جنون ملك
08-04-2018, 04:19 PM



- قال:أذكر ذات مرة طلب مني مولاي، طلبا ما يخطر على بالي قط.
فقد أرسل في طلبي .
- وقال :إذا حضرك كتابي هذا، فاحضر إلي في الحال، ولا تكثر السؤال، ولأني مطيع تعلمت السمع والطاعة، كنت عنده قبل أن يرتد إليه طرفه، فكنت أمامه واقفا متوقفا أنتظر إشارة، لأني لبيب واللبيب من الإشارة يفهم.
- قال لي :أين أنت ؟
- قلت :عند السمع والطاعة.
- قال لي:أخرج كعادتك وتسلل بين الرعية، كما علمتك ثم عد إلي بقائمتين
واحدة بأسماء الموالين لي، والثانية بالعاصين المعارضين.
هنا وقفت، فوقف شعري وتوقف عقلي عن التفكير، مع أن عقلي توقف منذ أول حكم مع وقف التنفيذ.
ولأول مرة يعتريني شيء من الخوف، لا أدري إن كان خوفا على الرعية، التي بدأت تعرف وتعي، أو خوف من غضب الرعية؟
خوف يصاحبه خوف، من أن يسمع أحدهم همسي وتخميني فالكل في قائمة الولاء.
- قلت: وأنا أفكر وأقول في قرارة نفسي، إن بعقل صاحبي شيء من...
أن يكون صاحبنا قد أصابته جِنَّة فَجُنَّ؟وهذا ما أخشاه على الرعية أن تصاب ببلاء اسمه جنون الملوك.
أو بدأ يهلوس ولا يعي ما يقول فربما(أصيب بمرض الزهايمر)
أو أن صاحبنا قد سكر حتى الثمالة، فلعبت برأسه الخمرة
وإما أن يكون قد أوجس خيفة، بعدما كبر بطشه؟ فيكبر بذلك خوف الرعية، والخوف إن كبر يصبح انتقاما.
أم انه أصيب بهذيان الصبا (مرض يصيب الصبيان)فراح يسلي نفسه بلعبة الدمى(الشعبية) وأنتم تعرفون أن الصغار، حين يلعبون يعيثون فسادا ولا يأبهون.
وبين هذا وذاك، فالرعية مبتلاة بثلاث مصائب مرفوع عنها القلم
(جنون الملك حتى يشفى ...ذهاب عقل الملك حتى يستيقظ من غفوته (سفاهته)...أو طفولة الملك حتى يبلغ ).
وبينما أنا سارح في التفكير، وخزني صاحبي، بل سيدي ونهرني.
- قائلا:ما بالك ساكتا على غير عادتك، أثمه أمرا ما أو شَكٌ يراودك، أم أنك كبرت فكبر عقلك فأصبحت تخشى السير بين الرعية؟
أُخْرُجْ وأكتب ولا تكتم شأن الرعية، خرجت وقد أصابتني عدوى جنون الحكام، بتعدد الأحكام، ورحت أبحث عن مخرج صدق يجنبني و الرعية شر البلاء الذي يٌّضحك الأعداء.
ركنت إلى ركن غير بعيد عن الناس، أرقبهم مثلما يرقب الكلب خرافا تترصد بها الذئاب.
خراف هزيلة تبحث عن كلأ في سنين عجاف ضربت عقول رعاتها.
بدأت أكلم نفسي وأقول: حرام أن يقدم الراعي للذئب خرافا هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع، هزيلة لا توقف طمع الذئاب.
لكنه زمن الهزال والهزل.
الصور المرفقة
نوع الملف: png بوشارب رمضان.png‏ (56.8 كيلوبايت, المشاهدات 2)
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 08-04-2018 الساعة 04:36 PM