دخول مدرسي بلا روح
11-09-2015, 11:29 AM
دخول مدرسي بلا روح / س. قلالة/
الشروق أنلاين 11/09/2015
عندما دخلنا المدرسة غداة الاستقلال، كُنَّا نَدرس في قسم واحد، عند المعلمة الفرنسية التي اختارت البقاء بيننا، ولم ترحل (السيدة Meudec)، وكانت تُقيم في ذات المدرسة رفقة زوجها المعلم والمدير، ما سمح لها بتقسيم التلاميذ على القسمين المتوفرين بطريقة مكّنتنا جميعا من التعلم. ولما كان أستاذ اللغة العربية لا يقيم بالقرية، كان يُقسِّم السبورة والقسم الواحد إلى ثلاثة أقسام، ويدرِّسنا جميعا وبالتناوب، دون كلل ولا ملل، وكُنّا نُقبِل على دروسه بشغف وحُبٍّ كبيرين، بل كل القرية تشتاق لرؤية سي "محمد العربي" قادما من بعيد على أما عمنا "لخضر سويكي"، فكان حريصا أن يتناول كل مِنَّا وجبتي فطور الصباح والغداء في المدرسة، والمريض مِنَّا يرسل له نصيبه إلى البيت، حتى يتعافى، في إناء يأتي به أحد إخوته أو أقاربه.
وبعد المدرسة وأحيانا قبلها، كان الكُتَّاب يحتضننا لنحفظ القرآن الكريم، لا نغادره إلا بعد استيعاب ما تيسر منه...
كان هذا؛ والجزائر بلا موارد ولا إمكانات ولا قدرات ولا معلمين. كنّا نعيش مع روح التعليم، وبل نأبه بالفقر والمرض والأمية واليتم، وكل تلك المآسي التي تسببت لنا فيها عساكر المحتل إبان ثورتنا المظفرة...
واليوم؛ ونحن بموارد كبيرة، بعشرات الآلاف من الموظفين، وآلاف المؤسسات التربوية المنتشرة في كل مكان، مازلنا نتحدث عن الاكتظاظ الشديد في الأقسام، وعن انعدام المطاعم المدرسية، وعن شكوك في جدوى التدريس باللغة العربية، وشكوك أخرى في إمكانية تعميم الأقسام التحضيرية، أو الامتحان في مادة التربية الإسلامية... اليوم بعد كل الإمكانات التي خصصنا من مداخيلنا الوطنية، نحس وكأن الدخول المدرسي يتم بلا روح وبلا هوية، في ظل مسؤولين غارقين إلى الأذقان في سياسات شعبوية لا محدودة..
تذكرت تلك السنوات الأولى بعد الاستقلال، حيث كان المعلم يقطع عشرات الكيلومترات على درجاته النارية، ليدرسنا بكل جوارحه، وحلمت أن زخم الثورة ينبغي أن يعود، وحب الجزائريين للمعلم والعلم ينبغي أن يتكرس، وتغذيتهم بالمعرفة ينبغي أن تكون بصدق، وتمكينهم من حقهم في الغذاء ينبغي أن يتم بلا اختلاس أو نهب... وقبل ذلك، أن يتم التوقف عن تزيين الشوارع بالحجارة والأضواء والنخيل وزخرفة واجهات الإدارات العمومية بالزجاج والألمنيوم، مادام هناك جزء من أبنائنا متراصين بالعشرات في القسم الواحد، وآخرون يوجهون إلى أسواق تُغطَّى على عجل للدراسة، وبعضهم بلا غذاء لأنهم بلا مطعم أو ميزانية تغطي أجر الطباخ وبلا عمي لخضر يرسل لهم الحليب إلى البيت... في قرية "شتمة" الصغيرة...
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ
من مواضيعي
0 من وصايا رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية