَ لا يأتي منها خير، وما في تركها ضرر، ونحن نشكو الفقر والمرض والجهل!!؟.

15- إن حول كلِّ دار من هذه الدور[1] التي تهدر فيها الأموال لَمساكن فيها ناسٌ مثلنا، من إخواننا في الدِّين وفي الوطن وفي اللسان، يشتهون عُشر مِعشارها، أو أقلَّ منه؛ ليشتروا به طعامًا يملأ بطون أولادهم، وثيابًا تستُرُ أجسادهم، ولهم بنونَ وبنات هم قِطع أكبادهم، أحبَّةٌ إليهم، أعزة عليهم كعزة أولادنا علينا، وربما كانوا أزكى من أولادنا نفوسًا وأطهرَ، وأذكى عقولًا وأمهرَ، وكانوا أرضى لله وأنفع للوطن منا، ولكن الفقر عطل قرائحهم، وكفَّ أيديَهم، وكبَّل أرجُلَهم.
إن هؤلاء وإن لم يعرفوا طريق المدارس والملاهي، ولم يزهوا بغالي الثياب، ولم يتمددوا على أرائك السيارات، ولم يعرفوا المشيخة التي يأكلون بها الدنيا بالدِّين، ولا الزعامة التي يجمعون بها المال بالوطنية، إنهم هم عمادُ هذا الوطن، وهم جمهرةُ أهله، هم يزرَعون القمح ويقدمونه إلينا، ثم يعيشون على الذُّرة والشعير، وهم يبنون لنا القصور ثم يُقيمون في الأكواخ، وهم يصنعون بأيديهم (الشكلاطة) التي لا يذوقونها، وهم يسهَرون في الطرقات ليحرسونا ونحن نِيامٌ، وهم يمشون إلى الميادين ليدفعوا عن أوطاننا ونحن آمِنون، فحرام علينا أن ننساهم ونهملهم!.
حرام أن تبقى هذه الأموال ضائعةً، وهذه البطون جائعة! (باختصار).

16- ما باللغةِ[2] تعسيرٌ حتى نبتغي لها أوجُهَ التيسير، ولكنْ في العزائم خَوَر، وفي الهمم ضَعْف، وفي الشباب انصراف عن العلم!.
هذه هي الحقيقة، وإلا فهل صلَحت اللغة برَسْمِها[3] وعلومها هذه القرون الأربعة عشر، وصبرت على حُكم الأتراك أولًا، ثم الفُرس، ثم المغول، ثم المماليك العبيد، ثم الأتراك أخيرًا، ورأت عصور الانحطاط، وعهود التخلُّف، وكانت في كل ذلك طاهرةً ظافرة.
هل صلَحت اللغة في هذه القرون وبدا الآن فسادها؟، وهل استسهلها الفُرس والروم والأتراك والهنود حتى ظهر منهم علماءُ أجلاَّء فيها، ولم تصعُبْ إلا على أبناء العرب الأقحاح!!؟ (باختصار).

17- ما دام في معلمي العربية مَن هم أصحاب شهادات لا أصحابُ علم، خطِفوا مسائله في المدارس خطفًا، وما دامت دروسُ العربية تُلقى بالعامية، وما دام مدرِّسُ الأدبِ يتكلم ساعةً عن أبي تمام وأدبِه وما قيل فيه، ولكنه لا يفهم بيتينِ من شِعره، ولا يُحسِن شرحهما، ويعلِّمُ الأدبَ وما هو بأديب، وما دام يتصدر للإمامة في (فن القول): مَن لا يدري ما يقول، فمن أين يتلقَّى الطالبُ العربية!!؟[4] (باختصار).

18- هاتوا المعلمَ القوي في علوم اللغة، صاحب الاطِّلاع فيها، والذوق في فهمها، يُصلِح هو فسادَ المناهج، ويقوِّم اعوجاجَ الكتب، وييسِّر عُسر اللغة (إن كان فيها عُسر!!؟)[5].

19- الشاب الذي يرى أنه وصَل إلى الغاية بلا تعَبٍ، ونال ما يطلُبُ بلا مشقة، لا يجد بعد ذلك ما يدفَعُه إلى سَهَرِ الليالي، وتقريح الجفون، في مسامرة الكُتب، والازدياد من العلم.

هوامش:
[1] يقصد - رحمه الله - دور الأغنياء.
[2] أي: اللغة العربية.
[3] أي: خطها وكتابتها.
[4] قلت: ما قاله الشيخ عن معلم اللغة العربية ينطبق في زماننا على كثيرٍ من معلمي العلوم النظرية والتجريبية.
[5] قلت: وهذا ينطبق على بقية العلوم الأخرى، وهو من أهمِّ طرق علاج ضعفِ مخرَجات التعليم.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
10-03-2018, 10:22 AM
20- ألسنا نرى كل يوم أناساً يتزيّون بزيّ الصالحين، ويحملون سبحات المسبحين، ويقومون في المساجد مع المصلّين، ثم لا تعاملهم إلا غشّوك، ولا تَخْبُرهم إلا وجدتهم طلاب مراتب ورواتب، أو باغي منافع، ولا تراهم إلا متزلّفين لكل صاحب سلطان، خاضعين له، يؤثرون رضاه على رضا الله، ويخافون غضبه أكثر من غضب الله. إذا رأوا الحرام منه خرسوا عنه، وإن رأوا المكروه من غيره أقاموا الدنيا عليه.[هذه صفات علماء السوء].
21- تستوي الأمم في أصول الحضارات، وأسس المدنيات، ولكنها تختلف في التفاصيل.
22- أنا لا أدعو لنبذ الحضارة الغربية، بل أدعو إلى أخذ ما ينفعنا منها، أي: أن نتعلم علومهم، ونتقن فنونهم، وندرس أخلاقهم، ثم نرى ما يزيدنا منها قوة وسعادة، للفرد منا والجماعة، وسهولة في العمل، ولذة في المعيشة، فنأخذه كما هو أو نعدله حتى يصلح لنا، وأن ننقله إلينا، ونجعلها ملكاً لنا، لا أن ننتقل به إلى أمة غير أمتنا، وطبيعة غير طبيعتنا، وأن ننظر ما فعله أجدادنا في أول العهد العباسي، مع الحضارة الفارسية مثلاً، فنصنع مثله، إنهم أخذوا كل نافع في الطعام والشراب واللباس والمسكن وفنون القول وطرائق الفكر، ولكنهم لم يصيروا به فرساً، بل جعلوا به الفرس عرباً. (باختصار).
23- حب المال إن زاد كان مذمة للفرد ونقيصة، ولكنه لا يكون للشعب إلا خيراً، وما أفلح شعب لا يحب في مجموعة المال.
24-الباطل إلى اضمحلال و إن كانت له جولة، والحق إلى ظفر وإن كانت له كبوة، وقد (طالما) بغى باغون، وظلم ظالمون، ولكن لم يدم باغٍ و لا خلد ظالم!.
25-المصيبة في هؤلاء: أنهم يعدون (في جنسيتهم الرسمية) منا، وهم في حقيقتهم من غيرنا، فيدخلون في الأمة دخول السم في الجسم.[يصف رحمه الله: أهل التغريب في المجتمع المسلم].
26- المواساة باللسان: أقل الإحسان.
27- أنا لا أدعو إلى المساواة المطلقة بين الناس، فذلك لا يكون ولا يزال في الناس: غني وفقير، لن يكونوا أبداً سواء في أرزاقهم ومعايشهم، ولكن أدعو إلى تقريب المسافة بين طبقات الناس عاليها ودانيها، وأن تضمن الحكومة لكل إنسان حقه الطبيعي في الطعام واللباس والمسكن، وأن تسوي بين الناس (المساواة الممكنة) التي حققها الإسلام في أول الدهر في عهد الشيخين.
فما هذا التفاوت بين البشر في مصر؟، ما هذا الوضع الذي يجعل من الناس واحداً يملك مليوناً، ومليوناً لا يملكون الواحد؟، وألفاً يشتغلون لرجل، والرجل لا يعمل عملاً؟، وإنساناً يظن نفسه من الغنى والكبر إلهاً، وأناسيَّ تحسب أنها من الفقر والضعة بهائم؟.
يا ناس:
ارحموا، فإن هؤلاء ناس مثلكم، لا تحسبوهم بهائم لئلا يصنعوا فيكم صنيع البهائم، فيثوروا عليكم رفساً و نطحاً وعضاً ولدغاً، فلا تملكوا دفعهم، ولا النجاة منهم. [نشر هذا الكلام في مصر عام] (باختصار).
28-السرقة أخت الاغتصاب.

