هذا حزب الله الذي أعرفه
29-01-2015, 05:58 AM
الكاتب:رشيد ولد بوسيافة


.. وأخيرا جاء الرّد العسكري لحزب الله ضدّ إسرائيل في مستوى التّوقعات بعد الضّربة الموجعة التي تلقّاها في سوريا، لتعود تلك الصورة المشرقة لحزب الله الذي طرد المحتل الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ثم لقنه درسا سنة 2006 في تلك الحرب التي كنت شاهدا فيها على بطولات مقاتلي حزب الله الذين تصدّو للآلة العسكرية الإسرائيلية بِشجاعة مُنْقطِعة النظير.

ما فعله حزب الله أمس كان مفخرة لكل العرب والمسلمين، لأنّه أثبت للكيان الصّهيوني أنّ اعتداءاته لن تمر من دون عقاب وأن استئساده على سكان غزة وجرائمه المرتكبه هناك لازالت في ذاكرة الأمة، وأن جر حزب الله إلى مواجهات طائفية في سوريا والعراق ما هو إلا أمر طارئ له أسبابه ومقدماته، بينما يبقى العدو الأولى هو إسرائيل التي تغتصب الأرض وتقتل الإنسان.

المواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل ستفضح الجماعات المسلحة التي تقاتله في سوريا، والتي ترفع شعار الجهاد عندما يتعلق الأمر بالنظام السوري، بينما تركن إلى العمالة والتعاون السري مع إسرائيل، وستفضح مشيخات الخليج الذين أنشأوا هذه الجماعات ومولوها وسلحوها لا لإحلال الديمقراطية في سوريا كما يزعمون ولكن لتأجيج حرب طائفية، وإشغال حزب الله بهذه الحرب.

ليس المقام الآن هو تحديد المعتدي والضّحية في السّاحة السّورية، فالجميع هناك يَقتل والجميع يرتكب الجرائم، سواء كان مع الجيش السّوري وشبّيحته، أو مع الجماعات المسلّحة مثل داعِش والنّصرة وغيرها من الجماعات المتطرِّفة، ولكن المقام هو أن حزب الله عاد إلى ميدانه الرئيسي وحول ماسورة بندقيته باتجاه إسرائيل، وهذا هو حزب الله الذي نعرفه، والذي لا يمكن إلا أن نكون معه لا مع إسرائيل.

لا مجال الآن لانتقاد حزب الله بالغمزِ واللّمزِ واستعارة الأوصاف الطّائفية في الحديث عنْه وهو في ميدان المعركة مع العدو المشترك، وأي سلوك من هذا القبيل سيصبّ في مصلحة إسرائيل، كما أن هذه المواجهة تشكّل امتحانا حقيقيا لفضْح الجماعات المتطرِّفة التي تدَّعي الجِهاد، وهل يوجد جِهاد غير جهاد المحتلّ الإسرائيلي؟



المواجهة المفتوحة ستفضح كذلك العديد من المتشدّقين الذين يملأون الدنيا صراخا وعويلا ضد إيران وحزب الله ويصفونهما بالطائفيين، وينسون طائفيتهم التي تمنعهم من قول كلمة حق في حزب الله الذي يدافع عن شرف الأمة الإسلامية جميعا في ميدان القتال مع إسرئيل.