الحقيقة الغائبة في مكافحة الالحاد
06-01-2016, 10:10 AM
الحقيقة الغائبة في ( مكافحة ) الإلحاد !
بقلم : وحيد الغامدي

كان قرار إنشاء مركز ( يقين ) لمكافحة الإلحاد مثار سخرية كلّ عاقل يعرف جيداً أنها خطوة ستساهم أساساً في إنتاج المزيد من الملحدين ؛
وذلك لأن هذا المركز يتبع أولاً للجامعة الإسلامية في المدينة

وثانياً لأن هذا القرار جاء بعد بيان وزارة الداخلية في مارس الماضي الذي وضع الإلحاد على رأس قائمة الأفكار والمناهج التي ستبدأ الدولة بمكافحتها ضمن قائمة ضمّت تنظيمات جهادية وأخرى تتبنّى الإسلام السياسي .



أولاً : حين يُشرف على هكذا مركز لدراسات الإلحاد مؤسسةٌ ( وهابية ) كالجامعة الإسلامية , فإن كافة جهود هذا المركز ستبوء بالفشل الذريع ؛ وذلك لأن هذه المؤسسة لا تمتلك الأدوات الكافية ولا الأرضية المشتركة التي يمكن أن تقف عليها لمناقشة أصغر ملحد .


و ثانياً :حين يوضع الانتماء إلى منهج معيّن – أيّاً كان – في موضع الملاحقة القانونية , ثم تُوجّه الدعوة لأصحاب هذا المنهج للاستفادة من مركز يقدم لهم ( اليقين ) المطلوب , فهذه مفارقة أخرى تدعو للاستغراب والدهشة , ويثار سؤال كهذا :

هل نحن نضحك على أنفسنا ؟


مما قرأته في موقع مركز يقين الذي لا يزال تحت الإنشاء والتكوين أن من الوسائل المتّبعة فيما يسمّى ( مواجهة ) الإلحاد :

المطويات , والمحاضرات , والكتب ..إلخ !

وهنا لنا أن نضحك فعلاً , فهاهي أدوات ( مرحلة الصحوة ) نفسها التي كانت سبباً في الإلحاد ستكون هي السبيل في تلك ( المواجهة ) !



إن هناك حقيقة صادمة و لها هي الأخرى مسار حديث خاص بها ويطول جداً , وهي أن المنظومة السلفية لا يمكن لها بأي وسيلة كانت مواجهة أي نوع من الخطابات الفكرية الحديثة

فضلاً عن مواجهة الخطاب الإلحادي الذي لا يقف مع الوعي السلفي على أي أرضية ممكنة للوقوف عليها لإجراء مناقشة حقيقية , فضلاً عن التباين الشديد في مسارات التفكير وأدواته , ومناخ الوعي بين السلفي والملحد , مما يجعل القول بإمكانية إجراء حوار أو مناقشة حقيقية ضرباً من العبث .



العقل السلفي الذي يحرّم الفلسفة والمنطق , وكان له تاريخ طويل من رفض العلوم الطبيعية وتحريم القول بدوران الأرض لن يستطيع مطلقاً الوقوف أمام منطق مغاير تماماً , يتكلّم بالحقيقة العلمية وحدها , ويدفع بالبراهين العقلية التي يمتعض منها الوعي السلفي عادةً ,

ويفضّل عليها دائماً الاستشهاد بالأقوال والآثار والمرويات الاجتهادية التراثية , فأمام هكذا تباين في المنطقين كيف يمكن تصديق أي نوع من
( مكافحة ) أو مواجهة الإلحاد ؟ أو القدرة على الوقوف أمام المنطق الإلحادي ؟



كان بودي أن يكون المركز من أجل مراجعة وتصحيح التراث العقدي السلفي والمدوّنة الفقهية الحنبلية كموروثات كانت هي نفسها أحد أسباب بروز ظاهرة الإلحاد ,

ففي هذا الزمن الانقلابي الباذخ نحتاج فعليّاً إلى مراجعة القول بأن ( الله – تعالى – ينزل نزولاً حقيقياً إلى السماء الدنيا ) , حتى وإن أُردف ذلك القول – كالعادة – بعبارة : يليق بجلاله وعظمته , فإن كلمة ( حقيقي ) لم تدع مجالاً أصلاً لعبارة ( يليق بجلاله ) كونها حسمت شكل ذلك النزول الإلهي ورسمت آليته في الأذهان .

فكيف يمكن لك إقناع ( مسلم ) درس الجغرافيا , فضلاً عن ملحد , بأن الله – تعالى – ينزل في وقت الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا نزولاً حقيقياً , في حين أن ( الثلث الأخير ) هذا هو لحظة زمنية مستمرّة على مدار الأربع والعشرين ساعة يومياً في كل نقطة من الأرض يمرّ عليها ذلك الثلث الأخير ؟



كان يمكن لهذا المركز أن يبدأ أولاً بمشروع تصالح مع جوهر وفلسفة بقية المذاهب الأخرى كالمعتزلة وغيرها قبل أن يعلن أنه ( سيفتح صدره ) للملحدين !

لا يمكن أصلاً أن أصدق أن هناك أي قدرة على احتواء ملحد ما لم يكن هناك قدرة على الاحتواء أو التفاهم أو التعايش مع من هو دون ذلك الملحد بكثير !


إنها ستكون خطوة عظيمة لو أنشئ مركز حقيقي وفعّال لمشروع المراجعة والتصحيح والتقارب والتعايش , لكن المضيّ قُدماً في السير على نظرية
( النقاء العقدي ) بنرجسية مستمرّة لن يُنتج أبداً إلا ذات التعقيدات التي تتوالد باستمرار , ثمّ تصدمنا النتائج الواقعية على الأرض في كل مرة .


إنصافاً للقائمين على المركز فقد أعجبني اعترافهم بأن نسبة الإلحاد ربما تتجاوز الـ 10 %

و هذا يعني أنها تجاوزت نتائج مركز غالوب نفسه الذي أجرى دراسة آواخر عام 2013 وتوصل إلى أن نسبة الإلحاد في المملكة بين 6% و 9%

في حين أن تونس وماليزيا ( العلمانيتين ) بلغت نسبة الإلحاد فيهما صفر % !
التعديل الأخير تم بواسطة sabrina88 ; 06-01-2016 الساعة 10:14 AM سبب آخر: خطأ