تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
ali2007
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 08-09-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 79
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • ali2007 is on a distinguished road
ali2007
عضو نشيط
الديمقراطية و الحكم الديمقراطي
05-09-2011, 09:16 PM
الديمقراطية و الحكم الديمقراطي
لكي نفهم الديمقراطية كنظام للحكم، يجدر بنا تحديد مفهوم الديمقراطية (المبحث الأول)، و الصور المختلفة للحكم المنبثقة من المفهوم الديمقراطي[1] (المبحث الثاني).
المبحث الاول : مفهوم الديمقراطية
الديمقراطية كما عرفها إبراهام لنكولن هي حكم الشعب، من قبل الشعب، و من أجل الشعب". هذا التعريف الأكثر شيوعاً لمفهوم الديمقراطية كنظام للحكم، يعنى بأن الحكم يكون ديمقراطياً عندما يكون المحكومون هم الحكام، أو عندما يشترك أكبر عدد من المحكومين في ممارسة السلطة. بيد أن هذا التعريف لا يعبر بشكل دقيق عن الأنظمة السياسية التي سادت عالمنا، و اعتنقت مفاهيم مختلفة للديمقراطية، نتيجة تفسيرات مختلفة لهذا المفهوم السياسي الذي يعتبر محور الفكر السياسي في العالم.
1- : الأوجه المختلفة لمفهوم الديمقراطية :
في الحقيقة إن الأفكار السياسية الداعية للديمقراطية المؤسسة على فكرة سيادة الشعب و أنّ الحكم للجميع قديمة جداً. فالديمقراطية التي هي كلمة يونانية مركبة منDemos و معناها الشعب و Kratos و معناها السلطة أو الحكم، كانت مطبقة في بعض المدن اليونانية القديمة و في روما، و تعود بجذورها إلى الفلاسفة الإغريق و خصوصاً أفلاطون و أر سطو. و بدون الدخول في الأصل التاريخي لمصطلح الديمقراطية، فإن مفهوم الديمقراطية كتعبير عن نظام حكم معين، كان موضوعاً أساسياً في الصراع بين المذاهب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي سادت التاريخ الإنساني منذ نهاية القرن الثامن عشر حين أصبح الفكر السياسي يذكر مصطلح الديمقراطية مقروناً بإحدى المفردات المعبرة عن هذه المذاهب مثل : الديمقراطية الليبرالية أو البرجوازية، و الديمقراطية الاشتراكية أو الاجتماعية، و الديمقراطية التوتاليتارية (الشمولية) أو السلطوية، و الديمقراطية الشعبية، و الديمقراطية الصناعية، و الديمقراطية الإسلامية، و التكنو-ديمقراطية الخ. لذلك لا بد لنا من طرح الملاحظات التالية لوضع مفهوم الديمقراطية في إطاره الصحيح[2] :
-الديمقراطية هي مفهوم تاريخي اتخذ عبر تطور المجتمعات و اختلاف الثقافات صوراً و تطبيقات و مضامين متباينة في المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
-ضرورة الفصل بين الديمقراطية كمفهوم تاريخي و بين الديمقراطية الليبرالية، التي هي نتاج الثورة البرجوازية التي اعتمدت اقتصاد السوق و الرأسمالية كمذهب اقتصادي.
-إنّ الديمقراطية كمفهوم تاريخي لم تحدد شكلاً أو آلية معينة لكيفية ممارسة الشعب للسلطة، أي لا توجد وصفة جاهزة لكل الشعوب أو المجتمعات و الدول. فكل مجتمع له خصوصيته الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و التراثية التي تحدد هذا الشكل أو هذه الآلية لكيفية ممارسة الشعب للسلطة. و في التاريخ الإنساني المعاصر ساد مفهومان رئيسيان للديمقراطية : الديمقراطية الليبرالية، و الديمقراطية السلطوية أو الماركسية.
أولاً- الديمقراطية الليبرالية : الديمقراطية الليبرالية Démocratie libérale التي تعتبر الأساس الفلسفي للأنظمة السياسية السائدة في الدول الغربية، هي تزاوج بين مفهومين متباينين من حيث النشأة التاريخية و الأهداف. فالأفكار السياسية الداعية للديمقراطية المؤسسة على فكرة سيادة الشعب سابقة، في وجودها للثورة البرجوازية. في الواقع إن الأفكار الفلسفية الديمقراطية الليبرالية يمكن تفسيرها، كما أشرنا سابقاً، على أنها ردة فعل من الفرد ضد مجتمعه، أكثر منها ردة فعل شعب ضد سلطة أو نظام حكم كان يضطهده. لهذا فقد قاوم الليبراليون الديمقراطية بدايةً ثم استوعبوها تدريجياً، حيث قيدوا حق المشاركة السياسية و خاصةً حق الاقتراع بقيود مالية أو طبقية أو حتى عرقية، و لم يسمحوا بحق الاقتراع العام للجميع إلا منذ نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين[3]. فالديمقراطية الليبرالية، هي شكل من الحكم تعتبر الحرية فيه العنصر الأساسي. فتعبير الحكم من أجل الشعب يفهم على أن الحكم من أجل تطور الشعب بشكل حر، أي إعطاء الحرية لكل فرد من أفراد الشعب. فالحرية هي التي تفسح المجال لتحقيق أماني الشعب، و هي مصدر المساواة (المساواة القانونية لا المساواة الفعلية)، و بالتالي فإن هذه الحرية هي الجديرة بالحماية المطلقة. و حماية الحرية في الديمقراطية الليبرالية يكمن في مجالين : مجال العمل الحكومي، و مجال العلاقات بين الحكام و المحكومين. ففي مجال العمل الحكومي، يجب أن تتاح حرية الرأي، فتتعدد الآراء فيما يتعلق بكيفية إدارة الشؤون العامة. و هي، السماح بقيام تشكيلات سياسية (حزبية) مختلفة يمكن أن تشكل أكثرية و أقلية، و تتداول فيما بينها إدارة الشؤون العامة، أي هي بمعنى آخر وجود أغلبية حاكمة و أقلية معارضة. أما على صعيد العلاقات بين الحكام و المحكومين، فتتجلى مسألة احترام الحرية من خلال ضمان حقوق الأفراد، و عدم افتئات الحكومة عليها مهما بلغت الأكثرية المؤيدة لها، فالحقوق هي التي تحفظ للأفراد استقلالهم الذاتي.
ثانياً- الديمقراطية السلطوية أو الماركسية : أما الديمقراطية السلطوية أو الماركسية أو الاشتراكية، فقد نجمت عن تأثير النظرة الماركسية أو الاشتراكية لمفهوم الدولة، التي تعتبرها مجرد سيطرة طبقة أو طبقات اجتماعية، مسيطرة على أدوات الإنتاج، على سائر الطبقات الأخرى، أي هي نتيجة للصراع الطبقي في المجتمع. و الدولة بهذا المفهوم سوف تزول بزوال الطبقات، ليحل محل الدولة التي تحكم الأفراد، دولة لإدارة الأشياء[4]. و الديمقراطية السلطوية، تركز على السلطة و على الإجماع في الحكم، كذلك تركز على المساواة الفعلية، لا القانونية فقط، بين المواطنين. فالمساواة هي التي تقيد الحرية أو تنظمها، فأفراد المجتمع جميعهم متساوون مساواة فعلية، و بالتالي لا مجال لوجود أغلبية حاكمة و أقلية معارضة، أي أن المجتمع هو مجتمع إجماعي.
2- : أسباب تعدد مفاهيم الديمقراطية
أمام هذا التباين في فهم فكرة الديمقراطية، و ظهور هذه الثنائية للديمقراطية : الليبرالية و الماركسية، لا بد لنا من طرح الأسباب التي أدت إلى ذلك. و بهذا الشأن ظهرت عدة تفسيرات فقهية لهذا التباين، سوف نعرض لأهمها، لأنّ من شأنها أن تساعدنا على فهم أعمق لمفهوم الديمقراطية[5].
أولاً- التفسير عن طريق ثنائية مفهوم الحرية : هذا التفسير عن طريق ثنائية مفهوم الحرية يعود إلى تحليل قام به العميد جورج فيدل G. Vedel. حيث يرى العميد فيدل بأن الأيديولوجية الكامنة في أساس الديمقراطية واحدة و هي الحرية، مهما كان النظام الديمقراطي ليبرالياً أم ماركسياً. فالديمقراطية هي نظام يهدف إلى تحقيق الحرية. إلا أن الحرية في حد ذاتها مفهوم مركب و معقد. فالحرية على الصعيد الفردي، تتلخص في القدرة المتاحة لكل فرد في أن يحدد سلوكه و طريقه بنفسه دون أن تتدخل السلطة في ذلك أو بمنأى عن أية ضغوط خارجية. و على الصعيد الجماعي، يعتبر المجتمع السياسي حراً إذا تولى مجموع أعضاء الجماعة تحديد تصرفاتهم الجماعية. فالحرية إذن هي مفهوم مركب : حرية فردية، و حرية سياسية. و نظراً لتعدد الحرية، يشير العميد فيدل، إلى أن هذه المفاهيم المتعددة للحرية متكاملة و متنافرة في آن واحد. فهي متكاملة من جهة الإنسان الفرد بحكم كونه اجتماعياً، أو بالأحرى مضطراً للعيش في المجتمع. و لكي يحافظ على استقلاله الذاتي، عليه أن يزاوج باختياره بين هذا الاستقلال و ما تفرضه عليه من قيود الكتلة الاجتماعية التي هو جزء منها. و لكي تتوافق أو تتطابق الحرية الفردية مع الحرية السياسية تماماً يتوجب أن يحصل إجماع على ذلك. و انطلاقاً من هذه الفكرة يمكن القول بأن الديمقراطية تؤدي بنا إلى نوعين من المجتمع : مجتمع لا إجماع فيه، أي مجتمع مركب أو تعددي تسود فيه التسويات، و مجتمع إجماعي.
فالمجتمع المركب أو التعددي، هو الذي يقوم على أساس الديمقراطية الكلاسيكية أو الليبرالية. فالديمقراطية الليبرالية تقبل بوجود تعددية في الأحزاب، و أغلبية و أقلية : أي أغلبية حاكمة و أقلية معارضة. و تعترف بشرعية التعارض بين سلطة الدولة و الحقوق الفردية للمواطنين. و بالتالي فإن الحياة السياسية في ظل الديمقراطية الليبرالية يجب أن تقوم على التسوية : التسوية بين الأكثرية و الأقلية، التسوية بين سلطة الدولة و حقوق و حريات الأفراد …الخ.
أما المجتمع الإجماعي، فهو الذي يقوم على أساس الديمقراطية الماركسية. فالماركسية تهدف إلى إنشاء مجتمع إجماعي، يتفق الأفراد كلهم على كل شيء تتحقق فيه الأماني التي يقتضيها التصور المثالي للحرية : فمن جهة لا يلتزم الفرد إلا بالتصرف الذي يرتضيه، و من جهة أخرى يكون كل قرار جماعي من فعل الجميع. فالأفراد يتمتعون جميعاً بحرية مطلقة، و بذات الوقت يؤيد الجميع السلطة تأييداً مطلقاً. و يكفي لتحقيق ذلك المجتمع الإجماعي خلق الظروف الموضوعية للحرية الحقيقية و ذلك عن طريق الثورة : التي تعمل على إلغاء الطبقات و إقرار المساواة الفعلية بين الناس، و عندها تزول تدريجياً التناقضات بين المصالح و الآراء. و لذلك فإن الديمقراطية الماركسية تقبل قيام حكومات تسلطية، و لو لفترة على الأقل، للقضاء على المعارضة و الخلافات، و بالتالي العمل على إقرار إجماع في المجتمع.
ثانياً- الاختلاف الإيديولوجي حول ثنائية الحرية و المساواة : أنصار هذا التفسير يرون بأن فكرتي الحرية و المساواة هما من أسس الديمقراطية. و لكن هاتين الفكرتين متناقضتان: فممارسة الحرية تؤدي إلى خلق عدم المساواة، و العمل على إقرار المساواة يؤدي بصورة حتمية للحد من الحرية. و التركيز على الحرية أو على المساواة هو الذي يؤدي بنا للاتجاه نحو الديمقراطية الليبرالية أو نحو الديمقراطية الماركسية.
فالديمقراطية الليبرالية لا تتنكر للمساواة، و لكن تهتم فقط بالمساواة في الحقوق أو المساواة القانونية. فالمساواة في الديمقراطية الليبرالية ليست سوى نوع من الحرية الإضافية، التي إن لم تحقق التعادل بين الأفراد في الواقع، فهي تقرر نوعاً من المساواة في الأوضاع أو الفرص. كذلك فإن الديمقراطية الماركسية لا تنكر الحرية، و لكن ترى أنّ الحرية الحقيقية لا تنال إلا إذا أقرت المساواة الفعلية (في الظروف المادية) و ليس مجرد المساواة القانونية. و بالتالي فإنه يمكننا تعريف الديمقراطية الليبرالية عن طريق الحرية، و الديمقراطية السلطوية أو الماركسية عن طريق المساواة، و هو الذي يفسر لنا هذا التناقض بين مفهومي الديمقراطية. فالديمقراطية الليبرالية تعطي الأفضلية لمفهوم الحرية على الرغم من عدم تنكرها للمساواة، في حين الديمقراطية السلطوية أو الماركسية تعطي الأفضلية لمفهوم المساواة على الرغم من عدم تنكرها للحرية.
و في الواقع إنّ العديد من دول العالم قد حاولت التوفيق بين هذين المفهومين للديمقراطية، من خلال إكمال الديمقراطية السياسية بالديمقراطية الاقتصادية و الاجتماعية.
المبحث الثاني : صور الحكم الديمقراطي
يتميز الحكم الديمقراطي، كما أشرنا سابقاً، بإشراك الشعب في ممارسة السلطة، سواء قلنا إنّ السيادة تعود، من الناحية الفلسفية، للأمة أو للشعب. و تختلف صور الحكم الديمقراطي تبعاً لكيفية أو لمدى مشاركة الشعب في ممارسة السيادة أو السلطة. و بهذا الصدد يمكننا أن نميز ثلاثة صور للحكم الديمقراطي : الديمقراطية المباشرة، الديمقراطية شبه المباشرة، و الديمقراطية التمثيلية.
1- : الديمقراطية المباشرة
لكي نفهم ماذا نقصد بالديمقراطية المباشرة Démocratie directe، يجدر بنا تحديد مضمون هذه الديمقراطية و تطبيقاتها و مستقبلها.
أولاً- مفهوم الديمقراطية المباشرة : تعتبر الديمقراطية المباشرة النموذج المثالي للحكم الديمقراطي، لأنها تسمح للشعب بممارسة السلطة بنفسه، فيكون المواطنون محكومين و حكاماً في نفس الوقت.
فالديمقراطية المباشرة نظام بمقتضاه يباشر الشعب، صاحب السيادة، السلطة بدون وسيط من نواب أو ممثلين عنه، فيتولى الشعب السلطات جميعها من تشريعية و تنفيذية و قضائية (يضع القوانين، و يشرف على تنفيذها و على سير المرافق العامة، و يقيم القضاء بين أفراده). فالشعب يجتمع بشكل جمعية عامة من أجل إقرار القوانين، و اتخاذ القرارات الحكومية كتعيين الموظفين و إبرام العقود و المعاهدات، و يتخذ القرارات القضائية.
ثانياً- تطبيقات الديمقراطية المباشرة : تعود الديمقراطية المباشرة في أصولها إلى ممارسة السلطة السياسية في المدن اليونانية القديمة. ففي هذه المدن كان المواطنون، دون العبيد و الأجانب يجتمعون بصفة دورية و منتظمة بهيئة جمعية عامة Ecclesia، حيث يقومون بالتصويت على القوانين، و يعينون القضاة، و يراقبون أعمال مجلس الخمسمئة Boulès، الذي أنيط به تصريف الشؤون العامة[6]. بيد أن هذا النظام الذي طبق في المدن اليونانية كان نظاماً ديمقراطياً مباشراً قاصراً : فجمعية الشعب العامة Ecclesia لم تكن تضم أغلبية سكان المدينة، و إنما كانت تقتصر على المواطنين الأحرار الذكور الذين يكونوا يشكلون سوى أقلية من سكان المدينة، كذلك فإن جمعية الشعب العامة Ecclesia لم تكن تمارس كافة الوظائف و السلطات، بل كانت تمارس فقط الوظيفة التشريعية من إقرار للقوانين و المعاهدات و الضرائب، في حين كانت تفوض الوظيفة التنفيذية لمجلس الخمسمئة Boulès الذي تختاره الجمعية، و كانت تفوض الوظيفة القضائية أيضاً لقضاة تعينهم الجمعية العامة للشعب. أما التطبيق المعاصر للديمقراطية المباشرة، فهو موجود في ثلاث مقاطعات (كانتونات) سويسرية هي : Glaris، و Unterwald، و Appenzell. و لكن هذا التطبيق يمكننا اعتباره في الحقيقة نوعاً من الفلكلور أو التراث أكثر منه نظاماً للحكم. ففي هذه المقاطعات الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها عشرات الآلاف، يجتمع مواطنوها بهيئة جمعية شعبية Landesgemeinde، مرة واحدة في الربيع من كل سنة، و ذلك بشكل احتفالي، يقومون خلاله بإقرار القوانين المعدة من قبل موظفين، و يصوتون على الموازنة….
بيد أن تغيب المواطنين عن هذا الاجتماع كبير جداً، و المناقشات التي تدور فيه سطحية أو مصطنعة، و القرارات التي يتم التصويت عليها أو اتخاذها تكون معدة بدقة من قبل مجلس المقاطعة Le Conseil contonal المنتخب من قبل الجمعية الشعبية.
ثالثاً- تقدير و مستقبل الديمقراطية المباشرة : مما تقدم لا يسعنا سوى التأكيد على أن الديمقراطية المباشرة، هي نظام مثالي يسمح للشعب بممارسة السلطة بنفسه دون وسيط، مما يرتقي إلى حد كبير بمستوى مشاركة المواطنين في تحمل المسؤولية مباشرة في كل ما يتعلق بإدارة شؤونهم العامة. بيد أن مثالية هذا النظام تصل إلى حد الخيال، فالديمقراطية المباشرة لا يمكن تطبيقها أو تصور تطبيقها سوى في المجتمعات الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف من المواطنين، حيث إنّ بعض المقاطعات السويسرية مثل مقاطعتي Uri و Shwytw بعد أن تعدى عدد سكانها حداً معيناً تخلت عن الديمقراطية المباشرة. يضاف إلى أن تقنية و فن الحكم مادياً لا يسمح بتطبيق نظام الديمقراطية المباشرة. و لكن البعض يعتقد بأن هذه الصيغة من الحكم الديمقراطي ليست حلماً مثالياً بدون مستقبل لها. فالذي رأيناه في الأمس و لا زلنا ننظر إليه اليوم بأنه مثالي و خيالي، قد لا يبقى كذلك في المستقبل. فتطلعات المواطنين و تطور و سائل الاتصال، يسمح بإزالة القيود المادية التي يمكن أن تعيق ممارسة الديمقراطية المباشرة. فبواسطة الراديو و التلفزيون و الانترنيت يمكن تأمين المناقشات في الشؤون العامة بشكل واسع، و المواطنون من خلال هذه الوسائل يسمح لهم في المشاركة في الشؤون العامة و هم جالسون في منازلهم[7].
2- : الديمقراطية شبه المباشرة
ماذا نقصد بالديمقراطية شبه المباشرة Démocratie semi-directe، و ما أهم مظاهرها، و ما تقديرنا لهذا النوع من الحكم الديمقراطي؟
أولاً- المقصود بالديمقراطية شبه المباشرة :الديمقراطية شبه المباشرة هي نظام وسط بين الديمقراطية المباشرة و الديمقراطية التمثيلية. حيث تأخذ الديمقراطية شبه المباشرة ببعض مظاهر الديمقراطية المباشرة التي تعتمد على ممارسة الشعب للسيادة بدون وسيط، و تعتمد أيضاً بعض مظاهر الديمقراطية التمثيلية التي تعتمد، كما سنرى لاحقاً، على تفويض حق ممارسة السيادة إلى نواب أو هيئة نيابية تمثل الشعب، و تضطلع بمهام الحكم نيابة عنه.
ثانياً- مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة : توجد عدة مظاهر أو وسائل تميز الديمقراطية شبه المباشرة فتجعل منها نظاماً وسطاً بين الديمقراطيتين المباشرة و التمثيلية. و يمكن إجمال هذه المظاهر في نقطتين : مشاركة الشعب في العمل التشريعي، و رقابة الشعب على البرلمانيين.
I-مشاركة الشعب في العمل التشريعي : من مظاهر مشاركة الشعب في العمل التشريعي : الاعتراض الشعبي، و الاقتراح الشعبي، و الاستفتاء الشعبي.
1-الاعتراض الشعبي : الاعتراض الشعبي Le veto populaire[8]، يعني إعطاء عدد من المواطنين (الناخبين طبعاً) الحق و الوسيلة في الاعتراض على قانون صادر عن البرلمان، و ذلك خلال مدة محدودة من تاريخ صدوره. فحق الاعتراض الشعبي يسمح للشعب التدخل في عملية التشريع : فالبرلمان إذا صوت على قانون لم يشارك الشعب في إعداده، فلهذا الأخير الحق في الاعتراض بعد التصويت عليه. و من الناحية العملية و الفنية يحصل الاعتراض الشعبي على الشكل التالي : بعد موافقة البرلمان على قانون ما، فإن هذا القانون لا يطبق مباشرة و إنما يشترط لنفاذه مده معينة (يحددها الدستور)، خلال هذه المدة يحق لعدد من المواطنين الناخبين (يحدده الدستور) أن يعترض على هذا القانون و يطلب عرضه على الشعب (الاستفتاء الشعبي)، فإذا وافقت أغلبية الناخبين على الاعتراض فإن القانون موضوع الاعتراض يسحب بأثر رجعي، أي يعتبر كأنه لم يكن[9].
2-الاقتراح الشعبي : الاقتراح الشعبي L’initiative populaire، يتمثل في قيام عدد معين من المواطنين (الناخبين طبعاً) باقتراح مشروع قانون أو فكرة معينة، و الطلب إلى البرلمان إصدار تشريع في مجالها. أي هو أسلوب يسمح للمواطنين بإجبار البرلمان على التشريع في مجال معين. فالاقتراح الشعبي قد يتضمن مشروع قانون محدد، يلتزم البرلمان بمناقشته و إصداره أو عرضه على الاستفتاء الشعبي بحسب ما ينص عليه الدستور. و قد يقتصر الاقتراح التشريعي على مجرد إبداء الرغبة في التشريع في مجال معين، ثّم يتولى البرلمان صياغة مشروع قانون بهذا الصدد، يقره بنفسه أو يعرضه على الاستفتاء الشعبي[10].
3-الاستفتاء الشعبي : الاستفتاء الشعبي Le référendum، هو أسلوب يسمح بأخذ رأي الشعب حول موضوع معين أو مشروع قانون. و نظرياً يمكننا التمييز بين عدة أنواع من الاستفتاء بحسب وقت إجرائه، أو موضوعه،أو غايته، و من حيث إلزامية اللجوء إليه، و من حيث القوة الملزمة لنتائجه.
- فمن حيث الوقت يمكننا أن نميز بين الاستفتاء السابق و الاستفتاء اللاحق. فالاستفتاء السابق هو أسلوب يلجأ بمقتضاه البرلمان إلى عرض مشروع قانون على الشعب، قبل أن يصوت هو عليه، و ذلك لأخذ رأي الشعب حوله، و البرلمان ليس ملزماً عادةً بنتيجة الاستفتاء، فيمكنه التصويت على هذا المشروع دون التقيد بنتيجة الاستفتاء الذي أجري. و في الحقيقة هذا النوع من الاستفتاء نادر الحدوث. أما الاستفتاء اللاحق فهو أسلوب يلجأ البرلمان بمقتضاه إلى عرض قانون، كان قد صوت عليه سابقاً، على الشعب، بحيث لا يصبح هذه القانون نافذاً إلا إذا وافق الشعب عليه.
- من حيث الموضوع يمكننا أن نميز بين : الاستفتاء الدستوري، و الاستفتاء التشريعي، و الاستفتاء السياسي. فالاستفتاء التشريعي هو الذي يكون موضوعه يتعلق بقوانين عادية، كما هو مطبق في بعض الدول مثل إيطاليا و سويسرا. أما الاستفتاء الدستوري الذي يكون موضوعه التصديق على دستور جديد أو تعديل الدستور، و هذا تأخذ به العديد من الدول. أمّا الاستفتاء السياسي يكون موضوعه يتعلق بأمر هام من الأمور السياسية العامة للدولة. و في هذا الإطار تتوجب الإشارة إلى وجود نوع آخر من الاستفتاء الشعبي، هو الاستفتاء الشعبي السياسي للمبايعة Le plébiscite، الذي فيكون موضوعه الموافقة أو عدم الموافقة على تبوء شخص محدد لمنصب سياسي كبير، عادةً ما يكون رئاسة الدولة. و هذا الأمر معمول به في عدد من الدول العربية فيما يتعلق بالاستفتاء على منصب رئيس الجمهورية، كما في سورية بموجب المادة /84/ من الدستور الدائم لعام 1973، و في مصر بموجب المادة /76/ من الدستور الحالي لعام 1971.
- و من حيث غاية الاستفتاء فإنه يمكننا التمييز بين : الاستفتاء التصديقي و الاستفتاء الإلغائي. فالاستفتاء التصديقي (و هو الغالب) يهدف إلى موافقة الشعب على قانون أو موضوع (معاهدة عادةً) أقره البرلمان سابقاً. أما الاستفتاء الإلغائي فهو الذي يهدف إلى إلغاء نص معمول به (معاهدة عادةً).
يضاف إلى هذين النوعين من الاستفتاءات من حيث الغاية الاستفتاء التحكيمي Le référendum d'arbitrage، الذي تكون غايته الاحتكام إلى الشعب ليقول الكلمة الفصل حول خلاف سياسي نشب بين السلطات (السلطتين التشريعية و التنفيذية).
-من حيث إلزامية اللجوء إلى الاستفتاء يمكننا التمييز بين : الاستفتاء الوجوبي و الاستفتاء الاختياري. فالاستفتاء الوجوبي أو الإجباري هو الاستفتاء الذي ينص الدستور على وجوب إجرائه في بعض المسائل، مثل تعديل الدستور. أما الاستفتاء الاختياري فهو الاستفتاء الذي يلجأ إليه بناء على طلب البرلمان أو الحكومة لاستفتاء الشعب على إحدى المسائل الهامة التي لم ينص الدستور على وجوب استفتاء الشعب عليها.
- و من حيث القوة الإلزامية لنتيجة الاستفتاء يمكننا التمييز بين : استفتاء ملزم و استفتاء استشاري. فالاستفتاء الملزم هو الذي تقيد نتيجته البرلمان أو الحكومة. أما الاستفتاء الاستشاري فهو الذي لا تقيد نتيجته البرلمان أو الحكومة، حيث يبقى القرار الأخير لهما. و في الحقيقة فإن الاستفتاء الاستشاري هو أمر غير مقبول في الأنظمة الديمقراطية.
و مما تجدر الإشارة إليه هنا، أن المبادرة في طرح أو اقتراح الاستفتاء الشعبي يمكن أن تعود (بحسب النص الدستوري) إلى السلطة التنفيذية، أو إلى المواطنين، أو إلى البرلمان :
- إلى السلطة التنفيذية : أي إلى رئيس الدولة أو إلى لحكومة. ففي سورية /المادة 112 من الدستور/ و في مصر /المادة 152 من الدستور/ أعطي رئيس الجمهورية وحده حق المبادرة في طرح موضوع للاستفتاء الشعبي، و في فرنسا أعطى دستور الجمهورية الخامسة /المواد 3، 11، و 89/ هذا الحق لرئيس الجمهورية و لكن بناء على اقتراح من الحكومة أو البرلمان[11].
-إلى المواطنين : أي إلى عدد محدد (كحد أدنى) من المواطنين الموقعين، الذين يملكون حق الانتخاب، على عريضة تدعو للاستفتاء حول موضوع معين. ففي سويسرا حدد دستورها هذا العدد /100000/ توقيع بالنسبة للاستفتاء الدستوري بمبادرة شعبية، و في إيطاليا حدد هذا العدد بـ /500000/ توقيع.
-إلى البرلمان : و هذه الحالة قليلة جداً، لأن في ذلك انتقاصاً من قيمة البرلمان، الذي تعتبر من أهم سلطاته الطبيعية عملية إعداد القوانين و إقرارها. و لكن هذا الحق في طرح موضوع للاستفتاء الشعبي لعدد من أعضاء البرلمان قد يخدم الأقلية التي قد ترغب في العودة للشعب حول أمر معين. ففي الدانمرك مثلاً، يعطي دستورها الحالي لعام 1953 حق المبادرة في طرح استفتاء على الشعب إلى 1/3 أعضاء المجلس النيابي المسمى [12]Folketing.
II-رقابة الشعب على البرلمانيين : من مظاهر رقابة الشعب على البرلمانيين : العزل الشعبي و الحل الشعبي.
1-العزل الشعبي للنائب : العزل الشعبي، أو Recall حسب التعبير الأنكلوساكسوني الذي يمكن ترجمته بالاسترداد، هو إجراء ديمقراطي شبه مباشر يعزل بموجبه بناء على طلب شعبي البرلماني في البرلمان (أو من يشغل وظيفة عمومية بالانتخاب) لكونه لم يعد يحظى برضى الناخبين. و العزل الشعبي، الذي أساسه التقليد الإنكليزي في مجلس العموم، يفسر نوعاً من الحذر تجاه الديمقراطية التمثيلية، و يجسد نوعاً من الرقابة الشعبية المستمرة على السلطة. و من الناحية العملية و الفنية يتم العزل الشعبي على النحو التالي : يطلب عدد معين من المواطنين الناخبين (يحدده الدستور) عزل نائب معين، و في هذه الحالة يتم إجراء انتخابات جزئية أو فرعية على المقعد الذي يشغله هذا البرلماني، و يمكن، أو يتوجب، على البرلماني محل العزل الترشيح، فإذا حصل هذه البرلماني على الأقلية ينسحب و يحل محله من حصل على الأغلبية، و إذا حصل البرلماني محل العزل على الأغلبية يعتبر و كأنه أعيد انتخابه. و هذه الممارسة العملية نظمتها لأول مرة ولاية لوس أنجلوس عام 1903، و تلتها دساتير عدد من الولايات الأخرى، و ذلك بشأن جميع الوظائف التي يحتلها حائزوها عن طريق الانتخاب (خصوصاً في الوظائف القضائية). و هذا الأمر كان مطبقاً في الاتحاد السوفيتي السابق، حيث كانت المادة /107/ من دستور 7 تشرين الأول 1977، تجبر البرلمانيين على تقديم كشف حساب لناخبيهم بشكل دوري، و تسمح بعزلهم إذا لم يعودوا متمتعين بثقة الناخبين[13].
2-الحل الشعبي للبرلمان : الحل الشعبي يتم عندما يكون العزل الشعبي يتناول جميع أعضاء المجلس أو البرلمان، و يعبر عنه في اللغة الألمانية بتعبير Abberufungsrecht. و من الناحية العملية و الفنية يتم هذا الأمر على النحو التالي : يطلب عدد معين من المواطنين الناخبين (يحدده الدستور) حل البرلمان، فيتم تنظيم استفتاء شعبي حول هذا الموضوع، فإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض فيبقى البرلمان، و إذا كانت النتيجة بالإيجاب فتتم الدعوة لانتخابات جديدة. هذا الأسلوب كان مطبقاً في بعض المقاطعات الألمانية، و لا يزال مطبقاً في بعض المقاطعات السويسرية.
ثالثاً- تقدير الديمقراطية المباشرة :كلما كانت المشاركة الشعبية واسعة في تقرير و تسيير الشؤون العامة، اقتربنا أكثر من فكرة الديمقراطية. فإذا كان تطبيق الديمقراطية المباشرة أمراً مستحيلاً أو على الأقل فيه صعوبة، فتبقى الديمقراطية شبه المباشرة أقرب من الديمقراطية التمثيلية المبدأ الديمقراطي.
لكن تطبيق الديمقراطية شبه المباشرة تحتاج إلى حد ما من الوعي السياسي للمواطنين، كي لا تستخدم مظاهر أو آليات الديمقراطية شبه المباشرة، بشكل يهدد الاستقرار التشريعي في الدولة نتيجة ما يملكه الشعب خصوصاً من خلال الاعتراض التشريعي و الاقتراح التشريعي، أو يقلل من هيبة المجالس البرلمانية المنتخبة من خلال العزل و الحل الشعبي. و قد تستغل هذه الوسائل الديمقراطية من بعض الأوساط المستفيدة، لخلق نوع من عدم الاستقرار السياسي في الدولة. لذلك نرى أنّ أغلب دول العالم لا تضمن دساتيرها سوى بعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة، و خاصةً الاستفتاء الشعبي، و لكن تقيد هذا الحق بحدود كثيرة.
3- : الديمقراطية التمثيلية أو النيابية
لكي نفهم ماذا نقصد بالديمقراطية التمثيلية La Démocratie représentative، سوف نحدد مفهوم الديمقراطية التمثيلية أو النظام التمثيلي، و أركانه، و أهم الانتقادات الموجهة لهذا النظام الديمقراطي.
أولاً- مفهوم النظام التمثيلي :
في هذا الإطار سوف نعرف النظام التمثيلي Régime représentatif و مبررات وجوده، و ما هي الأسس النظرية لمبدأ التمثيل؟
I-التعريف بالنظام التمثيلي و مبررات وجوده : نقصد بالنظام التمثيلي، أو الديمقراطية التمثيلية، النظام الذي يمارس فيه الشعب السلطة بواسطة ممثلين أو نواب (و لذلك يسميه البعض بالنظام النيابي)[14]، أي أن مجموع المواطنين الذين يشكلون الجسم الانتخابي (من يملك من المواطنين حق الانتخاب) يقومون بانتخاب ممثلين أو نواب عنهم، يباشرون السلطة مكانهم و باسمهم.
و كما أشرنا سابقاً فإن القول بنظرية سيادة الأمة، كإحدى النظريتين الديمقراطيتين لتفسير أساس السلطة، يؤدي بالضرورة إلى نظام حكم قائم على التمثيل. بمعنى آخر إن النظام التمثيلي هو النتاج الطبيعي لنظرية سيادة الأمة. هذا النظام التمثيلي يمكن تعريفه بأنه النظام الذي تكون فيه الهيئة التمثيلية (المنتخبة) بموجب الدستور مالكةً التعبير عن إرادة الأمة. و قد أخذت الغالبية العظمى من الدول الديمقراطية بالنظام التمثيلي المستند إلى مبدأ سيادة الأمة، لاعتبارات : مادية و عملية، و عقلانية و سياسية.
1-الاعتبارات المادية و العملية : مادياً و عملياً هناك صعوبة، بل استحالة، في تطبيق نظام الديمقراطية المباشرة، أي أن يمارس الشعب بنفسه ممارسة السيادة أو السلطة السياسية، و ذلك للأسباب التي أشرنا إليها عند دراستنا للديمقراطية المباشرة.
2-الاعتبارات العقلانية و السياسية : إضافةً للاعتبارات المادية أو العملية، يوجد في الحقيقة اعتبارات سياسية وراء قيام النظام التمثيلي، متمثلة أساساً في الحذر من الشعب، و بالتالي من الديمقراطية المباشرة.
فليس من المستحب أن يباشر الشعب السلطة بنفسه، فالشعب لا تتوفر فيه الكفاءة لممارسة السلطة مباشرة و بدون وسيط. فممارسة السلطة تتطلب توافر مقدرات فنية و تخصصية، لا تتوفر في عامة الشعب[15]. فالشعب ليس على المستوى الذي يسمح له بإدارة و تصريف الشؤون العامة، خصوصاً أن سلطة الشعب أو الأغلبية منه تغالي (أو تمارس ديكتاتورية) في استعمال هذه السلطة على حساب الأقلية. في حين أنه في ظل النظام التمثيلي حيث البرلمان، تمارس الأغلبية سلطتها بشكل عقلاني بعيد عن الديمغوجية، و بشكل يصون حقوق و حريات الأقلية.
II-الأساس النظري لمبدأ التمثيل : إذا كانت الديمقراطية تعطي السيادة للشعب ليمارسها بنفسه، فقد ظهرت تساؤلات حول علاقة النظام التمثيلي بالديمقراطية، لأن الذي يمارس السيادة في هذا النظام هو البرلمان نيابة عن الشعب. لذلك قدم الفقه الدستوري نظريتين لتبرير علاقة النظام التمثيلي بالديمقراطية هما : نظرية النيابة، و نظرية العضو.
1-نظرية النيابة : هذه النظرية مستقاة من القانون الخاص من فكرة الوكالة أو النيابة، التي تقضي بأن البرلماني أو الوكيل يقوم بالتصرفات القانونية بمقتضى الوكالة، التي تنتج آثارها في ذمة الموكل، كما لو أن هذه التصرفات كانت صادرة عن الموكل مباشرة.
و بموجب هذه النظرية يعتبر البرلمان نائباً عن الشعب أو الأمة، يعمل لحسابها و يعبر عن إرادتها. أي أن الممثلين الذين ينتخبهم الشعب هم بمثابة وكلاء أو نواب عن الأمة، يتصرفون باسمها، و تنصرف آثار تصرفاتهم إلى الأمة. بيد أن هذه النظرية تعرضت للعديد من الانتقادات : هذه النظرية تعترف بوجود شخصية قانونية أو معنوية للشعب أو الأمة إلى جانب الشخصية القانونية أو المعنوية للدولة، و قد بينا سابقاً عدم صحة هذه الفكرة التي تقوم على خيال محض. فالأمة كشخص مجرد، لا يمكن أن تملك حق النيابة أو الوكالة، فليس لها إرادة حقيقية، تمكنها من أن تنيب أحداً في التعبير عن هذه الإرادة. و لذلك فإن البرلمان لا يمثل إرادة الأمة، و إنما يخلقها، فإرادة الأمة ليس لها وجود سابق على البرلمان لتنيبه في التعبير عن هذه الإرادة، و إنما البرلمان هو الذي يوجد هذه الإرادة. كذلك فإن عملية الانتخاب ليست توكيلاً للنواب، و إنما هي مجرد عملية اختيار بين عدة أشخاص.
2-نظرية العضو : هذه النظرية تقوم أيضاً على فكرة خيالية، حيث تشبه الأمة بالإنسان و الهيئات الحاكمة، و منها البرلمان، بأعضاء الإنسان (يد، عين….) المعبرة عن إرادته. و بمقتضى هذه النظرية فإن الأمة شخص معنوي له إرادة يعبر عنها بواسطة عضو لا يمكن فصله عنه، أي أن هذا العضو ليس له شخصية مستقلة عن شخصية الشخص الجماعي المتمثل بالأمة. فنظرية العضو تستند إلى وجود شخص واحد فقط يمثل الأمة كجماعة منظمة له إرادة واحدة، و بالتالي تجنبت الانتقاد الذي وجه إلى نظرية النيابة المتمثل بوجود شخصين مختلفين ينفذ أحدهما إرادة الآخر. بيد أن هذه النظرية يمكن انتقادها أيضاً على أكثر من صعيد : فهي تقوم على محض الخيال، كما هو حال نظرية النيابة، بتصورها بوجود شخصية معنوية للأمة أو الشعب إلى جانب الشخصية المعنوية للدولة. كذلك فإن هذه النظرية تؤدي إلى ظهور الحكم الاستبدادي، لأنها لا تفرق بين إرادة الحكام و إرادة المحكومين، إذ تقوم على اعتبار الجماعة المنظمة شخصية واحدة، و بالتالي فإن إرادة الحكام هي حتماً إرادة المحكومين المتمثلة بإرادة الأمة، فليس للمحكومين أن يعترضوا على تصرفات الهيئات الحاكمة، لأنها تمثل إرادة الأمة، مما قد يؤدي إلى استبداد الحكام بالمحكومين. و لكن و بغض النظر عن النظريتين السابقتين اللتين لا تخلوان من الانتقاد، فإن حقيقة التمثيل ترجع- كما أشرنا سابقاً- إلى الضرورات العملية، و استحالة تطبيق الديمقراطية المباشرة، و صعوبة تطبيق الديمقراطية شبة المباشرة، إضافةً للظروف التاريخية التي رافقت ظهور و تطور النظام التمثيلي.
ثانياً- أركان النظام التمثيلي
يقوم النظام التمثيلي على عدة أركان يمكن إجمالها بأربعة : برلمان منتخب، يمثل الأمة بأكملها، مستقل عن هيئة الناخبين، و ذلك خلال مدة محددة.
I-برلمان منتخب : يعتبر وجود برلمان (يمكن أن يكون البرلمان مؤلف من مجلس واحد أو من مجلسين) منتخب من الشعب أهم الدعامات الأساسية التي يقوم عليها النظام التمثيلي. و لكي يتحقق هذا النظام من الناحية الفعلية يجب أن تكون سلطات البرلمان حقيقية من خلال اشتراكه في إدارة شؤون الدولة، خاصة الوظيفة التشريعية، فلو كان دور البرلمان فقط استشارياً لما استقام النظام التمثيلي. و إذا كان شرط الانتحاب هو أساسي فإنه يمكن -حسب ظروف كل دولة- أن يكون عدد من أعضاء البرلمان غير منتخبين أي معينين، و لكن يجب في هذه الحالة أن تكون الغالبية الساحقة من الأعضاء منتحبين. و مبرر التعيين يكون إما لإدخال بعض الكفايات إلى البرلمان و إما لتمثيل الأقليات التي لا يمكن أن تمثل بسبب الأنظمة الانتخابية[16].
II-البرلماني في البرلمان يمثل الأمة بأكملها : أي أن البرلماني لا يمثل دائرته الانتخابية فقط، و إنما يمثل الأمة بأسرها، و بالتالي يستطيع إبداء الرأي بحرية كاملة دون التقيد بتعليمات ناخبيه لأنه يعمل من أجل الصالح العام للأمة وليس فقط لمجرد تحقيق مصالح إقليمية خاصة بالدائرة المنتخب فيها. بالتأكيد إن إقليم الدولة مقسم إلى عدد من الدوائر الانتخابية، و لكن البرلماني المنتخب في دائرة انتخابية لا يمثل فقط ناخبيه في هذه الدائرة بل الأمة بكاملها، فهو يعتبر منتخباً ممن يملك حق الانتخاب في دائرته و ممن لا يملك هذا الحق، و ممن شاركوا في الانتخاب و ممن تغيبوا، و ممن صوت له أو صوت ضده، و من القاطنين في دائرته و من القاطنين في الدوائر الانتخابية الأخرى. و لذلك لا نقول بأن البرلماني منتخب عن هذه الدائرة الانتخابية أو تلك، و إنما نقول بأن البرلماني انتخب في هذه الدائرة الانتخابية أو تلك. فتقسيم إقليم الدولة إلى عدة دوائر انتخابية يعود إلى اعتبارات فنية بحتة متعلقة بعملية تنظيم الانتخاب، و ليس له أي معنى سياسي، لأن السيادة لا تتجزأ. فمثلاً لو احتل جزء من إقليم الدولة مثلاً فإن البرلمانيين المنتخبين في هذا الجزء يبقون أعضاء في البرلمان المعبر عن إرادة الأمة[17].
III-استقلال البرلمان عن هيئة الناخبين[18] : لا يمكن تحديد و كالة البرلماني بأي قيد أو شرط، فالبرلمانيون يمارسون ولايتهم بحرية دون الارتباط بالتزامات يمكن أن يكونوا قد تعهدوا بها قبل انتخابهم، و لا بتعليمات ناخبيهم خلال الولاية. و هذا الركن في الحقيقة نتيجة طبيعية لكون البرلماني يمثل الأمة. فبعد انتهاء الانتخابات يباشر البرلمان سلطاته بدون الرجوع إلى الهيئة الناخبة، بحيث لا يجوز الأخذ بمظاهر الديمقراطية شبه المباشرة (استفتاء شعبي، اقتراح شعبي، اعتراض شعبي، العزل الشعبي أو الحل الشعبي)، فهيئة الناخبين لا تملك سوى أن تنتظر الانتخابات التالية لمحاسبة ممثليها، و لذلك لا بدّ من الركن الرابع المتمثل بتأقيت مدة البرلمان.
IV-البرلمان يمثل الأمة لمدة محددة : إذا كان استقلال البرلمان عن الناخبين يعتبر من الأركان الأساسية للنظام التمثيلي، وذلك بهدف التعبير عن إرادة الأمة و تحقيق مصالحها، فلا بدّ أن تكون مدة ولايته La législature محددة بزمن معلوم، لأنه لو ظلت ولايته مدى الحياة فإن ذلك يؤدي لا محالة إلى الاستبداد نتيجة تراجع أو ضعف فكرة التمثيل مع مرور الزمن، و لا يبقى البرلمان هو المعبر عن إرادة الأمة، و هو الهدف الأساسي لوجود البرلمان في النظام التمثيلي.وهذه المدة يجب ألا تكون طويلة جداً بحيث تنقطع الصلة بين الهيئة الناخبة و البرلمانيين (الهيئة المنتخبة)، كما يجب أن لا تكون قصيرة جداً لكي لا يظل البرلمان تحت ضغط الهيئة الناخبة و الخوف من الاستحقاق الانتخابي المقبل إضافة للتكاليف المالية للعملية الانتحابية وما لها من أثر كبير على الوضع الاقتصادي و المالي للدولة. و لكن مما تجدر الإشارة إليه هنا أنّ هذه المدة المحددة، لا يشترط في كل برلمان أن يتم ولايته بأكملها، فكما سنرى بأنه في الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني، تملك السلطة التنفيذية حق حل البرلمان قبل نهاية ولايته. و في الحقيقة إن هذه الأركان الأساسية للنظام التمثيلي طرأ عليها العديد من التطورات، فرضتها الظروف التاريخية، و العملية، حيث أفرزت الآليات الفنية و السياسية المتعلقة بتطبيق النظام التمثيلي بعض هذه التطورات[19]، و خصوصاً في مجال علاقة الناخبين بالبرلمانيين.
فقد أصبح، في وقتنا الحاضر، البرلماني خاضعاً لتأثير الناخبين لأسباب فرضتها آليات العملية الانتخابية : فالمرشح يتقدم ببرنامج أو بوعود انتخابية لإقناع الناخبين بانتخابه، و بعد انتخابه يسعى لتقديم خدمات مباشرة لناخبيه، و يمارس واجبه النيابي انطلاقاً من رغبته في الحصول على استمرارية تأييد الناخبين له من أجل تأمين إعادة انتخابه. يضاف إلى ذلك سيطرة الأحزاب على البرلمانيين. فالناخبون يصوتون في أغلب الأحوال لصالح مرشح هذا الحزب أو ذاك أكثر من تصويتهم لصالح شخص هذا المرشح أو ذاك المرشح. أي أن الناخب يصوت لبرنامج الحزب المحدد، و احترام البرلماني لبرنامج الحزب المنتمي إليه يعتبر مطلباً للناخبين المؤيدين لهذا الحزب، لذلك فإن الأحزاب تفرض على البرلمانيين المنتمين إليها حداً من الالتزام خلال التصويت في البرلمان.
ثالثاً-الانتقادات الموجهة للنظام التمثيلي
واجه النظام التمثيلي، و يواجه حتى اليوم الكثير من النقد. و يمكن أن نميز في هذا الإطار تيارين أساسيين: الأول ينتقد الديمقراطية التمثيلية، و يراها بأنها ليست النظام الأفضل، و يحاول التغلب على السلبيات الناجمة عنها، و ذلك عن طريق بعض الآليات الإضافية، أما التيار الثاني فيرى أن الديمقراطية التمثيلية ليست سوى نظام فاسد لا يمكن إصلاحه من خلال بعض التعديلات عليه، و لكن لابد من تغييره كاملاً و إحلال نظام جديد محله. حتى أنصار النظام التمثيلي يرون أنه لا يخلو من بعض الانتقادات، و لكن يعتبرونه أفضل الممكن. و أهم هذه الانتقادات هي التالية :
- إن مبدأ سيادة الشعب أو الأمة الذي يقوم عليه النظام التمثيلي، ليس حقيقة، بل مجرد فرض خيالي. فهل يمكن القبول بأن يكون للأمة التي تحوز السيادة شخصية قانونية؟ و هل الشخصية القانونية للأمة هي نفس الشخصية القانونية للدولة؟. و إذا سلمنا جدلاً بمبدأ سيادة الأمة، كيف يمكن لنا تبرير وجود السلطة فعلياً في جميع الأنظمة التمثيلية بيد الأغلبية لا بيد الأمة بكاملها؟ و على أي أساس يمكن تبرير إخضاع الأقلية لحكم الأغلبية؟ هل يعني هذا أن إرادة مجموعة من الأفراد هي أفضل و أغلى من إرادة مجموعة أخرى؟ و في الحقيقة، إنّ سيادة الأمة تحل محلها سيادة البرلمان أو الأغلبية البرلمانية في جميع النظم التمثيلية.
-إضافة للانتقاد النظري الفلسفي السابق، يضاف انتقاد عملي له صلة به. فالأنظمة التمثيلية و إن كانت تقوم نظرياً على أساس أن الحكم للأغلبية فإنها في الواقع لا تحقق ذلك، بل إن الحكم عملياً يؤول في النهاية إلى أقلية لا إلى الأغلبية. و لتوضيح وجهة نظرهم يقولون : إنّه في جميع الديمقراطيات التمثيلية، لا يشترك جميع أفراد الشعب في العملية الانتخابية بل فقط جزء منهم. و لو فرضنا أن هذا الجزء يمثل أغلبية الشعب، فإن البرلمانيين الذين يختارهم الشعب ينقسمون إلى فئتين: أغلبية حاكمة و أقلية معارضة. و القرارات المتخذة من قبل الأغلبية الحاكمة تتخذ بأغلبية الحاضرين من نواب الأغلبية الحاكمة. و من ثم فإن الدراسات و الإحصائيات تدل على أن القرارات التي يلزمون بها جميع أفراد الشعب ليست صادرة سوى عن أقلية.
- إن وجود الأحزاب السياسية أصبح ملازماً للديمقراطية التمثيلية، و هذه الأحزاب بشكلها الحالي تعمل على انحراف الديمقراطية. فهذه الأحزاب ليست إلا مؤسسات انتخابية، لا هدف لمناصريها سوى الوصول إلى السلطة، و لو عن طريق اتخاذ مواقف لا تتفق مع المصلحة العامة. كذلك فإن هذه الأحزاب مسيطر عليها من قبل زعاماتها، فلو وصل حزب إلى السلطة فالذي يحكم هو فئة قليلة تمثل زعامات الحزب و بالتالي نصل إلى حكم الأقلية.
-كذلك يؤخذ على الديمقراطية التمثيلية بأنها لا تعنى بالتخصص، فهي تولي اهتماماً للاعتبارات السياسية و تهمل الأمور الفنية. و لذلك قد يصل إلى رأس أغلب مناصب السلطة أناس لا يفهمون من الناحية الفنية ما يديرون أو يرأسون.
--------------------
[1]
- حول الأساس النظري لمشاركة المواطنين في السلطة في النظام الديمقراطي، و المتمثلة بنظريتي سيادة الأمة و السيادة الشعبية، ارجع إلى الفصل المتعلق بالدولة.
[2]
- الدكتور علي الدين هلال : مفاهيم الديمقراطية قي الفكر السياسي الحديث، بحث مقدم إلى الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان : أزمة الديمقراطية في الوطن العربي، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية-بيروت 1984، ص36-37.
[3]
- سوف نتطرق لخصائص و سمات الأنظمة السياسية القائمة على أساس الديمقراطية الليبرالية في القسم الثاني من هذا المؤلف.
[4]
-سوف نتطرق لخصائص و سمات الأنظمة السياسية القائمة على أساس الديمقراطية السلطوية في القسم الثاني من هذا المؤلف.
[5]
-انظر حول هذا الموضوع : André HAURIOU : Droit Constitutionnel et Institutions Politiques,3éd., Paris,1968,R.285. - أو انظر الترجمة العربية لهذا المؤلف : القانون الدستوري و المؤسسات السياسية، الجزء الأول، ترجمة علي مقلد و شفيق حداد و عبد الحسن سعد، الأهلية للنشر و التوزيع-بيروت، طبعة ثانية 1977، ص305-308.
[6]
- أعضاء مجلس الخمسمئة Boulès كانوا يختارون من قبل الجمعية العامة Ecclesia.
[7]
- Ph. ARDANT : Institutions politiques et Droit constitutionnel,op.cit.,R.168.
[8]
-يجب عدم الخلط بين الاعتراض الشعبي Le veto populaire الذي هو مظهر من مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة و بين الاعتراض التشريعي Le veto législatif، حيث تمنح، بعض الدساتير- كما سنرى لاحقاً- رئيس الدولة الحق في الاعتراض على القوانين التي يصوت عليها البرلمان (التي تتم عادةً بالأغلبية المطلقة للحاضرين من أعضائه)، و لا يتمكن البرلمان من تجاوز هذا الاعتراض إلا بالتصويت على القانون موضوع الاعتراض مجدداً و ذلك بأغلبية خاصة أو موصوفة (هي عادةً أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان).
[9]
- من الدساتير التي تأخذ بالاعتراض الشعبي : الدستور الإيطالي و الدستور السويسري.
[10]
-من الدساتير التي تأخذ بالاقتراح الشعبي : الدستور الإيطالي و الدستور السويسري.
[11]
Ph. ARDANT : Institutions politiques et Droit constitutionnel,op.cit.,R.183. -
[12]
- تجدر الإشارة هنا إلى أن عدد أعضاء المجلس النيابي (البرلمان) Folketing يبلغ /79/ نائباً ينتخبون لمدة /4/ سنوات.
[13]
- بين عامي 1960-1984، تم بهذه الطريقة عزل /13/ نائباً في مجلس السوفيت الأعلى.
[14]
-نفضل مصطلح النظام التمثيلي على النظام النيابي كترجمة حرفية للمصطلح الفرنسي Régime représentatif، و ذلك لأن البعض يستعمل تعبير النظام النيابي كمرادف للنظام البرلماني Régime parlementaire، الذي هو أحد أشكال النظام التمثيلي كما سنرى لاحقاً. لذلك تجنباً لهذا الخلط في المصطلحات سوف نستخدم تعبير النظام التمثيلي الذي يعتبر الترجمة الأقرب للمصطلح الفرنسي.
[15]
- بدون شك قد تتوافر لدى عامة الشعب هذه المقدرة في المسائل السياسية العامة، التي لا تحتاج إلى مقدرات فنية خاصة، و لذلك نجد أن أغلب دساتير دول العالم التي تأخذ بالنظام التمثيلي كأساس للحكم تأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة، و خصوصاً الاستفتاء الشعبي، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً.
[16]
- نصت المادة /87/ من دستور جمهورية مصر العربية لعام 1971 على أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يعين في مجلس الشعب عدداً من الأعضاء لا يزيد عن عشرة. و يستخدم الرئيس هذا الحق لكي يدخل إلى المجلس بعض الأعضاء الممثلين للطائفة القبطية الذين لا يتمكنون من الوصول إلى المجلس عن طريق الانتخاب، و ذلك بسبب النظام الانتخابي المتبع.
[17]
- ففي فرنسا مثلاً استمر نواب إقليمي الألزاس و اللورين في عضوية البرلمان الفرنسي، على الرغم من ضم هذين الإقليمين إلى ألمانيا في عام 1871.
[18]
- في الحقيقة قدم لنا الفقه ثلاث نظريات في تكييف علاقة البرلماني بالهيئة الناخبة : نظرية الوكالة الإلزامية، نظرية الوكالة العامة للبرلمان، نظرية الانتخاب مجرد اختيار. نظرية الوكالة الإلزامية : تعتبر هذه النظرية الرابطة التي تربط الناخبين بنوابهم، هي عقد الوكالة (المعروف في القانون المدني)، أي أن البرلماني هو وكيل عن الناخبين و ممثل لهم و عليه أن يعمل طبقاً لما يرونه : الالتزام بتعليمات الناخبين و عدم الخروج عن حدودها، تقديم كشف حساب للناخبين عن تصرفاته، حق الناخبين في عزل البرلماني. نظرية الوكالة العامة للبرلمان : أي أن البرلماني لا يمثل ناخبيه فقط و إنما الأمة بأجمعها، مع النتائج المترتبة على ذلك و هي التي تقدم شرحها أعلاه من عدم الخضوع لتعليمات الناخبين، و عدم قدرة الناخبين على عزله و إنهاء ولايته، و هو غير ملزم بتقديم كشف حساب للناخبين. نظرية الانتخاب مجرد اختيار : و في الحقيقة أن كلتي النظريتين السابقتين لا تخلوان من النقد حيث تقوم الأولى على أساس قانوني بحت، و تقوم الثانية على أساس افتراض محض، في حين أن نظرية الانتخاب مجرد اختيار تقوم على اعتبار علاقة البرلماني بالناخبين علاقة سياسية، حيث تنحصر مهمة الناخبين في اختيار من يرونهم يمثلونهم لممارسة السلطة، و تنتهي هذه العلاقة بمجرد انتهاء عملية الانتخاب، و طيلة مدة ولاية البرلمان، و لا تعود إلا في الانتخاب القادم.
[19]
- من ذلك الأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية المباشرة، و ظهور تمثيل المصالح المهنية أو الاجتماعية.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سوسو الشاوية
سوسو الشاوية
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 17-02-2012
  • الدولة : الجزائر-أم البواقي-
  • المشاركات : 93
  • معدل تقييم المستوى :

    13

  • سوسو الشاوية is on a distinguished road
الصورة الرمزية سوسو الشاوية
سوسو الشاوية
عضو نشيط
رد: الديمقراطية و الحكم الديمقراطي
18-02-2012, 03:40 PM
جــــــــــزيل الشكــــــــر ........تحيـــــــــــااتي وسلآلآمي
من مواضيعي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 08:44 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى