وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
01-02-2015, 01:49 PM
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
تختلف أغراض الناس من البيان إختلاف فطرهم وضمائرهم وتتباين تباين معارفهم و مداركهم فالبيان هو إنعكاس لصورة الروح في مقاماتها وأطوارها على مرآة الفصيح بعذوبتها وسلاستها يجلوها جمال الحرف ويزينها كريم اللفظ فالكلام [ - أيدك الله- يحسن بسلاسته، وسهولته، ونصاعته، وتخيّر لفظه، وإصابة معناه، وجودة مطالعه، ولين مقاطعه، واستواء تقاسيمه، وتعادل أطرافه، وتشابه أعجازه بهواديه ، وموافقة مآخيره لمباديه، مع قلّة ضروراته، بل عدمها أصلا، حتى لا يكون لها فى الألفاظ أثر؛ فتجد المنظوم مثل المنثور فى سهولة مطلعه، وجودة مقطعه، وحسن رصفه وتأليفه؛ وكمال صوغه وتركيبه ]
قال محمد بن عبد الله البغدادي
أيها الطالب فخرا بالنسب ... إنما النـــــــــاس لأم ولأب
هل تراهم خلقوا من فضة ... أو حديد أو نحاس أو ذهب
أو ترى فضلهم في خلقهم ... هل سوى لحم وعظم وعصب
إنما الفضل بحلم راجـــح ... وبأخـــــــــــلاق كرام وأدب
ذاك من فاخر في الناس به ... فاق من فاخر منهم وغلب
وبهذا علم الناس أنّ إجتهادهم في فقه اللغة وآدابها ومعرفة دقائقها وأسرارها هو مما يحسن بالمريد المجدّ في طلب الكمال بما يبلغه الغاية في تحقيق مراده حتى إذا تمكن من ناصيته وأحكم لجامه صار مذلل له القول ممهد له الصواب يرفع صاحبه موطن الصدارة بلا كلفة ويبسط له أسباب السيادة بلا طلب
قال حسّان بن ثابت يصف عبد الله بن العباس رضي الله عنهم :
إذا قال لم يترك مقــــــــــــالا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فـــــصلا
شفى وكفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جدّا ولا هزلا
سموت إلى العليا بغير مشقّـــــــة ... فنلت ذراها لا دنـــــــــيّا ولا وغلا
وقد كان نبيّنا صلى الله عليه وسلّم سيّد البلغاء وأمير الفصحاء بلا منازع
قال صلى الله عليه وسلم : ( فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ) رواه مسلم
وجوامع الكلم كما يقول المناوي رحمه الله هو : ( ملكة أقتدر بها على إيجاز اللفظ مع سعة المعنى بنظم لطيف لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه ولا التواء يحار الذهن في فهمه، وقيل: أراد القرآن. وقيل: أراد أن الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الأمور المتقدمة جمعت له في الأمر الواحد والأمرين )
قال القاضي عياض المالكي رحمه الله :
(وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول : فقد كان - صلى الله عليه وسلم - من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل؛ سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معانٍ، وقلة تكلف.
أُوتي جوامع الكلم، وخُص ببدائع الحِكَم، وعلم ألسنة العرب. يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها، ويباريها في منزع بلاغتها، حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله.
ومَن تأمل حديثه وسبره علم ذلك وتحققه) ا. هـ
وقال الرافعي رحمه الله : ( بيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب، على أنه لا يتكلف القول، ولا يقصد إلى تزيينه، ولا يبغي إليه وسيلة من وسائل الصنعة، ولا يجاوز به مقدار الإبلاغ في المعنى الذي يريده، ثم لا يعرض له في ذلك سقط ولا استكراه؛ ولا تستزله الفجاءة وما بيده من أغراض الكلام عن الأسلوب الرائع، وعن النمط الغريب والطريقة المحكمة، بحيث لا يجد النظر إلى كلامه طريقًا يتصفح منه صاعدًا أو منحدرًا؛ ثم أنت لا تعرف له إلا المعاني التي هي إلهام النبوة، ونتاج الحكمة، وغاية العقل، وما إلى ذلك مما يخرج به الكلام وليس فوقه مقدار إنساني من البلاغة والتسديد وبراعة القصد والمجيء في كل ذلك من وراء الغاية كما سنعرف. )
ختاما : كان الدافع لهذا المقال هو الدلالة على منزلة الأدب وتذوق نصوصه وأثر ذلك على الوجدان الإنساني لكن بعض المنغصات الذاتية قد حالت دون أن أبلغ منه ما أردت وأنتهي بالقاريء إلى حيث عزمت ولعلّ عذري أنّ الإشارة تغني اللبيب عن جليّ العبارة وألفاظك تنبيء عنك في غيابك وتوقف غيرك على ما في جنابك
تتراآى على صفحتها ما تخفيه حجب الغيب من صورة الروح وحالاتها فترفع الكلفة بينك وبين القرّاء فهم من أعرف الناس بلطيف حالك وخفي جوابك
يفرحون لفرحك وإن لم يتذوّقوه
ويحزنون لحزنك وإن لم يلمسوه
والعبرة بما وافق الصواب ، صحيح السنة ومحكم الكتاب ، وهذا هو فصل الخطاب وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
.................................................. .... ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــلام !
.................................................. ..................
(1) - الصناعتين : أبو هلال العسكري
(2) - فيض القدير : المناوي
(3) - الشفا : القاضي عياض
(4) - إعجاز القرآن : الرافعي
(5) - الأشعار : عن كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان البستي
وعند الله تجتمع الخصوم ... [ وداعا ]
أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا
وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا
أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا
موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج
الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة
الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة
أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا
وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا
أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا
موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج
الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة
الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة