فتاوى المجلس العلمي حول سكنات "عدل" والتبرع بالأعضاء "باطلة"
15-02-2015, 10:09 PM

أكد الشيخ علي عية، نائب رئيس المجلس الوطني العلمي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، أن أغلبية رؤساء المجالس العلمية بالولايات لم يحضروا اجتماع المجلس العلمي الأخير، وكلفوا ممثلين عنهم، أغلبهم رؤساء مصالح، لاستخلافهم في إصدار الفتاوى. وأوضح أن هذه الفئة من الغائبين رفضت استغلالها لتمرير فتاوى محضرة سلفا تم عرضها فيما بعد للمصادقة على غرار ما يحدث مع مشاريع القوانين في البرلمان، وهي كلها فتاوى هم غير مقتنعين بها.

وأبرز الشيخ في تصريح لـ "الشروق" أن الأصل في الاجتماع الأخير الذي خصص للإفتاء حول جواز صيغة "عدل" والتبرع بالأعضاء ودراسة ظاهرة العنف الأسري هو استشارة رؤساء المجالس باعتبارهم فقهاء وذوي مستوى، غير أن الذي حدث هو أن بعض مديري الشؤون الدينية على مستوى الولايات تعمدوا الاتصال برؤساء المصالح لتغييب أولئك الذين يمكن أن يحتجوا على ما يمرر باسمهم من فتاوى، فيما رفض آخرون الحضور بدعوى المرض وأرسلوا من ينوب عنهم كونهم لم يرغبوا في مواجهة الوزارة والحضور أو التصادم معهم في السياق، محافظين بذلك على مناصبهم التي يتم تعيينهم فيها من قبل مديري الشؤون الدينية كما تتم تنحيتهم بقرار منهم أيضا.

ومن بين الأسماء الغائبة التي تمكنت "الشروق" من الحصول عليها رؤساء المجالس العلمية لولايات باتنة، ڤالمة، ورڤلة، وادي سوف وتندوف، وناب عنهم أئمة ورؤساء مصالح أغلبهم حضروا لـ"ملء الكراسي" وليس لهم من العلم ما يؤهلهم للإفتاء في أمور معقدة كونهم غير متخصصين في "علم الفقه والإفتاء"، ضف إلى ذلك توزيع فتاوى جاهزة بخصوص كل الملفات ومنها تلك التي تم نشرها سابقا قبل أكثر من أسبوع من طرف "الشروق" وهي تلك المتعلقة بصيغة البيع بالإيجار، إذ تم اعتمادها كما هي.

واقترحت نقابة الأئمة وبعض رؤساء المجالس العلمية الولائية على وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى إعادة النظر في آليات وشروط انتداب هذه الفئة من المستخدمين وأن يكون المعني فقيها وعالما، للقضاء على الممارسات الحالية التي حولت المجالس العلمية إلى عصا بيد مدير الشؤون الدينية لمعاقبة الأئمة وعزل الرافضين من رؤساء المجالس وتطبيق الأوامر وتعيين آخرين مكانهم وكأن الأمر يتعلق بتحريك أحجار الشطرنج، وهو ما يطرح عديد التساؤلات عن أسباب تغييب علماء الأمة عن مثل هذه الاجتماعات وإقصائهم من المناصب التي هم أهل لها.

وعلى صعيد تعلق بأموال الزكاة المكدسة لدى بنك البركة والتي بلغت 172 مليار سنتيم، قال الشيخ عية إنه من المفروض توزيعها على الفقراء والمحتاجين عوض عن "وقفها" "لأن أموال الزكاة تملك ولا تقرض"، وأوضح أن تحويل هذه الأموال إلى قروض حسنة خطأ شرعا، كما أن التهديد بمقاضاة من لم يستطيعوا إرجاع الأموال المقترضة أمر غير طبيعي "فهناك من المستفيدين من لا يملك أموالا حتى للعيش الكريم وذكر مثالا عن ذلك تعلق باستفادة أحد المواطنين بالمناطق الداخلية من قرض بقيمة 20 مليون سنتيم اشترى به قطيعا من الأغنام نفق كله"، وتساءل: "كيف له أن يعيد الأموال وهو أصلا لا يملكها"، واقترح الشيخ سحب الصندوق من الوزارة ووضعه بين أيدي أشخاص أمناء مشهود لهم حتى تعود الثقة إلى المواطنين ذلك أن العقلية الجزائرية معروفة بعدم ثقتها في المؤسسات وإنما في الأشخاص".

من جانبه، قال الدكتور موسى إسماعيل، عضو المجلس العلمي الوطني بوزارة الشؤون الدينية، إن الأموال المكدسة ببنك البركة ستوجه كقروض استهلاكية للعائلات الفقيرة، تتم الاستفادة منها بناء على طلبات من العائلات تدرس قبل تسليم هذه الأموال عبر البريد للمستفيدين منها، وذلك بعد أن تقرر تجميد منح القروض الحسنة، وقال إن المجلس العلمي اقترح أن تذهب أموال الزكاة إلى القروض الاستهلاكية عوض الاستثمار الذي لم تظهر الأموال التي صرفت فيه بسبب غياب آليات للمتابعة.

وأوضح الدكتور في العلوم الإسلامية، أمس، في تصريح لـ "الشروق" أن الملف المطروح حاليا تجاوز شرعية الصندوق من الناحية الدينية من عدمه، إلى أمور أخرى هي تحسين برامجه واستعادة ثقة المزكين فيه، وذلك يحتاج التوعية والتحسيس بحقيقة الأهداف التي أنشئ الصندوق من أجلها وهي مساعدة المحتاجين، ضف إلى ذلك ضرورة المتابعة الميدانية والتحقيق حول المشاريع التي تم الاستثمار فيها في إطار القروض الحسنة، وخلق آليات لمتابعة مسار هذه الأموال، وأشار إلى أن الطلبات التي تصل إلى الصندوق هي أكبر بكثير من الأموال المودعة على مستواه والتي بلغت حسب آخر تصريح لوزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى 172 مليار سنتيم تم تحويلها على بنك البركة للاستفادة منها قبل إصدار قرار بتحويل أموال الصناديق على هذا البنك.

وأشار الشيخ إلى أن صندوق الزكاة مبني على قروض الاستثمار والإعانات الموجهة إلى العائلات الفقيرة، بالإضافة إلى الاستعانة بهذه الأموال في تجاوز بعض الكوارث الطبيعية في حالة حدوثها، وذكر أن الصناديق مفتوحة طيلة أيام السنة وليس فقط في عاشوراء، إذ يتلقى الصندوق أموالا نقدية، فيما لا يمكن أن يستقبل أنواع الزكاة الأخرى من قبيل الإبل أو الحبوب مما يمكن أن يخضع للزكاة على اعتبار أن الصندوق لا يمتلك ما يستقبل فيه هذا النوع من الزكاة وهو أمر آخر يجري التفكير بشأنه، واقترح بالمقابل ضرورة التحسيس بهذه الهيئة من خلال تخصيص حملة إعلامية لاستعادة ثقة المواطنين.