الاتحاد الأوروبي يدفع وزارة الثقافة لإعادة النظر في سياستها مع المجتمع المدني
17-02-2016, 04:34 AM

زهية.م

صحافية مختصة في الشؤون الثقافية

بمبادرة من البرنامج الإقليمي "ثقافة ميد" الممول من الاتحاد الأوروبي، احتضنت وزارة الثقافة أمس الأول لقاء مغلقا تحت شعار "القطاع الثقافي في الجزائر: الأولويات والخطوات القادمة" جمع القائمين على البرنامج الثقافي ومنسقته كرستين دبدوب نصار وممثلي عدد من الوزارات عندنا مثل وزارة الشؤون الخارجية، المالية، الداخلية والجماعات المحلية، التخطيط العمراني والسياحة، الصناعات التقليدية، التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التكوين والتعليم المهني، وزارة الصناعة والمعادن، وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وزارة الاتصال، وزارة الشباب والرياضة، وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، وزارة التجارة، وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، وزارة السكن والعمران.
وحسب بيان الاتحاد الأوروبي فإن هذا اللقاء يندرج في "إطار المشاورات التي يجريها برنامج "ثقافة ميد" في بلدان جنوب المتوسط منذ عام 2014، والتي تهدف لحشد مشاركة مختلف الجهات الفاعلة في القطاع الثقافي بما في ذلك المسؤولين المعنيين في مؤسسات القطاع العام من أجل التعرّف إلى أولويات القطاع الثقافي والمساهمة في تحديد الإجراءات ذات الأولوية بالنسبة للجزائر والتي يمكن تنفيذها في إطار برنامج "ثقافة ميد".

ويأتي هذا اللقاء الذي جمع الرسميين بعد لقاء مماثل كان قد جمع العاملين والنشطاء في المجالات الثقافية والفنية بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني يوم 9 نوفمبر الماضي بالعاصمة .

وقد تطرق الاجتماع حسب خبيرة التواصل والتشبيك في البرنامج سهير محيي الدين، إلى جملة من المواضيع ذات العلاقة بالقطاع الثقافي مثل "تحسين الحاكمية والإدارة العامة، وتطوير الثقافة خارج المدن الكبرى والتعاون عبر الحدود"، كما قامت السيدة كريستيان دبدوب ناصر مديرة برنامج ثقافة ميد الإقليمي الممول من قبل الاتحاد الأوروبي بمناقشة البعد الشمولي للثقافة وتقاطعها مع المجالات الأخرى وأهمية ذلك من أجل تنمية مستدامة للقطاع الثقافي وذلك عبر تحديد الأولويات والتنسيق بين السلطات المختلفة، كما وجهت دعوة لممثلي الوزارات للبحث في أولويات القطاع وتقديم المقترحات العملية في هذا الشأن للفريق التقني لبرنامج ثقافة ميد من اجل النظر في كيفية إدراجها ضمن اطار البرنامج للسنتين المتبقيتين .

وتأتي الاجتماعات التي عقدها برنامج ثقافة ميد مع الفاعلين الثقافيين أساسا لضبط إستراتيجية جديدة للاتحاد الأوروبي في المجال الثقافي في الدول العربية بما يعطي لبرامج الاتحاد في تلك الدول الفاعلية، والفائدة التي تعود بالدرجة الأولى على الدول الممولة.

فقد سبق وأن أطلقت مبادرة إعداد خريطة تضم مجمل الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجال الثقافي وإحصائها وتصنيفها بما يسمح للبرنامج الإقليمي تقييم عمله حتى الآن وبتطبيق برنامجها الممتدة إلى غاية 2018، خاصة فيما تعلق بالتدريب والتوظيف في القطاع الفني والثقافي.

وحسب خبراء ومتابعين للشأن الثقافي فإن هذا الاجتماع الأول من نوعه بين ممثلي البرنامج الإقليمي للاتحاد الأوروبي ورسميين جزائريين يدل على تغير مؤشرات تعامل وزارة الثقافة مع المنظمات الأجنبية بعد أن كانت الوزارة، خاصة في عهد الوزيرة تومي ترفض أي مبادرة، خاصة في المجال الثقافي وتستحوذ هي على جل المبادرات وقد سبق وأن أطلقت مجموعة من النشطاء مبادرة الإعداد لورقة طريق لرسم سياسة ثقافية رفضتها الوزارة وقابلتها بتحفظ، بل بنوايا مبيتة في عهد الوزيرة تومي وتعرض أعضاؤها لهجوم حاد وصل إلى التخوين، ليأتي هذا اللقاء الدي كان منتظرا بالنظر لتراجع ميزانية الوزارة بنسبة62 في المائة واتجاه الوزارة إلى إعادة النظر في قائمة المهرجانات وتقليصها وهو ما يملي عليها الانفتاح على المبادرات المستقلة، خاصة بعد أن فشلت ندوة مساهمة القطاع الخاص في تمويل القطاع الثقافي التي عقدتها الوزارة بهدف جمع الخواص، لأن الثقافة في نظر المستثمر الجزائري مازالت قطاعا غير منتج ولا تدر أرباحا.

وحسب عمار كساب خبير المناجمنت الثقافي وأحد معدي تقرير السياسة الثقافية في الجزائر فإن الاتحاد الأوروبي "سيغتنم هذه الفرصة لتجسيد إستراتيجيته في الجزائر ودفع الوزارة إلى الانفتاح أكثر على المجتمع المدني والمبادرات الفردية".

كما لا يستبعد كساب أن يتجه الاتحاد الأوروبي عبر برنامجه الإقليمي إلى ضخ أموال لدعم الجمعيات في الأشهر القادمة كما يفعل المعهد الثقافي الفرنسي بالجزائر أو مفوضية الاتحاد الأوروبي حاليا. وفي سياق مماثل، اعتبر كساب بأن الوزارة ستتجه مستقبلا مرغمة إلى فتح القطاع لمساهمة المجتمع المدني مجبرة عبر تعاون ثنائي بينها وبين الاتحاد الأوروبي، وقد كان في السابق بإمكانها أن تقوم بهذا العمل بعيدا عن الضغط الخارجي، ولكن حسب كساب فالوزارة اليوم تجني ثمار تسيير كارثي للقطاع لمدة عشرية كاملة.