هبي ياريح الإيمان(النسمة الرابعة والخامسة)
26-04-2009, 03:10 PM
النسمة الرابعة
الموعد الجنة
من عرف اشتاق..
و من اشتاق بذل..
و من بذل هنا تعلم هناك
فمع هذه الكلمات حثا و تشويقا و جذبا و ترغيبا إلى جنة الخلد..
فيا عجبا!!
قال ابن قيم الجوزية في كتابه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح":
فيا عجبا.. من سفيه في صورة حليم و معتوه في مسلاخ عاقل اثر الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي و باع جنة عرضها السماوات و الأرض بسجن ضيق بين أصحاب العاهات و البليات و مساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار بدور ضيقة آخرها الخراب والبوار و أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت و المرجان بأخريات سيئات الأخلاق مسافحات أو متخذات أخدان و انهارا من خمرة لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل مفسد للدنيا و الدين و لذة النظر إلى وجه العزيز الكريم بالتمتع برؤية الوجه القبيح الدميم و سماع الخطاب من الرحمن بسماع المعازف و الألحان و الجلوس على منابر اللؤلؤ و الياقوت يوم المزيد بالجلوس في مجالس الفسق مع كل شيطان مريد.
مقارنة
قال الفضيل بن عياض:
لو كانت الدنيا ذهبا يفنى و الآخرة خزفا يبقى لكان ينبغي أن تؤثر خزفا يبقى على ذهب يفنى فكيف و الدنيا خزف يفنى و الآخرة ذهب يبقى؟!
قال ابن عباس رضي الله عنه:
" ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء".
الأسماء واحدة لكن كل شيء غير الأسماء مختلف.. المعنى..الشكل..الطبيعة..كل شيء.
و إليك بعض نماذج من النعيم و ساترك إليك أمر إجراء المقارنة بينه و بين نعيم الدنيا:
1- عنب الجنة:
عن ابن عباس رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثم رأيناك تكعكعت ( تراجعت عنه) فقال عليه الصلاة والسلام:" إني رأيت الجنة فتناولت عنقودا و لو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا".
سبحان الله و تبارك الله و تقدس الله وهذا العنقود كان مثله عند الصحابي الجليل خبيب بن عدي رضي الله عنه لما اسر حيث حبسه الكفار في بيت و قيدوه بالحديد فدخلت عليه جارية اسمها ماوية قالت فرأيت في يده عنقود عنب الحبة منه كرأس الرجل و ما في مكة يومئذ ثمرة و انه لموثق بالحديد!!
لا شك أن هذا العنقود كان عنقودا من عناقيد الجنة كرامة منحها الله عز وجل للشهيد المبارك خبيب رضي الله عنه ربطا على قلبه و تسلية لروحه و نفسه.
تأمل عبد الله بن عمر في عناقيد الجنة و ما ورد في صفتها فزاد في التفاصيل و قرب الصورة أكثر فأكثر فقال في مجلس له بالشام: إن عنقودا من عناقيدها من ها هنا إلى صنعاء!!
لطيفة
قال يحي بن معاذ: الهي.. خلقت الجنة و آسيت الكفار منها و خلقت الملائكة غير محتاجين لها و أنت مستغن عنها فلمن تكون الجنة؟!
1- شجر الجنة ونخيلها:
شجر الجنة ما أحلاه من شجر!!شجرها غير شجر الدنيا و اسمع إلى تأكيد النبي عليه الصلاة والسلام و جزمه بأنه:" ما في الجنة شجرة إلا و ساقها من ذهب".
هذا عن ساقها أما طولها فحدث و لا حرج و يكفيك أن تعرف:" إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام ما يقطعها".
فيا ترى هل يتحمل عقلك التفكير في هذه العظمة؟! أو هل يخطر على بالك هذا النوع من خلق الله؟!
و خذ فوق ذلك ما أخبرك به حميد بن هلال عن نخيل الجنة و يا له من نخيل : نخيل الجنة جذوعها ياقوت و عشها ذهب و سعفها حلل و ثمرها اشد بياضا من الثلج و الين من الزبد و أحلى من العسل.
اغرس نخلة
قال رسول الله عليه الصلاة و السلام: من قال سبحان الله العظيم و بحمده غرست له نخلة في الجنة".
2- نساء الجنة:
إنها الحور العين.. و ما الحور ؟!الواحدة منهن حوراء عيناء جميلة حسناء بكر عذراء جفنها فاتر حسنها باهر جمالها زاهر دلالها ظاهر كحيل طرفها عذب نطقها عسل ريقها عجب خلقها حسن خلقها زاهية الحلي بهية الحلل كثيرة الوداد عديمة الجفاء قد قصرت طرفها عليك فلم تنظر إلى سواك و تقربت إليك بكل ما وافق هواك لو برز ظفرها ليلا لطمس بدر التمام و لو بدا معصمها لأسر كل الأنام و لو ظهر سوارها ليلا لانمحى عن الكون الظلام هل أن تعلم أن زوجتك من الحور تدعو لك كل يوم اللهم أعنه على دينك و اقبل بقلبه على طاعتك و بلغه إلينا بعزتك يا ارحم الراحمين تدعو لك لكنك لا تسمع لان الغفلة سدت أذنك.
· سبق و أن رغبك ابن عباس في خطبتها فقال: لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر من العسل.
· و حفزك شهر بن حوشب في الزواج منها في قوله: إن الرجل من أهل الجنة ليتكئ اتكاءة واحدة قدر سبعين سنة يحدث بعض نسائه ثم يلتفت الالتفاتة فتناديه أم لنا فيك نصيب؟!فيقول : من أنت؟ فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم:" و لدينا مزيد" فيتحدث معها ثم يلتفت الالتفاتة فتناديه: أما لنا فيك نصيب؟ فيقول: من أنت ؟ فتقول: أنا من الذين قال الله عنهم:" فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين".
· و أرشدك خالد بن معدان إلى ما تصنع الحور عند القتال فقال: أن الحور العين إذا كان زحف تزين و تطيبن و نزلن حتى يكن كالصفوف قال: فتقول لصويحباتها: أما ترين زوجي كيف غلب أزواجكن؟!فان حمل عليه فانكشف استحيت و غطت وجهها و قالت وسواتاه و إن قتل أخذته فلم تدع قطرة من دمه إلا جعلته في كفها ثم ضمته إلى نحرها.
و بعد كل هذا الوصف اسمع صيحة التعجب التي أرسلها لك و لإخوانك الشباب الحسن البصري و جاء فيها: يا معشر الشباب... أما تشتاقون إلى الحور العين؟!
هذا المهر فأين الخاطب؟!
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" من كتم غيظا وهو قادر على إن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين يزوجه منها ما شاء".
و قال عليه الصلاة والسلام:" للشهيد عند الله سبع خصال- منها- و يزوج اثنتين و سبعين زوجة من الحور العين".
مهرها القرآن
اشترى بعضهم حوراء بصداق 30 ختمة للقرآن فنام ليلة قبل إن يكمل ورده فرآها في منامه تقول:
أتخطب مثلي و عني تنام و نوم المحبين عنا حرام
لأنا خلقنا لكل امرئ كثير الصلاة براه الصيام
3- سحاب الجنة:
قال كثير بن مرة: بلغنا إن من المزيد إن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول: بم تحبون إن أمطركم فلا يتمنون شيئا إلا و أمطروه قال كثير: والله لئن أشهدني الله هذا الموقف لأطلبن إليها إن تمطرني بالحور العين.
ونحن ندعوا الله أن نرزق هذا المطر ،وان يظلنا هذا السحاب ، لأننا نحسن الظن بالله فنحسن العمل ،ومن هذه صفته فليشغل نفسه اليوم في أي نوع من المطر يتمناه .
لطيفة
أخي الحبيب..
الدار جنة عدن عن عملت بما بما يرضي الإله وإن فرطت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهم فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
5-سعة عرض الجنة
قال الله عز وجل:(وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)
وإنما ذكر العرض لأنه دائما أقصر من الطول ، فإذا كان العرض هو السموات والأرض فكيف بالطول ؟
سمع عمير بن الخيام هذه الآية فانطلق ينشدا فرحا مسرورا:بخ بخ ،فسأله النبي صلي الله عليه الصلاة والسلام :ما الذي حملك علي قولك بخ بخ ؟ فقال:رجاء إن أكون من أهلها فقال له النبي صلي الله عليه وسلم:فأنت من أهلها.
تلقف هذه البشري عمير فعلم أنه لم يبق بينه وبين دخول الجنة عقبة سوي إن يضرب بالسيف فيدخلها ، وكان في يده تمرات ،فتذكر إن ما في الجنة خير وأبقي ، وأن تمر الجنة احلي من تمر الدنيا، فألقي الدنيا من يده وقذف بها وراء ظهره، وقال : إنها لحياة طويلة حتى آكل هذه التمرات،وانطلق مسرعا ..قاتل ..قتل.دخلها.
لطيفة
قال محمد بن الحنفية
(إن أبدانكم هذه ليس لها أثمان إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها )
6-ريح الجنة
قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم (فإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام).
لئن كان عرض الجنة هو الذي أثار عمير بن الحمام فإن ريحها هي التي حركت انس بن النضر ،هذه الريح شمها أنس رضي الله عنه يوم أحد فانطلق يصيح في الناس : واها لريح الجنة.. إني لأجد ريحها خلف أحد..فهزه الشوق إلي الجنة بعد أن استنشق ريحها ولم يطق الانتظار ، وأبلي بلاء حسنا حتى استقبل بجسده العاري بضعا وثمانين ضربة بسيف أو طعنة برمح أورمية بسهم ، ولم تعرفه أخته إلا ببنانه، ليخلد الله ذكره بعد ذالك في القرآن وينزل فيه قول الله عز وجل (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ).
أختاه احذري
أختاه..لن تدخلي الجنة ولن تجدي ريحها إذا كنت أحد صنفين ، عناهما رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله( صنفان من أهل النار لم أرهما ، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ).
البخيل كل البخل
قالت أم البنين: البخيل كل الخل من بخل عن نفسه بالجنة.
7-بيوت الجنة
(الجنة بناؤها لبنة من فضة، ولبنة من ذهب ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران ، من يدخلها ينعم لا ييأس ، ويخلد لا يموت ، لا تبلي ثيابهم ، ولا يفني شبابهم)
الكلام السابق حديث صحيح أخبر به النبي صلي الله عليه وسلم.
لو سمحت..أعد قراءته ..أعد وتأمل في كل كلمة..كل كلمة.
اختار لك أنا كلمة (الياقوت) واسمع في صفته التي أخبر بها النبي صلي الله عليه وسلم فقال (إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ، ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا مابين المشرق والمغرب).
بيتك في الجنة من وسط ملايين بل مليارات البيوت ، ستعرفه أكثر مما كنت تعرف بيتك الذي كنت تسكنه في الدنيا مع انك لم تره قبل ذالك ، ولم تذهب إليه قط، لكن الله يلقي في روعك هذه المعرفة، أقسم علي ذالك الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم (فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا).
كيف تبني بيتك في الجنة
حضر عمرو بن طفيل مجلسا لعمر بن الخطاب ، وكانت يده قطعت يوم معركة اليمامة، وبينما هم جلوس إذ حضر الطعام فتنحي عمرو عنه ، فالتفت إليه عمر وقال : لعلك تنحيت لمكان يدك ؟قال عمرو: أجل قال عمر : والله لا أذوق طعاما حتى تناله بيدك، ما في الحاضرين من بعضه في الجنة غيرك ..
8-أبواب الجنة
عدد أبوابها ثمانية لقول النبي صلي الله عليه وسلم (الجنة لها ثمانية أبواب)
أما عن سعة هذه الأبواب فشانه شان كل ما في الجنة.. لا يخطر علي عقل بشر، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :(إن مابين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام ).
فهل نطمح أن نكون من هذا الزحام، وماذا قدمت في سبيل ذالك ؟ أين صحيفة أعمالك؟ أين دلالة إيمانك ؟عملك الصالح وحده هو المفتاح الذي تفتح به أبواب الجنة، ليست الأماني ..ليست الأحلام ..ليست كلمات اللسان ، ليس غير الأعمال فاصنع مفاتيحك من الآن ياهمام.
الصديق يصدق
أبو بكر الصديق رضي الله عنه أراد إن يدخل الجنة من الأبواب الثمانية، وقدم بين يدي ذالك عملا صالحا متقبلا ثم ما أراد.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ، من كان أهل الصلاة دعي من أبواب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة)
قال أبو بكر : هل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : نعم ، وأرجوا إن تكون منهم .
الأبواب المغلقة
قال سالم بن عبد الله بن عمر: رأيت في المنام كأن ثمانية أبواب للجنة فتحت إلا باب واحد، فقلت: ما شأن هذا الباب؟ فقيل: هذا باب الجهاد ولم تجاهد، فأصبحت وأنا أشتري الظهر (الفرس الذي يقاتل عليه).
9-نوم الجنة
في الدنيا يعرف المرء معاني النصب والتعب والكد والشقاء، وهذه الكلمات لا وجود لها في قاموس الجنة حيث الراحة الأبدية فلا تعب ، والطمأنينة السرمدية فلا هم أو حزن، ولان أهل الجنة لا يتعبون فهم لا ينامون ، لان النوم إنما هو راحة المكدودين والكادحين، ولا كد هناك أو كدح.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (النوم اخو الموت ولا يموت أهل الجنة).
10-نور الجنة
ولأنه ليس في الجنة نوم فلا حاجة لوجود ليل، فلا ليل في الجنة، بل هي نور يعقبه نور وضياء يتلوه ضياء.
قال القرطبي وغيره : ليس في الجنة ليل ونهار ، وليس فيها شمس ولا قمر ، وغنما هم في نور دائم أبدا، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
11-ولدينا مزيد
اتفق المفسرون علي إن المزيد في هذه الآية هو النظر إلي وجه الله الكريم وهو احلي نعيم الجنة، وقمة متعتها ومرتقي لذتها، فلا يوافيه نعيم ولا يمكن وصفه أو حصره بلغة البشر أو كلمات البشر.
فيقولون:الله صلي الله عليه وسلم : (إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله ك تريدون شيئا أزيدكم منه؟فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخإليهم من وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلي ربهم)
فكيف لا تسأل الله إن يمتعك بالنظر إلي وجهه ؟ وكيف لا تدعوا بما اثر عن النبي صلي الله عليه وسلم من دعاء:
(الهم أسألك نعيما لا ينفد ن وقرة عين لا تنقطع، ولذة النظر غلي وجهك الكريم).
12-الرضوان يمحوا الخوف والحزن
الخوف هو شعور يكون من شيء مستقبل ، والحزن هو شعور نتيجة شيء مضي،فالإنسان في الدنيا يخاف علي رزقه ويخاف علي نفسه، ويخاف علي نفسه، ويخاف علي أهله ، ويخاف من الظلم ، ويخاف من المجهول ، ويخاف من الموت ، ويخاف من الفقر ، ويخاف من ....، وهو مع هذا يحزن علي ولد فقده، أو ضياع رزق، أو موت حبيب، أو عداوة قريب، أو حرمان ذرية، أو غير ذالك من البلايا.
وقد تكون هذه الأحوال إما عقوبة علي ذنب أو ابتلاء يرفه به الله درجات المؤمنين، هذا في الدنيا..أما في الآخرة..فلا عقوبات ولا ابتلاءات، بل رحمات ورضوان ينمحي به معني الخوف ، فلا خوف في الجنة أو حزن.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله عز وجل : هل تشتهون شيئا أزيدكم فيقولن : ربنا وما فوق ما أعطيتنا ؟ فيقول : رضواني أكبر).
لطيفة
قال أحمد بن حرب : أحدنا يؤثر الظل علي الشمس فما بالنا لا نؤثر الجنة علي النار؟ .
13-آخر الداخلين
ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن آخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يقول الله له : تمن ،فيسأل ربه ويتمني ، حتى عن الله كرما منه وفضلا يذكره بنعم يطلبها ، حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله عز وجل : ذالك لك ومثله معك.
قال عطاء بن يزيد (راوي الحديث عن أبي هريرة) وأبو سعيد مع أبي هريرة لا يرد من حديثه شيئا حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله عز وجل قال لذالك الرجل: ومثله معه.قال أبو سعيد وعشرة أمثاله معه ياأباهريرة.قال أبو سعيد: أشهد أني حفظت من رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله ك ذالك لك وعشرة أمثاله)قال أبو هريرة:ذالك الرجل آخر أهل الجنة دخولا.
هنيئا لك يا سعيد
قال هشام بن يحي الكناني : غزونا الروم سنة ثمان وثلاثين وعلينا مسلمة بن عبد الملك، وكان معنا رجل يقال له : سعيد بن الحارث، ذو حظ من عبادة..يصوم النهار ويقوم الليل وما رايته في ليل ولا نهار إلا في حالة اجتهاد، فإن لم يكن وقت الصلاة أو كنا في سير لم يفتر لسانه عن ذكر الله ودراسة القرآن، فأدكني وإياه النوبة ذات ليلة في الحراسة ونحن محاصرون حصن الروم قد استصعب علينا أمره، فقلت له : نم قليلا ، فإنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو فإن حدث شيئا كنت نشيطا ، فنام إلي جانب الخباء، وأقمت في موضعي احرس ، فبينما أنا كذالك إذا سمعت سعيدا يتكلم ويضحك ثم مد يمده اليمني كأنه يأخذ شيئا ثم ردها بلطف وهو يضحك ، ثم قال ك فالليلة ، ثم وثب من نومه وثبة استيقظ لها ، وجعل يهلل ويكبر ويحمد الله عز وجل فقلت له : خيرا يا أبا الوليد ، إني قد رأيت منك الليلة عجبا فحدثني بما رأيت .قال : أو تعفيني ؟ فذكرته حق الصحبة فقال: رأيت رجلين لم ير قط مثل صورتهما كمالا وحسنا، فقالا لي: يا سعيد..أبشر فقد غفر الله ذنبك وشكر سعيك وقبل عملك واستجاب دعاءك ، فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم .
فماذا رأي في الجنة
وظل سعيد يسرد ما رأى من القصور والحور العين حتى انتهي إلي سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقال له: قد طال انتظارنا إياك، فقلت لها: أين أنا ؟ قالت : في جنة المأوي .قلت : ومن أنت ؟ قالت : أنا زوجتك الخالدة .فمددت يدي لأمسها فردتها بلطف وقالت: أما اليوم فلا، إنك راجع إلي الجنة، فقلت: ما أحب إن أرجع.فقالت: لابد من ذالك وستقيم ثلاثا ثم تفطر عندنا في الليلة الثالثة إن شاء الله ، فقلت : فالليلة..الليلة .قالت : إنه كان أمرا مقضيا ثم نهضت عن مجلسها ، فوثبت لقيامها فإذا أنا قد استيقظت.
قال هشام: فأحدث لله شكرا يا أخي، فقد أراك الله ثواب عملك، فقال: هل رأي أحد مثل ما رأيت؟ فقلت : لا.قال: أسألك الله إلا سترت علي مادمت حيا، فقلت : نعم، ثم انطلق سعيد ..في النهار قتال مع صيام ..وفي الليل قيام مع بكاء .. إلي إن حان الموعد وأقبلت الليلة الثالثة فلم يزل يقاتل العدو يصيبهم ولا يمسونه ، وأنا أرعاه من بعيد لا استطيع الدنو منه ، حتى إذا مالت الشمس للغروب تعمده رجل من فوق الحصن بسهم فوقع في نحره فخر صريعا وأنا انظر إليه ن فأقبلت إليه مسرعا وقلت له : هنيئا لك بما تفطر الليلة ..يا ليت كنت معك ..ياليتني كنت معك ، فعض شفته السفلي ، وأومأ إلي ببصره ، وهو يضحك ، يعني :اكتم أمري حتى أموت.
ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده فوالله ما تكلم بشيء غيرها ثم مضي رحمه الله .قال : فصحت بأعلى صوتي : ياعباد الله ...لمثل هذا فليعمل العاملون، وأخبرتهم بالخبر، فبات الناس يذكرون حديثه ويحرض بعضهم بعضا، ثم أصبحوا فنهضوا إلي الحصن بنيات صادقة وقلوب مشتاقة إلي لقاء الله، فما أضحي النهار حتى فتح الله الحصن ببركة هذا الرجل الصالح.
الجنة المشتاقة
في الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم (إن الجنة لتشتاق إلي ثلاثة:علي وعمار وسليمان).
أهانت عليك الجنة
*حتى تري الجنيه الذي تنفقه في سبيل الله كبيرا في عينيك، ومبلغا تافها جدا عندما تأخذه إلي السوق..
*حتى تري الساعة التي تقضيها في طاعة الله طويلة مملة، لكن ما أسرعها حين تكون في مباراة كرة قدم أو مشاهدة فيلم السهرة.
*حتى تفرح عندما تعطي المباراة وقتا إضافيا، لكنك تشكوا وتتململ عندما تطول الجمعة عن وقتها المعتاد.حتي تزاحم للحصول علي المقعد الأمامي في أية لعة أو حفلة من الحفلات ، بينما تزاحم علي الجلوس في الصف الأخير من المسجد وقت الصلاة
وأنت ما اشتقت بعد إلي الجنة
أخي
كم فرغت من وقتك حتى تطمع في جنته ؟بالنهار طلب المعاش ..بالليل ..نوم الفراش، ملأت قلبك الضعيف بهم السنين والأيام ، وهم الغلاء وهم الرخص ، وهم العيال وأم العيال، وهم مؤونة الصيف قبل مجيء الصيف ، وهم مؤونة الشتاء قبل قدوم الشتاء ، فماذا أبقيت من هم قلبك للآخرة؟
جهزت البنات وزوجت البنين ، وأنت ..بماذا تجهزت للرحيل ؟ بماذا تجهزت ؟ بماذا؟
ذهب عرش بلقيس ، وبلي جمال زليخة ، وغرق ملك قارون ، وبقي زهد مصعب ، وعدل عمر ، وتقوي أبي بكر ، وفي الجنة يطيب اللقاء ..أراكم هناك إن شاء الله .
وماذا بعد الكلام
كيف تدخل الجنة؟
*طاعة الزوج: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (انظري أين أنت منه، فغنما هو جنتك ونارك)
*إماطة الأذى عن الطريق
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (كان علي الطريق غصن شجرة يؤذي الناس ، فأماطها رجل فأدخل الجنة)
*سؤالك الجنة ثلاثا
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ما سأل رجل مسلم الجنة الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة: اللهم ادخله الجنة)
*حفظ اللسان والفرج :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من يضمن لي مابين لحييه ومابين رجليه أضمن له الجنة).
*صلاة الفجر والعصر:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من صلي البردين دخل الجنة).
*طاعة الأم:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إلزم رجلها فثم الجنة)
*ترك المراء والكذب وحسن الخلق :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ك (أنا زعيم بيت في ربض –أسفل –الجنة لمن ترك المراء –الجدل- ولو كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ولو كان مازحا ، وبيت في اعلي الجنة لمن حسن خلقه).
النسمة الخامسة
أين الله؟!
من عرف قرب الله استحيا منه..
و اجتنب الإساءة و قدم الإحسان..
و اعترف بالفضل و اقر بالعصيان..
و أسرع بالإنابة..
و أعلن الصلح مع مولاه.
أما آن لك إن تستحيي من
1- نفسك:
استح من سمعك و بصرك و جلدك الذين جعلهم الله و كأنهم جواسيس عليك تراك حيثما كنت و تنقل أخبارك يوم الشهادة أمام الله على أعتاب جهنم.
قال سبحانه و تعالى:" حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم و أبصارهم و جلودهم بما كانوا يعملون".
و هذا هو ما اضحك النبي عليه الصلاة والسلام، فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام فضحك فقال:" هل تدرون مم اضحك". قلنا: الله ورسوله اعلم، قال:" من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟!قال: يقول: بلى. قال: فيقول: فاني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال: فيختم على فيه، فيقول لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله. قال: ثم يخلي بينه و بين الكلام. قال: فيقول: بعدا لكن و سحقا فعنكن كنت أناضل".
و الذي ألهى هذا و أمثاله عن الله و صرفه عن الآخرة هو ما واجه الله عز وجل به أهل النار يوم الحساب فقال:" و ما كنتم تسترون إن يشهد عليكم سمعكم و لا أبصاركم و لا جلودكم و لكن ظننتم إن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون".
لطيــفة
ولقد قال عبد الله بن عبد الأعلى الشامي فأحسن:
العمر ينقص و الذنوب تزيد و تقال عثرات الفتى فيعود
هل يستطيع جحود ذنب واحد رجل جوارحه عليه شهود
و المرء يسال عن سنيه فيشتهي تقليلها و عن الممات يحيد
2- الخلق:
ذلك إن الخلق – كل الخلق- يسبح الله و لا يفتر عن ذكره... الحيوان و الجماد و الإنس و الجان و الملائكة والبحار و الجبال و السهول و القصور...و صدق ربنا عز وجل إذ يقول:" و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم".
و ها هو النبي عليه الصلاة والسلام يخبرنا في حديث يبين فيه كثرة العابدين لله و ازدحام السماء بهم فقال:" أطت السماء و يحق لها إن تئط، و الذي نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلا و فيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده".
سبحان الله.. السماء تصيح و تئن من ثقل ما عليها من ملائكة سجود لرب العالمين. ( الاطيط: صوت الإبل من كثرة أحمالها).
بل إن من خلق الله ما لا يدركه عقل و لا يتصوره بشر، خلقه الله للتسبيح و الذكر، أخبرك عن عظم خلقه و ضخامة حجمه رسول الله فيقول:" أذن لي إن احدث عن ديك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى و على قرنه العرش، و بين شحمة أذنيه و عاتقه خفقان الطير سبعمائة عام، يقول ذلك الملك: سبحانك حيث كنت".
قل معي وردد: سبحان الله... و تبارك الله... و تمجد الله... بل تتابع عليك أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام:" ليس شيء إلا وهو أطوع لله تعالى من ابن ادم".
سمع هذا الحديث التابعي الثقة عبد الله بن عون المصري فانطلق يقول:
أما يستحيي أحدكم إن تكون دابته التي يركب، و ثوبه الذي يلبس أكثر ذكرا لله منه؟!
قبل إن تحترق
أخي الحبيب... أسالك وأقول لك:
ارايت نجما في المجرة كلها ترك المجرة و استخف المقصدا
لو حاد عن أمر الله عظيمها لهوى من العليا ودك و جددا
و لشاط في جو السماء محرقا و محذرا من قد عصاه و عاندا
فطرت حياتك للحنفية سمحة و مدار أجرك بالشريعة حددا
أيكون عهدك في الوجود عجيبة و تروح وحدك فاجرا أو ملحدا
أخي... كما إن النجم إذا ترك مداره الذي حدد الله له...احترق كذلك الإنسان الذي يخرج عن مدار طاعة الله و مسار الخضوع لله يحترق ليس في الدنيا بل في دار جهنم.. فلا تنحرف عن المسار ... وتشذ عن المدار و تصادم الأقدار حتى تنجو من حر النار.
3- الملائكة:
استح من الملكين الحفظة اللذين يرصدان عليك الكبيرة والصغيرة و ينقلان إلى الله أخبارك و يرقبان أفعالك و يحصيان أنفاسك ما كان لهما إن يغفلا... ما كان لهما إن يناما و يريان منك العصيان وهما لا يعرفان معنى العصيان بل يفعلان ما يؤمران شاهدان لك أو عليك واقفان في صفك إن أطعت و ضدك إن اسات و سيقومان بأداء الشهادة و تسليم الأمانة في اليوم الذي قال لنا الله عز وجل عنه:" ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها". قال ابن عباس رضي الله عنه: الصغيرة التبسم الكبيرة الضحك.
و لذا اخلص لك مجاهدا لنصح حين أشفق عليك فقال:
" اشتكى القوم الإحصاء و ما اشتكى احد ظلما فإياكم و محقرات الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه".
إن من يفعل الفواحش سرا حين يخلو بسره غير خال
كيف يخلو و عنده كاتبان شاهداه و ربه ذو الجلال
لطيفة
روى مالك بن دينار إن رجلا كان على حماره بجوار نهر فنزل عنه و أطلق بفمه صفيرا فاختلف ملك الحسنات و ملك السيئات، قال ملك السيئات : ما أراد إلا اللهو، و قال ملك الحسنات: أراد إن يسقي حماره، فبعث الله لهم ملكا يقول: اكتبا الصفير و على الله التفسير.
إن من يعتدي و يكسب إثما وزن مثقال ذرة سيراه
و يجازى بفعله الشر شرا و بفعل الجميل أيضا جزاه
هكذا في قوله تبارك ربي في ( إذا زلزلت ) و جل ثناه
أخي.. استح كذلك من...
4- الرجل الصالح من قومك:
لقول النبي عليه الصلاة والسلام:" أوصيك إن تستحيي من الله تعالى كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك".
أخي... أصدقني القول ما الذي ستفعله لو إن رجلا صالحا من أقاربك نزل دارك و زارك ثم طلب إليك إن تصلي معه.. ما هو حالك إذا كنت لا تصلي؟!أو طلب إليك إن تقرا معه في كتاب الله... ما هومصحفك يعلوه التراب لم تمسه منذ شهر رمضان الذي فات أو طلب إليك إن تريه اقرب مسجد و أنت قعيد البيت و طريح الوسادة لا تصلي إلا في البيت... ما هو حالك و ما هو رد فعلك؟!
لا شك انك ستصلي و تقرا وتروح إلى المسجد حياء منه ومراعاة لشعوره وسترا لنفسك فأين هذه المشاعر مع الله؟!
أخي... حذار إن تكون كما قال فرقد السنجي حين وصف المنافق فقال: إن المنافق ينتظر فإذا لم ير أحدا دخل مدخل السوء و إنما يراقب الناس و لا يراقب الله.
5- الحياء الأكبر من الله:
أخي... استح من الله " الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين"، إلا تعلمون إن من صفاته انه" يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، و انه يطلع عليكم حال سركم و جهركم، في ليلكم ونهاركم " وهو معكم أينما كنتم"، هذا الذي يتمادى في غيه و يغرق في ذنبه " الم يعلم بان الله يرى"، لا تظنوا الله غافلا معا تعملون، لا تحسبوه لا يرى ما تصنعون" إن الله كان عليكم رقيبا"، بل هو سبحانه القائل عن ذاته انه" قائم على كل نفس بما كسبت" كل نفس... بما فيها أنت أيها القارئ.
قال حميد الطويل لسليمان بن علي:
لئن كنت إذا عصيت الله خاليا ظننت انه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، لئن كنت تظن انه لا يراك فقد كفرت.
ويحك...
قال أبو الفرج ابن الجوزي:
الله...الله...الله... دافع عنك قبل وجودك فقال مدافعا عن خلقك:" أني اعلم ما لا تعلمون"، و استكثر قليل عملك فقال:" و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات". واعتذر لك من زلة أبيك وأمك فقال (فدلاهما بغرور )وغطي قبيح فعلك برداء (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) وأربحك في معاملته فقال (فله عشر أمثالها ، ومن دافع عنك وأنت مفقود لا يخذلك وأنت موجود ، وكما قدمك علي سائر المخلوقات فقدمه في قلبك علي سائر المطلوبات
الله أم الملك
راقب الله في كل حركاتك وسكناتك ، وخطراتك ولفظاتك ، أما ترضي أن تراقبه وتعامله كما تعامل ملكا من ملوك الأرض؟ وتخيل حالك لو كلفوك بحراسة الملك ؟فكر ابن القيم بالنيابة عنك فقال :
هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بسمع الملك
نماذج فريدة
أ-ابن عمر وراعي الغنم:
قال:بد الله بن عمر إلي مكة فنزل في بعض الطريق فانحدر عليه راع من الجبل فقال له: يا راع بعني شاة من هذا الغنم، فقال:إني مملوك.فقال :قل لسيدك أكلها الذئب .قال : فأين الله ؟فبكي ابن عمر، ثم عاد إلي مولاه فأعتقه، واشتري له الغنم، ومن ترك شيئا لله في الحرام أبدله الله به في الحلال..عف عن غنمة واحدة ،فملكه الغنم كله.
ب-حياء يقهر الشهوات
كان فتي من أهل المدينة يشهد الصلوات كلها مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، وكان عمر يتفقده إذا غاب عنه ، فعشقته امرأة من أهل المدينة فذكرت ذالك لبعض نسائها فقالت : أنا احتال لك عليه فأدخله عليك، فقعدت له في الطريق فلما مر بها قالت له :أنا امرأة كبيرة في السن لي شاة لا أقوي علي حلبها فهل لك في ثواب الله ؟فدخل الدار فإذا بالمرأة تراوده عن نفسه فاستعصم ، فلما أبي عليها صاحت فاجتمعوا عليها فقالت : إن هذا دخل علي يراودني علي نفسي فوثبوا عليه فجعلوا يضربونه وأوثقوه وذهبوا به إلي عمر الذي ما عن رآه حتى قال :اللهم لا تخلف ظني فيه فقصوا عليه الخبر فالتفت عمر إلي الفتي وقال : أصدقني فأخبره بالقصة فقال عمر : أتعرف العجوز إن رايتها ؟قال : نعم فأرسل عمر إلي نساء جيرانها فجاء بهن فعرضهن عليه ، فجعل لايعرف حتى مرت به العجوز فقال: هذه ياأمير المؤمنين فعلاها عمر بدرته المباركة وقال : أصدقيني فقصت عليه كما قص الفتي .فصاح عمر :
الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف !!
ج-زواج المبارك مبارك :
هو زواج المبارك والد الإمام الحجة شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك ، كان عبدا من الرقيق أعتقه سيده ثم عمل أجيرا عند صاحب البستان وفي ذات يوم خرج صاحب البستان مع أصحاب له إلي البستان وقال للمبارك ائتنا برمان حلو فقطف رمانات فإذا هي حامضة فقال صاحب البستان : أنت ما تتعرف الحلو من الحامض ؟ قال : أنت لم تأذن لي لأعرف الحلو من الحامض فقال : أنت من كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا ؟ وظن انه يخدعه فسأل الجيران فقالوا ما أكل رمانة واحدة منذ عمل هنا فقال له صاحب البستان يا مبارك ليس عندي إلا ابنة واحدة فلمن أزوجها ؟قال المبارك : اليهود يزوجون للمال و النصارى للجمال والعرب للحسب والمسلمون يزوجون للتقوى ربه والذيصناف أنت ؟ زوج ابنتك للصنف الذي أنت منه فقال: وهل يوجد اتقي منك ؟ ثم زوجه ابنته فأنجب منها الإمام المبارك عبد الله بن المبارك " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ".
ثلاثة دواوين
إعلم أخي المستحي انه ما من عمل تعمله إلا وتنشر له يوم القيامة ثلاثة دواوين:
لم : لله أم للشيطان ؟ للدين أم للهوى؟ للجنة أم للنار ؟لإسعاد الملائكة أم لإحزانهم ؟ لمعاداة إبليس أم لموالاته ؟ فإن كان لله مضي وإن كان لغيره تأخر.
كيف : فإن كان العمل لله فكيف يؤدي العمل ..بقلب حاضر ..أم بغيابه عن ضميرك ؟.
لمن: هل كان مخلصا في عمله لا يبغي به سوى وجه الله ؟هل أشرك في نيته احد من خلق الله ؟ هل راءى بعمله ؟ هل سمع بعمله ؟
أخي الحيي..أنت مؤمن ..والمؤمن وقاف متأن يقف عند همه ،ليس كحاطب ليل .
كيف تتعلم الحياء وتحسن المراقبة؟
1-أسلوب سهل سهل :
قال سهل بن عبد الله التستري: كنت و أنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فانظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما إلا تذكر الله الذي خلقك ؟ فقلت : كيف اذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك:
الله معي... الله ناظري...الله شاهدي
فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته به فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع في قلبي حلاوة فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمت و دم عليه إلى إن تدخل القبر فانه ينفعك في الدنيا و الآخرة فلم أزل على ذلك سنين ثم قال لي خالي يوما : يا سهل، من كان الله معه و ناظرت إليه و شاهده ...ايعصيه؟!
إياك و المعصية
أخي الحيي..
* إذا غاب العقل و غلبت الشهوة و دنا الذنب و سكر القلب.. تذكر: الله معي..الله ناظري.. الله شاهدي.
إذا غاب الرقيب... و فقد الشهيد... ونامت العيون...تذكر: الله معي.. الله ناظري...الله شاهدي.
2- استحضار نعم الله:
كم مرة مرضت فيها فشفاك، و نزلت بك نازلة فنجاك، و ألم بك الجوع و العطش فأطعمك وسقاك، و ابتلاك بالمصائب ليغفر لك الذنوب وقصدك بالبلايا ليمحو الخطايا انعم عليك بالإسلام و ملايين البشر في بحار الكفر غارقون و أفاض عليك بنعم السمع و البصر و الفؤاد و المحرومون كثيرون تبارزه بالمعاصي و يحبك و تعصيه و يغفر لك و تهتك ستر الله عليك و يوالي أستاره عليك فيحسن وتذنب فينعم و تقطعه فيصلك لا يمنعه إساءة لسانك بالكذب أن يحرمك نعمة الكلام و لا إساءة بالنظر إلى الحرام إلى إن يحرمك نعمة الإبصار و لا إساءة الأذن بالاستماع إلى المحرم و الفحش من القول إلى إصابتك بالصمم.
انعم عليك بنعم تعرفها ونعم لا تعرفها نعم تشعر بها و لا تحس بها نعم أورثك اعتياد رويتها نسيان شكرها فلا تعرف ثمنها إلا بفقدها.
واعظ الرشيد
دخل محمد بن صبيح الشهير بابن السماك على هارون الرشيد و في يده شربة ماء فقال: ارايت إن حرمتك هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي. قال ارايت إن حرمت خروجها منك بعد شربها فبكم كنت تشتري ذلك قال بملكي كله قال ابن السماك ملك لا يساوي شربة وبولة.
أربع و عشرون ألف نعمة يوميا!!
قال ابن القيم:
" و يكفي أن النفس من أدنى نعمه التي لا يكادون يعدونها وهو أربعة وعشرون ألف نفس في كل يوم و ليلة فلله على العبد في النفس خاصة أربعة و عشرون ألف نعمة كل يوم و ليلة و لكل نعمة من هذه النعم حق من الشكر يستدعيه و يقتضيه".
أساتذة الأعراب يعلمون
فيها و لا تعرفها لتشكرها فأعجبه ذلك و قال: ما أحسن تقسيمه!! يحكى أن أعرابيا دخل على هارون الرشيد فقال له: يا أمير المؤمنين... ثبت الله النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها و حقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به و عرفك التي أنت.
3- ماذا تساوي في ملك الله؟
و مما يدفعك إلى الحياء دفعا و يحثك على استشعار مراقبة الرب سبحانه و تعالى معرفة حجم هذا الكون العظيم و معرفة قدرك فيه و اسمع الحديث الأول :
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة".
لكن ما قدر السماوات السبع؟!
اسمع الحديث الثاني: قال ابن مسعود:" بين السماء و التي تليها خمسمائة عام، و بين كل سماء و سماء خمسمائة عام و بين الكرسي و الماء خمسمائة عام و العرش فوق الماء و الله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم".
لكن ما نسبة العرش إلى الكرسي؟
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" و فضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة".
و الآن هل علمت قدرك أيها الإنسان؟ أنت جزء من دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة فلماذا التكبر و لماذا العصيان و علام الطغيان.
4- الخوف من حبوط العمل:
و هذا التهديد أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى صاحب الوجهين و ذي اللسانيين الذي يكون مع الناس بحال الطائع و إذا خلا بربه بحال العاصي.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون و لكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها".
فاستشعر الخوف من حبوط عملك الصالح، و خف على حسناتك واحرص على طاعاتك و لا تضيع جهدك سدى، لا تكن كمن سار ليلا فلما طلع عليه النهار وجد نفسه في الطريق الخطأ، و احرص على رضا الله لا رضا الخلق، فرضاهم عنك غاية لا تدرك و آمال في الأحلام.
أيهما أيسر؟
قال سلمة بن دينار : تزين العبد لله يورث محبة الخلق له ، و تزين العبد للخلق يورث بغض الله له، و لمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها، انك إذا صانعت الله ( أرضيته) مالت إليك الوجوه كلها، و إذا أفسدت ما بينك و بينه كرهتك الوجوه كلها.
الداعية الهالك.
كان يحي بن معاذ ينشد في مجالسه:
مواعظ الواعظ لن تقـبلا حتى يعيها قلبـــه أولا
يا قوم من اظلم من واعظ قد خالف ما قاله في الملا
اظهر بين الناس إحـسانه و بارز الرحمن لما خـلا
5- الاستبشار بثواب عبادة السر:
و من أساليب التدريب على استشعار مراقبة الله الاستبشار بثواب العبادة الخفية، و كفى من ثوابها إن ثلاثة من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هم من أصحاب عبادات السر... " و رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله م تنفق يمينه، و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
و هذا الثواب راجع إلى أن عبادة السر أقرب إلى الإخلاص و أبعد عن الرياء و المباهاة، و أكسر لحظ النفس من الشهرة و العجب، و لهذا جاء في بعض الآثار أن عبادة السر تفضل عبادة العلن بسبعين ضعفا، فاستشعر قدر هذا الثواب يهن عليك حفظ محارم الله في السر و العلن و تكن عند الله من المقربين الأبرار.
* و لهذا يبشرك كعب الأحبار بقوله: من تعبد لله ليلة حيث لا يراه احد يعرفه خرج من ذنوبه كما يخرج من ليلته.
* بل قال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر بالنهار.
* و يأتيك بالثالثة حذيفة بن قتادة فيقول: إن أطعت الله في السر أصلح قلبك، شئت أم أبيت.
غضبة تميمية
قال رجل لتميم الداري: ما صلاتك بالليل ؟ فغضب غضبا شديدا، ثم قال: و الله لركعة أصليها في جوف الليل في سر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس.
مروءة خفية
كان عبد الله بن المبارك كثيرا ما يسافر إلى الرقة، و ينزل في خان فيها، فكان شاب يأتي إليه... و يقوم بحوائجه، و يسمع منه الحديث، فقدم عبد الله الرقة مرة... فلم ير ذلك الشاب، فسأل عنه، فقالوا: أنه محبوس لدين ركبه، فقال عبد الله: و كم مبلغ دينه؟ فقالوا: عشرة آلاف درهم، فدعا عبد الله صاحب المال ليلا و أعطاه عشرة آلاف درهم... و حلفه أن لا يخبر أحدا ما دام حيا، و قال له: إذا أصبحت فاخرج الرجل من الحبس، فلما خرج الفتى من الحبس.. قيل له: عبد الله بن المبارك كان ها هنا... و كان يسأل عنك، فخرج الفتى في أثره، فلما قابله.. قال عبد الله : يا فتى .. أين كنت؟!لم أرك في الخان. قال: كنت محبوسا بدين. قال: فكيف كان سبب خلاصك؟!قال: جاء رجل فقضى ديني، و لم اعلم به حتى أخرجت من الحبس، فقال عبد الله: احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك، ثم فارقه و مضى.
صدق أو لا تصدق
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا و عشرين".
بمعنى انك يا من صليت النوافل في بيتك في سنة حصلت اجر من صلاها في المسجد خلال 25 سنة.
ولهذا اخبر النبي عليه الصلاة والسلام:
" أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".


النداء الأخير
إلى متى الغفلة و الملاهي و ملك الموت يطلبك و أنت ساهي، و إلام تروح في طلب المال و تغدو و سائق الردى وراءك يحدو.
ألا و إن بذل الاستطاعة و استقصاء الجد في الطاعة هو انفع عمل لمن سيدخل القبر بعد ساعة.
عملك عملك... صلاتك صلاتك...صلاحك صلاحك
سيصحبك على التخت مغسولا...و يرافقك على النعش محمولا... و يكون معك و هم يصلون عليك في المصلى.. و يلازمك و أنت في الحفرة مدلى..
فإذا أيقظتك نفخة النشر،و فاجأتك أهوال الحشر.. و فر منك أمك و أبوك،
و أختك و أخوك..
وجدت عملك الصالح يذهب معك حيثما ذهبت..
و يرد معك أينما وردت..
في القبر ..يؤنس وحشتك..
و يلقي عليك السكينة حال دهشتك.. و يسرج لك النور في ظلمتك
و يوم القيامة.. يظلك في ظل عرش الرحمن
و يهون عليك طول القيام للملك الديان..
يا أخي... أو ألهاك الرزق عن الرزاق،أو شغلتك النعم عن المنعم، أو أخذك الخلق عن الخالق..ما تهتز فيك ذرة و الموت يناديك كل يوم مائة مرة، و الله لو كان للخشب قلوب لصاحت، و لو إن للحجارة أرواح لناحت، يحن الجزع لرسول الله و أنت لا تحن.
قل لي بربك..
إذا وقعت الواقعة..و نودي فيك بالرحيل ..و ما نفعك من مالك كثير أو قليل..
و نادى المغسل بسرعة تسخين المياه، و الكل في شغل عنك و ملهاة.. الطبيب يقلب
كفيه، و العائد يغمز بعينيه!!و الورثة ينتظرون إعلان الوفاة..
حتى إذا انقطع نفسك، و خفت صوتك
أينفعك حينئذ حلال أصبته، أو حرام غصبته،
أو ولد حضنته، أو زرع غرسته، أو زوجة أحببتها، أو دنيا جمعتها؟!كلا..كلا..
كلا والله لا يفيدك إلا خير أمضيته، أو رحم وصلته، أو خصم أرضيته، أو ركعة في ظلام الليل ركعتها، أو دمعة من خشية الله ذرفتها، أو صدقة ابتغاء وجه ربك بذلتها.
و ماذا بعد الكلام
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] إياك وذنوب الخلوات ، فإنها تحبط أجر عبادات العلن.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] استح من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] ليكن لك حظ من عبادة السر لا يعلم بها احد إلا الله.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] أد صلاة النافلة في بيتك،فهي أعظم أجرا.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] صدقة في السر أزيد في البر و أحب للرب و طريق إلى أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] البكاء خاليا عبادة حاول إن تصل إليها، و لا تيأس من روح الله.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] حاول إن يكون لك اعتكاف أسبوعي في مسجد لا يعرفك فيه احد( بين المغرب و العشاء).
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/fkih/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] قم ليلة في الأسبوع قبل الفجر و صل ركعتي قيام حتى تنال جائزة:" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون".