فَاتَّبِعُونِي (الحديث الحادي والثلاثون )
13-07-2015, 01:30 PM

الحديث الحادي والثلاثون
عن أبي العَبَّاسِ سَهْلِ بن سعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي اللهُ عنه قال: جاء رَجُلٌ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسوَل اللهِ، دُلَّني على عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّني اللهُ وأَحَبَّني النَّاسُ. فقال: "ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللهُ، وازْهَدْ فيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ". حديث حسن رواه ابن ماجه وغَيْرُهُ بأسانيدَ حَسَنة.



الشرح

«أحبني الله وأحبني الناس» أحبني الله: بإرادة الثواب والإحسان. وأحبني الناس: مالوا إلي ميلاً طبيعاً؛ لأن محبتهم تابعة لمحبة الله، فإذا أحبه الله ألقى محبته في قلوب خلقه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم:96].

«ازهد»: من الزهد، وهو لغة: الإعراض عن الشيء احتقاراً له، من قولهم: شيء زهيد؛ أي قليل. وشرعاً: أخذ قدر الضرورة من الحلال المتيقن الحل.

«في الدنيا»: باستصغار شأنها واحتقارها؛ لتصغير الله لها وتحقيره لها وتحذيره من الاغترار بها، قال تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ [لقمان:23] وقال سبحانه: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ [الحديد:20].

«يحبَّك الله»: بفتح الباء المشددة، وأصله يحببك بالجزم في جواب الأمر، فلما أريد الإدغام نقلت كسرة الباء الأولى إلى الحاء وفتحت الثانية تخلصاً من الساكنين وتخفيفاً. ومحبة الله للعبد رضاه عنه وإحسانه إليه؛ لأن المحبة ميل طبيعي؛ وهو في حق الله محال، فالمراد غايتها.



من فوائد هذا الحديث :

1- حرص الصحابة – رضي الله عنهم – على سؤال النبي صلى الله عليه و سلم فيما ينفعهم .

2- أن الإنسان بطبيعة الحال يحب أن يحبه الله و أن يحبه الناس ويكره أن يمقته الله و يمقته الناس فبين النبي صلى الله عليه و سلم ما يكون به ذلك .

3- أن من الزهد في الدنيا احبه الله ؛ لأن الزهد في الدنيا يستلزم الرغبة في الآخرة ، وقد سبق معنى الزهد : و انه ترك ما لا ينفع في الآخرة .

4- إن الزهد فيما عند الناس سبب في محبة الناس لك .

5- إن الطمع في الدنيا و التعلق بها سبب لبغض الله للعبد وان الطمع فيما عند الناس و الترقب له يوجب بغض الناس للإنسان ، و الزهد فيما في أيديهم هو اكبر أسباب محبتهم.

والعلم لله وحده
اللهم ارزقنا حُلو الحياة وخير العطاء وسعة الرزق
وراحة البال ،ولباس العافية وحُسن الخاتمة

اللهم آمين