الوهم والفكر
01-07-2015, 10:06 AM
الوهم والفكر

كيف تكون الحياة إذا لم نكن نملك الجرأة على المحاولة؟ "فينسنت فان غوخ
. .الوهم اللذي يعتري كثيرا من حملة الأقلام - وأن لم يعودو حملة أقلام بل أصابع تنقر على لوحة المفاتيح ، ليس فكرا وليس صحيحا أن الفكر موجود في كل مكان ، ولدى كل الناس . الفكر نور ينبثق من رحم الظلام ، بعد أن يشهد آخر عتمة . إنها عملية صعبة لا تعطي ثمارها بسهولة , " العلم أن أعطيته كُلّكَ أعطاك بعضه = وإن أعطيته بعضك لم يعطك شيئا " . لايستطيع دخول ساحة الفكر كل من شاء . أو يفر منها كل من أبى , ربما شاء أحد واجتهد وسهر الليالي , و ويغدو في نهاية المطاف الى دارس جيد أو أكاديمي مفيد . ربما حاول أحدهم أن يهرب من الفكر بكل الوسائل وأن يكرس حياته لشيء غير الفكر , ويجد نفسه مقوداً غصباً الى حلبة الفكر ويصارع الى أن يصبح مفكراً. الفكر غير مضمون النتائج سلفا ’ أنه أشبه بمخاطرة كبرى و مجازفة غير مأمونة . لا يجرؤ على الفكر إلا اللذين أصيبوا بفيروس عشق الكلمة وسحرهم نبض الحرف وأذهلهم بريق الفكرة , ثم أصيبوا بجرح عميق , هم وحدهم من يستطيع دخول حلبة الفكر , فهم خسروا كل شيء , ولأنهم دفعوا الثمن مسبقاً , دفعوه باهظا . وأكاد أراهن على أنه لولا مرض نيتشة ما كان ليكون مفكرا , كان يلزمه أن يسقط صريع المرض , وأن يترك الجامعة , وأن يهيم على وجهه وحيدا ضائعا ,كان يلزمه أن يدفع الثمن باهظا ,كانت تلزمه صدمات و خيبات تهد الجبال ـ بما فيها خيبة الحب ـ .كان يلزمه أن يصل إلى نقطة حرجة , نقطة حدية تفرض عليه خيارين لا ثالث لهما : التفكير أو الانتحار . إذا كان ذلك ينطبق على الأفراد , فإنه ينطبق على والأمم والشعوب , ينبغي لها أن تدع الثمن باهظا حتى تمسك بأول الخيط الذي يؤدي الى النور , احيانا ينبغي أن تشهد الأمة كارثة حتى تنب فيها فكرة واحدة ذات معنى . لكي نستطيع أنطرح سؤالاٌ واحداٌ على الواقع ينبغي أن يحصل انهيار , أن ينفجر في وجهنا زلزال . ذلك أن السؤال محجوب في أعماق الواقع و مكبوتٌ في تلافيفه وأحشائه الخفية . من يجرؤ على الاقتراب من السؤال أكثر من اللازم احترقت يداه وربما عميت عيناه . ذلك أن السؤال محمي ومحروس بالأسلاك الشائكة , فقد التحول السؤال في في ضمير الأمة الى جواب وغاص في أعماق الزمن السحيق وخلع عليه الزمن المتطاول حلة التقديس , الكارثة وحدها أو الزلزال قادران على زحزحة السؤال . كل فكر لا يفضح لا ينبش لا يعري الحقيقة , ليس فكرا . هل وصلت الأم العربية إلى مرحلة النبش عن صورة الحقيقة بعد أحداث الربيع العربي . لا ينبغي أن نستعجل الأمر أو نتفاءل أكثر أو نتشاءم أطول , فالمعركة لم تكسب بعد والحرب بالكاد بدأت .
ليس للكاتب منصب وراتب بل قلم ومنبر

مع تحياتي وإلتزامي فارس معمر