29- الشعراء أئمة الأدب.

30-شعرُ الحَداثة يشبه الحدث الأكبر؛ ولكن لا يطهره شيء، ولا الغسلُ سبعًا: إحداهن بتراب المقبرة، التي يتمنون أن يدفنوا فيها الشعر!!؟.

31- لولا الأدب: ما خُلِّدتِ المكرُمات، ولا ذُكرت البطولات.

32- في كل يوم تنبُتُ أقلام غضة، فلا يتعهدها أحد بسقي ولا رعاية، فتجِفُّ وتموت، وتحطم عواصف الأيام وأرزاؤها أقلامًا متينة كأشجار السنديان، طالما أظلت وبسقت، فلا يبكي عليها أحد، وتُزهِرُ أقلام، ثم تؤتي أُكُلها ثمرًا ناضجًا، حلوًا نافعًا، فلا يستبشر بها أحد، ويقولون بعد ذلك:
" لماذا لا ينتج الأدباء!!؟".

33- الذي يتخيل ويكتب باردَ الدمِ هادئَ الأعصاب، غير الذي تمشي الكهرباء في أعصابه، فتهزُّها هزًّا، فيمسك قلمه ويدع روحه تملي عليه.

34- لست - عَلِم اللهُ - أريد مالاً من أولي الأمر أو عطاء، ولا أبتغي من مجالستهم شرفًا، فعندي من المال: ما يَسدُّ حاجتي، ومن الشرف: ما يكفيني، وإنما آسف على قوة فيَّ، وفي أمثالي من حملة الأقلام، تذهب هدرًا وتضمحِلُّ، والوطن يحتاج إليها، وهي تستطيع أن تُكسبه مجدًا لا ينال بغيرها.

35- لقد كانت لعلماء الأزهر أخلاق - لا أقول: ضاعت - ولكن اختفت عن الناس تلك الأخلاق، كانوا يجلُّون مشايخهم فيجلُّهم الناس كلهم، ولم يكونوا يَدَعون للعدو ثغرةً يدخلُ منها إليهم، ويجعلون خلافهم: إذا اختلفوا بينهم.


يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
مسلمجزائري
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 05-01-2015
  • المشاركات : 88
  • معدل تقييم المستوى :

    10

  • مسلمجزائري is on a distinguished road
مسلمجزائري
عضو نشيط
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
15-03-2018, 11:11 AM
بارك الله فيك أخانا الفاضل:" مسلم جزائري" على جميل دعائك.
تقبله الله منك.
36-التقوى روح العلم، فإن فارقتْه: كان جسمًا بلا روح.

37- هذه الثلاث: الصدق والوفاء والأمانة: أركان الحياة الخلقية الاجتماعية.

38- إن الله بيَّن خطرالأمانة، وأنزلها هذه المنزلة، وخوَّف من حملها؛ لأنها: جماع الأخلاق، وسلْكة[1] عقد الفضائل وعمادها، فما من شُعْبة من شعب الأخلاق والخير الاجتماعي إلا إليها مردُّها، وما خصلة من خصال الشر إلا والخيانة: أساسها وحقيقتها.

39- لا أتألم من اللص يتسوَّرُ عليَّ الجدار ويسرق الدار، كما أتألم من الرجل يظهر لي المودة ويعلن التُّقَى، فإذا كانت بيني وبينه معاملة، وتمكن مني: أكلني بغير ملح، وتعرَّق عظامي!.

40- كيف تتم لنا سيادة، أو نُجاري شعوب المدنية ونسابقها، إذا لم تَسُدِالأمانة فينا!!؟.
41- ما أهونَ الإبراقَ والإرعاد!، وما أسهل إثارةَ الشبّان الفاسقين على الستر والحجاب، باسم:"الحرية الشخصية"[2] التي تمتّع عيونهم بما وراء الحجاب من جمال، وتُنيلهم ما بعد حدود الفضيلة من لذائذ!!؟.

42- لا هوادة في العِرْض، إنها حياة هذه الأمة: لا تحيا أمة بلا أخلاق.

43- إن العرب أغيرُ الناس على الأعراض، وإن كلمة العرض في لسانهم لا يقابلها كلمة في ألسنة الأمم تترجم بها!!؟.

44- من صفات العربي التي تقوم عليها عروبته: الشهامةُ والغَيْرة على الأعراض[3].

45- نحن إذ ننتقد شيئًا نبيّن أضراره، فبيّنوا أنتم منافعه[4]، حتى إذا وجدنا المنافع أكثر: أخذنا به، ولو حملنا معه شيئًا من الضرر، فتعالَوْا نتناظر.
لا بد في كل مناظرة من مبادئ يتفق عليها الطرفان ليعودا إليها، فلنتفق أولاً على الأصول:
هل العفاف وقصر الاتصال الجنسي على المشروع منه خير أم شر؟
هل قيام المرأة على تربية أولادها بنفسها وإخلاصها لزوجها وبيتها خير أم شر؟
هل مراقبة الله وخوفه وتمسك كل امرئ بفضائل دينه خير أم شر؟.
إقامة البراهين على أنها خير، أظنه ثابتًا عند العقلاء جميعًا .

46- إذا حسُن أن نقوّي بالرياضة أجساد الطالبات، فهل يشترط في هذه التقوية أن يختلطن بالرجال!!؟.
لا والله، أحلفها يمينًا غموسًا، وأضعها في عنقي، إنكم لا تريدون الصحة ولا الرياضة ولا المشاركة بالعيد، إنما تريدون التلذذ بمرأى بناتنا باسم العيد والرياضة والصحة، إنكم: لصوص أعراض[5].

47- طائفة من أخلاقنا هي: كالداء في جسم الأمة، لا يجمل بالكتَّاب وحملة الأقلام السكوت عنها والرضا بها، وهم أطباؤها وأساتها، وعندهم دواؤها[6].

