لماذا تتجدد الأيام!!؟
02-03-2016, 04:07 PM
لماذا تتجدد الأيام!!؟

الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
تأمَّلتُ قولَ الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾، وتساءلتُ في نفسي: لماذا تتجدد الأيام!!؟، فرأيتُ:


1 - أنَّ الله سبحانه خلَق النهار؛ لنرى الآثارَ والأنوار، ونتذكَّر بديع صُنع الحكيم المتعال، ونسجد خاضعين لله الواحدِ القهَّار، وصدَق مَن قال:" عميَتْ عينٌ: لم تر جمالَك في الأكوان!!؟".
وخلَق الليلَ؛ لننعَم بالوقوف بين يدَيه، ونتلذَّذ بطيب مُناجاته، وصدَق مَن قال:
إذا جَنَّ ليلي هامَ قلبي بذِكركم ♦♦♦ أَنوحُ كما ناح الحمامُ المطوَّقُ
2 - بعَث لي أحدُ الإخوة برِسالة صباحيَّة معبِّرة، جاء فيها:
يَذهب اللَّيلُ بهدوء وصمْت..
ويأتي النَّهار بإشراقةٍ جديدة..
قال الله تعالى: ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾.
سبحان الله الذي خلَقَنا، وخلق هذا الكون!.
ومع إشراقةِ كل يوم جديد: يتجدَّد الأمل، وتتجدَّد معه نَسمات الروح، وخفقات القلب.
فأجبتُه بقولي:
تجدُّد الأيام: فيه جمالٌ وأمل، فكيف إذا كان ذلك اليوم يومَ الجمعة؟.
ففي إشراقة كل صَباح: دعوة جديدة للعودة إلى الله سبحانه، وفرصَة سانِحةٌ للشاردين أن يَلتحقوا برَكْب السائرين، وينضمُّوا إلى قافلة المنيبين، وصرخةٌ في وجوه الظَّالمين، وأمَل بيومٍ أفضل وأكثر صِلَة بالله سبحانه، وأشد قربًا منه، وتعلُّقًا به.
وصدق الله تعالى:
﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾.
وقال الشاعر:
لعمركَ ما الأيَّامُ إلَّا معارةٌ ♦♦♦ فما اسطعْتَ من معروفها فتزوَّدِ
3 –ولهذا: كانت حياة الإنسان ذات ألوانٍ، وهي تشبه الكونَ الذي يعيش فيه، كما تشبه الفصولَ الأربعة، وهذا التشبيه: يسهِّل عليك الإيمانَ بالقدَر خيره وشرِّه من الله تعالى.
وقد قيل:
" إنَّ الله سبحانه أنزَلَ في كتابه سورةً مباركة هي: سورة يوسف، وقد سمِّيَت بأحسن القصَص؛ لأنَّها السورة الوحيدة التي بدأَت بحُلم، وانتهَت بتحقيق هذا الحُلم!.
تعلِّمنا هذه السورةُ: بأنَّ السجين سيَخرج، وأنَّ المريض سيَشفى، وأنَّ الغائب سيعود، وأنَّ الحزين سيفرح، وأنَّ الكرب سيُرفَع، وأنَّ الميت سيُرحم، وأنَّ صاحب الهدَف سيَصل إلى هدفه، فهي: كفيلة بإعادة كلِّ أملٍ ضائع.
سيظلُّ الأمَل بالله سبحانه، وحسن الظنِّ به هو: أَجملَ ما نَنتظر كلَّ يوم".
وما عليك سوى أن تملأ أيَّامك بالطَّاعات؛ لأنها ستَشهد لك أو عليك يوم القيامة، وقد جاء في الأثر:
" ليس من يومٍ يأتي على ابن آدم إلَّا يُنادى فيه:
يا بنَ آدم، أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فاعمل فيَّ خيرًا: يسرك يوم الوعيد".

4 -ما أجمَل أن تَبحث عن:"يوم العمر"، ذلك اليوم الذي توفَّق فيه لعمَلٍ صالح يكون سبَب سعادتِك في الدنيا والآخرة.
" إنَّ اليوم الذي أماط فيه الرجلُ الشَّوكَ عن طَريق النَّاس: لم يكن يعلم أنَّ ذلك اليوم كان أفضل أيَّام حياته؛ إذ غَفَر اللهُ له به.
ولم تَكن المرأةُ البغيُّ: تتوقَّعُ أن يكون أسعَد أيام حياتها هو: ذلك اليوم الذي سقَت فيه كلبًا أرهَقَه العطَشُ، فشَكر اللهُ صنيعَها، وغفر لها.
إنَّ العبد قد يُكتبُ له عزُّ الدَّهر، وسعادةُ الأبد، بموقفٍ يُهيِّئ الله له فرصتَه، ويقدِّر له أسبابَه، حينما يَطَّلع على قلبِ عبدِه، فيرى فيه قيمةً إيمانيةً أو أخلاقيةً يحبُّها، فتشرقُ بها نفسُه، وتَنعكسُ على سلوكه بموقفٍ يمثِّل نقطةً مضيئةً في مسيرته في الحياة، وفي صحيفة أعماله: إذا عُرضَت عليه يوم العَرض.
فيا أيها المبارَك:
أين يومُك؟، هل أدركتَه، أم ليس بعدُ؟:
توقَّع أنْ يكون:( بدمعةٍ في خَلْوَة، أو مخالفة هوًى في رغبة، أو في سرورٍ تدخلُه على مسلم، أو مسْحِ رأس يتيم، أو لثْمِ قدَم أمٍّ، أو قول كلمة حقٍّ، أو إغاثة مَلهوف، أو نُصرة مَظلوم، أو كظْم غيظ، أو إقالة عَثرة، أو ستر عورة، أو سدِّ جوعة) وهكذا، فأنت لا تَعلمُ: من أين ستأتيك ساعةُ السَّعد!!؟.
لقد رئي الشَّاعر:"ُ أبو الحسن التهاميُّ" في المنام بعد موته، فقيل له: ما صنع الله بك؟، فقال: غفر لي بقولي:
جاورتُ أعدائي وجاوَرَ ربَّه ♦♦♦ شتَّان بين جواره وجواري
وهو بيتٌ من قصيدةٍ طويلةٍ: رثى فيها ولدَه.

فيا أيها الموفَّقُ:
ليَكُن لك في كلِّ يوم:"ٍ عمل على نيَّة أن يكون عملك المُنجي، فلعلَّه يكون يومك الموعود: يوم العمر".
وفقنا الله وإياكم لحسن الخاتمة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

منقول بتصرف يسير.
جزى الله خيرا راقمه.