وجهة النظر الإسلامية حول الوجودية
05-03-2018, 04:10 PM
وجهة النظر الإسلامية حول الوجودية
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
يركز المذهب الوجودي- وهو أشهر مذهب فلسفي أدبي استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين - على الوجود الإنساني الذي هو: الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأي الوجوديين، ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه:" يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته، ويتولى خلق أعماله، وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته!!؟".
دخل المذهب الوجودي مجال الأدب على يدالفلاسفة(كيركيجارد)، و(جبرييلمارسيل)، ثم (جان بول سارتر) الفيلسوف والأديب الفرنسي الذي يعد رأس الوجوديين الملحدين، ففي عمله الفلسفي الرئيس:(الوجود والعدم) 1943م، قام سارتر بالتحري في طبيعة وأشكال الوجود والعدم، فقال:" إن الوجود البشري، الذي سماه الوجود لذاته، يختلف اختلافاً جذرياً عن وجود الجمادات مثل الطاولات"، والذي سماه الوجود في ذاته. وهو يقول:"إن اللهخرافة ضارة!!؟"، وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين كانوا يقولون: (إن اللهخرافة نافعة..). تعالى الله عما يقول الملحدون علوًّا كبيراً.
كما يرى (سارتر): أن الدافع الأساسي للسلوك البشري هو: الرغبة في تحقيق إرضاء الذات بصورة كاملة، وذلك بمحاولة أن يصبح الإنسان السبب في وجود نفسه، وقال سارتر: إن هذا الهدف مناقض لنفسه، ومن المحال تحقيقه، ولذلك فهو يعد النشاطَ البشري كله بلا جدوى، والإنسان برأيه عاطفة لا فائدة منها!!؟.
ويُعرِّف سارتر فكرةَ الكائنات ذات القناعة الذاتية التامة،والتي هي السبب في وجود أنفسها، بأنها الفكرة التقليدية عن الإله، وحسب ما يقول (سارتر)، فإن كل فردٍ يريد أن يصبحَ الله!!؟، وأن الله لا يمكن أن يكون موجوداً!!؟.. حاشا لله وتعالى عن الزعم.
نعم..يزعم الوجوديون: أن الوجود اليقيني للإنسان يكمن في تفكيره الذاتي، ولا يوجد شيء خارج هذا الوجود ولا سابقاً عليه، وبالتالي لا يوجد إله، ولا توجد مثل ولا قيم أخلاقية يقينية، ولكي يحقق الإنسان وجوده بشكل حر، فإن عليه أن يتخلص من كل الموروثات، وبالتالي، فإن هدفه يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك من خلال ممارسة الحياة بحرية مطلقة.
ومن مبادئ الأدب الوجودي الرئيسة: الالتزام في موقف ما نتيجة للحرية المطلقة، حتى سميت الوجودية: أدب الالتزام أو أدب المواقف، أي الأدب الذي يتخذ له هدفاً أساسياً أصحابه هم الذين يختارونه، وبذلك جعلوا القيمة الجمالية والفنية للأدب بعد القيمة الاجتماعية الملتزمة.
ولقد نتج عن الحرية والالتزام في الوجودية:( القلقُ والهجران واليأس):
فأما القلق، فهو نتيجة للإلحاد، وعدم الإيمان بالقضاء والقدر، ونبذالقيم الأخلاقية والسلوكية، وأما الهجران، فهو إحساس الفرد بأنه وحيد لا عون له إلا نفسه، وأما اليأس، فهو نتيجة طبيعية للقلق والهجران.
وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل، وجعل العمل غاية في ذاته لا وسيلة لغرض آخر، وحسب الوجودي: أن يعيش من أجل العمل، وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل.
ترجع بذور المذهب الوجودي إلى الفيلسوفالدانمركي(كيركيجارد: 1813م- 1855م)، وقد طوَّر آراءهُ وتعمَّق فيها الفيلسوفانِ الألمانيان (مارتن هيدجر) الذي ولد عام 1889م، و:(كارل ياسبرز) المولود عام 1883م، وقد أكد هؤلاء الفلاسفة: أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات، والفكر الوجودي لدى (كيركيجارد) عميق التدين، ولكن هذا الفكر تحول إلى فكر ملحد إلحاداً صريحاً لدى (سارتر).
وقد انتشرت الوجودية الملحدة في فرنسا بشكل خاص، وكانت مسرحيات (سارتر) وقصصه من أقوى العوامل التي ساعدت على انتشارها، ومهما حاول بعض الوجوديين العرب وغيرهم: تزيين صورة الوجودية، إلا أنها ستبقى مذهباً هدَّاماً محارباًللأديان ومبادئها وعقائدها وأخلاقها.
إن الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر المذاهب الأدبية التي استقرت في الآداب الغربية في القرن العشرين، ويرى أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة، فلا يوجد شيء سابق عليه، ولا يوجد شيء لا حقٌ له، لذلك فإن هدف الإنسان في هذه الحياة يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك من خلال ممارسة الحياة بحرية مطلقة.
وقد أفرز هذا المذهب أموراً عديدة منها القلق واليأس: نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان، وهما من ركائز هذا المذهب.
لذا يجب أن يعي الشباب المسلمحقيقة المذهب الوجودي، وهو يتعامل مع إفرازاته الفكرية والأدبية.
ولا شك في أن الإسلاميرفض الوجودية بجميع أشكالها، ويرى فيها تجسيداً للإلحاد، كما أن قضايا الحرية والمسؤولية والالتزام التي تدعو إليها الوجودية غير مقيدة بأخلاق أو معتقدات دينية، وهي تنادي بأن الإنسان لا يدري من أين جاء؟، ولا لماذا يعيش؟، وهذه جميعها أمور محسومة في الإسلام، وواضحة كل الوضوح في عقل وضمير كل مسلم آمن بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً وقدوة وإماماً.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
منقول، جزى الله خيرا كاتبه.