محتالون يؤسسون حكومة موازية على الفايسبوك!
01-04-2015, 09:49 PM

انتقلت شبكة التواصل الاجتماعي الفايسبوك في الآونة الأخيرة من وسيلة للتعارف والتواصل إلى مصدر مناسب لطرح المشاكل واصطياد المسؤولين من أعلى مستوى وشعارهم في ذلك، يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، خاصة بسبب كثرة المشاكل والأزمات التي تعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين، وبالمقابل استحالة الوصول إليهم بمكاتبهم الحصينة، ولم يبق أمامهم سوى الفايسبوك لإرسال انشغالاتهم والاتصال مباشرة مع ممثلي الوزارة وأحيانا الحكومة بل حتى الرئاسة، مما حوَل الفايسبوك في فترة وجيزة إلى حكومة مصغرة، قائمة بذاتها من أعلى مسؤول في البلاد نقصد رئيس الجمهورية، إلى آخر وزير في حكومة عبد المالك سلال.

لكن السؤال الذي يتبادر للذهن هل حقا تلك هي حساباتهم الإلكترونية أم أنها نوع من أنواع انتحال الشخصية بغرض التسلية أو الابتزاز وغيرها من المخططات الشيطانية، الشروق غاصت في الظاهرة ووقفت على عديد المفاجآت.



صفحتا بوتفليقة وسلال الأكثر شعبية

وما يلفت انتباهك وأنت تفتش في الصفحات المزعومة التي تنسب لرئيس الجمهورية ورئيس حكومته، هي كثرة المشتركين، حيث يصل عدد المعجبين بصفحة بوتفليقة الى 700 ألف معجب، إلى جانب الرسائل المختلفة التي يبعث بها رواد الفايسبوك، ظنا منهم أن من يحادثونهم أوصياء على البلد، فتجد الأول يترجى الرئيس بمنحه شقة للتخلص من حقارة الكوخ الفوضوي الذي يقطن به وترى الثاني يشكو ظلم جاره الشرطي في حين وجد سكان عين صالح متنفسا لمعاتبة عبد المالك سلال، بعد إصرار الدولة على مواصلة أبحاث استكشاف الغاز الصخري .

والطريف في كل تلك الرسائل التي يظن أصحابها أنهم وجها لوجه مع بوتفليقة رئيس الجمهورية ما قاله أحد الشباب حين طلب منه من خلال عبارة ضعيفة لغويا أن يساعده على الزواج لأنه بلغ من السن عتيا ولم يستطع تحصيل أموال الصداق والوليمة. في حين هناك صفحات أخرى ملأت باللقطات الطريفة والتصريحات المثيرة للجدل التي يتلفظ بها رئيس الحكومة كلما نظم تجمعات شعبية، مثل مفردة فقاقير وصباح الخير يا البطاطا وغيرها.



صفحة أويحيى والرسائل المشفرة

كما شد انتباهنا ونحن نبحث في حسابات بعض الشخصيات السياسية، صفحة يدعي صاحبها أنه رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى، لأن متبني الصفحة أخذ توجها معاديا للرئيس بوتفليقة، ومتعاطفا في نفس الوقت مع أويحيى، بل وصل به الأمر لحد ترشيحه ليكون رئيس الجزائريين، رغم أن المعني لم يتقدم بملف الترشح ولو مرة خلال مسيرته السياسية، حيث وضعت صورة الأمين السابق لحزب التجمع الديمقراطي، على "البروفايل" ودوّن أمامها أحمد أويحيى بوتين الجزائر، والأغرب من كل ذلك أن متبني تلك الصفحة صار يضع خطابات وحوارات نارية ينسبها لأحمد أويحيى.



صفحة حنون وصفحة بن غبريط الأكثر استقبالا للانتقادات

ولعل المستجدات الأخيرة الخاصة بالحركات الاحتجاجية التي شنها عمال التربية انطلاقا من المقتصدين وصولا إلى الأساتذة، كان له وقع سلبي على نفسية معارضي قرارات وزيرة التربية نورية بن غبريط، بدليل أنّ الصفحة التي تتحدث باسمها تحوّلت منذ أشهر إلى مصب لسيول من الانتقاد والشتم، متهمين إياها بإغراق المنظومة التربوية في مستنقع التخلف، ومهددة عمال التربية بالموت المفاجئ وموت القنطة مثلما وقع مع المقتصدة التي قضت بسبب مضاعفات صحية، مباشرة بعد حصولها على قرار التوقيف التحفظي.

نفس المصير تواجهه زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي وضعت باسمها عديد الحسابات بالفايسبوك، في دلالة واضحة أنها ليست صاحبة تلك المواقع، ومع ذلك تجد العشرات إن لم نقل المئات من الساخطين على خرجاتها وتصريحاتها.



هكذا يتم رصد منتحلي الشخصيات عبر الفايسبوك

من جهتها أكدت مصادر من فرقة الشرطة العلمية فرع محاربة الجريمة الإلكترونية، أنها تسجل يوميا عشرات البلاغات والشكاوى من مواطنين راحوا ضحية نصب أو احتيال، أبطالها منتحلو شخصيات سياسية وأخرى شعبية حوّلوا فضاء الفايسبوك لاصطياد الضحايا، كما تعالج نفس الفرقة التابعة للشرطة العلمية، قضايا التشهير وإلحاق الأذى بالآخرين أخطرها ما وقع لأستاذة جامعية حين تم فتح حساب على الفايسبوك باسمها، وفبركة صورتها ووضع وجهها على جسد عار ثم وضع رقم هاتفها، وهو ما أحدث لها صدمة كادت تودي بحياتها. ثاني أخطر قضية تم معالجتها تخص مغنية معروفة تم تشويه صورتها ووضعها في أقبح وضعية، للمساس بشخصيتها.

وعن الخطوات التي يتم اتباعها لترصد الجناة ومنتحلي الشخصيات لأن القانون يعاقب على هذا الفعل أجابت المصادر نفسها أنها تبدأ بتتبع صاحب الحساب الإلكتروني، ومن خلال أجهزة حديثة يمكن تحديد مكانه وحتى نوع الجهاز الذي يستعمله في الدردشة، لكن هناك من المحترفين من يتمكنون من الإفلات من قبضة الأمن، بعد فتحهم صفحات جاهزة يتم وضع فيها كل الصور والعبارات النابية، دفعة واحدة من دون الرجوع إليها ما يصعب على فرقة مكافحة الجريمة الإلكترونية تحديد هوية الفاعل.