تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى العلوم والمعارف > منتدى النقاش العلمي والفكري

> مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
28-06-2018, 03:28 PM
مقدمة عنالإلحاد والأسبابالتي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
الشيخ:محمد بن سعيد
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّم.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُاللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍبِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فهذه بعضُ المَبَاحِثِ المجموعةِ عَنْ هذا الأمرِ الكبيرِ والظاهرةِ الخطيرةِ التي انْتَشَرَتْ فِي الأمةِ، واسْتَشْرَتْ فِيها كالنارِ فِي الهَشِيمِ، وهي:«ظاهرة الْإِلْحَاد».
وهذه مقدمةٌ عَن الْإِلْحَاد تُعَرِّفُ به، وبالأَسْبَاب التي دعت إِلَى انتشاره وَفُشُوِّهِ، كما وَرَدَ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الموسوعَتَيْنِ: المُفَصَّلَةِ والمُيَسَّرَةِ.

الإِلْحَاد هو:" مَذْهَبٌ فَلْسَفِيٌّ يقومُ على فكرةٍعَدَمِيَّةٍ أساسُها: إنكارُ وُجُود اللهِالخَالِق -سبحانه وتعالى-".
فيَدَّعِي الْمُلْحِدُونَ بأنَّ الكونَ وُجِدَ بِلَا خالقٍ، وأنَّ المادَّةَ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ، وهِيَ الخَالِق والمخلوقُ فِي نفسِ الوقت!!؟.
وهُنَاكَ معنى ثَانٍ للإِلْحَاد يُعَدُّ مِنْ إضافاتِ أَفْلَاطُون، وهو:" إثباتُ وُجُود خالقٍ أو صانعٍ؛ ولَكِنها لا تُعْنَى بشيءٍ مِن حياةِ الخلقِ، فَهِيَ مُوجِدَةٌ للخلقِ؛ لَكِنها تَرَكَتِ التَّصَرُّفَ فِي الكونِ، وَتَفَرَّغَتْ لحياتِها المِثَالِيَّةِ".
وقد كَانَ يَقُول بهذا القولِ مِنَ الْفَلَاسِفَة:«أَبِيطُور».
ومما لا شَكَّ فِيه: أنَّ كثيرًا مِن دُوَلِ العالَمِ الغربِيِّ والشرقِيِّ تُعَانِي مِن نَزْعَةٍإِلْحَاديةٍ عَارِمَةٍ، جَسَّدَتْهَا الشُّيُوعِيَّةُالمُنْهَارَةُ، وَتُجَسِّدُها الْعَلْمانِيَّةُ المُخَادِعَةُ.
والإِلْحَادُ بدعةٌ جديدةٌ لم توجَدْ فِي القديمِ إلا فِي النادِرِ فِي بعضِ الأممِ والأفرادِ، وكانت الْكَنِيسَةُ الأُورُوبِّيَّةُالمسئولَ الأولَ عَنْ ظهورِ الْإِلْحَاد، فَحَمَاقَاتُها هِيَ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى جَعْلِ الْعِلْمِ بَدِيلًا عَنْ الدِّينِ، وَجَعْلِ الصِّدَامِ الَّذِي وَقَعَ بينَ الْعِلْمِ المَادِّيِّ وأفكارِ الكَنِيسَةِ المُتَحَجِّرَةِ مما ليس بِدِينٍ أَصْلًا؛ سَبَبَا لِتَحَلُّلِ الناسِ مِن الدينِ.
فَالسَّبَبُ الظاهرُ جُعِلَ بَدِيلًا عَن السببِ الْحَقيقيِّ، وتَوَقَّفَ الناسُ عَنْدَ حُدُودِ ما تُثْبِتُهُ وتُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُمْ، وَجُعِلَتِ الطبيعةُ خالقةً بَدِيلًا عَنِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وذَلِكَ حينَ حَارَبَتْ الْكَنِيسَةُ الغَرْبِيَّةُالْعِلْمَ وَالْعلماءَ، وَخَيَّرَتِ الناسَ بينَ اتِّبَاعِ الخُرَافَةِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الدِّينِ -على دِينِهَا الَّذِي ابْتَدَعَتْهُ وَشَكَّلَتْهُ على حَسَبِ أَهْوَائِهَا-، خَيَّرَتِ الناسَ بينَ اتِّبَاعِ الخُرَافَةِ واتباعِ الْعِلْمِ وَالخُرُوجِ مِنَ الدِّينِ. وقد اختار الْعُلَماءُ المَادِّيُّونَ لمِاَ وَصَلُوا إِلَيْهِ من الْحَقَائق الْعِلْمية الثابتة؛ اخْتَارُوا اتباعَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُم يَعْرِفُون قَدْرَهُ، ويَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَحَقُّ بالاتباعِ مِنَ الخُرَافَةِ التي تَمَسَّكَتْ بها الكَنيسَةُ الغربيةُ، فلَمَّا طَرَدَتِ الكنيسَةُالْعُلَماءَ مِنَ الدِّينِ؛ كَانَ الْعِلْمُ بالنسبةِ إِلَيْهِم البَدِيلَ عَنْ الدِّينِ، لَا لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقةِ بَدِيلٌ عَنْه، وَلَا لِأَنَّهُ بِطَبِيعَتِهِ يُغْنِي عَنْ الدِّينِ؛ وَلَكِنْ لأنَّ حَمَاقَةَ الْكَنِيسَةِ الغَرْبِيَّةِوَضَعَتِ الأمورَ فِي هذا الوضعِ!!؟.
والسببُ الظَّاهِرُ ليسَ بَدِيلًا عَن السببِ الحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّ السببَ الظاهرَ يُفَسِّرُ فَقَطْ: كيفَ تَحْدُثُ الأشياءُ على النَّحْوِ الَّذِي تَحْدُثُ به؟، ولَكِنهُ لا يُفَسِّرُ: لماذا كَانَت الأشياءُ على هذا النحوِ؟.
وحِينَ جَعَلَتْ أُورُوبَّا الطبيعةَ بَدِيلًا عَنِ اللهِ عز وجل؛ لم يَكُنْ ذَلِكَ إلا مَهْرَبًا مِنْ إِلَهِ الْكَنِيسَةِ الَّذِي تَسْتَعْبِدُ الناسَ بِاسْمِهِ، وَتَفْرِضُ عليهِمُ الإِتَاوَاتِ والعُشُورَ بِاسْمِهِ، وتُخْضِعُهُمْ وَتُذِلُّهُمْ لِرِجَالِالدِّينِ مَعَ مُحَارَبَةِالْعِلْم، والحَجْرِ على حُرِّيَّةِ النَّظَرِ فِي أسرارِ اللهِ فِي الكونِ، وَمَعَ الوُقُوفِ الظالمِ مَعَ رِجَالِ الإِقْطَاعِ ضِدَّ الَّذِينَ كَانُوا يُطَالِبُونَ بالإصلاحِ، لم يَكُنِ الأمْرُ قَطُّ حقيقةً عِلْمِيَّةً، وكان هذا كلُّه إِلْحَادَالعلماءِ والفلاسفةِ والمُفَكِّرِينَ.
أَمَّا الجَمَاهِيرُ؛ فكانت ما تَزَالُ تُؤْمِنُ بالدِّينِ علَى ما به مِنْ تَحْرِيفٍ وَتَشْوِيهٍ وَخُرَافَةٍ، فَيُعَدُّ أتباعُالْعَلْمَانِيَّةِ المُؤَسِّسِينَ الْحَقِيقِيِّينَ للإِلْحَاد، ومِنْ هَؤُلَاءِ: أَتْبَاعُ الشُّيُوعِيَّةِ والوُجُودِيَّةِ والدَّارْوِينِيَّةِ والعَقْلَانِيَّةِ.
وقد اسْتَغَلَّت الحركةُ الصُّهيونيةُ كُلَّ هذا، فَعَمِلَتْ عَلَى نَشْرِ الْإِلْحَاد فِي الْأَرْض، فَنَشَرَت الْعَلْمَانِيَّةَ لِإِفسادِ أُمَمِ الْأَرْض بالْإِلْحَاد والمَادِّيَّةِ المُفْرِطَةِ، والاِنْسِلَاخِ مِن كُلِّ الضَّوَابِطِ التشريعيةِ والأَخلاقيةِ؛ كَيْ تَهْدِمَ هذه الأُمَمُ نَفْسَها بِنَفْسِهَا، وَعنْدَها يَخْلُو الجَوُّ لليهودِ؛ حتى يستطيعَ اليهودُ حُكْمَ العَالَمِ كُلِّه.
وقد نَشَرَ اليهودُ نَظَرِيَّاتِ «مَارْكِسْ» فِي الاقتصادِ والتفسيرِ المادِّيِّ للتاريخِ، وَنَشَرُوا نَظَرِيَّاتِ «فْرُويِدْ» فِي عِلْمِ النَّفْسِ، وكذَلِكَ نَشَرُوا «نَظَرِيَّةَ دَارْوِنْ» فِي أصلِ الأنواعِ، وَنَشَرُوا نَظَرِيَّاتِ «دُورْ كَايِنْ» فِي عِلْمِ الاجتماعِ، وكُلُّ هذه النظرياتِ مِنْ أُسُسِالْإِلْحَاد فِي العَالَمِ.
وأَوَّلُ كتابٍ مُصَرِّحٍ بالإِلْحَاد ودَاعٍ له: ظَهَرَ فِي أُورُوبَّا سَنَةَ سَبْعِينَ وسَبْعِمِائَةٍ وأَلْفٍ مِنَ التاريخِ الصَّلِيبيِّ «1770».
أمَّا حَرَكَاتُالْإِلْحَاد المُنَظَّمَةُ فِي العالَمِ العَرَبِيِّ، وَأَمَّا المُجَاهَرَةُ بالإِلْحَاد فِي العالَمِ الإسلاميِّ وإعلانِهِ على المَلَأِ:
فقد نَشَأَ بعدَ مُنْتَصَفِ القَرْنِ التاسِعَ عَشَرَ، حِينَمَا بَدَأَ العالَمُ الإِسلاميُّ والعَرَبِيُّ يَتَّصِلُ بالعالَمِ الغَرْبِيِّ عَنْ طريقِ إِرْسَالِيَّاتِ الدِّرَاسَةِ أوِ التدريبِ.
وتَسَبَّبَ ذَلِكَ فِي رُجُوعِ مجموعةٍ من الطُّلَّابِ مُتَأَثِّرِينَ بالفِكْرِ الأُورُوبِّيِّ المَادِّيِّ الَّذِي كَانَ يَقُومُ على أساسِ تَعْظِيمِ علومِ الطبيعةِ، وَرَفْعِ شَأْنِ العقلِ، وكذَلِكَ كَانَ يَقُومُ على تَنْحِيَةِالدِّينِ والشرعِ عَنْ حُكْمِ الحياةِ والناسِ، وإدارةِ شُؤُونِهِم.
وفي بِدَايةِ الأمرِ لم يَكُنْ ثَمَّ دعوةٌ صَرِيحَةٌلِلْإِلْحَادِ فِي العالَمِ الإِسلامِيِّ والعربِيِّ، وإنما كَانَت هُنَاكَ دَعَوَاتٌ للتَّحَرُّرِ، أوِ للتَّغْرِيبِ، أوْ لِفَتْحِ المَجَالِ أَمَامَ العقلِ، أو إِلَى مُحَاكَمَةِبَعْضِ النُّصوصِ الشرعيةِ إِلَى العَقْلِ أو الحِسِّ أوِ الواقعِ، أوْ إِلَى مُحَاوَلَةِ إِنْشَاءِ خِلَافٍ وَهْمِيٍّ وَصِرَاعٍ مُفْتَعَلٍ بَيْنَ العقلِ والشرعِ، وَمَعَ مُرُورِ الوقتِ، وَزِيَادَةِ الاتصالِ بالغَرْبِ وتُرَاثِهِ، وَانْتِشَارِ مَوْجَةِالتَّغْرِيبِ بينَ الناسِ؛ ظَهَرَتْ بعضُ الدَّعَوَاتِ الصَّرِيحَةِللإِلْحَادِ، وَفُتِحَ بابُ الرِّدَّةِ بِاسْمِ الحُرِّيَّةِ الفَرْدِيَّةِ!!؟.
وحينما نَشَطَ اليَهودُ فِي تُرْكِيَا، وَدَعَوْا إِلَى إقامةِ قَوْمِيَّةٍ تُرْكِيَّةٍ تَحُلُّ مَحَلَّ الرابِطَةِ الدينيةِ؛ ظَهَرَتْ مَظَاهِرُ عِدَّةٌ فِي الواقعِ تدعو إِلَى نَبْذِالدِّينِ، وتُظْهِرُ العَدَاءَ لِبَعْضِ شَعَائِرِهِ، وَمَعَ مُرُورِ الوقتِ تَطَوَّرَتْ هذه الحركةُ، حَتَّى جَاءَ مصطفى كَمَالْ أَتَاتُورْكْ، وَقَامَ بِإِلْغَاءِ الخِلافةِ، وَأَنْشَأَ الدولةَ التُّرْكِيَّةَ الْعَلْمانِيَّةَ، وَحَارَبَ جميعَ الْعُلَماءِ وَسَجَنَهُمْ، وَرَاجَ على إِثْرِ ذَلِكَ الْكُفْرُ والإِلْحَادُ، وَظَهَرَتْ عِدَّةُ كُتُبٍ تَدْعُو إِلَى الْإِلْحَاد، وَتَطْعَنُ فِي الأديانِ، ومنها:
كتابٌ بِعُنْوَان:«مُصْطَفَى كَمَالْ» لِكَاتِبٍ اسْمُهُ: «قَابِيلْ آدَم».
يَتَضَمَّنُ مَطَاعِنَ قَبِيحَةً فِي الأديانِ، وَبِخَاصَّةٍ الدِّينَالإسلاميَّ، وفي ذَلِكَ الكتابِ دَعْوَةٌ صَرِيحَةٌلِلْإِلْحَادِ بالدينِ، وإِشَادَةٌ صريحةٌ بالعَقْلِيَّةِ الأُورُوبِّيَّةِ.
هذه الجَرْأَةُ فِي تُرْكِيَا قَابَلَهَا جَرَاءَةٌ مُمَاثِلَةٌ فِي مصر، سُمِّيَتْ ظُلْمًا وَزُورًا: «عَصْرَ النَّهْضَةِ الأَدَبِيَّةِ والفِكْرِيَّةِ».
بينما هي فِي حقيقتِها: حَرَكَةٌ تَغْرِيبِيَّةٌ تَهْدُفُ إِلَى إِلْحَاقِ مصرَ بالعالَمِ الغَرْبِيِّ، والتَّخَلُّقِ بأخلاقِهِ، واحْتِذَائِهَا فِي ذَلِكَ حَذْوَ تُرْكِيَا التي خَلَعَتْ جِلْبَابَ الحَيَاءِ والدِّينِ، وَصَبَغَتْ حَيَاتَهَا بالطَّابَعِ الْعلمانِيِّ، وبِالسُّفُورِ والتَّمَرُّدِ.
في تلك الْحِقْبَةِ ظَهَرَ فِي مصرَ العَدِيدُ مِن المُفَكِّرِينَ والأُدَباءِ يَدْعُونَ إِلَى التَّغْرِيبِ والإِلْحَاد، وفَتْحِ بابِ الرِّدَّةِ باسمِ: التنويرِ تارةً، وباسْمِ: النهضةِ الأدبيةِ تارةً أخرى، ومرةً باسمِ: الحُرِّيَّاتِ الفِكْرِيةِ، وتَلَقَّفَتْ مصرُ فِي تلك الفترةِ دُونَ تَمْيِيزٍ جميعَ أمراضِ المجتمعِ الأوروبيِّ، وكذَلِكَ تَلَقَّتْ أخلاقَهالمُنْحَلَّةَ، وحاولت جاهدةً بِفِعْلِ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَادُوا لها التَّغْرِيبَ، حاولت أنْ تُصْبِحَ قِطْعَةً مِن أُورُوبَّا، ومِنْ فَرَنْسَا تحديدًا، وعَاثَ فِي أرضِ مصرَ بعضُ المستشرقينَ فسادًا وإفسادًا، ثُمَّ سَلَّمُوا دَفَّةَ الإفسادِ إِلَى بعضِ المِصرِيينَ مِمَّنْ لم يَتَوَانَوْا فِي نَشْرِ الْكُفْر والإِلْحَاد، وسَعَوْا سَعْيًا حَثِيثًا إِلَى إلغاءِالفَضِيلةِ والأخلاقِ الإسلاميةِ، وإِحْلَالِ النَّفْعِيَّةِ والمَادِّيَّةِ مَحَلَّها، حتى أَصْبَحَ دُعَاةُ الإسلامِ والمحافظةِ غرباءَ على المجتمعِ، دُخَلَاءَ عليهِ، يُوصَفُونَ بِالجُمُودِ والتَّخَلُّفِ والرَّجْعِيَّةِ والعَدَاءِ للحضارةِ!!؟.
ومِنْ مصرَ انْتَقَلَتْ حُمَّى الرِّدَّةِ والإِلْحَادِ إِلَى جميعِ دُوَلِ الجِوَارِ، ابتداءً مِن الشامِ، ومُرُورًا بالعراقِ والخليجِ - بِمَا فِيهَا: السعودية، وانتهاءً ببلادِ اليمنِ.

وأَمَّا أَعْلَامُالْإِلْحَادِ فِي أُورُوبَّا:
*فَهُمْ أَتْبَاعُ الشُّيُوعِيَّةِ، ويَتَقَدَّمُهُم:
«كَارْلْ مَارْكِسْ»، وقد هَلَكَ سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وثمانِمِائةٍ وألفٍ «1883»، وهو يهوديٌّ ألمانيٌّ.
فأَعْلَامُ الْإِلْحَادِ فِي أُورُوبَّا:
«أَنْجِلْزْ»: وهو رفيقُ دَرْبِهِ، الْتَقَى به فِي إنجلترا، وأَصْدَرَا معًا: «المَنِيفِيسْتُو»، أو «البيانَ الشُّيُوعِيَّ» سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وثمانِمِائةٍ وألفٍ «1848»، وقد هَلَكَ أَنْجِلْزْ سنةَ خمسٍ وتسعينَ وثمانِمِائةٍ وألفٍ «1895».
*أتباعُ الشيوعيةِ:
وعلى رأسهم: مَارْكِسْ وأَنْجِلْزْ.
*أَتْبَاعُ الوُجُودِيَّةِ أَيْضًا مِن أَعْلَامِالْإِلْحَادِ فِي أُورُوبَّا:
وعلى رأسِهِم: «جَاْمْبُولْ سَارْتَرْ»، و«سِيمُونْ دِبِفْوَارْ»، وَ«أَلْبِيرْ كَامِي».
*وكذَلِكَ أتباعُ الداروينية.
*وكذَلِكَ من أعلامالْإِلْحَاد فِي أُورُوبَّا من الْفَلَاسِفَة والأدباء:
«نِيتْشَا»: وهو فَيْلَسُوفٌ ألماني، وهو من أكبرالْمُلْحِدِينَ فِي العصر؛ بل فِي التاريخ.
وكذَلِكَ «بِيرْتِرَانْدْرَاسِلْ»: وهو فَيْلسوفٌ إنجليزيٌّ.
و«هِيجِلْ»: وهو فَيْلسوفٌ ألماني، قامت فلسفته على دراسة التاريخ.
وكذَلِكَ «هِرْبِرْتْ سْبِنْسَرْ»: وهو إنجليزيٌّ، كَتَبَ فِي الفلسفةِ وعِلْمِ النفسِ والأخلاقِ.
و«بُلْتِيرْ»: وهو أديبٌ فرنسيٌّ.
فهَؤُلَاءِ من رؤوسالْإِلْحَاد فِي أُورُوبَّا، وهم من الْفَلَاسِفَة والأدباء.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
02-07-2018, 12:54 PM
وأما أعلامالْإِلْحَاد فِي العالم الإسلامي:
فعلى رأسهم: «إسماعيل أحمد أدهم»: الَّذِي هَلَكَ سنة أربعين وتسعمائة وألف «1940»، كَانَ من دعاة الشعوبية، وحاول نشر الْإِلْحَاد فِي مصر، وألف رسالة بعنوان: «لماذا هو ملحد؟»، وهو جعل مكانها «أنا»؛ لِأَنَّهُ يتكلم عَنْ نفسه، لَكِن لا يَجْمُل أن نعيد ذَلِكَ كما قيل،
كما قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشيطان: «إِذَا سجد ابْنُ آدَمَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ ناحيةً يَبْكِي، يَقُول: يَا وَيْلَهُ».
والشيطان يدعو بالويل على نفسه، ولَكِن أتى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ بضمير الغائب؛ حتى لا يحكي ما قَالَه الشيطان، كما فِي هذا النص.
فكتب «إسماعيل أحمد أدهم» رسالة بعنوان: «لماذا هو ملحد؟»، وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية، حَوَالَيْ سنة ست وعشرين وتسعمائة وألف «1926م».

من أعلامالْإِلْحَاد أَيْضًا فِي العالم الإسلامي:
«إسماعيل مظهر»: الَّذِي هَلَكَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وألف «1381» من التاريخ الهجري، وهو: أحد دعاة الشعوبية والداروينية، أصدر فِي سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وألف «1928م» «مجلةَ العصورِ» فِي مصر، وكانت مجلة العصور تدعو للإِلْحَاد والطعن فِي العرب والعروبة طعنًا قبيحًا، معيدًا تاريخ الشعوبية، تمامًا كما فعل إسماعيل أدهم؛ فإنه كَانَ من دعاةالشعوبية.
وكذَلِكَ «إسماعيل مظهر» أصدر هذه المجلة – وهي «مجلة العصور» - تدعو للإِلْحَاد والطعن فِي العرب والعروبة طعنًا قبيحًا، معيدًا تاريخ الشعوبية، ومتهمًا العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومُشِيدًا بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم.
وقد تابإسماعيل مظهر إِلَى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب، وأصبح يكتب بعد ذَلِكَ عَنْ مزاياالإسلام، وأَلَّفَ كتابًا أسماه: «الإسلام لا الشيوعية».

وقد أُسِّسَتْ فِي مصر سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وألف «1928» جماعةٌ لِنَشْرِ الْإِلْحَاد تحت شعار الأدب، واتخذت دار العصور مَقَرًّا لها، واسمها: «رابطةُ الأدبِ الجديد»، وكان أمينَ سِرِّها:«كَامِلْ كِيلَانِي»، وقد تاب كَامِلْكِيلَانِي إِلَى الله بعد ذَلِكَ.

ومن الشعراءالملاحدة الَّذِينَ كَانَوا ينشرون فِي مجلة العصور الداعية إِلَى الْإِلْحَاد فِي مصر؛ كَانَ من الشعراء الناشرين فِيها:
«الشاعر عبد اللطيف ثابت»: الَّذِي كَانَ يشكك فِي الأديان فِي شعره، و«الشاعر جميل صِدْقِي بن محمدِ بنِ فيضِي الزَّهَاوِي-جميل صدقي الزهاوي-: »، وهو شاعر عراقيٌّ يُعَدُّ عميدَ الشعراءِ المشكِّكِينَ فِي عصره.

وكذَلِكَ «صادق جلال العَظْم»: وهو أحد أساطين الفكر الشيوعي المادي ممن أخذ يجاهر بالإِلْحَاد، ويدعو إِلَيْهِ، وأَلَّفَ كتابًا يقرر فِيه الْإِلْحَاد، أسماه: «نَقْدَ الفِكْرِ الدِّينِيّ»، زعم أَنَّهُ أقام فِيه براهين تثبت عدم وُجُود الله، وأن كل ذَلِكَ ـ يعني: ما عليه المؤمنون من إثبات وُجُود الله تعالى والرسالة والوحي والبعث والقيامة ـ أن كل ذَلِكَ من الأوهام والأساطير!!؟، وقد رد على هذا الرجل الكثيرون.
كذَلِكَ من أعلام الْإِلْحَاد فِي العالم الإسلامي:
«عبد الله بن عليٍّ القصيمي»: وهو أحد أشهرالملاحدة المعاصرين، له كتب عَنْ الإسلام، وكان الْعُلَماء يَسْتَمْلِحُونَهَا ويُثْنُون عليها، ثم أعلن بعد ذَلِكَ ردته و إِلْحَاده، وجاهر بدعوته الجديدة إِلَى الْإِلْحَاد، وألَّفَ مجموعة كبيرة من الكتب الداعية للتحرر من سلطة الدين والفضيلة والأخلاق، منها: «هذه الأغلال»، ومنها: «أيها العقلُ مَن رَآك»، ومنها: «الإنسانُ يَعْصِي لهذا يَصْنَعُ الحَضَاراتِ».
وهو من دعاة الصهيونية العرب، وله مقالات وعبارات بَشِعَةٌ فِي حق الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وحق رسله، وممن رَدَّ عليه - كما هو معلوم -: «العلامة السعدي -رحمه الله تعالى-»، فإن كتابه فِي قَطْعِ وإبطالِأصولِالْمُلْحِدِينَ؛ إنما كَانَ مُوَجَّهًا إِلَى هذا الرجل، وإِلَى دعوته، وقد أَبْطَلَاللهُرب العالمين دعوتَه، وَأْخَمَلَذِكْرَهُ، كما هو معلوم فِي كل مَن حَادَّدينَاللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فإن الله -عز وجل- يُخْمِلُه، ويَجْعَلُ آثارَه بعد ذَلِكَ فِي مزبلة التاريخ؛ لِأَنَّهُ لا يَبْقَى إلا الْحَقُّ، ولا يَبْقَى إلا الخيرُ، والله جَلَّ وَعَلَا لا يُصْلِح عمل المفسدين.

كذَلِكَ من أعلامِالْإِلْحَاد فِي العالم الإسلامي:
«فهدُ بنُ صالحِ بنِ محمدٍ العَسْكَرُ»: وهو شاعرٌ كُوَيْتِيٌّ مَاجِنٌ، وداعيةٌ إِلَى التمردِ على الأخلاق والفضيلة، ومِن كبارِ المُتَشَكِّكِينَ والساخرينَ بالأديانِ فِي شِعْرِه، وقد هلك سنة سبعين وثلاثمائة وألف «1370» من التاريخ الهجري.

ومنهم أَيْضًا:
«أحمد لطفي السيد»، و«طه حسين»، و«زكي نجيب محمود»، و«علي أحمد سعيد» -المعروفُ بِ«أَدُونِيسْ» الذي يقالُ عَنْه أَنَّهُ شاعرٌ!!؟.
فهَؤُلَاءِ بعض أعلامِالْإِلْحَادِ فِي العالم الإسلامي.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
04-07-2018, 01:38 PM
وأما أفكارالْإِلْحَاد:
*فهي إنكار وُجُود الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، الخَالِق البارئِ المصوِّرِ، تعالَى اللهُ عمّا يَقُولون علوًا كبيرًا.
*مِن أفكارِالْإِلْحَاد: أنَّ الكون والإنسان والحيوان والنباتَ وُجِدَ صدفةً، وسينتهي كما بدأ، ولا توجد حياة بعد الموت!!؟.
وهذا كله تَفْرِيعٌ على الأصل الَّذِي أنكروه، على أصل الأصول وكُبْرَى اليَقِينِيَّاتِ، وهو: وُجُود الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فإن الإنسان إِذَا أنكر وُجُود الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فإنه حينئذٍ يَقُول: إنَّ الخَلْقَ الَّذِي لا بد له من خالق؛ إنما خَلَقَتْهُالصُّدْفَةُ، أو أَوْجَدَتْهُالطبيعةُ، أو أَوْجَدَ نفسَه!!؟.
فلا بد أنْ يُجِيبَ عَنْ أسئلةٍ؛ فتأتي هذه الأسئلةُ مؤسَّسَةً على الأصل الَّذِي أنكره، وهو وُجُود الرب -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ ولِذَلِكَ تَجِدُ مِن أفكارِهم:
*أنَّ المادَّةَ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ، وأنَّ المادَّةَ هي الخَالِقُ والمخلوقُ فِي الوقتِ نفسِه!!؟.
*وهم يَنْظُرُونَ نَظْرَةً غَائِيَّةً للكونِ، وكذَلِكَ لِلْمَفَاهيمِ الأخلاقيةِ، تُعِيقُ تَقَدُّمَ الْعِلْمِ.
*وأيضًا يُنكِرونمعجزاتِالأنبياء؛ لأنَّ تلك المعجزاتِ لا يَقْبَلُها الْعِلْمُ كما يزعمون!!؟، ولَكِن هم يُنكِرونَها ابتداءً؛ لِأَنَّهُم يُنكِرونَ مَنْ أَرْسَلَهُمْ، وهم ينكرون وُجُود اللهِ الَّذِي أَرْسَلَ الرسل، ونَبَّأَ الأنبياءَ، وَأَنْزَلَ الكتب، والذي كَانَ منه الوحيُالمعصوم.
*مِن العَجَبِ: أنَّ الْمُلْحِدِينَالمادِّيِّينَ يَقْبَلُونَ معجزاتِ الطَّفْرَةِ الوحيدةِ التي تقولُ بها «الدَّارْوِينِيَّةُ»، ولا سَنَدَ لها إلا الهَوَسُ والخَيَاُل؛ لأنَّ الدَّارْوِينِيَّةَ ليس عَنْدها تفسيرٌ للتطور!!؟، ثم إنَّ دَارْوِنُ - كما سيأتي إن شاء الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- النقلُ عَنْه مِن كتابِه فِي طبعتِهِ الثانيةِ- هو لم يَقُلْ فِي نَظَرِيَّتِهِ: إنَّ التَّطَوُّرَ خالقٌ، وإنما هو يريدُ أنْ يُفَسِّرَ شيئًا، فجَعَلَ التطورَ مُفَسِّرَا، لا خالقًا، فَيَبْقَى السؤالُ على حالِه؛ فمَن الَّذِي خَلَقَ!!؟.
إِذَن؛ «دَارْوِنْ» حتى فِي أصلِ نظريته: لم يقل إنَّ التطورَ الَّذِي زعمه وجاء به فِي أصل الأنواع هو الَّذِي أَحْدَثَ الخلقَ، وهو الَّذِي أنشأه، وإنما هو يفسِّر به أمرًا على حَسَبِ نظريتِه التي ابتدعها.
فهَؤُلَاءِ الملاحدة يَقْبَلُونَ معجزاتِ الطَّفْرَةِ الوحيدةِ: أن الإنسان كَانَ قردًا، فجاءت طَفْرَةٌ، فنَقَلَتْهُ مِن القِرْدِيَّةِ إِلَى الإنسانية!!؟.
فإذا قيل لهم: كيف جاء ذَلِكَ!!؟.
قَالَوا: هذا يأتي بالطفرة، فمن الحيوان الأول، من الخلية الوحيدة، ثم بعد ذَلِكَ إِلَى ما ارتقى إِلَيْهِ الإنسان حتى صار قردًا، ثم ارتقى بعد ذَلِكَ حتى كَانَ إنسانًا !!؟.
يقولون: إن هذا الانتقال من هذه الأنواع، إنما يَحْدُثُ بما يسمى بالطفرة الوحيدة!.
فيقال لهم: وهذه الطفرة فِي كل مرة تحدث على هذا النحو من أجل أن تنشئ شيئًا أحكم!!؟.
من أجل أنْ تُنشئ شيئًا أتقن!!؟.
فلماذا تقبلون هذا!!؟.

وهذا فِي حدِّ ذاته مخالف لمقرَّرات العقل، مخالفللبدهيات الفطرية، ولَكِنْ هَمُّهم وقَصدهم: أن ينكروا وُجُود الخَالِق الْعَظِيم، فهم من أجل ذَلِكَ: لا يعترفون بالمفاهيم الأخلاقية، ولا بالحق، ولا بالعدل، ولا بالأهداف السامية، ولا بالرُّوح، ولا بالجمال فِي الكون؛ ولِذَلِكَ كنتَ تجد فِي فترةِ استحواذِ الاتحادِالسوفييتيِّ على الدول الإسلامية التي ابْتَلَعَها فَلَمْ يَهْضِمْهَا، حتى خَلَّصَها اللهرب العالمين مِن نِيرِه؛ كنتَ تجد الصناعة الروسية على الضد من الصناعة الغربية.
فالصناعة الروسية لا جمال فِيها من حيث الشكلُ الظاهر؛ لِأَنَّهُم لا يعترفون بالروح ولا بالجمال، ولا يعترفون بالمفاهيم الأخلاقية، ولماذا يعترفون بالمفاهيم الأخلاقية، والماديون يَعْتَقِدُونَ أن الحياة هي نهاية كل كائن حي، وأنه بعد ذَلِكَ: لا بعث ولا قيامة!!؟.
فإذا كَانَ الإنسان فِي هذه الحياة يَحْيَا، حتى إِذَا ما مات لم يُبْعَثْ، ولم يُحَاسَبْ على شيء؛ فلماذا يتمسك بالأخلاق!!؟.
بل لماذا توجَدُ الأخلاقُ أصلًا!!؟.
وحينئذ يَحْيَا الإنسانُ فِي الحياة أَحَطَّ مِن الحيوان البَهيم، يُحَصِّلُ اللذَّات، ويستحوذُ على الملذَّاتِ والشهوات، وليس له ارْتِقَاءٌ فِي خُلُقٍ، ولا نَظْرَةٌ إِلَى هدفٍ سامٍ!!؟.
*وينظر الملاحدة تبعًا للأصل الَّذِي قرروه فِي أصل الوجود والخلق؛ ينظرون للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل، ويقولون: إن قصة التاريخ لا تَعْنِي شيئًا!!؟.
*وأما المعرفة الدينية فِي رأي الملاحدة؛ فتختلف اختلافًا جِذْريًّا وكليًّا عَن المعرفة بمعناها العقلي أو الْعِلْمي؛ لِأَنَّهُم لا يَخْضَعون للعقل، ولا يخضعون للعلم، وَبَدَاهَةً هم: لا يخضعون للنقل والشرع.
*الإنسان عَنْد الْمُلْحِدِينَالماديين:مادَّةٌ، تنطبق على الإنسان عَنْدهم قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم، كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية.
فالكائن الإنساني عَنْدهم لا ميزة فِيه، هو مثل: الحيوان البهيم؛ بل هو مثل: الحجارة، مثل: الجماد، تنطبق على هذا الإنسان قوانينُ الطبيعة التي اكتشفتها العلومُ، كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية.
وعند هَؤُلَاءِ الملاحدة: أن الحاجات هي التي تحدد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات!!؟.
و«نظرياتُ مَارْكِسْ» فِي الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ، و«نظريةُ فْرُويِدْ»، وهي:«نظريةٌ جنسيةٌ مَحْضَةٌ» فِي علم النفس، و«نظرية دَارْوِنْ» فِي أصل الأنواع، و«نظريةُ دُورْكَهَايِمْ» فِي علم الاجتماع من أهمِّ أُسسالْإِلْحَاد فِي العالم، وجميع هذه النظريات هي مما أثبت الْعُلَماءُ: أَنَّهُا حَدْسٌ وخيالاتٌ، وأوهامٌ شخصيةٌ، ولا صلةَ لها بالْعِلْم.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
06-07-2018, 04:44 PM
ما هي القواسم المشترَكَة بين الملاحدة العرب!!؟.
القواسم المشتركة بين الملاحدة العرب هي:
*إنكارهم للغيب جملة وتفصيلًا، وقَصْرُهُمالإيمان بحدودِ الملموسِ والمحسوسِ فقط، دون ما غاب عَن العين، أو ما يمكن إدراكه بالحس.
*ومن القواسم المشتركة بينهم:استهزاؤهم بالشعائر الدينية جميعها، ووَصْفُهمللمتمسكين بالشعائر الدينية بالرجعيين والمتخلفين، ومحاربة أي دعوة تدعو إِلَى التدين، أو صَبْغِ الحياةِ بمَظَاهِرِ الدين.
*ومن القواسم بينهم:مَيْلُهُمْ نَحْوَ احتقار العرب، وهي الشعوبية التي مرَّ ذكرها، وكان عليها أوائل الدعاة إِلَى الْإِلْحَاد فِي العالم العربي والإسلامي، فهم يميلون نحو احتقار العرب، واحتقار عاداتهم وسلوكهم، ويمدحون الشعوبية والباطنية؛ بل منهم دعاة للصهيونية، كما كَانَ «القصيمي»؛ فإنه كَانَ داعية من دعاة الصهيونية.
*وكذَلِكَ هم يدعونللتغريب؛ لِأَنَّهُم إِذَا احتقروا الجنس العربي، واحتقروا العروبة؛ يريدون بذَلِكَ احتقارالدين، وإذا احتقروااللغة العربية؛ فأي شيء يُقَدِّرُون!!؟.
هم يَدْعُون للتغريب، والالتحاق بالغرب، والأخذ بجميعِ ثقافاتِهم وأمورِهمالحياتية، والتَّعَلُّم منهم ومِن سلوكياتهم، حتى إنَّ مِن غُلاة الدَّاعين إِلَى ذَلِكَ: وهو «طه حسين» كما فِي «مستقبل الثقافة فِي مصر»، وهو الآن يُعاد طَبْعُهُ، ويُنشر نَشْرًا مُوَسَّعًا، والرجلُ يُقرِّر فِيه: أَنَّهُ ينبغي علينا من أجل أنْ نلحق بالرَّكْبِ العالَمِيِّ فِي التقدم والتِّقْنِيَةِ: أن نتخلى عَنْ كل ما نحن عليه، وأن نأخذ بما هم عليه فِي كل مجالات الحياة، حتى تكونَ فضلاتنا كفضلاتهم!!؟.
*وهم يَشُنُّونَ الحرب الشرسة على الأخلاق والعادات الحميدة.
*ويَدَّعُون أَنَّهُ لا يوجد شيء ثابت مطلقًا، فكل الأمور نسبية!!؟.
الديننسبي يتغير ويتطور، ويرتقي الناس فِيه!!؟، والشرف كذَلِكَ نسبي!!؟.
فما كَانَ يقاتل المرء عَنْه ودونه فِي القديم صار شيئًا مبذولًا، لا تهتز شَعْرَةٌ فِي مَفْرِقِ أحدٍ إذا ما اعْتُدِيَ على عِرْضِه، وإذا ما دُنِّسَ فِرَاشُه، فذَلِكَ عَنْده من الأمور العادية!!؟.
*فهَؤُلَاءِ شَنُّوا الحرب الشرسة على العاداتِ والأخلاقِ الحميدة، وادَّعَوْا أَنَّهُ لا يوجد شيءٌ ثابتٌ مطلقًا، وأن الحياة والأخلاق والعادات فِي تطورٍ مستمر، وأن الثبات على الشيء إنما هو مِنْ شَأْنِ الغَوْغَائِيِّينَ والمُتَخِّلِفِينَ والرَّجْعِيِّين.
*فعندهم أنَّ الأخلاق تتطور وترتقي، وكذَلِكَ الأديان تتطور وترتقي، وبالتالي؛ المُثُلُ والقِيَمُ تتطور وترتقي، فما كَانَ يتمسك به الناس قديمًا ينبغي أن يُهْجَرَ!، ينبغي أنْ يُطَلَّقَ البَتَّةَ، وأَلَّا يَلْتَفِتَ الناسُ إِلَيْهِ!!؟.
*ويعظمون المادة والطبيعة، ويعظمون جميع العلوم الطبيعية، ويجعلون ذَلِكَ أساس كل الحضارات، بافتعال الصراع المزعوم بين الدين والْعِلْمالماديالتطبيقي!!؟.
ومعلوم أن ذَلِكَ إنما كَانَ فِي الغرب لَمَّا تَحَجَّرَتِ الْكَنيسةُ علي معتقداتهاالبالية، وحاربت الْعِلْمَالتطبيقيَّ الماديَّ بحقائقه الثابتة، فلما وقع الصدام بين الْعِلْم والدين بِسَبَب تَعَنُّتِ وجهلِ الْكَنيسة الغربية؛ تم الفصل بين الدين والْعِلْم.
هذا وقع فِي الغرب.
ثم أرادوا أن يمدُّوا ذَيْلَ ذَلِكَ على المجتمعات الإسلامية، فَتَسَلَّلُوا لَمَّا ذهبت البِعْثَاتُ إلي تلك الديار من أجل أن تنقل لا العاداتِ ولا الأخلاقَ ولا التقاليدَ، وإنما من أجل أنْ تنقلَ ما وصلوا إِلَيْهِ من التقدم التقني، ومن الْعِلْمالمادي، فما عادوا إلا بنقلِ العاداتِ والتقاليد، كما فعل «الطَّهْطَاوِيُّ» وغيرُه، عَنْدما كَانَ شيخًا مرافقًا للبِعثة من أجل أنْ يَؤمَّهُمْ فِي الصلاة، وأنْ يُفْتِيَهُمْ فِي ديار الغُرْبَةِ فِيما يَعْرِضُ لهم من مسائل الدين.
فلما رَأَى المَسَارِحَ الفَرَنْسِيَّةَ، وأَبَصَرَتْ عَيْنَاهُ النساءَ الفرنسياتِ، وقد تَهَتَّكْنَ وَتَبَذَّلْنَ وَتَعَرَّيْنَ، وكان الرجل من الجنوب فِي مصر، والمرأة فِيه فِي غاية المحافظة، فلما انتقل هذه النقلةَ؛ عاد مَبْهُورًا بالذي رآه، يدعو إِلَيْهِ!!؟، فكتب فِي ذَلِكَ كتابًا سماه ب:«تلخيصِ الإِبْرِيزِ فِي أحوالِ أو فِي شُئُونِ باريس»، أو كما سماه.
و«التَّنْوِيرِيُّونَ» الآنَ فِي هذا العصر يبعثون هذه الكتب من كهوفها وقبورها، ويريدون أن يقرأها الناشئة من المسلمين، لَمَّا وَجَدُوا أنَّ الناشئة من المسلمين قد أقبلوا فِي الجملة على معرفة الدين، وعلى التمسك بالتعاليم، فجاءهم الشيطان بهذه الأفكار الشيطانية، من أجل أن يَحْرِفُوا الناس عما وصلوا إِلَيْهِ من الْحَقِّ.

الْمُلْحِدُونَ الماديون فِي الدول الإسلامية والعربية؛ مِنَ القَوَاسم المشترَكَة بينهم:
*أَنَّهُم يمنعون من محاربة الاحتلال، يَقِفُونَ دائمًا ضد مقاومة الاحتلال.
يدْعون إِلَى الرضا بالأمر الواقع، وأن هَؤُلَاءِ إنما جاؤوالتنويرنا، وإخراجنا من الجهالة والمرض والفقر؛ فِينبغي علينا أن نشكرهم!!؟.
كما وقع ذَلِكَ بالنسبة للحملة الفرنسية على مصر، وما زالوا إِلَى يوم الناس هذا يحتفلون بذكرى الاحتلال الفرنسي لمصرَ على أَنَّهُ بداية التنوير فِي العصر الحاضر!!؟، وفي الواقع المعاصر للأمة المصرية، وكذَلِكَ للشرق بأجمعه!!؟.
وهذا مَحْضُ الوَهْمِ، وإنما جاءت الحملة الفرنسيةلِوَأْدِ النهضة الإسلامية فِي مصر، وكذَلِكَ فِي العالم الإسلامي العربي، وكانت هذه النهضة الإسلامية على وَشْكِ أنْ تُؤْتِيَ أُكُلَها، وأنْ تقومَ على سوقِها وتستويَ عليه، فجاءت الحملةالفرنسية من أجل وَأْدِ هذا.
ومن القواسم المشتركة بين ملاحدة العرب:
*تعاونُهم الوثيق مع الصهيونية والماسونية، ومَدْحُهم اللَّامَحْدُود للصهاينة واليهود.
هذه سِمَةٌ غالبةٌ على جميع الملاحدة والمرتدين؛ لأنَّ الملحدَ فِي الْحَقّ مشرك، وقد يُسٍتَغْرَبُ من ذَلِكَ؛ لأن الملاحدة المعاصرين على وجه الخصوص لما أنكروا وُجُودَ الخَالِقِ الْعَظِيم، فذهبوا إِلَى نظرياتٍ يفسرون فِيها الخلق، وينظرون فِيها إِلَى سبب الوجود؛ فبعضهم يَقُول: الطبيعة، فجعلها إلهًامعبودًا!!؟، فهذا مشركٌ بالله -جَلَّ وَعَلَا-.
وأما الملحد؛ فهو الَّذِي لا يُثْبِتُ خالقًا فِي الأصل، فينكر وُجُود الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وينكر أن يكون سَبَبٌ مَّا قد أدى إِلَى خلق الخلق وإيجاد الوجود.
فأما هَؤُلَاءِ؛ فهَؤُلَاءِ مشركون على هذه الصورة وعلى هذا النحو، وسيأتي بسط هذا إن شاء الله -جَلَّ وَعَلَا-.
*يَدَّعِي الملاحدة: أنَّ الدينَ سببٌ للتناحُرِ ونَشْرِ البغضاء فِي الْأَرْض، وأنه تسبب فِي إشعال وإذكاء نار الحروب فِي الكثير من بقاع الْأَرْض، وقد حان الوقت لتركه والتخلِّي عَنْه!!؟.
هَؤُلَاءِ الكَذَبَةُ مِنْ الملاحدةِ الماديين يَقُولون: إنَّ الدين سببٌ للتناحرِ ونشرِ البغضاء فِي الْأَرْض،وهل قامت الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية لأسباب دينية!!؟.
ألم تقم الحرب العالمية الأولى، وكذا الحرب الثانية بأسبابٍ علمية؟،بأسبابٍ تِقْنِيَّةٍ؟، لم تَقُمْ بأسبابٍ دينية.
فهَؤُلَاءِ الكذبة يَقُولون: إن الدين هو الَّذِي يؤدي إِلَى نشر التناحر، ونشرِ البغضاء فِي الْأَرْض، فينبغي أن يُتَخَلَّى عَنْه!!؟، هذه هي فكرة «الماسونية» التي تجمع تحت لوائِها كلَّ منحرفٍ على ظهرِ الْأَرْضِ؛ مهما كَانَ دينه!!؟.
ويقولون: نحن لا نناقش هذه الأمور، ثم إِذَا ما اسْتَمَرَّ مَرِيرُهُ مع الماسون؛ صار بعد حينٍ ملحدًا بلا دين؛ لِأَنَّهُ يتخلى مع الوقت بِسَبَب التعايش السلمي بين هذه الأديان المتضادة والمتباينة، فإنه بعد حينٍ يتخلى عَنْ دينه؛ حتى يصير ماسونيًا ملحدًا.
انتشر الْإِلْحَادُ أَوَّلًا فِي أُورُوبَّا، وكانت له أَسْبَابُه التي سيأتي بسطها إن شاء الله جَلَّ وَعَلَا.
انتقل بعد ذَلِكَ الْإِلْحَادُ إِلَى أمريكا، ومن أُورُوبَّا وأمريكا إِلَى سائرِ بقاع العالم.
عندما حَكَمَت «الشيوعيةُ» فِيما كَانَ يُعْرَفُ ب«الاتحادِ السُّوفْيِيتِيِّ» قبل انْهِيَارِهِ وتَفَكُّكِهِ؛ فَرَضَتِ الْإِلْحَادَ فرضًا على شعوبه، وأَنْشَأَتْ له مَدَارِسَ وَجَمْعِيَّاتٍ.
كَانُوا يحاربونالدينالإسلامي خاصة؛ فإنَّ الدول التي وقعت تحت الحكمالشيوعي كَانَ أفرادُها يُؤْمَرُون؛ بل يُجْبَرُونَ على تغييرِ أسمائهم، وكان الواحد منهم إِذَا ضُبِطَ تاليًا لآية من كتاب الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ أُعْدِمَ بِأَبْشَعِ صُوَرِ الإِعدامِ.
وكان التفتيش لا يَفْتُرُ أبدًا عَن النظر إِلَى ما عَنْد المسلمين فِي بيوتهم؛ لأن هذه الدول كَانَت دولًا إسلامية، فلما جاءت الشيوعية على يَدَيْ ماركِسْ ومَنْ تَبِعَهُ، ثم انتشرت بعد ذَلِكَ؛ احْتَلَّت الدُّوَلَ الإسلاميةَ التي تُجَاوِرُ روسياالشيوعيةَ، وهي دُوَلٌ إسلاميةٌ، وأهلُها كَانُوا من المسلمين، وكان لهم مَوَاقِفُ صِدْقٍ فِي نُصْرَةِ دينِ ربِّ العالمين، فَبَسَطُوا النُّفُوذَ عليهم، واحْتَلُّوا ديارَهم، وأَدْخَلُوهَا فِيما سُمِّيَ بالاتحادِ السُّوفْيِيتِيِّ الشُّيُوعِيِّ، وفَرَضُوا الشيوعيةَ عليهم فرضًا، فنقلوهم من الإسلام إِلَى الشيوعية،هذه نَقْلَةٌ لا تَقْبَلُها الطبيعةُ البَشَرِيَّةُ، أَمِنَ الإسلامِ، مِنَ الْحَقِّ إِلَى سواءِ الباطل!!؟، ففَرَضُوا عليهم ذَلِكَ، فكَانُوا فِي جملتهم فِي البداية يقاوِمون بعضَ المقاومةِ السَّلْبِيَّةِ، يُعَلِّمُونَ أبناءَهم فِي الخَفَاءِ: ما تَيَسَّرَ مما يعرفونه من دين الله، وربما كَانَ الواحد منهم مالكًا لنسخةٍ من القرآنِ الْعَظِيمِ فَيُخْفِيهَا، بحيث إِذَا وَجَدَ غَفْلَةً من السُّلُطَاتِ؛ اِنْتَحَى ناحيةً فِي خَفَاءٍ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَتْلُوَ آيةً مِنْ آياتِاللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-،وإذا ما ضُبِطَ عَنْده ورقةٌ من المصحفِ أُعْدِمَ؛ بل وَأُعْدِمَ أهلُه، حتى أجبروهم على تغيير أسمائهم؛ حتى تصير كأسماءِ أُولَئِكَ القوم، فلما جاء هذا الاتحاد بهذا البلاء؛ أُنْشِأَتْ للإِلْحَاد وللشيوعية فِي تلك الدولِ الإسلاميةِ مدارسُ وجمعياتٌ.
حاولت «الشيوعيةُ» نَشْرَ الْإِلْحَادِ فِي شَتَّى أنحاءِ العالَمِ عَنْ طريق أحزابها، وسقوطُ الشيوعيةِ فِي الوقت الحاضر يُنْبِأُ عَنْ قُرْبِ سقوط الْإِلْحَاد بإذن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي العالم كلِّه؛ لأن الْإِلْحَاد لم يَجِدْ على مَدَارِ تاريخِ البَشَرِ فِي الْأَرْض سُلْطَةً تَنْشُرُهُ بالسيفِ، تَفْرِضُهُ بالقوةِ، بالقوةِ الْمُفْرِطَةِ، مع ما الناسُ عليه مِن الضَّعْفِ والْمَسْكَنَةِ.
لم يَحْدُثْ ذَلِكَ فِي تاريخِ البَشَرِ إلا فِي هذا العصرِ لَمَّا نَشَأَ الاتحادُ السُّوفْيِيتِيُّ، ونَشَرَ الْإِلْحَادَ فِي الدول التي احتلها بالسيف وبالسلاح؛ ولَكِنَّ كثيرًا من المسلمين بعد أنْ سَقَطَ وانْهَارَ عَادُوا إِلَى دين الله رب العالمين، وأكثرُهم يَتَلَمَّسُ طريقَ الْحَقِّ، وهم مَعْذُورُونَ فِي الجملةِ فِي بعض الأمور؛ لِأَنَّهُم خَرَجُوا مِنْ هذا التَّهَرُّءِ الأخلاقيِّ؛ بل مِنَ الِانْعِدَامِ الأخلاقيِّ إِلَى دينِ اللهِ ربِّ العالمين، مِن الجهلِ الْمَحْضِ بِدِينِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وتَجْهِيلِ الخلقِ به، إِلَى مُحَاوَلَةِ معرفةِ الدينِ والتوحيدِ، ومسؤوليةُ المسلمينَ فِي العالَمِ قائمةٌ على كَوَاهِلِهِمْ مِنْ أَجْلِ تَعْلِيمِهِمْ دينَاللهِربِّ العالمين، ونَشْرِ التوحيدِ والسنةِ بينَهم.

يوجد الآن فِي الهند جمعيةٌ تُسَمَّى ب«جمعيةِ النَّشْرِ الْإِلْحَاديةِ»، وهذه الجمعياتُ حديثةُ التكوينِ، وتُرَكِّزُ نشاطَها فِي المناطِقِ الإسلاميةِ، ويَرَأْسُهَا «جُوزِيفْ إِيدْيَامَارْ»، وكان نصرانيًا من خطباء التنصير، ومعلمًا فِي إحدى مدارس الأَحَد، وعضوًا فِي «اللجنة المركزية للحزب الشيوعي»:
أَلَّفَ سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وألف «1953» كتابًا يُدْعَى: «إنما عيسى بَشَر».
غضبت الَكِنيسة وطردته، فتزوج بامرأة هُنْدُوكِيَّة، وبدأ نشاطه الْإِلْحَادي، وأصدر مجلةً إِلْحَاديةً باسم: «اِسْكِرَا»، أى: شَرَارةِ النار، ولَمَّا توقفت عَمِلَ مُرَاسِلًا بمجلة «كِيرَالَا شْبِيتْمْ»، أي: صوتِ كِيرَالَا الأسبوعي، وقد نال «جائزةَ الْإِلْحَادِ العالميةَ»،الإِلْحَادُ صارت له جوائزُ عالميةٌ!!؟.
نال جائزةَ الْإِلْحَادِ العالميةَ سنة ثمان وسبعين وتسعمائة وألف «1978»، ويُعْتَبَرُ أولَ مَن نالها من آسيا.

يتضح مما سبق: أنَّ الْإِلْحَاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وُجُود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويذهب إِلَى أن الكون بلا خالق.
مذهب فلسفي عَنْد الملاحدة من المفكرين والفلاسفة والأدباء وغيرهم،وأما الملاحدة من العوام والجهلاء الَّذِينَ يَتْبَعُونهم؛ فإِلْحَادهم ليس إِلْحَادًافلسفيًا، إنما هو إِلْحَادُ بَطْنٍ وَفَرْجٍ؛ من أجل تحصيل اللذات، ومن أجل تحصيل الملذَّات.

ويُعَدُّ أتباعُ «العقلانيةِ» المؤسسينَ الْحَقيقيينَ للإِلْحَاد الَّذِي يُنْكِرُ الحياةَ الآخرة، ويرى أنَّ المادة أزلية أبدية، وأنه لا يوجد شيء اسمه: «معجزاتُالأنبياء»؛ فذَلِكَ مما لا يقبله الْعِلْمُ فِي زعم الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ لا يعترفون أَيْضًا بِأَيَّةِ مفاهيمَ أخلاقيةٍ؛ لأن الَّذِي يُؤَسِّسُ المفاهيمَ الأخلاقيةَ هو: الدينُ، هو الوحيُ، فإذا أنكروه، وإذا أنكروا وُجُود الخَالِق الْعَظِيم، وأنكرواالرسالة والوحي، وأنكرواالبعث والجزاء؛ فلا شك أَنَّهُم ينكرونالأخلاق، وتصير الحياة مادية محضة؛ حتى إن الإنسان لَيَتَسَفَّلُ حتى يكون أقل من البهائم.
لا يعترفون بقيمالْحَقّ والعدل، ولا بفكرة الروح؛ ولذا فإن التاريخ عَنْد الْمُلْحِدِينَ -كما مرَّ- هو صورةٌ للجرائم والحماقات وخَيْبَة الأمل!!؟.
وقصة التاريخ عَنْدهم لا تعني شيئًا، والإنسان مجرد مادة تُطَبَّقُ عليه القوانينُ الطبيعيةُ كافةً.
وكلُّ ذَلِكَ مما ينبغي أن يَحْذَرَهُ الشابُّ المسلمُ عَنْدما يُطَالِعُ أو يَسْمَعُ أفكارَ هذا المذهبِ الخبيثِ، وهو الآن -كما مَرَّ- يَجِدُ مُؤَسَّسَاتٍ تدعو إِلَيْهِ، ومَجَلَّاتٍ وجَمْعِيَّاتٍ، وجوائزَ لِلْحَضِّ عليه والترغيبِ فِيه.
وهو يُزَيِّنُ للشباب المسلم؛ بل للمسلمين فِي كل مكان؛ من أجل أن يَتَهَافَتُوا عليه تهَافُتَ الفَرَاشِ على النار، وقد وَصَلُوا من ذَلِكَ إِلَى درجةٍ مَّا، حتى ظَهَرَ فِي مصرَ فِي هذه الآَوِنَةِ مِنَ الملاحدةِ مَنْ يَخْرُجُ لِلْمُنَاظَرَةِ على شاشاتِ التِّلْفَازِ، فَيُنَاظِرُ عَنْ مَذْهَبِهِ الْإِلْحَاديِّ، وهذه مِنْ أَعْظَمِ الدعوةِ إِلَى الْإِلْحَادِ بينَ المسلمينَ وفي المجتمعِ المسلم.
وأيضًا ظهر من الملاحدة فِي مصر مَنْ طَالَبَ اللجنةَ التي كَانَت تُعِدُّ مشروعَ الدُّستورِ المصري؛ مَنْ طَالَبَ اللجنةَ بإقرار حقوق الملاحدة فِي الدستور المصري الجديد، وذهب بعضهم للاجتماع برئيس تلك اللجنة من أجل أن يُبَيِّنَ له ما هم عليه، ومن أجل أن يعرضَ عليه وعلى اللجنة تبعًا مَطَالِبَ الملاحدةِ فِي مصر!!؟.
ولا شك أن الَّذِي يظهر من هذا إنما هو قمة جبل الثلج، وجبلُ الثلج -كما هو معلوم- لا يَظْهَرُ منه إلا قِمَّتُهُ، وهي بالنسبة إِلَى قاعدة جبل الجليد الَّذِي يكون مَطْمُورًا أو مَغْمُورًا تحت سطح الماء؛ هذه القمةُ لا شيءَ بالنسبةِ لِبَقِيَّةِ جبلِ الجليدِ.
فالذي يظهر الآن إنما هو قمة جبل الجليد فِي هذا الْإِلْحَاد المعاصر، وما خفي كَانَ أعظم، والله المستعان وعليه التكلان.
كثيرٌ جدًا من المسلمين يحاولون، كُلٌّ بطريقته، وكُلٌّ فِي تخصصه، يحاولون صد الهجمة الْإِلْحَادية، ويكتبون الكتب، وينشرون النشْرات، ويُبَيِّنُون للمسلمين فِي المحاضرات وفي الخطب وغير ذَلِكَ خطورةَالْإِلْحَاد، ولا يَلْتَفِتُ إِلَى خطورةالْإِلْحَاد فِي الجملة إلا جمعٌ قليل بالنسبة إِلَى المتكلمين فِي الدين.
فأكثر الَّذِينَ يتكلمون فِي الدين فِي هذا الوقت قومٌ فارغة عقولهم، غَلَبَت عليهم حماقاتهم، يَشْغَلُون المسلمين بأمور غريبة، ويُشَتِّتُونهم، ويفرقون صَفَّهَم، ويَدْعون إِلَى إحداثِالفوضى والفساد فِي مجتمعاتِهم، وهي أفضل بيئة للإِلْحَاد؛ لأن الْإِلْحَاد مِنْ غَرَضِه: أنْ يُحدِثَ الفوضى، فإذا وقعت الفوضى؛ فهذه هي البيئة المناسبة للإِلْحَاد؛ لِذَلِكَ لم يُسْمَعْ فِي هذا الوقت ولا فِي وقت سبق عَنْ الدعوة إِلَى الْإِلْحَاد فِي مصر؛ إلَّا لَمَّا وقعت الاضطراباتُ التي وقعت فِيها، ووقع من الفوضى فِي مصر ما وقع، فظهر الْإِلْحَادُ برأسه، وَأَطَلَّ على هذا المجتمع المسلم بوجهِهِ الكَالِحِ القَبِيحِ، وارتفع صوتُ الْإِلْحَادِ يدعو إِلَى تقرير حقوقه، لا بالأمر الواقع، وإنما بقوة القانون!!؟.
يريدون أن يَفْرِضُوا لأنفسِهم فُرُوضًا فِي هذا المجتمع بقوةِ القانون!!؟.
ما الَّذِي دعاهم إِلَى هذا،ما الَّذِي أَفْسَحَ لهم المَجَالَ،ومَنْ أَفْسَحَ لهم المَجَالَ!!؟.
ما وقع فِي مصر من هذه الاضطرابات وهذه الفوضى التي إنما كَانَت فِي مُعْظَمِها باسم دين الله رب العالمين؛ فانظر إِلَى أيِّ شيء صارت؟، مِن النقيض إِلَى النقيض!!؟، من الدعوةِ إِلَى تطبيق الشريعة، والالتزامِ بها، وإقامةِ دينِالله فِي الْأَرْض، وإقامةِ وإعادةِ الخلافةِ الإسلاميةِ، إِلَى غير ذَلِكَ من هذه الدَّعَاوَى الفارغةِ؛ إِلَى ظهورِ الْإِلْحَادِ فِي المجتمع المسلم!!؟.
وأما ما دُونَ الْإِلْحَادِ، فَحَدِّثْ عَنِ انتشارِهِ وفُشُوِّهِ بِلا حَرَجٍ؛ مِنَ انْحِلَالِ الأخلاقِ، وَمِنَ انهيار المنظومة الأخلاقية فِي المجتمع المسلم، وفي مصر على وجه التحديد؛ فإنك ما عدت تجد صغيرًا يحترم كبيرًا، ولا كبيرًا يحنو على صغير،وما وجدتَ أحدًا ينظر إِلَى فضيلةٍ إلا مَنْ رَحِمَ الله!!؟، وصارت البنات والنساء يتهافتن على أمورٍ فِيها من الانحلالِ ما فِيه باسمِ الحرية!!؟.
ألم تَقُمْ ثورتُهُم مِنْ أجل الحرية!!؟،فهذه هي الحرية فِي جانبٍ من جوانبها،
والله وحده يعلم إِلَى أي شيءٍ تؤول الأمور، والله المستعان.

يتبع إن شاء الله.

  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
09-07-2018, 04:41 PM
في كتاب«الفيزياء ووجود الخَالِق»بحثٌ عَنِ الْإِلْحَادِ فِي العصر الْحَدِيث:
كان الناس فِي العصور الماضية يَعْتَقِدُونَ اعتقادًا جازمًا بوجود خالقٍ مُدبِّرٍ للكون، وكَانُوا يعدون هذا من البدائه العقلية، وكان الْإِلْحَاد بمعناه الْحَدِيثِ الَّذِي هو: إنكار وُجُود هذا الخَالِق؛ كَانَ أمرًا شاذًّا لا يَقُول به إلا فرد بعد فرد من الناس، وكان الناس يجتنبونه كما يُجْتَنَبُ المرض الشديد، وَيُجْتَنَبُ المريضُ الَّذِي يُخْشَى مِنْ مرضه.
فكان الواحد بعد الواحد يُلْحِدُ هذا الْإِلْحَادَ، وظل الأمر على ذَلِكَ حتى القرنِالثامنَ عَشَرَ الميلاديِّ على وجه التقريب، ثم بدأ الْإِلْحَادُ يَحُلُّ محل الإيمان عَنْد كثير من قادة الفكر الأوروبي، وصار بعد مَقْدَمِ الشيوعيةِ الدينَ الرسميَّ لِدُوَلِهَا.
ولما صارت للإِلْحَاد هذه المكانةُ فِي الغرب، ولما كَانَت الحضارة الغربية هي الحضارةَ السائدةَ فِي هذا العصر؛ فقد انتشر هذا الْإِلْحَاد، وانتشرت أكثرُ منه لَوَازِمُهُ فِي أرجاءِ الْمَعْمُورَةِ انتشارًا لم يُعْهَدْ له مَثِيلٌ فِيما مَضَى من الزمان على طُولِ تاريخِ الإنسانِ فِي الْأَرْض.
وكان من نتائج ذَلِكَ: أنْ صار الْإِلْحَاد من الناحية الْعِلْمية والعقلية الموقفَ الطبيعيَّ الَّذِي لا يحتاج إِلَى دليل ولا برهان، وصار المؤمن هو المطالَبَ بمثل هذا الدليل، أي انعكست الصورة، وانعكس الوضع والقاعدة!!؟.
قديمًا: كَانَ مَنْأَلْحَدَ يُطَالَبُ بالدليلِ على إِلْحَاده، فلا يملك دليلًا، فلما فَشَا الْإِلْحَادُ، وصار الدينَالرسميَّ لكثير من الدول الأوروبية؛ صار الملحدُ هو الَّذِي يطالِبُ المؤمنَ بأنْ يأتي بالدليل على وُجُود الخَالِق الْعَظِيم، وهذا انعكاسٌ للوضع، انعكاسٌ للحقيقة!!؟.
صار الملحد الَّذِي يتحدى المؤمن، ويتهمه بعدم الْعِلْميَّةِ وعدم العقلانية، ويتهمه بالتقليد والانسياق وراء العواطف، وصار إظهار الاهتمام بالدين - لاسيما فِي وسائل الإعلام العامة - أمرًا مُسْتَغْرَبًا؛ بل منكَرَا!!؟.
قال صاحب كتاب(ثقافة الْكُفْر):
" إنه ما أَنِ انْتَشَرَتْ بعضُ الأخبارِ ونشرَت فِي مجلة «نِيُوزْوِيكْ»، فَنُشِرَ فِيها مقالٌ عَنِ الدين، مَا أنْ نُشِرَ حتى جاء المجلةَ خطابٌ نَشَرَتْهُ من قارئٍ يَلُومُهَا على إفساح المجال لِمثْلِ هذا الهراء".
ثم يُعَلِّق على ذَلِكَ قائلًا من حيث الإحصاء:
" فإنَّ كاتب الخطاب ينتمي إِلَى الأقلية -أي هذا الملحدُ ينتمي إِلَى الأقلية-، وأما سياسيًا وثقافيًا؛ فإنه ينتمي إِلَى التيار الأمريكي الغالب؛ لأن أُولَئِكَ الَّذِينَ يصلون بانتظام؛ بل أُولَئِكَ الَّذِينَ يؤمنون بالله يحرصون على إبقاء ذَلِكَ فِي السر؛ بل على عَدِّهِ سِرًا يُخْجَلُ مِنْ إفشائه.
وذَلِكَ أَنَّهُ فِيما عدا الالتجاءِ إِلَى اللهِ الشعائريِّ الظاهريِّ المتوقَّعِ مِنْ سياسيينَ -هذا ما نشرَتْهُ المجلة!!-؛ فإنَّ الأمريكي الَّذِي يأخذ دينه مأخذ الجِدِّ، ويعده شيئًا مأمورًا به، لا مجردَ خيارٍ، يُخَاطِرُ بأنْ يُعَدَّ من المارِقِين.
صار الدينُ هو الظاهرةَ الاجتماعيةَ التي تحتاج إِلَى تفسير؛ فيقال: هَؤُلَاءِ الْمُتَدَيِّنُونَ؛ لماذا هم متدينون!!؟.
هذه المجتمعات المتخلفة الرجعية، لا بد من اتخاذ الوسائل من أجل إخراجها من رجعيتها وتخلُفِها، كيف!!؟: بإخراجها من دينها،فصار الدينُ الظاهرةَ الاجتماعيةَ التي تحتاج إِلَى تفسير!!؟، وأما عدم التدين؛ فهو الأمر الطبيعي الَّذِي لا يحتاج دراسة ولا بحثًا ولا تنقيبًا!!؟.
صار الْإِلْحَادُ القاعدةَ المعلنةَ أو المُضمرةَ التي تقوم عليها فلسفة العلوم؛ طبيعيةً كَانَت أم اجتماعيةً أم إنسانيةً؛ فصار الْإِلْحَاد لِذَلِكَ جزءًا من مفهوم الْعِلْم، ومن هنا جاءت المقابلة بين ما يسمى بالتفسير الْعِلْمي والتفسير الديني.
فالتفسير الْعِلْمي: هو التفسير الَّذِي يفترض أنَّ الكونَ مُكْتَفٍ بنفسه، لم يَخْلُقْهُ ولا يُصَرِّفُ أمرَه خالقٌ.
وأما التفسير الديني: فهو الَّذِي يجعل للإرادة الإلهية تَدَخُّلًا فِي حوادث الكون.
فصار عَنْدنا تفسيران:
تفسير علمي: وهو التفسيرالْإِلْحَادي الَّذِي ينكر وُجُود الخَالِق الْعَظِيم.
وتفسير ديني: وهو الَّذِي يجعل للإرادة الإلهية تَدَخُّلًا فِي حوادث الكون.
وإذا كَانَ الْعِلْمُ قد وُضِعَ بِسَبَب فلسفته الْإِلْحَادية فِي مقابل الدين؛ فقد وُضِعَ الدينُ -مهما كَانَ نوعه- فِي زُمْرَةِ الكَهَانَةِ وَالسِّحْرِ وسائرِ أنواعِ الشعوذةِ والأساطير، أو عُدَّ حين يُحْتَرَمُ -أي الدينُ- مِنْ قَبِيلِ الأدبِ والفن الَّذِي يعبِّرُ عَنْ المشاعر، ولا يقرر الْحَقائق.
صاحَبَ هذا الْإِلْحَادَ فِي أُورُوبَّا: تطورٌ هائلٌ لم يُعْهَد له مثيلٌ فِي مجالات العلوم الطبيعية، وما يقوم عليها من تِقْنِيَةٍ دَخَلَتْ نَوَاحِيَ الحياةِ المختلفةِ وسَهَّلَتْهَا، فَرَبَطَ الناسُ فِي الغرب بين هذا وذاك، فاعتقدوا أن هذا التطورَ ما كَانَ لِيَحْدُثَ لولا اطِّرَاحُ الدينِوإحلالُ الفلسفةِ الماديةِ الْإِلْحَاديةِ العقلانيةِ التجريبيةِ مَحَلَّهُ!!؟.
وتَبِعَ الغربيين فِي هذا الاعتقادِ: خَلْقٌ كثير من الأمم الأخرى، فظنوا أَنَّهُم لا يمكنهم أنْ يَبْلُغُوا شَأْوَ الغربيين فِي التقدم الْعِلْمي والتقني؛ إلا إِذَا هُمْ حَذَوْاحَذْوَهم فِي اطِّرَاحِالدين واعتماد الفلسفة الْإِلْحَادية، وهو ما جاءنا به مَنبُعِثَ إِلَى الغرب من أجل أن يَنْقُلَ إلينا ما وَصَلَ إِلَيْهِ الغربُ من التقدم الْعِلْمي المادي، فرجعوا إلينا بأمثال هذه العقائد، وجَهِدُوا فِي أنْ يَنْشُرُوها بين المسلمين، وَوَجَدَتْ بين المسلمينَصَدَى؛ لِأَنَّهُ تم احتضانهم من جهاتٍ بعينها، وفُرِضَتْ أفكارُهم فرضًا، وغُيِّبَالإسلامُ بِدَرْسِهِ عَنِ الْمَدَارِسِ والجامعاتِ.
وصار عَنْدنا اتجاهانِ فِي الْعِلْم، وكان الاتجاهُ قبل ذَلِكَ واحدًا، وهو: الْعِلْمُالديني، وكان يشمل تحت عباءته الْعِلْمَ المادي، فلما وقع الفِصَامُ بين هذا وذاك؛ صار الْعِلْمُالدينيُّ مقصورًا على أقوام بأعيانهم.
هَؤُلَاءِ لا يرتقون فِي الحياة أيَّ مرتقى، ولا يعود عليهم دينهم وتَدَيُّنُهُمْ بما يُرَقِّي حياتهم المادية بحيث يَحْيَوْنَ فِي كفاية؛ فضلًا عما وراء ذَلِكَ من التَّرَفُّهِ.
وأما الَّذِينَ سلكوا مسلك الْعِلْم المادي، أو سلكوا مسلك التعليم المدني؛ فهَؤُلَاءِ فُتِحَتْ لهم الأبوابُ، وَأُعِدَّتْ لهم الوظائفُ، وأُغْدِقَ عليهم مِنَ الأموالِ ما أُغْدِقَ مِنْ رَوَاتِبِهِمْ وَمُكَافَآَتِهِمْ، حتى صار الناس يحتقرون مَنْ يسلك مسلكَ طلبِ الْعِلْمِالديني، ويحترمون مَنْ يسلك مسلك طلب «الْعِلْم المدني اللاديني!!»
ثم جاءت أمور شُوِّهَ فِيها مَن يتمسكُ بالدين فِي مظهره أو فِي كلامه، وصارت الرِّطَانَةُ الأعجميةُ هي السائدةَ والغالبةَ.
فالدينُ إِذَا ما احْتُرِمَ؛ فإنه يُعَدُّ مِن قبيل الأدب والفن الَّذِي يعبِّر عَنِ المشاعر، ولا يقرر الْحَقائق!!؟، أساطير،ولَكِن؛ كذَلِكَ فِي الأدبِ أساطيرُ؛ فلماذا نقبل أساطير الأدب ولا نقبل أساطير الدين!!؟، فلْنجعلْ هذا مع هذا فِي قَرَن، ولْنَنْظُرْ إِلَيْهِ على أَنَّهُ من نَتَاجِ الأدبِ والفَنِّ، فهو مُعَبِّرٌ عَن المشاعر، وليس بمقرر للحقائق، حتى إنَّ «جُومْ مِلْتُنْ» فِي(الفردوسِ المفقود): أخذ يبين طبقات الجحيم، ويجعل الناس فِي طبقات الجحيم كما يحب، فَتَصَوَّرَ أَنَّهُ قد نزل إِلَى الجحيم، وتَجَوَّلَ فِي طبقاته، وَمَرَّ على الناس الَّذِينَ يَعْرِفُهُم، إِلَى غير ذَلِكَ من تخاريفه!!؟، وكان فِي ذَلِكَ تابعًا لِ«دَانْتِي» فِي(الكُومِيدْيَا الإلهيةِ) حذوَ النعل بالنعل؛ ولَكِنْ هي نسخةٌ معاصرة.
صاحَبَ هذا الْإِلْحَادَ فِي أُورُوبَّا تطورٌ هائلٌ -كما مَرَّ-، فرَبَطَ الناسُ بين هذا وهذا، وقالوا: هذا الَّذِي بَلَغْنَاه من التطور الماديِّ إنما بلغناه بِسَبَب المعتقدِ الَّذِي صِرْنَا إِلَيْهِ، وهو الْإِلْحَاد.
ولم يقتصر أثرُ هذا الفكر الْإِلْحَادي على مجال العلوم؛ بل دَخَلَ حياةَ الناسِ الاجتماعيةَ والسياسيةَ، فكما أن الدينأُقْصِيَ عَن المجال الْعِلْميِّ المشترَكِ بين الْعلماءِ، وصار فِي أحسن حالاته مسألةً خاصةً بالعالِمِ، ولا يَجْرُؤُ على ذِكْرِهَا،فلْيَتَدَيَّنْ ما شاء؛ ولَكِن ما عَلَاقةُ تَدَيُّنِهِ بالْعِلْمِ الَّذِي يُزَاوِلُهُ!!؟.
دَعْكَ مِن الدفاعِ عَنْ معتقدِه أو الدعوة إِلَيْهِ، هذا فِي مجال العلوم!!؟.
وأيضًا أُقْصِيَالدينُ عَنْ المجال السياسي، حتى فِي البلاد الإسلامية إلا ما رحم ربك، وكاد أن يصير كما صار فِي الغرب مسألةً ذاتيةً تخص الفرد، ولا تتعلق بدساتيرِ البلادِ أو قوانينِها، أو سياساتِها الداخليةِ أو الخارجيةِ، أو التعليميةِ أو الإعلاميةِ.
هذا شيءٌ من مكونات الثقافة فِي المجتمعات، فالدين من مكونات الثقافة، لا أَنَّهُ الأصل الَّذِي تَصْدُرُ عَنْه جميع المقومات،ولَكِنْ يَقُولون: لا يمكن أن نستغني عَن الدين؛ ولَكِن على أَنَّهُ من مقومات الثقافة فِي المجتمع، مع ما يَدْخُلُ معه من هذه المقومات، فهكذا بدأ الْإِلْحَاد فِي هذا العصر، وعلى هذا النحو انتشر فِي العالم.
وأما أَسْبَاب انتشاره فِي هذا العصر الَّذِي جعل الأمور تنقلب هكذا رأسًا على عقب، بعد أن كَانَ الملحد يتوارى ناحية، وإذا طولب بالدليل عل إنكاره وجحدهللخالق الْعَظِيم لم يأت بدليل؛ صار هو الَّذِي يتعجب من وُجُود مَنْ يؤمن بوجود الخَالِق الْعَظِيم!!؟.
الذي أدى إِلَى انقلاب الأمور هكذا رأسًا على عقب، وتَحَوُّلِ كثيرٍ من الناس فِي الغرب هذا التحولَ العجيبَ مِنَ الاعترافِ بربوبيةِالخَالِقِ إِلَى إنكارِ وُجُودِه؛ بل إِلَى محاربةِالمؤمنينَ بوجودِه حَرْبًا ضَارِيَةً بالأقلامِ، وأحيانًا بِحَدِّ السِّنَانِ، كما حَدَثَ فِي البلاد الشيوعية.
حاول كثيرٌ من الغربيين أنفسِهم: أن يفسروا هذه الظاهرة، وأن يجيبوا عَنْ مثل هذه الأسئلة، وكتبوا فِي ذَلِكَ كتبًا كثيرة، وما ذكروه من الأَسْبَاب يُجْمَلُ فِي:
*ما كَانَ من التناقض الشديد بين كثيرٍ من دعاوىالدينالَّذِيورثوه، والْعِلْم التجريبي الَّذِي اكتشفوه -كما مر تقرير ذَلِكَ-؛ فقد وجدوا وما زالوا يجدون كثيرًا من دعاوى دينهم مخالفةً لِمَا أَثْبَتَتْهُ عُلُومُهُمُ التجريبيةُ، والأمثلةُ على ذَلِكَ كثيرةٌ جدًا.
ويكفي أن تنظر فِي كتاب «مُورِيسْ بُوكَايْ»:(الْعِلْم والكتاب المقدس والقرآن) أو (القرآن والتوراة والإنجيل فِي ضوء الْعِلْم الْحَدِيث)، كما هو فِي الطبعة المترجمة إِلَى العربية.
*كذَلِكَ كَانَ من الأَسْبَاب:التناقض بين منهج الْعِلْم التجريبي القائم على الدليل الحسي أو العقلي، ومنهجِ دينهم التسليمي؛ لأن قادتهم الدِّينِيِّينَ لم يكونوا يقبلون نقاشًا، ولا يلتزمون بالإتيان بدليل، وإنما هكذا يقررون، فما قرروه فهو الْحَقيقة التي لا يُشَكُّ فِيها!!؟،فوقع التناقض بين منهج الْعِلْم التجريبي الَّذِي يقوم على الدليل الحسي أو العقلي، وهذا المنهجِ التسليمي، بين منهجِ الْعِلْم الَّذِي يشترط الاتساق المنطقي، ومنهجِ دينِهِم الَّذِي يقبل المتناقضاتِ العقليةَ على أساس أن حقائق الدين يقبلها القلب؛ وإن رآها مخالفة لصريح العقل!!؟، فكذَلِكَ كَانَوا يُوهِمُونَ أتباعَ الَكِنيسةِالغربيةِ؛ أَنَّهُ ينبغي عليك أن تقبل هذا، وأن تعتقده، وألا تناقش فِيه، فإنْ نَاقَشَ كَانَ مُهَرْطِقًا، وربما حُكِمَ بقتله!!؟.
*من الأَسْبَاب أَيْضًا: خوض كثير من علماء الدين وغيرهم من المثقفين الْمُتَدَيِّنِينَ فِي المسائل الغيبية، والحديثُ عَنْها بمجرد الرأي الَّذِي لا سند له من كتابهم، ولا دليل عليه من غيره.
مِنْ ذَلِكَ مثلًا: ما كتبه «نِيُوتِنْ» من كلامٍ مُفَصَّلٍ عَنْ طُوبُوغْرَافِيَّةِ جهنم، تكفل نِيُوتِنْ بأن يبينها لنا!! مِن أين جاء بهذا؟!! أَمِنْ كتابه؟! أَمْ مِن غيره؟! أليس عالمًا؟!، فما دام عالمًا فِي فرعٍ من فروع الْعِلْم المادي؛ فلْيتكلمْ فِيما شاء!!؟.
كذَلِكَ تَعُصُّبُ بعضِ الْعلماءِ الطَّبِيعِيِّينَ الْمُتَدَيِّنِينَ تعصبًا جعلهم يحاولون لَيَّ أعناقِ الْحَقائق الْعِلْمية؛ لِتُوَافِقَ الدعاوىالدينية.
من ذَلِكَ: أنَّ «المُطْرَان جِيمْزْ أَشِرْ» -وهو دارسٌ مشهور للكتاب المقدس- اِسْتَنْتَجَ مِن تحليلٍ مُتَأَنٍّ لنصوصِ الكتاب المقدس: أن الْأَرْض خُلِقَتْ فِي عامِ أربعٍ وأربعةِ آلافٍ «4004» قبل الميلاد!! هكذا!!، ونُشِرَتْ هذه النتيجةُ التي تَوَصَّلَ إِلَيْهِا رئيسُ الْأَسَاقِفَةِ فِي سنةِ خمسينَ وستمائةٍ وألف «1650» من التاريخ الصليبي، ولم تلبث أن أُلْحِقَتْ بهامشِ سِفْرِ التكوينِ، إِلَى النسخة المعتَمَدَةِ للكتاب المقدس: كأنها نُزِّلَتْ وحيًا معصومًا!!؟، وظَلَّتْ به حتى زمانِ دِكْتُورْيَا، ولا يزالُ مِن المُمْكِنِ وُجُودُها أحيانًا حتى اليومِ.
لم يكن غريبًا أنْ يَأْتِيَ هذا الزَّعْمُ مِنْ رجلِ دينٍ يَعْتَمِدُ على كتابِهِ؛ لَكِنَّ الغريبَ أنَّ مُعَاصِرًا لهذا الأُسْقُفّ -وهو مُدِيرُ جامعةِ «كَامْبِرِيدج» آنذاك أَيَّدَ هذا الزعم؛ بل ذهب إِلَى أبعدَ من هذا؛ إذ زعم أنَّ الثالوثَ خَلَقَ الإنسان فِي الثالث والعشرين مِنْ أُكْتُوبر سنةَ أربعٍ وأربعةِ آَلَافٍ «4004» قَبْلَ المِيلَادِ، عَنْدَ الساعةِ التاسعةِ صباحًا!!؟، كما أَوْضَحَ «رُونَالْدْ مِلَرْ»؛ قَالَ: إنَّ مُدِيرَ جامعةِ «كَامْبِرِيدج» هو وحدَه الَّذِي تَبْلُغُ به الْجُرْأَةُ أنْ يَجْعَلَ تاريخَ خَلْقِ الإنسانِ وَوَقْتَه مُوَافِقًا لِبِدَايَةِ العَامِ الدراسِيِّ!!؟.
إذا رَأَىَ الناسُ هذا كَفَرُوا بالدين، يقولون: هذا من الدين، ونَطَقَ به الكتابُ!!؟، فالناس حينئذٍ لا بد أن يَشُكُّوا فِي هذا الدين، أو أن يَكْفُرُوا به، فكان هذا من الأَسْبَاب التي أدت إِلَى ظهور هذا الْإِلْحَاد الأوروبِّيِّ وانتشارِهِ.
*وكذَلِكَ من الأَسْبَاب:الخلافُ بين الْعِلْم والدينِ الَّذِي لم يَقْتَصِرْ على مسائلِ الدينِ الفرعيةِ؛ بل شَمِلَ مسائلَه الأُصوليةَ.
فمِنَ المعروفِ الآنَ حتى عَنْد علماءِ اللَّاهُوت: أَنَّهُ ليس هُنَاكَ مِنْ دليلٍ عِلْمِيٍّ على أن الكتاب الَّذِي يَقُومُ عليه الدينُ كلُّه هو مِنْ قَوْلِ المسيحِ، بل المعروفُ: أَنَّهُ كتبه أناسٌ آَخَرُون، منهم مَنْ هو معروفٌ، ومنهم مَنْ ليس بمعروفٍ -هذا مقرَّرٌ حتى عَنْد علماءِ اللاهوت!-، وأنهم كتبوه بعدَ رَفْعِهِ بِآَمَادٍ طويلة -هم يَقُولون: بَعْدَ مَوْتِهِ، أو بَعْدَ صَلْبِهِ!!؟-، وأن هُنَالِكَ تناقضًا فِي أقوالِ هَؤُلَاءِالكُتَّاب، حتى صارت دراسةُ مِثْلِ هذا التناقضِ تُسَمَّى عَنْدهم ب«النقضِ الأعلى».
هذا مشهورٌ عَنْدَهم، ليس بِمُنْكَرٍ، فالدين لم يَدْخُلْ فِي الصِّدَامِ مع الْعِلْمِ بالمسائلِ الدينيةِ الْجُزْئِيَّةِ؛ بل بأصلِ الأصولِ فِيهِ، هذا كُلُّه هو دينُ الْكَنيسَةِ الغَرْبِيَّةِ!!؟.
*كذَلِكَ من الأَسْبَاب: أَنَّهُ قد شَمِلَ التناقضُ فكرةَ الألوهيةِ نفسَها، فبينما يوصَفُ الإلهُ بأنه هو الخَالِقُ؛ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الولد!!؟.
وبينما يقال: إن عيسى ابن الله؛ يقال: أَنَّهُ صُلِبَ!!؟.
وبينما يقال: إن الإله واحد؛ يقال: أَنَّهُ مُكَوَّنٌ مِن ثلاثةِ أَقَانِيمَ، هي: الأبُ، والابنُ، ورُوحُ القُدُسِ !!؟، وهكذا.
فوقع التناقض؛ حتى فِي فكرة الألوهية ذاتِها.
رَأَى بعضُ المؤمنين من النصارى: أنَّ وصفًا كهذا لله إِذَا أُخِذَ على ظاهره التي تَدُلّ عليه اللغة؛ جَعَلَ الخَالِق تعالى مشابِهًا للمخلوقات، ففروا من هذا التشبيه إِلَى ما سماه علماؤنا من أهل السُّنة بالتعطيل، فلم يكتفوا بتأويل هذه الصفات التي تَدُلّ على المشابهة؛ بل أَوَّلُوا كل الصفات الأخرى، فجعلوا الخَالِق شيئًا مجردًا، فهو لا يوصف بالعُلو، ولا بالمباينة للمخلوقات، ولا بأنَّ له ذاتًا؛ ولا أن له صورةً؛ وإنما هو شيءٌ مُجَرَّدٌ لا يوصَفُ بصفةٍ مِنَ الصفاتِ الثُّبُوتِيَّةِ؛ كالحياةِ والسمعِ والبصرِ والكلامِ وما أشبه!!؟.
كَتَبَ أحدُ القَسَاوِسَةِ قريبًا كتابًا أسماه:(الإلهُ الباطنيُّ)، زعم فِيه أَنَّهُ ليس لله تعالى وُجُودٌ خارجي، وأن الإيمان بالله إنْ هو إلا إيمانٌ بمجموعةٍ مِن المُثُلِ والمبادئِ الخُلُقيةِ.
هذا التصورُ التعطيليُّ للخالقِ أَصْبَحَ الآنَ التصورَ الشائعَ بين جماهيرِ المثقفينَ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَتَيْنِ: النصرانيةِ واليهوديةِ.
فهذا الإيمانُ باللهعَنْدَهم، صار هذا التصورَ التعطيليَّللخالق الْعَظِيم؛ بل ربما كَانَ الأمرُ قريبًا من ذَلِكَ؛ حتى بَيْنَ كثيرٍ مِن المثقفين من المسلمين أنفسِهم.
إنَّ المسافةَ ليست بعيدةً بين هذا التصورِ التجريبيِّللخالقِ وبين الْإِلْحَاد.
الإِلْحَاد:إنكارٌ لوجود الخَالِق، وهذا –أي التصورُ التجريبيُّ- إنكارٌ لكلِّ صفاته، وهل يكون وُجُودُ أيِّ ذاتٍ إلا بصفاتٍ ثبوتيةٍ!!؟.
فمَن أنكر كلَّ الصفاتِ الثبوتيةِ؛ فقد أنكر الوجودَ، شَعَرَ بذَلِكَ أم لم يشعر؛ ولذا كَانَ مِثْلُ هذاالتصورِ لِوُجُودِ الخَالِقِ مقدِّمةً مُمَهِّدَةً للإِلْحَاد، وقد فَطِنَأئمةُعلماءِ السنةِ قديمًا إِلَى مثل هذا، فكَانُوا يَقُولون:" إنَّ المُشَبِّهَ يَعْبُدُ صَنَمًا، والمُعَطِّلَ يَعْبُدُ عَدَمًا".
المشبِّهُ هو: الَّذِي يَجْعَلُ صفاتِ الخَالِقِ كصفاتِ المخلوقين، وهكذا مع فارقٍ واحدٍ، هو: عِظَمُ هذه الصفاتِ حينَ يُوصَفُ بها الخَالِقُ؛ لَكِنْ يَجْعَلُونَ المُشَابَهَةَ -بل المُمَاثَلَةً- واقعةً بَيْنَ صفاتِ الخَالِق وصفاتِ المخلوقين.
وأما المُعَطِّلُ؛ فهو: الَّذِي يَفِرُّ من تشبيهِ اللهِ بالمخلوقات؛ لِيَقَعَ فِي تشبيهٍ شَرٍّ منه؛ وهو: تشبيه الخَالِقِ الْعَظِيمِ بالمعدوماتِ والمستحيلاتِ؛ لأن المعدوم هو الَّذِي يوصَفُ بكل صفةٍ سَلْبِيَّةٍ؛ كَأَنْ تَقُولَ: هُوَ لَيْسَ داخِلَ العالَمِ ولا خَارِجَهُ، ولا أَمَامَ وَلَا خَلْفَ، وَلَا فَوْقَ وَلَا تَحْتَ، ولا عَنْ يمينٍ ولا عَنْ شمالٍ.
وهكذا لا يوصَفُ بصفةٍ ثُبُوتيةٍ، ولا تُثْبَتُ له صفةٌ مِن الصفاتِ الثبوتيةِ؛ كَالْعَظَمَةِ، كَالْكِبْرِيَاءِ، كَالْبَصَرِ، كَالسَّمْعِ، كَالْحَيَاةِ، كَالْعُلُوِّ.
وقد أَدْرَكَعلماءُ أهلِ السنةِخَطَرَ هذا التَّصَوُّرِللخالقِ، فَأَلَّفُوا الكُتُبَ الكثيرةَ فِي الرَّدِّ على أصحابِهِ مِنَ الجهميةِ والمعتزلةِ قديمًا، ولولا ذَلِكَ: لوُجِدَ الْإِلْحَادُ فِي العالَمِ الإسلاميِّ قديمًا، كما وُجِدَ فِي العالَمِ الغَرْبِيِّ تَبَعًا لِمَا قَرَّرَهُ المُعَطِّلَةُ الَّذِينَ ما زَادُوا فِي وَصْفِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِسَلْبِ الصفاتِ عَنْه على أنْ جَعَلُوهُ مَعْدُومًا!!؟.
فَلَوْ أنَّ إنسانًا أراد أن يُبَيِّنَ حقيقةَ المَعْدُومِ، أو صِفَةَ المَعْدُومِ، أوْ حَدَّ وتَعْرِيفَ المَعْدُومِ؛ ما وَجَدَ أَبْلَغَ مما أَتَى به أهلُ السُّلُوبِ الَّذِينَ سَلَبُوا عَن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى كلَّ الصفاتِ؛ ولَكِنَّ أنواعًا مِن هذا التصورِ التعطيليِّ تَعُودُ الآنَ، فَتَنْتَشِرُ بين المُثَقَّفِينَ فِي العالَمِ الإسلاميِّ بِسَبَبِ ذَلِكَ التاريخِ القديمِ، ثم بِسَبَب الْإِلْحَاد المُعَاصِرِ.

فنسأل الله أنْ يَحْفَظَ علينا وعلى المسلمين دِينَنَا، وأنْ يُثَبِّتَنَا على الْحَقِّ الَّذِي هَدَانَا إِلَيْهِ،وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَامُحَمَّدٍ، وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
11-07-2018, 05:31 PM
في كتاب(الفيزياء ووجود الخَالِق): ذِكْرٌ لبعض الأَسْبَابِ التي أَدَّتْ إلي الْإِلْحَادِ فِي العصرِ الْحَدِيث.

*ومن هذه الأَسْبَاب: أن الخلاف بين الْعِلْمِ والدينِ لم يكن خلافًا علميًا؛ بل كَانَ أَيْضًا خلافًا أخلاقيًا وسياسيًا مع الكنيسة التي تتحدث باسم هذا الدين.
لِأَسْبَابٍ مثلِ هذه: اعْتَقَدَ كثيرٌ من المؤمنين بوجود الخَالِق والمدافعين عَنْ هذا الإيمان أَنَّهُ ينبغي أن لا يُرْبَطَ الإيمانُ بالله بالدين.
قال أحد مؤرخي الْإِلْحَادِ فِي الحضارة الغربية:
«أنْ يكونَ هذا -يعني الدفاعَ عَنْ وُجُودِ الخَالِقِ- من غير لجوء إلي الكنيسة -يعني الكنيسة الغربية-؛ قَالَ: أن يكون ذَلِكَ كذَلِكَ؛ فهذا يبدو بدهيًا؛ فقد كَانَت الكنيسة جزءًا من المشكلة، جزءًا من المرض الَّذِي كَانَ يصيب كلَّ معرفةٍ باللهٍ، لا جزءًا من العلاج، لقد كَانَت الكنائس الغربية هي: الْأَرْضَ التي أَنْبَتَت الْإِلْحَادَ».
قال هذا أحدُ مؤرخي الْإِلْحَادِ فِي الحضارة الغربية.

*وكان من أكبرأَسْبَابالْإِلْحَاد:بعضالقواعد الفكرية التي أَصَّلَ لها ودافع عَنْها فلاسفةٌ مشهورون مُؤَثِّرون، كَانَوا فِي أنفسهم مؤمنين، أي: كَانَوا مؤمنين بوجود الخَالِق؛ لَكِنَّ قواعدَهم الفكريةَ كَانَت فِي حقيقتها قواعدَ الْإِلْحَاد؛ ولِذَلِكَ اقتنع كثير ممن جاء بعدهم بتلك القواعد الفكرية، وأسسوا عليها إِلْحَادهم، واعتبروا إيمان أُولَئِكَ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ قَعَّدُوها؛ اعْتَبَرُوا إيمانَهم أمرًا شخصيًا لا يتناسب مع ما قَعَّدُوا مِنْ قواعدَ عقليةٍ.
كان من هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَة: «رِينِيه دِيكَارْت» الَّذِي أَتَى بنظريةٍ للطبيعة، ومِن ثَمَّ للعلومِ الطبيعيةِ، فَحْوَاهَا: أنَّ الطبيعة بعد أنْ خَلَقَهَا اللهُ صارت مُسْتَقِلَّةً تمامًا بقوانينِها التي أَوْدَعَها إياها، ولم يَعُدِ الخَالِقُ يَتَدَخَّلُ فِي شُؤُونِهَا، أو يُوقِفُ فَاعِلِيَّتَها.
صار الخَالِق إِذَن -علي كلامِ هذا- شيئًا بعيدًا عَنْ حياة الناس اليوميةِ واهتماماتِهِمُ الحاليةِ!!؟.
صار شيئًا يمكن أن تستمر الحياة من غير لجوء إِلَيْهِ، أو حتى من غير تَذَكُّرِهِ، ولم يَعُدْ مِنْ ضرورةٍ لذِكْرِهِ إلا إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ بدايةِ الخلقِ!!؟.
لم يلبث هذا الخَالِقُ السلبي الَّذِي دلَّ عليه «دِيكَارْت» أنْ تَحَوَّلَ عَنْد كثير من الْعلماء الطَّبِيعِيِّينَ إِلَى مجرد اسم مجازي للمبدأ أو المبادئ التي يقوم عليها نظام الطبيعة.
كثيرٌ من الناس يظنون: أن «أَيْنِشْتَايِنْ» كَانَ مؤمنًا بالله حين يسمعون ذِكْرَهُ لله فِي عبارات؛ مثل قوله المشهور: «إن الإلهَالرَّبَّ لا يقامِر»؛ لَكِنَّ «أَيْنِشْتَايِنْ» إنما كَانَ يَسْتَعْمِلُ هذه العبارةَ مجازًا؛ لِيُعْرِبَ عَنْ رفضه للنظرية التي تقول: بأنَّ المصادَفَةَ حقيقةٌ موضوعيةٌ فِي بِنْيَةِ الكَوْنِ، وليست أمرًا نسبيًا خاصًا بالمُشاهِد للكون.
في أيامنا هذه قَالَ «جُورْجْ سْمُوتْ» الَّذِي اكْتَشَفَ وُجُودَ تَجَعُّدَاتٍ فِي الإشعاع الكوني الخَلْفِيِّ ترجع إِلَى ثلاثِ مائةِ ألفِ سنةٍ الأولى لِعُمْرِ الكونِ -كما يَقُول-!!؟، والتي كَانَت النواةَ التي تَكَوَّنَتْ منها الأجسام الكونية على حسب ما ذهبوا إِلَيْهِ من نظرية الانفجار الْعَظِيم.
قال وهو يعلن ذَلِكَ الاكتشاف ويشرحه لغير المختصين فِي مؤتمرٍ صحفيٍّ سنةَ اثنتينِ وتسعينَ وتِسْعِمِائَةٍ وألفٍ «1992» من القرن الْمُنْصَرِمِ؛ قَالَ: «إذا كنتَ متديِّنًا، فكَأَنَّكَ تَرَى اللهَ».
وكانت هذه العبارةُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ ما قَالَ فِي شرحِ اكتشافه هي التي تناقلتها وسائل الإعلام، ونشرتها على نطاقٍ واسعٍ فِي العالم كله؛ لَكِنَّهُ حين كتب كتابه المسمى:(تجعداتٌ فِي الزمان)؛ قَالَ وكأنه يعتذر لإخوانه الفيزيائيين فِي علم الكون:
" يتلاقى علم الطبيعة بالفلسفة عَنْدما يقترب البحث من السؤال الأقصى عَنْ وُجُودنا العقلاني للكون".
وقال ذات مرة: «إنني أريد أن أعرف كيف خلق الله العالم؟، أريد أن أعرف أفكاره!!؟.
لقد قَصَدَ أن يكونَ هذا مجازًا،لقد كَانَ يُعَبِّرُ به عَنْ المدى العميقِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي البحث.
وقد كَانَت ملاحظتي -كذَلِكَ هو يَقُول؛ لِأَنَّهُ عَنْدما يتكلم عما قَالَه أَيْنِشْتَايِنْ فِي تلك العبارة التي مرَّت-: «إنني أريد أن أعرف كيف خَلَقَ اللهُ العالم؟، أريد أن أعرف أفكاره».
راح يعتذر عَنْ هذه المقولة؛ قال:" لقد قَصَدَ أن يكون هذا مجازًا.
لقد كَانَ يُعَبِّرُ به عَنْ المدى العميقِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي البحث، ولقد كَانَت ملاحظتي التي كثر الاستدلال بها مَصُوغَةً فِي هذا القالَبِ نفسِهِ".
يعني كَانَت مجازًا؛ لِأَنَّهُ كَأنَه يعتذر لإخوانه الفيزيائيين عما قَالَ بأنه لا يؤمن بوجود الخَالِق أصلًا.
فهذا أمر عَنْدهم مما يُسْتَحْيَا منه، وإذا اعتقده معتقِد؛ فعندهم ينبغي عليه أن يُخْفِيَهُ، وأن يكون ذَلِكَ خاصًا به.

