بوتين مدافعا عن الكتب المقدسة للديانات في روسيا
16-10-2015, 11:09 AM

قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الدوما (مجلس النواب) مشروع قانون يحظر اعتبار مضمون الكتب المقدسة للديانات الرسمية الأربع في روسيا موادَّ متطرفة.

ويأتي اقتراح بوتين، بمنع اعتبار الكتب المقدسة للمسيحية والإسلام واليهودية والبوذية - الإنجيل والقرآن والتناخ وكاجورا - والاقتباسات منها موادَّ متطرفة، يأتي على خلفية قرار القاضية ناتاليا بيرتشينكو في محكمة مدينة يوجنو-سخالينسك بمقاطعة سخالين الروسية، القاضي باعتبار كتاب "الدعاء إلى الله: أهميته ومكانه في الإسلام"، الذي أُوردت فيه آيات من القرآن الكريم، "مادةً متطرفة"، وذلك بعد دعوى رفعتها المدعية تاتيانا بيلوبروفيتس، ما يعني وضع ذلك الكتاب في قوائم المطبوعات المحظورة في روسيا.
وأثار قرار القاضية هذا استياء أبناء المدينة من المسلمين، ولا سيما أن الحكم صدر من دون الاستعانة بالخبراء المضطلعين بالأديان، وأثار أيضا غضب الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وبخاصة، قرار القاضية بأن الآيتين: "إياك نعبد وإياك نستعين"، و"أن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا" هما مادتان متطرفتان، واعتبر قديروف المدعية والقاضية الروسيتين خائنتين لوطنهما.
وزير الإعلام والسياسية القومية الشيشاني جنبلاط عمروف بدوره رأى في حكم القاضية استفزازا واضحا، و"محاولة للقيام بتخريب إعلامي-إرهابي ليس فقط ضد المسلمين الروس، بل ضد روسيا بشكل عام"، مشددا على ضرورة أن يقوم بتقييم الكتب الدينية أشخاص مؤهلون لديهم معرفة موثوقة بالإسلام.
يجب القول إن أي قاض من أي مدينة وفي أي محكمة روسية يستطيع الحكم باعتبار أي كتاب أو فيلم أو حتى أغنية مادةً متطرفة، ما يُلزم هيئة السجلات الفدرالية بإدخالها في قائمة المواد الممنوع طباعتها ونشرها وتداولها في جميع أنحاء البلاد.
كذلك كان الأمر في عام 2008، عندما أصدرت محكمة مدينة غوروديشي الصغيرة في مقاطعة بينزا الروسية، بناء على شهادة فتاتين "خبيرتين"، إحداهما لغوية والثانية طبيبة نفسية، ولا معرفة لهما بشؤون الأديان، أصدرت حكما يعد وصية مؤسس جمهورية إيران الإسلامية الإمام الخميني من الوثائق المتطرفة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحظر فيها تبعا لذلك بيع وطباعة ونشر نتاج مؤسس دولة أجنبية، وليس مجرد مؤلف عادي، ما دفع خبير معهد «كارنيغي» في موسكو، المستشرق أليكسي مالاشينكو، إلى وصف هذه الخطوة بأنها "غبية".
وقبل ذلك بعام صدر قرار بحظر 14 كتابا للفقيه التركي سعيد نورسي، مساويا بين "جماعة النور" التي أسسها نورسي وأعضاء "القاعدة"، الأمر الذي أثار في حينه امتعاض المستعربين الروسيين فيتالي نعومكين وفنيامين بوبوف، اللذين طرحا سؤالين مهمين:
- من هم القضاة؟
- وما هو مستوى مؤهلات الخبراء، الذين يكون رأيهم حاسما في قرار المحكمة؟
ودعا المستعربان إلى تغيير نظام اتخاذ هذه القرارات القضائية، التي تمس مصالح الدولة الوطنية، متعددة القوميات والأديان والطوائف في الداخل، حيث تعد تجربة التعايش الوثيق في روسيا بين المسيحيين الأرثوذكس والمسلمين خير نموذج للدول الأخرى. ويعد تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي إحدى الأولويات الطبيعية في سياسة روسيا الخارجية.

وكان بوتين، في مراسم افتتاح مسجد موسكو الجامع ، الذي أصبح أكبر مسجد في أوروبا، قد سمى الإسلام دينا عالميا عظيما. ونوه "بفضل أمة روسيا الإسلامية الكبير في ضمان الوفاق" في المجتمع الروسي، وفي تعايش مختلف الأديان والشعوب بسلام فيه. وقال الرئيس الروسي: "لقد أصبح الإسلام جزءا لا يتجزأ من الحياة الروحية لبلادنا".
وتشير خطوة بوتين بتقديمه إلى الدوما مشروع القانون المذكور، الذي يمنع التطاول على القرآن الكريم والكتب المقدسة الأخرى، إلى أن كيل المسؤولين الروس قد طفح من القرارات القضائية المستهترة بمكونات المجتمع الروسي الكبير، والناجمة عن جهل بعض القضاة الفاضح بالأديان، ويبدو أن الوقت حان لوضع حد لإصدار مثل هذه الأحكام، لما تسببه من أضرار لبنيان الدولة الفسيفسائي وتعارضها مع سياستها الخارجية.

حبيب فوعاني