48- التقي في صدر الإسلام هو: الذي يتقي المحارم والمظالم: ما ظهر منها وما بطن، ويفرُّ من مواطن الشبهات، ولا يطلب المال إلا لإمساك الرمق ونيل القوام، والعيش عيش القناعة والرضا، ولا يأخذه إلا من حلِّه، ولم يكن الرجل ليشهد للرجل بالتقوى إلا إنْ صحبه في سفر، أو عامله في مال، فصار التقي اليوم من يكبِّر عمامته، ويطوِّل لحيته، ولا تفارق يده سبحته، ومن يتوقر ويطيل المكث في المساجد، وهذا كله حسنٌ لا اعتراض عليه، غير أن حسنه ينقلب قبحًا أبشع القبح: إذا اتخذه صاحبه أحبولةيصطاد بها الدنيا.

49- الشباب الناشئون لجهلهم حقائق الإسلام، وبُعْد ما بينهم وبين المشايخ، وقصر أيديهم وأفهامهم عن نيل الكتب (ذات الشروح والحواشي) - عظّموا ما يقابله من كل حماقة دُعِيَتْ مذهبًا اجتماعيًّا، وكل سفسطةسُمِّيَتْ فلسفة، وكل كفر بالدين والعرض دُعِيَ أدبًا، وأعانهم على ذلك أن أكثر المدرسين من الذين لم يقدَّر لهم فَهْم علوم الإسلام، والغوص على كنوز كتبه، ولست أطلق القول وأجنح إلى التعميم، فإن في كل فئة من هؤلاء الطيبين والمصلحين، ولكن الكثرة على نحو ما ذكرت، فمن أين يرجى إصلاح أخلاقنا وأوضاعن!!؟.

50- من أين يرجى لأخلاقناصلاح، ولم نتفق بَعْدُ على (الأخلاق) التي ينبغي أن نتخلق بها!!؟.
فمنا من يرى المثل الأعلى في أخلاق الجاهلية: كرم إلى حد التبذير، وشجاعة إلى حد التهور، ومنا من يميل إلى التخلق بأخلاق أجدادنا في القرن الماضي على ما كانت عليه بلا زيادة عليها ولا نقصان منها، ومن يخالفهم مخالفة الضد للضد، فيرى أن نقتبس الأخلاق الغربية برمتها، ومن يرى اقتباس الجيد النافع من كل أمة من غير أن يحدد أو يعين، ولا دواء لهذه الفوضى - في رأيي - ولا صلاح لأخلاقنا، إلا بالرجوع إلى الإسلامالصحيح الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
هوامش:
[1] السلكة: الخيط.
[2]ديدن أهل الفساد الدعوة إلى الفجور وإسقاط المجتمع في براثنالرذيلة باسم الحرية الشخصية، وهم أعداء الحرية عندما تخالف أهواءهم.
[3] هذا مما عُرف عنهم في الجاهلية، وجاء الإسلام بالتأكيد عليه.
[4] يخاطب رحمه الله كل من يريد إفساد المرأة وإخراجها من حياة الفضيلة والعفاف إلى حياة الرذيلة والفسوق.
[5] هذا أقر به كل من تاب إلى ربه من أصحاب تلك الدعاوى المضلة.
[6] هذا الإصلاح الذي ينبغي على حملة الأقلام فعله، لكن للأسف اليوم صار أكثرهم هم أسبابالداء في جسد الأمة.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
20-03-2018, 01:04 PM
51- عبيد الشَّهوة من البشر لهم مائة طريق؛ تسعة وتسعون منها تُخالف سنَّة الله، وقوانينَ الحياة، وتأباها العجماوات، ويترفَّع عنها الحَمير، ولا يرتضيها لنفسه (صاحبُ اللعنات) إبليس[1]!.

52- الرجل إذا تعبَّدَته الشهوة: يَنسى إنسانيَّتَه، ويُهمل الواجبَ عليه، ويقعد عن المشي في مناكب الأرض في طلب الرِّزق، بل لقد تبلغُ به السفاهة والجهالة: أن يفرَّ من الحياة منتحرًا جبانًا ذليلاً[2].

53- من الذلِّ: أن تكون حياتُك معلَّقةً بغيرك، وسعادتك بيد سواك، فأنت مضطرٌّ إليه، وأنت لعبةٌ في يديه، إن أقبل عليك سعدتَ، وإن أعرض شقيتَ، وإن مال إلى غيرك اسودَّت أيامك، وتمنيت الموت[3]!.

54- الحب في الأصل جميل، وعلى الحب قام الوجود كلُّه وائتلَف، وسار إلى غايته، والشهوة نافعة لازمة لم تُخلَق عبثًا، ولا أداةً للشر، بل خُلقت حياةً للجنس، وعصمةً من أن يُمحى أو ينقرض، ولسنا نحقر الحب ولا نذم الشهوة، وإنما نذم الغلوَّ فيهما، وولوجَهما من غير بابهما، وأخذهما على غير الوجه الذي خلقه الله لهما.

55- هل في الأدب المكشوف، إلا كشفُ سوءةٍ مِن سوءات الفكر، وعورةٍ من عورات الضمائر، يحرِصُ العقلاء على سترها كما يسترون عورات الجسم؟![4].

56- الله الذي وضَع الشهوة في النفوس جعل دواءها الزَّواج، فإذا تعذَّر الزواج، فهناك طرق للوقاية من الفاحشة، وهناك السدود من دونها والحجُب، هنالك الدِّين، فإذا علَّمتم الشابَّ دينه، ونشَّأتموه على التوحيد الخالص، والإيمان الصحيح حتى يعلم أنَّ الله مطَّلع عليه، لاستحيا من الله أن يأتي الفاحشة بسمعه وبصره، ويعلم أن من حق الله عليه - وقد أعطاه هذه الأعضاء وأنعم بها عليه - ألا يستعملها إلا في طاعته.
وهنالك الشرف، فإذا ربَّيتم الشاب عليه، وجعلتموه يحس به ويَقدُره قدرَه، وأفهمتموه معنى المروءة وقيمة العِرض، لمنَعه من الفاحشة ما كان يمنع الجاهليَّ الشريف، من أن ينظر إلى جارته حتى يواري جارتَه مأواها.
وهنالك الصحة، فلو عودتُموه الرياضة، وأنبأتموه أن الله جعل مع العفاف الصحةَ والسلامة، ومع الفاحشة الضعفَ والمرض والمصائب السود، لاقتصد في اتباع الشهوة، إن لم يكفَّ عنها.
وهنالك طيب السمعة، وحسن الذِّكر في الناس، وهنالك الكثير من الأسلحة والحجب[5].

57- المدرِّس يفعل بسيرته في نفسية الطلاب: ما لا يفعل بمحاضراته.

58- أنصح لكم (وأنا شابٌّ مثلكم)، بأن تَصرِفوا ميولكم إلى جهة علويَّة؛ فإن الميل كالبخار المتصعِّد من القِدر، قد يجد سبيله فيدير الآلة، ويسيِّر القاطرة، وقد يحتبس، فينفجر به القدر، وقد يسيل على الأرض هدرًا، فأنا لا أحبُّ أن تسيل ميولكم هدرًا، ولا أن تضيق بها نفوسكم حتى تنفجر، بل أحبُّ أن (تتسامَوا) بها، فتَسوقوها في طريق الفن والإبداع.

59- تستعبد الشهوة: من كان فارغَ الرأس واليد والوقت.

60- لكل نهضة جسمٌ وروح، أما الجسم فهذه السياسة وما يتَّصل بها، وهذه الدواوين الحكومية وما يكون فيها، وهذه القوانين والأنظمة وما ينشأ عنها، وأما الروح، فهو الأخلاق والعقائد والمثُل العليا.

61- الحاجة ماسة إلى كتَّاب ومربِّين وعلماء، يَستَقْرون أخلاقنا التي نحنُ عليها، ويصنِّفونها ويقوِّمونها، ويرَون ما يجب أن يبقى، فيعملون على تثبيته ونشرِه، وينظرون ما ينبغي أن يبدَّل أو يعدَّل، فيُسخِّرون المدرسة والصِّحافة والقوانين لتبديلِه وتعديله.

62- من هذه الأخلاق التي يجب أن نتخلَّص منها: أننا لا نعرف التعاون، ولا نقدر أن نعمل مجتمِعين؛ فالفرد منا عاملٌ منتِج، ولكن الجماعة عاجزة عقيمة، وعلَّة ذلك:(الأنانيَّة المفرِطة)، وحبُّ الذات الطاغي، فالرجل منا يريد أن يكون هو شيئًا في الجمعيَّة أو الشركة.

63- حفظ الوقت: آكَدُ وسيلة إلى النجاح، وخيرُ طريقة لرِفعة الفرد والمجموع.

64- الوقت لا يَضيق بعملٍ إذا عرَفنا طريق استغلاله والانتفاع به.

65- نحن في حاجة إلى الإيمان بأن مصلحة الفرد في مصلحة المجموع، وأنَّ رِفعته في رفعة الأمة.

66- كانت القوانين والأنظمة توضع فيه لغير مصلحتنا، وتُفرض علينا فرضًا، فتعوَّدنا ألا نطيعَها وألا نحترمها، ولكنا دخَلنا اليوم في طريق الاستقلال، وصِرنا نضع قوانيننا (إلى حدٍّ ما) بأنفسنا، فيجب أن يتبدل ذلك كلُّه وأن يُرسَّخ في نفوسنا احترام القوانين وإطاعتها؛ ما دام فيها طاعةُ الله ومصلحةُ الناس.

67- الكرم والإيثار بضاعةٌ شرقية، ومن الشرق قد صدرَت، ولقد بلَغ بالعرب حبُّ الكرم مبلغَ الإفراط، وزاد حتى كاد ينقلبَ مذمَّة يؤخذون بها.

68- أيها الأغنياء، لا تحملوا أبناءكم على رقاب الناس؛ فإنَّكم لا تدرون كم عدوًّا تُكسبون لهم، وماذا تفسدون من طبائعهم حين تأبون إلا أن تدلِّلوهم هذا الدلال، وتترفَّعوا بهم إلى حيث تبلغ أيديكم وأموالكم، وحين تمكِّنونهم من أولئك الذين ساقَهمُ الفقر إليكم، واضطرَّهم فكانوا لكم خوَلاً أو أُجراءَ، فيَشمَخون عليهم بآنافهم الصغيرة، ويذيقونهم ألوان الأذى، والطفل (في الطبع) لا يعرف الرحمة، ولا يدري ما العقل، فكيف وهو ابن الغنيِّ قد ورث القسوة، وتطبَّع عليها وقلَّد فيها أباه!!؟.

هوامش:
[1] بسبب شعورهم بالملل وعدم الاكتفاء، فهم كالعطشان الذي يشرب من ماء البحر لا يرتوي، بل يزداد عطشًا، وكل هذه الطرق مضرَّة بأصحابها، لكن لما صاروا عبيدًا للجسد عطَّلوا عقولهم عن التفكير السليم.
[2] لأن الشهوة صارت له غاية وليست وسيلة.
[3] هذه حال من ابتُلي بالعشق المحرم.
[4] يقصد رحمه الله الأدب الوقح البذيء الذي يهدم الأخلاق.
[5] وأعظم الأدوية ما قاله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))، وكذلك غض البصر؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، وكذلك الفرار من أماكن الفتنة.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
31-03-2018, 09:12 AM
69- إن هي إلا مَعِدة تمتلئ بما يُقذف فيها، والجوع يحسِّن لصاحبها كلَّ إدام.



70- لقد كان الكرم والشجاعة عمادَ الأخلاق عند العرب؛ لمكان البداوة من حياتهم، فقد كانوا يعيشون في قفار قاحلة وقرًى كالقفار، لا فندق فيها ولا مطعم ولا خان، وما للنازح فيها عن داره إلا أن ينزل ضيفًا على كريم يؤويه ويقريه، ولم يكن في بلادهم شرطة ولا نيابة ولا سجن، فلم يكن للرجل إلا سيفه يعتصم به، فتعودوا الشجاعة والكرم، حتى صار ذلك طبعًا لهم وخلقًا، وبالغوا فيهما وجانبوا القصد، فبلغوا التبذير وقاربوا التهوُّر، وكان عذرهم في ذلك: أن الرجل منهم يُطعِم حتى يطعَم، ويقري الطارق الغريب كي يُقرَى هو طارقًا غريبًا، واستمر ذلك إلى الإسلام، بل لقد بولغ فيه بعده، حتى أتى القوم بهذه العجائب التي نقرأ أخبارها في الكتب، وانتهى إلينا، فنشأنا على تقديس (حق الضيافة) وتقديمه على سائر الحقوق، ورفعه مكانًا عليًّا لا يناله النقد ولا التقويم، إننا في مطلع حياة جديدة يجب في مثلها تمحيصُ الأخلاق والعادات وتقويمُها، والإبقاء على النافع منها، وطرح ما لا فائدة منه بعدما تغيَّر الزمان، ولا يكون ذلك إلا بالخروج من رِبقة التقليد الذي لا يفيد[1].

71- لنعلم أن (حق الضيافة) لا يُقدَّم على حق المواعيد، ولا حق العمل، ولا حق الأهل، وأن ردَّ الضيف أهون من احتمال الأذى، وإخلاف الوعد، وترك العلم، وإضاعة الأشغال[2].

72- مَن قال بالإسلام قال بالعربية؛ لأن الإسلام دين نبيُّه عربي، وقرآنه عربي، وقبلته في بلاد العرب، والنداء إلى التوجه إليها بلسان العرب.

73- الإسلام لم يكتفِ بإسقاط الجنسية من حسابه، بل لقد حاربها، ومنع كل دعوة إلى عصبية جنسية أو قبلية، وسماها دعوة الجاهلية، وجاء منذ أربعةَ عشرَ قرنًا بما انتهى إليه العالم اليوم، حين أسقط حواجز القوميات، وأقام كلاًّ من كتلتيه على عقيدة ومبدأ، فقسَّم الإسلام الناس إلى قسمين: الذين آمنوا، والذين كفروا.

74- الإسلام لم يطمس الوقائع التي تجعل للعروبة مكانًا ظاهرًا في دولته، فالنبي عربي، والعرب قومه، ومنهم أصحابه الأولون الذين نشروا الدين، وأبلغوه أهل المشرق والمغرب، والقرآن كتاب عربي، والحج إلى بلد عربي، فكل مسلم مضطر بذلك إلى حب العرب وتقديرهم، وتعلُّم لسانهم، وزيارة أرضهم، ولولا الإسلام ما انتشرت لغة العرب، ولا أقبل الناس عليها.

75- العرب كانوا أضلَّ أمة، فهداهم الله بهذا الدين الذي نتشرف جميعًا بالانتساب إليه، والذي منع دعوة الجاهلية، وحرم العصبيَّة، فتعلموا العربية لا من أجل هؤلاء القوميين من العرب، بل من أجل محمد الذي تحبونه، والقرآن الذي تقرؤونه، والله الذي تعبدونه[3].

76- مَن هم هؤلاء العرب الذي تفتخرون بهم، وتعتزون بأمجادهم، هل هم عرب الجاهلية والعهود التي كانت قبلها، والتي لم يدركها نور التاريخ، ولم يصل إليها علم المؤرخين إلا قليلاً؟، أم عرب دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة، وهاتيك المدن والمدارس والمكتبات والمؤلفات، وذلك العلم والأدب؟.
أما الجاهلية: فإنا لا نعرف شاعرًا واحدًا فيها ذكر العرب أمة، وافتخر بالعروبة جنسًا، إنما كان فخر كل شاعر بقبيلته: ببكر، أو بتغلب، أو بعبس، أو بكندة، وهذي هي المعلَّقات، وهذه أشعار الجاهلية، فهل فيها فخر العرب؟.
إن الذي جعل العرب كتلة واحدة من الكتل التي اندمجت في الوحدة الإسلامية هو: الإسلام؛ وكل ما كان للعرب بعدُ: من مجد وعظم وعلم وسلطان وحضارة وفخار: إنما صنعه الإسلام، فكيف يتفق في منطق هؤلاء القوميين: أن نفخر بالفعل، وننكر الفاعل، وأن نمجد أثر الإسلام، ولا نقر بالإسلام!!؟.

77- اللغة: فإنها بعلومها وفنونها، كالفلك الذي يدور على قطب واحد، وقطبها: القرآن، وما أنشئت هذه العلوم كلها إلا خدمة له، النحو لمنعِ اللحن فيه، واللغة لتحقيق عربيته، والبلاغة لإثبات إعجازه، والتفسير لشرح معانيه إلى غير ذلك مما هو معروف.

78- تاريخ العرب هو: تاريخ الإسلام، لو حذفنا منه الإسلام وما نشأ عنه: لم يبقَ للعرب شيء، فالعرب وُلِد مجدُهم وتاريخهم يوم مولد محمد صلى الله عليه وسلم.

79- القرآن كتاب الإسلام وكتاب العربية، فهو الدين: لمن أراد الدين، وهو البيان والبلاغة: لمن أراد البلاغة والبيان[4].

80- ما الذي يبقى من العربية: إن لم يكن فيها محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن!!؟.

81- الذي أخذ بيد العرب حتى دلَّهم على طريق المجد، وسلك بهم مسالك الفتح، ووضع في رؤوسهم فكر العالم، وبين أصابعهم قلم الكاتب، وألبسهم تاج السيادة في الدنيا، وأقعدهم مقعد الأستاذية من البشر جميعًا – هو: محمد صلى الله عليه وسلم.

82- الأخوَّة هي أخوَّة الإيمان، لا أخوَّة اللغة والجنس واللون والبلد.

83- الدنيا كلها لا تعدل في نظر المسلم ذرة من الإسلام.

84- من آفات الحياة الزوجية: أن الزوجين لا يتحدثان إلا قليلاً، لا لأن الأحاديث تنفد وتنتهي، بل لأنهما لا يحفلان الحديث ولا يردانه، والأحاديث لا تنتهي أبدًا .

85- لا أريد المساواة المطلقة التي لا تبقي غنيًّا ولا فقيرًا، فهذا ما لا يكون ولا ترضاه سنن الكون، ولا طبائع الأشياء، لا يكون إلا في أذهان الفلاسفة والشعراء، وأصحاب الأغراض من الدعاة، يشعبذون به على الناس، ويتخذونه سلمًا إلى غاياتهم، ووسيلة إلى أغراضهم، ولكن أريد المساواة المعقولة التي لا ينزل بها إنسان إلى منزل البهيمة في طعامه وشرابه ومسكنه، ولا يرتقي إنسان إلى الألوهية، يدّعيها كذبًا وبهتانًا[5].

هوامش:
[1] حث الإسلام على إكرام الضيف، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه))، وجاء النهي عن التكلُّف له؛ فعن شقيق قال: دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه، فقرب إلينا خبزًا ومِلحًا، فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن التكلف للضيف لتكلَّفْتُ لكم.
قال أهل العلم: التكلُّف المنهي عنه هو التكلف المذموم، الذي يقترض لأجله، أو يرهن لأجله، أو يتكلف ما لا يقدر عليه.
[2] لما بالغنا في تقديس العادات، أضعنا آداب الضيافة التي جاءت في الكتاب والسنة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 28].
[3] اعتقاد أهل السنة والجماعة: أن جنس العرب أفضل من غيرهم.
[4] فمن تمام حفظ الإسلام حفظ اللغة العربية.
[5] كلما زاد التفاوت بين طبقات الناس، زادت المشكلات الأخلاقية والجرائم.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
05-04-2018, 08:48 AM
86 - لكل مسيَّر غاية، والغاية مِن المدرسة: إما أن تكون الشهادة أو العلم أو الإعداد لخوض لجَّة الحياة والنضال عليها، أما الشهادة فلا بحث فيها؛ لأنها عرَض لا جوهر، ووسيلة إلى غيرها لا يصحُّ الوقوف عليها، وهي بعدُ كاسمِها (شهادة) قد تكون مزكَّاة عادلة، وقد تكون شهادة زور تُعطى لغير أهلها، وتُمنَح مَن ليس مِن مستحقيها.
أما العلم فاسألوا المتعلِّمين: ماذا بقيَ لهم من دروس الثانوية؟.
أقول: إني وجدتُ بالتجربة أنه لم يبقَ عندي الآن مما أمضيتُ في تعلُّمه السنين الطوال، إلا ما كان طبعي منصرفًا إليه، وما عدا ذلك من العلوم، فلا أكاد أعرف منه الآن إلا أشياء عامة جدًّا، وكلُّ مَن عرفتُ مِن الطلاب هذه حالهم، لا يستقرُّ في رؤوسهم إلا ما يَختصُّون به أنفسهم، وإلا خلاصات مُوجَزة، ولستُ أقول: دعوا هذه العلوم لا تُقرئوها التلاميذ، ولكن أقول:
إن هذا الخلط بين العلوم الكثيرة يؤدي إلى إضاعتها كلها، وهذا سرُّ ما نَشكوه من ضعف الطلاب، وما نلمَسُه مِن عقم القرائح، وفقْد المخترع الباحث.
ولو أنا رجعنا إلى طريقة أجدادنا الذين كانوا يتعلمون علمَين أو ثلاثة، فإذا أحسنوها شرَعوا بغيرها - لكان أجدى علينا، فمدارسنا إذًا لا توصل إلى الغاية العِلميَّة النظرية، فلنَنظر إلى الغاية العملية هل تبلغنا إياها؟، هل تُعِدُّ مدارسنا التلاميذ إعدادًا جيدًا للنجاح في الحياة وضمان الكسب الطيب والعيش الرغد، مع الخلُق القويم والإيمان الديني؟.
الجواب مشاهَد ملموس؛ هو أن مدارسنا لا (تكاد) تخرِّج اليوم إلا أطباء أو محامين أو موظفين، أما الوظائف فعددها محدود لا يمكن أن يتَّسع لكل المتعلِّمين ولا ينبغي أن يتسع لهم، أما التجارة والزراعة وسائر طرق الرزق، فإن أكثر أهلها ممن لم تخرِّجهم المدارس، بل خرَّجوا أنفسهم من مدرسة الحياة الكبرى[1].

87 - نظام التعليم في بلادنا كالبيت العتيق الخَرِب، المختلِّ الهندسة، الذي لا يَفتأ أصحابه يتعهَّدونه بالترميم والإصلاح، ولكنَّهم لا يَجرؤون على هدمه من أساسه وبنائه من جديد على هندسة صالِحة.

88 - أمانة (القلم) الذي منَّ الله به عليَّ، وجعَلني من أهله لأضرب به في كل ميدان إصلاح، وأقرع به كل معالم الفساد، لا تَمنعني من ذلك رهبة عدوٍّ، ولا رغبة في مودة صديق[2].

89 - رأسي عجزَتْ عن كسرِه أقلام كتاب فحول حاولتْه مِن قبْل، وألسنة خطباء مَقاول، وعصيُّ حكام جبابرة، فلن تكسره أقلام طريَّة، في أيدٍ ذات سوار، رَخصة البنان، محمرَّة الأظافر[3].

90 - إن جاز أن يمنع الرجلَ من الفاحشة: خلقُه وإرادتُه، قد ثبت أن المرأة لا يمنعها منها إلا دينها.

91 - العلم خير للمرأة بشرط أن تتعلَّم ما يُصلحها ويَصلُح لها، وألا يوجب تعلُّمها اختلاطها بالرجال؛ لأننا إن قدرنا العلم قدرَه، وعرفْنا له فضله، فلا نستطيع أن نفرط من أجله بالشرف ولا نضيِّع العرض، وهما أكبر قدرًا وأكثر فضلاً، وليس معنى هذا: أن كلَّ اختلاط يؤدي حتمًا إلى إضاعة العِرْض، لا، ولكن الغرائز موجودة، والشهوات مستقرَّة في النفْس، إنْ منعها سدٌّ، فقد تطغى فتحطِّم السدَّ أو تعلو عليه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، والعبرة بالشائع الغالب، لا الأقل النادر، وعلى ذلك نزلت الشرائع ووُضعَت القوانين.

92 - نحن نريد لها[4] أن تكون سيدة مخدومة لا خادمة، تأتيها حاجتها من غير أن تسعى إليها، وهم يريدون أن تسعى وتُزاحم الرجال، ولو اشتغلت بأخسِّ الصناعات وأحطِّ المهن، ويدَّعون مع ذلك: أنهم أنصار المساواة!!؟.

93 - إن ذهبت العربيَّةذهب معهاالقرآنفلم يبقَ دينٌ.

94 - الزوج هو الذي يَحكم على نفسه، ويختار طريقَه، فإذا دلَّل زوجه في الأيام الأولى، ومثَّل لها (دور العاشق في الروايات الخيالية)، ومنَحها قياده، وأنها الآمِرةُ الناهية عليه، وتذلَّل لها وخضَع - أَلِفَتْ ذلك منه، وتعوَّدته، فإذا طارت من رأسه سكرة الحب، وأحبَّ أن يحكم في الدار كما يَحكم رب الدار، وجد الأمر قد أفلت مِن يده، فيبدأ الخلاف، وإذا هو ضبَط نفسه في الأيام الأولى، ولم يعطِ إلا بمقدار، واستعمل عقله وسلطانه، ألِفَتْ منه الزوجة ذلك، فوجدت كل عطف منه بعد ذلك غُنمًا كبيرًا.

95 - من أسباب النَّكد البيتي، والشقاء الدائم: الخلاف على حقوق كل واحد مِن الزوجين، مع أن الشرع الإسلامي قد حدَّد حقوق الزوجين.

96 - إذا كانت الزوجة سيئة الخلُق رعناء،فإنها تدَعُ دار زوجها لأتفه الأسباب، وتذهب مغاضبة تشكو إلى أهلها وتَستعديهم، فإذا كان أهلها عقلاء ردُّوها إليه، وأصلحوا ذات بينهما، ولامُوها على خلوةٍ بها، كما يلومونه على خلوة به، فيؤلِّف الله بهم بين القلبين، وتعلم الزوجة أنه لا ملجأ لها إلا دار زوجها، ولا منجى لها إلا حسن خلُقِها؛ فترضى وتستقيم، وأما إذا كان أهلها جاهلين يَغضبون لها غضبة الجاهلية، فيُعينونها على طلاقها ويَزيدون في عنادها فيخربون بيوتهم بأيديهم، ويسوقون الشقاء إلى فتاتهم، ويكونون شرًّا عليها وعلى زوجها ووبالاً.

97 - كل شيء يُحتمل؛ضياع المال والتعب والشقاء، ويجد الإنسان عزاءه عنه في انتظار ثواب الله في الآخرة، يجد عزاءه في الدين، فإذا ضاع الدِّين، فأين يجد العوض منه والعزاء فيه!!؟.

98 - قد تثور الثائرة بين الزوجين لغير ما سبب واضح،كأن يكون الزوج متألمًا في نهاره أو مصابًا بمصيبة لا يحبُّ أن يسوء بها أهله، فيدخل مقطبًا من حيث لا يشعر، فتحسب الزوجة أن ذلك موجَّه إليها، فتغضَب وتُعرض، فيألم الزوج في نفسه، ويظنُّ أنها رأته في مصيبة، فأعرضَت عنه بدلاً من أن تعطف عليه وتواسيه، وينأى كل واحد منهما عن الآخر، ويوسوس له الشيطان حتى يُصبِحا متنافرَين حقًّا، وهذا مشهور يتكرَّر تمثيله دائمًا، وداء يعتاد الأزواج في كل حين، ودواؤه الناجع: كلمة يقولها أحدهما يشرح بها حاله، وقهر لهذه الكبرياء الخبيثة التي تَمنعه من هذه الكلمة.

هوامش:
[1] في بلادنا يقضي الطالب اثنتي عشرة سنة في التعليم العام وفي التخصُّص أربع سنوات، ولو أُنقصت سنوات الدراسة العامة وزيدت في التخصُّص لكانت الفائدة أكبر للطالب وللمجتمع.
[2] هذه صفة الكاتب المُسلم.
[3] وقد شاهدت رجالاً لم تَثنهم القوة عن اتِّباع الحق، فلما جالسوا النساء بحجة التعليم أو المناظرة انتكسوا على أعقابهم.
[4] أي: المرأة.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
09-04-2018, 08:45 AM

99- العصر عصر الحرية، حرية المجنون الذي يفعل كل ما يشاء، فيخلع اليوم ثوبه، وغدًا دينَه وعقله، ولا يستطيع أحد أن يقول له: دَعْ!.
حرية راكب السفينة الذي يخرق مكانه ليدخل عليه الماء، فيستنقع فيه، يقول: هو مكاني أفعل به ما أشاء، فما لكم ولمكاني؟!. ((فإن أخذوا على يده نجا ونجَوْا، وإن تركوه هلَك وهلكوا))[1]، والنار إن شبَّت في البيت لا تُحرق مَن أضرمها وحده، وإنما تحرق الجميع، والفجور إن انتشر لا يُهلِك الفاجر وحده، وإنما يُهلك الجميع[2].

100- إن اللهَ خلَق الشهوة، وأمر بكفِّ شِرَّتها وكسرِ حدتها، وشرع لها طريقًا مرسومًا كيلا تطغى كما يطغى النهر إذا خرج عن سبيله، وجاوز مجراه، وهذا الطريق هو: الزواج، وأقام لها الحواجز والسدود، فخوف المرض سد، فعطلتم حدود الله، فلا تقام على زانٍ، ووضعتم قوانين تكاد تبيح ثلاثة أرباع الزنا، ولا تعاقب إلا على الربع الباقي، ومنعتم الفضيحة حين جعلتم هذا المنكر معروفًا، وأعلنتموه وقد كان شرًّا مستترًا، وجعلتموه تمدُّنًا وقد كان وحشية وخزيًا وعارًا، واستعنتم بالطب على تجنُّب المرض، فأدخلتم الذئبَ على غنَمكم[3].

101- من الناس من يدعي الأدب، ثم يَزِنُ أهله بميزان الحكومة، فيضع قيمتهم الأدبية في كفة، ويضع في الكفة الأخرى درجتهم في (الوظيفة)، ومَبلَغ ما يقبضون من مرتب، ويدللون على هذا المنطق السقيم بأن الحكومة لو لم تجده أعلمَ العلماء وأبرع الأدباء ما أحَلَّتْه هذه المنزلة؛ فالطعن في تقدُّمه طعن في الحكومة، ونفي لحسن التقدير عنها.. وامتد هذا الجهل إلى الصحف، فصارت تقدم من الأدباء من قدمته الحكومة[4].

102- الموظفون الجاهلون المتزلفون الذين يتقربون إلى المفتش الشاعر أو الرئيس الأديب بإذاعة فضله، والثناء عليه، ومنحه الألقاب جزافًا، ويستمرون على ذلك ما استمر قاعدًا على كرسيه؛ لأنهم عباد صاحب الكرسي، فتؤثر هذه الدِّعاية - على بطلانها - في نفوس الأخلياء، وينال هذا المفتشُ الشاعر شهرةً ومنزلة لم تقم على أدبه وإنتاجه، وإنما قامت على أرجل كرسيه الأربع، وألسنة أتباعه التي تشبه أرجل الكرسي، وربما خدع التاريخ بهذه الشهرة - والتاريخ يخدع أحيانًا - فانطمس الحق وعمَّتِ البلية[5].

103- قيمة الأديب بإنتاجه ومواهبه، لا بوظيفته وراتبه.

104- لا أعرف زوجين لا يختلفان، ولكن خلاف الأزواج كحريق في كومة من القش ملقاة في رحبة الدار، إذا أطفأته أو تركته ينطفئ همد بعد لحظة، وحمل الريح رماده، فلم يرزأك رزءًا، ولم يعقبك أذى، وإن هِجته أو أدنيت منه ثوبك، أو قرَّبته من بيتك، أحرق الثوب وخرَّب البيت[6].

105- إن الرجل يغتفر لصديقه ما لا يغتفر لزوجته، وما ذلك إلا لأنه يصدق الخرافة التي تقول:" إن الرجل والمرأة كليهما مخلوق واحد؛ فهو يريد منها أن تفكر برأسِه، وهي تريد منه أن يُحسَّ بقلبها، مع أن الناس كخطوط مستطيلة وفيها اعوجاج يسير، فإذا كانت متباعدة بدَتْ للعين متوازية متوافقة تضيع من البعد هذه الفوارق الصغيرة بينها، فإذا تدانت وتقاربت، بانتِ الفجوات، فأنت تصحب الصديق عشرين سنة، فلا ترى بينك وبينه اختلافًا، ثم ترافقه أسبوعًا في سفر، فترى في هذا الأسبوع ما لم ترَه في السنين العشرين، فتشنَؤُه وتُبغِضه وقد كنت تحبه وتؤثره"[7].
والله لم يخلقِ اثنين بطباع واحدة، لا الصديقين ولا الزوجين، فليكن الزوجان متباعدين قليلًا، حتى لا يظهر الاختلاف بينهما، وليكن بينهما شيء من الكلفة والرسميات، كما يكون في عهد الخطبة وأوائل الزواج، ولتكتُمْ عنه بعض ما في نفسها؛ فإنه ما تكاشَف اثنان إلا اختلفا.

106- المرء يتظرف ليظرف، ويتلطف ليلطف، ويساير الناس ليحبه الناس، فإن لم يفعل ثقل عليهم.

107- لا بد لدوام المودة[8] من اغتنام الفرصة لإظهار العاطفة المكنونة بحديث حُلوٍ، أو مفاجأة منه: هدية ولو صغرت، وطُرفة ولو قلَّت، واهتمام منها بصحبته وراحة نفسه ومطعَمه وملبَسه وكتبه، وأن يصبر كل منهما على غضب الآخر وتعتُّبِه.

108- رمضان يؤلف بين القلوب المتباينة، ويجلو الأخوّة الإسلامية رابطة (المسلم أخو المسلم)، فتبدو في أكمل صورها، فيتقابل الناس عند الغروب تقابل الأصدقاء على غير معرفة متقدمة، فيتساءلون ويتحدثون، ثم يتبادلون التمر والزبيب، ويقدمون الفطور لمن أدركه المغرب على الطريق، فلم يجد ما يفطر عليه، تمرات أو حبات من زبيب، هينة في ذاتها، تافهة في ثمنها، ولكنها تنشئ صداقةً، وتدل على عاطفة، وتشير إلى معنى كبير.

109- لقد فقدتُ أُنْسَ قلبي يوم فقدت أمي، وأضعتُ راحة رُوحي يوم افتقدت رمضان.

110- الترجمة لا تحمل دائمًا المعنى كله.

هوامش:
[1] قال صلى الله عليه وسلم: ((مثَل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذي في أسفلها إذا استَقَوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا ونجَوْا جميعًا))؛ رواه البخاري.
[2] لا توجد حرية مطلقة في أي مكان من العالم، إنما هي حرية مقيدة، وتختلف هذه القيود من بيئة إلى أخرى؛ فالحرية لدى الغرب تتيح للشخص فعل ما يشاء، حتى لو ضرَّ نفسَه، بشرط ألا يضر غيره، والإسلام جاء بالحرية المنضبطة؛ فكل ما حرَّمه الشرع من المقاصد أو الوسائل نجد أن فيه ضررًا على النفس أو على الغير من المخلوقات الحية أو غير الحية.
[3] من الحكمة في الدعوة إلى الله: أن يستعمل الداعية الأسلوب الأنسب لحال المدعو، سواء بذكر الآيات المسموعة أو الكونية أو غيرها مما ينتفع به المدعو، كما فعَل صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي جاء يستأذِنُه في فعل الزنا.
[4] للأسف أصبح هذا في كل العلوم والفنون.
[5] قد عمَّتِ البلوى بهؤلاء الموظفين في كثير من الأعمال، وهم سببٌ في صناعة الطواغيت.
[6] لزوم الصمت من أحد الزوجين عند غضب الآخر، وبخاصة الزوج، يعتبر من الأساليب النافعة في إصلاح كثيرٍ مِن مشاكل الزوجين.
[7] السفر والمال يكشفانِ لك حقيقة أخلاق البشر.
[8] يقصِدُ - رحمه الله - بين الزوجين.

  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: الدرر البهية من التقريرات الطنطاوية
16-04-2018, 09:11 AM
111 - إذا أردنا أن نَحفَظَ أوقاتَنا، وأن نُصلِح عاداتنا، وأن نوفِّر أموالنا، وأن نُريح عيالَنا، فلنرجع إلى آداب الإسلام في الزيارة لا إلى عادات الجاهلية[1].

112 - الهدايا إن كانت عن طيب قلبٍ، ولم يكن فيها تضييقٌ على المُهدي، قوَّت الصداقةَ، وأكَّدت الود[2].

113 - لماذا تكونُ هدايانا من الكَماليات التي لا يُحتاج إليها؟.
إن الهديةَ دَيْنٌ عليك قضاؤه، ومن أهدى إليك اليوم، وجب عليك أن تُهدِيَ إليه غدًا، فإذا جاءك بما تحتاج إليه وفَّر عليك ثمنَه، أما إن جاءك بهذه الترَّهات التي لا تَنفَعُ ولا تفيد، ولا ضرورة إليها، لم يُوفِّر عليك شيئًا[3].

114 - قِيَمُ الأشياء ليست بأثمانها، وربما كان الغالي الثمن هو القليلَ القيمة، وربما كان القيِّم هو الرخيصَ، ما هو أغلى شيء في الدنيا؟: الألماس؟ الجوهر؟ ما قيمتُه؟.
إن الإنسان يستطيع أن يعيش أحسنَ عيشةً بلا ألماس، ولكنه لا يستطيع أن يعيش دقيقة بلا هواء، والهواء بلا ثمن، يليه الماء، والماء ما له ثمن، وموجود في أكثر الأمكنة، يليه الخبز، وثمنه رخيص، وهو كثير.
فالثمن غير القيمة، وقيمة الهدايا ليست بأثمانها، بل بتقدير المُهدَى إليه لها.
المُولَعُ بالفن يُفضِّل لوحة رسام معروف عن سجادة بأضعاف ثمنها، والصياد يفضل بندقيَّة صيد نادرة عن خاتم بأضعاف ثمنها، والمرأة تُفضِّلُ الخاتم الجميل على نسخة مخطوطة من كتاب نادر.

115 - مَن كان عنده فرحٌ، فلا يَحسَبْ أن الدنيا له وحده؛ فيجعل أهلَ الحارة كلَّهم في كدرٍ وترح من أجل هذا الفرح.

116 - إن الصحافةَ لسانُ الشعب، تعلنُ شكاوِيه، وتدفَعُ المظالم عنه، وتَكشِفُ كُرُبَه، وتصف آلامه[4].

117 - التقسيط نقمةٌ لا نعمة.

118 - الصديقُ الذي يزورك يريدك أنت، لا يريد الكرسيَّ ولا الثريا، والذي يزور الكرسيَّ والثريا، لا يريدك أنت، فلا ينبغي أن تريدَه.

119 - أكبر نصيحة للناس عامة، وللنساء خاصة هي: أنه لا يجوزُ لإنسان أن يشتريَ ما لا يحتاج إليه مهما كان رخيصًا، ويجب عليه أن يشتريَ الشيء الضروري ولو كان غاليًا.

120 - العاقل مَن اعتبر بغيره قبل أن يصير هو عبرةً للناس.

121 - العزمُ ليس عقدَ النية فقط، بل اتخاذ الأسباب.

122 - أُقرِّرُ أمرَيْنِ عرفتُهما من التجربة، لا أدري ماذا يقول فيهما علماءُ النفس، ولكني أدري أن علم النفس ما هو إلاَّ مجموعة تجارب:
الأول:أن العادات يمكن تبديلُها مهما تمكَّنت من الإنسان.
والثاني: أن كلَّ عمل تعمله يكون - إذا واظبت عليه - بدايةَ عادة جديدة.

123 - فليَنظُرْ كلُّ واحد منكم إلى عاداته، فما كان منها سيئًا، فليَعمَلْ على تبديله، والصعوبة في التبديل هي في البداية فقط، ثم يسهل الأمر وتخضع النفس[5].

124 - العادة تَثبُتُ بمرَّة، فيكفي أن تصنعَ الشيء مرةً واحدة؛ ليكون لك عادة.

125 - إن في هذه الكتب الصفراء التي انصرف الشباب عنها ذخائرَ من العلوم[6]، ولكنَّا تعوَّدنا ألا نقيم لقولٍ وزنًا إلا إذا قالَه عالمٌ أوربي أو أمريكي!!؟.

126 - لا يقولَنَّ أحدٌ: (هذه عادتي لا أستطيع تبديلها)؛ فإنك إن تركت هذه العادة مرة، واتخذت غيرها، تبدَّلَتْ عادتُك.

127 - سلاح النساء هو: البكاء.

128 - إن سلوك الإنسان مجموعة عادات: عادات في الأكل وفي الشرب، وفي المشي وفي اللبس، وفي أسلوب مخاطبة الناس... بها يكون الإنسان محبوبًا، أو يكون مكروهًا، وبها يكون موقَّرًا محترمًا، أو يكون مزدرى محتقَرًا، وربما يكون هذا الحبُّ وهذا الكره، وهذا التوقير وهذا التحقير - لعادةٍ تافهة لا يأبه صاحبها لها، ولا ينتبه إليها.

129 - إن العاقلَ هو الذي يعتبر نفسه دائمًا كالتلميذ في المدرسة، يسعى كلَّ يوم ليتعلَّم شيئًا جديدًا، ثم يعمل بكل خير يتعلمه.

هوامش:
[1] لأن الإسلام يشمل جميع شؤون الحياة، فما من سلوك حسَن عرفتْه البشرية إلا وهو قطرة في بحر الآداب الإسلامية.
[2] قال صلى الله عليه وسلم: ((تَهادَوْا تَحابُّوا)).
[3] لذا من الأفضل أن يُنظَر في حاجة المُهدى إليه، فيعطيه هدية تناسب حاجته.
[4] هذا هو الأصل فيها، لكن في زمننا أصبحت كثيرٌ من الصحف شرُّها أكثر من خيرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأصلح الله القائمين عليها!
[5] قال صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما يَنفَعُك، واستعن بالله ولا تَعجِزْ))، فمن العجز: الاستسلام للعادات السيئة، والاستشهاد ببعض الأقوال كقولهم: "مَن شبَّ على شيء شاب عليه" أو: "نزع جبل أهونُ من تغيير عادة".
[6] أي: كتب المتقدمين من السلف الصالح رحمهم الله، فأصبحنا نستقي من الغرب علومَ التربية والفكر والسلوك وكافة العلوم الإنسانية، مع أنه فيما كتب أسلافنا رحمهم الله ما يفي بالغرض، ويُغني عن غيره.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:16 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى