كانت تمثل المحور والأساس ،، وكانت تمثل التاج فوق الرأس ،، وكانت تمثل ترياق الحياة والأنفاس ،، وكانت تمثل قمة المحاسن في درجات القياس ،، وأخيراً كانت تمثل تلك الواحة والراحة ،، ثم غابت فجأة عن العين كالبرق في عمق السحابة ،، وتركتنا في حيرة تمثل محنة الغلابة ،، بحثت عنها بين أنجم السماء فلم أجد لها أثراَ يوحي بالإجابة ،، وبحثت عنها بين أزهار الرياض فمالت تتراقص مع النسائم في تناغم ورشاقة ،، وسألت عنها نسائم الليل فتعللت بأنها عليلة بكثرة الرتابة ،، لقد ذابت تلك المصونة كالندى في أوقات الظهيرة ،، وتلاشت عن الوجود دون أثر لها بين العشيرة ،، فبكيت لا أدري كيف أحيا حياتي في غياب تلك الجميلة ،، ثم عشت في رحاب الذكريات دون أن أملك الأمل والحيلة ،، ثم فجأةَ في ذات يوم لمحتها تداعب الورود في أروقة الحديقة ،، فركضت نحوها مسرعاَ كالصقر يلاحق الفريسة ،، وناديت باسمها مجاهراَ بصورة مكشوفة مفضوحة ،، لقد تحامقت جنوناَ حتى نسيت مناسك الأسرار في تلك السيرة ،، ثم تعانقت العيون بالعيون في لحظات إرباك مثيرة ،، وفجأةَ تعطلت حرارة اللقاء بصورة فاترة ومبتورة !!،، حيث لم تكن هي المطلوبة بل كانت أخرى شبيهة !،، وحينها سالت دمعة ساخنة فوق خدي ثم تبخرت من هول الفجيعة ،، فقلت في نفسي سبحان ربي يخلق من الشبه ألف صورة وصورة !!،، نفس الملامح والشبه ونفس الخدود بروعة الليمونــة !! ،، ونفس الابتسامة لولا أنها كانت بطريقة مغرورة ،، استدارت تلك المصونة بوجهها في ذهول ثم عادت لحالها مشغولة ،، وحينها تخاذلت أقدامي كئيبة ثم تراجعت للوراء مهزومــة !،، ولقد ماتت الفرحة في مهدها تعقبها لحظات آهات وأنات مكتومة ،، يا ليتها تلك الواقعة كانت في الحلم ولم تكن مكتوبة !! ،، ويا ليتني لم ألتقي أبداَ بتلك الشبيهة المفزوعة !،، كم وكم ألعن حظوظي في الحياة فهي دائماَ تخذلني عند المغانم والوليمة ،، وقد كانت لها جولاتها في الماضي حيث أفقدتني تلك البهية المصونة ،، ففي لحظات هم وغم ووبال قد اختفى هلالي خلف الغيمة .
الكاتب والأديب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
التعديل الأخير تم بواسطة عمر عيسى محمد ; 20-06-2021 الساعة 03:01 PM