تكملة لمشاركتي السابقة رقم "17"، والتي تم فيها مناقشة كلام " صابرينه 88" بمشاركتها رقم "3" حول نقد تعريفها وفهمها لكلمة "متاع " فاليوم سوف أناقش بقية مشاركتها تلك .
أولا : بطلان أن هناك اتفاق بين المذاهب الأربعة
قالت صابرينه :
((يقول الدكتور وهبة الزحيلي :
((
قرر فقهاء المذاهب الأربعة... )) . ثم نقلت ذكرت أن هذا مذهب المالكية والحنابلة ، وأين بقية المذاهب ؟؟ والصواب أن الاختلاف واقع حتى في المذهب الواحد ، كغيرها من المسائل .
ثم قالت (( أفتى الفقهاء بعدم إلزام الرجل بعلاج زوجته ))
وسوف أنقل :
1) ما جاء في " كتاب الأم 5/94/ " للإمام الشافعي .
قال:
" فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:
6] ثُمَّ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» بَيَانٌ أَنَّ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَقُومَ بِالْمُؤْنَةِ الَّتِي فِي صَلَاحِ صِغَارِ وَلَدِهِ
مِنْ رَضَاعٍ وَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَخِدْمَةٍ قَالَ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي النِّسَاءِ {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: 3] بَيَانٌ أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ مَا لَا غِنَى بِامْرَأَتِهِ
عَنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى قَالَ وَخِدْمَ
ةٍ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْحَرِفَ لِمَا لَا صَلَاحَ لِبَدَنِهَا إلَّا بِهِ مِنْ الزَّمَانَةِ
وَالْمَرَضِ فَكُلُّ هَذَا لَازِمٌ لِلزَّوْجِ
قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ لِخَادِمِهَا نَفَقَةٌ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ غَيْرِ وَاحِ
دٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُفْرَضُ عَلَى الرَّجُلِ ، نَفَقَةُ خَادِمٍ وَاحِدٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي الْأَغْلَبُ أَنَّ مِثْلَهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ فَلَا أَعْلَمُهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا خَادِمًا وَلَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى مَنْ يَصْنَعُ لَهَا مِنْ طَعَامِهَا مَا لَا تَصْنَعُهُ هِيَ وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا لَا تَخْرُجُ لِإِدْخَالِهِ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ مَصْلَحَتِهَا لَا يُجَاوِزُ بِهِ ذَلِكَ " أهـ .
2) جاء في (( رد المحتار على الدر المختار/3/588)) كتب الفقه الحنفي
" لِأَنَّ كِفَايَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ تَمَامِهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ هِدَايَةٌ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا
إذَا مَرِضَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً،
وَبِهِ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ..."
وجاء في نفس الصفحة .
خِلَافِ الْمَرِيضَةِ إذَا لَمْ تَجِدْ مَنْ يُمَرِّضُهَا فَيَكُونُ مِنْ تَمَامِ الْكِفَايَةِ
الْوَاجِبَةِ عَلَى الزَّوْجِ. نَعَمْ إذَا طَلَبَتْهُ لِيَقُومَ عَنْهَا فِي الطَّبْخِ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَفْعَلْ يَأْتِيهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَخْدِمُ أَوْ لَا تَقْدِرُ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِخِدْمَةِ أَوْلَادِهِ ".
. فلننظر :
وصل الأمر إلى وجوب توفير خادم للزوجة . وهذا لايوجد لا في الشرق ولا الغرب ، ولا حتى عند أنصار العلمانيين الذين يتباكون على حقوق المرأة ، وصدعوا الناس بشبهاتهم .
والسؤال :
لماذا لم يتم ذكر قول الفريقين ؟
ثم نراها تقول :
(( أ
فتى الفقهاء بعدم إلزام الرجل بعلاج زوجته وللبقية عودة بحول الله )) .
يلزم من ذلك أن كل الفقهاء أجمعوا على ذلك حيث أن كلامها عام .ولم تقل معظمهم أو بعض الفقهاء أو بعض المذاهب ـ أو جمهور الفقهاء القدماء .
وهذا لا يخدم النقاش ولا البحث العلمي المجرد للحق .
فالانتقاء مذموم . وخصوصا عندما تكون من المسائل الحساسة التي قد تثير فتن وشبهات عند العامة ويستفيد منها أنصار العلمانيين من بني جلدتنا .
لذا يجب على
من يدعي العلم ويصدر نفسه للدفاع عن حق ما . أن يجتهد في البحث ويحقق ويدقق حتى لا يكون من الحاطبين ليلا . وحتى لا يضع نفسه محل سخرية الآخرين .
ثانيا : مثالان لنقولات غير دقيقة ولا صحيحة
لبيان أهمية التحقيق والتدقيق لمن يصدر نفسه منافحا لحقوق المرأة أو غيرها من المسائل . فسوف يتم ذكر مثالين .
المثال الأول :
فتوى للشيخ للمنجد يقول فيها :
قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (8/337) : " وليس على رجل أن يضحي لامرأته ولا يؤدي عنها أجر طبيب ولا حجام " انتهى .
http://islamqa.info/ar/83815
وهذا القول ليس للشافعي بل للمزني (( مختصر المزني 8/337))
المثال الثاني
فتوى لمركز الفتوى في موقع إسلام
(( وأما ثمن الدواء وأجرة الطبيب فلا تجب على الزوج لزوجته ولا تدخل من ضمن النفقة الواجبة عليه باتفاق المذاهب الأربعة ."
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...ang=A&Id=18627
فهذا الاتفاق غير صحيح وقد تقدم قول الإمام الشافعي وغيره .
بينما هناك فتوى أخرى في الموقع نفسه ،
" فمذاهب الأئمة الأربعة أن مصاريف علاج الزوجة وثمن دوائها غير واجب على الزوج، ويرى بعض المالكية وجوب ذلك عليه"
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...waId&Id=137331
فلينظر إلى تضارب الأقوال في موقع واحد وتضارب الفتوى نفسها بان المذاهب الأئمة الأربعة متفقة ثم يقول وبعض المالكية .... وكذا لم يتم ذكر ماجاء في كتاب "الأم ".
فمن أين جاء المعاصرون بهذا الاتفاق ؟؟
لماذا ننقل نقلا انتقائيا ؟
لماذا ننقل نقلا أعمى ونحن نتصدر الدفاع عن مسألة ما ؟ فمن تصدر لمسألة فيلزم من ذلك أنه أجتهد فيها . فلماذا لم تظهر دلائل اجتهاد المتصدر ؟
الجواب
ضعف في التحقيق والتدقيق وعدم الرجوع إلى كتب أمهات الفقه .
لذا الحذر كل الحذر لمن يتصدر لمسألة ما . أن يكون مقلدا ، وينقل دون تبصر . كحاطب ليل .
وبحول الله هناك بقية .
وفق الله الجميع .