*مِنَ الأَسْبَاب التي أدت إِلَى الْإِلْحَاد فِي هذا العصر أَيْضًا: ما يتكررُ ذكره فِي كتابات الغربيين تعليلًا لنفورهم من الدين؛ فإنه يتكرر فِي كتابات الغربيين: أنَّ كثرةَ الحروبِ والمَآَسِي التي حَدَثَتْ فِي تاريخِهِم إنما حَدَثَتْ بِسَبَبِ الخِلَافَاتِ الدينيةِ!!؟، فيقولون: هذا هو الْمُبَرِّرُ الَّذِي يَجْعَلُنا لا نُحِبُّ الدين ولا نعتقده؛ لِأَنَّهُ لم يأت منه خيرٌ كما يَقُولون!!؟، وإنما حدثت بِسَبَبه فِي تاريخِهِم الْمَآَسِي والحروبُ، وكلُّ ذَلِكَ إنما وَقَعَ بِسَبَب الخِلَافَاتِ الدينيةِ كما يزعمون!!؟.
يقول عالِمُ الأحياءِ البريطانيُّ «بِيتَرْ مدورْ» كما نَقَلَ عَنْه «تِيلَرْ»:
" لقد كَانَ الثمنُ الَّذِي اضْطُرَّت البشريةُ فِي عُمُومِهَا لِتَدْفَعَهُ مُقَابِلَ الراحةِ والانتعاشِ الرُّوحِيِّ الَّذِي آتَاهُ الدينُ قِلَّةً مِن الناس؛ كَانَ الثمنُ الَّذِي دَفَعَتْهُ البشريةُ اضْطِرارًا؛ كَانَ دَمًا وَدُمُوعًا، وهو مِنَ الْغَلَاءِ بحيث لا يَسُوغُ لنا أنْ نَأْتَمِنَ الاعتقادَ الدينيَّ علي الْخُلُقِيِّ".
ولا جِدَالَ فِي أَنَّهُ حَدَثَ باسمِ ما يُسَمَّى بالدينِ: حُرُوبٌ وَمَآَسٍ وَمَظَالِمُ فِي البلادِ الغربيةِ وفي غيرِها؛ ولَكِنْ هل يُعَدُّ هذا مُسَوِّغًا لِرَفْضِ كُلِّ دينٍ أَيًّا كَان!!؟.
هذا لا يُقْبَلُ؛ فإنَّ المنهجَ الْعِلْمِيَّالْمُنْصِفَ يَسْتَدْعِي أنْ نَنْظُرَ فِي هذه الأديانِ لِنُمَيِّزَ بينَها؛ فاسْمُ الدينِ اسْمٌ تَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مُعْتَقَدَاتٌ وَقِيَمٌ وَدَعَاوَى مختلفةٌ اختلافًا لا يَجْعَلُ بينَها صلةً إلا ذَلِكَ الاسمُ، وَيَسْتَدْعِي أن نَنْظُرَ فِي هذه المعتقداتِ والقِيَمِ والدَّعَاوَى المختلفةِ؛ لِنَتَبَيَّنَ ما هو منها حَقٌّ، وما هو باطلٌ.
وإذا كَانَ بينَها أمرٌ مُشْتَرَكٌ؛ فهل كَانَ هو السببَ فِي تلك المآسِي حتى نَحْكُمَ على الأديانِ كلِّها هذا الحكمَ العامّ؟، أو أن السبب كَانَ أمرًا خارجًا عَنْ تلك المعتقداتِ، فلا تَتَحَمَّلُ جَرِيرَتَه!!؟.
يعني: قد يكون بِسَبَب استغلال تلك الأديان، أو بِسَبَب سوءفهمٍ لها، أو بِسَبَب ظلم واقع على الفئة المتدينة؛ لأن استغلالالدين كاستغلال كل شيء حسن.
يكون استغلالًا سيئًا فِي كثيرٍ من الأحوال، كما هو الواقع فِي كثير من البلدان، وكثيرٍ من المجالات، والدينُالْحَقّ يقرر هذا، ويُحَذِّرنا منه.
لا نعرف كلامًا هو أشد فِي التحذير من الَّذِينَ يستغلونالدين لتحقيق مآرب دنيوية، والذين يرتكبون الفظائع بِسَبَب التصور المنحرفللدين مثلَما نجد ذَلِكَ فِي كتاب ربنا وسنة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ فإن الله -عز وجل- يَقُول:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ].
هذه صورةٌ من صور استغلالالديناستغلالًا سيئًا، وقد ذكرها اللهرب العالمين للتحذيرِ منها ومن الوقوع فِي شِبْهِهَا.
وأيضًا يَقُول النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ الخوارج: «يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»، كما فِي «الصحيحين».
فهذا أَيْضًا من استغلالالدين فِي إراقة الدماء، وما فوق ذَلِكَ وما دونَهُ من تكفير المسلمين، ومِنْ سلب أموالهم وانتهاكِ حرماتهم.
فعندنا فِي كتاب ربنا وسنة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ما يحذر؛ بل ما فِيه من التحذير لا تجد مثله من استغلالالديناستغلالًا سيئًا.
فالآخرون يَقُولون: إنَّ الدين قد اسْتُغِلَّ استغلالًا سيئًا، ووقع ما وقع من الحروب والمآسي بِسَبَبه.
فيقال لهم: إن المنهج الْعِلْميَّ يفرض عليكم أن تبحثوا فِي كل دينٍ، فإذا ما نظرتم فِي الدينالإسلامي مثلًا؛ وجدتم الكتاب والسُّنةيحذران من استغلالالديناستغلالًا سيئًا على نحو ما مَرَّ فِي النصين الكريمين.
ثم على افتراض أن المعتقدات الدينية هي التي أدت إِلَى تلك الحروب؛ فهل توقفت الحروب بعد أن حلت الْعَلْمَانِيَّة فِي الغرب محل الدولة الدينية!!؟.
هم أزاحواالدين، وأحلواالْعَلْمَانِيَّة مَحَلَّ الدينِ، ووقعت الحروب الكبرى التي لم يَشْهَد العالَمُ مِنْ قَبْلُ لها مَثِيلًا مع غِيَابِالدينِ، ومع وُجُودِ الْعَلْمَانِيَّةِ.
إنَّ القتلَ والْقَرْحَ والأذَى والتدميرَ والإفسادَ الَّذِي حدث بِسَبَبِ الْحَرْبَيْنِالعَالَمِيَّتَيْنِ لم يَكُنْ له مَثِيلٌ فِي تاريخِ البشريةِ كلِّها؛ فهل كَانَ هذا بِسَبَبِ الدينِ!!؟.
الحروبُ التي شَنَّتْهَا الدولُ الغربيةُالرأسِمَالِيَّةُ والشيوعيةُ على الشعوب الضعيفة لاستعمارها وسَرِقَةِ خيراتها؛ هل كَانَت حروبًا دينية!!؟.
الحروب التي حدثت فِي السنوات الأخيرة فِي العراقِ وإيرانَ والصُّومالِ واليمنِ وغيرِها؛ هل كَانَت بِسَبَب معتقداتٍ دينية، أم بِسَبَب اسْتِلَابِ الثَّرْوَاتِ وإِذْلَالِ الشُّعُوبِ!!؟.
فإذا كَانَت الحروبُ وَالْمَآَسِي التي حَدَثَتْ بِاسْمِ الدينِ سَبَبًا فِي النُّفُورِ مِن الأديانِ كلِّها، وعدمِ الثقةِ بها؛ فَلْتَكُنْ هذه الحروبُ والمآسيسَبَبًا أقوى للنفور من الْعَلْمَانِيَّة وعدم الثقة بها، على حسب قياسهم، وإلا؛ فإنهم يتناقضون!!؟.
يجب إِذَن؛ إِذَا أردنا أن نكون منصفين فِي تقويمنا للدين؛ أن نضع كل هذه الأمور فِي اعتبارنا؛ وإلا كَانَ رَفْضُنا للدينِ وَنُفُورُنَا منه: أمرًا عاطفيًا يقوم على الهوى؛ لَكِنه يتزيى بِزِيِّ الْعِلْمِ والعقلِ.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
14-07-2018, 10:52 AM
*مِن الأَسْبَابِ التي أَدَّتْ إِلَى الْإِلْحَاد: أنَّ الْمُلْحِدِينَ اتبعوا طريقةً خَدَّاعَةً، هي: أن يضعواالدين فِي مقابل الْعِلْم الطبيعي، ثم يتكلموا عَنْ المزايا التي يمتاز بها منهجه الْعِلْمي، وعن الثمار التي جناها الناس من المخترعات التي قامت على أساسه، وعن توسيعه لدائرة معارف الناس بالكون، وقضائه بذَلِكَ على كثير من الخرافات المتعلقة بطبيعة الكون أو طبيعة الأَسْبَاب الفاعلة فِيه، إِلَى غير ذَلِكَ.
ثم يَقُولون: أَنَّهُ لهذا كلِّه ينبغي أن يكون الاعتماد على الْعِلْم الطبيعي إِلَى الدين فِي معرفة الْحَقائق.
وهذه الحجة كَانَت تصلح لو أن الدين والْعِلْمَ الطبيعي كَانَا أَمْرَيْنِ متناقِضَيْنِ لا يمكن للعاقلِ أن يَجْمَعَ بينهما.
وربما كَانَت تَصْلُحُ هذه الحجةُ لو أَنَّهُ كَانَ مِن الممكنِ أنْ يُسْتَعْمَلَ منهجُ الْعِلْمِ الطبيعيِّ فِي كل المجالات التي يحتاج إِلَيْهِا الناس، بما فِي ذَلِكَ مثلًا-: الهدفُ من حياتهم على هذا الكوكب الْأَرْضي!!؟؛ فهل يستطيع الْعِلْم المادي: أن يبين لنا هذا الهدف،وكذَلِكَ ما يصير إِلَيْهِ الناس بعد هذه الحياة، وكذَلِكَ القِيَمُ التي يَسْتَهْدُونَ بها فِي حياتهم!!؟؛ لَكِنَّ الْعِلْمَ الطبيعي بطبيعة منهجه، وكذَلِكَ باعتراف أساطينه: لا يستطيع أن يَفْصِلَ لنا فِي هذه الأمور.
فالذي يَقُول للناس -والحالُ هذه-: خذوا الْعِلْم الطبيعي واتركوا الدين؛ هو كَإنسانٍ يَقُول لك: إن الناس يتفقون على ما يشاهدون بحواسهم أكثرَ من اتفاقهم على ما يستنتجون بعقولهم!!؟،فإذا ما وافقته على ذَلِكَ؛ مَضَى لِيقول: إِذَا؛ فِيجب أن نعتمد على الحواس ونترك العقل جانبا!!؟.
فالقياس واحد، وأنه لا تناقض بين الاعتماد على الحس فِي معرفة ما مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْرَفَ بها أي: بالحواسِّ-، والاعتمادِ على العقلِ فِي معرفة ما لا يُعْرَفُ إلا به.
إنه لا تَقَابُل بين الْعِلْم الطبيعي والدين؛ بل إن الدينالْحَقّ يعترف بالمنهج الْعِلْمي الطبيعي وسيلةً إِلَى المعرفة؛ بل إن المنهج التجريبي وَضَعَهُ علماؤنا المسلمون، فأوَّلُ مَنْ وَضَعَ المنهجَ التجريبي هو:«شيخ الإسلام: ابن تيمية -رحمه الله-»، وسُرِقَ منه، ثم رُوِّجَ فِي الغرب على أَنَّهُ من ابتكار فلان وفلان فِي البحث الْعِلْمي!!؟، ولَكِن الثابت الَّذِي لا يقبل المجادلة ولا النقض: أن أولَ من وضع أسس المنهج التجريبي هو:«شيخُ الإسلامِ: ابنُ تيميةَ -رحمه الله تعالى-».
إذًا؛ فالدين ليس مقابلًا للعلم الطبيعي؛ ولَكِنه يَقُول أي الدينُالْحَقُّ الَّذِي يَعْتَرِفُ بالْعِلْمِ الطبيعي-: أَنَّهُ ليس وسيلةً يعني: الْعِلْمَ الطبيعي إِلَى كل المعارف؛ فأنت لا تستطيع بالْعِلْم الطبيعي أنْ تَصِلَ إِلَى كل المعارف؛ بل هُنَاكَ معارف لا تدرك إلا بالرواية، إلا بالخبر، كما مر ذَلِكَ فِي كلام شيخ الإسلام وغيره عَنْد النظر فِي رسالة العلامة السعدي رحمه الله، بل هُنَالِكَ أَيْضًا معارف لا تُدرك إلا بالاستنتاج العقلي، فهذه كلها من وسائل المعرفة ومن طرقها: العقل والحِس، وكذَلِكَ الرواية والخبر.
وأيضا: هُنَالِكَ ما لا يمكن معرفته إلا من طريق الرسل، وهو بالخبر الصادق، فالعاقل هو: الَّذِي يستفيد من كل هذه الوسائل بحسب نوع المعرفة التي يريدها، ومَن لا عَقْلَ له يَحْصُرُ نفسَه فِي بعضِها، ويُنْكِرُ غيرَها!!؟؛ لِذَلِكَ فإن الناس لشدة حاجتهم إِلَى تلك المعارف التي لا يُوصِلُهُمُ الْعِلْمُ الطبيعيُّ إِلَيْهِا؛ يفضلون التعلق بأي دين؛ ولو رأوا فِيه بعضالأباطيل!!؟؛ لِأَنَّهُ يلبي شيئا من حاجتهم إِلَى هذه المعارف؛ لأن الناس فِيهم جوعٌ فطري إِلَى التعبد للإلهالْحَقّ، وهم يتطلعون إِلَى شيءباطل!!؟.
الْعِلْم الطبيعي لا يمكن أن يُشْبِعَ هذه الحاجات، ولا أنْ يَسُدَّ تلك الجَوعات، وحينئذ يتعلق الناس بأي دين يأتي لهم ولو بالخرافات!!؟؛ ولَكِن يتكلم عَنْ أمثال هذه المعاناة الباطنة التي يجدها الكائن الإنساني فِي نفسه.

كذَلِكَ من المقالات الْمُفْتَعِلَةُ؛ بل هي مضحكةٌ فِي حد ذاتها: ما قَالَه الفيلسوف «بُوبَرْ» الَّذِي اسْتَشْهَدَ به «وَايِنْبِيرْج»:
«إنه من البديهي جدًا: أنَّ اللاعقلانية، لا العقلانية، هي المسؤولة عَنْ كل الحروب والعداواتالقومية قبل الحروب الصليبية وبعدها؛ ولَكِنني لا أعرف حربا أُشْعِلَتْ لغايةٍ علمية، أو بإِيعَازٍ من الْعِلْماء».
هذا ما قَالَه ذَلِكَ الفيلسوف!!؟،فيقال له:
كذَلِكَ لم تقم حروب بِسَبَب الاختلافات الأدبية والأذواق الفنية؛ لَكِنَّ المتحاربينمتدينين كَانَوا أو غير متدينين يستفيدون مما يعرفون من علمٍ بالدنيا فِي حروبهم؛ فلئن لم تقم الحروب باسم هذا الْعِلْمفقد كَانَ خادما مسخَّرًا فِيها-؛ فأيُّ فضلٍ له على الدين فِي ذَلِكَ!!؟.
ويقال له: إنَّهُ قد قامت حروب بِسَبَب الاختلافات اللَّوْنية والانتماءات العنصرية؛ فهل يتخلى الناس عَنْ ألوانهم وأجناسهم!!؟.
ويقال أَيْضًا: إنَّ الحرب شرٌّ، ما فِي ذَلِكَ شك؛ ولِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ للمؤمنين: «أَيُّهَا النَّاسُ؛ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسألوا اللَّهَ العَافِيَةَ». كما فِي:(الصحيحين).
لَكِنَّ هذا الشَّرَّ قد يكون عملًا صالحًا: إِذَا كَانَ وسيلة وحيدة للدفاع عَن الْحَقّ، أو لدرءِشر أكبر.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
29-07-2018, 01:16 PM
* كان أَيْضًا من أَسْبَابالْإِلْحَاد:دعاوى ادعاها وما يزال يدعيهاالْمُلْحِدُونَ عَن التناقض بين الإيمان وحقائق الْعِلْم الطبيعي،سَلَّمَ بها كثير من المفكرين فِي الغرب، وبدأت تتكررُ مُسْتَشْرِيَةً مِنْ جِيلٍ إِلَى جيل، وتُنْقَلُ مِنْ كتابٍ بَعْدَ كتابٍ؛ مع أَنَّهُا لا تَدُلّ على شيء مما أراد لها مُدَّعُوها.
مِنْ أمثال ذَلِكَ: تَوَهُّمُهم أن الإيمان بوجود الخَالِق مرتبط بتصوراتٍ مُعَيَّنًةٍ للدنيا كَانَت شائعة عَنْد الناس فِي أُورُوبَّا، وأن الْعِلْم أثبت عدم صحة تلك التَّصَوُّرَات، فأزال بذَلِكَ الأساسَ الَّذِي كَانَ يقوم عليه ذَلِكَ الإيمانُ،هذا مع أَنَّهُ لا علاقة بالضرورة بين الإيمان وتلك التَّصَوُّرَات.
ومِن أكثر ما يذكرونه فِي هذا المجال: اعتقاد الناس فِيما مضى بأن الْأَرْض هي: مركز الكون، وأنَّ «كُوبَرْ نِيكُوسْ» جاء فأثبت أن الْأَرْض إنْ هي إلا كوكب من كواكب عدة، وأنه لا ميزة لها على سائر الكواكب والنجوم.
وينسى أصحاب هذا القول: أن الْعِلْم الطبيعي كذَلِكَ ارتبط فِي أذهان كثير من أهله بتصورات للكون ما لبث الْعِلْم نفسه أن أبطلها.
ألم يكن كثير من الْعلماء الطَّبِيعِيِّينَ يتصورون: أن الكون أزلي لا بداية له ولا نهاية!!؟،بل يَعُدُّ هذا أمرًا لازمًا للنظرة الْعِلْمية حتى جاءت نظرية الانفجار الْعَظِيم --وهي مما يتمسك به كثير منهم- فَسَبَّبَتْ لهم حَرَجًا عظيمًا.
فإذا كَانَ الدينُ سَيَرْفُضُ الناسُ التمسكَ به؛ لأن بعض التَّصَوُّرَات قد ارتبطت عَنْد بعض الناس به، وهي ليست بلازمة، لا عقلًا ولا نقلًا؛ فَلْيَرْفُضْ الناسُ الْعِلْمَ الطبيعيَّ أَيْضًا؛ لِارْتِبَاطِهِ فِي أذهانِ بعضِ أهلِه بتصوراتٍ تُبَيِّنُ البُطْلَانَ، وقد تَبَيَّنَ واضحًا فِيها،فأمثال هذه الحُجج إنما أتت على حَسَبِ البيئة التي نشأ الْإِلْحَاد المعاصر فِيها؛ لِأَنَّهُم -كما مَرَّ- إنما بدؤوا فِي الْإِلْحَاد وتطليق الدين والتحلل منه: لما وجدوا المصادمة قائمة بين ما تقرره الَكِنيسةالغربية، وتدَّعي أَنَّهُ هو: الإيمان الْحَقّ، وأنَّ ما عداه هرطقة وكفر؛ وبَيْنَ ما أثبته الْعِلْم من الْحَقائق الثابتة التي لا يمكن أن يجادَلَ فِيها ولا أن يُمَارَي، فَكَفَرُوا بالدين الَّذِي دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ، وتمسكوا بالْعِلْم، وقالوا: إن هذا الدين غير صالح لشيء، وإنما يصل المرء إِلَى ما يصل إِلَيْهِ؛ بل العالم كله؛ بل الجنس الإنساني يصل إِلَى ما يصل إِلَيْهِ من الرُّقِيِّ بهجرالدين وتطليقه، والْبُعْدِ عَنْه، والكفرِ بالإلهالخَالِق!!؟.
هذا لم يكن عَنْدنا، هذا كَانَ عَنْدهم،وأما نحن؛ فديننايدعو إِلَى الْعِلْم، ويحض عليه، ويدعو الناس إِلَى الاغتراف من مَعِينِه، و إِلَى الإكثار من طلبه، إِلَى غير ذَلِكَ مما هو معلوم.
زعم «وَايِنْ بِيرْ» -وهو فِيزيائي مشهور فِي كتابٍ له:
«أنَّ الْمُتَدَيِّنِينَ كَانَوا يظنون أنَّ الْأَجْرَام السَّمَاوِيَّة ذات طبيعة سامية مختلفة عَنْ طبيعة الْأَجْرَام الْأَرْضيَّة؛ لِذَلِكَ كَانوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُا هي التي تَدُلُّ على وُجُود الخَالِق؛ لَكِنَّ الشَّمْسَ وسائرَ النُّجُوم فَقَدَتْ مَكَانَتَهَا المتميزةَ، فنحن نعلم أَنَّهُا كُرَاتٌ مِنْ غازٍ ملتَهِبٍ مُتَمَاسِكٍ بِفِعْلِ الجاذبيةِ، وممنوعةٍ من التَّقَوُّضِ بِضَغْطٍ يَظَلُّ مُسْتَمِرًّا بِسَبَبِ الْحَرَارَةِ الناشئةِ عَن الْمُفَاعِلَاتِ الْحَرَارِيَّةِ النوويةِ الموجودةِ فِي قَلْبِ النُّجُومِ، إن النُّجُوم لا تُنْبِئُنا عَنْ عظمة الخَالِق -هذا كلامه!!- بأقل ولا أكثر مما تُنبئنا به الحجارة الموجودة على الْأَرْض حولنا».
فَيَسْتَدِلُّ بهذا الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ الْعِلْمُ الْحَدِيثُ إِلَى الْكُفْرِ بالخَالِقِالْعَظِيمِ، ويقول: أُولَئِكَ الْمُتَدَيِّنُونَ كَانوا يَعْتَقِدُونَ أن الْأَجْرَامَ السَّمَاوِيَّةَ لها مَنْزِلَةٌ ساميةٌ، وأَنَّهُا هي التي تَدُلُّ على وُجُودِ الخَالِقِ، وما دام هذا الاعتقادُ قد ثَبَتَ بُطْلَانُهُ؛ إِذَن؛ فلا خَالِقَ هُنَاكَ!!؟.
وتَعْجَبُ مِنْ كثيرٍ مِنْ أُولَئِكَ عَنْدما تَعْمَلُ عقولُهم بِهِمَّةٍ كاملةٍ ونشاطٍ تامٍّ فِيما يَتَعَرَّضُونَ له مما يُزَاوِلُونَهُ مِنَ العُلُومِ الماديةِ، فإذا جَاؤُوا إِلَى أمثالِ هذه المسائلِ اليسيرةِ الواضحةِ؛ ضَلُّوا فِيها وتَخَبَّطُوا فِي الوقتِ الَّذِي يَهْتَدِي الطِّفْلُ الغَرِيرُ إِلَى وَجْهِ الْحَقِّ فِيها!!؟.
فما وجهُ التَّلَازُمِ بين هذا وهذا!!؟،وهل جاء الدين بإثبات أن هذه النُّجُوم هي وحدها التي تَدُلّ على وُجُود الخَالِق؛ لأننا لا نعرف طبيعتها!!؟، وإنما تَدُلُّنا على حَسَبِ ما وَصَلَ إِلَيْهِ الْعِلْمُ المادي على وُجُود الخَالِق، وعلى عظمته أَيْضًا؛ لِأَنَّهُا وإن كَانَت لا تَعْدُو أنْ تكونَ مِن الكُرَاتِ الناريةِ الملتهبةِ من الغازات المتماسكةِ بِفِعْلِ الجاذبيةِ.... إِلَى آخرِ ما يَقُولُ الْعِلْمُ المادي.
فمَن الَّذِي جَعَلَهَا كذَلِكَ،ومَن الَّذِي وَضَعَ لها سُنَّتَهَا التي تَسِيرُ عليها!!؟، وهي سنةٌ إلهيةٌ.
ومَن الَّذِي جَعَلَ دَوَرَانَهَا وَحَرَكَتَهَا وَإِشْعَاعَهَا وَحَرَارَتَهَا وَمَرْكَزَهَا وَمَوْقِعَهَا عَلَى هَذَا!!؟،ومِنْ أين أَتَتْ!!؟، لِأَنَّهُا إنما تَفْقِدُ الْحَرَارَةَ مع الوقت؛ ولو كَانَ الفَقْدُ يسيرًا حتى تَصِلَ إِلَى الْهُمُود.
فإذن؛ مَن الَّذِي أعطاها الحركةَ مِنْ قَبْلُ!!؟، إِلَى غير ذَلِكَ من الأمور العقلية التي تَدُلُّنا على أننا نَسْتَخْدِمُ هذا فِي الدلالةِ على وُجُود الخَالِق،فهذه مِن المخلوقات، وهي دالةٌ على وُجُودِ مَنْ خَلَقَهَا وَسَوَّاهَا.
ويُقال لهذا الرجلِ وأمثالِهِ أَيْضًا: على فَرْضِ أنَّ بعضَ الْمُتَدَيِّنِينَ كَانَوا يَعْتَقِدُونَ أن الْأَجْرَامَ السَّمَاوِيَّةَ ذاتُ طبيعةٍ مختلفةٍ عَن المخلوقاتِ الْأَرْضيَّةِ؛ فَمَن الَّذِي قَالَ: إنَّ كل المؤمنين بوجود الخَالِق كَانوا يَعْتَقِدُونَ هذا الاعتقاد!!؟.
وعلى فَرْضِ أَنَّهُم كَانوا يَعْتَقِدُونَه جميعًا؛ فَمَن الَّذِي قَالَ: إنَّ إيمانَهم بوجود الخَالِق كَانَ مُتَوَقِّفًا على مِثْلِ هذا التصورِ للأجرامِ السَّمَاوِيَّةِ!!؟.
فما أَكْثَرَ ما يَتَصَوَّرُ الإنسانُ الشيءَ، ثم يَجِدُه على غَيْرِ ما تَصَوَّرَ، فلا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي إيمانِه، ولا فِي ثِقَتِهِ بربه؛ بل يَعْزُو ذَلِكَ إِلَى جَهْلِهِ، ويَسُرُّهُ أَنَّ اللهَهَدَاهُ إِلَى التصورِ الصحيحِ.
إنَّ كلَّ إنسانٍ يَمُرُّ عليه زمانٌ وهو طفلٌ؛ يَتَصَوَّرُ السماءَ والشمسَ والنجومَ والقمرَ على غَيْرِ حقيقَتِها، ثم يَشِبُّ وَيَعْلَمُ أنَّ هذه القُبَّةَ الزرقاءَ التي تَرَاهَا بالنهار وَكَذَلِكَ بالليلِ، ليستْ بِأَحْجَامِهَا الباديةِ لِلْعَيْنِ؛ بل هي أكبرُ مِنْ ذَلِكَ بكثير، فلا يَدْعُوهُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَتَحَوَّلَ مِن الإيمانِ إِلَى الْكُفْر؛ فلماذا إِذَن يكونُ خطؤُهُ فِي تَصَوُّرِهِ لِطَبِيعَةِ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ: داعيًا لِمِثْلِ هذا التَّحَوُّلِ!!؟.
إنَّ الملحِدَ لا يَتَحَدَّثُ هنا عَنْ واقعٍ مُشَاهَدٍ، ولا عَنْ لازمٍ عقليٍّ؛ بل يُعَبِّرُ عَنْ وَهْمٍ تَوَهَّمَهُ، وإلا لو كَانَ الأمرُ كما زَعَمَ؛ لَمَا بَقِي على ظَهْرِ الْأَرْضِ مؤمنٌ، ولَمَا كَانَ الناسُ مُحْتَاجِينَ إِلَى الْعِلْمِ الطبيعيِّ الْحَدِيثِ لِيَنْتَقِلُوا مِن الإيمانِ إِلَى الْكُفْرِ؛ لأنَّهم كَانُوا يَكْتشفون مِثْلَ هذه الأخطاءِ فِي تصوراتِهِم؛ حتى قَبْلَ مَجِيءِ هذا الْعِلْمِ؛ كما مَرَّ فِي تطورِ الإنسانِ مِنَ الطُّفُولةِ إِلَى الْيُفُوعَةِ، إِلَى الشبابِ، إِلَى الكُهُولَةِ؛ فإنَّ الإنسانَ تَنْمُو مَدَارِكُهُ، وتَزْدَادُ مَعَارِفُهُ، وَيَعْرِفُ مِن الكونِ ما لم يكنْ قَبْلُ يَعْرِفُهُ؛ فهل معنى ذَلِكَ: أَنَّهُ كلما عَرَفَ شيئًا جديدًا؛ ذَهَبَ به وَهَمٌ سابقٌ تَوَهَّمَهُ، أَنَّهُ حينئذٍ يَتْرُكُ الإيمانَ ويَدْخُلُ فِي الْكُفْر!!؟.
وهل الإيمانُ يَتَوَقَّفُ على أمثالِ هذه التَّوَهُّمَاتِ!!؟.
لو كَانَ اكتشافُ الإنسانِ أن الْأَجْرَام السَّمَاوِيَّة هي غازات ملتهبة، لو كَانَ هذا الاكتشافُ داعيًا لِأَنْ يَقُولَ: إنَّ اللهَ لم يَخْلُقْهَا؛ لَكَانَ يَكْفِيهِ أَيْضًا للوصولِ إِلَى مِثْلِ هذه النتيجةِ أنْ يَعْلَمَ مَثَلًا أنَّ الإنسانَ بِرَغْمِ عَقْلِهِ وَمَوَاهِبِهِ وَعَوَاطِفِهِ وإِنجازاتِهِ؛ تُمَثِّلُ كَمِّيَّةُ الماءِ ستينَ بالمائةِ 60% مِنْ جِسْمِهِ.
فالماءُ يُمَثِّلُ ستين بالمائة 60% مِنْ جِسْمِكَ بكُلِّ مَوَاهِبِكَ، وبكلِّ عقْلِكَ، وبكل ما تَصِلُ إليه مِنْ الإنجازات، وهذه حقيقةٌ تَعْلَمُها الآن؛ فهل يَدْعُو هذا إِلَى تركِ الإيمان!!؟.
لم أَكُنْ أَعْلَمُ مِنْ قَبْلُ: أَنَّ الماءَ يُمَثِّلُ ستينَ بالمائةِ 60% مِنْ جِسْمِي، فإذا ما عرفتُ؛ يَتْرُكُ الإنسانُ الإيمانَ، ويَدْخُلُ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ جَدَّ له أمرٌ لم يكن مِن قَبْلُ يَعْرِفُهُ، وما كَانَ يتصورُه!!؟.
هل كان يَعْتَقِدُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ هذه الحقيقة:َ أنَّ جسمَه يبلغُ الماءُ فيه سِتِّينَ بالمائةِ منه!!؟.
ما كان يَعْرِفُ ذلك، ولا كان يتصورُه، فلما عَرَفَهُ كان ماذا!!؟، لا شيء.
يقول: سبحانَ اللهِالخالِقِالعظِيمِ الذي جَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
01-08-2018, 03:04 PM
* مِن الأمورِ أَيْضًا أوْ مِن الأمثلةِ: ما تَوَهَّمُوهُ مِنْ وُجُودِ التناقضِ بين فكرةِ الخلقِ وفكرةِ الأَسْبَابِ.
أي: أَنَّهُ لكي يكونَ الشيءُ مخلوقًا لله؛ فلا ينبغي أنْ تَكُونَ لِحُدُوثِهِ أَسْبَابٌ طبيعيةٌ، فإِذَا اكْتَشَفْنَا أَسْبَابَ حُدُوثِهِ الطبيعيةَ؛ كَانَ هذا دليلًا على أَنَّهُ لم يَحْدُثْ بقدرةِ الخَالِق!!؟.
وهذه فكرةٌ خاِطئَةٌ رَغْمَ انتشارِها بين الناس، مؤمِنِهم وكافِرِهم، فِي الشرق والغرب، وعلى مَدَى تاريخٍ طويلٍ.
ولا بُدَّ أنْ يَأْخُذَ الناسُ بما قرره علماءُأهلِ السُّنةِ مِنْ أَنَّهُ: لا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَوْنِ الشيءِ مخلوقًا، وأنَّ لِحُدُوثِهِ أَسْبَابًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى مِنْ سُنَّتِهِ وَعَادَتِهِ: أَنْ يَخْلُقَ بالأَسْبَابِ، ولأنه هو سبحانه خالقُ تلك الأَسْبَابِ، وجَاعِلُها أَسْبَابًا؛ فإنَّ اللهَ جَعَلَ الإنسانَ سَبَبًا مباشرًا ظاهرًا فِي وُجُودِ وَلَدِهِ؛ فهل معنى ذَلِكَ: أَنَّهُ هو الَّذِي خَلَقَه،هو الذي أَوْجَدَهُ مِن العَدَم!!؟.
فالله -عز وجل- خَلَقَنَا بهذا السببِ الَّذِي هو مخلوقٌ له جل وعلا، فَخَلَقَ اللهُ آباءَنا، ثم جَعَلَ آباءنا سَبَبًا فِي وُجُودِنا؛ فاللهُخالِقُنا وخالقُالسببِ الَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودنا، واللهُخالقُ كلِّ شيء.
والغفلة عَنْ هذه الْحَقيقة التي قررها أهل السنة قديمًا هي: التي جعلت الْمُلْحِدِينَيَسْتَطِيلُونَ على بعض المؤمنين، ويَتَحَدُّونهم كلما اكتشفوا لِبعضِ الأحداث أَسْبَابًا لم تكن معروفةً مِنْ قَبْلُ!!؟.
من ذَلِكَ: ما يَقُوله صاحبُ ذَلِكَ الكتاب فِي الفصل الَّذِي خصصه «للعَلاقةِ بين الْعِلْم ووجودِ الخَالِق»، يَقُول:
«بل إنَّهُ حتى القرنِ التاسعَ عَشَرَ كَانَ تصميمُ النباتاتِ والحيواناتِ يُعَدُّ دليلًا بَيِّنًا على وُجُودِ الخَالِقِ، ما تزالُ فِي الطبيعةِ أشياءُ لا حَصْرَ لها لا نستطيعُ تفسيرَها؛ لَكِننا نَرَى أننا نَعْرِفُ المَبَادِئَ التي تَحْكُمُ الطريقةَ التي تَعْمَلُ بها،
إنَّ عَلَى مَنْ يريدُ السِّرَّ الغامضَ الْحَقيقيَّ اليومَ: أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ فِي مجالِ عِلْمِ الفَلَكِ، أو عِلْمِ الجزئياتِ الصغيرةِ».
فيَكْفُرُ باللهِ هذا الْكُفْرَ الأصلعَ!!؟.
يقول: كان الناسُ يتأملون في تصميمِ أي في خَلْقِ الحيواناتِ والنباتات، ويجعلون هذا الإحكامَ الظاهرَ سببًا لِتَقْوِيَةِ إيمانِ المؤمنِ، ودليلًا على وجودِ الخالِقِ عندَ الملحِدِ.
يقولون: انظر إِلَى تَنَوُّعِ الخلقِ فِي هذه الحيواناتِ، وفي هذه النباتاتِ.
فهو يَقُولُ مثلًا: إننا إِذَا نظرنا إِلَى النباتِ فِي أصله؛ فإننا نستطيع أن نُرْجِعَ المسألةَ إِلَى وِحْدَةٍ واحدةٍ، وهي الْخَلِيَّةُ النباتيةُ، وكذَلِكَ الحيواناتُ، نُرْجِعُها إِلَى وِحْدَةٍ واحدةٍ، وهي الخليةُ الحيوانية؛ فَقَدْ اكْتَشَفْنَا السِّرَّ،أَيُّ سِرٍّ!!؟.
هذه الخليةُ الحيوانيةُ، لماذا تَتَنَوَّعُ هذا التنوعَ!!؟،ولماذا تختلف حتى فِي الكائن الْحَيَوَانِيِّ الواحدِ هذا الاختلافَ الْعَظِيمَ!!؟.
إنَّ الإنسانَ مثلًا تَخْتَلِفُ خَلَايَاهُ؛ بل إنَّ الْغُدَدَ التي جَعَلَها اللهُ -تبارك وتعالى- فِيه وهي مُنْضَوِيَةٌ تحتَ عُنْوَانٍ واحدٍ-؛ كالغُدَدِ العَرَقِيَّةِ، هي مختلفةٌ بالنسبةِ لِمَوْضِعِهَا فِي الجسدِ البشريِّ، فالْغُدَدُ العَرَقِيَّةُ فِيما بين الفَخِذَيْنِ والعَانَةِ مختلفةٌ عَنْ الغُدَدِ العَرَقِيَّةِ الموجودةِ تحتَ الإِبِطَيْنِ، مختلفةٌ عَن الغُدَدِ العَرَقِيَّةِ الموجودةِ على سطح الجسم، وهي كلُّها غُدَدٌ عَرَقِيَّةٌ، وتركيبُها واحدٌ، وإفرازُها هو العَرَقُ؛ ولَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ اختلافًا مَّا على حَسَبِ مَوْقِعِ الغُدَّةِ فِي الجسدِ الإنساني.
فهذه غدةٌ واحدة؛ ولكنها يختلف إفرازها هذا الاختلافَ العظيمَ على حَسَبِ وجودِها في الجسد الواحد؛ فكيف بوجودها فِي أجساد متنوعة من الحيوانات!!؟.
يريد أن يَقُول لنا هذا الملحد -كما قَالَ مئاتُ الْفَلَاسِفَةِ والعلماءِ الغربيينَ قبله-: إنَّ السِّرَّ الَّذِي يَعْتَمِدُ عليه الإيمانُ: يُكْشَفُ ويَزُولُ، فَتَزُولُ بِزَوَالِهِ الحاجةُ إِلَى وُجُود الخَالِق؛ حتى نستطيعَ تفسيرَ حدوثِ الأشياءِ تفسيرًا طبيعيًا، وأنه لم يَبْقَ هُنَالِكَ اليومَ مِنْ سِرٍّ، أيْ: شيءٍ مَا زالَ الْعِلْمُ عاجزًا عَنْ تفسيره، إلا في الْمَجَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، فَهُمَا وحدَهما اليومَ مَلَاذُ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ سِرٍّ يُرْسِي عليه إيمانَه، يعني: عِلْمَ الفَلَكِ وَعِلْمَ الجزئياتِ الصغيرةِ.
هذا كلُّه وَهَمٌ، وَهَمُ وَاهِمٍ، لأنَّ الفِصَامَ النَّكِدَ الَّذِي وَقَعَ بين الْعِلْمِ والدينِ فِي أُورُوبَّا لَمَّا رَكِبَت الكنيسةُ الغربيةُ رَأْسَهَا، وَأَبَتْ إلا أنْ تُصَادِمَالْحَقائقَ الْعِلْميةَ على حَسَبِ أَسَاطِيرِهَا وَأَوْهَامِهَا؛ هذا الفِصَامُ النَّكِدُ جَعَلَ الناسَ يَلِجُّونَ فِي طُغْيانِهِم، ويجتهدون فِي السيرِ فِي طريقِهِمُ الَّذِي اخْتَطُّوهُ لأنفسِهِم، فكلما أَمْعَنُوا فِيه؛ زَادَ كُفْرُهُمْ وزَادَ إِلْحَادُهُم، وإلا فإنه لا تَنَاقُضَ بينَ كونِ الشيءِ مخلوقًا لله، وأنْ يكونَ لِحُدُوثِهِ تفسيرًا طبيعيًا؛ لَكِنَّ غايةَ ما يَبْلُغُهُ الْعِلْمُ هو: أنْ يُفَسِّرَ لنا الحدوثَ بأسبابٍ ثَانَوِيَّةٍ، أيْ: أسبابٍ هي نفسُها بحاجةٍ إِلَى أَسْبَابٍ، ونحن مُحْتَاجُونَ بلا شكٍّ إِلَى معرفةِ مِثْلِ هذه الأَسْبَابِ فِي حياتِنا اليوميةِ؛ لَكِنَّها ليست الأَسْبَابَ التي تُفَسِّرُ لنا وُجُودَ الأشياءِ تفسيرًا نهائيًا.
ثُمَّ: إنَّ الكُشُوفَ الْعِلْميةَ الهائلةَ التي ساعدت الناسَ على فهمِ كثيرٍ مِن الظواهرِ الكونيةِ، والتي بُنِيَتْ عليها تِقْنِيَةٌيَسَّرَتْ للناسِ مَعَاشَهُم؛ مِنْ أكلٍ وشُرْبٍ ولُبْسٍ وعِلَاجٍ وعِمَارَةٍ واتصالٍ وغيرِ ذَلِكَ، هذه فَتَنَتْ كثيرًا من الناس، فجَعَلَتْهُم يَعْتَقِدُونَ أنَّ الْعِلْمَ التجريبيَّ سَيُغْنِيهِمْ عَن الدينِ؛ بل سَيَنْجَحُ حيثُ أَخْفَقَ الدينُ؛ فكان مَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كما قَالَ ربُّنا -جَلَّ وَعَلَا-:﴿كَلَّا إِنَّالْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾.
وكما قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنَ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)﴾.
قال مُؤَرِّخُ العلومِ:" إنه لم يُخَفِّفْ مِنْ غُلَوَاءِ هذا الغرورِ إلا الحربُ العالميةُ الأُولى، ثم الثانيةُ.
لَمَّا صُدِمَ الإنسانُ المعاصرُ فِي نتيجةِ ما وَصَلَ إِلَيْهِ مِن العلومِ والأبحاث؛ لأنَّ الَّذِي وَقَعَ مِن الدَّمَارِ، والذي وَقَعَ من الخَرَابِ والتَّقْتِيلِ والتَّشْرِيدِ؛ إنما كَانَ بِسَبَب ما وَصَلُوا إِلَيْهِ مِن العلومِ الماديةِ الْحَدِيثةِ فِي مجالاتِ صناعةِ الأسلحةِ: أسلحةِ الدمارِ الشاملِ.
وهذا إنما أُسِّسَ على ما اكتشفوه مِنْ قوانينِ المادةِ فِيما يتعلق بالفيزياءِ والكيمياءِ وما أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَتَوَصَّلُوا إِلَى صناعةِ ما صَنَعُوهُ مِنْ تلك الأسلحةِ، ثم اسْتُخْدِمَتْ بغير هُدَى وَلَا وَعْيٍ، حتى أَدَّى استعمالُها إِلَى النتائجِ الكَارِثِيَّةِ التي تَمَخَّضَتْ عَنْها الحربُ الأولى، ثم تَمَخَّضَتْ عَنْ أَقْسَى منها الحربُ الثانيةُ، والعالَمُ يَنْتَظِرُ على مِثْلِ الْجَمْرِ الحربَ الثالثةَ، وما دامتْ مقاليدُ القُوَى البشريةِ فِي الأرضِ في أَيْدِي أُولَئِكَ الشياطينِ؛ فلا تَسْتَبْعِدْ شيئًا.
نَجَحَ «الْعَلْمانيون» فِي إيهامِ كثيرٍ مِن الناس بأنَّ الْحَقائقَ الْعِلْميةَتُبْطِلُالدَّعَاوَى الدينيةَ، وتُؤَيِّدُ النظرياتِ الْإِلْحَاديةَ؛ بل نَجَحُوا فِي إِيهَامِهِمْ بِأَنَّ النظرةَالْإِلْحَاديةَ إِلَى الوجودِ هي: وَحْدَهَا النظرةُ الْعِلْميةُ!!؟، فصارت الْعَلْمَانِيَّةُ أو الْإِلْحَادُ جزءًا مِنْ مفهومِ الْعِلْمِ نفسِه!!؟، وقد ظَفِروا بهذا الَّذِي أَرَادُوهُ بِوَسَائِلَ عِدَّةٍ، أَهَمُّها:
*تفسيرُ الْحَقائق الْعِلْمية بنظرياتٍإِلْحَادية: ثم تصويرُ هذه النظرياتِ على أَنَّهُا وَحْدَها القادرةُ على تفسيرِ تلك الْحَقائقِ!!؟، واستبعادُ كلِّ نظريةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُشَمَّ منها رائحةُ تَأْيِيدٍ للدينِ، ثم نَشْرُ هذه النظرياتِ الْإِلْحَاديةِ، والدفاعُ عَنْها، وتَدْرِيسُها للطلابِ؛ حتى يَنْشَئوا على اعتقادِ أَنَّهُا جزءٌ مِن الحقائقِ الْعِلْميةِ، لا نظرياتٌ قد تَصْدُقُ وقد تَكْذِبُ؛ بل هي حقائقُ وليست بنظريات!!؟، ثم التعصبُ لهذه النظرياتِ تَعَصُّبًا يَجْعَلُهُمْ يُغْفِلُونَالْحَقائقَ التي تُكَذِّبُها أو تُضْعِفُ مِنْ قُوَّتِها، وسَتَجِدُ مِنَ الأمثلةِ على هذا التعصبِ الَّذِي يَتَجَاهَلُ الْحَقَائِقَ.
ستجد التعصبَللنظريةِ الدَّارْوِينِيَّةِ فِي التطورِ؛ فإنَّ المؤمنينَ بهذه النظريةِ -وَهُم الآنَ مُعْظَمُ الأسماءِ الكبيرةِ فِي مجالِ علمِ الإحياءِ-، ما زالوا مِنَ المؤمنينَ بنظريةِ دَارْوِنْ فِي التطورِ، وهُمْ يَضِيقُونَ ذَرْعًا بكُلِّ مَنْ يَتَفَضَّلُ فَيُبَيِّنُ للناسِ ضَعْفَ بعضِ الْمُرْتَكَزَاتِ التي تَقُومُ عليها النظريةُ الدَّارْوِينِيَّةُ، ويتهمونه إِمَّا بالجهلِ، أو بالتعصبِالدينيِّ، أو بغيرِ ذَلِكَ مِنَ الأوصافِ التي لا تَلِيقُ بِرَجُلِ الْعِلْمِ.
حَدَثَ هذا مثلًا لِصَاحِبِ كتابِ:(حقائقِ الحياةِ) الَّذِي نُشِرَ فِي بِرِيطَانْيَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ «1992»، ولَمْ يَلْبَثْ أَنْ صَارَ مِنْ أَعْظَمِ الكُتُبِ بَيْعًا.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: مقدمة عن الإلحاد والأسباب التي دعت إلى انتشاره في العصر الحديث
04-08-2018, 04:52 PM
*مما زاد من حِدَّةِ البغضاءللدين، وتَحَوُّلِ الناسِ إِلَى الْعَلْمَانِيَّةِ والإِلْحَاد:
أنْ رَأَواالأمةَ التي حَبَاهَا اللهُ بالهدايةِ إِلَى الدينِالْحَقِّ الَّذِي ليس فِيه شيءٌ مِنْ تلك الْمَآَخِذِ التي أَخَذَها الغَرْبِيُّونَ على الدينِ الَّذِي عَرَفُوه، وَجَدَ الناسُ هذه الأمةَ المرحومةَ واقعةً فِي مُعْظَمِها تحتَ تأثيرِهِمْ، ورَأَوْهَا حتى بَعْدَ أنْ يَسَّرَ لها الْخَلَاصَ مِن الاستعمارِتَنْهَجُ فِي مُعْظَمِ دُوَلِهَا نَهْجَ مُسْتَعْمِرِيها، فِي سياستِها واقتصادِها، وفي كثيرٍ مِنْ تصوُّرَاتِهَا، ورَأَوْهَا أمةً ضعيفةً مُتَخَلِّفَةً عَنْهُمْ فِي العلومَ والتِّكْنُولُوجْيَا، ولم يَرَوْهَا قادرةً على أنْ تَتَحَدَّاهُم بدينها، أو أنْ تُرِيَهُم الفَرْقَ بين دينِهم ودينِها؛ فَفُتِنُوا بذَلِكَ إلا مَن رحم الله منهم.
وهذه هي الحالُ الغالبةُ على هذه الأمةِ المرحومةِ التي انْصَرَفَ أكثرُ أبنائِها عَن النظرِ فِي الدينِ، وتقديرِه حَقَّ التقديرِ، فلمَّا نَظَرَ الآَخَرُونَ إلينا قَالَوا: ما وَصَلْنَا نحن إِلَيْهِ يعني: مِن الْإِلْحَادِ الَّذِي صاروا إِلَيْهِ مع التقدمِ المادِّيِّ الَّذِي رَبَطُوهُ بالكفرِ بالدينِ، قالوا: نحن خيرٌ مِنْ أُولَئِكَ، هَؤُلَاءِ لا خَيْرَ عَنْدَهم -يَعْنُونَ أمةَ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَتَخَلُّفُنَا إِذَن ليس تقصيرًا فِي حقِّ أنفسِنا فحَسْب، وإنما هو: فتنةٌ للأمَمِ المتطورةِ مادِّيًّا، يُغْرِيهَا بالتَّمَادِي فِي كُفْرِها وإِلْحَادِها.
إنَّ هذا التقصيرَ ظُلْمٌ للإنسانيةِ، يفوت عليها فرصةالاهتداء والسعادةالدنيوية والأخروية: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)﴾.

هذه جملةُ الأَسْبَابِ، ووَرَاءَهَا أَسْبَابٌ سواها، التي أدت إِلَى ظهور الْإِلْحَاد فِي أُورُوبَّا، وفُشُوِّهِ بعد ذَلِكَ، وانتقالِه إِلَى أمريكا، ومن أُورُوبَّا وأمريكا إِلَى سائر بقاع العالم.
والحقيقةُ: أن وُجُود الخَالِق للكون: أمرٌ تَعْرِفُهُ العقولُ بَدَاهَةً؛ لِذَلِكَ لم يكنْ يُنْكِرُ وُجُودَ الخَالِقِ فِيما مَضَى إلا فئاتٌ قليلةٌ مِن البَشَرِ كما مَرَّ؛ ولِذَلِكَ كَانَت الرسالاتُ السَّمَاوِيَّةُ تَنْبَنِي على إقرارِ الناسِ بوجود الله؛ لأن الرسل لم يَأْتُوا من أجل أن يُقْنِعُوا أقوامَهم بوجود الله، وإنما أتوا من أجل أن يَأْمُرُوا أقوامهم بعبادة الله الَّذِي يؤمنون بوجوده.
إِذَن؛ هذا أمر مقرَّرٌ فِي الطبيعة، وهو ما يَقُول له علماؤنا فِي التوحيد: هو توحيد الربوبية،فهذا مستقِرٌّ مُرْتَكِزٌ فِي الفطرةِ الإنسانية،فالرسل جاؤوا؛ لا من أجل أن يقرروا توحيد الربوبية، وإنما جاءوا من أجل دعوة الأقوام إلى عبادة الله وحده، فهذا يكون مرتكزًا على إقرار الخلق بوجود الخالقالعظيم، وأنه هو خالقُ كلِّ شيءٍ ومَالِكُهُ، وهو الذي يُدَبِّرُه ويُصَرِّفُه.
فالأنبياء لم يبدؤوا من توحيد الربوبية؛ لأن هذا مستقر في الفِطَرِ الإنسانية، وإنما جاؤوا يأمرون أقوامهم بعبادة الله الَّذِي خلقهم، وهو يَرْزُقُهم ويُحْيِيهم ويُمِيتُهم، ثم لِيَزِيدَهُم الأنبياء عِلْمًا بالله -تبارك وتعالى- وبأسمائه وصفاته، ويَدْعونهم إِلَى عبادتِه وحدَه دونَ سواه مما يَعْلَمُون أنه لم يَخْلُقْ، أيْ الأقوامُ يَعْلَمُون أنَّ هذا الذي يعبدونه لم يَخْلُقْ منهم أحدًا، ولا يَرْزُقُهم شيئًا، ولا يُحْيِي ولا يُمِيتُ، ولا يَتَّصِفُ بشيءٍ مِن صفاتِ الخَالِقِ.
﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عَنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)﴾.
إذًا؛ هو لم يَقُلْ لهم: تعالوا من أجل أن أُثْبِتَ لكم أن الله موجود، فهذا مقرَّرٌ عَنْدهم؛ ولَكِنْ قال لهم: انظروا إلى آلهتكم التي تعبدون من دون الله تبارك وتعالى، واعلموا بل أنتم تعلمون أن الذي يرزقكم في الحقيقة هو: الله، هو الذي خلقكم، وهو الذي يملك أمركم ويدبره.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)﴾.
فبَدَأَ بدعوتِهِم بأَمْرِهم بعبادتِه وحده، وهذا هو: توحيد الألوهية، وأَنْهَى كذَلِكَ الآيةَ الثانيةَ بهذا الأمر: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾، وهذا هو مَحْضُ توحيدِ الألوهية، وجَعَلَ بين هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ بَدْءًا ومُنْتَهى ما يتعلق بتوحيدِ الربوبية: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾.
هُمْ لا يُمَارُون فِي ذَلِكَ، وهذا كلُّه من توحيد الربوبية، فجَعَلَهُ سُلَّمًا لِإِلْزَامِهِم بتوحيدِ الألوهية، فلمَّا أقروا بتوحيد الربوبية؛ ألزمهم بتوحيد الألوهية؛ لِأَنَّهُ ما دُمْتُمْ تُقِرُّونَ: أنَّ اللهَ تعالى هو الَّذِي خَلَقَ، وهو تعالى الَّذِي يَمْلِكُ، وهو الَّذِي يُدَبِّرُ الأمرَ، وهو الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ؛ فهو المستحقُّ للعبادةِ وحدَه.
فالأنبياء جاؤوا يَدُلُّونَ الأقوامَ على هذا؛ حتى الَّذِينَ أنكروا وُجُود الخَالِق، والذين يُسَمَّوْنَ فِي عصرنا بالْمُلْحِدِينَ: لا يُنْكِرُ مُعْظَمُهُمْ وُجُودَ الخَالِقِ أيَّ خالقٍ، وإنما ينكرون وُجُود الخَالِقالْحَقِّ الَّذِي دَعَتْهُمْ إِلَى الإيمانِ به رسالاتُ السماء، فهذا الَّذِي به يكفرون، والذي كَانَ يُؤْمِنُ بربوبِيتِهِ مَنْ يُشْرِكُ معه غيرَه فِي عبادته.
انظر إِلَى حال الْمُلْحِدِينَ فِي عصرنا،تراهم إذْ أَنْكَروا وُجُودَ الخَالِقِالْحَقِّ؛ يَعْزُونَ حُدُوثَ الأشياءِ إِلَى أشياءَ أُخَرَ، وَهُمْ وإِنْ لم يُسَمُّوها بالخَالِقة؛ إلا أَنَّهُا لا بد أن تقوم عَنْدهم مَقَامَ الخَالِقِ سبحانه؛ بل ويُطْفُونَ عليها بعضَ صفاتِ الخَالِق الْعَظِيم.
خُذِ الْمُلْحِدِينَ الماديين فِي عصرنا مثلًا:لقد كَانَ عُمْدَتَهُم فِي إِلْحَادِهم: قولُهم بأن المادة أَزَلِيَّةٌ لا تُسْتَحْدَثُ ولا تَفْنَى، وكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ هذا شيءٌ أَثْبَتَهُ الْعِلْمُ؛ فلا مجالَ للخلافِ فِيه!!؟، لَكِنَّ المادةَ التي يتحدثون عَنْها، ويَصِفُونَها بهذا الوصف، ليست هي المادةَ التي نَعْرِفُها ونتعاملُ معها فِي حياتِنا اليومية، وفي مَعَامِلِنَا الْعِلْمِيةِ.
إن المادة التي نعرفها هي: مادةٌ فِي صورةٍ مِنْ أجسامٍ سماويةٍ، أو أجسامٍ أرضيةٍ، أو مكوناتِ هذه الأجسامِ مِنَ الذَّرَّاتِ، ومكوناتِ الذراتِ والفُوتُونَاتِ، وما أشبهَ ذَلِكَ مما تَتَكَوَّنُ منه تلك المخلوقاتُ؛ لَكِنْ ليس شيءٌ مِنْ هذا أَزَلِيًّا؛ بل إنَّ كل مادة فِي صورةٍ مِنَ الصُّوَرِ تَحْدُثُ وتَزُولُ، وأما المادة التي لا صورةَ لها؛ فإنها كما قَالَ ماركس نفسُه: «وَهْمٌ فِي أذهانِ الْفَلَاسِفَةِ، لا وُجُودَ له فِي الخارجِ».
يعني: هي موجودةٌ وُجُودًا ذِهْنيًا، لا وُجُودًا واقعيًا،فهذا هو كبيرالْمُلْحِدِينَالمعاصرين: زعيمُهم وإمامُهم وشيخُهم الَّذِي إِلَيْهِ يَحُجُّون، وبه يؤمنون!!؟،
هو نفسُه يقول: إنَّ المادَّةَ التي لا صُورةَ لها، إنما هي:" وَهْمٌ فِي أذهانِالْفَلَاسِفَةِ، لا وُجُودَ له فِي الخارِجِ".
وإذا كَانَت المادةُ قد أُعْطِيَتْ صِفَتَيْنِ مِنْ صفاتِ الخَالِق، هما: الأَزَلِيَّةُ والْأَبَدِيَّةُ؛ إذِ اللهُ وحده هو الأولُ الَّذِي ليس لِأَوَّلِيَّتِهِ ابْتِدَاءٌ، والْآَخِرُ الَّذِي ليس لِآَخِرِيَّتِه انْتِهَاءٌ؛ فإنًّ شيئًا اسمه «الطبيعة» قد عُزِيَتْ إِلَيْهِ بعضُ أفعالِ الخَالِق سبحانه.
فأنتَ كثيرا مًا تَسْمَعُ الْمُلْحِدِينَ ومَنْ يُقَلِّدُهُم -وإن لم يِكُنْ مُلْحِدًامِثْلَهُم- يَقُولون: إنَّ الطبيعةَ فَعَلَتْ كذا وكذا، واختارت الطبيعةُ كذا وكذا!!؟، لَكِنَّ الطبيعةَ التي نَعْرِفُها ونتعامل معها فِي حياتِنا اليوميةِ والْعِلْميةِ هي: مجموعُ الكائناتِ الحيَّةِ والجامدةِ والسائلةِ، وهذه الموجوداتُ هي التي تَنْفَعِلُ، لا هي التي تَفْعَلُ؛ بل هي التي تَنْفَعِلُ، وهي التي تُوجَدُ وتَتَكَوَّنُ وتَنْمُو وتَفْنَى؛ فأين هي تلك الطبيعةُ التي تَفْعَلُ كلَّ هذا مِنَ الطبيعةِ هذه التي نَعْرِفُها، التي هي مُنْفَعِلَةٌ وليست بفاعلةٍ!!؟.
هُمْيَقُولون: الطبيعةُ فاعِلَةٌ، وليست بِمُنْفَعِلَةٍ، أو هي فاعلةٌ مُنْفَعِلَةٌ مَعًا.
وأمَّا الطبيعةُ التي يَعْرِفُها الخلقُ أجمعون؛ فهي الطبيعةُ الْمُنْفَعِلَةُ التي تُوجَدُ وتَتَكَوَّنُ وتَنْمُو وتَفْنَى.
أَهُمَا طَبِيعَتَانِ حَقًّا؛ الواحدةُ تَفْعَلُ، والثانيةُ تَنْفَعِلُ!!؟.
كَلَّا؛ إنما الطبيعةُ الْحَقَّةُ هي هذه الطبيعةُ التي نَشْهَدُها، وأما الأخرى التي تُقَامُ فِي مَقَامِ الخَالِقِ سبحانه؛ فإنما هي: وَهْمٌ كبيرٌ فِي رُؤُوسِالْمُلْحِدِينَ، وهم يُطْفُونَ عليها صِفَتَيْنِ مِنْ صفاتِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-: الأزليةَ والأبديةَ.
الله هو الأول، ليس قبلَه شيءٌ، والآَخِرُ، ليس بعدَه شيءٌ.
وما يقال عَنْ الطبيعةِ، يقال أَيْضًا عَنْ التطور.
إن التطورَ فِي مفهومه الْعِلْمي هو: الطريقةُ الْمُتَدَرِّجَةُ التي نَشَأَتْ بها الكثرةُ الحاضرةُ فِي الحياةِ النباتيةِ والحيوانيةِ عَنْ أَقْدَمِ الكائناتِ الْحَيَّةِ، وأَكْثَرِها بِدَائِيَّةً، كما هو مُقَرَّرٌ فِي «القاموسِ الْعِلْميِّ».
فالتطور إِذَن هو: الطريقةُ التي حَدَثَ بها هذا التنوعُ، وليس هو صانِعَ التنوعِ على حَسَبِ ما يَعْتَقِدُونَ!!؟-.
فالتطورُ هو: الطريقةُ التي حَدَثَ بها التنوعُ، وليس التطورُ بِصَانِعِ التنوعِ،لَكِنَّ الْمُلْحِدِينَ يتحدثون عَنْ التطورِ كما لو كَانَ هو: الفاعلَ!!؟.
يقول «دَارْوِنْ» فِي الطبعةِ الثانيةِ مِنْ كتابِه:( أصلُ الأنواع):
«يُمْكِنُ أنْ يُقَالَ مَجَازًا: إنَّ الِانْتِقَاءَ الطبيعيَّ مستمرٌّ فِي تَفَحُّصِهِ فِي كلِّ يومٍ وكلِّ ساعةٍ، وفي العالَمِ كلِّه لكلِّ تَغَيُّرٍ وَإِنْ دَقَّ، رافضًا للسَّيِّءِ، حافظًا وجامعًا لكلِّ ما هو جيِّدٌ، عاملًا فِي صَمْتٍ ولُطْفٍ، كلما سَنَحَتْ فُرْصَةٌ لِتَحْسِينِ كلِّ كائنٍ حَيٍّ بالنسبةِ لِظُروفِ حياتِه الماديةِ وغيرِ المادية، ونحن لا نَرَى شيئًا مِنْ هذه التغيراتِ البَطِيئةِ وهي تَحْدُثُ، حتى تَضَعَ يدُ الزمان -كما قال!- علامةً على الآمادِ الطويلةِ التي مضت».
قال «اسْتَانْلِي» وهذا النصُّ منقولٌ عَنْه، أي هذا النصٌّ الدَّارْوِينِيُّ-:
«إنَّ دَارْوِنْ لم يُضِفْ كلمة «مَجَازًا» إلا فِي الطبعةِ الثانيةِ مِنْ كتابه».
ويُفَسِّرُ هذه الإضافةَ بأنه:" وقد كَانَ يعيش فِي عصرٍ كَانَ يُدَّعَى فِيه أنَّ للحياة قصدًا إلهيًا، فأراد -فِيما يبدو- أنْ يُبَيِّنَ للقارئ أَنَّهُ لا مكانَ فِي حُجَّتِهِ لِمِثْلِ هذا الكلامِ الديني، وأنَّ مشروعَه آَلِيٌّ إِلَى درجةٍ مُفْزِعَةٍ!!؟".
فأنتَ ترى أمثالَ هَؤُلَاءِ يَقُولون: إنَّ التطورَ أو الانتقاءَ يَفْعَلُ كذا وكذا، وَيَضَعُونَهُ بذَلِكَ فِي موضعِ الخَالِقِ سبحانه!!؟.
هذا؛ مع أَنَّ وَصْفَ الطريقةَ التي تَحْدُثُ بها الأشياءُ: لا يَتَنَافَى مع وُجُودِ خالقٍ لها يُحْدِثُها ويُطَوِّرُها بتلك الطريقةِ، فنحن يُمْكِنُ أن نَصِفَ الطريقةَ التي يَتَطَوَّرُ بها الإنسانُ منذ كَانَ جنينًا فِي بطن أمِّهِ، إِلَى أنْ يَخْرُجَ طفلًا، فَيَنْمُو شابًّا، حتى يَصِيرَ شيخًا، ولا نَجِدُ فِي هذا ما يَتَعَارَضُ مع إيمانِنَا بالله الَّذِي خَلَقَ هذه الأطوارَ الإنسانيةَ كُلَّها؛ فالله تعالى يَقُولُ: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾، ويقولُ تعالى: ﴿مَا لَكُمْلَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)﴾.
فليس هُنَالِكَ مِنْ حيث الْمَبْدَأُ: تَنَاقُضٌ فِي ذَلِكَ، وهذا لا يَطْعَنُ فِي إيمانِالمؤمنين، ولا يُشَكِّكُهُمْ فِي دينِهم ولا فِي إيمانِهِمْ، فلا تَسْتَغْرِبَنَّ بعدُ أنْ يُقَالَ: «إنَّ الْمُلْحِدِينَمشركون»؛ فالشركُ نَقِيضُ التوحيدِ، وهم مشركون،
هُمْ يريدون أنْ يكونوا فِي مرتبةٍ أَرْقَى مِنَ الشركِ؛ لأن الشركَ يُثْبِتُ وُجُودَ الله، ثم يَجْعَلُ له شريكًا، وأما هُمْ؛ فَيُنْكِرُونَ وُجُودَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ ولَكِنْ هُمْ مع ذَلِكَ: يُثْبِتُونَ إِلَهًا بصورةٍ من الصور!!؟، وأنت تعلم أن التوحيدَالواجبَ لا يَتِمُّ إلا بأمورٍ ثلاثةٍ:
*أولًا: أنْ يَعْتَقِدَ الإنسانُ أنَّ اللهَ تعالى هو: الربُّ الخَالِقُالبارىءُ الْمُصَوِّرُ... إِلَى آخِرِ صفاتِ الربوبيةِ، إِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ أنَّ هُنَالِكَ أفعالًا لا يَفْعَلُها ولا يستطيعُ فِعْلَهَا إلا اللهُ سبحانه.
*وثاني هذه الأمور: أَنْ يَعْتَقِدَ أنَّ هذا الربَّ سبحانه هو: وحدَه الْمُتَّصِفُ بكلِّ صفاتِ الكمالِ، فلا يُضِيفُ إِلَيْهِ صفةَ نَقْصٍ، ولا يَسْلُبُهُ صِفَةَ كمالٍ، ولا يَصِفُ غيرَه بصفةٍ مِنْ هذه الصفاتِ.
فالْأَوَّلُ: توحيدُ الربوبيةِ، وهذا هو: توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ.
*والثالثُ: أنْ يَعْتَقِدَ أنَّ هذا الربَّ وحدَه هو: الإلهُ الَّذِي يستحِقُّ العبادةَ؛ فلا يَعْبُدُ معه غيرَه، وهذا هو: توحيدُ الألوهيةِ.
والأولُ يعني توحيدَ الربوبيةِ هو: أساسُتوحيدِ الأسماءِ والصفاتِ؛ لأنك لَنْ تُثْبِتَ صِفَةً لِمَعْدُومٍ، وإنما تُثْبِتُ الصفاتِ للموجودِ؛ فلا بُدَّ مِنْ إثباتِ الوجودِ أَوَّلًا.
فهذا الأولُ يعني توحيدَ الربوبيةِ هو: أساسُتوحيدِ الأسماءِ والصفاتِ، وهو: أساسُتوحيدِ الألوهيةِ؛ لأنَّ الإنسانَ لا يَصِفُ اللهَ بصفاتِ الكمال، ولا يَرَاهُ مُسْتَحِقًّا للعبادةِ؛ إلا إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَحْدَهُ الْمُتَّصِفُ بصفاتِالربوبيةِ تلك؛ ولِذَلِكَ تَجِدُ القرآنَ يَجْعَلُ هذه الْحَقيقةَأساسًا فِي دَعْوَتِهِللمشركينَ الَّذِينَ يُسَلِّمُون بها يعني توحيدَ الربوبيةِ، يعني وُجُودَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، فَيَدْعُوهُمْ إِلَى عبادةِ اللهِ وحدَه، وإِلَى عدمِ وَصْفِهِ بما لا يَلِيقُ، أو وَصْفِ غَيْرِهِ بشيءٍ مِنْ صِفَاتِهِ.
إذن؛ فالذي يَعْتَقِدُ فِي وُجُودِ خالقٍ غيرَ الله، أوِ الَّذِي يَصِفُ مخلوقًا مِنْ مخلوقاتِ اللهِ ببعضِ صفاتِ اللهِ كما يَفْعَلُ الْمُلْحِدُونَ، عَنْدما يَصِفُونَ الطبيعةَ بِبَعْضِ صفاتِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فهذا مشركٌ بالله؛ سواءٌ اعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ تعالى هو أَيْضًا خالقٌ، أو لم يَعْتَقِدْ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا وُجُودَ الخَالِقِالْحَقِّوإنْ كَانَوا قِلَّةً شَاذَّةً-؛ إلا أنَّ بعضَهم قد يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي الناسِ، فَيُثِيرُ الشُّكُوكَ فِي نُفُوسِهِمْ، حتى بالنسبةِ لهذا الأمرِ الْبَدَهِيِّ الَّذِي فُطِرَعليه الْخَلْقُ؛ ولِذَلِكَ لم يُهْمِلِالقرآنُالكريمُ ذِكْرَ هذا الصِّنْفِ مِنَ الناسِ، ولم يُهْمِلِالردَّ على شُبُهَاتِهِمْ؛ رَدَّ على الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لا خالقَ الْبَتَّةَ، كما رَدَّ على الَّذِينَاتَّخَذُواخَالِقَيْنِ غيرَ اللهِالخَالِقِالْحَقِّ، وأَبَانَ لهم: أَنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يكونوا خَالِقِينَ حَقًّا، وإنما هم مخلوقون فِي الْحَقيقة.

فهذه كلُّها مقدِّمَةٌ تَتْبَعُهَا أَيْضًا بعضُ المقدماتِ: إنْ شَاءَ اللهُ -تبارك وتعالى- بين يَدَيْ ما نُعَالِجُهُ إنْ شاءَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- وبِحَوْلِهِ وقوتِهِ مِنَ الرَّدِّ على الْمُلْحِدِينَ.
عَسَىاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ هدايةً لِضَالٍّ، أو إِرْشَادًا لِحَائِرٍ، أو تَثْبِيتًا لمؤمنٍ على الإيمانِ الْحَقِّ واليقينِ الثابتِ.
واللهُ تعالى مِنْ وَرَاءِ القَصْدِ، وهو يَهْدِي السبيلَ،وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَامُحَمَّدٍ، وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، والحمد لله رب العالمين.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:04 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى