هكذا تم "تخييط" قانون الإنتخابات لصالح أحزاب الموالاة!
16-01-2018, 05:18 AM


محمد مسلم

مسؤول الملف السياسي بجريدة الشروق

لم تكن النتائج التي حققها حزب جبهة التحرير الوطني في الانتخابات المحلية الأخيرة، سوى انعكاس لحسابات سياسية نجح الحزب العتيد في عهد أمينه العام السابق، عمار سعداني، في فرضها عبر القانون العضوي المتعلق بالانتخابات الذي عدل في خريف العام 2016.
وقالت مصادر شاركت في إعداد القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، إن روح هذا القانون تم استلهامها من دراسة نتائج الانتخابات السابقة، ولا سيما النتائج التي اعتاد "الأفلان" تحقيقها مقارنة بمنافسيه، ومفادها أن "الحزب العتيد" عادة ما يتحصل على أصوات أكثر من غيره من الأحزاب، ولذلك جاء التراجع عن الاحتكام إلى عدد المقاعد المحصل عليها لرئاسة المجلس الشعبي البلدي، واستبدالها بفارق الأصوات فقط، رغم ما ينطوي على ذلك من تداعيات على الممارسة الديمقراطية، ولو كان الأمر يتعلق بمحاربة الانسداد.
وحصل الحزب العتيد على رئاسة 603 بلدية، متقدما على غريمه التجمع الوطني الديمقراطي، بنحو 150 بلدية، في الوقت الذي كان الفارق فيه في محليات 2012 ضئيلا جدا ولا يتعدى ثلاثين بلدية، (159 بلدية بالنسبة للحزب العتيد، و132 بلدية للتجمع الديمقراطي).
وحسب المصادر ذاتها، فإن الأمين العام السابق للحزب العتيد هو مهندس هذا القانون، وهو من أوحى بروح مشروع هذا التعديل لوزير الداخلية نور الدين بدوي، بينما كان سعداني في عز عنفوانه السياسي، مدعوما بالعدد الكبير من النواب الذي كانت تتوفر عليه "جبهة التحرير" في المجلس الشعبي الوطني والأحزاب الصغيرة الدائرة في فلكه فضلا عن الأحرار.
ولم يكن "الأفلان"، هو المستفيد لوحده من مراجعة قانون الانتخابات، بل تقاسمه أيضا "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي قفز بدوره من 132 بلدية إلى 451 بلدية، وهو فارق هائل يكشف مدى تأثير قانون الانتخابات المعدل على الخارطة السياسية لمرحلة ما بعد 23 نوفمبر المنصرم، ما يعني أن حزبي السلطة حصدا لوحدهما أكثر من ألف بلدية من مجموعة 1541 بلدية، فضلا عن الأحزاب الأخرى الدائرة في فلك السلطة، مثل الحركة الشعبية وتجمع أمل الجزائر "تاج" وبدرجة أقل جبهة المستقبل.
وقد حاول الأمين العام الأسبق للحزب، عبد العزيز بلخادم، فرض مراجعة القانون العضوي للانتخابات بمواصفات قانون 16/ 10 خلال المراجعة التي جرت في العام 2012، في إطار ما عرف بحزمة الإصلاحات التي أطلقها الرئيس بوتفليقة في أعقاب ما عرف بـ "أحداث الزيت والسكر" في جانفي 2011، غير أنه فشل بسبب تحفظ وزير الداخلية آنذاك، دحو ولد قابلية، وعدم توفر الحزب العتيد على العدد الكافي من النواب لتمرير المشروع على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان.
ما قدمه القانون العضوي المتعلق بالانتخابات لأحزاب الموالاة، قد لا يقضي على الانسداد الذي تمت معالجته بالاحتكام إلى الأصوات بدل المقاعد للحسم في رئاسة المجالس المحلية، بل من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الانسداد في المداولات، التي لا يمكن الاستغناء عنها في تسيير الشأن المحلي.