تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى التاريخ > منتدى التاريخ العام

> الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:03 PM
الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي الدمشقي

رائد النهضة في بلاد الشام
الشيخ الطاهر الجزائري نموذج للمعلم المربي والداعية رائد النهضة في بلاد الشام
بقلم هاني المبارك(*)


طاهر الجزائري ابن الشيخ صالح بن أحمد السمعوني الوغليسي الجزائري الدمشقي الحسني، أما نسبته على سمعون فهي قبيلة جزائرية كانت تقيم في منطقة القبائل قرب بجاية، وأما نسبته إلى وغليس فهو واد نسب إليه بنو وغليس، أو أن الوادي سمَي باسمهم، وأما نسبته إلى دمشق فلأنها كانت وطنه الثاني حيث ولد فيها وعاش وتوفي فيها، ودفن في سفح جبل قاسيون، وقبره هناك تكاد تضيع آثاره(1).‏
وتنسب أسرته إلى الحسن بن علي بن أبي طالب ولهذا عرف بالحسني. أما والد الشيخ طاهر وهو الشيخ صالح فقد هاجر من الجزائر بعد نفي الأمير عبد القادر الجزائري إلى فرنسا على إثر توقف ثورته، وكانت هجرة الشيخ صالح مع مجموعة من شيوخ الجزائر وعلمائها إلى بلاد الشام، وعرفت هذه الهجرة بهجرة المشايخ وكانت سنة 1263هـ /1847م.‏
كان الشيخ صالح من علماء الجزائر فهو فقيه اشتهر بعلم الفلك وعلم الميقات وله رسالة في هذا العلم، كما أنه مال إلى علوم الطبيعة والرياضيات.‏
وقد عهد إليه بإفتاء المالكية في دمشق لأن معظم المهاجرين الجزائريين كانوا على المذهب المالكي. واشتهر بدمشق بعلمه وفضله وأخلاقه. واشتهر من أبناء أسرته ابنه الشيخ طاهر وابن شقيقه سليم الجزائري الذي كان من كبار ضباط الجيش العثماني والذي انتهت حياته شهيداً من شهداء السادس من أيار على يد جمال باشا السفاح عام/1916م/1334 هـ وهو من مؤسسي الجمعية القحطانية وجمعية العهد.‏
نشأته ودراسته وأخلاقه:‏
ولد الشيخ طاهر في دمشق سنة 1268 هـ/1851م وتعلم على يد والده أولاً ثم التحق بالمدرسة الجقمقية المجاورة للجامع الأموي في منطقة الكلاسة ثم لازم أستاذه الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني، وكان معجباً به، فأخذ عنه بعض عاداته وأخلاقه، كالولع بالمطالعة والبعد عن حب الظهور والبدع والتمسك بلباب الدين ومعرفة أسرار الشريعة وكراهية التعصب والجمود. فكان أثر هذا الأستاذ الفاضل كبيراً في تلميذه الشيخ طاهر كما أشار إلى ذلك الأستاذ محمد كرد علي عند حديثه عن الشيخ طاهر حيث قال:«إنه اتصل بعالم عصره الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني وكان فقيهاً عارفاً بزمانه واسع النظر بعيداً عن التعصب والجمود على قدم السلف الصالح بتقواه وزهده».‏
أثره في تلامذته:‏
«وفي عام 1292هـ/1875م عين الشيخ طاهر معلماً فبرز بين أقرانه بذكائه وسعة مداركه وثقافته وفصاحة لسانه وقوة حجته وحضور بديهته، كما عرف بطبعه الجزائري المتميز بعصبية المزاج وكراهية النفاق والمحاباة»(2).‏
كان الشيخ طاهر يكره الغيبة والنفاق ويحارب البدع والخرافات ويكره القيود ولهذا عزف عن الزواج، كان يحب الشاي الأخضر والقهوة، كان موسوعة ومدرسة متنقلة وقد طبعت مدرسته تلامذتها بالفكر الواعي المستنير وبالجرأة في الحق وعفة النفس والعزة والإباء مستهدفاً إحياء المعاني العربية والروح الإسلامية داعياً إلى الاقتباس من الغرب ما فيه صلاح الأمة وتقدمها.‏
إن موقف الشيخ طاهر ومواقف تلامذته المتأثرين به تكشف عن كل ذلك وكثير من تلاميذه سجن أو نفي وشرد أو أعدم.‏
ومن أمثلة تأثير الشيخ طاهر على تلامذته تأثيره الكبير في تلميذه محمد كرد علي الذي كتب الكثير عن أستاذه الشيخ طاهر من ذلك أنه حرص على مرافقة أستاذه حتى آخر حياته، ومما قاله في هذا المجال: اتصلت بالأساتذة الشيخ طاهر الجزائري والسيد محمد المبارك والشيخ سليم البخاري وأخذت عنهم وعن غيرهم من مشايخ الطبقة الثانية كل ما وسعني قراءته من كتب اللغة والأدب والبيان والاجتماع والتاريخ والفقه والتفسير والفلسفة فكان العامل الأكبر في توجيه إرادتي نحو الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي والإقدام على التأليف والنشر وإثراء محبة الأجداد والتناغي بآثارهم والحرص على تراث حضارتهم أستاذي الأكبر الشيخ طاهر الجزائري ، فما زلت ألزمه منذ اتصلت به إلى أن ذهب إلى ربه(3).‏
إن كل الذين كتبوا عن الأستاذ الرئيس محمد كرد علي أعادوا معظم عاداته وأخلاقه إلى أثر أساتذته فيه وفي مقدمتهم الشيخ طاهر الجزائري، ومن هؤلاء شفيق جبري وجمال الدين الألوسي وأنور الجندي وحسني سبح.‏
ومما قاله الأستاذ جبري في هذا المجال:«إن من يطالع ترجمة الأستاذ محمد كرد علي للشيخ طاهر يعلم مقدار اتصاله به فما كان يغفل عن ناحية من نواحيه فالشيخ طاهر يعلم مقدار اتصاله به فما كان يغفل عن ناحية من نواحيه فالشيخ طاهر هو الذي دلَه على ما يجب أن يطالعه من كتب المتقدمين في الأدب والتاريخ والاجتماع وغير ذلك. وهو الذي أحسن اختيار هذه الكتب فحسن ذوق كرد علي بحسن اختيار أستاذه. ولو لم يرزق كرد علي طبقة مثل الشيخ طاهر الجزائري لتغير وجهة ثقافته(4).‏
وقال حسني سبح عن محمد كرد علي:«وقيَض الله لهذا الشاب الموهوب من يهديه سواء السبيل في جميع نواحي الحياة، ذلكم هو الشيخ طاهر الجزائري الذي قال فيه الأستاذ الرئيس: إنه صدر الحكماء وإنه من أشرب قلبي حب العرب وهداني إلى البحث في كتبهم فسار كرد علي على هدى أستاذه واقتفى أثره فأكثر من المطالعة في كتب السلف... وقد تربى على أيدي ذلك الشيخ الجليل حفنة من المستنيرين والمثقفين الذين كانوا يتحلقون حوله ويغترفون من معين علمه»(5).‏
وقال الألوسي في معرض حديثه عن الأستاذ كرد علي:«كانت نزعة الإصلاح ذات جذور في أعماق نفسه بفضل فطرته وتربيته ولأساتذته الفضل الأكبر في إذكاء هذه الروح وعلى رأسهم الشيخ طاهر الجزائري»(6).‏
وقد شكل الشيخ طاهر الجزائري في بلاد الشام وفي دمشق بالذات حلقة أدبية وثقافية ضمت عدداً كبيراً من المفكرين والشباب كانت تدعو إلى تعليم العلوم العصرية، ودراسة تاريخ العرب وتراثهم العلمي وآداب اللغة العربية والتمسك بمبادىء الأخلاق الدينية والأخذ بالصالح من المدينة الغربية(7).‏
كانت حلقة الشيخ طاهر الجزائري تضم عدداً من الشيوخ والشباب النابهين وكان منهم الشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ عبد الرزاق البيطار، والشيخ سليم البخاري ورفيق العظم، ومحمد كرد علي، وشكري العسلي، وعبد الوهاب المليحي (الإنكليزي)، وعبد الحميد الزهراوي، وعبد الرحمن الشهبندر، وفارس الخوري، ومحب الدين الخطيب(8)، ومحمد سعيد الباني.‏
حامل لواء النهضة في بلاد الشام:‏
كان الشيخ طاهر الجزائري شعلة أضاءت بلاد الشام في وقت ساد فيه الظلام والجهل والجمود الفكري والتعصب والتخلف، وخير من وصف دمشق في القرن التاسع عشر للميلاد الأستاذ محمد كرد علي حيث يقول بأنه أدرك دمشق وليس فيها طبيب قانوني ولا صيدلي قانوني، ولا حقوقي قانوني واحد ممن درسوا هذه الفروع على الأصول.‏
فكان ظهور الشيخ طاهر في بلاد الشام الشعلة التي أنارت ظلمات الجهل والتخلف فتفتحت على يديه عقول عدد من الشباب الذين رفعوا لواء النهضة العربية والإسلامية في بلاد الشام.‏
لقد كانت المدارس في بلاد الشام على نوعين، فهي إما أنها مدارس تبشيرية وطائفية تهتم بتدريس العلوم العصرية واللغات الأجنبية وتعد تلامذتها لممارسة الحياة العامة في مختلف النواحي في المهن والتجارة ووظائف الدولة، أو أنها مدارس قديمة، الرسمية منها والخاصة، ذات طرق عفَّ عليها الزمن عتيقة وعقيمة تدرس اللغة العربية وقواعدها وآدابها باللغة التركية وحتى القرآن الكريم تحفَظ آياته دون معرفة معانيه، ولا يعرفون من اللغة إلا النصوص ، ولا يفرقون بين الصحيح من الحديث وبين الموضوع أو الضعيف ولا تستقيم لهم جملة، كما وصف حالهم هذه الأستاذ محمد كرد علي في مذكراته...‏

يتبع...
التعديل الأخير تم بواسطة لخضر من العاصمة ; 06-10-2008 الساعة 05:32 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:15 PM
الشيخ طاهر ومدحت باشا:‏
وسط هذا الجو المظلم لمع نجم الشيخ طاهر وحدث أن تسلم ولاية دمشق الوالي العثماني مدحت باشا سنة 1296هـ /1878م، الذي عرف بحبه للإصلاح فاعتمد على الشيخ طاهر بالإشراف على حركة التعليم وفتح المدارس في بلاد الشام فشمر الشيخ عن ساعد الجد ووجد في ذلك فرصة سانحة لإشباع رغبته بما كان يملأ قلبه وفكره، فبدأ بتأسيس المدارس فأنشأ في دمشق أول ثانوية، وأسس أول مدرسة لتعليم البنات، كما اهتم بتأسيس المكتبات العامة، فأنشأ في دمشق المكتبة الظاهرية، واهتم أيضاً بتأسيس المكتبة الخالدية في القدس، فكانت خطواته هذه خطوات جبارة بالنسبة لذلك الوقت الذي خيم فيه التعصب والجمود والجهل.‏
وقد كان الأستاذ محمد كرد علي وفياً لأستاذه الشيخ طاهر، وكذلك كان من تلاميذه الأوفياء لأستاذهم محمد سعيد الباني الذي أصدر كتاباً على إثر وفاة الشيخ طاهر وفاء له سماه (تنوير البصائر في سيرة الشيخ طاهر) أتى فيه على ذكر أهم أعمال أستاذه من إنشاء المدارس وتصنيف الكتب النافعة للناشئة وبحثه عن المخطوطات وجمعها وسعيه في إحياء التراث العربي لغة وأدباً وتاريخاً، وعمله في ميدان التحرر من جميع مظاهر التخلف وقيوده والعودة إلى الإسلام بمفاهيمه السلفية النقية وتشجيعه للصحافة ونشرها بين الناس وسيلةً للتوعية.‏
وأتى الباني في كتابه أيضاً على ذكر سيرة الشيخ طاهر من مولده ونشأته وأخلاقه وعلمه وأساليبه في التعليم وآرائه وسياحاته حتى وفاته.‏
وقد تأثر الباني بآراء أستاذه الشيخ طاهر شأنه في ذلك شأن بقية تلاميذ الشيخ طاهر فكان يكتب المقالات في الصحف يطالب فيها بالإصلاح بكل جرأة منتقداً المساوئ التي عمت الدولة العثمانية، وقد تمَ نفيه إلى الأناضول بعد أن صدر الحكم عليه بذلك في المحكمة العسكرية في «عاليه» التي حكمت على إخوانه بالإعدام وسيق معظمهم إلى المشانق في بيروت ودمشق في 6 أيار 1916.‏
كان الشيخ طاهر الجزائري من الذين حملوا لواء النهضة العربية في أوائل القرن العشرين، ومن يقرأ سيرة تلامذته من أمثال محمد كرد علي ومحمد سعيد الباني وسليم البخاري وسليم الجزائري وعبد الحميد الزهراوي وشكري العسلي وعبد الوهاب الإنكليزي وفخري البارودي وعبد القادر المبارك يدرك مدى تأثير الشيخ طاهر بهم.‏
ومما يدل على بعد نظر الشيخ طاهر أنه حين حدث انقلاب في الدولة العثمانية عام 1327هـ/1909/ والذي قام به جماعة الاتحاد والترقي وقضوا به على عهد السلطان عبد الحميد الثاني وتسلموا حكم السلطنة فرح الناس وظنوا أنهم تخلصوا من حكم طاغية ومستبد وتبعهم في ذلك معظم رجالات العرب الذين أعلنوا عن فرحتهم بهذا الانقلاب.‏
جهود الشيخ طاهر في مصر:‏
خلال رحلة قام بها الشيخ طاهر إلى مدينة القدس علم أن رجال الأمن الأتراك قد فتشوا داره في دمشق فأخذ حذره وتوارى عن النظار فترة من الزمن كان خلالها يتنقل سراً مفكراً بالهجرة من بلاد الشام ، فوجد أخيراً أن خير بلد يهاجر إليه مصر، لبعدها عن قبضة الدولة العثمانية بعد أن كانت قد احتلتها بريطانيا منذ عام 1882م.‏
ونجح بالإفلات من قبضة مخابرات السلطة العثمانية عام 1325هـ/ 1907 م ووصل إلى القاهرة حاملاً معه ما استطاع حمله من كتب ومخطوطات نادرة، وأقام في بيت متواضع في حي عابدين، وكان يشتري بعض الكتب ويبيعها بربح بسيط ليعيش به.‏
وكانت تأبى عليه عزة نفسه أن يقبل أية معونة أو مساعدة، وكان يملك أنفس المخطوطات وربما كان بينها مخطوط وحيد في العالم، ومن ميزاته التي عرف بها أنه كان لا يبيع كتبه ومخطوطاته إلا لجهة يضمن فيها النفع العام، كالمكتبة التيمورية أو المكتبة الوطنية في القاهرة. وقد عاتب صاحب جريدة المؤيد لأنه بذل وساطة لدى الخديوي ليجري راتباً شهرياً للشيخ طاهر ليعيش منه. وقال له: «الأحسن يا أستاذ ألا تعرض نفسك لما قد يسود وجهك بسببي ولا حاجة بي إلى الرواتب ولا إلى الوظائف» .‏
كان الشيخ طاهر في مصر يقوم بتحرير بعض الصحف بأجر زهيد، وألف كتاباً في أصول الفقه ومصطلح الحديث، وعندما حدث الانقلاب الدستوري في الدولة العثمانية عام 1326 هـ/1908م وكان قد مضى حوالي سنتين على هجرته إلى مصر ثم أعقبه الانقلاب النهائي الثاني عام 1327هـ/ 1909م حيث أطاح الاتحاديون بالسلطان عبد الحميد الثاني وتسلموا الحكم، رفض العودة إلى دمشق فكان بعيد النظر حيث علم أن الحالة ستزداد سوءاً بوصول الاتحاديين إلى الحكم وباستبدادهم به حيث كانوا أشد سوءاً وأعظم خطراً من استبداد الفرد خاصة بما كانوا يحملونه من أفكار عنصرية وقومية طورانية ضيقة ومبادئ لا دينية لا تتفق مع ما كان يؤمن به الشيخ طاهر ويدعو إليه ولهذا استمر مقيماً في مصر، وربما لو أنه عاد إلى دمشق لكان في عداد الذين أعدموا في 6 أيار عام 1916 وكان معظمهم من تلاميذ الشيخ طاهر وحملة أفكاره.‏
أما عن أثر الشيخ طاهر الجزائري في مصر فيحدثنا عنه الأستاذ أنور الجندي فيقول: «والحق أن الشيخ طاهر الجزائري العملاق لم يكن قوي الأثر في هذه المجموعة من رجال الشام وحدها، ولكنه كان عميق الأثر في المجموعة التي عرفها وعاشرها في القاهرة خلال حوالي أربعة عشر عاماً أقامها في مصر. وقد ألهب وجدان من عاشره وخاصة الأحمدان، أحمد تيمور باشا، وأحمد زكي باشا الملقب بشيخ العروبة، ليس بأسلوبه وحديثه فحسب لكنه بأسلوب عيشه ونظام حياته.‏
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:16 PM
الخاتمة:‏
وكثيراً ما كان والدي الشيخ عبد القادر المبارك ـ رحمه الله ـ يحدثنا عن أستاذه الشيخ طاهر، ومما كان يذكره لنا حرص الشيخ طاهر على الوقت، ولهذا كان يغضب كثيراً ممن يخلف الموعد معه لأنه كان حريصاً على التوفيق بين حلقاته التي كان ينتقل بها بين بيت وجامع أو بين بيت وبيت، ولهذا كان لا يهتم بمظهره كثيراً فجبته كانت تحمل الكثير من بقع الطين في الشتاء ولا يريد من أحد ـ على كثرتهم ـ أن ينظف له جبته خشية التأخر بإعادته له عند عزمه على مغادرة الدار، وحتى الطعام فقد كان كثيراً ما يأكل مما يحمله في جيبه من الكعك أو الخبز وهو في طريقه بين حلقتين أو درسين. أما رفيقته الدائمة فهي مظلته التي كان يحملها صيفاً وشتاءً لتقيه وهج الشمس في الصيف ومياه الأمطار في الشتاء.‏
لقد كان الشيخ طاهر نموذجاً فريداً بين المعلمين والمربين والمفكرين والدعاة من رواد النهضة لدى شعوبهم، ويكفيه فخراً أن يقول فيه أحد كبار تلامذته وهو الأستاذ الرئيس محمد كرد علي أنه:«لولا ما قام به من التذرع بجميع ذرائع الإصلاح لتأخرت نهضة المسلمين في بلاد الشام أكثر من نصف قرن».‏
لقد غرس الشيخ طاهر الجزائري في تلامذته من الأخلاق ما نحن بأمس الحاجة إليه من الجرأة في الحق والبعد عن الرياء والمداهنة والنفاق، والحرص على التقيد بالمواعيد وعدم إضاعة الوقت، والتمسك بلباب الدين والبعد عن التعصب والجمود وحب الحرية والاعتماد على النفس والدعوة إلى الاقتباس من حضارة الغرب ما فيه فائدة للأمة والبعد عن اقتباس الفاسد من تلك الحضارة.‏
وأخيراً عاد الشيخ طاهر إلى دمشق فعين فيها مديراً للمكتبة الظاهرية التي كان قد أسسها، واختير عضواً في المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية اليوم) وذلك عام 1338هـ/1919م وتوفي في مطلع عام1339هـ/1920م بعد أربعة أشهر من عودته من مصر. ولم يتزوج في حياته قط لانشغاله بالعلم ومطالعة الكتب. ولقد نعاه تلميذه رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق الأستاذ محمد كرد علي بقوله:«فجمع مجمعنا العلمي لأول مرة منذ نشأته بعضو عظيم من أعضائه ومفخرة من مفاخر هذا الشرق وإمام نابغة بعلوم الدين والدنيا أستاذنا وحامل لواء المعارف في ديارنا الشيخ طاهر الجزائري» .‏
وحين أصدر الأستاذ كرد علي كتابه كنوز الأجداد بعد وفاة الشيخ طاهر بثلاثين عاماً أي عام 1950م لم ينس أن يهديه إليه فقال في الإهداء: إلى روح من أشرب قلبي حب العرب وهداني إلى البحث في كتبهم صدر الحكماء سيدي وأستاذي العلامة الشيخ طاهر الجزائري أهدي كنوز الأجداد.‏
بمثل هذا الأستاذ العظيم تفخر الأمم حيث أوجد جيلاً من رجال النهضة ما تزال آثارهم في مجال الثقافة والسياسة تملأ الصفحات فجزاه الله أحسن ما يجازي مصلحاً عن أمته، وأكثر الله من أمثاله في أمتنا ورحمة الله عليك يا شيخ الإصلاح والنهضة والتعليم في بلاد الشام.‏
(*) باحث سوري، وهذا البحث آخر ما صدر عنه قبل وفاته، رحمه الله تعالى.‏

1) وذلك بعد أن أخذت شاهدة القبر وكثر الاعتداء على القبور لغلاء ثمنها.‏
(2) من مقال الدكتور مازن المبارك في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية ـ العدد السابع 1993 م/1412هـ، ص189.‏
(3) محاضرات عن محمد كرد علي لشفيق جبري ص29.‏
4) محاضرات محمد كرد علي لشفيق جبري ص29.‏
(5) مهرجان ذكرى مرور مائة عام على ولادة الأستاذ الرئيس، ص3.‏
(6) المصدر السابق، ص196.‏
(7) الشيخ طاهر الجزائري، للدكتور عدنان الخطيب، ص19.
8) الشيخ طاهر الجزائري، للدكتور عدنان الخطيب، ص 24.‏
المصادر
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 108 السنة السابعة والعشرون - كانون الأول 2008 - ذو الحجة 1428
http://www.awu-dam.org/trath/108/turath108-003.htm
التعديل الأخير تم بواسطة لخضر من العاصمة ; 06-10-2008 الساعة 05:25 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:27 PM
أقوال في الرجل
الشيخ طاهر الجزائري .... لولاه لتأخرت نهضة المسلمين في الشام أكثر من نصف قرن؟؟

المقال بقلم د.نزار أباظة ـــ الشيخ طاهر الجزائري في المجتمع


لاشك أن الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله أحد الشخصيات الكبيرة على مستوى الوطن العربي إذا نحن عددنا الرجال المصلحين في عصر النهضة الحديثة..‏
لن يتناول هذا المقال مكانة الشيخ طاهر العلمية ولا سيرته الذاتية عموماً إلا ما يتصل منها بما أحدثه في المجتمع.‏
كان الرجل مدرسة كبرى في التحديث والتطوير وإصلاح حال الأمة بما يحمل من فكر مستنير، وما يتطلع إليه من آفاق واسعة، لم يعهد مثلها في البلاد العربية إلا عند قلة قليلة من الرجال الذين نثرتهم يد القدرة الإلهية في حالك الظلمات نجوماً تتلألأ في المشرق والمغرب، من أمثال آل الآلوسي في العراق والسيد رشيد رضا في مصر وجمال الدين القاسمي في الشام.‏
انصرف الشيخ طاهر إلى العلم بأنواعه انصرافاً كاملاً منذ شب ووعى على الدنيا، واتصل من أجله بعلماء مستنيرين، ولا يخفى ما للشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني من أثر فيه، ذلك الشيخ الذي لازمه حتى آخر عمره، وعنه أخذ كراهيته للبدع والأوهام والخرافات.. وفيه زرع الشوق إلى العلم وشدة محبته له.‏
كان الشائع بين الشيوخ آنذاك الاقتصار على علوم الشريعة والعربية، لا يكادون يجاوزونها إلى علوم أخرى ولا يفكرون بها. كما أنهم اقتصروا على كتب بعينها يعنون بعباراتها لا يزيدون عليها حرفاً ولا ينقصون جملة.. ولا يبدلون.‏
وكان إلى جانب العلماء طائفة من الصوفية أخذت حظاً يسيراً من العلم جمدت عليه، سماهم الشيخ طاهر (الحشوية) اهتمت بقشور التصوف بعيداً عن لُبابه، ومزجت ما عندها من العلم بكثير من الأوهام والخرافات وتقديس الأموات ونسبة الكرامات لهم.. وطلب الحاجات إليهم.‏
تألم الشيخ طاهر لهذا الوضع الاجتماعي المزري الذي تتردى به الأمة، وآمن إيماناً جازماً بأن الخلاص لا يكون إلا بالعلم المتكامل الجوانب، فبدأ الرجل بنفسه.‏
أكب على العلوم المختلفة وفتش عن مصادرها المطبوعة والمخطوطة وتلقف بشغف ما كان يسمعه من أحاديث العلماء الذين تلقوا العلم في المدارس العالية أو الأجنبية.. فإذا به يدخر حصيلة كبيرة قيمة من علوم الطبيعة والرياضيات، وأتقن إلى جانب العربية لغة الفرس ونظم بها الشعر كما ينظم بالعربية، وتمكن من اللغة التركية، وتكلم الفرنسية، وألم بمبادئ السريانية والعبرانية والحبشية.. وكان يعرف البربرية لغة مواطنيه في الجزائر التي هاجر منها أبوه مفتي المالكية بدمشق.‏
ومن أجل أن يتسنى له دراسة الآثار تعلم كثيراً من الخطوط القديمة كالخط الكوفي والمشجر والعبراني وغيرها..‏
ولما استوت شخصية الشيخ طاهر واكتمل علمه وحصف عقله فكر بالأسباب التي يستطيع بها أن ينهض بالمجتمع فوجدها في جملة أمور، منها الاهتمام بالشباب الذين هم عدة التطور وعماده، ومنها إنشاء المدارس، ومنها الاهتمام بالثقافة ونشر العلم الصحيح.‏
كانت هذه خطة الشيخ في إصلاح المجتمع.. وهي خطة كانت تخشاها الحكومة التي لم تشأ أن تحرك ساكناً آنذاك.. ويخشاها الحشويون الذين ناصبوا الرجل العداء الواضح الفاضح.‏
وسعى الشيخ فجمع حوله ثلة من الشباب آمنت به من أمثال سعيد الباني، ومحمد كرد علي ورفيق العظم، وشكري العسلي، وعبد الوهاب المليحي (الإنكليزي)، وعبد الحميد الزهراوي، وسليم الجزائري، ومحمد علي مسلّم، وعبد الرحمن الشهبندر، وفارس الخوري، ومحيي الدين الخطيب وآخرين..‏
وكل هؤلاء صار له شأن فيما بعد..ولم يكن أحد منهم خامل الذكر ولا منحرف التفكير ولا من أصحاب الأسماء النكرة.‏
ألَّف طاهر الجزائري من هؤلاء الشباب حلقات متعددة، تجتمع إحداها به بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، ويلقى الثانية في يوم آخر، ويحدد للثالثة موعداً مختلفاً..‏
وكان له معهم سهرات ليلية متواصلة، ينتقل من أجلها في مختلف أحياء دمشق، ويتخير المنازل التي يكثر زائروها من النبهاء والمثقفين، فيعرض عليهم كل ما يقدِّر أنه يهمهم الاستماع إليه عن الحركات العلمية والفكرية والسياسية خلال الأسبوع الذي اجتمعوا في نهايته.. إلا أن مركزه الأساسي كان في مدرسة عبد الله باشا العظم الذي يأوي إليها هو والشباب.‏
وكان يربي هؤلاء الشباب تربية مختلفة عما أُلف في زمانه، ولم ينهج في تعليمه لهم منهج الحلقات، بل يلقنهم مبادئه بلا كلفة ومن غير تعقيد، لأنه يريد تقصير طريق التعليم على المتعلم وإعطاءه لباب العلم دون التعمق بما لا يفيد.‏
قال الأمير مصطفى الشهابي: «في تلك المدة التي قضاها الشيخ طاهر الجزائري بالشام كان يتحلق حوله في دمشق صفوة المتعلمين والنبهاء والمفكرين العرب.. فتألفت من جمعهم أكبر حلقة أدبية وثقافية كانت تدعو إلى العلوم العصرية ومدارسة تاريخ العرب وتراثهم العلمي وآداب اللغة العربية، والتمسك بمحاسن الأخلاق الدينية والأخذ بالصالح من المدنية الغربية».‏
وكان يقوِّي في طلابه روح العزيمة، ويحب لهم أن يكونوا شجعاناً بعيدين عن الأوهام، وأن يصبروا على الجهد.‏
وينصح لمن حوله من الشباب أن يعتمدوا على أنفسهم في اكتساب لقمة العيش، لا أن يتسكعوا في البحث عن أعمال، فيقول لهم: «تعلموا العلم، وتعلموا معه صناعة تعيشون منها، حتى لا تقفوا على أبواب السلطان، تستجدون الوظائف والجرايات».‏
وكان من أسباب النهضة لديه تأسيس المدارس ونشر التعليم..‏
وقد وجد في الوالي مدحت باشا حين قدم دمشق عوناً له على الوصول إلى ما يريد من السعاية للإصلاح.. وأقنعه بضرورة فتح المدارس.‏
وكان الشيخ عضواً في «الجمعية الخيرية» العلمية الاجتماعية التي أسسها علماء ووجهاء متنورون، فقام من خلالها وبأمر الحكومة بالاستيلاء على المدارس الموقوفة على طلب العلم وكانت معطلة لا يستفاد منها، وكذلك الأماكن الملحقة بالجوامع، وكان يحتلها متنفذون فاسدون يستغلونها لمصالحهم الشخصية.. فعمل الشيخ طاهر على تجهيزها وترميمها.. وافتتح في دمشق نحو تسع مدارس، اثنتان منها للإناث..‏
ولما رأى الوالي هذا الجهد المتميز، وهذه الخطوة الحصيفة عين الشيخ طاهر الجزائري مفتشاً عاماً للمعارف في سورية، فبدأ يبذل جهوداً إضافية جبارة في سبيل إصلاح أساليب التعليم، وكان يتعهد المعلمين بالنصح والإرشاد والتوجيه.. ويسهر الليالي الطويلة عاكفاً على تأليف الكتب في مختلف العلوم الدينية والعربية والرياضية مبسطاً أساليبها، وكان يشرف بنفسه على طبعها في مطبعة الجمعية الخيرية.‏
وكان من أسباب النهضة لديه الأخذ بالثقافة عموماً، وحث الناس على الاطلاع والمطالعة ونشر المخطوطات، ومن هنا رأى ضرورة أن يكون في البلدة مكتبة عامة يأوي إليها القراء، يطلعون على العلوم، ويبحثون، ويوسعون آفاقهم.. فعمل على تأسيس دار الكتب الوطنية..‏
كانت الكتب يومذاك عزيزة قليلة، وكذلك المخطوطات.. وتفكر الشيخ في الأمر فوجد مخطوطات نفيسة نادرة في المساجد والمدارس القديمة تتعرض للسرقة والتلف والإفساد، وهي بين أيدي ناس يستحلون الحرام..‏
وبقوة القانون استطاع طاهر الجزائري أن يستنقذ ما استطاع من تلك المخطوطات، ويجمعها تحت قبة المدرسة الظاهرية، وأن يعين لها محافظاً يتسلمها، ويستقبل القراء في أوقات محددة.‏
وقد تعرض الرجل من أجل ذلك إلى إزعاجات فظيعة، وتلقى تهديداً بالقتل من الفاسدين الذي كانوا ينتفعون بالأوقاف لأنه عطّل مصالحهم.‏
وبقيت الظاهرية حتى اليوم تشهد له بأنه وضع الحجر الأساسي لها، وحوّلها من تربة ومدرسة بسيطة إلى دار وطنية للكتب.. في بلد ذي تاريخ مجيد، من العار ألا يكون فيه مكتبة عامة(1).‏

يتبع...
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:33 PM
هذه هي فضائل الشيخ طاهر الجزائري على دمشق، يجب أن يذكر فيها الرجل بكل حب وتقدير.. قدم من نفسه لأجلها الكثير..‏
قدّم فكراً حراً، وقف ضد التحجر والرجعية والاستبداد والجمود..‏
فحارب كل ذلك من خلال المجتمع، بما أتيح له من قدرة ومن طاقة فردية.‏
على أنّ للشيخ طاهر الجزائري وجهاً آخر في حياته الاجتماعية، أمر لنقل في حياته الشخصية..‏
كانت له طبيعة خاصّة جداً، ومزاج يتفرد به.. وكان لا يحب للشباب من حوله أن يكونوا على مثل طبيعته، ولا على ما يشبه مزاجه..‏
وكان يقول لهم: «أنا شاذّ في عاداتي، وأحب ألا يقتدي بي أحد منكم».‏
كره الزواج لأنه قيد، وابتعد منذ صغره عن التصوف وطرقه، مع أنه من بيئة أكثر أفرادها متصوفون، أو من شيوخ الطرق؛ لأنه وجد فيها قيوداً لا بد من التزامها.‏
وكان له شغف وإسراف في تعاطي القهوة والشاي إلى جانب التدخين، لا يترك ذلك كله حتى نقلت عنه في ذلك نوادر.‏
حدثني الشيخ أحمد القاسمي رحمه الله قال: حضرت في دار عمي الشيخ جمال الدين القاسمي مجلساً ضمّ الشيخ طاهر الجزائري ونفراً لا يزيدون عن الخمسة، كانوا يتحاججون ويتحاورون في قضية عويصة، وكان علي تقديم الشاي للضيوف، واستمر المجلس حتى قدمتُ لهم كؤوساً بلغت 40 ليتراً، شرب الشيخ منها مقداراً عظيماً. وانتهى المجلس بانتصار الشيخ طاهر في حجته على محاوريه.. وانتشى نشوة بدت عليه بعدما غادرنا الضيوف، وبقي هو مع عمي.. فالتفت إلـيَّ الشيخ طاهر، وقال لي: يا ولدي، نريد الآن كأس شاي نشربه (على الرواق).‏
ومن عجائب الشيخ في حياته أنه كان يحمل معه دوماً (زاده) في جيبه(1) بأعلى قفطانه الذي يضمه إلى جسمه في شال عريض فيضع في ذلك الجيب طعاماً جافاً، خبزاً وجبناً وزيتوناً ومشمشاً مجففاً أو ما يسمى في الشام قمر الدين، ويضع كذلك كتاباً أو أكثر، كما يضع خيوطاً وإبرة ومقصاً، وتبغاً وعود ثقاب.. وأشياء أُخر. ذلك لأنه لا يرتبط ببيت ولا بنظام أسرة، يأكل متى جاع، وينام حيثما كان.. ويسافر متى يريد.. يقرر السفر في الحال عند اللزوم، فلا يربطه ببيته شيء.‏
ومن عجائبه كذلك أنه كان إذا أراد أن يسافر لبس ثياباً داخلية طبقات بعضها فوق بعض، فكلما اتسخ ما يلاصق جسمه خلعه ورماه في القمامة حتى تتسخ الطبقة التي تليها، لا يجد وقتاً لغسيله.. وهكذا حتى تنتهي الطبقات.‏
نام مرة عند بعض معارفه في قيلولة، وخلال نومه وجدت ربة البيت أن جبته بحاجة إلى خياطة، فتناولتها لتصلحها، وما إن أعملت فيها الإبرة حتى استيقظ الشيخ، واستأذن بسرعة للخروج، وطلب جبته،فلما أخبره المضيف أنها عند المرأة ترفوها انزعج وأعجل صاحب الدار على إعطائه إياها، واستعجل الرجل زوجته، فدفعت إليه الجبة قبل تمام إصلاحها ونسيت الإبرة والخيط لم تقصه، فلبسها الشيخ وخرج والإبرة تتدلى منها.‏
ولئن كانت هذه عجائبه في الشام إن عجائبه في مصر أكبر..‏
رحل الرجل من دمشق بعد مضايقة الدولة له، وخاف من بطش الولاة.. حمل معه مخطوطات نادرة نفيسة إلى القاهرة، وسكن في بيت زهيد الأجرة، وكان يتجر بالكتب يحصل منها على ما يقوم بقوت نفسه. ولما ذاع صيته لم يقبل عرض أحمد تيمور باشا الذي سعى له بوظيفة في دار الكتب، فاعتذر بأن شيخوخته لم تعد تساعده. وانزعج من صاحب جريدة المؤيد حين أراد أن يتوسط له لدى الخديوي لإجراء راتب مناسب.‏
وعجب الكبار لهذا الشيخ كيف يعيش.. حتى قال بعضهم: لو كنت أومن بالعجائب لقلت إن الشيخ يكسب مصروفه من مال يأتيه من تحت وسادته.‏
وبعد‏
فهذه بعض فضائل الشيخ طاهر وغرائبه الاجتماعية، أما عن صورته، فكان حسن الطلعة، معتدل القامة، حنطي اللون، أسود الشعر، غائر العيش، يضع على أنفه نظارة صغيرة من الزجاج الأبيض، كث اللحية تحف بوجه نيّر وضاء، يتخذ عمامة من قماش الأغباني وهي زي التجار يلفها بدون نظام خاص ولا قاعدة.. يبدو وكأنه من عامة الناس.. ولم يكن يعتني بثيابه ولا مظهره..‏
وكان نشيطاً، سريع الحركة، واسع الخطوات، يحبُّ السباحة والمشي والتجوال ومعرفة الناس، ويؤثر الخمول على الظهور وشهرته تتبعه على غير رضاه.‏
وكان الشيخ طاهر زاهداً شديد الزهد، يتأبط الكتاب أو الكتابين مما قرأ يبيعهما في السوق إن أعوزه ثمنهما.. وكثيراً ما كان يوزع بعض المال على المعوزين، ويكثر التردد على الفقراء، ويسأل عن أحوالهم، ويبتعد عن كبار الأغنياء وذوي الجاه إلا إذا ربطته بأحدهم وشيجة من علم أو أدب.‏
هذا هو العَلَم الكبير الذي قال بحقه تلميذه محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي ومؤسسه: «سعى الشيخ طول حياته لنشل المسلمين من سقطتهم.. ونشر العلوم القديمة والحديثة بين أبنائهم.. ولولا ما قام به من التذرع بجميع الذرائع لتأخرت نهضة المسلمين في الشام أكثر من نصف قرن».‏
وعاد هذا الشيخ الجليل من مصر بعد انسحاب الأتراك.. عاد مهدماً مريضاً بالربو، فلم تطل به الحياة حتى لقي وجه ربه راضياً مرضياً، بعد أن شارك بتأسيس المجمع وبحضور بعض جلساته.‏
وأهم المراجع والمصادر‏
ـ الشيخ طاهر الجزائري رائد النهضة العلمية في بلاد الشام‏
د. عدنان الخطيب القاهرة، 1971م‏
ـ تنوير البصائر بسيرة الشيخ طاهر‏
محمد سعيد الباني دمشق، 1339هـ /1920م‏
ـ المذكرات (1-4)‏
محمد كرد علي دمشق، 1980‏
ـ المعاصرون‏
محمد كرد علي دمشق، مطبوعات المجمع، 1980م‏
ـ مقابلات شفوية‏
دمشق 18/8/2007‏
(1) وكذلك أسس الشيخ طاهر في القدس مكتبة وطنية بمساعدة آل الخالدي جمع فيها نفائس الكتب والمخطوطات، سميت المكتبة الخالدية.‏
(1) الجبيب هو الشق في أعلى الثوب‏


المرجع‏
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 108 السنة السابعة والعشرون - كانون الأول 2008 - ذو الحجة 1428
http://www.awu-dam.org/trath/108/turath108-004.htm
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:41 PM
الشيخ علي الطنطاوي رحمة الله عليه يقول فيه
رجال من التاريخ.. الشيخ طاهـر الجزائري-1-

هذا رجل لا يكفي للحديث عنه مقالة ولا رسالة، لأن له في كل مظهر من مظاهر الحياة في الشام اليوم أثرا، وفي كل ناحية من نواحي الإصلاح عملا، ولأنه باعث نهضة، وكان معلم جيل. هل هلال النهضة العربية في بلاد الشام، ومن الشام (ساحله وداخله)، انبعثت أنوارها حتى ملأت دنيا العرب فكانت نهضة عربية إسلامية، حفزت العرب إلى الزهو بمجد آبائهم، والعمل على إعادة ذلك المجد. تسلحوا لها بالعلم، وكان الشيخ من أوائل من رغب فيه، ودفع إليه.
وعادوا إلى اللغة الفصحى والبيان العربي، وكان في مقدمة من أعاد الناس إلى الفصحى وجلا لهم وجه البيان، وبنوها على الهمم الشم والعزائم الرواسخ، وكان من السابقين إلى تثبيت هذه العزائم، وإعلاء تلك الهمم، وهو الذي تخرج به الصفوة المختارة من رجال الرعيل الأول، في العلم وفي الأدب وفي السياسة. ولم آسف على فوات لقائي برجل من رجال هذا العصر، كما أسفت على أني لم ألق الشيخ طاهرا الجزائري، وأن كل حظي من قربه أني شيعت (رحمه الله) جنازته. ولكن قرأت الكثير عنه ورويت الكثير من أخباره عن أقرب الناس إليه.، أستاذي محمد كرد علي رحهما الله وخالي محب الدين الخطيب، ولقد عرفت رجالا، وسمعت برجال كانوا أعلم علما، وكانون آدب أدبا، وكانوا أكتب، وكانوا أخطب، وكانوا أعظم جاها، وأضخم اسما، وأبعد ذكرا من الشيخ طاهر، ولكن للشيخ طاهر مزية. لم يكن مثلها (فيما أعلم) لواحد منهم -اللهم- إلا جمال الدين الأفغاني، الذي كان صوته أول صوت أهاب بالقافلة النائمة ن تستيقظ وتعاود المسير- وسرا في نشأته وفي خلقه، هو أنه كان يترك أثرا من الخير أينما حل، فكان مجلسه حيثما جلس مدرسة، ولقاؤه أينما لقيته درس، يعلمك مسألة، أو يرشدك إلى كتاب، أو يلقنك خلقا من أخلاق الخير، وكان يعلم بفعله لا بقوله، دعا إلى النظر في الكتب، فلم يكد يدع كتابا لم ينظر فيه، ودعا إلى التأليف فكان له من التواليف ما عده من مكثـري المصنفين، ودعا إلى حفظ الوقت، فلم يكن يضيع من وقته لحظة في عمل غير نافع، ودعا إلى ترك هذه المجاملات والرجوع إلى أخلاق المسلمين الأولين، من الصراحة والصدق، وقصد الحقائق وترك الأباطيل، فكانت حياته كلها كذلك. وكاد ييأس المصلحون، ولكن الشيخ لم ييأس، ولم ير مستحيلا إيقاظ هؤلاء العرب، الذين ناموا دهورا طوالا تحت أغطية الجهل والعامية والخمول، ولم يسلك طريق الطفرة، فالطفرة لا تأتي بخير، ولا الثورة، فالثورة تبيد ولا تشيد، بل عمد إلى إزالة أسباب الداء، وإلى الترغيب في العلم، والحث عليه ليحارب الجهل، ورد الناس إلى اللغة، وتعريفهم فضلها، ليدفع العامية، ونشر أخبار السلف، وتاريخ الفتوح، لينفي الخمول. وكان يعطي كلا ما يناسبه، كالطبيب الذي يحمل دواءه الشافي، ويدور على المرضى، فلا يعطي إلا بمقدار، ولا يداوي إلا عن بينة من المرض، يجمع حول طائفة من أعلام الشباب، هم صفوة خلطائه وعيون مريديه، فيصرح لهم الرأي، ويبين لهم الطريق، وطائفة من الشيوخ يعرض لهم تعريضا، ويمهد لهم تمهيدا، وطائفة من الفتيان ينشئهم على برنامجه، ويسيرهم من حيث لا يشعرون في طريقه، وطائفة من العامة يقنع منهم بتقويم الأخلاق، وإصلاح المجتمع، وكان يجالس الموظفين الكبار والباشوات الأتراك، يأمل أن ينال منهم خيرا، وقد نال منهم في الحقيقة خيرا كثيرا. كانت الكتب المخطوطة متفرقة في المساجد والزوايا، يخشى عليها الضياع، ويخاف التلف، فعمل على جمعها في مدرسة الملك الظاهر (التاريخية) في دمشق، فقام عليه الجاهلون من أصحاب النظر القصير أعداء كل إصلاح، وقالوا (شرط الواقف)، فاستعان عليهم بصديقه الوالي حمدي باشا، ولولا صداقته إياه لضاعت هذه الكتب، ولم تنشأ دار الكتب الظاهرية التي نعدها اليوم من مفاخر الشام. وكان التعليم في دمشق: الكتاتيب للصغار، وحلقات المساجد للكبار، فكان من أكبر العاملين على افتتاح المدارس العصرية، ووضع بذور (المعارف) في سورية، والغريب أنه قد افتتح مدارس للبنات من تلك الأيام، وأن الناس قد أقبلوا عليها، ولدى عمتي التي تعيش معنا إلى اليوم، شهادة عليها خاتم الشيخ طاهر تاريخها سنة 1031 هـ. ولولا صلته برجال الحكم من الأتراك ما كانت المدارس. وكان في طرف مقبرة الباب الصغير تل، لا يمسي مساء كل يوم، حتى يستحيل إلى ساحة حرب، يقتتل فيه أهل الميدان وأهل الشاغور، بالحجارة والعصي، عصبية جاهلة كان لها في بلاد العرب كلها أمثال: فمثل (الزكرتيكات) في الشام (الفتوات) في مصر، و(القبضايات) في لبنان و(أبو جاسم لر) في العراق. وعلم الشيخ (وكان من أعلم الناس بخطط دمشق) أن تحت هذا التل مدافن نفر من آل البيت، فسعى حتى أزال التل، وأبرز القبور، وآخى بذلك بين الحيين، وإن كان قد فتح بذلك بابا جديدا للبدع المنكرة من حيث لا يريد.
(يتبع)..
منقول من جريدة الحوارhttp://www.elhiwar-dz.com/index.php?...301&Itemid=132
التعديل الأخير تم بواسطة لخضر من العاصمة ; 06-10-2008 الساعة 05:44 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 05:43 PM
الشيخ الطنطاوي رحمة الله عليه يقول فيه
رجال من التاريخ.. الشيخ طاهـر الجزائري-2-

وكان أشد خلق الله تشجيعا للناشئين، وتنشيطا للعاملين، يحاول أن يوصل الناس جميعا إلى المثل الأعلى، لا يرفعهم جميعا إليه، فإنه لا يمكن أن ترفع الناس كلهم إليهم، ولكنه يقربه إليهم، ويسهل بلوغه عليهم، حتى ترتفع بهم هممهم إلى محاولة بلوغه. وكان يقول لأصحابه: - إن جاءكم من يريد تعلم النحو في ثلاثة أيام فلا تقولوا له: إن هذا مستحيل، بل علموه. فلعل اشتغاله هذه الثلاثة الأيام بالنحو، تحببه إليه، فيقبل عليه.
وكان كلما رأى مخايل النجابة في أحد سيره في طريق العلم، ووصله بشعبة من شعبه، وكان أكثـر اهتمامه بإدخال العلم إلى بيوت (الأكابر) وهو الذي دفع صديقنا الأستاذ سامي العظم (وكيل وزارة العدل السورية بالأمس ونزيل مصر اليوم إلى طريق الباب. وكان له وهو شيخ ذهن رجل درس في أوربة، معرفة بقيمة هذه العلوم الجديدة، وبالصحافة وأثرها، وبالعمل المنظم. فرغ من أمر طعامه ولباسه، فكان مضرب الأمثال في ذلك، وكانت ثيابه عجبا من العجب، لأنه لم يكن يفكر فيها، ولا يريد منها أكثـر من أن تستر وأن تدفئ، وكان يتخذ من جيوب الجبة مكتبة، ففي جيب كتاب مخطوط، وفي جيب رسالة، وفي جيب أوراق ودفاتر، وفي الجيب الرابع.. خبز وقطع من الجبن ومن الحلاوة.. حدثني الشيخ قاسم القاسمي رحمه الله، أن أصحابه رأوا جبته قد أبلتها الأيام وصيرتها شيئا نكرا، فاحتالوا عليه حتى اشترى جبة جديدة، وأخفوا عنه القديمة فاضطر إلى لبسها، ولم يكن أصعب عليه من لبس الجديد، وذهبوا به إلى مجلس في (دمر) في قصر الأمير عمر الجزائري، وكان المجلس حول بركة عظيمة لها نافورة عالية مشهورة، وكان فيه جلة علماء ذلك المشرب، الشيخ عبد الرزاق البيطار والشيخ جمال الدين القاسمي وأمثالهما، وإذا بالشيخ ينزع الجبة، ويقوم بها إلى البركة فينزل بها فيها: غمسا غمسا، ثم ينشرها على شجرة، حتى تجف وتنكمش وتقرمد فيلبسها، وسأله سائل منهم، فيقول: - كانت جديدة شغلتني بالخوف عليها عن العلم، فالآن استرحت من التفكير فيها. كان يسهر الليل كله، يدور على بيوت أصحابه ومريديه، أو يقبع يدرس ويؤلف، وكان أكثـر مقامه في مدرسة عبد الله باشا في طريق بين البحرتين في دمشق القديمة، فإن كن مشغولا وطرقه طارق، أطل فقال له: ''مشغول، عد في وقت آخر''، مهما كانت منزلته. حدثني أحد وجهاء العامة، قال: - ذهبت إليه مرة، فردني، وأبى أن يدخلني، فتألمت وأزمعت هجره، ثم قلت، أعامله بمثل ما عاملني به، فجاءني مرة، ففتحت له، وقلت: ''مشغول، عد في وقت آخر''، فذهب مسرورا يقول: ''بارك الله، هكذا، هكذا، (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا)، صدق الله''. فإن دخل عليه الغليظ من حيث لا يشعر، دفع إليه كتابا، وقال: ''خذ، اقرأ هذا''، وتركه وعاد إلى ما كان فيه. ومن قوله في ذلك: ''إشغلوهم (يعني الغلاظ'' قبل أن يشغلوكم''. وكان يطيل المشي وحده، ومعه كراس ينظر فيه، مشى يوما في (وادي الشاذروان) في دمشق، وهو أجمل أودية الدنيا بإجماع أئمة الذوق، فلحقه أحد الثقلاء، وكان من عادة الشيخ الإسراع في المشي. فجعل يسايره يسرع معه، يحدثه حديثا له أول وليس له آخر، عن جده الذي مات ومن ورثه، وكيف قسموا الإرث، وخلاف من خالف في ذلك، وما يقول كل من الفريقين المختلفين، حتى وصل معه إلى قريب (الهامة)، والشيخ لا يسمع منه ولا يلتفت إليه، حتى انتهى فقال: - سيدي. هل أصبنا أم أخطأنا؟ فما رد عليه، فأمسك بيده حتى إذا انتبه، قال: - هل أصبنا أم أخطأنا؟ - قال: نعم بلى (وكانت هذه لازمته) نعم بلى، الإنسان يخطئ ويصيب، الإنسان يخطئ ويصيب. وترك الرجل مصعوفا من الدهشة، ومضى... أما إباؤه، وعزته في نفسه، فلم يكن بعدهما زيادة لمستزيد. نزح إلى مصر، لما ضاقت الشام وحكامها بدعوته، وأخذ يبيع من كتبه ومن ذخائر المخطوطات التي أفنى حياته في اقتنائها، وكان يأبى الثمن الغالي من مكتبة المتحف البريطاني، وأمثالها من المؤسسات الأجنبية، أو من أفراد الناس الذين يشترون الكتب للتجارة، ويبيع بنصفه لدار الكتب المصرية، ليبقى الكتاب في أيدي العرب، ولا يخرج منها إلى أيدي الإفرنج. فلما كادت تنفد كتبه، سأل أحمد تيمور باشا الشيخ علي يوسف أن يكلم الخديوي (وذلك سنة 1913) في منحه مرتبا دائما أسوة بمن كان يمنحهم المرتبات من العلماء والأدباء، ونجحت الوساطة، ومنح الراتب، فلما أخبر به غضب أشد الغضب، وقال للشيخ علي: - كأني بك قلت للخديوي: إن الشيخ طاهر أثنى عليك. نعم إني أثنيت عليه لتأييده مشروع زكي باشا في خدمة الكتب العربية، ولكن ما الذي يضمن لك، ألا يأتي الخديوي ضد هذا العمل الطيب يوما فأذمه؟ فلماذا تسود وجهك بسببي؟ ومن أذن لك أن تدخل نفسك في خصوصيات أمري، إذهب فأبطل ما سعيت بإتمامه.. ورجع يعيش عيش الكفاف والتقتير بأثمان ما بقي من كتبه. فكان الشيخ علي يوسف، يقول بعد ذلك: - كنت أن أن هذه الطبقة قد انقرضت، فلما رأيت الشيخ طاهرا علمت أنه لا يزال على وجه الأرض بقية منها. وبعد فإني ما رأيت الشيخ، ولكني رأيت آثاره الخيرة في كل مكان، والثناء عليه، وذكر مناقبه على كل لسان. كان من المؤلفين المكثـرين، إن عد المؤلفون المكثـرون، وكان من أئمة المربين إن ذكر المربون، وكن من رؤوس المصلحين، ومن العلماء العاملين، وكان من الأركان الكبار في هذه النهضة التي نأوي اليوم إليها، ونتفيأ ظلالها، وننعم بخيراتها.
رحمه الله، وطيب ذكراه.
http://www.elhiwar-dz.com/index.php?...354&Itemid=132
التعديل الأخير تم بواسطة لخضر من العاصمة ; 06-10-2008 الساعة 05:46 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عايدة
عايدة
مشرفة شرفية
  • تاريخ التسجيل : 16-05-2007
  • الدولة : الجزائر الحبيبة
  • المشاركات : 6,106
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • عايدة will become famous soon enough
الصورة الرمزية عايدة
عايدة
مشرفة شرفية
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
06-10-2008, 07:15 PM
بارك الله فيك على الملف الشامل الكامل المعرف بالشيخ طاهر الجزائري
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
07-10-2008, 11:17 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عايدة مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك على الملف الشامل الكامل المعرف بالشيخ طاهر الجزائري
وفيك بركة الاخت عايدة
شكرا على المرور
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 336
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • لخضر من العاصمة is on a distinguished road
الصورة الرمزية لخضر من العاصمة
لخضر من العاصمة
عضو فعال
رد: الشيخ طاهر الجزائري البجاوي القبائلي....رائد النهضة في بلاد الشام
07-10-2008, 11:28 AM
ملف كامل عن الشيخ الطاهر الجزائري
موضوع من طرف - اتحاد الكتاب العرب-دمشق
نشر في مجلة التراث العربي
الشيخ طاهر الجزائري نموذج للمعلم المربي والداعية رائد النهضة في بلاد الشام ـــ هاني المبارك(*)
الشيخ طاهر الجزائري في المجتمع ـــ د.نزار أباظة



تحميل نسخة من المجلة العدد108
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته لشيخ إبن باز رحمه الله
الساعة الآن 05:57 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى