دَبّوس اللّعنة
07-04-2020, 01:06 PM
دَبّوس اللّعنة
***********
النّقد باب الجودة، ولن تقوم القائمة لأيّ عمل إذا لم يـمرْ على صراط الأخذ والرّدّ، فبالرَّغم من المكاره التي تحفّه إلاّ أنّ العاقبةَ خيرٌ وأبقى ... من هنا تبدأ الخاتمة.
العلقم مُرّ، وتبًّا لمن أصرَّ على أنَّه أحلى من السُّكَّر، ونِتَاج النِّفاق أمر؛ حين تقتحمُ الرَّداءةُ عرينَ التَّميُّز، فما رأيت وما سمعت وما خطر على بالي مصيبة أعظم من مصيبة المجاملة في غير موضعها، أو المبالغة فيها حتى لمن يستحقّها، فهي بحسب التَّشخيص وتكرار الفحص والتَّمحيص لَداء فقدان الإبداع، تُشِلُّ الفكر وترسم الصِّفر ولها مزَالق أخرى.
وعندما نتحدَّث عن إفرازات المجاملة وشَرَرِ الجهل الذي ترميه على عجل، فلا يمكن أن نحصرها في جانب معين، فالشَّاعر وقرضه للشِّعر، والجامعي وتصفيفه للشَّعر !! والسّاسة والسِّياسة ... إلخ ... فكلّ ما يتعلق بالحياة الإنسانية فهو في حيِّز الخطر إذا نفثت المجاملة سُـمَّها عليه، فالمجاملة من أجل جَلب مصلحة على حساب فِكر له ما بعده ... لهي الهاوية بحقِّ اليقين وعلم اليقين وعين اليقين، وإنها والله موت للمُجَامَل لا بعث بعده.
فاللَّبيب من يرسم لِـخطواته معلمًا متعامدًا متجانسًا، ولا يسمع إلاّ من مختصّ، ولا يحسب أنّ مقياس الاختصاص الشّهادة، فقد يَجدُ حمارا في جلد إنسان ويحمل من الشّهادات الكثير، في زمن اختلطت فيه الأمور، وأصبح المال سيد المقام !!، وعلى النّاقد أن لا يُبَدِّل النُّون راءً فيصبح بِحدِّ ذاته علامة استفهام، وأن يجعل الضَّمَّة منهاج حياته، فقيمته بِـحسب ثقل شخصيّته، فالقوي الأمين من يؤثّر بإيجابية لا متناهية، لِيكون الـحُمَام لا الـحِمَام.
فما الانحطاط الذي تسبح فيه الأمّة العربية في جميع المجالات إلاّ نتيجة للتّصفيق وإرسال التَّهاني والأماني للفاشلين على حساب النَّاجحين، فهيهات أن يتقمَّص الغراب شخصيَّة الطاووس.
فالمجاملة لها حدّ؛ وتكون من باب التّشجيع للمبتدئين ولو أخطأوا، وهذا حسب معايير تحدّدها الأخلاق، أمّا من له في القوم نحو فخطأ منه له عطبه، فالأحسن التّشديد من غير تعنيف ولا يمكن نسيان أنَّ آخر العلاج الكي، فالحقّ أحق وما خاب من صدق، ولو تَسبَّب الصِّدق في نَتْف ريشه، وتكدير عيشه، وتعجيل نعشه ... فالنَّجاح فعل وقول، لأنّ النّاجحين أفعالهم تسبق أقوالهم وقد يُغْني الفعل عن الحديث ... هنا تنتهي المقدمة.
-------------------------------------------------------------------------
حسين الأقرع/ الجزائر. الوادي